صناعة الفكر - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 31 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1189 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16902 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-06-2022, 04:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي صناعة الفكر

صناعة الفكر (1)


د. جمال يوسف الهميلي





الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على المعلم الأول والمرشد الأعظم، وعلى آله وصَحبه والسائرين على الصراط الأقْوم.

وبعدُ أخي الكريم، فخُذ نفَسًا عميقًا، استرخِ وكن هادئًا، ثم حاوِل أن تُجيب عن السؤال التالي:
ما العمل الذي لا تحتاج معه إلى تفكيرٍ؟
تأنَّ ولا تَستعجل.

أظنُّك ستذكر الأعمال الروتينية؛ مثل: طريق العمل، وتشغيل السيارة، (بالنسبة للمرأة طريقة الطبخ)، والحق أن هذه كلها أعمال تحتاج إلى تفكيرٍ، ولكنه مبرمج ذاتيًّا؛ بدليل أن أي تغيُّرٍ أو طارئ يَحدث، تكون مُنتبهًا له، وتتعامل معه بما يقتضي ذلك التغير.

ومن غرائب الأمور في حياتنا: أننا نُمارس التفكير بشكل كبير يوميًّا، وبصورة متكرِّرة، ولا نستطيع العمل دون تفكيرٍ، ومع هذا كله فإن القليل منا يَعرف التفكير وكيفيَّته، وما طريقته في التفكير؟ وكيف يطوِّرها ويوظِّفها لتحقيق أهدافه؟!

نحن نفكِّر في كل شيء؛ في الشراء والبيع، والذهاب والإياب، كل شيء، إلا التفكير، وهو الأداة لم نُعطها حقَّها من التفكير، إن طريقة تفكيرنا غالبًا تحدِّد طريقة حياتنا وتعامُلنا مع الأحداث اليومية.

وبمعنًى آخر فإن تفكيرك = حياتك، ومن هنا كانت أهمية موضوع صناعة الفكر، أو صناعة فكري، كيف تتمُّ؟ وكيف أتعرَّف إليها وأوظِّفها؟
وهذا ما سنتحدَّث عنه بصورة مجملة وسريعة وَفْق المحاور التالية:
ما الفكر والتفكير؟
أهمية الفكر في القرآن الكريم.
خصائص الفكر.
عوامل تكوين الفكر.
تحصين الفكر.
مزالق الفكر.

فإلى بيان ذلك:
من الصعب جدًّا التفريق بين الفكر والتفكير، وغالبًا ما يُذكر تعريف الفكر على أنه التفكير، فيذكرون في تعريف التفكير معانيَ تدور حول إعمال العقل والذهن والخاطر في الوصول إلى المطلوب، من خلال مُعطيات معيَّنة، ولا نريد الدخول في متاهات المصطلحات، ولكن لنَعلم أن الفكر هو الأداة التي وهَبها الله للإنسان؛ لتحقيق رسالته في الأرض، أما التفكير فهو العملية التي تَستعمل هذا الفكر للوصول إلى النتائج، من خلال المقدمات والمُدخلات التي نُدخلها له، والله أعلم.

والقرآن الكريم مليء بالحديث عن الفكر والتفكير، وبمصطلحات متقاربة، فعدد الآيات التي تتحدث عن التفكير والتأمُّل، والتبصُّر والاعتبار - (كلها عمليات فكرية) - يتجاوز 600 آية؛ أي: بنسبة تصل إلى 10 % من مجموع آيات القرآن الكريم، ولك أن تتصوَّر أنه كلما قرأت 10 آيات من القرآن الكريم، تمرُّ عليك آية فيها دعوة لإعمال الفكر، ألا يُبيِّن ذلك أهمية هذه القضية؟ بل إن الله بيَّن أن الحكمة من إنزال القرآن هي تدبُّر آياته؛ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29][1].

وهل التدبُّر إلا صورة من صُور إعمال الفكر، وثبَت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لقد أُنزِلت عليَّ الليلة آية، ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكَّر فيها: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190])).

أما خصائص الفكر، فيُمكن إجمالها في خمس خصائص:
1- الفكر هِبَة ربَّانية:
فهو مِنحة من الله، بل إنها من أجَلِّ النِّعم، فقد ميَّز الله بها الإنسانَ عن الحيوان، كما أنه جعل العقل مناط التكليف، فمن فقَد عقله - (أداة التفكير) - فلا تكليف عليه؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((رُفِع القلمعن ثلاثة: عن النائم حتى يَستيقظ، وعن الصبي حتى يَحتلم، وعن المجنون حتى يَعقِل))[2].

2- كل إنسان يفكر:
قد نظنُّ أن بعض الناس لا يُفكِّر لموقف يمرُّ به، والحقيقة أن الموقف لم يدفعه نحو التفكير، ولم يكن كافيًا من أجْل دفْعه نحو التفكير، والدليل على ذلك أن الشخص نفسه تجده في مواقفَ أخرى من أحسن الناس تصرُّفًا، فالفاشل دراسيًّا لا بد أن يكون ناجحًا، أو لديه القدرة على النجاح في أشياءَ أخرى، والذي لم يَنجح في موقف ولم يُحسن التصرف، تَجده من أفضل الناس في مواقفَ أخرى، فكم من المخترعين والمفكِّرين والمبدعين، كانوا غير ناجحين في غير ميدانهم!


وثَمَّة أمرٌ آخر، وهو العدل الربَّاني، فالله - سبحانه وتعالى - من صفاته العدل، ومن مُقتضيات العدل: توزيع المواهب والقدرات بين أبناء البشر، وعدم حِرمان البعض من كل المواهب والقدرات، إلا فيما تَقتضيه الحكمة الربَّانية للمجانين أو المتخلفين عقليًّا.


3- لا يعلم تفكيرَك إلا اللهُ:
إذا كنتَفي مجلسٍ ما، فحاوِل أن تُخمِّن فيمَ يفكِّر كلُّ واحد من الموجودين؟! قد تستطيع معرفة كثيرٍ من الأشياء عن المقابل لك، لكنَّك من الصعب جدًّا أن تعرِف فيمَ يفكِّر؟ فقد يجلس أمام الأستاذ أو المحاضر أكثر من 50 شخصًا، ولا يستطيع أيٌّ منهم أن يتعرَّف على ما في تفكير القريب منه، فضلاً عن البعيد، بل حتى الأستاذ أو المحاضر لا يستطيع أن يَجزم بمعرفة ما يدور في رأسك!

إنه سرٌّ رباني، فالحكمة الربانية اقتضَت أن يستطيع كلٌّ منا أن يَحتفظ بتفكيره الخاص، ويستطيع أن يُظهر لك خلاف ما يدور في رأسه، ومن أوضح الأمثلة على ذلك في الصلاة، فالكثير يَشكو السرحان في الصلاة، فهو يَسمع شيئًا، ويُفكر في شيء آخرَ، بعيد كل البُعد عن الموضوع الذي يَسمعه، ومن هنا كانت أول صفات المؤمنين الفالحين: ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 2]، فالله وحده فقط هو الذي انفرد بعلم ما يفكِّر فيه الإنسان.

فهناك أربعة مستويات:
1- العلَن، وهو ما تُظهره للجميع.
2- السر، وهو ما تُسِرُّه لبعض الناس، وتتحدَّث فيه بصورة خفيَّة؛ حتى لا يطَّلع عليه البقية.
3- السر الخاص، وهو ما تُحدِّث به نفسك.
4- الأخفى، وهو ما أُخْفِي على ابن آدمَ مما هو فاعله قبل أن يَعلمه.

4- الفكر قابل للتغيير:
من أبجديَّات الحساب والجزاء: الاختيار، فلا حساب على إجبارٍ، ولا عقوبة على إكراهٍ، وإن كان الفكر هبة ربَّانية، فإن الله أوجَب على العباد أمورًا، وطلب منهم تحقيقها وَفْق منهج محدَّد مهما كانت طريقة تفكير العبد، وهذا يعني بلا شكٍّ أن الإنسان يمكن أن يُغيِّرَ تفكيرَه إلى ما يريد الله، والعكس صحيح.

قد يكون التفكير صعبًا، ولكنه ليس مستحيلاً، والتاريخ البشري القديم والحديث خيرُ شاهدٍ على القدرة على تغيير التفكير، وتوجيهه نحو هدفٍ معيَّن، ولعل سيرة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - من أوضح الأمثلة على ذلك.

5- الفكر يتطوَّر:


جمود التفكير - (الفكر) - من أكبر أسباب ضَعف التطوير في مختلف جوانب الحياة، كما أن تطوير التفكير من أبرز سِمات أهل التقدُّم بمختلف صوره؛ لذا نجد أن الغرب والشرق وأهل الصناعات بالذات (وحتى العلوم الإنسانية)، يجتهدون كثيرًا في دراساتهم نحو تطوير التفكير وسبُل النهوض به، ويَبتكرون برامجَ ونظريات من أجل ذلك، فمهارات التفكير وبرامج الكورت[3] وغيرها كثير، كلها تَهدف إلى ذلك، ولا ريبَ أن ما نَعيشه من تقدُّم مادي ورُقي إنساني، هو من نتائج تطوير التفكير، فطريقة التعامل مع الحياة ومع المشكلات ومع المستقبل وطرق الابتكار، فهذه القضايا وغيرها قد تغيَّرت وتطوَّرت، وأصبح النظر إليها مختلفًا عما كان عليه سابق البشرية.

وأهل الإيمان وأهل الدعوة عليهم السعي في تطوير تفكيرهم، وتوظيف نِعم الله بما يُسهم في تحقيق عبودية المخلوقين للخالق - سبحانه.

أما عوامل صناعة الفكر وتَحصينه ومَزالقه، فهذا سنَتركه إلى اللقاء القادم - بإذن الله.


[1] راجع تفسير السعدي.

[2] صحيح أبي داود؛ للألباني (4403).

[3] برنامج عالمي يُسمى: "كورت التفكير" مؤسِّسُه شخص أمريكي اسمه ديبونو.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.86 كيلو بايت... تم توفير 1.78 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]