شوق إلى ضمة (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2022, 11:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي شوق إلى ضمة (قصة)

شوق إلى ضمة (قصة)


د. زهرة وهيب خدرج














الحزن والكتابة هي السماتُ البارزة لشخصيتي التي لم أكفَّ عن ممارسة طقوسها منذ بدأت أعي في هذه الدنيا، وكان لوالدي الدَّورُ الأكبر في هاتين السِّمتَيْنِ، ليس لأنه علَّمني إياهما، أو كان قدوتي فيهما، أبدًا! إنما غيابه عني كان هو السبب، فإذا ما أحكَمَ الحزن قبضتَه على روحي، وشعرت بفراغٍ عميق لا يستطيع أن يملأه أيُّ شخص عدا أبي البعيدَ عني - تجدني أعتزل الدنيا وما فيها، وألوذُ بأوراقي، فأمطرها حروفي، وأغرقها بكلماتي، وأبثُّها مشاعري، وأُسِرُّ لها بكل ما يؤرِّقني.



كان الشوق إلى عناق دافئ أغوص فيه في صدر والدي، يشعرني دائمًا بالبرد والجوع والظمأ، فكنت ألجأ إلى الكتابة؛ عساها تشبع روحي، وتروي ظمأها، وتبثُّها بعض الدفء المتسلِّل عبر المسافات والجدران من قلبِ والدٍ غائب أحتاجُه ولا أعرفه!



لا أتذكر يومًا كان فيه والدي بيننا، فقد كنت صغيرًا لم أتجاوز الثالثة من عمري عندما بدأت أفتقد أبي، وأسأل عنه، لم أنتبه متى وكيف وأين ولماذا غاب عني؟ سمعت كلامًا لم أفهمه يدور همسًا عن والدي يتداوله الكبار، كنت أسألهم وكنت في كل مرة أسمع الإجابة نفسَها على ذات السؤال: والدك أسير، محكوم عليه بمؤبدات سبعة، وعشرة أعوام!



وحين دخلت المدرسة، أدركت قيمة السنوات العشر، فهي تنتهي حين أصبح في الصف السابع، ولكن ما حكاية هذه المؤبدات السبعة؟ ماذا تعني؟ أهي أجزاء من ساعة، أم أجزاء من أيام، أم أجزاء من أسابيع؟ وحين أعيتْني الإجابة عدت أسأل من حولي: ماذا تعني مؤبدات سبعة؟ كانوا يجيبونني بأنها فترة طويلة جدًّا، ولكني لم أفهم، هل يقصدون أنه سيعود عندما أصبح أنا في الصف التاسع مثلًا؟ أم عندما أنهي الثانوية العامة؟ وعندما كنت أحاصر أمي وأطالبُها بأن تحدِّد لي متى سيخرُج أبي من الأَسْر ومتى سأراه، كنت أشاهدها تبكي دون أن تجيبَني، فتتركني في حيرة تغرقني بالكآبة!



وعندما كان يأتي العيد تطفو المشاعر السلبية على سطح نفسي، وتنحسر عن حرمانٍ أعجفَ لا يعوضه إغداقُ من حولي بالهدايا والعطايا والملابس، فلا إخال حبَّ الوالد يعوضه أيُّ شيء سواه! وكنت أُكثر السؤال عن والدي عندما أشاهد أبناء الأقارب والجيران يخرُجون مع آبائهم، بينما أبقى أنا مقيمًا في البيت، أو متسكِّعًا في الشارع أرقب الفرح يضحك في عيون الأطفال الآخرين، فأعود حزينًا لأمي، متمنِّيًا لو أن أبي يمسك بيدي، ونخرج معًا لزيارة الأقارب، ثم يأخذني للأرجوحة، يدفعني للأمام حتى تعلو وترتفع؛ فأشعر وكأنني طيَّار يحلق بطائرته في أعالي السماء، يغيب بين الغيوم في عالم مليء بالخيال والجمال والحكايات، تضمُّني أمي، وأنا أشاهد دمعةً تجاهد نفسها في إخفائها عني!



وفي اليوم الذي أنهيت فيه الثانوية العامة بتفوق، احتل الحزن مكان الفرح في بيتنا؛ فهذه محطتي الأولى التي أجتازها بتفوق، وأحتاج لوالدي أن يفرح لفرحي ويضمني إلى صدره.



ومن دون مقدِّمات أو تنميق بدأتْ والدتي بالبَوْح، وأخذت تسرد على مسامعي تفاصيل لم أعرف عنها شيئًا من قبل، علمت منها أن والدي كان مهندس عمليات جهاديَّة ضد المحتلِّ، محتلٌّ اغتصَب الأرض، وهدمَ البيوت، واقتلع الشجر، وقتل وشرَّد وهجَّر البشر، وأقام حفرياته تحت أولى القِبلتَيْن؛ فأنشأ الأنفاق التي جعل منها كنسًا يتعبد فيها، وادَّعى أن هذه الأرض ملكه، وملك أجداده.



أخذ والدي يحضر العبوات الناسفة، ويدرِّب المجاهدين الذين ينفذون العمليات الجهاديَّة التي تزلزل كيانَ الاحتلال، وعلمت أيضًا أن والدي الآن ومنذ اعتقاله قبل خمسَ عشرة سنة، ممنوعٌ من الزيارة، ومعزول في زنزانة انفرادية وحدَه، لا يرى ضوء الشمس، ولا يتكلم مع أي بشر.



أما أمي، فهي لا تعلم عنه شيئًا سوى ما يصلها من معلومات في فترات متباعدة من المحامي، ولم ترَه منذ اليوم الذي اعتُقل فيه، وحين سألتها: وهل تعتقدين أن والدي سيخرج من السجن؟

أجابت بصوت متهدِّج: رغم أن الواقع يؤكد أن والدك لن يخرج من السجن حيًّا، إلا أن أملي كبير بالله ألَّا يطول أسرُه، فالمقاومون لا ينامون عن إيجاد الوسائل وتوفير الإمكانيات التي يطوعونها ليُخرِجوا الأسرى بها من السجون؛ ليعانقوا ضوءَ الشمس، ويستعيدوا حريتهم المسلوبة.



انسابت عَبَرات أمي على وجنتَيْها طَوالَ حديثها عن والدي، كانت فخورًا به، ولكن شفقتها وحزنها عليه غلبها، وأسبغ على نظراتها ذبولًا أعرفه تمام المعرفة.




نمتُ تلك الليلة باكرًا، فاستيقظت على صوت طرقات خفيفة على باب الغرفة، جلست في سريري، فإذا بأبي يقف أمامي وقد غزا البياضُ شعرَه، أما وجهه فقد بدا شاحبًا، لم أصدق نفسي أنني أراه حقيقةً، سارع بالانحناء إلى جانب سريري، ضمَّني إليه بقوة، قبَّلني، أرخيتُ رأسي على كتفه، لم يكلِّمني، شعرت بالدفء والراحة والاسترخاء، غفوتُ وأنا بين يديه طرِبًا لسماع نبضه ... استيقظت على صوت المؤذن يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.



نهضت، أخذت أدور البيت باحثًا عن ضيفي الحبيب، لم أجده! أكان طيفًا مرَّ في خيالي؟ أم أنه حلم تراءى لي لشدة شوقي إليه؟!

توضأت وخرجت للمسجد، وأنا أحس به يسير معي جنبًا إلى جنب.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.16 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.49%)]