|
|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أبناؤنا والاختبارات
أبناؤنا والاختبارات أ. صالح أحمد الشمري فترة الاختبارات تُعتبَر مِن الفترات الحَرِجة لدى كثير مِن الآباء، وكثيرًا ما يَبرز الخلاف بين الآباء وأبنائهم حول ضرورة الاهتمام بها، وتكريس الوقت للدراسة والمراجعة؛ لأنها المقياس لما تمَّ دراسته مِن قبْل، وما يُتوقَّع مِن الطالب مِن إنجاز، فإن كان الأبناء مِن المُراهقين، حينئذ تَعظُم المشكلة، وتتوتَّر نفوس الجميع، ومِن قدر الله أنني كنتُ في مناسبة اجتماعية، وإذ مَن بجانبي يخاطبني شاكيًا لي حال ابنه ذي الأربعة عشر ربيعًا مِن إهمال للدراسة، وعدم انصياعه لأوامره، وبينما نحن جلوس إذ بآخَر يستأذن بالجلوس ويطلب منِّي أن أجيبه لحاله مع ابنه، وهو كذلك في سنِّ المراهَقة، وقبل هذا الموقف بيومَين تتَّصل بي إحدى قريباتي تَشكو لي ابنها وهو أيضًا مِن المراهقين، ولذات الأسباب! مِن أجل ذلك؛ أحببتُ أن أَكتُب هذه السطور موجِّهًا حديثي لجمهور الآباء والمُربِّين، ممَّن يَرجون حلاًّ لما هم فيه مِن همٍّ ومحاولة للحدِّ مِن عدم تَكرار مثل هذه المواقف في المستقبل، دعونا نتَّفق ابتداءً أنَّ الحوار الهادف والبنّاء هو سيد الموقف، وهذا يتطلب الدقة في انتقاء العبارات ومواطن التأثير اللفظي؛ كالقصص الواقعية ونحوها؛ بل ربما يكون للمكان أثرٌ في قَبول الكلام مِن رفضه؛ فقد يكون الابن على موعد مع أحد أصدقائه، أو يترقَّب برنامجًا لمُتابعته، وهي أمور في نظر الأب لا قيمة لها، لكنها تُمثِّل قيمة عند المراهِق، فإن كنا نَتوق منه الإنصات لأهمية حديثنا عن مصلحته، فلا بدَّ مِن أن نقدِّم له صورة من احترامنا لذاته، أقلُّها أن نستأذنه في الوقت المناسِب الذي يكون فيه مُنبسِطًا مُنشرِح الصدْر، وليس بالضرورة أن يكون البيت هو المكان؛ بل قد تكون الفترة ملائمة أثناء صحبتِه في السيارة وأنتما تذهبان لقضاء بعض حاجيات البيت، أو ربما في مكان جميل تُدرك أن الابن يتَّفق معك على هدوئه وجماله. فإن تمَّ الجلوس وبدأت في الحوار، فحاول - أيها الأب - أن تسأل ابنك حول مشاعِره تجاه المدرسة، وتأكَّد أنها إيجابية، فإن تبيَّن لك خلاف ذلك فاسأل عن السبب؛ هل هو مُعلِّم متشدِّد، أو زميل مُشاكس، أوصديق فارقه لخلاف ونحوه؟ وعالج المشكلة بما يتيسَّر لك، واسمع بصمْت لمُقترحاته في الحلِّ، فإن كانت المشاعر إيجابية فانتقل للخطوة التالية، وأحضر ورقةً وقلمًا ثم استحضر بمشاركة ابنك الشخصيات التي يُمكن الاقتداء بها ممَّن حولكم؛ كالطبيب، والمهندس، والمعلم، وأستاذ الجامعة، واجعل هؤلاء في جانب الصفحة، أما الجانب الآخَر فليَكن لشخصيات تعيش بيننا ليس لهم حظٌّ مِن التقدير الحكومي أو الاجتماعي، وليكن مِن بينهم المجرمون أو الخارجون عن القانون واحترام النظام، ثم تحدَّث معه عما حصلتْه كلُّ شخصية من تقدير مادي أو اجتماعي؛ كامتيازات العمل، والراتب، وغيرها، ووضِّح له نقاطًا تعرفها أنت ومعلومة لدَيك، ولكنه يسمعها لأول مرة، وافعل مع شخصيات الجانب الآخَر كما صنعتَ مع شخصيات الجانب الأول، واربط الأسباب بتوفيق الله، ثم مِن اجتهادهم بالدراسة وتحصيل أعلى الدرجات، إن الهدف من التجربة السابقة هو محاولة تحفيز الطالب ذاتيًّا عبر ربط الهدف - وهو الاهتمام بالتعليم - بأمور حسيَّة يراها عبر واقعه ماثلةً أمامه، بل إني أوكِّد لك أن نظرته سوف تتغيَّر لتلك الشخصيات؛ فقد أصبح يَستشعِر الآن أن شخصيتَه تلاحمَت مع شخصية ذلك المتميِّز، ويرى أنه سيكون مثله مستقبلاً، وكلما طرأت له فكرة التهاون بدراسته طردَها مِن مخيلته؛ لعِظَم الصورة الإيجابية التي تم غرسُها في ذهنه. إن الإشكالية بين إلزامية التعليم وعِظَم أثره على الفرد والمجتمع، وبين واقع الاهتمام به مِن قِبَلهم: أن الأبناء في مرحلة الطفولة المتأخِّرة أو المراهقة يُدركون أن المجتمع يَفرض عليهم بعض الممارسات؛ لكنهم لا يَجدون تفسيرًا مُقنِعًا لها قريبًا مِن أذهانهم، يدفعهم لتقبُّل ما هم فيه، وإن المكافآت والرضوخ لطلباتهم ما هي إلا أدوية مؤقَّتة سرعان ما يزول أثرها؛ ليعود الداء كما كان، وربما أقوى مما سبق، فإن وجدتَ تجاوبًا منه في ذلك، فحاوِرْه عما يُمكن به مِن أن يُغيِّر نظرته حول العِلم كقيمة عالية مِن قِيَم الحياة ومبنى المدرسة التي ترمز للمكان الذي يَستقي منه تلك القيمة العظيمة في الحياة، ليس هذا فحسب؛ بل هناك مزايا أخرى تَحصُل للطالب من خلال المدرسة؛ كتنمية الحاجة إلى الانتماء، واحترام الذات، والتعاون مع الآخَرين، واستِكشاف شخصياتهم من خلال الخُلطة، ونحوها مِن صُوَر المشاركة. إن الشعور الغالب بالنسبة للمُراهق تجاه المدرسة أنها أشبه بالسجْن وتقييد الحريات، بتواطؤ مع المجتمع، هذا ما يفهمه بعض الأبناء عن المدارس، على الأقلِّ في العالم العربي، وعليه فإننا مطالبون بدعم وتشجيع كل الممارسات التي مِن شأنها الترويح عن الطلاب، وأعني به الترويح الموجَّه؛ كإقامة الأنشطة اللاصفية، ونحوها مما يُشعل روح التنافُس بينهم، ويُسهم في كشف ميولِهم وصقْل مهاراتهم، ويجعل للمدرسة ارتباطًا روحيًّا في نفس الطالب، يَتجاوز حمل الكتاب واستماع شرح المعلم. إن مما يحزن إجبارَ الأبناء على تحصيل مستويات عُليا دون الوعي بطبيعة ابنه، ومِن أي نوع من الذكاء يَنتمي إليه، فمستوى الطالب يتغيَّر من فترة لأخرى لأسباب عِدة، وليس بالضرورة أن يُشير إلى انحدار في مُستوى تحصيله مستقبلاً. أخيرًا: ستبقى التجارب التربوية اجتهادات بشرية، والنتائج تَتناسَب مع البعض، والبعض الآخَر لا، وذلك بحسب طبيعة الاستعداد مِن شخْص لآخَر، كما أن ما ذُكر سلفًا لن يكون ذا أثر ما لم يَقترِن بالدعاء؛ فالله - سبحانه - خالقنا، وهو وحده الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |