حائرة بين المتزوج والعزب

[ابوالوليد المسلم]

حائرة بين المتزوج والعزب
أ. فيصل العشاري

السؤال:

♦ ملخص السؤال:
فتاة تحب رجلًا متزوجًا ولديه أولاد، وتوجد عوائق للزواج، وتقدم لها أيضًا شاب عزب قريب لها، وهي في حيرة من اتخاذ القرار.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاةٌ في السادسة والعشرين مِن العمر، تعرَّفْتُ إلى رجلٍ في الرابعة والثلاثين من العمر، وهو رجلٌ متزوِّج ولديه أولاد، ومع مرور الأيام أحَبَّ كلٌّ منا الآخر، وطلَب الزواج مني، لكن لم يستَطِعْ إكمال المشوار لوجود بعض العوائق؛ مثل: الحالة المادية، ورفْض زوجته الأولى، وتهديدِها له بالانفصال وترْكِ البيت إن تزَوَّجَ، مع العلم بأنها امرأةٌ تقيةٌ خَلوقٌ، تُحافظ على بيتها وزوجِها وأولادِها، ولا تُقَصِّر في شيءٍ، وبينهما محبةٌ وموَدَّةٌ كبيرة - حسب كلامه، وقد حاوَل معها بجميع الطرُق لإرضائها لكنها لم ترضَ.

ومن مدة قريبة تَقَدَّمَ ابن خالتي لخطبتي، وهو شاب لم يسبقْ له الزواج، وموظف مقتدرٌ، وصاحب خُلُق، لكني لم أردَّ بعدُ بالموافَقة؛ فأنا في حيرةٍ مِن أمري، ولا أستطيع اتخاذ القرار.

استخرتُ واستشرتُ لكن لم أصِلْ لحلٍّ؛ فأنا أُحِبُّ الرجلَ المتزوِّجَ ومُتَعَلِّقة به، ولا أتخيَّل نفسي مع شخصٍ آخرَ غيره، وفي الوقت نفسه أخاف أن أرفُض الشخصَ الذي تقدَّم لي فأندم، وأخاف أن أقبلَ وأنا لا أحمل له أية مشاعر.

أيضًا أخاف إذا قبلتُ ابن خالتي أن أتسبَّب في صدمةٍ عاطفيةٍ للشخص المتزوِّج، الذي أحبَّني وأحببتُه كثيرًا، وقد يتأثَّر عمَلُه، وتتأثَّر حياتُه.

دلُّوني على الطريق الصحيح أرجوكم، فقد تعبتُ مِن كثرة التفكير.

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على تواصُلكم معنا، وثقتكم في شبكتنا.


جميلٌ أن نحرصَ على عواطف الآخرين، وعدم إيذائهم، ولكن هذا لا يعني مطلقًا إلقاء النفس في التَّهْلُكة، أو التسبُّب في أذية أنفسنا مِنْ أَجْلِ إرضاء الآخرين.

لن نتحدثَ عما حصَل بينكما مِن علاقةٍ وتعلُّقٍ، فكثيرًا ما تقع الفأسُ في الرأس فنندم ولكن بعد فوات الأوان؛ لذلك جاءت الشريعةُ بالمنع مِن هذه العلاقات؛ لإفضائها إلى فسادٍ لا يُمكن تلافيه، أو يمكن تلافيه، لكن بصعوبةٍ ومَشَقَّةٍ.

أنت الآن بين خيارَيْنِ أحلاهُما مُرٌّ، وبين نارين، أهونهما فراقُ أحد الرجلين.

ومِن شرحك للموضوع تبين لنا أن الرجلَ حاول مراتٍ عديدةً مع زوجتِه الأولى لترضى بزواجه الثاني، لكن دون جدوى، مع وجود التهديد بالفراق والانفصال بين هذين الزوجين؛ لذا نرى أن تقطعي علاقتك بهذا الرجل تمامًا، وأن تذْكُري له ذلك صراحةً، وأن تشعريه بأنَّ الزواج رِزْقٌ مِن الأرزاق، وقد يحرصُ المرءُ على رِزْقٍ مُعَيَّنٍ ينالُه، لكنه لا يُوَفَّقُ إليه، ويصرفه الله عنه، رعايةً له ورِفْقًا به مِن حيثُ لا يدري، وما كلُّ ما يتمنَّى المرءُ يُدْرِكُه.

ومِن ثَم تقبلين الشاب الجديد - ابن خالتك - ما دام كفئًا لك، ومذكورًا بدينه وخُلُقِه بخيرٍ، وكذا قدرته المادية على تكاليف الزواج، إضافةً إلى قرابته منك، وكونه عزَبًا لم يتزوجْ بعدُ، فكلُّ هذه مُرَشحات ومُرَجِّحات لاختياره.

أما مسألةُ صعوبة نسيان تعلقك الماضي بالرجل السابق، فاستعيني على ذلك بالله تعالى، وأحْدِثي توبةً نصوحًا، وتيَقَّني بأنَّ القلوب بِيَدِ مُقَلِّبِها، وإن صدقتْ توبتك، وحَسُن توجُّهك، ورضيتِ بزوجك الجديد، فسوف تختفي كلُّ آثار العلاقة السابقة، وهذا أمرٌ مُجَرَّبٌ وشائع.

أما خوفك على قلب هذا الرجل وحياته بَعدك، فلستِ مسؤولةً عن ذلك، فقد شارك هو في الخطأ عندما تعلَّق بك دون أن يكونَ قادرًا على الوصول إلى نهاية الطريق، فعليه تحمُّل تبِعَة ذلك، كما تحمَّلْتِ أنتِ، وعليه أن يصبرَ كما صبرتِ أنت.

المهم ألا تكوني أنتِ سببًا في إفساد علاقة هذا الرجل بأسرته، وألا ترضي بذلك، والْتَفِتي إلى حياتك الجديدة، وتَوَكَّلي على اللهِ تعالى في طيِّ صفحة الماضي، وبناء صفحة جديدة مع هذا الشاب الجديد، الذي نسأل الله تعالى أن يُوفِّقكما إلى طاعته ومرضاته، وأن يُؤَلِّفَ بين قلبيكما.

والله الموفق