نظرية العامل في النحو العربي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854514 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389458 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-03-2022, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي نظرية العامل في النحو العربي

نظرية العامل في النحو العربي


هاجر الملاحي










بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، إمامنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلًا؛ ﴿ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25 - 28].



أما بعد:

فإن نظرية العامل في النحو العربي مِن أعرق الموضوعات وأكثرها إثارة للجدل والمناظرة، وقد قسمنا بحثنا هذا لثلاثة محاور أساسية، نعرضها على الشكل الآتي:

العامل، تعريفه اللغوي والاصطلاحي، وجذور ظهوره.

أهم أنواع العوامل، المعنوية واللفظية.

موقف بعض القدماء والمحدَثين من النظرية.



جاء النحوُ، كما نعلم جميعًا، لضبط الكلام العربي، وحمايته من الزلل والخطأ واللحن، خاصة بعد دخول الأعاجم وغير العرب الإسلامَ؛ فحاول النحاةُ وضع قواعدَ وأسس صارمة له، وذلك انطلاقًا من القرآن الكريم، واستنادًا إلى ألسنة العرب الفحول، خاصة الأعراب منهم، وقد جعَلوا هذه القواعد مقياسًا ومعيارًا للحُكم على سلامة التراكيب العربية.



كما آمَن العربُ في هذا الصدد وفي جميع مجالات حياتهم، بأن لكل حادثٍ محدِثًا، ولكل سببٍ مسبِّبًا؛ فهم لم يأخذوا الأحكام النحوية كمسلَّمات، بل طرحوا العديد من الأسئلة؛ فما الذي يجعل الفاعل مرفوعًا، والمفاعيل منصوبة؟ ولماذا لا يمكننا مثلًا جزم الحال ورفع المفعول؟ لتتشكل هذه الأسئلة، في الأخير، ويظهر لنا ما يسمى في النحو العربي: بالعامل.



فما هو العامل؟

لغة: إن معرفةَ مفهوم العامل لا تتأتى لنا إلا عبر المرور بمادته: "ع م ل"، وهذه الطريقة ليست مجرد تتبع وتقليد لمناهج آبائنا وأجدادنا القدماء، وإنما هي الممرُّ المنهجي الذي يُفضي إلى رؤية واضحة وشاملة للمصطلح المعرَّف.



جاء في معجم لسان العرب لابن منظور: "عَمِلَ يَعْمَلُ، عَمَلًا، وفاعلها عَاملٌ، والعامل هو الذي يتولى أمور الرجل في ملكه وعمله وماله"، والعمل هو الفعل المؤدَّى باليد، وهو المِهنة، أو أجرة العامل، على هذا النحو ذهبَتْ جلُّ المعاجم العربية؛ كمقاييس اللغة، تاج العروس، القاموس، وغيرهم.



وقد اكتسبَتْ هذه الكلمةُ صبغة دينية؛ يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾ [التوبة: 60]، والعامل هنا يراد به القائمُ على جمع الزكاة.



ومِن جانب آخر، نجد ثلة من علمائنا، على رأسهم العلَّامة "الراغب الأصفهاني"، يميزون بين مادتي عمل وفعل؛ فيرى أن العملَ يكون عن وعيٍ وقصد، ويُنسَب إلى الإنسان؛ لكونه ذاتًا عاقلة، في حين أن الفعلَ يُرَدُّ إلى الجمادات والحيوانات؛ لأنه يكون بدون قصد، ولا تعقُّل.



يمكننا أخيرًا أن نجمَع التعاريف اللغوية لمادة عمل بقولنا: إن العاملَ، ومنه العمل والتعمُّل، يراد به إحداثُ الفعل وإصداره، ويحمِل بين ثناياه الإتقان والإجادة والإصلاح، والعمل هو الأداء بتعقُّل ووعيٍ وإجادة.



اصطلاحًا:

لا أعتقد أن في النحو العربي موضوعًا يداني موضوع العامل في تعقيده واضطراب مفاهيمه؛ فمِن الصعب بمكان، حسَب تصوُّر النحاة، تقديم تعريف شامل ومانع لهذا المفهوم، ويُعزَى الأمر إلى تضارب الآراء مِن مدرسة نحوية إلى أخرى، وقد يصل التعقيدُ إلى تباين موقف النَّحوي الواحد، خاصة فيما يتعلق بالموازنة بين شقي التنظير والتطبيق، كما أنه لا نجد في أي من كتب سيبويه، ولا في الكتب التي تلته كالمقتضب والأصول، تعريفًا دقيقًا للعامل؛ فمفهومُ العامل نشأ من طبيعة العقل الإنساني، الذي فُطر على البحث عن الأسباب ومعرفة العِلل، وهو ما قرره أيضًا بعض المحدَثين بقولهم: "ولقد كان التعليل في دراسة اللغة مسؤولًا كذلك عن خَلْق نظرية العامل؛ فالفاعل مرفوع بعلة وجود الفعل، والمبتدأ مرفوع بعلة الابتداء".



إن النحوَ العربي، بشكل عام، يتصل بنظرية العامل، ويؤكد ذلك الدكتور إبراهيم مصطفى بقوله: "أكبَّ النُّحاة على درس الإعراب وقواعده ألفَ عام، لا يعدِلون به شيئًا، ولا يرَوْن مِن خصائص العربية ما ينبغي أن يَشغلهم دونه... إن أساس كل بحثهم فيه أن الإعراب أثرٌ يَجلبه العامل؛ فكلُّ حركة من حركاته، وكل علامة من علامته، إنما تجيء تبعًا لعامل في الجملة.. ويُطيلون في شرح العامل وشرطِه ووجه عمله، حتى تكاد تكون نظريةُ العامل عندهم هي النحوَ كله، أليس النَّحو هو الإعراب، والإعراب أثر العامل؟! فلم يبقَ إذًا للنحو إلا أن يتتبع هذه العوامل، يَستقرئها، ويُبين مواضع عملها، وشرط هذا العمل؛ فذلك كل النحو".



أما العواملُ ـ باختصار ـ فهي التي تسبِّب الأحكامَ الإعرابية، من رفع ونصب وجرٍّ وجزم في الكلمة داخل تركيب جملي، يقول الجرجاني معرِّفًا العامل: "هو ما أوجَب كونَ آخرِ الكلمة مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا أو ساكنًا، نحو: جاء زيد، مررت بزيد، ثم رأيت زيدًا".



ويمكننا تقريب هذا المصطلح أكثرَ بإيرادنا لمثال الدكتور عباس حسن، يقول فيه: "أكرم محمودٌ الضيفَ، فينسب إلى محمود أنه فعل الكرم، فهو فاعل الكرم، فبدلًا من أن نقول: ينسب إلى محمود أنه فعل شيئًا هو الكرم، أو: ينسب إلى محمود أنه فاعل الكرم، حذَفْنا هذه الكلماتِ الكثيرة، واستغنينا عنها برمز صغير يدل عليها، وهو "الضمة"، التي في آخر كلمة "محمود".



إن أولَ نص وصلنا يتحدَّث عن علامات الإعراب والتغيير الذي يحدث فيها بسبب العوامل الداخلية هو قول سيبويه في "باب مجاري أواخر الكلم من العربية) :"وهي تجري على ثمانية مجارٍ: على النصب والجر والرفع والجزم، والفتح والضم والكسر والوقف، وهذه المجاري الثمانية يجمعها في اللفظ أربعةُ أضرُب: فالنصب والفتح في اللفظ ضرب واحد، والجر والكسر فيه ضرب واحد، وكذلك الرفع والضم والجزم والوقف، وإنما ذكرتُ لك ثمانية مجارٍ؛ لأفرِّقَ بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل - وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه - وبين ما يُبنى الحرف بناءً لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه مِن العوامل التي لكل منها ضربٌ من اللفظ في الحرف، وذلك الحرف حرف إعراب).



وفيما يتعلق بنشأة العامل، فيمكننا الاقتصار على قول الزبيدي في طبقاته: "فكان أولَ مَن أصَّل لذلك وأعمل فكره فيه أبو الأسودِ ظالم بن عمرو الدؤلي، ونصر بن عاصم، وعبدالرحمن بن هرمز؛ فوضعوا للنحو أبوابًا، وأصَّلوا له أصولًا؛ فذكروا عوامل الرفع والنصب، والخفض والجزم، ووصفوا باب الفاعل والمفعول، والتعجُّب والمضاف".



أنواع العوامل:

أجمَع النحاةُ العرب على أن العوامل نوعان؛ لفظية ومعنوية، وقد تحدث ابن جني في كتابه الخصائص الجزء الأول ص 109 عن هذا الأمر بقوله: "وإنما قال النَّحْويون: عامل لفظي، وعامل معنوي؛ ليُروك أن بعض العمل يأتي عاريًا من مصاحبة لفظ يتعلق به؛ كرفع المبتدأ بالابتداء، ورفع الفعل؛ لوقوعِه موقع الاسم".



ومعنى ذلك: أن الفرقَ بين العامل اللفظي والمعنوي أن الأول منطوق، أو هو ما كان للسان فيه حظٌّ، على حد تعريف الجرجاني في كتابه التعريفات، والثاني يظل معنى خاصًّا، متى وقع بعده لفظ اعتُبِر معمولًا به، وهو مدرك بالقلب.



وقد انقَسم النحاةُ في أخذهم بهذينِ النوعين إلى ثلاث فئات:

1- فبعضهم يقرُّ بوجود العامل المعنوي إلى جانب اللفظي، مع اختلافٍ في تعدُّد العوامل.



2- وبعضهم لا يرى في العامل المعنوي شيئًا عاديًّا مستساغًا؛ فلذلك يعجَب مِن أن يكون العامل معنًى تجريديًّا، وهو مع ذلك يقدِر على إحداثِ حركات ملموسة.




3- والفِرقة الأخيرة لا ترى في التعبير بالعامل اللفظي إلا توسُّعًا في الإطلاق، وتنوُّعًا في التعبير، وإلا فإن العاملَ اللفظي معنوي في محتواه وحقيقته، ولنا وقفةٌ مع آراء الباحثين في نظرية العامل في المحور الأخير - بإذن الله.



العوامل اللفظية:

مِن المعلوم أن أغلبَ النحاة ذهبوا إلى قوة العامل اللفظي مقارنةً بنظيره المعنوي؛ فالعامل اللفظي هو ما كان للسان فيه حظ، بمعنى أنه يُنطَق ويكتب؛ كالفعل ذهب في قولنا: ذهب زيد؛ فالذي أعمل الرفع في الفاعل زيد هو الفعل قبله، وهو أيضًا الألفاظ المؤثرة فيما بعدها، وهو الأصل في الإعمال؛ فالفعل يعمل الرفع في الفاعل، أما نصبه للمفعول فهو محل خلاف، ومنه كذلك كان وأخواتها، وإن وأخواتها، وظننت وأخواتها، وحروف الجر والنصب والجزم.




وبتفصيل أكثر مثلًا إذا أخذنا حرف الجر، فهو عامل يجعل الاسم المجرور مجرورًا، بمعنى أنه إن لم يوجد هذا الحرفُ لم يوجد الجرُّ.

والعوامل اللفظية عند الفريقين الكوفة والبصرة ثلاثة أنواع: أسماء، وأفعال، وحروف.

وقد قسم عبدالقاهر الجُرجاني العوامل اللفظية إلى قسمين، وهما:

سماعية: وهي ما سُمعت عن العرب، ولا يقاس عليها غيرها؛ كحروف الجر، والحروف المشبَّهة بالفعل، مثلًا الباء وأخواتها تجر الاسم، فليس لنا أن نتجاوزها ونقيس عليها غيرها.
وأمثلة ذلك: حروف الجرِّ تجر الاسم فقط، وهي 7: من إلى في...
حروف تنصب الاسم، وترفع الخبر، وهي 6: إن كأن لكن..
حروف تنصب الفعل المضارع: أنْ لن كي إذن..



قياسية: ما سُمعت عن العرب، ويقاس عليها غيرها، وتفسير هذا المعنى أنه سُمعت له أمثلة مطَّردة وصَلَت إلى حد بناء قاعدة كلية في ذلك النوع من العوامل؛ فكلُّ ما يصدُقُ عليه تلك القاعدة يطلق عليه اسم العامل اللفظي القياسي، وهي سبعة أنواع: الفعل على الإطلاق، اسم الفاعل، اسم المفعول، الصفة المشبَّهة، المصدر، الاسم المضاف، الاسم التام.

العوامل المعنوية: وهي التي تدرك بالعقل دون أن يلفظ به، وتقع علامتها الإعرابية، ولكنها لا توجد في الكلام، ولا تكتب، وإنما قالوا: عاملٌ معنوي؛ لأنهم لم يجدوا شيئًا يعلِّل علامته الإعرابية.

اقتصَر الجرجاني على عاملين اثنينِ، وهما عامل الرفع في المضارع، وعامل الرفع في المبتدأ والخبر، وعند صاحب الأشباه والنظائر ستة عوامل، وهكذا دواليك.

وإجمالًا يمكن الاقتصار على أهم العوامل المقول بها عند سيبويه وجمهور البَصريين، وهذه العوامل محصورة في موضعين:
الابتداء: وهو الذي يرفع المبتدأ، والابتداء - حسَب أقوال النحاة - يمكن أن يستخلص منه ما يلي:


1- الأولية: وقوع الاسم في أول الكلام.

2- التعرية: تجرد المبتدأ من العوامل اللفظية.

3- الإسناد: العلاقة المعنوية الرابطة بين المبتدأ والخبر.

ويقصد بأن الابتداء أصل الرفع في المبتدأ؛ لأن المبتدأَ هو الأول في الأسماء، وكان الأصل في الأسماء هو الرفع، والمبتدأ معرًّى من العوامل اللفظية، فبهذا فإن المبتدأ يبقى على أصله من الرفع.

وقوع الفعل المضارع موقع الاسم: يُعرَب الفعل المضارع في هذه الحالة؛ لمضارعته الاسم؛ بمعنى مشابهته له؛ فالفعل المضارع يشبه الاسم في إبهامه وتخصيصه، زيد يقوم؛ فالفعل "يقوم" يصلح لزماني الحال والاستقبال، وإذا أدخلت عليه السين فسنخلص إلى الاستقبال، والأمر نفسه عند الاسم: رجل؛ فهو يصلح لجميع الرجال، لكن إذا عرَّفناه بـ: "أل" فإننا نخصِّصه.




وعامل الرفع في الفعل المضارع هو وقوعه موقع الاسم، بمعنى وقوعه حيث يصح وقوع الاسم، ويمكننا أن نقول: يضرب زيد، فنرفع الفعل، ثم نقول: أخوك زيد.




أما عند الكوفيين فهناك عوامل معنوية عديدة، أشهرها:

1- الصرف أو الخلاف: هو مصطلح كوفي محض، معناه أن يكون في التركيب اللُّغوي الواحد ما يوحي باشتراك شيئين أو أكثر في حُكم واحد، لكن المتكلم لا يريد ذلك، كما في المثال المشهور: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، فلقصد النهي عن الجمع بينهما، وقولنا: لا تتكلم وتأكل، فلا نريد نهي المخاطب عن الأكل والتكلم في جميع الحالات، بل نريدُ أن ننهاه عن الجمعِ بينهما.



2- رافع المبتدأ: فهو أشهر خلاف في هذه العوامل؛ فالمعلوم أن الكوفيين يقولون: إن المبتدأ والخبر يترافعان، أما البصريون فيقرون أن المبتدأ مرفوع بالابتداء، وسيبويه أول مَن تطرق له، ثم هم يختلفون في مدلوله.




3- رافع الفاعل: الشائع في هذا الباب أن العامل مرفوع بعامل لفظي، هو الفعل، لكنَّ خلَفًا الأحمر ذهب إلى أن الفاعل مرفوع بالفاعلية، مفسرًا بذلك أنه عبارة عن الإسناد، أو شبه المبتدأ.




4- عامل المفعول: نفس الأمر مع هذا الخلاف؛ فمعظم النحاة يرون أن المفعول منصوب بالفعل، أو بالفعل والفاعل معًا، أما خلف الأحمر فأكد أنه منصوب بالمفعولية، وقد اندثر هذا الرأي.



هناك عوامل متعددة لا يمكننا الوقوف عندها؛ لضيق الوقت؛ كالتبعية، ناصب المستثنى، جر المضاف إليه، التوهم، الإهمال، المجاورة، نزع الخافض، القصد إليه.




هذه إذًا مجملُ العوامل المعنوية التي قيل بها في النحو العربي، فجاءت موزَّعة على أبوابٍ متعددة، ولعل الباحث في المصادر العربية يمكن أن يستخلص مجموعة من العوامل الأخرى، خاصة إذا ما بحث في المدارس التي كانت تحت الظل لفترات طويلة؛ كالمدرسة المغربية التي كانت لها إسهامات وتجديدات ذات اعتبار.



نظرية العامل النحوي بين القبول والرفض:

قد سبق أن تطرَّقنا في موضع من مواضع هذا العرض المتواضع، إلى تجذُّر نظرية العامل في النحو العربي؛ فقد عمَد أغلب النحاة بالاستناد والاحتجاج إلى نظرية العامل مِن أجل تأكيد حقيقة نحوية ما.




غير أن هذا لم يمنع مِن استهداف هذه النظرية والرد عليها، سواء بالإيجاب، أو بالسلب والرفض.

فقد كانت هناك دعاوى كثيرة للرد على نظرية العامل، فبعض الباحثين اعتبروا ابن جني ثائرًا عليها، وكذلك الأمر بالنسبة للفراء، في حين عد البعض أن الجرجاني جاء بنظرية النظم بدلًا عن نظرية العامل، وتجمِع الدراسات على أن ابن مضاء القرطبي كان الصوت الجهوري ضد العامل، أما في العصر الحديث فنجد ثلة من الباحثين، منهم: الأستاذ إبراهيم مصطفى، تمام حسان، مهدي المخزمي، شوقي ضيف، محمد عيد، أنيس فريحة، محمد الكسار.


الفراء: يرى د.أحمد مكي الأنصاري أن أبا زكريا يحيى بن زياد الفراء هو أول الثائرين على نظرية العامل، وهو مَن ألهم الدعوة عند ابن مضاء، يقول الأنصاري: "ومردُّ الفضل في هذا إلى شيخ المجدِّدين أبي زكرياء يحيى بن زياد الفراء؛ فقد رأيناه يُلغي الأفعال والنواسخ، ويدمج باب كان وأخواتها في باب الفعل العام؛ لأن كان فعل، وليس يُهمنا أن يكون تامًّا أو ناقصًا.. أما المنصوب فنعربه حالًا .."، وعن تأثُّر ابن مضاء بالفراء فيقول: "وبعد، فلستُ أشك في أن ابن مضاء انتفع بآراء الفراء أكبر انتفاع، ويخيل إليَّ أنني لو تتبعتُ بقيةَ آراء ابن مضاء في كتابه، لرددتُ معظمها إلى منبعها الأصيل، هو أبو زكرياء الفراء".



محاولة ابن مضاء القرطبي: تتركز محاولته أساسًا في كتابه "الرد على النحاة"، وقد حاول إلغاء نظرية العامل إلغاءً تامًّا، بقوله بصريح العبارة: "قصدي في هذا الكتاب أن أحذفَ مِن النحو ما يستغني النحويُّ عنه، وأنبه على ما أجمعوا على الخطأ فيه.. فمِن ذلك ادعاؤهم أن النصب والجزم والخفض لا يكون إلا بالعامل اللفظي، وأن الرفع منها يكون بالعامل المعنوي."



ومِن الحُجج التي اعتمدها القرطبي لدحض نظرية العامل:

أن العامل يؤدي إلى تغيير في كلام العرب، وحطه عن رتبة البلاغة؛ لأنها تدفَع النَّحْويين إلى تقديرات لا يحتاج إليها الكلام، بل هو تام؛ فمثلًا تقديرهم لمتعلقات للمجرور، نحو: زيد في الدار؛ فالنحاةُ يرون أن "في الدار" متعلِّقٌ بجملة: إن زيدًا مستقر في الدار، وهي محذوفة.

العامل إما أن يعمل بالإرادة؛ كالإنسان والحيوان، وإما بالطبع؛ كالنار والماء، والعامل لا يعمل بالإرادة ولا بالطبع.

محاولة د. إبراهيم مصطفى: يرى إبراهيم أن للإعراب حركتين فقط، هما الضمة والكسرة؛ فالأولى هي علم الإسناد، والدليل على ذلك أن جميعَ الكلمات المرفوعة يراد بها الإسناد، أما الكسرة فهي علم الإضافة.

والفتحة عنده حركة خفيفة مستحبة عند العرب، يراد بها إنهاء الكلمة، كما هو الحال عند السكون.

محاولة د. تمام حسان: يرفض العامل، ويرى أنه لا عامل في النحو العربي برمَّته؛ فالفاعل مرفوع مثلًا؛ لأن العُرف ربط بين فكرتي الفاعلية والرفع، وقد حاول التنظيرَ لنظرية جديدة تخللها عدة أخطاء - حسَب الباحثين.

خاتمة:


أخيرًا، فإنه من المستحيل الإلمام بجميع قضايا نظرية العامل في فترة وجيزة؛ فهو كما سبق أن أشرنا يحيط بالنحو العربي كله.

وبحمد الباري ونعمة منه وفضل ورحمة، تقف رحلة عرضنا لهذا اليوم، راجيةً مِن المولى أن أكون قد وفقت، ولو في إيصال فكرة بسيطة عن الموضوع، وقد فتحت شهيةَ الطلبة الأعزاء للبحث والتعمق أكثر في نظرية العامل.

والله ولي التوفيق.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.83 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]