صحفية ولكن.. (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
 
اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215318 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61189 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29163 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2022, 10:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي صحفية ولكن.. (قصة)

صحفية ولكن.. (قصة)


د. زهرة وهيب خدرج






تتراءى لي ملامحُ والدي التي تلتصق بذاكرتي التصاقَ اللحم بالعظم وهو ينطق بعبارته تلك التي نقَشَها في نفسي وشخصيتي: إذا لم يُضف الواحد منا جديدًا للحياة، فلا حاجة للحياة إليه، وكان يقول أيضًا: تذكَّري، على الواحد منا أن يحيا أيامه بالمقاس الذي يناسبه هو، لا بالمقاس الذي يناسب الناسَ، وإلا فكُوني على ثقة بأنه لن يرتاح أبدًا.



وتشكلت أحلامي وتركَّزت في نقطةٍ تتجلى أمامي، نقطة بعيدة، وغير واضحة، إلا أنها تبدو ممكنةً، بل في متناول اليد، وطفَتِ الأمنياتُ على السطح، وأصبحتْ داخل نطاق البدء... وحلقتْ أحلامي في سمائها كالنسور؛ متحديةً، غاية في القوة، لا تلائمها الوديانُ والمنخفضات، تفرد أجنحتَها بقوة وتطير لتحطَّ على القمم السامقة؛ موطن أحلامها.



ستُصبحين زميلتي في مهنة الصحافة ذات يوم، لنعمل معًا على نقل هموم الناس وقضاياهم، نُبرزها للعلن، ونبحث عن أسبابها وحلولها، نخفِّف من آلام المستضعَفين والمسحوقين تحت أقدام الظلام و"بساطير" العسكر، فنبعث فيهم الحياةَ؛ لينهضوا للمشاركة في صنع مستقبلٍ مشرق، يفتحون أذرعهم له وهم مفعمون بالأمل والقوة.



ومضت الأيام بسرعة كما البرق، أوقات طويلة طالما نشطت فيها عواصفُ التعب المتواصل، التي كانت تزداد حدةً حتى تصل إلى حد الإعياء، دون أن يتمكن الكللُ أو الملل من إيقاف أو حتى من التخفيف من قوة دوران المحرك الذي يولدها... وتحقَّق الحلمُ بعد مجهود يصعب وصفُه، الذي أختزله الآن بإفشاء سرِّ الوصفة السحرية للنجاح: "ليالٍ طويلةٌ من السهر والدراسة والاطلاع والعمل المتواصل الجاد، ما بين الكتب الضخمة التي طالما أثقلني حملُها وتقليب صفحاتها ودراستها، وما بين الإبحار في عالم الإنترنت"... غُصْتُ خلال رحلاتي في عالم الورق والعالم الافتراضي في أعماق التاريخ، فتعرَّفت إلى عدد لا يحصى من الشخصيات التي رسمت تاريخَ الأمم، والشخصيات التي صنعت تاريخ البشر، وعايشت حروبًا وقضايا وعصورًا، وطرتُ إلى الفضاء، وحططت على كواكب، وراقبت مجرات، ودخلت خلسةً إلى مختبرات علمية ومراكزَ أبحاث، وشاهدت عن كثب تجارِبَ علمية، واكتشافات واختراعات أثَّرت في حياة البشرية، وتسللت إلى سجون ومعتقلات، وشهدت محاكماتٍ وحفلات تعذيب وامتهان كرامة الإنسان بأم عيني، عبرت المشافي وتعرَّفت إلى أطباء ومرضى... وتخرَّجت بعد كل ذلك صحفيةً بجدارة وتفوقٍ في نهاية المطاف.



وبدأت مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها في التفاصيل اليومية الصغيرة، إلا أنها تُشبهها لحد كبير في المجمل العام؛ الإصرارُ على العمل، والإتقان، والتطور المستمر، والتميز... حياة امتلأت بالمشاغل ومتابعة الأحداث حد التخمة، ورغم ذلك فقد عمَّ حياتي الشعورُ بالسعادة والسرور وأنا أرى تطوُّرَ قدراتي ومهاراتي الصحفية، ومتابعة الناس لتحقيقاتي وتقاريري، التي لم أتردد أن أكشف فيها ما خفي عن الأعين وحُفظ في أسفل سافلين.



وفي الوقت ذاته بدأت أكتشف أن نجاحي الشخصي وسعادتي لا تعني بالضرورة شعورَ المجتمع بالسعادة لأجلي، فقد أخذتْ أذناي تلتقط عبارات الشفقة والأسى التي يُمطرني بها كثيرون ممن أقابلُهم في حياتي اليومية، بل وصل الحال بالبعض أن أخَذوا يوجِّهون لي الأسئلة بشكل مباشر، حتى شعرت بأنني غدوت شغلهم الشاغل... ربما سيخطر في بالكم بأنني معاقة، أو قبيحة، أو مصابة بمرض شوَّه منظري، أو شيء من هذا القبيل. أبدًا، لست هكذا، فأنا والحمد لله بكامل قواي العقلية والجسدية، ولديَّ من الجمال ما يميزني عن كثير من النساء... الجريمة الكبرى التي اقترفتها في حق نفسي وفي حق المجتمع، والتي لا ولن يغفرها الناسُ لي، هي أنني أصبحت على مشارف الثلاثين من عمري ولم أستقلَّ قطار الزواج حتى الآن... أي "عانس" على حد تعبيرهم... وما أبشَعَها من جريمة!



"مسكينة، صحفية ناجحة ولكن..."، "انظري، يا حرام... صحفية ولكن فاتها قطار الزواج"، "والله لو كنت مكانها لمُتُّ من الملل"، "ما هذه الحياة القاتلة؟ مشاغل كثيرة ولكن من دون فائدة، لا حول ولا قوة إلا بالله!"، "لا بد وأنها معقَّدة، لتقع فريسة سهلة في فخ العنوسة"، " صحيح أنها متفوقة في عملها، ولكنها فاشلة في حياتها"، "تنقل مشاكلَ الناس وتُدْلي دلوها فيها وتنسى نفسها"... إلخ.



سمعت كثيرًا من هذا الكلام وغيره، فقررت أن أكتب كلماتي هذه... ليس حزنًا أو غضبًا أو حياءً... أبدًا؛ وإنما أكتبها للفتيات الصغيرات اللواتي يقض مضاجعَهن موضوعُ الزواج، فتعيش الواحدة منهن منذ طفولتها تفاصيلَ حلمِ الحصول على زوج، وتحصر نفسها في ارتداء ثوب الزفاف، وشراء المصاغ، والجلوس على منصة العرس... أكتب هذه الأسطر إيمانًا مني بأن الزواج رزقٌ من الله يقدِّره لمن يشاء من عباده، وإيمانًا عميقًا بأن رزق الواحد فينا لا يذهب لغيره مهما فعل، ورزق غيره لا يأتيه أيضًا مهما فعل؛ فلماذا الحزن والأسى، واستباق الأحداث للحصول على شيء ربما لم يقدر لنا عند خالقنا؟ أليس الرزق يطارد الواحدَ منا ويتبعه كما يطارده ويتبعه أجَلُه؟ فإذا كنَّا لا نفرُّ من آجالنا، فكيف لنا أن نفر من أرزاقنا التي قدرها الله لنا؟ إذا لم أوفَّق للارتباط بزوج يليق بي، يحترمني، ويقدِّرني، ويحب بيته ويقدِّر الحياةَ الأسرية، ويساعدني على التقدم والنجاح في أداء رسالتي وتحقيق هدفي الذي وضعته نصب عيني، فإني أتوقع ألَّا يكون الارتباط هو المصيرَ الذي ينتظرني.




أتذكَّر كلام أبي دائمًا وأترحَّم عليه، فهو من غرس في نفسي القناعاتِ الجميلةَ التي أحملها الآن... "أريد أن أراك صحفية قدّ الدنيا... فلا تعبئي بكلام الناس".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.52 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]