تجديد الإيمان وتوثيق الصلة بالله تعالى - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850999 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386988 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 225 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60077 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 848 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-05-2022, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي تجديد الإيمان وتوثيق الصلة بالله تعالى

تجديد الإيمان وتوثيق الصلة بالله تعالى (2)


الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي





إليكم يا شباب الإسلام (9)

تجديد الإيمان وتوثيق الصلة بالله تعالى (2)



أيها الشباب:
رأينا فيما سبق أن تجديد الإيمان في القلوب والنفوس، وتوثيق الصلة بالله - تعالى، أمر جاءت به نصوص الكتاب والسنة، وكذا أن العوامل والفتن والابتلاءات التي تحيط بنا من كل مكان، لا ريب أنها تؤثر في القلب والنفس، وربما وقع صاحبها في الضيق والحرج والإثم، لضعف العامل الإيماني والوازع الشرعي في القلب.


وقد يقع في التقصير في أعمال اليوم والليلة، والتي كان في حال سابق دائم المحافظة عليها، كترك قيام الليل، والذكر في الصباح والمساء، والتطوع والنوافل اليومية، وصيام الاثنين والخميس.


فالمسلم في حاجة دائمة إلى تقويم إيمانه وتهذيب نفسه وتزكيتها حتى لا تؤثر فيه عوامل الفتنة والابتلاءات من حوله.


وقد ذكرنا - فيما سبق - بعض الأمثلة السريعة والمختصرة لوسائلٍ عظيمة في تجديد الإيمان، وتوثيق الصلة بالله تعالى، واليوم نكمل تلك الوسائل، ومنها:
7- الحذر من آفة الغفلة القاتلة:
أيها الشباب:
لا ريبَ أنَّ الأمم تمرُّ بمِحنٍ وشدائد، تهذِّبها تارة، وتربِّيها تارة، وتَرْفع عنها غبارَ الطريق تارةً أخرى، كما أنَّ المِحن قد تكون صورةً من العقاب والتوبيخ، وإنَّ مِن المحن والرزايا التي أصابتْ أمَّتَنا اليوم في مقتلٍ: الغفلةَ بما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ وحقائق، مِن التِّيه والنسيان، في شتَّى مجالات الحياة البشرية.


يقول الأستاذ الشيخ محمود محمد شاكر، في تقديمه لكتاب "في مهب المعركة"، مصورًا هذه الظاهرة: "وأشدُّ النكبات التي يُصاب بها البَشرُ نكبةُ الغفلة..."؛ "مالك بن نبي، في مهب المعركة، تقديم محمود محمد شاكر".


والغفلة آفةٌ قاتلة، وداءٌ عُضال فتَّاك، وطريق يكثر فيه السالكون إلاَّ مَن رَحِم الله تعالى، دبَّ هذا الداء في جَسَد الأمَّة الإسلامية منذ عدَّة قرون، وأقعَدها عن سبيلها، وأوْهن مِن قُواها، وشغلها أيَّما شغل عن رسالتها وغايتها في هذه الحياة الدنيا، والمتأمِّل في آيات القرآن يرى أنَّ الله - تعالى - قد أنذر وحذَّر مِن هذا الداء المهلِك، الذي أصابَ الأُمم، وأقعدَها عن السبيل الأَمَم، بل وحلَّ بها عقاب الله - تعالى - المعجَّل؛ كما قال - تعالى -: في كتابه لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يس: 6- 7].


قال ابن سعدي - رحمه الله تعالى - في تفسيره: "وهم العرب الأُميُّون، الذين لم يزالوا خالين مِن الكتب، عادمين الرُّسل، قد عمتْهم الجهالة، وغمرتْهم الضلالة، وأَضحكوا عليهم وعلى سفههم عقولَ العالمين، فأرسل اللَّه إليهم رسولاً مِن أنفسهم، يُزكِّيهم ويُعلِّمهم الكِتاب والحِكمة، وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين، فينذر العرب الأميِّين، ومَن لحق بهم من كلِّ أُمِّي، ويذكر أهل الكتب بما عندَهم من الكتب، فنِعمة اللَّه به على العرب خصوصًا، وعلى غيرهم عمومًا، ولكن هؤلاء الذين بُعثتَ فيهم لإنذارهم بعدَما أنذرْتَهم، انقسموا قسمين: قسم ردَّ ما جئتَ به، ولم يقبلِ النذارة، وهم الذين قال اللَّه فيهم: ﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾؛ أي: نفذ فيهم القضاءُ والمشيئة، أنَّهم لا يزالون في كُفْرهم وشِرْكهم، وإنما حقَّ عليهم القول بعدَ أن عرض عليهم الحق فرَفضوه، فحينئذ عُوقِبوا بالطبْع على قلوبهم".


وقال صاحب "الظلال" - رحمه الله -: "والغفلة أشدُّ ما يُفسِد القلوب، فالقلْب الغافل قلْب مُعطَّل عن وظيفته، معطَّل عن الالْتقاط والتأثُّر والاستجابة، تمرُّ به دلائلُ الهدى، أو يمرُّ بها دون أن يحسَّها أو يدركها، ودون أن ينبض أو يستقبل، ومِن ثَمَّ كان الإنذار هو أليقَ شيء بالغفلة التي كان فيها القوم، الذين مضتِ الأجيال دون أن ينذرَهم منذِرٌ، أو ينبههم منبِّه، فهم مِن ذرية إسماعيلَ، ولم يكن لهم بعدَه من رسول، فالإنذار قد يُوقِظ الغافلين المستغرقين في الغفلة، الذين لم يأتِهم ولم يأتِ آباءَهم نذير.


ثم يكشف عن مصير هؤلاء الغافلين، وعمَّا نَزَل بهم من قدر الله، وَفقَ ما علم الله مِن قلوبهم ومِن أمرهم، ما كان منه وما سيكون: ﴿ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾.. لقد قُضِي في أمرهم، وحَقَّ قدرُ الله على أكثرهم، بما علِمه من حقيقتهم، وطبيعة مشاعرهم، فهم لا يؤمنون، وهذا هو المصيرُ الأخير للأكثرين، فإنَّ نفوسهم محجوبةٌ عن الهدى، مشدودةٌ عن رؤية دلائله أو استشعارها".


وقال تعالى: ﴿ إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7- 8].


قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره: "يقول الله -تعالى- مخبرًا عن حال الأشقياء الذين كفروا بلِقاء الله يومَ القيامة، ولا يرجون في لِقاء الله شيئًا، ورَضُوا بهذه الحياة الدنيا، واطمأنَّتْ إليها أنفسُهم.


قال الحسن: واللهِ ما زيَّنوها ولا رفعوها، حتى رضُوا بها، وهم غافلون عن آياتِ الله الكونيَّةِ فلا يتفكَّرون فيها، والشرعيَّةِ فلا يأتمِرون بها؛ بأنَّ مأواهم يومَ معادهم النار، جزاءً على ما كانوا يكسِبون في دنياهم من الآثام والخَطايا والإجرام، مع ما هم فيه من الكُفر بالله ورسوله واليوم الآخِر".


وهنا تأتي آياتُ القرآن تُوحي بعاقبة الغافلين عن آيات الله ورسالاته؛ قال تعالى: ﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 136].


وقال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146].


وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172].


وتأتي آياتٌ أخرى تُبصِّر الناس بطريق الهدى، وصُحْبة الصالحين المتقين، وتحذِّر من طريق الرَّدَى، وصُحْبة الأشقياء الغافلين؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].


إنَّ الغفلة أمرٌ وارد على النفس البشرية، ولكن حسْب الإنسانِ أن يسعى دائمًا إلى معالِم اليقظة والبصيرة؛ حتى لا يُؤخَذ على غِرَّة مع الغافلين، سَأَلَ رجلٌ ابن الجوزي: أيجوز أن أفسح لنفسي في مباحِ الملاهي؟ فقال: "عندَ نفسك من الغفلة ما يَكْفيها"، وقال ابن القيم - رحمه الله -: "لا بدَّ مِن سِنَة الغفلة، ورُقاد الهوى، ولكن كن خفيفَ النَّوم".


وما توانَى العاملون، ولا تأخَّر الكسالى إلا بسبب الغفلة عن الآخِرة، والانشغال عن العمل للآخِرة، أمَّا أهل الصلاح فهُم خلاف ذلك؛ كما أخبر تعالى: ﴿ رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإقَامِ الصَّلاةِ وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾ [النور: 37].


وقال تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].


إنَّ الدنيا سرعانَ ما تبلَى، وعمَّا قريب ستفْنَى، وليس لها عندَ الله شأنٌ ولا اعتبار، وإنما هي قنطرة إلى الجنة أو النار؛ يقول عزَّ وجلَّ: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحياةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِى الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحياةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].


وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الدنيا حُلوةٌ خَضِرة، وإنَّ الله تعالى مُستخلِفُكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتَّقوا الدنيا، واتَّقوا النِّساء))؛ [رواه مسلم في صحيحه].


إنَّ المخرَج لأمتنا من هذه الغفلة، وطوقَ النجاة لها، لا يكاد يغيب عنَّا في آيات القرآن المُنْزَل، ولا في وحي النبيِّ المُرْسَل - صلى الله عليه وسلم - حيث الاعتصامُ والاستمساك بحبْل الله ورسوله، وتحقيق الوحْدة بالأُخوة الإيمانية؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].


وقال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].


قال الشافعي: الجماعة لا تكون فيها غفلة عن معْنى كتاب الله وسُنَّةٍ ولا قياسٍ، وإنَّما تكون الغفلة في الفُرْقة.


وقال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 175].


وقال -تعالى- أيضًا: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طـه: 123- 124].


وكما جاء في حديث عبد الله بن مسعود قال: خطَّ لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا، ثم قال: ((هذا سبيل الله، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شِماله، وقال: هذه سُبلٌ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾ الآية))؛ [رواه أحمد والنسائي والدارمي، وصحَّحه الألباني].


وفي خُطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجَّة الوداع حثَّ على التمسُّك بالكتاب والسُّنة، حيث قال: ((وقد تركتُ فيكم ما إنِ اعتصمتم به فلن تضلُّوا أبدًا، أمرًا بينًا: كتابَ الله، وسُنَّة نبيه))؛ [رواه مالك].


فالاعتصامُ بالله ورسوله نجاةٌ للأمَّة من طوق الغفلة، وهدايةٌ لها إلى الطريق الصحيح، فلا الْتواءَ ولا اعوجاج، ولا زيغَ ولا انحراف، ولا بِدعَ ولا أهواء.



8- المحافظة على أعمال اليوم والليلة:
ومما يجدد الإيمان في قلوبكم - يا شباب الإسلام - المحافظة الدائمة على أعمال اليوم والليلة، من الطاعات والأذكار، والسنن والرواتب الواردة والمؤكدة والمستحبات، وكم لها من آثر عظيم، ووقع كبير في تهذيب النفس وصفائها.


فمن ذلك؛ الغرة والتحجيل في الوضوء والطهارة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته، فليفعل". [متفقٌ عليه].


وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره". [رواه مسلم].


وعنه- رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل وضوئي هذا ثم قال: "من توضأ هكذا، غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلةً". [رواه مسلم].


ومن ذلك؛ المسارعة إلى الصلوات في المساجد وتعميرها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يومٍ خمس مراتٍ، هل يبقى من درنه شيءٌ؟ ". قالوا: لا يبقى من درنه شيءٌ؛ قال: "فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا". [متفقٌ عليه].


وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ جارٍ غمرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يومٍ خمس مراتٍ". [رواه مسلم].


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارةٌ لما بينهن، ما لم تغش الكبائر". [رواه مسلم].


وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من امريءٍ مسلمٍ تحضره صلاةٌ مكتوبةٌ فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرةٌ، وذلك الدهر كله". [رواه مسلم].


ومن ذلك؛ كثرة المشي إلى المساجد، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح". [متفقٌ عليه].


وعنه - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تطهر في بيته، ثم مضى إلى بيتٍ من بيوت الله، ليقضي فريضةً من فرائض الله، كانت خطواته، إحداها تحط خطيئةً، والأخرى ترفع درجةً". [رواه مسلم].


ومن ذلك؛ التأكيد على ركعتي سنة الصبح، فعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعاً قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة. [رواه البخاري].


وعنها قالت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيءٍ من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر. [متفقٌ عليه].


وعنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها". [رواه مسلم]. وفي روايةٍ: "لهما أحب إلي من الدنيا جميعاً".


وكذلك سنة الظهر، فعن ابن عمر، - رضي الله عنهما - قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها. [متفقٌ عليه].


وكذلك سنة العشاء بعدها وقبلها، لحديث ابن عمر- رضي الله عنهما - صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد العشاء، وحديث عبد الله بن مغفل: "بين كل أذانين صلاةٌ". [متفقٌ عليه].


وكذلك باب سنة الجمعة، لحديث ابن عمر أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد الجمعة. [متفقٌ عليه].


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم الجمعة، فليصل بعدها أربعاً". [رواه مسلم].


ومن ذلك أيضًا؛ سنة ركعتي الضحى، فعن أبي ذرٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقةٌ: فكل تسبيحةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن المنكر صدقةٌ، ويجزيء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى". [رواه مسلم].


وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله. [رواه مسلم].


ومن ذلك؛ المحافظة على ركعتي تحية المسجد، فعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". [متفقٌ عليه].


وعن جابرٍ، - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد، فقال: "صل ركعتين". [متفقٌ عليه].


ومن ذلك؛ المحافظة على السواك وخصال الفطرة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاةٍ". [متفقٌ عليه].


وعن أبي هريرة، - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الفطرة خمسٌ، أو خمسٌ من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب". [متفقٌ عليه].


قال النووي - رحمه الله -: الاستحداد: حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول الفرج.


وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عشرٌ من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء". قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة؛ قال وكيعٌ - وهو أحد رواته -: انتقاص الماء؛ يعني: الاستنجاء. [رواه مسلمٌ].


ومن ذلك؛ ذكر الله تعالى قائماً وقاعداً ومضطجعاً ومحدثاً وجنباً وحائضاً، إلا القرآن فلا يحل لجنب ولا حائض -كما بين أهل العلم -، قال الله - تعالى -: ﴿ إنَّ في خَلْقِ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ، وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولي الأَلْبَابِ * الَّذينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وعَلى جُنوبِهِمْ [آل عمران: 190- 191].


وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله تعالى على كل أحيانه. [رواه مسلم].


وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولدٌ، لم يضره". [متفقٌ عليه].


فمن ذلك؛ استحباب الاجتماع على القراءة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده". [رواه مسلم].


ومن ذلك؛ المحافظة على الذكر عند الصباح والمساء، قال الله - تعالى -: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيْفةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُن مِنَ الْغَافِلِينَ [الأعراف: 205].


وقال تعالى: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا [طه: 130].


وقال تعالى: ﴿ في بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسمُهُ * يُسَبِّحُ لَهُ فيهَا بالغُدُوِّ والآصَالِ رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله [النور: 36- 37].


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرةٍ، لم يأت أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحدٌ قال مثل ما قال أو زاد". [رواه مسلم].


وعنه - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما لدغتني البارحة! قال: "أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك". [رواه مسلم].


وعنه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول إذا أصبح: "اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت. وإليك النشور". [رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن].


وعنه - رضي الله عنه - أن أبا بكرٍ الصديق، - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله مرني بكلماتٍ أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: "اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، رب كل شيءٍ ومليكه. أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه قال: قلها إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك". [رواه أبو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ].


وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمسى قال: "أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له". قال الراوي: أراه قال فيهن: "له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذابٍ في النار، وعذابٍ في القبر". وإذا أصبح قال ذلك أيضاً: "أصبحنا وأصبح الملك لله". [رواه مسلم].


وعن عبد الله بن خبيبٍ - بضم الخاء المعجمة - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرأ: قل هو الله أحدٌ، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح، ثلاث مراتٍ تكفيك من كل شيءٍ". [رواه أبو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسن صحيح].


وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبدٍ يقول في صباح كل يومٍ ومساء كل ليلةٍ: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مراتٍ، إلا لم يضره شيءٌ". [رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.67 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]