مجموعة كبيرة من الفتاوى والبحوث الفقهية لكبار العلماء عن احكام الحج (أرجوا التثبيت) - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 09-04-2019, 12:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مجموعة كبيرة من الفتاوى والبحوث الفقهية لكبار العلماء عن احكام الحج (أرجوا التثبي

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 12-04-2019, 04:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)


فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9) إدارة الملتقى الفقهي




فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

كتاب الحج والعمرة وجوبهما – فضلهما وشروطهما – التوكيل
يقول كنا عند أحد الكبار في بلدتنا ودخل علينا شخص جليل وسلم على هذا الكبير وقال له بالحرف الواحد لقد حجيت إليك حجة الأشواق لا ما يوجب الإسلام فجاء في نفسي من هذا القول فاعترضت عليه أثناء المجلس وقلت له ما يجوز إنما الحج للبيت العتيق في مكة المكرمة فرد علينا بمحاضرة طويلة قال فيها إن الحج هو القصد وأنا قد قصدت أبا فلان والحجاج إنما يحجون إلى البيت لأنهم يشتاقون إليه وقد فعلت وأنا اليوم اشتقت إلى هذا الشخص فحجيت إليه وقد أفهمني هذا الرجل بمقدرته البارعة وقرب بديهته وقوة لهجته فأنا اليوم أضع هذه القضية بين أيديكم إن كنت مخطئاً استغفرت الله وإن كنت مصيباً شكرته ولعلّ هذا الشخص يسمع ما تقولون؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن للحج معنيين معنى لغوياً ومعنى شرعياً أما المعنى اللغوي فهو ما أشار إليه هذا الرجل الذي رد اعتراض السائل عليه وهو أنه يراد به القصد فكل من قصد شيئاً ومشى إليه وسعى إليه فقد حج إليه أما المعنى الشرعي فهو قصد البيت الحرام أو قصد مكة لأداء المناسك هذا هو الحج شرعاً وحيث أن المعنى اللغوي انتقل إلى المعنى الشرعي فإنه لا ينبغي استعماله إلا في معناه الأصلى فإن أهل العلم قالوا إن الحقائق ثلاثة، شرعية ولغوية وعرفية وأن الشرعية مقدمة على اللغوية والعرفية وعلى هذا فالمسلمون الآن يعتبروا الحج في لغتهم هو قصد مكة لأداء المناسك فإنكار هذا السائل على القائل لهذا الشيخ أنا حججت إليك وما أشبه ذلك هو في محله ودفاع ذلك عن نفسه بأن الحج في اللغة القصد هو عبارة عن شُبْهَة لا حجة وذلك لأن الحج نقل معناه شرعاً إلى حج بيت الله الحرام ولهذا عندما يطلق المسلمون كلمة الحج الآن لا تنصرف إلا إلى حج البيت لأداء المناسك فقط ثم إن قوله لهذا الشيخ حججت إليك لا شك أن فيه غلواً إما لفظياً وإما معنوياً ويخشى أن يفتح باب الغلو في المشايخ ومن يسمى بالأولياء كما فسر أهل التخييل والمنغمسون في الصوفية فسروا الحج الموجود في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه قصد مشايخهم وأوليائهم فعلى كل حال إنكار هذا السائل على القائل للشيخ حججت إليك إنكار في محله ونحن نرى أنه لا ينبغي للمسلم أن يطلق القصد إلى شخص ليطلق عليه الحج لأن الحج معروف شرعاً بأنه قصد البيت لأداء المناسك.
يافضيلة الشيخ: وأيضاً نهاية كلامه أو عبارته في قوله حجيت إليك حجة الأشواق لا ما يوجب الإسلام كلمة لا ما يوجب الإسلام يمكن يتخيل منها السامع أن حجته لصاحبه أفخم أو أعظم من حجة الإسلام؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم ربما يفيد ذلك وربما أنه يريد أن ما أردت الحج هنا ليس الحج الشرعي وأنه الحج بالمعنى اللغوي العام علي كل حال ما ينبغي هذا الكلام.
***
حسب اعتقادي أن فريضة الحج ولدت بولادة الدين الإسلامي ولكن تبين لي أن الناس كانوا يحجون قبل الدين الإسلامي وكان الرسول عليه السلام يجتمع مع هؤلاء الحجاج كي يدعوهم للإسلام فكيف كان ذلك أرجو إفادتي وفقكم الله وجزاكم خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحج في الجاهلية من العبادات المألوفة المعروفة وليس فيه تغييرٌ إلا شيئاً يسيراً مثل كون أهل الحرم لا يقفون وقوف عرفة إلا بمزدلفة كما يدل عليه حديث جابر وكذلك جاء الإسلام بتعديل ما خالفوا فيه حيث كانوا ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس ولا يدفعون من مزدلفة إلا بعد شروق الشمس فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فوقف في عرفة ولم يدفع منها إلا بعد غروب الشمس ودفع من مزدلفة حين أسفر جداً قبل أن تطلع الشمس ولا أعرف شيئاً أكثر من هذا بالنسبة للحج في الجاهلية وأما في الإسلام فالأمر فيه واضح ولله الحمد فإن الله تعالى فرضه على القول الراجح في السنة التاسعة من الهجرة أو العاشرة وحج النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة حجة الوداع وبيّن للناس مناسكهم وفقه الناس في المناسك فقهاً تاماً وكان يقول عليه الصلاة والسلام (لتأخذوا عني مناسككم) فتعلم الناس الحج ونقله السلف إلى الخلف وتلقاه الخلف عن السلف حتى أصبح بيناً واضحاً ولله الحمد وإن كان يوجد فيه بعض الخلافات التي مصدرها الاجتهاد من أهل العلم فهذه للمجتهد المصيب أجران وللمجتهد المخطئ أجرٌ واحد.
***
جزاكم الله خيراً السائلة مصرية ومقيمة بالرياض لها هذا السؤال تقول سمعت بأن للمرأة حجة واحدة وعمرة واحدة فهل هذا صحيح وإذا رغبت في تكرار العمرة فهل لها ذلك مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المرأة كالرجل في الحج والعمرة ولهذا سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هل على النساء جهاد قال (نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة) لكن لا ينبغي للمرأة أن ترهق زوجها أو وليها في تكرار العمرة أو الحج لأن هناك أبواباً كثيرة للخير قد تكون أكثر من العمرة أو الحج فإطعام الجائع وكسوة العاري وإزالة الأذى عن المسلمين أفضل من الحج والعمرة وأعني بذلك الحج والعمرة إذا كان تطوعاً أما الفريضة فلا بد منها.
***
يقول هل مفروض على الجن الحج وإن كان كذلك فأين يحجون؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر أنهم مكلفون بما يكلف به الإنس من العبادات ولاسيما أصولها كالأركان الخمسة وحجهم يكون كحج الإنس زمناً ومكاناً وإن كانوا قد يختلفون عن الإنس في جنس العبادات التي لا تناسب حالهم فتكون مختلفة عن التكليف الذي يكلف به الأنس.
***
بارك الله فيكم هذا السائل عبد الله علي سوداني محافظة دارفور يقول ما الفرق بين الحج والعمرة وما هو الركن الذي لا يصح الحج إلا به وما هي مبطلات الحج مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر أن جواب هذا السؤال يحتاج إلى مجلد فالحج والعمرة يختلفان فالحج حجٌ أكبر والعمرة حجٌ أصغر فالعمرة مكونة من إحرام وطواف وسعي وحلقٌ أو تقصير يعني أربعة أشياء إحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير أما الحج فمركبٌ من أكثر من ذلك فهو إحرام وطواف وسعي وحلقٌ أو تقصير ووقوفٌ بعرفة ومبيتٌ بمزدلفة ومبيتٌ بمنى ورمي جمار فهو أكبر وأوسع من العمرة ثم الحج يختص بوقتٍ معين هي أيام الحج وأما العمرة ففي كل وقت ثم الحج من أركان الإسلام باتفاق العلماء أما العمرة ففيها خلاف فمن العلماء من قال إنها واجبة ومنهم من قال إنها ليست بواجبة ومنهم من قال إنها واجبة على غير المكي غير واجبة على المكي أي الساكن في مكة وأما المحظورات محظورات الإحرام فتشترك فيها العمرة والحج لأنها تتعلق بالإحرام والإحرام لا يختلف فيه الحج والعمرة وأما الواجبات والأركان فتختلف العمرة عن الحج يتفق العمرة والحج بأن من أركانهما الطواف والسعي والإحرام وهذه الثلاثة أركانٌ في العمرة وليس فيها ركنٌ رابع وأما الحج ففيه ركنٌ رابع وهو الوقوف بعرفة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الحج عرفة) وهذا يختص به الحج أما الواجبات فالواجبات في العمرة شيئان فقط أن يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً وأن يحلق أو يقصر بعد الفراغ من الطواف والسعي وأما الحج فواجباته أكثر يشترك مع العمرة في الواجبات بأن يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً والحلق أو التقصير ويزيد الحج بوجوب البقاء في عرفة إلى غروب الشمس ووجوب المبيت في مزدلفة ووجوب المبيت في منى الليلة الحادية عشرة والثانية عشرة من شهر ذي الحجة والثالثة عشرة إن تأخر ووجوب الرمي يعني رمي الجمار وأما طواف الوداع فليس من واجبات الحج الثابتة وليس من واجبات العمرة الثابتة وإنما يجب على من أدى العمرة أو أدى الحج إذا أراد الخروج إلى بلده ولهذا فلا يجب الطواف على أهل مكة لأنهم
مقيمون فيها.
***
المستمع حسين عبد السلام يقول في رسالته ما حكم من أدى العمرة فقط ولم يؤد فريضة الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حكمه أن أداءه للعمرة واقع موقعه وقد برئت ذمته من العمرة وأدى الواجب عليه فيها ولكن بقيت عليه فريضة الحج التي هي فرض بالنص والإجماع فعليه إذا أدرك وقت الحج أن يحج البيت إذا كان مستطيعاً لقول الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) وأما ظن بعض الناس أن من أتى بالعمرة قبل الحج فإنه لا عمرة له فهذا لا أصل له بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر بعد هجرته قبل أن يحج.
***
من العراق بابل محمد فيصل يقول آمل أن تجيبوني على أسئلتي بارك الله فيكم إنني أرى كثيراً من الناس يؤدون فريضة الحج ويصومون شهر رمضان مع أنهم لا يصلون هل هذا ينفعهم؟ أفيدونا بارك الله فيكم
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة مسألة عظمية وخطيرة يقع فيها بعض الناس بأن يكونوا يصومون ويحجون ويعتمرون ويتصدقون ولكنهم لا يصلون هل أعمالهم الصالحة هذه مقبولة عند الله عز وجل أم مردودة هذا ينبني على الخلاف في تكفير تارك الصلاة فمن قال إنه لا يكفر قال إن هذه الأعمال مقبولة ومن قال إنه يكفر قال إن هذه الأعمال غير مقبولة ومرجع خلاف العلماء ونزاعهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) وقوله (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) ونحن إذا رددنا نزاع العلماء في هذه المسألة إلى كتاب الله وسنة رسوله وجدنا أن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يدلان على أن تارك الصلاة كافر وأن كفره كفر أكبر مخرج عن الملة فمن ذلك قوله تعالى في المشركين (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) فإن هذه الجملة الشرطية تدل بمنطوقها على أنه لا تتم الإخوة لهؤلاء إلا بهذه الأمور الثلاثة التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأيضا تدل بمفهومها أنه إذا تخلف واحد منها لم تثبت الأخوة الدينية بيننا وبينهم ولا تنتفي الأخوة الدينية بين المؤمن وغيره إلا بانتفاء الدين كله ولا يمكن أن تنتفي بالمعاصي وإن عظمت فمن أعظم المعاصي قتل المؤمن وقد قال الله فيه (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) ومع ذلك فقد قال الله تعالى في آية القصاص (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) فجعل الله تعالى القتيل أخاً للقاتل مع أن القاتل قتله وقتل المؤمن من أعظم كبائر الذنوب بعد الشرك وهذا دليل على أن المعاصي وإن عظمت لا تنتفي بها الأخوة الدينية أما الكفر فتنتفي به الأخوة الدينية فإن قلت هل تقول بكفر من منع الزكاة بخلاً قلت لو لا الدليل لقلت به بناءً على هذه الآية ولكن هناك دليل رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة في مانع الزكاة حيث ذكر عقابه ثم قال بعد ذلك (ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) وكونه يرى سبيله إلى الجنة دليل على أنه لم يخرج من الإيمان وإلا ما كان له طريق إلى الجنة وأما الدليل من السنة على كفر تارك الصلاة فقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه بريدة وأخرجه أهل السنن (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وهذا هو الكفر المخرج عن الملة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بين إسلام هذا الرجل وكفره فاصلاً وهو ترك الصلاة والحد الفاصل يمنع من دخول المحدودين بعضهما ببعض فهو إذا خرج من هذا دخل في هذا ولم يكن له حظ من الذي خرج منه وهو دليل واضح على أن المراد بالكفر هنا الكفر المخرج عن الملة وليس هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم (اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب و النياحة على الميت) لأنه قال هما فقط بهم كفر أي أن هذين العملين من أعمال الكفر وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) فجعل الكفر منكَّراً عائداً على القتال أي أن القتال كفر بالإخوة الإيمانية ومن أعمال الكافرين لأنهم هم الذين يقتلون المؤمنين وقد جاء في الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم بكفر تارك الصلاة فقال عبد الله بنشقيق وهو من التابعين الثقات (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) ونقل إجماع الصحابة على ذلك أي على أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة نقله إسحاق بن راهوية الإمام المشهور والمعنى يقتضي ذلك فإن كل إنسان في قلبه إيمان يعلم ما للصلاة من أهمية وما فيها من ثواب وما في تركها من عقاب يعلم ذلك لا يمكن أن يدعها خصوصاً إذا كان قد بلغه أن تركها كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة فإنه لا يمكن أن يدعها ليكون من الكافرين وبهذا علمنا أن دلالة الكتاب والسنة وآثار الصحابة و الاعتبار الصحيح كلها تدل على أن من ترك الصلاة فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة وقد تأملت ذلك كثيراً ورجعت ما أمكنني مراجعته من كتب أهل العلم في هذه المسألة وبحثت مع من شاء الله ممن تكلمت معه في هذا الأمر ولم يتبين لي إلا أن القول الراجح هو أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة و تأملت الأدلة التي استدل بها من يرون أنه ليس بكافر فرأيتها لا تخلو من أربع حالات إما أن لا يكون فيها دليل أصلاً وإما أن تكون مقيدة بوصف يمتنع معه ترك الصلاة وأما أن تكون مقيدة بحال يعذر فيها من ترك الصلاة لكون معالم الدين قد اندرست وإما لأنها عامة مخصصة بأحاديث أو بنصوص كفر تارك الصلاة ومن المعلوم عند أهل العلم أن النصوص العامة تخصص بالنصوص الخاصة ولا يخفى ذلك على طالب علم وبناء على ذلك فإنني أوجه التحذير لإخواني المسلمين من التهاون بالصلاة وعدم القيام بما يجب فيها وبناء على هذا القول الصحيح الراجح وهو أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة فإن ما يعمله تارك الصلاة من صدقة وصيام وحج لا يكون مقبولاً منه لأن من شرط قبول الأعمال الصالحة أن يكون العامل مسلماً وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ)
فدل ذلك على أن الكفر مانع من قبول الصدقة مع أن الصدقة عمل نافع متعد نفعه للغير فالعمل القاصر من باب أولى أن لا يكون مقبولاً وحينئذ فالطريق إلى قبول أعمالهم الصالحة أن يتوبوا إلى الله عز وجل مما حصل منهم من ترك الصلاة وإذا تابوا فإنهم لا يطالبون بقضاء ما تركوه في هذه المدة بل يكثرون من الأعمال الصالحة ومن تاب تاب الله عليه كما قال الله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً*إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) أسأل الله أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم وأن يمن علينا بالتوبة النصوح التي يمحو بها ما سلف من ذنبونا إنه جواد كريم.
***
المستمعة مواطنة من العراق محافظة أربيل تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو الإجابة على سؤالي يا فضيلة الشيخ لظروف قاسية وبدون رغبة مني سافرت إلى خارج العراق إلى بلد أجنبي في منتصف شهر رمضان هذا وقد كنت صائمة في النصف الأول من شهر رمضان في العراق وعندما سافرت تركت الصيام والصلاة معاً لمدة خمسة عشر يوماً وهي فترة بقائي في ذلك البلد وكنت أقول إن هؤلاء قوم بهم نجاسة ولا يجوز استعمال حاجياتهم وكذلك لم أكن أعرف اتجاه القبلة ولم آكل أو أشرب من شرابهم شيخ محمد أسأل هل تركي للصلاة والصوم هذه الفترة يؤثر على فريضة الحج التي كنت قد أديتها منذ بضع سنوات وهل هناك حكم أؤديه ليغفر الله لي ذنوبي أفتوني بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تركك الصلاة هذه المدة والصيام لا يؤثر على فريضة الحج التي أديتها من قبل لأن الذي يبطل العمل الصالح السابق هو الردة إذا مات الإنسان عليها لقول الله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أما المعاصي فإنها لا تبطل الأعمال الصالحة السابقة ولكن ربما تحيط بها من جهة أخرى إذا كانت هذه المعاصي كثيرة ووزن بينها وبين الحسنات ورجحت كفة السيئات فإن الإنسان يعذب عليها وبناء على ذلك فإن الواجب عليك الآن أن تتوبي إلى الله عز وجل من ترك الصلاة وأن تكثري من العمل الصالح ولا يجب عليك قضاؤها على القول الراجح وأما الصوم فتركك إياه جائز لأنك مسافرة والمسافر لا يلزمه أداء الصوم لقول الله تعالى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) وقولك في تعليل تركك الصلاة إنك لا تعرفين القبلة ولا تأكلين من طعامهم وشرابهم قولك هذا ليس بصواب أي أن امتناعك من أداء الصلاة لهذا السبب ليس بصواب فإن الواجب عليك أن تصلى بقدر المستطاع وأن تأتي بما يجب عليك في صلاتك بما استطعت منه لقول الله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) وقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) فالإنسان إذا كان في مكان لا يعرف القبلة ولم يكن عنده من يخبره بها خبراً يوثق به فإنه يصلى بعد أن يتحرى إلى الجهة التي غلب على ظنه أنها القبلة ولا يلزمه الإعادة بعد ذلك.
***
تساهل كثير من الناس في هذه المناسك وعدم سؤالهم أهل العلم مع أنهم كثيرون ولله الحمد ما توجيهكم في ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: توجيهي في ذلك هو أن الواجب على الإنسان ألا يقوم بعبادة ولا سيما الحج الذي لا يكون إلا نادراً في حياة الإنسان حتى يعرف ما يجب في هذه العبادة وما يمتنع فيها وينبغي أن يعرف أيضا ما يسن فيها وما يكره وأما كونه يمشي بدون هدى فهذا على خطر عظيم وإذا كان الإنسان لو أراد السفر إلى بلد من البلدان لم يسافر إلا وقد عرف الطريق فكيف بالسفر إلى الآخرة كيف يخاطر ويمشي في طريق لا يدري ما هو ثم إن من الناس من يبقى مدة بعد فعل العبادة ثم يسأل بعد ذلك وهذا قد يكون معذورا من جهة أنه لم يخطر بباله أنه أساء فيها ثم مع كلام الناس والمناقشات يتبين له أنه أخطأ فيسأل ونضرب لهذا مثلا ،كثير من الناس يخفى عليه أن الإنسان إذا جامع زوجته وجب عليه الغسل وإن لم ينزل فتجده قد عاشر أهله مدة طويلة على هذا الوجه ولا يغتسل ثم بعد سنتين أو ثلاثة يسأل وهذا خطر عظيم لأن هذه صلاة آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ولهذا نقول وإن لم ترد في السؤال إن الإنسان إذا أنزل المني لشهوة وجب عليه الغسل بجماع أو غير جماع حتى بالتفكير وإذا جامع وجب عليه الغسل سواء أنزل أم لم ينزل فلذلك ننصح إخواننا إذا أرادوا العبادة أن يتعلموها قبل أن يفعلوها وإذا قدر أنهم فعلوها بدون سؤال ثم أساءوا فيها فليبادروا بالسؤال حتى تبرأ ذممهم وحتى يلقوا الله عز وجل وهم لا يطالبون بشيء مما أوجب الله عليهم.
***
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ هل من توجيه أو من كلمة لأولئك الذين يؤدون فريضة الحج أو العمرة ثم يقعون في بعض الأخطاء هل من توجيه لهم للتزود بالعلم الشرعي أيضا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم لنا توجيه لهؤلاء وغيرهم ممن يعبدون الله تعالى على غير علم فإن كثيرا من الناس يصلون ويُخِلّون بالصلاة وهم لا يعلمون وإن كان هذا قليلا لأن الصلاة والحمد لله تتكرر في اليوم خمس مرات ولا تخفى أحكامها الكلية العامة على أحدٍ لكن الحج هو الذي يقع فيه الخطأ كثيراً من العامة ومن بعض طلبة العلم الذين يفتون بغير علم لذلك أنصح أخواني المسلمين وأقول إذا أردتم الحج فاقرأوا أحكام الحج على أهل العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم أو ادرسوا من مؤلفات هؤلاء العلماء ما تهتدون به إلى كيفية أداء الحج وأما أن تذهبوا إلى الحج مع الناس ما فعل الناس فعلتموه وربما أخللتم بشيء كثير من الواجب فهذا خطأ وإني أضرب لهؤلاء الذين يعبدون الله تعالى على غير علم أضرب لهم مثلا برجل أراد أن يسافر إلى المدينة مثلا وهو لا يعرف الطريق فهل يسافر بدون أن يعرف الطريق؟ أبدا لا يمكن أن يسافر إلا إذا عرف الطريق إما برجل يكون دليلاً له يصاحبه وإما بوصف دقيق يصف له المسير وإما بخطوط مضروبة على الأرض ليسير الناس عليها وأما أن يذهب هكذا يعوم في البر فإنه لا يمكن أن يذهب وإذا كان هذا في الطريق الحسي فلماذا لا نستعمله في الطريق المعنوي الطريق الموصل إلى الله فلا نسلك شيئا مما يقرب إلى الله إلا ونحن نعرف أن الله تعالى قد شرعه لعباده هذا هو الواجب على كل مسلم أن يتعلم قبل أن يعمل ولهذا أورد البخاري رحمه الله ذلك في كتابه الصحيح فقال باب العلم قبل القول والعمل ثم استدل لذلك بقوله تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ).
***
رجل مسلم يريد الحج ما هي الأمور التي ينبغي أن يعملها المسلم ليكون حجه مقبولاً إن شاء الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الأمور التي ينبغي أن يعملها ليكون حجة مقبولاً أن ينوي بالحج وجه الله عز وجل وهذا هو الإخلاص وأن يكون متبعاً في حجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو المتابعة وكل عمل صالح فإنه لا يقبل إلا بهذين الشرطين الأساسيين الإخلاص والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمري ما نوى) ولقوله صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فهذا أهم ما يجب على الحاج أن يعتمد عليه الإخلاص والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في حجته (لتأخذوا عني مناسككم) ومنها أن يكون الحج بمال حلال فإن الحج بمال حرام محرم لا يجوز بل قد قال بعض أهل العلم إن الحج لا يصح في هذه الحال ويقول بعضهم:
إذا حججت بمال أصله سحت *** فما حججت ولكن حجّت العير
يعني حجت الإبل ومنها أن يتجنب ما نهى الله عنه لقوله تعالى (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فيتجنب ما حرم الله عليه تحريماً عاماً في الحج وغيره من الفسوق والعصيان والأقوال المحرمة والأفعال المحرمة والاستماع إلى آلات اللهو ونحو ذلك ويجتنب ما حرم الله عليه تحريماً خاصاً في الحج كالرفث وهو إتيان النساء وحلق الرأس واجتناب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه في الإحرام وبعبارة أعم يجتنب جميع محظورات الإحرام وينبغي أيضاً للحاج أن يكون ليناً سهلاً كريماً في ماله وجاهه وعمله وأن يحسن إلى إخوانه بقدر ما يستطيع ويجب عليه أن يجتنب إيذاء المسلمين سواء كان ذلك في المشاعر أو في الأسواق فيتجنب الإيذاء عند الازدحام في المطاف وعند الازدحام في المسعى وعند الازدحام في الجمرات وغير ذلك فهذه الأمور التي ينبغي على الحاج أو يجب للحاج أن يقوم بها ومن أقوى ما يحقق ذلك أن يصطحب الإنسان في حجه رجلاً من أهل العلم حتى يذكره في دينه وإذا لم يتيسر ذلك فليقرأ من كتب أهل العلم ما كان موثوقاً قبل أن يذهب إلى الحج حتى يعبد الله على بصيرة.
***
سائل يقول أنا إن شاء الله قد اشتريت خيمتي وحزمت أمتعتي وأريد السفر للحج هذا العام لأكمل ما فعلته في الأعوام الماضية من المسيرة مع الصالحين لعل الله أن يرحمنا جميعاً لكنني أريد أن أتزود بزاد في حجي هذا فما هو الزاد وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يقول الله عز وجل (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) فخير الزاد أن تتقي الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه فتحرص على أداء الصلاة في أوقاتها مع الجماعة وتحرص على الصدق في أقوالك وأفعالك وتحرص على النصيحة لإخوانك وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى التواصي بالحق والتواصي بالصبر وعلى إعانة من يحتاج إلى عون بالمال أو البدن أو الجاه وكذلك تتجنب ما نهى الله عنه من تأخير الصلاة عن أوقاتها أو ترك صلاة الجماعة أو الإخلال بشيء من واجباتها أو الكذب أو الغيبة أو النميمة أو الإساءة للخلق بالقول أو الفعل وتتجنب جميع ما حرم الله عليك فالتقوى اسم جامع لفعل جميع ما أمر الله به وترك جميع ما نهى عنه لأنها مشتقة من الوقاية وهي أن يتخذ الإنسان وقاية له من عذاب الله ولا وقاية من عذاب الله إلا بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
***
بعث لنا سعد برسالة من المملكة العربية السعودية يقول في رسالته أنا كل سنة أسافر بصالون كبير ويمتلئ هذا الصالون من أفراد العائلة ومن الأقارب فيذهب أو تذهب علينا الأيام في مشاعر الحج ونحن نقضيها بالمزاح واللعب والضحك وأحياناً قد تأتي كلمات نابية وفي هذه السنة أود أن أسافر إلى الحج بالأجر أي أن أركب مع وسائل النقل الأخرى لكي لا أسافر مع من أسافر معهم كل سنة حتى أحج حجاً تطمئن إليه نفسي وأرتاح فيه وأقبل على الله سبحانه وتعالى فأيهما الأحسن لي والأفضل وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان يمكنك أن تسافر مع أهلك وتوجههم إلى ما فيه الخير وإلى ترك اللغو من الكلام والرفث فهذا خير وأفضل لما فيه من صلة الرحم والتقارب بين الأقارب وإصلاح الأحوال وإذا كان لا يمكنك إصلاح أحوالهم فإن الأفضل أن تختار لك جماعة من أهل العلم والدين وتسافر معهم إلى الحج ليكون حجكم أقرب إلى الصواب من غيره.
***
هل الكبائر يكفرها الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ظاهر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) أن الحج المبرور يكفر الكبائر ويؤيد هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) فإن تكفير العمرة إلى العمرة لما بينهما مشروط باجتناب الكبائر ولكن يبقى النظر هل يتيقن الإنسان أن حجه كان مبروراً هذا أمر صعب لأن الحج المبرور ما كان مبروراً في القصد والعمل أما في القصد فأن يكون قصده بحجه التقرب إلى الله تعالى والتعبد له بأداء المناسك نية خالصة لا يشوبها رياء ولا سمعة ولا حاجة من حوائج الدنيا إلا ما رخَّص فيه في قوله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) وكذلك المبرور في العمل أن يكون العمل متبعاً فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أداء المناسك مجتنباً فيه ما يحرم على المحُرِم بخصوصه وما يحرم على عامة الناس وهذا أمر صعب لا سيما في عصرنا هذا فإنه لا يكاد يسلم الحج من تقصير وتفريط أو إفراط ومجاوزة أو عمل سيئ أو نقص في الإخلاص وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يعتمد على الحج ثم يذهب يفعل الكبائر ويقول الكبائر يكفرها الحج بل عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من فعل الكبائر وأن يقلع عنها ولا يعود ويكون الحج نافلة أي زيادة خير في أعماله الصالحة ومن الكبائر ما يكون لبعض الناس اليوم بل لكثير من الناس من الغيبة وهي أن يذكر أخاه المسلم غائباً بما يكره فإن الغيبة من كبائر الذنوب كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله وقد صورها الله عز وجل بأبشع صوره فقال تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) ومن المعلوم أن الإنسان لا يحب أن يأكل لحم أخيه لا حياً ولا ميتاً وكراهته لأكل لحمه ميتاً أشد فكيف يرضى أن يأكل لحم أخيه بغيبة في حال غيبته؟ والغيبة من كبائر الذنوب مطلقاً وتتضاعف إثماً وعقوبة كلما ترتب عليها سوء أكثر فغيبة القريب ليست كغيبة البعيد لأن غيبة القريب غيبة وقطع رحم وغيبة الجار ليست كغيبة بعيد الدار لأن غيبة الجار منافية لقوله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) ووقوع في قوله صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) فإن غيبة الجار من البوائق وغيبة العلماء ليست كغيبة عامة الناس لأن العلماء لهم من الفضل والتقدير والاحترام ما يليق بحالهم ولأن غيبة العلماء تؤدي إلى احتقارهم وسقوطهم من أعين الناس وبالتالي إلى احتقار ما يقولون من شريعة الله وعدم اعتبارها وحينئذ تضيع الشريعة بسبب غيبة العلماء ويلجأ الناس إلى جهالٍ يفتون بغير علم وكذلك غيبة الأمراء وولاة الأمور الذين جعل الله لهم الولاية على الخلق فإن غيبتهم تتضاعف لأن غيبتهم توجب احتقارهم عند الناس وسقوط هيبتهم وإذا سقطت هيبة السلطان فسدت البلدان وحلت الفوضى والفتن والشر والفساد ولو كان هذا الذي يغتاب ولاة الأمور بقصد الإصلاح فإن ما يفسد أكثر مما يصلح وما يترتب على غيبته لولاة الأمور أعظم من ذنب ارتكبوه لأنه كلما هان شأن السلطان في قلوب الناس تمردوا عليه ولم يعبئوا بمخالفته ولا بمنابذته وهذا بلا شك ليس إصلاحاً بل هو إفساد وزعزعة للأمن ونشر للفوضى والواجب مناصحة ولاة الأمور من العلماء والأمراء على وجه تزول به المفسدة وتحل فيه المصلحة بأن يكون سراً وبأدب واحترام لأن هذا أدعى للقبول وأقرب إلى الرجوع عن التمادي في الباطل وربما يكون الحق فيما انتقده عليه المنتقد لأنه بالمناقشة يتبين الأمر وكم من عالم اغتيب وذكر بما يكره فإذا نوقش هذا العالم تبين أنه لم يقل ما نسب إليه وأن ما نسب إليه كذب باطل يقصد به التشويه والتشويش والحسد وربما يكون حقاً ولكن له وجهة نظر تخفى على كثير من الناس فإذا نوقش وبين وجهة نظره ارتفع المحظور أما كون الإنسان بمجرد ما يذكر له عن ولي الأمر من أمير أو عالم يذهب فيشيع السوء ويخفي الصالح فهذا ليس من العدل وليس من العقل وهو ظلم واضح قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا) يعني لا يحملكم بغضهم على ترك العدل (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا جميعاً أسباب الشر والفساد وأن يؤلف بين قلوبنا وأن يجعلنا من المتحابين فيه المتعاونين على البر والتقوى إنه على كل شيء قدير.
***
بارك الله فيكم من الأردن عائشة ع. عمان الأردن تقول فضيلة الشيخ سؤالي عن الحج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحج المبرور لا جزاء له إلا الجنة) بعض المراجع من كتب الفقه تقول بأنه لا يغفر بالحج إلا الصغائر وتأخير الفروض عن أوقاتها أما الكبائر فلا تغفر بالحج والبعض الآخر يقول يغفر بالحج كل شيء حتى الكبائر والتبعات لكن بشرط التوبة من الكبائر وسداد التبعات فما حكم الشرع في نظركم في ذلك وجزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نقول الحج المبرور هو الذي جمع عدة أوصاف:
الوصف الأول: أن يكون خالصاً لله عز وجل بحيث لا يريد الإنسان بحجه ثناءً من الناس أو استحقاق وصفٍ معين يوصف به الحاج أو شيئاً من الدنيا دون عمل الآخرة أو ما أشبه ذلك.
ثانياً: أن يكون متبعاً فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحيث يأتي بالحج كما حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو أذن فيه ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول (خذوا عني مناسككم) ومن ثم يتبين ضرورة الإنسان إذا أراد الحج إلى أن يقرأ مناسك الحج حتى يحج على بصيرةٍ وبرهان وإذا كان لا يستطيع القراءة فليشترِ ما يستمع إليه من أشرطة العلماء موثوقٍ بهم وإن لم يتيسر له ذلك فليسأل علماء بلده كيف يحج ولا أظن العلماء يقصرون في بيان ذلك عند سؤالهم عنه.
ثالثاً: أن يكون من نفقاتٍ طيبة أي من كسبٍ طيب لأن الكسب الخبيث خبيث فليتحر الإنسان أن تكون نفقاته في الحج من كسبٍ طيب لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً.
رابعاً أن يتجنب فيه المآثم سواءٌ كانت هذه المآثم من خصائص الإحرام كمحظورات الإحرام أو من المآثم العامة كالغيبة والنميمة والكذب وما أشبه ذلك لقول الله تعالى (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) ومن هذا أن يجتنب أذية الناس في المزاحمة عند الطواف أو السعي أو الجمرات أو غير ذلك لأن أذية الناس من الأمور المحرمة قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) فلا يجوز أن يأتي لرمي الجمرات بانفعال وغضب وشد عضلات وكأن بني آدم الذين أمامه خراف لا يهتم بهم فإن هذا مما ينافي أن يكون الحج مبرورا ومن ذلك أي مما يشترط للحج أن يكون مبروراً أن يتجنب شرب الدخان لأن شرب الدخان محرم كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة العامة وإذا كان محرماً كان الإصرار عليه كبيرةً من كبائر الذنوب ولو أن المسلمين الحجاج تجنبوا شرب الدخان في مواسم الحج لاعتادت أبدانهم على تركه ثم منَّ الله عليهم بالإقلاع عنه إقلاعاً تاماً فالحج المبرور قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (ليس له جزاءٌ إلا الجنة) وهذا لا يقتضي أن يغفر للإنسان التبعات التي لبني آدم فالتبعات التي لبني آدم، لا بد من إيصالها إليهم فمن أخذ مالاً للناس وحج وإن حج بغير هذا المال الذي أخذه وإن أتقن حجه تماماً في الإخلاص والمتابعة فإنه لا يغفر له الذنب حتى يرد الحق إلى أهله وإذا كانت الشهادة في سبيل الله وهي أفضل الأعمال (وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) إذا كانت الشهادة في سبيل الله لا تكفر الدّين فالحج من باب أولى ولهذا نقول إذا كان على الإنسان دين فلا يحج حتى يقضي هذا الدين إلا إذا كان ديناً مؤجلاً وهو واثقٌ من قضائه إذا حل الأجل فهنا لا بأس أن يحج أما إذا كان الدين حالاً غير مؤجل أو كان مؤجلاً لكنه لا يثق من نفسه أن يوفيه عند أجله فلا يحج وليجعل المال الذي يريد الحج به وفاءً للدين وبهذا نعلم أن الحج المبرور لا يسقط حقوق الآدميين بل لا بد من إيصالها إليهم إما بوفاء أو إبراء.
***
***
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 12-04-2019, 04:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9) إدارة الملتقى الفقهي



يقول وما معنى (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج كيوم ولدته أمه)؟
فأجاب رحمه الله تعالى: معناه أن الإنسان إذا حج واجتنب ما حرم الله عليه من الرفث وإتيان النساء والفسوق وهو مخالفة الطاعة بأن يترك ما أوجب الله عليه أو يفعل ما حرم الله عليه هذا هو الفسوق فإذا حج الإنسان ولم يرفث ولم يفسق فإنه يخرج من ذلك نقياً من الذنوب كما أن الإنسان إذا خرج من بطنه أمه فإنه لا ذنب عليه فكذلك هذا الرجل إذا حج بهذا الشرط فإنه يكون نقياً من ذنوبه.
***
أحسن الله إليكم كيف يكون الحج المبرور؟ والفقرة الأخرى يقول السائل وكيف تكون العمرة صحيحة وهل لها طواف وداع؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحج المبرور هو ما جمع الإخلاص والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يكون من كسب طيب و أن يتجنب فيه الرفث والفسوق والجدال وأن يحرص غاية الحرص على العلم بصفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليطبقها وأما العمرة فإنها حج أصغر فيها طواف وسعي وتقصير ولها طواف وداع كالحج إلا إذا سافر من حين انتهائها مثل أن يطوف ويسعى ويقصر ثم يمشي راجعا إلى بلده فهنا لا يحتاج إلى طواف وداع اكتفاءً بالطواف الأول لأنه لم يفصل بينه وبين السفر إلا السعي والتقصير وهما تابعان للطواف.
***
سؤال من أحد الأخوة المستمعين يقول فضيلة الشيخ أرجو الإجابة على هذا السؤال ما هي المنافع التي يشهدها الناس في الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المنافع التي يشهدها المسلمون في الحج منافع كثيرة منافع دينية ومنافع اجتماعية ومنافع دنيوية أما المنافع الدينية فهي ما يقوم به الحجاج من أداء المناسك وما يحصل من التعليم والتوجيه من العلماء من هنا ومن هناك وما يحصل كذلك من الإنفاق في الحج فإنه من الإنفاق في سبيل الله عز وجل وأما المنافع الاجتماعية فهي ما يحصل من تعارف الناس بينهم وائتلاف قلوبهم واكتساب بعضهم من أخلاق بعض وحسن المعاملة والتربية كما هو مشاهد لكل لبيب تأمل ذلك وأما الفوائد الدنيوية فما يحصل من المكاسب لأصحاب السيارات وغيرها مما يستأجر لأداء الحج وكذلك ما يحصل للحجاج من التجارة التي يوردونها معهم ويستوردونها من مكة وغير ذلك من المنافع العظيمة ولهذا قال الله تعالى (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) فأتى فيها بصيغة الجمع بل بالجمع الذي هو صيغة منتهى الجموع ولكن مع الأسف الشديد أن الحج في هذه الأزمنة عند كثير من الناس لا يستفاد منه هذه الفوائد العظيمة بل كأن الحج أفعال وأقوال فارغة واهية ليس فيها إلا مجرد الصور فقط ولهذا لا تكسب القلب خشوعا ولا تكسب ألفة بين المؤمنين ولا تعلماً لأمور دينهم بل ربما يكره بعضهم أن يسمع كلمة وعظ من ناصح لهم بل ربما يكون مع بعضهم سوء نية في دعوة الناس إلى الباطل إما بالمقال وإما بالفعال بتوزيع النشرات المضلة الفاسدة وهذا لا شك أنه مما يحزن ومما يجعل هذا الحج خارجا عن نطاق الشرع الذي شرع من أجله وأنصح إخواني الحجاج بما يلي:
أولاً: إخلاص النية لله وتعالى في الحج بأن لا يقصدوا من حجهم إلا الوصول إلى ثواب الله تعالى ودار كرامته.
ثانياً: الحرص التام على اتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجه فإنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول (لتأخذوا عني مناسككم).
ثالثاً: الحرص التام على التآلف والتقارب بين المسلمين وتعريف بعضهم بعضا بما ينبغي أن يعرفوه من مشاكل دينية واجتماعية وغيرها.
رابعاً: الرفق بالحجاج عند المشاعر وعند الطواف وعند السعي وعند رمي الجمرات وعند الدفع لمزدلفة ومن عرفة وغير ذلك.
خامساً: الحرص على أداء المناسك بهدوء وطمأنينة وأن لا يكون الواحد أتى ليقابل جيشاً أو جنداً محارباً ويظهر ذلك عند رمي الجمرات فإن الناس تجدهم مقبلين إلى الجمرات والواحد منهم ممتلئ غضبا وحنقا وربما يتكلم بكلمات نابية لا تليق في غير هذا الموضع فكيف بهذا الموضع.
وسادساً: أن يبتعد كل البعد عن الإيذاء الحسي والمعنوي بمعنى أنه يجتنب إلقاء القاذورات في الطرقات وإلقاء القمامة في الطرقات وغير ذلك الإيذاء المعنوي أن يتجنب شرب الدخان مثلا بين أناس يكرهون ذلك مع أن شرب الدخان محرم في حال الإحرام وغير حال الإحرام وإذا وقع في الإحرام أنقص الإحرام وأنقص أجر الحج والعمرة لأن الله تعالى يقول (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) والدخان محرم والإصرار عليه يؤدى إلى أن يكون كبيرة من الكبائر فالمهم أن الإنسان ينبغي في هذا الحج أن يكون على أكمل ما يكون من دين وخلق حتى يجد طعم ولذاذة هذا الحج.
***

هذا السائل يقول فضيلة الشيخ لقد أكرمني الله عز وجل وحجيت عدة مرات فهل الأفضل أن أقوم بالحج كلما استطعت أو أن أقوم بالتصدق بمصاريف ذلك الحج على الفقراء والمساكين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا حسب ما تدعو الحاجة إليه فإذا كان الناس في حاجة إلى الصدقة فالصدقة أفضل وإذا لم يكونوا في حاجة فالحج أفضل.
***
يقول ما حكم الشرع في نظركم فيمن يبيع ويشتري ويتكسب وهو يؤدي الحج والعمرة أفيدونا بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: جواب هذا السؤال بينه الله عز وجل في قوله (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) فإذا كان الإنسان قد أتى بنية الحج ولكنه حمل معه سلعة يبيعها في الموسم أو اشترى سلعة من الموسم لأهله أو ليبيعها في بلده فإن هذا لا بأس به ما دام القصد الأول هو الحج أو العمرة وهو من توسيع الله عز وجل على عباده حيث لم يعنتهم جلّ وعلا بمنعهم من الاتجار والتكسب ومثل ذلك إذا كان الإنسان صاحب سيارة وأراد أن يحج ثم حمل عليها أناساً بالأجرة فإن ذلك لا بأس به ولا حرج فيه لدخوله في عموم قوله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ).
***
هذه أيضاً رسالة عن الحج وردتنا من قاسم محمد قاسم يقول الشيخ المجيب على السادة المستمعين أرجو حل مشكلتي والتزاماتي مع أقاربي وأصدقائي فأنا أنوي الحج هذه السنة ولَمَّا أخطرتهم حمَّلوني أمانات عديدة وطلبوا مني مطالب كانت بسيطة لكنها كثرت ولا أستطيع تحقيقها كلها وأنا تحملت لهم هذه الأمانات التي منها مجموعة وصوني أطوف لكل واحد منه سبعا وهو طبعاً بعدد المطالب لكن سنأتي بكل مطلب؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا يلزمه أن يفعل ولو أوصوه بذلك ولو تعهد به لهم لأن هذا اختلف أهل العلم في كونه نافعاً لمن جعله له هل يصل إليه الثواب أو لا يصل ثم إن في أيام المواسم مخالفة للسنة لأن السنة ألا يزيد الإنسان في موسم الحج على أطوفة النسك وهي الطواف أول ما يقدم وطواف الإفاضة وطواف الوداع وهذه الأطوفة التي تعهد بها يلزم منها مخالفة السنة وعلى هذا فنقول لا حرج عليك إذا لم تفِ لهم بهذه الوصايا التي أوصوك بها.

جزاكم الله خيراً هذا السائل صالح جابر سوداني مقيم بالكويت يقول لقد أديت فريضة الحج في عام مضى مع كفيلي ولقد كان اسمي الصحيح صالح جابر وقد اشتريت عقداً للعمل بدولة الكويت باسم عبدالله الشيخ نافع وقد استخرجت جواز سفر بهذا الاسم ومن ثم أديت به فريضة الحج من ذلك العام فهل يصح حجي أم ماذا أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إن حجك صحيح لأن تغير اسمك لا يؤثر في صحة الحج لكن عليك الإثم بتزوير اسمك وعليك الآن أن تتوب إلى الله عز وجل وأن تعدل اسمك إلى الاسم الصحيح الذي كنت مسمى به من قبل حتى لا يحصل التلاعب لدى المسئولين ولئلا تسقط الحقوق التي وجبت عليك باسمك الأول لاختلاف اسمك الثاني عن الاسم الأول فتكون بذلك آكلاً للمال بالباطل مع الكذب الذي اشتريته بتغير اسمك وبهذه المناسبة أود أن أنصح كل من سمع كلامي هذا لأن الأمر ليس بالهين بالنسبة لأولئك الذين يزورون الأسماء ويستعيرون أسماء لغيرهم من أجل أن يستفيدوا من إعانات الحكومة أو من أمور أخرى أو من أجل أن يصلوا إلى أغراض لهم بأسماء غيرهم من هذه الأسماء المزورة فإن ذلك تلاعب في المعاملات وكذب وغش وخداع للمسؤولين والحكام وليعلموا أن من اتقى الله عز وجل جعل له مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب وأن من اتقى الله جعل له من أمره يسراً وأن من اتقى الله وقال قولاً سديداً أصلح الله له عمله وغفر له ذنبه كما قال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وقال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً).
***
في منى بعد الرمي حصل خلاف أسري عبارة عن خصام بيني وبين أم زوج بنتي وبقينا على ذلك الزعل لعدة أشهر أفيدونا جزاكم الله خيرا ذلك الزعل والخصام يبطل الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يبطل الحج لكن ينبغي للإنسان المحرم بحج أو عمرة أن لا يجادل لقوله تعالى (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ).
***
المستمع عبد الحفيظ إبراهيم من السودان يقول في رسالته إنني متزوج ولي أربعة أطفال وقد غبت عنهم منذ ستة عشر شهراً وأريد أن أؤدي فريضة الحج هل يجوز لي أن أؤدي فريضة الحج قبل أن أزور أهلي في بلدي أفيدوني بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز لك أن تؤدي فريضة الحج قبل أن تزور أهلك في بلدهم ولكن إن تيسر أن تزورهم وتعرف شؤونهم وما هم عليه فإنه أولى ثم تحج وإذا صعب عليك هذا أو تعسر فأدِ الحج أولاً ثم اذهب إليهم بعد ذلك.
***
جزاكم الله خيراً هذا سؤال من المستمع م. أ. خ. من مكة المكرمة يقول أنا أعمل بقوة في الحج والمواسم في مكة المكرمة ولا يُسْمَح لنا بإجازة لأداء فريضة الحج فهل يحق لي أن أغيب بدون إذنٍ أو أن أؤدي فريضة الحج مع العلم بأني لم أحج حجة الفريضة وقد سألت بعض العلماء فقالوا لي إنه لا يجوز الحج بدون إذنٍ من مرجعي فهل هذا صحيح أم لا أفيدونا ولكم جزيل الشكر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا صحيح فمن كان موظفاً ملتزماً بأداء وظيفته حسب ما يوجه إليه وقد قال الله تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فالعقد الذي جرى بينك وبين الدولة عهد يجب عليك أن توفي به على حسب ما يوجهونك به ولكني أرجو أن يكون للمسئولين في هذه الأمور نظرٌ بحيث يوزعون هؤلاء الجنود جنود المرور وجنود الأمن وجنود المطافئ وغيرهم ينظموهم بحيث يكون إذا أمكن لبعضهم فرصة أن يؤدوا الحج في هذا العام وللبعض الآخر فرصة أن يؤدوه في العام الآخر وهكذا حتى يتم للجميع أداء الفريضة وأما أن تختفي وتؤدي الفريضة وأنت مطالبٌ بالعمل ليس عندك إجازة فإن هذا محرمٌ عليك.
***
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ شاب خرج للجهاد ولم يحج فهل الأولى أن يقدم الجهاد أم الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب تقديم الحج لأن الحج ركن من أركان الإسلام بالنص والإجماع قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام) وأجمع المسلمون على أن الحج فريضة وركن من أركان الإسلام فلا يجوز للقادر عليه أن ينصرف إلى الجهاد ويدع الحج.
***
جزاكم الله خيراً شيخ محمد السائل أبو عبد الله يقول توفي أحد الأشخاص وهو أحد أقارب والدتي وليس له ولد ولا بنت وكان في حياته غير عاقل أي مختل العقل ولا يعامل معاملة العاقل علماً بأنه كان يصوم ويصلى وسؤالنا هو نحن لا ندري هل هو قد أدى فريضة الحج أم لا فماذا نفعل تجاهه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الرجل لا فريضة عليه لأنه مجنون إلا أن يكون جنونه حدث بعد أن وجب عليه الحج أما إذا كان قد جن والعياذ بالله قبل وجوب الحج عليه فإنه لا حج عليه وحينئذ لا يلزمكم أن تحجوا عنه أو أن تأخذوا من تركته لِيُحَجَّ عنه
***
شكر الله لكم فضيلة الشيخ، المستمع عاطف محمد مصري يعمل باليمن في سؤاله يقول رجل يريد أن يحج ولم يتزوج فأيهما يقدم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يقدم النكاح إذا كان يخشى المشقة في تأخيره مثل أن يكون شاباً شديد الشهوة ويخشى على نفسه المشقة فيما لو تأخر زواجه فهنا يقدم النكاح على الحج، أما إذا كان عادياً ولا يشق عليه الصبر فإنه يقدم الحج هذا إذا كان حج فريضة، أما إذا كان الحج تطوعاً فإنه يقدم النكاح بكل حال، ما دام عنده شهوة وإن كان لا يشق عليه تأجيله وذلك لأن النكاح مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة كما صرح بذلك أهل العلم.
***
أثابكم الله هذه رسالة وردتنا من المستمع من الجمهورية العراقية من البصرة يقول فيها التائب ولم يذكر اسمه يقول أرجو إذا تكرمتم أن تفتوني هل يجوز للفتى الشاب أن يحج إلى بيت الله الحرام قبل الزواج أم لا بد من زواجه ثم بعد ذلك الحج وما هي الشروط الواجبة عليه أفيدونا وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز للشاب أن يحج قبل أن يتزوج ولا حرج عليه في ذلك لكن إذا كان محتاجاً إلى الزواج ويخاف العنت والمشقة في تركه فإنه يقدمه على الحج لأن الله تبارك وتعالى اشترط في وجوب الحج أن يكون الإنسان مستطيعاً وكفاية الإنسان نفسه بالزواج من الأمور الضرورية فإذا كان الرجل أو الشاب لا يهمه إذا حج وأخر الزواج فإنه يحج ويتزوج بعدُ وأما إذا كان يشق عليه تأخير الزواج فإنه يقدم الزواج على الحج.
***
رجل يملك مبلغا من المال ولم يؤدِ فريضة الحج وعنده ابن شاب ليس لديه مال ليتزوج به لأنه ما زال يدرس وقد خاف الأب على ابنه الفتنة والانحراف ما هو الأفضل للأب أن يحج بهذا المال أم يزوج هذا الابن الشاب؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على الأب أن يحج بهذا المال لأن الحج فريضة عليه وحاجة الابن ليست تتعلق بذات الأب أما لو كان الأب نفسه يحتاج إلى نكاح ويخشى على نفسه إن لم يتزوج وليس في يده إلا هذه الدراهم فهو إما أن يحج بها وأما أن يتزوج فحينئذٍ نقول قدم الزواج لأن الزواج هنا يتعلق بنفس الرجل ولا تعجب إذا قلت إن الأب محتاج إلى الزواج وليس عنده إلا هذه الدراهم لأن هذا يقع كثيرا قد يكون الرجل كثير الشهوة لم تغنه المرأة الأولى أو تكون المرأة الأولى قد ماتت أو طلقت فيحتاج إلى زوجة أخرى.
***
يقول إني شاب ولي من العمر اثنان وعشرون سنة هل يجوز أن أحج بيت الله قبل الزواج وما عندي رغبة في الزواج ومن الناس من يقول أن هذا لا يجوز ولا يكون حجاً مقبولاً ردوا علي الجواب وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس من شرط صحة الحج أن يتزوج المرء بل يصح الحج وإن لم يتزوج ولكن إذا كان الإنسان محتاجاً إلى الزواج ويلحقه بتركه المشقة وعنده دراهم إن حج بها لم يتمكن من الزواج وإن تزوج لم يتمكن من الحج فإنه في هذه الحال يقدم الزواج لأن الزواج في حقه حينئذ صار من ضروريات حياته والحج إنما يجب على من استطاع إليه سبيلاً وما سمعه من العامة من أن الإنسان لا يحج حتى يتزوج فليس بصحيح.
***
أحسن الله إليكم يقول هذا السائل بأنه عازمٌ على الحج هذا العام إن شاء الله ولكن عليه دينٌ لشخصٍ آخر وقد بحث عنه ولم يجده يقول ماذا أفعل وهل لا بد من موافقة صاحب الدين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً نقول من كان عليه دين فلا حج عليه أصلاً حتى وإن لم يؤدِ الفريضة لأنه لم يفرض عليه الحج حتى يوفي الدين فليشتغل بوفاء دينه وإن أخر الحج سنةً بعد أخرى حتى يقضي الدين وإني لأعجب من حرص الناس على أداء الحج مع الديون التي عليهم وهم يعلمون أو لا يعلمون أن حق الله عز وجل مبنيٌ على المسامحة وأن من عليه دينٌ فلا حج عليه ومع ذلك يماطلون أصحاب الديون أو لا يماطلون ولكن يحجون هذا غلطٌ منهم بلا شك نقول اقضِ دينك ثم حج وإذا كنت لا تعرف صاحب الدين فابحث عنه بقدر المستطاع فإذا لم تجده وكان عندك مالٌ واسع تعلم أنك تحج ويبقى لديك فضلٌ كبير زائد على الدين فحينئذٍ لا بأس أن تحج.
***
بارك الله فيكم هذا المستمع عبد الله سعيد من اليمن يقول حججت وعلي دين فقمت بسداده بعد الحج فهل هذا الحج صحيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الحج صحيح ومقبولٌ إن شاء الله وتبرأ به الذمة لكن من نعمة الله وتيسيره أن الإنسان إذا كان عليه دين فإنه يوفي الدين قبل أن يحج لأن الدين سابق ولأن الحج إنما يجب على المستطيع ومن عليه دين وليس عنده مالٌ إلا بقدر الدين الذي عليه فإنه لا يستطيع الحج لكن لو خالف وحج حجه صحيح.
***
أيضاً يقول من حج وعليه دين فهل حجه مقبول ومن حج لزوجته بعد موتها فهل حجه مقبول لها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم من حج وعليه دين فحجه مقبول لأنه ليس من شروط صحة الحج خلو الذمة من الدين ولكننا نقول من عليه دين حال فليوفه قبل أن يحج لسبق وجوب قضاء الدين على وجوب الحج وإن كان مؤجلاً وله وفاء واستأذن من صاحبه فله أن يحج أيضاً ولا حرج عليه لأنه قادر على وفائه في المستقبل أما حجه عن زوجته فهو أيضاً مقبول إذا حج عنها ويقول عند إحرامه لبيك عن زوجتي فلانة وإذا لم يعينها باسمها كفته النية.
***
هذا المستمع يقول من حج وعليه دين فما حكم حجه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حج من عليه الدين صحيح ولكن لا يجب الحج على من عليه دين حتى يؤدي دينه لأنه الله تعالى يقول (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) والمدين الذي ليس عنده مال لا يستطيع الوصول إلى البيت فيبدأ أولاًَ بقضاء الدين ثم يحج و العجب أن بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية يذهبون إلى العمرة أو إلى الحج تطوعاً من غير فريضة وهم مدينون في ذمتهم ديون وإذا سألتهم لماذا تأتون بالعمرة أو الحج وأنتم مدينون؟ قالوا لأن الدّين كثير وهذا جواب غير سديد لأن القليل مع القليل يكون كثيراً وإذا قدر أنك تَعْتَمِر بخمسمائة ريال فهذه الخمسمائة أبقيها عندك لتوفي بها شيئاًَ من دينك ومعلوم أن من أوفى من المليون ريالاً واحداً فإنه يسقط عنه ويكون عليه مليوناً إلا ريالاً وهذه فائدة يستفيد بها فنصيحتي لإخواني الذين عليهم ديون أن لا يأتوا لتطوع من حج أو عمرة لأن قضاء الواجب أهم من فعل مستحب بل حتى من لم يؤدِ الفريضة من حج وعمرة لا يجب أن يؤدي الفريضة وعليه دين لأن الدين سابق ولا يجب الحج أو العمرة إلا بعد قضاء الديون.
***
أحسن الله إليكم هذا السائل من السودان يقول سوداني مقيم بالرياض ينوي أن يحج إن شاء الله في السنة القادمة حج الفريضة و لكن عليه ديون كثيرة ولكن يقول يغلب علي الظن بأنه إذا استأذن من أصحابها سوف يأذنون له هو الآن يستطيع أن يوفر تكاليف الحج من مصاريف سفر ومأكل و مشرب وغير ذلك السؤال هل يأثم إذا لم يستأذن من أصحاب الديون؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المسألة ليست مسألة استئذان أو عدم استئذان المسألة أن الإنسان إذا كان عليه ديون فإنه لا يجب عليه الحج أصلا ولا حرج عليه أن يدعه ولا ينبغي أن يحج ويبقي الديون عليه حتى لو أذن أهل الديون وقالوا حُجّ وأنت منا في حل فإننا نقول لا تحج حتى تقضي الدين احمد ربك أن الله عز وجل لم يوجب عليك الحج إلا بالاستطاعة التامة والمدين ليس عنده استطاعة في الواقع لأن ذمته مشغولة فلا يحج حتى يوفي الدين سواء أذنوا له أم لا وهو إذا لاقى ربه وهو لم يحج لأن عليه ديونا فإنه لا يأثم بذلك كما أن الفقير لا تجب عليه الزكاة ولا يأثم إذا لاقى ربه وهو لم يزكِ كذلك من لم يستطع الحج إذا لاقى ربه وهو لم يستطع فإنه يلقى ربه غير معتوباً عليه ولا ملوم.
***
هل يصح حج من عليه دين وخصوصاً إذا كان الدين بمبلغ كبير أي لا يستطيع القضاء إلا بعد فترة زمنية طويلة ولا يستطيع تحديدها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حج من عليه دين صحيح ولكنه آثم إذا حج وعليه دين لأن الدين يجب قضاؤه والحج ليس واجباً عليه فيما إذا كان عليه دين لأن الله تعالى اشترط في الحج الاستطاعة فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ومن عليه دين فإنه لا يستطيع أن يحج إذاكان حجه يحتاج إلى مال أما إذا كان حجه لا يحتاج إلى مال كرجل في مكة يستطيع أن يحج على قدميه بدون أن يخسر شيئاً من المال ففي هذا الحال يجب عليه الحج وليس آثماً فيه لأن ذلك لا يضر غرمائه شيئاً فيفرق بين رجل يحج بلا نفقة لكونه من أهل مكة ويستطيع الحج على قدميه وشخص آخر لا يستطيع أن يحج إلا بمال فالأول له أن يحج ولو كان عليه دين بل يجب عليه الحج إذا لم يكن أدى الفريضة وأما الثاني فلا يلزمه الحج ولا يحل له أن يحج وعليه دين لأن الدين قضاء واجب والحج في حال ثبوت الدين على الإنسان ليس بواجب.
***
السؤال: هل يجوز لمن عليه دين أن يؤدي فريضة الحج إن لم يكن قد أداها من قبل أو أداها ولكنه يريد أن يتطوع؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان على الإنسان دين يستغرق ما عنده من المال فإنه لا يجب عليه الحج لأن الله تعالى إنما أوجب الحج على المستطيع قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ومن عليه دين يستغرق ما عنده لم يكن مستطيعاً للحج وعلى هذا فيوفي الدين ثم إذا تيسر له بعد ذلك فليحج وأما إذا كان الدين أقل مما عنده بحيث يتوفر لديه ما يحج به بعد أداء الدين فإنه يقضي دينه ثم يحج حينئذٍ سواءً كان فرضاً أم تطوعاً لكن الفريضة يجب عليه أن يبادر بها وغير الفريضة هو بالخيار إن شاء تطوع وإن شاء فلا أثم عليه.
***
سائل يقول لزوجتي عندي مبلغ من المال وأريد أن أودي الحج منه فهل يجوز لي ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أذنت لك زوجتك بأن تحج من مالها الذي عندك لها فلا حرج عليك في هذا ولكن إن خفت أن يكون عليك في ذلك غضاضة وأن تَمُنّ عليك به في المستقبل وأن ترى لنفسها مرتبة فوقك من أجل هذا فلا تفعل فإنه لا ينبغي للإنسان أن يذل نفسه لأحد إلا لله عز وجل.
***
جزاكم الله خيرا السائلة التي رمزت لاسمها بـ هـ ج لها مجموعة من الأسئلة تقول في السؤال الأول هل مال الصدقة أو الزكاة يجوز الحج منه علماً بأنه أتى تلك المرأة في ذلك الوقت شدة وحاجة إلى المال والحمد لله فرجها الله فهل تحج منه أم لا جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز الحج بمال الزكاة وبمال الصدقة ويجوز لآخذ الزكاة أن يهديها إلى من لا تحل له الزكاة بشرط أن يكون حين أخذه للزكاة من أهل الزكاة أي مستحقاً لها وما جاء في السؤال فهو كذلك أي أن المرأة أخذت هذه الأموال من الزكاة والصدقات وهي أهل لذلك ثم إن الله تعالى أغناها وأرادت أن تحج بما عندها من أموال الزكاة والصدقات فنقول لا بأس بهذا لأن الفقير إذا أخذ الصدقة وهو من أهلها أو الزكاة وهو من أهلها فإنه يملكها ملكاً تاماً يتصرف فيها بما يشاء.
***
بارك الله فيكم السائلة تقول زوجي يعمل في شركة في المملكة وصاحب هذه الشركة يقيم مخيمات للحج كل عام وأنا وزوجي نحج على نفقة صاحب العمل رغم أن حالتنا المادية ميسرة هل يجوز هذا الحج أم لابد أن يكون الحج على نفقتنا أرجو الإفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أذن صاحب الشركة بذلك فإنه جائز.
***
شكر الله لكم فضيلة الشيخ هذا المستمع ممدوح الشؤملي مسلم مقيم بالدمام يقول بأنه نوى الحج ولكن بعض زملاء العمل قالوا لا يصح حجك لأنك حججت بنية العمل مع العلم بأنني أنوي الحج من زمان أرجو بهذا إفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس للعامل الذي يصطحبه صاحب العمل إلى مكة أن ينوي بذلك الحج أو العمرة وذلك لأن الله تعالى قال في الحج (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ومن المعلوم أنه لا يلزم من اتباع صاحبه أن يعتمر أو يحج فهو بإرادته فإذا أرد الحج مع القيام بالعمل الواجب لصاحبه فإن له أجراً في ذلك بلا شك والحج يجزئ عنه ويسقط به الواجب وكذلك العمرة وأما قول أصحابه أنه ليس لك حج هذا قول صادر عن جهل وبهذه المناسبة أقول إنه ينبغي للإنسان أن لا يعتمد على قول العامة وأن يسأل أهل العلم عن العلم لأن هذا هو الذي أمر الله به فقال تعالى (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) كما أني أنصح من ليس عنده علم أن لا يتكلم بما لا يعلم وأقول إن القول بما لا يعلم محرم قال الله تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) وقوله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)
***
يقول هذا السائل إن والدتي كبيرة في السن ولا تستطيع المشي إلا بصعوبة بالغة بسبب مرض في مفاصلها فهل عليها الحج أم نحج عنها مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حجوا عنها ما دامت لا تستطيع وهذا مرض لا يرجى زواله فيحج عنها لحديث ابن عباس رضي الله عنهما (أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال (نعم حجي عنه).
***
تقول السائلة فاطمة من السودان هل يجوز لي أن أحج بمال أخي علما بأنني لا أملك مالاً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للإنسان أن يحج بما يتبرع به له أبوه أو أخوه أو ابنه أو أحد من إخوانه الذين لا يلحقه منهم منة فإن كان يخشى أن يلحقه منهم مِنّة فإن الأولى أن لا يحج بشيء من ماله لأن المنان يقطع عنق صاحبه بمنته عليه كلما حصلت مناسبة قال أنا الذي حججت بك أنا الذي فعلت أنا الذي فعلت فإذا أمن الإنسان من المنة عليه في المستقبل فلا حرج عليه أن يقبل من أحد من أقارب أو أصحابه أن يتبرع له بمال يحج به.
***
سائلة تقول هل يجوز لامرأة أن تسافر للحج من مال أخيها وزوجها موافق على سفرها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب نعم يجوز لها أن تحج بمال أخيها إذا وافق زوجها على السفر إلى الحج.
ولا بد من وجود محرم معها.
***
بارك الله فيكم هذا السائل صالح م. يقول في هذا السؤال عندما حججت أعطاني أخي نفقة الحج وكانت ثلاثمائة ريال عماني فهل حجي صحيح علماً بأن ذلك برضاهم أرجو منكم الإفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج على الإنسان أن يقبل هدية من أخيه يستعين بها على أداء الحج إذا علم أن ذلك عن طيب نفس منه فإن الهدية توجب المودة والمحبة وتبعد السخينة وفيها شرح صدر للمهدي وقضاء حاجة ومعونة للمهدى إليه وهذا لا ينقص أجرك شيئا لأن هذا كسب طيب والكسب الطيب لا يؤثر في العبادات.
***
جزاكم الله خيراً هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ رجل سأل رجلاً غنياً ميسور الحال أن يعطيه مالاً ليتبلغ به إلى الحج إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج فأعطاه مالاً فهل حج الرجل صحيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حجه صحيح لكن سؤاله الناس من أجل الحج غلط ولا يحل له أن يسأل الناس مالاً يحج به ولو كانت الفريضة لأن هذا سؤال بلا حاجة إذ أن العاجز ليس عليه فريضة وسؤال الناس بلا حاجة أخشى أن يقع السائل للناس بلا حاجة في هذا الوعيد الشديد (أن الرجل لا يزال يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم) والعياذ بالله لأنه قشر وجهه بسؤال الناس فكانت العقوبة أن قشر وجهه من أجل هذا السؤال وليتق الله المؤمن في نفسه فلا يسأل إلا عند الضرورة التي لو لم يسأل لهلك أو تضرر.
***
بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من أحد الاخوة المستمعين من جمهورية مصر العربية خالد الخطيب يقول فضيلة الشيخ أنا موجود في المملكة وإخواني خارج المملكة لا يستطيعون أن يعتمروا أو يحجوا وذلك للغلاء هل يصح أن نعتمر عنهم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان فريضة فإنه لا يصح أن تعتمر عنهم لأنهم حينئذ يستطيعون بأنفسهم أن يأتوا إلى العمرة أو الحج لكن نقصهم بذلك المال فلم تجب عليهم العمرة ولا الحج لقوله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أما إذا كانوا قد حجوا من قبل واعتمروا وتريد أن تأتي لهم بعمرة نافلة فإن هذا لا بأس به عند كثير من أهل العلم ويرى آخرون أن ذلك لا يصح ويعللون هذا بأن الاستنابة في الحج إنما جاءت في الفريضة ولم تأت في النافلة وجاءت في الفريضة للضرورة لأنها واجبة ولم يتمكن من فرضت عليه من أدائها فجازت الاستنابة فيها للضرورة وأما التطوع فليس هناك ضرورة تدعو إلى أن يستنيب الإنسان غيره فيه وعلى هذا فالذي أرى أن لا تعتمر عنهم أيضاً حتى وإن كان نافلة فإن تيسر لهم الوصول إلى البيت فهذا من فضل الله عز وجل وإن لم يتيسر فالله سبحانه وتعالى حكيم بما يفعل.
***
سائل يقول ما حكم الشرع في نظركم في رجل أقعده المرض عن أداء فريضة الحج وليس له أولاد وأيضاً حالته المادية صعبة جداً ما حكم هذا بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحج لا يجب إلا على من استطاع إليه سبيلاً كما قال الله سبحانه وتعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فإذا كنت لا تستطيع السبيل إلى الحج لقلة المال فإنه لا حج عليك ولو مت في هذه الحال فإنه لا إثم عليك لأن الواجب يسقط بالعجز.
***
بارك الله فيكم هذا المستمع رضا عمر مصري مقيم بالمملكة يقول حج العام الماضي ولله الحمد ويريد هذا العام أن يحج عن والدته مع العلم أنها على قيد الحياة ولكن لا تستطيع أن تحج هي لكبر سنها ولأسباب أخرى مرضية هل يجوز أن أحج عنها أفيدونا أفادكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز أن يحج عنها إذا كان قد حج عن نفسه وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال (نعم حجي عنه) وسمع صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول لبيك عن شبرمة فقال ما شبرمة فقال أخ لي أو قريب لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أحججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) فهذا يدل على جواز الحج عن الغير إذا كان لا يستطيع الوصول إلى مكة ولكن بشرط أن يكون الحاج قد أدى الفريضة عن نفسه.
***
بارك الله فيكم هذا مستمع سوداني اسمه إبراهيم مقيم في السعودية يقول والدي في السودان كبير السن لكنه يستطيع الحركة قريباً مثل يذهب إلى المسجد ويذهب إلى البيوت القريبة لكنه لا يستطيع العمل لكبر سنه وبه مرض يلازمه سنين طويلة إذا استطاع المجيء إلى الحج يمكن أن يؤدي الطواف والسعي ولكن يا فضيلة الشيخ ليس له مال وأنا من هنا لا أستطيع أن أرسل له المبلغ الذي يأتي به وهو يكلف ما يقارب من ثمانية عشر ألف جنية سوداني فهل يجوز لي أن أحج عنه أفتوني بذلك مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إن والدك إذا كان على الحال التي وصفت يعني ليس عنده مال فإنه لا يلزمه الحج ولو مات، مات غير عاصٍ لله ولو مات، مات وليس في دينه نقص يلام عليه لأن الله تعالى اشترط لوجوب الحج الاستطاعة فقال تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ومن ليس عنده مال فإنه لا يستطيع الحج وإذا لم يستطع الحج فلا حج عليه فاطمئن على والدك ولا تخف عليه ولا تقلق لأن الحج ليس واجباً في حقه.
***
بارك الله فيكم من الجزائر المستمع للبرنامج يقول فضيلة الشيخ توفي والدي ووالدتي وأنا صغير ولا أعرف هل أديا فريضة الحج أم لا مع أنهما كانا فقيرين فماذا أعمل بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أفيدك بأن والديك ليس عليهما حج في هذه الحال ليس في دينهما نقص يلامان عليه وذلك أن الحج لا يجب إلا على المستطيع لقول الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فلا تقلق ولا تهتم ولا تغتم من أجل عدم حجهما ما داما فقيرين لكن إن أردت أن تحج وتعتمر عنهما فتبدأ أولا بالأم ثم ثانيا بالأب بعد أن تكون أديت الفريضة عن نفسك فهذا حسن.
***
من جيزان السائلة أم أسامة تقول ما حكم النيابة في الحج حيث اشترط عليّ هذا النائب مبلغاً كبيراً من المال هل أعطيه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: النيابة في الحج إنما تكون لشخص لم يؤد الفريضة وهو عاجز ببدنه أن يصل إلى مكة عجزاً لا يرجى زواله أما من كان صحيحاً فلا يستنيب غيره لا في فريضة ولا في نافلة وكذلك من كان مريضا يرجو أن يشفيه الله من مرضه فإنه لا ينيب غيره بل ينتظر حتى يشفيه الله من مرضه فيؤدي الفريضة هو بنفسه.
***
نعم هذه رسالة من المستمعة لانا عبد الله من حائل سؤالها تقول هل يجوز للبنت أن تحج عن أبيها المتوفى بعد أن حجت لنفسها وماذا يشترط لذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للبنت أن تحج عن أبيها المتوفى وكذلك الابن يحج عن أبيه وكذلك الأخ يحج عن أخيه ولا حرج في ذلك إذا كان هذا الحاج قد أدى فريضة الحج عن نفسه وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أمها نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحج عن أمها).
يافضيلة الشيخ: هل يجوز لها أن تحج حتى لو كان لها أخوة ذكور بالغون؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم ولو كان لها اخوة ذكور بالغون.
يافضيلة الشيخ: أليست هذه الوظيفة للرجال؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا تلزم، يقوم بها الرجال والنساء ولهذا (سألت امرأة من خثعم النبي صلى الله عليه وسلم قالت إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم فأذن لها أن تحج عن رجل وهي امرأة .
يافضيلة الشيخ: ولكن هل يشترط لها المحرم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أي نعم لابد من المحرم في كل سفر سواء سفر الحج أو غيره وسواء سافرت المرأة لحجها عن نفسها أو لحجها عن غيرها.
***
عبد الرحمن مقيم في الخبر يقول لقد أنعم الله علي وأديت فريضة الحج واعتمرت وأريد أن أودي عمرة عن والدتي مع العلم بأنها على قيد الحياة ولكنها كبيرة في السن ولا تستطيع القيام بذلك ولي أخ يحتاج إلى هذا المبلغ الذي سوف أنفقه في العمرة فهل أؤدي العمرة أو أعطي أخي هذا المبلغ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل أن تعطي أخاك هذا المبلغ لأن ذلك من صلة الرحم الواجبة وأما العمرة عن أمك فإن كانت عاجزة لا تستطيع فتؤدي العمرة عنها في وقت آخر إن شاء الله.
***

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 12-04-2019, 04:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

إدارة الملتقى الفقهي



***
صالح سليمان الحيصي من النعيرية مركز الشرطة بعث لنا بهذه البرقية يقول إنني قد أجّرت إنسان لكي يحج عن والدتي التي قد توفيت منذ أمد بعيد لكن اختصار برقيته يقول إنني قد أجرت لها وإنني قد سمعت أن الإنسان لا يجوز له أن يُؤجِر أو لا يجوز أن يأخذ الإنسان من أجل الحج عن الآخر فما حكم الحج عن والدتي وهذه الحالة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نقول ينبغي لك إذا أردت الحج عن والدتك أن تحج بنفسك أو تتفق مع شخص بدون عقد الإجارة على أن يحج لك وهذا الحاج عنك أو عن أمك إذا كان نيته بحجه هي قضاء حاجتك وحل مشكلتك وكان يريد مع ذلك أيضاً أن يتزود من الأعمال الصالحة في مشاعر الحج فإن هذه نية طيبة ولا حرج عليه فيها أما إذا كان حج عنك أو عن والدتك من أجل الدراهم فقط فإن هذا حرام عليه ولا يجوز لأنه لا يجوز للإنسان أن يُريد بعمل الآخرة شيئاً من أمور الدنيا فهنا الكلام في مقامين:
أولاً: بالنسبة لك بالنسبة لمن أعطى غيره أن يحج عنه أو عن ميت من أمواته.
والثاني بالنسبة لهذا الحاج عن غيره فأما الأول فنقول إذا أعطيت غيرك شيئاً يحج به عن ميتك فإنه لا حرج عليك في هذا وأما إذا أعطيته يحج عنك فهذا إن كان فريضة فلا يجوز لك أن تقيم من يحج عنك إلا إذا كنت عاجزاً عنها عجزاً لا يرجى زواله وإن كانت نافلة فقد اختلف العلماء في جوازها والذي يظهر لي أنه لا يجوز للإنسان أن ينيب غيره يحج عنه نافلة لأن الأصل في العبادات أن يوقعها الإنسان بنفسه حتى يحصل له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى وإنما أجزنا ذلك في الفريضة لورود الحديث به وإلا لكان الأصل المنع أيضاً وأما الثاني أي بالنسبة للحاج عن غيره فإن أراد بذلك الدنيا وما يأخذ عليه من أجر فهو حرام عليه وإن أراد بذلك قضاء حاجة أخيه وما يحصل له من الانتفاع بالدعاء في تلك المشاعر فإنه لا حرج عليه في ذلك.
***
المستمع يقول في رسالته امرأة أرادت أن توكل إنساناً ليحج لها لعلمه ولثقتها فيه بأن يؤدي المناسك كاملة ولقلة معرفتها بمناسك الحج ثم أنها تخاف على نفسها من ظروف العادة وغيرها ولكي تقوم بتربية أولادها ومراعاتهم في البيت هل يجوز ذلك شرعاً في نظركم يا فضيلة الشيخ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكون ذلك في فريضة.
والحال الثانية: أن يكون ذلك في نافلة فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يؤكل غيره ليحج عنه إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى زواله أو لكبر ونحو ذلك فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدي الحج بنفسه وإن لم يكن لديه ما نع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه فإنه لا يحل له أن يوكّل غيره في أداء النسك عنه لأنه هو المطالب به شخصياً قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فالعبادات لابد أن يفعلها الإنسان بنفسه ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى ومن المعلوم أن من وكَّل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات وأما إذا كان الموكِّل قد أدى الفريضة وأراد أن يؤكل عنه من يحج أو يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم فمنهم من أجازه ومنهم من منعه والأقرب عندي المنع وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه أو يعتمر في نافلة الحج لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه وكما أنه لا يوكل الإنسان أحداً يصوم عنه مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عنه وليه فكذلك في الحج، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير وإذا كان عبادة بدنية يقوم بها الإنسان ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه إلا فيما وردت به السنة ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حتى نجوزه وهذه إحدى الروايتين عن أحمد أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة سواء كان قادراً أم غير قادر ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج على وذلك لأنه يوكل من يحج عنه.
***
هذه رسالة وردتنا من الحاج عمر محمد يقول خرجت حاجاً من بلدي وأرسل معي أخ قيمة حجتين عن شخصين وأعطيت المبلغ لشخصين من أهل المدينة وأنا لا أعرف الأشخاص معرفة جيدة وقلت لصاحب المال ما أعرف أحداً فقال أعطي أي شخص على ذمتي وذمتك بريئة أرجو التوضيح وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إن تصرف الوكيل بحسب ما أذن له موكله فيه إذا لم يكن مما يخالف الشرع نافذ ولا حرج عليه ولا ضمان عليه ولا تبعة إذا لم يتعدَ ما وكل له فيه فأنت بالنسبة لهاتين الحجتين ليس عليك تبعة ولكن قد تكون التبعة على هذا الذي قال لك مثل هذا الكلام المطلق إذا كانت الحجتان وصية لميت أو لحي ولهذا ينبغي للإنسان إذا كان يريد أن يعطي من يحج عنه أن يتحرى في أمانة الآخذ ودينه فإن بعض الناس قد لا يكون عنده تقوى لله عز وجل ولا رحمة لخلقه فيأخذ هذه الدراهم ليحج بها ولكنه لا يحج بها ويصرفها فيما يريد من متاع الدنيا فيكون بذلك خائناً لأمانته وواقعاً في الإثم.
***
بارك الله فيكم مستمع من الخبر م. ح. م. المملكة العربية يقول كلفت من يحج عن والدتي المتوفاة وسمعت أن الشخص الذي أعطيته مبلغاً من المال قد أخذ مبالغ أخرى ليحج عن أناسٍ آخرين ما حكم ذلك فضيلة الشيخ وهل تعد هذه حجة كاملة أم عليّ أن أحج بدلاً عنها أفتونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الذي ينبغي للإنسان أن يكون حازماً في تصرفه وأن لا يكل الأمر إلا إلى شخصٍ يطمئن إليه في دينه بأن يكون أميناً عالماً بما يحتاج إليه في مثل ذلك العمل الذي أوكل إليه فإذا أردت أن تعطي شخصاً ليحج عن أبيك المتوفى أو عن أمك فعليك أن تختار من الناس من تثق به في علمه ودينه وذلك لأن كثيراً من الناس عنده جهلٌ عظيم في أحكام الحج فلا يؤدون الحج على ما ينبغي وإن كانوا هم في أنفسهم أمناء ولكن يظنون أن هذا هو الواجب عليهم وهم مخطئون كثيراً ومثل هؤلاء لا ينبغي أن يعطوا إنابةً في الحج لقصور علمهم ومن الناس من يكون عنده علم لكن ليس عنده أمانة فتجده لا يهتم بما يقوله ويفعله في مناسك الحج لضعف أمانته ودينه ومثل هذا أيضاً لا ينبغي أن يعطى أو أن يوكل إليه أداء الحج فعلى من أراد أن ينيب شخصاً في الحج عنه أن يختار من أفضل من يجده علماً وأمانة حتى يؤدي ما طلب منه على الوجه الأكمل وهذا الرجل الذي ذكره السائل أن الذي أعطاه ليحج عن والدته وسمع فيما بعد أنه أخذ حجاتٍ أخرى لغيره ينظر فلعل هذا الرجل أخذ هذه الحجات من غيره وأقام أناساً يؤدونها وقام هو بأداء الحج عن الذي استنابه ولكن هل يجوز للإنسان أن يفعل هذا الفعل أي هل يجوز للإنسان أن يتوكل عن أشخاصٍ متعددين في الحج أو في العمرة ثم لا يباشر هو بنفسه ذلك بل يكله إلى أناسٍ آخرين نقول إن ذلك لا يجوز ولا يحل وهو من أكل المال بالباطل فإن كثيراً من الناس يتاجرون بهذا الأمر تجدهم يأخذون عدةً من الحجج والعمر على أنهم هم الذين سيقومون بها ولكنه يكلها إلى فلانٍ وفلانٍ من الناس بأقل مما أخذ هو فيكسب أموالاً بالباطل ويعطي أشخاصاً قد لا يرضونهم من أعطوه هذه الحجج أو العمر فعلى المرء أن يتقي الله عز وجل في إخوانه وفي نفسه لأنه إذا أخذ مثل هذا المال فقد أخذه بغير حق ولأنه إذا أؤتمن من قبل إخوانه على أنه هو الذي يؤدي الحج فإنه لا يجوز له أن يكل
ذلك إلى غيره لأن هذا الغير قد لا يرضاه من أعطاه هذه الحجج أو هذه العمر.
***
بارك الله فيكم هذا السائل من القصيم رمز لاسمه بالأحرف م. ج. هـ. يقول إذا أخذ شخص مالاً ليحج عن آخر وقدره سبعة آلاف ريال ثم استهلك في حجه ثلاثة آلاف ريال فقط وبقي الباقي معه فهل يجب عليه أن يرده على صاحبه أم ينتفع به وحلال عليه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أخذ دارهم ليحج بها وزادت هذه الدراهم على نفقته فإنه لا يلزمه أن يدفعها إلى من أعطاه هذه الدراهم إلا إذا كان الذي أعطاه قال له حج منها ولم يقل حج بها فإذا قال حج منها فإنه إذا زاد شيء عن النفقة يلزمه أن يرده إلى صاحبه فإن شاء عفا عنه وإن شاء أخذه وأما إذا قال حج بها فإنه لا يلزمه أن يرد شيئا إذا بقي اللهم إلا أن يكون الذي أعطاه رجل لا يدري عن الأمور ويظن أن الحج يتكلف مصاريف كثيرة فأعطاه بناءاً على غرته وعدم معرفته فحينئذ يجب عليه أن يبين له وأن يقول له إني حججت بكذا وكذا وأن الذي أعطيتني أكثر مما أستحق وحينئذٍ إذا رخص له فيه وسمح له فلا حرج.
يافضيلة الشيخ: لكن إذا لم يحدد أو لم يخصص في القول لم يقل يحج منها ولم يقل حج بها وترك الأمر مبهماً فهل يلزم هذا بإرجاع الزائد إلي صاحبه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أعطاه الدراهم ماذا يقول له؟
يافضيلة الشيخ: يقول هذا مبلغ ربما مقابل الحج أو تكلفة الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا قال تكلفة الحج فمعناه أنه أن ما زاد عن التكلفة يرد عليه.
يافضيلة الشيخ: وما نقص يطالب به؟
فأجاب رحمه الله تعالى: وما نقص يطالب به.
***
بارك الله فيكم من أسئلة المستمعة نورة من القصيم تقول ما حكم من حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه ولمن يكون حجه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حج الإنسان عن غيره قبل أن يحج عن نفسه فإن كان قد وجبت عليه الفريضة بإن كان مستطيعاً ولكنه لم يحج ثم حج عن غيره فإن ذلك غير صحيح قال أهل العلم وتكون الحجة لنفسه لا لمن نواها له وإذا كان قد أخذ شيئاً ممن نوى الحج عنه فإنه يرده إليه أما إذا كان لم يحج عن نفسه لعدم استطاعته وحج عن غيره فإن هذا لا بأس به وذلك لأنه إذا لم يكن مستطيعاً فالحج في حقه غير فريضة فيكون قد أدى عن غيره حجاً في محله فيجزئ عنه.
***
أحسن الله إليكم هذه السائلة أم عبد العزيز من الرياض تقول من باب المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد الصحابة هل يجوز للإنسان أن يحج عنهم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الصحابة فلا بأس أن يحج عنهم الإنسان كما يحج عن أي مسلم لكن مع ذلك نرى أن الدعاء للأموات أفضل بكثير من الأعمال الصالحة حتى الأب والأم إذا دعوت الله لهما فهو أفضل من أن تحج عنهما إذا لم يكن فرضاً وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما تحدث عن عمل الإنسان بعد موته قال (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) يدعو له ،لم يقل ولد صالح يحج عنه ويتصدق عنه ويصوم عنه ويزكي قال ولد صالح يدعو له وهل تظن أيها المؤمن أحداً أنصح للأحياء والأموات من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا والله لا نظن بل نظن أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنصح الخلق للأحياء والأموات ومع ذلك قال (أو ولد صالح يدعو له) هذه واحدة ثانيا بالنسبة للصحابة قلنا إنهم كسائر الناس ولكن الدعاء أفضل لهم ولغيرهم أما النبي صلى الله عليه وسلم فإهداء القرب له من السفه من حيث العقل ومن البدعة من حيث الدين أما كونه بدعة في الدين فلأن الصحابة رضي الله عنهم الذين شاهدوا الرسول ولازموه وأحبوه أكثر منا ما كانوا يفعلون هذا هل أبو بكر حج عن الرسول وكذا عمر، وعثمان، وعلي، والعباس عمه كلهم لم يفعلوا هذا ثم نأتي نحن في آخر الزمان ونبرّ الرسول بالحج عنه أو بالصدقة عنه هذا غلط ، غلط من الناحية الشرعية ومن الناحية العقلية هو سفه لأن كل عمل صالح يقوم به العبد فللنبي صلى الله عليه وسلم مثله لأن من دل على خير فله مثل فاعله وإذا أهديت ثواب العمل الصالح للرسول هذا يعني أنك حرمت نفسك فقط لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم منتفع بعملك له مثل أجرك سواء أهديته أم لم تهده وأظن أن هذه البدعة لم تحدث إلا في القرن الرابع ومع ذلك أنكرها العلماء وقالوا لا وجه لها وإذا كنت صادقاً في محبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأرجو أن تكون صادقاً فعليك باتباعه اتباع سنته وهديه كن وأنت تتوضأ كأنما تشعر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ أمامك وكذلك في الصلاة وغيرها حتى تحقق المتابعة ولست أقول أمامك أن الرسول عندك في البيت هذا لا يقوله أحد لكن المعنى من شدة اتباعك له كأنه أمامك يتوضأ ولهذا أنبه الآن على نقطة مهمة عندما نتوضأ للصلاة أكثر الأحيان وأكثر الناس لا يشعرون ألا أنهم يؤدون شرطاً من شروط الصلاة لكن ينبغي أن نشعر أولا بأننا نمتثل أمر الله عز وجل حيث قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) ...الآية، هذه واحدة.
ثانيا: أن نشعر باتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأننا توضأنا نحو وضوئه.
ثالثا: أن نحتسب الأجر لأن هذا الوضوء يكفر الله سبحانه وتعالى كل خطيئة حصلت من هذه الأعضاء الوجه إذا غسله آخر قطره يكفر بها عن الإنسان وكذلك بقية الأعضاء هذه ثلاثة أمور غالبا لا نشعر بها إنما نتوضأكأننا أدينا شرطاً من شروط الصلاة فأسأل الله أن يعينني وإخواني المسلمين على استحضارها حتى تكون العبادة طاعة لله وإتباعا لرسول الله واحتسابا لثواب الله.
***
أحسن الله إليكم يا شيخ ما حكم سفر المرأة مع غير محرم لها وهل يجوز أن تسافر امرأة مع ابن خالتها ومعه أخته مسافة ثلاثمائة كيلو متر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز أن تسافر المرأة إلا مع محرم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك فقال (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فسأله رجل وقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (انطلق فحج مع امرأتك).
***
هذه سائلة رمزت لاسمها أ. أ تقول فضيلة الشيخ إذا كانت المرأة لا يوجد لها محرم ولم تؤدِ فريضة الحج ويوجد نساء يردن الحج فهل تحج معهن وهنّ ملتزمات وموثوقات جداً جداً أم يسقط عنها الحج في هذه الحالة ارجوا من فضيلة الشيخ إجابة مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحج لا يجب على هذه المرأة التي لم تجد محرماً لقول الله تبارك وتعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وهذه المرأة وإن كانت مستطيعة استطاعة حسية فإنها غير مستطيعة استطاعة شرعية وذلك أنه لا يحل للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم لقول ابن عباس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فقام رجل قال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتب في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (انطلق فحج مع امرأتك) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع الغزو وأن ينطلق فيحج مع امرأته ولم يستفصل النبي صلى الله عليه والله وسلم في هذه الحال هل المرأة معها نساء ملتزمات وهل هي آمنة أو غير آمنة وهل هي شابة أو عجوز فلما لم يستفصل بل أمر هذا الرجل أن يدع الغزو ويذهب ليحج مع امرأته دل ذلك على العموم وأنه لا يحل لامرأة أن تسافر للحج ولا لغيره أيضا إلا مع ذي محرم حتى وإن كانت آمنة على نفسها وإن كانت مع نساء وفي هذه الحال غير مستطيعة شرعاً فلو توفيت ولاقت الله عز وجل فإنها لا تكون مسئولة عن هذا الحج لأنها معذورة لكن من العلماء من قال إن المحرم شرط لوجوب الحج وعلى هذا فلا يلزمها أن تستنيب من يحج عنها إذا كانت قادرة بمالها لأن شرط الوجوب إذا انتفى يسقط ويسقط بانتفائه الوجوب ومن العلماء من قال إن المحْرم شرط للزوم الأداء أي للزوم حجها بنفسها وبناء على هذا يلزمها إذا كان عندها مال أن تقيم من يحج عنها و إذا توفيت فإنه يجب إخراج الحج عنها من تركتها على كل حال نقول لهذه السائلة اطمئني فأنتِ الآن لست آثمة إذا لم تحجي بل إذا حججت فأنت آثمة وإذا متِ فليس في ذمتك شيء لأنك غير مستطيعة شرعاً وكثير من الناس يكون مشتاقا إلى الحج ومحباً للحج فيرتكب بعض المحرمات من أجل تحقيق رغبته وإرادته ومحبته وهذا غير صحيح بل الصحيح والحق أن تتبع ما جاء من الشرع في هذه الأمور وغيرها فإذا كان الله تعالى لم يلزمك بالحج فلا ينبغي أن تلزمي نفسك بما لا يلزمك الله به ومثال ذلك أن بعض الناس يكون في ذمته دين لأحد كثمن مبيع أو قيمة مثله أو إيجاره أو غير ذلك فتجده يذهب للحج وذمته مشغولة بهذا الدين مع أن الحج في هذه الحال لا يجب عليه بل هو بمنزلة الفقير لا تجب عليه الزكاة فكذلك هذا الذي عليه الدين لا يجب عليه الحج ولا يكون آثما بتركه ولا مستحقا للعقاب إذا لاقى الله عز وجل لأنه معذور فوفاء الدين واجب والحج مع الدين ليس بواجب والعاقل لا يقوم بما ليس بواجب ويدع ما هو واجب لذلك نصيحتي لأخواني الذين عليهم ديون أن يدعوا الحج حتى يغنيهم الله عز وجل ويقضوا ديونهم ثم يحجوا نعم لو كان الدين مؤجلا وكان عند الإنسان مال وافر بحيث يضمن لنفسه أنه كلما حل قسط من هذا الدين فإنه يقضيه فهذا إذا كان بيده مال عند حلول وقت الحج فإنه يحج به ولا بأس بذلك.
***
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ محمد نحن عندما نتحدث عن سفر المرأة يتعلل الكثير من الناس بقصر المدة فمثلا من الرياض إلى الطائف ساعة وأيضا هذه الطائرة موجود فيها كثير من النساء وكثير من الرجال فيقول أنها مأمونة الفتنة ما تعليقكم على ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: التعليق على ذلك ليس المقصود الأمن وعدم الأمن بدليل أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يستفصل في الحديث (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) ولو كان المدار على الأمن لاستفصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا ثم إن الأمن ليس في سفر الطائرة.
أولاً: لأن الطائرة ربما تقلع في الموعد المقرر وربما تتأخر لأسباب فنية أو جوية فتبقى المرأة في المطار هائمة تائهة لأن محرمها قد رجع إلى بيته بناء على أنها دخلت الصالة أو أذن لهم بركوب الطائرة ثم تأخرت الطائرة وإذا قدر أن هذا المحظور زال وأن الطائرة أقلعت متجهة إلى محل هبوطها فلا يؤمن أن تهبط في غير المكان الذي تقرر فيه الهبوط لأنه يجوز أنه قد يتغير الجو فلا يمكنها الهبوط في المكان المقرر ثم تذهب الطائرة إلى مكان أخر لتهبط فيه وحينئذٍ تبقى هذه المرأة هائمة تائهة أو تتعلق بمن لا يؤمن فتنته وإذا قدرنا إنها وصلت إلى المطار التي قرر هبوطها فيه فإن محرمها الذي سيستقبلها قد يعوقه عائق عن وصوله للمطار إما زحام في السيارات وإما عطل في سيارته وإما نوم وإما غير ذلك فلا يأتي في موعد هبوط الطائرة وتبقى هذه المرأة هائمة تائهة وإذا كان الحج ليس واجباً لمن ليس عندها محرم فالأمر والحمد لله واسع وليس فيه إثم ولا ينبغي للمرأة أن تتعب نفسياً من أجل هذا لأنها في هذه الحال غير مكلفة به فإذا كان الفقير العادم للمال ليس عليه زكاة وقلبه مطمئن بكونه لا يزكي فكذلك هذه المرأة التي ليس عندها محرم ينبغي أن يكون قلبها مطمئنا لعدم حجها.
***
بارك الله فيكم هذه مستمعة أختكم في الله من المغرب مقيمة في المملكة العربية السعودية تقول أطلب منكم أن تجيبوا على سؤالي تقول أنا أخت ملتزمة بدين الله ومتحجبة وأريد الحج إلى بيت الله الحرام وأعرف أنه لا يجوز لي الحج بدون محرم وأنا لا يوجد معي محرم فهل أذهب إلى الحج وحدي فأنا متشوقة إلى مكة المكرمة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم لا للحج ولا لغير الحج وهي إذا تخلفت عن الحج لعدم وجود محرم لها فليس عليها إثم ويدل لهذا أي لكون المرأة لا تسافر بدون محرم لا للحج ولا غيره ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم انطلق فحجّ مع امرأتك) مع أن هذه المرأة خرجت للحج ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها أن يحج معها وأنت لا تتعبي نفسك وضميرك أقول ذلك للسائلة فإنك إذا بقيت من أجل عدم المحرم فقد تركت الحج بأمر الله عز وجل لأن السفر بدون محرم قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالإقامة من أجل عدم المحرم تكون استجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
***
أختكم في الله من المغرب تقول في رسالتها والدتي في المغرب وأنا أعمل في السعودية وأنا أريد أن أرسل لها حتى تحضر لي لتقوم بأداء فريضة الحج وليس معها محرم لأن والدي متوفى وإخواني وأخوالي ليس عندهم القدرة على الذهاب إلى فريضة الحج هل يجوز أن تحضر لوحدها وتحج لوحدها أفيدونا بهذا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز لها أن تأتي إلى الحج وحدها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) قاله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم (انطلق فحج مع امرأتك) والمرأة إذا لم يكن لها محرم فإن الحج لا يجب عليها ثم إن الفريضة سقطت عنها لعدم القدرة على الوصول إلى البيت وعدم القدرة هنا عجز شرعي أي أنه لا يجب عليها أداء بمعنى أنها لو ماتت حج عنها من تركتها على كل حال إني أقول لهذا السائل لا تضيق المرأة ذرعاً بعدم قدرتها على الحج لعدم وجود المحرم فإن ذلك لا يضرها ولا يلحقها إثم إذا ماتت وهي لم تحج لأنها معذورة شرعاً غير مستطيعة شرعاً وقد قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
***
بارك الله فيكم سائل من مصر يقول أنا أعمل هنا بالمملكة وأريد أن أحضر الوالدة لكي تحج معي وهي تبلغ من العمر الخامسة والخمسين ولا يوجد محرم لها يحضرها من مصر وأريد بهذا العمل أن أبرها فما حكم الشرع في نظركم في هذا العمل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حكم الشرع في هذا أن أمه ليس عليها فريضة مادامت لا تجد محرما ولا يضيق صدره ولا صدرها فإن الله تعالى قد يسر للعباد ولهذا نص الله تبارك وتعالى على شرط الاستطاعة في الحج فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) والمرأة إذا لم يكن لها محرم فإنها لا تستطيع الحج إذ أنه لا يجوز لها أن تسافر إلا مع ذي محرم فإن تيسر له أن يذهب إلى مصر يأتي بها أو أن تأتي أمه مع محرم لها من هناك فهذا خير وإن لم يتيسر فلا حرج على الجميع.
***
السؤال يقول امرأةٌ حجت وكان محرمها ولدها البالغ من العمر ثمان سنوات فهل حجها صحيحٌ وماذا يشترط للمحرم أي ما هي الشروط التي يجب توفرها فيه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما حجها فصحيح لكن فعلها وسفرها بدون محرم هذا محرم ومعصيةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام قال (لا تسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرم) والصغير الذي لم يبلغ ليس بذي محرم لأنه هو نفسه يحتاج إلى ولاية وإلى نظر ومن كان كذلك لا يمكن أن يكون ناظراً أو ولياً لغيره والذي يشترط في المحرم أن يكون مسلماً ذكراً بالغاً عاقلاً فإذا لم يكن كذلك فإنه ليس بمحرم وها هنا أمرٌ نأسف له كثيراً وهو تهاون بعض النساء في السفر بالطائرة بدون محرم فإنهن يتهاون بذلك تجد المرأة تسافر في الطائرة وحدها وتعليلهم لهذا الأمر يقولون إن محرمها يشيعها في المطار التي أقلعت منه الطائرة والمحرم الآخر يستقبلها في المطار الذي تهبط فيه الطائرة وهذه العلة عليلة في الواقع فإن محرمها الذي شيعها ليس يدخلها في الطائرة بل إنه يدخلها في صالة الانتظار وربما تتأخر الطائرة عن الإقلاع فتبقى هذه المرأة ضائعة وربما تطير الطائرة ولا تتمكن من الهبوط في المطار الذي تريد لسببٍ من الأسباب وتهبط في مكانٍ آخر فتضيع هذه المرأة وربما تهبط في المطار الذي قصدته ولكن لا يأتي محرمها لسببٍ من الأسباب إما نوم أو مرض أو زحام سيارات أو حادثٍ بسيارته منعه من الوصول أو غير ذلك وإذا انتفت كل هذه الموانع ووصلت الطائرة في وقت وصولها وَوُجِد المحرم الذي يستقبلها فإنه من الذي يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون بجانبها رجلٌ لا يخشى الله تعالى ولا يرحم عباد الله فيغريها وتغتر به فيحصل بذلك الفتنة والمحظور كما هو معلوم فالواجب على المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن لا تسافر إلا مع ذي محرم والواجب أيضاً على أوليائها من الرجال الذين جعلهم الله قوامين على النساء أن يتقوا الله عز وجل وأن
لا يفرطوا في محارمهم وأن لا تذهب غيرتهم ودينهم فإن الإنسان مسئولٌ عن أهله لأن الله تعالى جعلهم أمانةً عنده فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
***
بارك الله فيكم تقول السائلة ما هى المسافة التى إذا سافرتها المرأة تحتاج فيها إلى محرم وهل يعتبر مسافة نصف ساعة بالسيارة سفر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تسافر إمرأة إلا مع ذي محرم) فما عده الناس سفرا فهو سفر سواء طالت المسافة أم قصرت وما لم يعده الناس سفرا فليس بسفر وعلى هذا فلو قدر أن المرأة تعمل فى بلد قريب من بلدها وتذهب فى الصباح وترجع بعد الظهر فإن هذا ليس بسفر لأن الناس لا يعدونه سفراً اللهم إلا أن تكون المسافة بعيدة كما لو سافرت من مكة إلى المدينة أو من مكة إلى الرياض أو ما أشبه ذلك ولو رجعت فى يومها وذلك لبعد المسافة عرفاً وقال بعض أهل العلم إن المرأة لا يحل لها أن تسافر بلا محرم سواء كان السفر قصيراً أم طويلاً والاحتياط أن لا تسافر إلا مع محرم سواء كان السفر طويلاً أو قصيراً أما اللزوم فإنه لا يلزم أعني المحرم إلا إذا عُدّ خروجها من بلدها سفرا.
***
جزاكم الله خيراً السائل يقول امرأة عزمت على أداء فريضة الحج ودفعت تذكرة الطائرة ثم مات زوجها فهل يجوز لها أن تذهب إلى الحج في أثناء عدتها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لها أن تذهب إلى الحج في أثناء عدتها بل يجب عليها أن تبقى في البيت الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه ثم تحج من العام القادم أما لو مات في أثناء الطريق فلا حرج عليها أن تكمل المشوار وأن تكمل حجها ثم تعود إلى بلدها فور انتهاء الحج لتؤدي العدة في بيتها.
***
جزاكم الله خيراً هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من أداء فريضة الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل للزوج أن يمنع زوجته من أداء فريضة الحج لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فإذا كانت الزوجة عندها مال ولها محرم مستعد لأن يحج بها وهي لم تؤدِ الفريضة فطلبت من زوجها أن تحج فأبى فإنه لا طاعة له في ذلك ولها أن تحج من غير رضاه لكن إن خافت أن يطلقها فلها أن تتأخر لأن طلاقها ضرر عليها وقد قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
***
أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائل أبو عبد الله من الكويت يقول من مات ولم يحج وهو في الأربعين وكان مقتدراً على الحج مع أنه محافظ على الصلوات الخمس وكان يسوف في كل سنة يقول سوف أحج هذه السنة ومات وله ورث هل يحج عنه وهل عليه شيء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: اختلف العلماء في هذا فمنهم من قال إنه يحج عنه وأن ذلك ينفعه ويكون كمن حج بنفسه ومنهم من قال لا يحج عنه وأنه لو حج عنه ألف مرة لم تقبل يعني لم تبرأ بها ذمته وهذا القول هو الحق لأن هذا الرجل ترك عبادة واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر فكيف يرغب عنها ثم نلزمها إياه بعد الموت ثم التركة الآن تعلق بها حق الورثة كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزئ صاحبها وهذا هو ما ذكره بن القيم رحمه الله في تهذيب السنن وبه أقول إن من ترك الحج تهاوناً مع قدرته عليه لا يجزئ عنه الحج أبدا لو حج عنه أولياؤه ألف مرة أما الزكاة فمن العلماء من قال إذا مات وأديت الزكاة عنه أبرأت الذمة ولكن القاعدة التي ذكرتها تقتضي ألا تبرأ ذمته من الزكاة وأنه سيُكْوى بها جنبه وجبينه وظهره يوم القيامة لكني أرى أن تخرج الزكاة من التركة لأنه تعلق بها حق الفقراء والمستحقين للزكاة بخلاف الحج، الحج لا يؤخذ من التركة لأنه لا يتعلق به حق آدمي والزكاة يتعلق بها حق لآدمي فتخرج الزكاة لمستحقيها ولكنها لا تجزئ عن صاحبها سوف يعذب بها عذاب من لم يزك نسأل الله العافية كذلك الصوم إذا علمنا أن هذا الرجل ترك الصيام وتهاون في قضائه فإنه لا يقضى عنه لأنه تهاون وترك هذه العبادة التي هي ركن من أركان الإسلام بدون عذر فلو قضي عنه لم ينفعه وأما قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) فهذا فيمن لم يفرط وأما من ترك القضاء جهاراً بدون عذر شرعي فما الفائدة أن نقضي عنه.
***
أحسن الله إليكم السائل رضا عمر يقول في هذا السؤال امرأة توفيت قبل أن تؤدي فريضة الحج ولقد رزقت والحمد لله بأولاد ورزق هؤلاء الأولاد بمال ويريدون الحج لوالدتهم المتوفية ولكنهم لم يؤدوا فريضة الحج فهل يجوز أن يوكلوا من يحج عن والدتهم مع إعطائه جميع مصاريف الحج أم يجوز لهم الحج عن والدتهم قبل أن يؤدوا الفريضة هم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً العبارة الصواب أن يقال المتوفاة لأن الله يتوفى الأنفس وليست الأنفس متوفيه وإن كان لها وجه في اللغة العربية لكن الأفصح المتوفاة فيقال فلان متوفى وفلانة متوفاة أما بالنسبة للجواب على السؤال فإن أمهم إن كانت لم تستطع الحج في حياتها فليس عليها حج لأن الله اشترط لوجوب الحج الاستطاعة فقال (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) والغالب على الناس فيما مضى هو الفقر وعدم الاستطاعة وحينئذٍ يكون حجهم عن أمهم نفلاً لا فريضة وأما إذا كانت قد وجب عليها الحج ولكنها أخرت وفرطت فهنا يؤدون عنها الحج على أنه فريضة ولكن لا يحجون بأنفسهم عنها حتى يحجوا عن أنفسهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يلبي يقول لبيك عن شبرمة فقال (من شبرمة) قال أخ لي أو قريب لي قال (حججت عن نفسك) قال لا قال (هذه عنك ثم حج عن شبرمة) أما إذا أرادوا أن يعطوا غيرهم يحج عنها وهم لم يؤدوا الحج عن أنفسهم فإن كانت الدراهم التي يعطونها غيرهم ليحج عن أمهم تكفيهم لو حجوا هم عن أنفسهم وليس عندهم غيرها وجب عليهم أن يحجوا عن أنفسهم ولا يجوز أن يعطوا أحداً يحج عن أمهم فإن كان عندهم مال واسع لكنهم لم يحصل لهم أن يحجوا هذا العام وأعطوا أحداً يحج عن أمهم فلا حرج في ذلك.
***
بارك الله فيكم السائل أخوكم أبو مصعب من اليمن عدن يقول فضيلة الشيخ لي أخ متوفى عمره حوالي واحد وعشرين سنة لم يحج ولكنه اعتمر فهل تجب عليه حجة الإسلام فهل يلزم على الوالد أو أحد الأقارب أن يحج عنه أم ليس بالضرورة أفيدونا وجزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حجة الإسلام لا تجب إلا على من استطاع إليه سبيلا أي إلى البيت فمن لم يكن عنده مال فإنه لا يستطيع إليه سبيلاً فهذا الأخ الذي مات وله إحدى وعشرون سنة إذا لم يكن له مال فليس عليه حج لأنه لا يمكن أن يصل إلى البيت ماشياً وإذا لم يكن عنده مال فلا حج عليه وعلى هذا فاطمئنوا ولا تقلقوا من كونه لم يحج لأنه لا حج عليه ونظير ذلك الرجل الفقير هل عليه زكاة والجواب ليس عليه زكاة فإذا مات وهو لم يزكِ فإننا لا نقلق من أجل ذلك فمن ليس عنده مال فلا زكاة عليه ويلقى ربه وهو غير آثم ومن لم يستطيع أن يصل البيت لعجز مالي فلا حج عليه فيلقى ربه وهو غير آثم لكن إذا أراد أحدٌ منكم أن يتطوع ويحج عن هذا الميت فلا حرج لأن امرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت يا رسول الله (إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال نعم).
***
هذا المستمع عادل عبد الله عمر يقول بأن والدتي توفيت قبل ثلاث سنوات ولم تؤدِ فريضة الحج وأريد أن أؤدي فريضة الحج عنها وأنا لم أتزوج ولم أحج عن نفسي فهل يصح أن أحج لها والأمر كذلك أفتونا بذلك جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً لا بد أن نسأل عن هذه الوالدة هل الحج فريضة عليها أم لا؟ لأنه ليس كل من لم يحج يكون الحج فريضة عليه إذ أن من شرط الحج أن يتوفر عند الإنسان مال يستطيع به أن يحج بعد قضاء الواجبات والنفقات الأصلىة فنسأل هل أمك كان عندها مال يمكنها أن تحج به؟ إذا لم يكن عندها مال يمكنها أن تحج به فليس عليها حج فالذي ليس عنده مالٌ يحج به ليس عليه حج كالفقير الذي ليس عنده مال ليس عليه زكاة وقد ظن بعض الناس أن الحج فريضة على كل حال ورأوا أن الإنسان إذا مات ولم يحج فإن الحج باقٍ في ذمته فريضة وهذا ظنٌ خطأ، الفقير لا حج عليه ولو مات لم نقل إنه مات وترك فريضة كما أن الفقير لو مات لا نقول إنه مات ولم يزكِ بل نقول من ليس عنده مال فلا زكاة عليه فنحن نسأل أولاً هل أمك كانت قادرة على الحج ولم تحج حتى ماتت أو أنها عاجزة ليس عندها مال فالحج ليس فريضة عليها وحينئذٍ لا تكون في قلق ولا تكن منزعجاً من ذلك لأنها ماتت وكأنها حجت ما دامت لا تستطيع الحج وعلى الاحتمال الأول أن عندها مالاً تستطيع أن تحج به ولكنها لم تحج يحج عنها من تركتها لأن ذلك دينٌ عليها وإذا لم يمكن كما هو ظاهر السؤال فإنه لا يحل لك أن تحج عنها حتى تحج عن نفسك لحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رجلاً كان يقول لبيك عن شبرمة فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من شبرمة) قال أخٌ لي أو قريبٌ لي قال له (أحججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) ولأن النبي صلى الله عليه وعلى وسلم قال (ابدأ بنفسك) فلا يحل لك أن تحج عن أمك حتى تؤدي الفريضة عن نفسك ثم إذا أديت الفريضة عن نفسك فإن كنت في حاجةٍ شديدة إلى النكاح فقدم النكاح لأن النكاح من الضروريات أحياناً ثم إن تيسر لك أن تحج عن أمك بعد ذلك فحج.
***
بارك الله فيكم يا شيخ محمد هذه رسالة وصلت من المستمع أ. أ. ع. من العراق بعث برسالة يقول فيها توفي والدي منذ ما يقارب من عشرين عاما ولم يؤدِ فريضة الحج وخلف تركة بسيطة تضاءلت كثيراً عندما قسمت بين الورثة وأخي يريد أن يحج عنه مع أن الإمكانيات المادية له ضعيفة جداً ولديه بيت وزوجة وأولاد وقلت له لا يجب عليك أن تحج عنه لأنك غير قادر فهل كلامي هذا صحيح أم أن علي إثما في ذلك علماً بأنني أنوي أن أحج عنه عندما تتحسن ظروفي المادية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا كان أبوك في حياته لا يستطيع الحج لكون المال الذي في يده لا يكفيه أو لا يزيد على مؤنته وقضاء ديونه فإن الحج لا يجب عليه وذمته بريئةٌ منه قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وأما إذا كان أبوك يمكنه أن يحج في حال حياته لأن عنده دراهم زائدة عن حاجاته وقضاء ديونه فإن الواجب عليكم أن تحجوا عنه من تركته لأن الحج يكون ديناً في ذمته مقدماً على الوصية والإرث لقول الله تعالى في آية المواريث (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ)وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه قضى بالدين قبل الوصية) وأما إذا أراد أحدٌ منكم أن يحج عنه تطوعاً فلا حرج في ذلك لكن لا يكون هذا على حساب نفقته ونفقة أولاده فإذا كان المال الذي بيده قليلاً لا يزيد عن حاجاته فإنه لا ينبغي له أن يحج عن والده لأنه لو كان هو نفسه لم يجب عليه حج فكيف يحج عن غيره ويمكنكم إذا أردتم نفع أبيكم أن تستغفروا له وأن تدعوا له بالرحمة والرضوان فإن ذلك ينفعه إذا تقبل الله منكم.
***
الشيخ محمد هذه رسالة وردتنا من محمد شلبي موسى الشهري من الدمام يقول لي والدة توفيت وكان عندها مال وليس لها أولاد غيري وليس لها ورثة غيري أنا ابنها وقصدي لها حجة هل تجوز الحجة من مالها الخاص أو أحج عنها من مالي أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء إن أحيانا الله إلي الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا المال الذي ورثته من أمك وليس لها وراث سواك هو مالك ورثك الله إياه ولك أن تفعل فيه ما تفعل في مالك ولكن إن كانت أمك قد وجبت عليها حجة الإسلام في حياتها ولم تحج وجب عليك أن تحج عنها وأما إن كانت قد أدت الفريضة أو لم تجب عليها في حياتها لكون هذا المال الذي ورثته منها ثمناً لحوائجها الأصلىة التي بعتها بعد موتها فإن الحج هنا لا يجب عليك ولكن إن حججت عنها فنرجو أن يكون في ذلك خير وسواء حججت عنها من مالك الخاص أو من هذا المال الذي ورثته منها لأن المال الذي ورثته منها بمجرد موتها صار داخلا في ملكك فلا فرق بينه وبين الذي كان عندك سابقاً.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 12-04-2019, 04:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (1-9)

إدارة الملتقى الفقهي


هذا السائل الذي رمز لأسمه م. ص. الرياض يقول فضيلة الشيخ أفيدكم حفظكم الله بأن والدتي أمد الله في عمرها بالخير والطاعة قد تجاوزت سن الخامسة والستين وقد نحل جسمها وضعف إلا أنها والحمد لله تتمتع ببصر جيد وقدرة على المشي أيضا وأرغب في أداء فريضة الحج نيابة عنها إن شاء الله خاصة بأنها لا تقوى على الزحام والمشي لمسافات طويلة وشفقة مني عليها وحباً في عمل الخيرات والتقرب للمولى عز وجل بطاعة الوالدين أرغب في تأدية هذه الفريضة نيابة عنها وأفيدكم إنني وفقت ولله الحمد في أداء الحجة المفروضة عليّ نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال فهل يجوز أن أدي فريضة الحج عنها والحال ما ذكر بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت أمك بهذه المثابة لا تستطيع الوصول إلى مكة والقيام بمناسك الحج إلا بِكُلْفَةٍ شديدة فلا بأس أن تؤدي عنها الفريضة لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم سألته امرأة فقالت إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه: قال: نعم وذلك في حجة الوداع) فلا حرج أن تقضي فريضة الحج عن أمك.
***
بارك الله فيكم هل يجوز للرجل أن يحج أو يعتمر عن أخيه بعد وفاته ولم يوصه بذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج للإنسان أن يحج ويعتمر عن أخيه بعد وفاته وإن لم يوصه بذلك لأن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم من شبرمة؟ قال أخ لي أو قريب لي فقال: أحججت عن نفسك؟ قال لا، قال:حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) ولم يقل له هل أوصاك بذلك أو أذن لك بهذا ولو كان هذا شرطا لبينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
***
أحسن الله إليكم هذا السائل محمد عبد العزيز شكري مصري ومقيم بالرياض يقول في العام الماضي 1417 وفقني الله عز وجل إلى حج بيته الحرام وأديت الفريضة متمتعاً عن نفسي هل إذا رغبت في الحج عن والدي المتوفى حج مفرد وليس تمتعا فهل يجوز ذلك أفيدوني مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج على الإنسان إذا أدى واجب النسك من حج وعمرة أن يحج عن غيره أو يعتمر عن غيره دليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم من شبرمة قال أخ لي أو قريب لي قال حججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) واختلف هذا الحديث في ألفاظه هذا أحدها وهذا يدل على أن الإنسان إذا حج عن نفسه جاز أن يحج عن غيره وإذا اعتمر عن نفسه جاز أن يعتمر عن غيره.
***
سائل يقول من المكلف في الحج عن الأب والأم إذا كانوا موجدين ولكن لا يستطيعون الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب ليس أحد من الناس مكلفاً عن أحد لأن العبادات إنما تجب على المكلف ولا تجب على غيره ولو وجبت عبادة شخص على غيره لزم من ذلك أن يكون آثماً إذا لم يؤديها عنه وقد قال الله تعالى (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) والوالدان إذا كانا لا يستطيعان ببدنيهما مع وجود المال لديهما فإنه يحج عنهما ولدهما أو غيره وإذا كانا يستطيعان الحج بأبدانهما فإنه لا يجوز لأحد أن يحج عنهما فريضة الإسلام أما غير الفريضة فلا حرج في ذلك.
***
بارك الله فيكم يا فضيلة الشيخ السائلة أم عبد العزيز من الرياض تقول اعتمرت لوالدي المتوفى وفي نهاية العمرة نسيت أن أقصر من شعري ثم قمت مباشرةً بالطواف لأختي أي أخذت لها سبع وأختي مقيمة في الرياض ويمنعها زوجها من العمرة ولا أعلم هل يستمر في منعها أم لا بحجة أنه لا يحب السفر وبعد الانتهاء من الطواف لأختي قمت بالتقصير من شعري مرة واحدة فقط عن العمرة لوالدي وأسأل يا فضيلة الشيخ حكم الطواف لأختي في هذه الحالة والفقرة الأخرى هل أقصر من شعري بعد السبع؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الطواف لأختك صحيح وكونك قصرتي بعد هذا الطواف عن العمرة صحيحٌ أيضاً وأما كون زوج أختك يمنعها من العمرة فهذا أمرٌ يعود إليه هو أعلم بشأن زوجته قد يرى أنه من المصلحة أن يمنعها فيمنعها فله الحق في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه) هذا الحديث أو معناه فمنع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المرأة أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه لأنها إذا صامت تمنعه من كمال ما يريد منها وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصوم الذي يكون به منع الزوج مما يريد فما بالك في السفر فإن منعه زوجته من السفر حقٌ له ولا لوم عليه في ذلك لكن ينبغي للزوج أن يراعي الأحوال فإذا قدر أن هذه المرأة لم تعتمر من قبل وصار أهلها يريدون العمرة وهو لا يشق عليه فراقها فليأذن لها في العمرة لتؤدي واجباً لله ويا حبذا لو اصطحبها أيضاً فإن هذا يكون فيه إلفة بين الأصهار بعضهم مع بعض ويكون فيه الخير الكثير إن شاء الله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 12-04-2019, 04:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (2-9)


فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (2-9)

إدارة الملتقى الفقهي




فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (2-9)
باب المواقيت الزمانية والمكانية وحكم تجاوز المواقيت المكانية

يقول هل يصح أن يحرم بالحج قبل أشهره حيث أن هناك من قال بصحة ذلك أفيدوني بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: في هذا خلاف بين أهل العلم مع اتفاقهم على أنه لا يشرع أن يحرم بالحج قبل أشهره وأشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة فإذا أحرم الإنسان بالحج في رمضان مثلاً فمن أهل العلم من يقول إن إحرامه ينعقد ويكون متلبساً بالحج لكنه يكره ومنهم من يقول أنه لا يصح إحرامه بالحج قبل أشهره لقول الله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) فجعل الله ترتب أحكام الإحرام على من فرضه في أشهر الحج فيدل ذلك على أن أحكام الإحرام لا تترتب على من فرضه في غير أشهر الإحرام وإذا لم تترتب الأحكام فمعنى ذلك أنه لم يصح الإحرام.
***
بارك الله فيكم في السؤال من المستمع أ. أ. من السودان يقول فضيلة الشيخ كنت في زيارة للأهل بجدة فأردت أن آخذ عمرة فأحرمت من جدة ولكن بعض الناس قالوا لي أحرمت من غير الميقات فيلزمك فدية فما الحكم وما هي المواقيت؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كنت أتيت من السودان إلى جدة لزيارة الأهل ولما وصلت إلى جدة أنشأت نية جديدة للعمرة يعني أنه لم يطرأ عليك أن تعتمر إلا بعد أن وصلت إلى جدة فإن إحرامك من جدة صحيح ولا شيء فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ) أما إذا كنت قدمت من السودان إلى جدة تريد العمرة لكنك أتيت جدة ماراً بها مروراً فإن الواجب عليك أن تحرم من الميقات وسنذكر المواقيت إن شاء الله الآن ولكن في بعض الجهات السودانية إذا اتجهوا إلى الحجاز لا يحاذون المواقيت إلا بعد نزولهم في جدة بمعنى أنهم يصلون إلى جدة قبل محاذاة المواقيت مثل أهل سواكن فهؤلاء يحرمون من جدة كما قال ذلك أهل العلم لكن الذي يأتي من الجنوب من جنوب السودان أو من شمال السودان هؤلاء يمرون بالميقات قبل أن يصلوا إلى جدة فيلزمهم الإحرام من الميقات الذي مروا به ماداموا يريدون العمرة والمواقيت التي طلب السائل أن نبينها خمسة:
الأول: ذو الحليفة وهو ميقات أهل المدينة ومن مر به من غيرهم ممن يريد الحج أو العمرة ويسمى الآن أبيار علي.
والثاني: رابغ وهو ميقات أهل الشام وكان الميقات أولاً هو الجحفة لكنها مدينة خربت فصار الناس يحرمون من رابغ بدلاً عنها.
والثالث: يلملم لأهل اليمن ومن مر به من غيرهم ممن يريد الحج والعمرة ويسمى الآن السعدية.
الرابع: قرن المنازل وهو لأهل نجد ومن مر به من غيرهم ممن يريد الحج أو العمرة.
والخامس: ذات عرق وتسمى الضريبة وهي لأهل العراق ومن مرّ بها من غيرهم هذه المواقيت الخمسة لا يجوز لأحد يمر بها وهو يريد الحج والعمرة أن يتجاوزها حتى يحرم بالنسك الذي أراده فإن فعل أي تجاوزها بدون إحرام وأحرم من دونها فقد قال أهل العلم إنه يلزمه فدية أي شاة يذبحها في مكة ويوزعها على فقراء أهل مكة.
***
يسأل ويقول قال الرسول صلى الله عليه وسلم (هن لهن ولمن مر عليهنّ من غير أهلهنّ) ما معنى هذا بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم (وقت المواقيت وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن يلملم ولأهل نجد قرن المنازل) وقال (هنّ لهنّ) أي هذه المواقيت لأهل هذه البلاد ولمن مر عليهنّ أي على هذه المواقيت من غير أهلهنّ فأهل المدينة يحرمون من ذي الحليفة إذا أرادوا الحج أو العمرة وإذا مر أحد من أهل نجد عن طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة لأنه مر بالميقات وكذلك إذا مر أحد من أهل الشام عن طريق المدينة فإنه يحرم من ذي الحليفة لأنه مر بها وكذلك لو أن أحداً من أهل المدينة جاء من قبل نجد ومر بقرن المنازل فإنه يحرم منه هذا معنى قوله (ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ) ومن تأمل هذه المواقيت تبين له فيها فائدتان الفائدة الأولى رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده حيث جعل لكل ناحية ميقاتاً على طريقهم حتى لا يصعب عليهم أن يجتمع الناس من كل ناحية في ميقات واحد والفائدة الثانية أن تعيين هذه المواقيت من قبل أن تفتح هذه البلاد فيه آية للنبي صلى الله عليه وسلم حيث إن ذلك يستلزم أن هذه البلاد ستفتح وأنها سيقدم منها قوم يئمون هذا البيت للحج والعمرة ولهذا قال ابن عبد القوي في منظومته الدالية المشهورة:
وتوقيتها من معجزات نبينا *** بتعيينها من قبل فتح معدد
فصلوات الله وسلامه عليه.
***
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا السائل أبو عبد الرحمن من جيزان يقول لقد أديت فريضة الحج قبل سنوات مضت وكنت متمتعا فبعد أن أديت مناسك العمرة تحللت وخلعت ملابس الإحرام وذهبت إلى المدينة المنورة لزيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وعدت قبل يوم التروية بيوم تقريبا المهم بأنني عندما أردت الدخول إلى مكة في المرة الثانية من المدينة لم أحرم ورأيت الناس يحرمون من الميقات واعتبرت في نفسي بأنني قد أديت العمرة قبل أيام فلا داعي لها مرة ثانية فما حكم دخولي مكة دون إحرام أفيدوني جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: قبل أن نجيب على سؤالك أود أن أنبه على ملاحظة قالها في سؤاله يقول أنه بعد أن أدى العمرة ذهب إلى المدينة ليزور قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم فأقول الذي يذهب للمدينة ينبغي له أن ينوي شد الرحل إلى المسجد النبوي لأن هذا هو المشروع لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) فالذي ينبغي لقاصد المدينة أن ينوي بشد الرحل المسجد النبوي ليصلى فيه فإن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام يعني مسجد الكعبة هذه ملاحظة ينبغي الاهتمام بها أما ما صنعه من كونه حج متمتعا ثم أدى العمرة تامة ثم خرج إلى المدينة بنية الرجوع إلى مكة للحج ثم رجع إلى مكة ولم يحرم إلا يوم التروية مع الناس فلا أرى في ذلك بأساً عليه لأنه إنما مر بميقات أهل المدينة قاصدا مكة التي هي محط رحله والتي لا ينوي الإحرام إلا منها لكونه متمتعا بالعمرة إلى الحج ولكن هنا سؤال يطرح نفسه وهو هل يسقط عنه هدي التمتع لفصله بين العمرة والحج بسفرة أو لا يسقط؟ في هذا خلاف بين أهل العلم رحمهم الله والراجح من أقوال أهل العلم أن دم الهدي لا يسقط عنه إذا لم يكن من أهل المدينة فإن كان من أهل المدينة سقط عنه لكنه إذا كان من أهل المدينة فلا يتجاوز الميقات حتى يحرم منه لأنه أنشأ سفراً جديداً للحج وأما إذا لم يكن من أهل المدينة فإن التمتع لم ينقطع لكون السفر واحداً ويبقى عليه الهدي كما لو لم يسافر إلى المدينة وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن المتمتع إذا رجع إلى بلده ثم أنشأ سفرا جديدا للحج فإنه غير متمتع وإن سافر إلى غير بلده فإنه لا يزال متمتعا.
***
يقول في رسالته أصحاب الفضيلة مشايخنا في برنامجنا نور علي الدرب أفتونا مأجورين ميقات يلملم المعروف بالسعدية قديماً تحول الخط إلى الجهة الغربية وهناك لوحة مكتوب عليها الميقات ولوحة مكتوب عليها السعدية وهي في محل ليس فيه ماء ولا مسجد ولا قهوة للناس والناس في هذه الحالة تائهون وقد انقسم الحجاج والمعتمرون إلى قسمين فمنهم من يتجاوز الميقات بحوالي خمسة كيلوات ومنهم من يحرم قبل وصوله للميقات بحوالي عشرة كيلوات أفتونا عن تجاوز الميقات وعمن يحرم قبل الميقات علماً أنه لا يوجد عند الميقات لا ماء ولا مسجد ولا قهوة و لو بني مسجد وجعل ماء بالميقات لكان حسن؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما تقديم الإحرام قبل الميقات فإنه لا ينبغي لكن إذا كان الإنسان لا يدرى أو كان يريد الاحتياط بحيث لا يعرف أن هذا المكان المعين هو الميقات فيحتاط خوفاً من أن يفوت الميقات قبل أن يحرم فلا حرج عليه في ذلك لكن متى علم الإنسان أن الميقات هو هذا المكان المعين فإنه لا يحرم قبله وأما بالنسبة لتجاوز الميقات قبل الإحرام فإنه لا يجوز بل يحب عليه أن لا يتجاوز الميقات حتى يحرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) وكلمة يهل هذه جملة خبريه لكنها بمعني الأمر أي يجب عليهم الإهلال من ذي الحليفة إلي آخر الحديث فهذه المواقيت لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أن يتجاوزها حتى يحرم لكن من كان جاهلاً وتجاوزها ثم أحرم بعد أن تجاوزها بخمسة كيلوات أو عشرة أو ما أشبه بذلك فإنه ليس عليه شيء وذلك لأنه جاهل بهذا لكن إن علم قبل أن يحرم بأن الميقات خلفه وجب عليه أن يرجع إلي الميقات ويحرم منه وإن لم يعلم حتى أحرم فإنه لكونه جاهلاً معذورٌ ولا شي عليه. وبهذه المناسبة أقول إن موضوع الميقات يرد كثيراً في راكب الطائرات فإن بعضهم يؤخر الإحرام حتى يصل إلى مطار جدة وهذا خطأ فإن من كان يمر بالميقات في طيرانه يجب عليه إذا حاذى الميقات أن يحرم ولا يتجاوزه ولكن نظراً لسرعة ارتفاع الطائرة فإنه يجب الاحتياط بمعنى أن يتأهب قبل أن يحاذي الميقات يغتسل في بيته أو في المطار ثم يلبس ثياب الإحرام ثم إذا قارب الميقات أحرم بحيث لا تمر الطائرة بالميقات إلا وقد لبى بالنسك الذي يريد الإحرام به أما من لم يمر بالميقات كالذي يأتي عن طريق بورسودان وسواكن وما أشبهها بالجهة الغربية التي لا تحاذي الميقات لا رابغ ولا يلملم فإنهم يحرمون من جدة ودليل علي ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم (وقت هذه المواقيت وقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أوالعمرة) وقال عمر رضي الله عنه حين شكا إليه أهل العراق أن قرن المنازل جور عن طريقهم قال (انظروا إلى حذوها من طريقكم) أي إلى ما يحاذيها من طريقكم فإذا كان هذا حين يحاذي الميقات من الأرض وكذلك ما يحاذيه من الجو وأما قول بعض أهل العلم بالإحرام من جدة لراكب الطائرات فإنه بعيد من الأثر والنظر.
***
بارك الله فيكم المستمع أخوكم في الله عبد الله محمد شيخ إبراهيم يقول فضيلة الشيخ أين ميقات أهل أثيوبيا والصومال وما حكم من أتى منهما للعمرة ولغيرها بدون إحرام ثم أحرم بعد أيام وذهب إلى مكة مباشرة ماذا يجب عليه أن يفعل مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ميقات أثيوبيا والصومال إذا جاؤوا من جنوب جدة أن يحاذوا يلملم التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن وإن جاؤوا من شمال جدة فميقاتهم الجحفة التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الشام وجعل الناس بدلا منها رابغ أما إذا جاؤوا من بين ذلك قصدا إلى جدة فإن ميقاتهم جدة لأنهم يصلون إلى جدة قبل محاذاة الميقاتين المذكورين هذا إذا جاؤوا للعمرة أو للحج أما من جاء للعمل وقد أدى فريضة العمرة والحج فله أن لا يحرم أصلا لأن الحج والعمرة لا يجبان إلا مرة واحدة في العمر فإذا أسقطهما الإنسان لم يجبا عليه مرة أخرى اللهم إلا بنذر ومن قدم للحج أو للعمرة ولم يحرم إلا بعد أن جاوز الميقاتين وهو قد مر بأحدهما فإن أهل العلم يقولون إن إحرامه صحيح ولكن عليه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء لأنه ترك واجبا من واجبات الإحرام وهو كونه من الميقات فمن حصل له مثل ذلك فعليه ذبح الدم في مكة يوزع على الفقراء إن كان غنياً وإن كان فقيراً فليس عليه شيء لقول الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
***
بارك الله فيكم السائل ع. س. ع. مصري ومقيم بجازان يقول بأني ذهبت لتأدية العمرة وتجاوزت ميقات الإحرام ودخلت مكة المكرمة في أذان الفجر فدخلت المسجد الحرام وصلىت الفجر وأنا في هذا الوقت لا أعرف الميقات وعندما خرجت من الحرم سألت عن مسجد الإحرام فدلني أحد الأشخاص على مسجد التنعيم فذهبت إليه وأحرمت من هناك ورجعت وأديت مناسك العمرة وأنا في اعتقادي بأن هذا هو ميقات الإحرام وعندما رجعت حيث أقيم قال لي أحد الأشخاص إن عمرتك غير صحيحه وقال آخر أبدا عليك فديه أما الثالث فقال يكفيك الإحرام من التنعيم فهل العمرة صحيحة أم عليّ فدية مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: العمرة صحيحة لأنك أتيت بأركانها فأحرمت وطفت وسعيت وقمت بالتقصير أيضا أو الحلق لكن عليك فدية لأنك تركت واجبا وهو الإحرام من الميقات فالواجب عليك حين قدمت من جازان تريد العمرة أن تحرم من الميقات الذي تمر به فلتركك هذا الواجب أوجب العلماء عليك فدية تذبحها في مكة وتوزعها على الفقراء هناك.
***
المستمع محمد قاسم الريمي من مكة المكرمة يقول قدمت إلى مكة المكرمة من أجل العمل وأديت فريضة الحج عن نفسي وفي السنة الثانية أردت أن أحج عن والدتي المتوفاة وقد سألت البعض عن كيفية الإحرام وقالوا لي أن اذهب إلى جدة وأحرم من هناك وفعلاً ذهبت إلى جدة وأحرمت من هناك وأتممت مناسك الحج فهل حجتي هذه صحيحة أم يلزمني شيء آخر أفعله أفيدوني بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كنت في مكة فإن إحرامك للحج يكون من مكانك الذي أنت فيه في مكة ولا حاجة إلى أن تخرج إلى جدة ولا إلى غيرها لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت ثم قال (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة) وأما إذا كنت تريد أن تحرم بعمرة وأنت في مكة فإنه لابد أن تخرج إلى أدنى الحل يعني إلى خارج حدود الحرم حتى تهل بها ولهذا (لما طلبت عائشة رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة أمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم حتى تهل منه) وعلى هذا فالذي قال لك لابد أن تخرج إلى جدة لا وجه لقوله وحجك بكل حال صحيح إن شاء الله تعالى مادام متمشياً على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأنت مخلص في دين الله فيكون لأمك كما أردت.
***
بارك الله فيكم المستمع رأفت عبد البديع مصري يعمل في ضواحي حائل بعث برسالة يقول فيها تلقيت خطاب من بلدي بأن زوجتي ستحضر لأداء فريضة الحج وذهبت إلى جدة واستقبلتها في المطار على أمل أننا سنذهب إلى المدينة لزيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ولكن المسئول عن ترتيب البعثة قال إن المدينة المنورة زيارتها بعد أداء مناسك الحج، يقول فأحرمنا من مكة وطفنا وسعينا وأدينا شعائر الحج فهل حجنا صحيح أم أن علينا شيئاً من ناحية عدم إحرامنا من الميقات الصحيح نرجو الإفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما بالنسبة للحج فهو صحيح لأن الإنسان أتى بأركانه وأما بالنسبة لعدم الإحرام من الميقات فإنه إساءة ومحرم ولكنه لا يبطل به الحج ويجبر بفدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء هناك ولو أن هذا الرجل لما قدم جدة أو لما قدم قدمت زوجته جدة وقدم هو أيضاً جدة وأراد أن يذهب إلى المدينة ليحرما من ذي الحليفة من أبيار علي ثم لم يحصل ذلك لو أحرم من جدة لكان هذا هو الواجب عليه لكنه أساء حيث أحرم من مكة إن كان ما ذكر في السؤال صحيحاً وإن كان المقصود أنه أحرم من جدة فإنه ليس عليه دم لأنه أحرم من حيث أنشأ وقد ذكر الأخ السائل أن امرأته أتت من مصر إلى الحج وظاهر كلامه أنه ليس معها محرم وهذا حرامٌ عليها لا يحل لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فقام رجلٌ فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم (انطلق فحج مع امرأتك) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع الغزوة التي اكتتب فيها وأن يذهب مع زوجته ولم يستفصل هل كانت الزوجة آمنة أو غير آمنة وهل هي جميلة يخشى الفتنة منها أم لا وهل معها نساء أم لا وهذا دليلٌ على العموم وأنه لا يجوز للمرأة أن تسافر لا لحجٍ ولا لغيره إلا بمحرم وإذا لم تجد المرأة محرماً لتهنأها السلامة فإنه لا يجب عليها الحج حينئذٍ لقول الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وهي إذا لم تجد محرماً لا تستطيع الوصول إلى البيت لأنها ممنوعةٌ شرعاً من السفر بدون محرم وحينئذٍ تكون معذورة في عدم الحج وليس عليها إثم.
***
جزاكم الله خيراً يا فضيلة الشيخ السائل محمد كمال من جمهورية مصر العربية يقول إنني في العام الماضي ذهبت أنا وزوجتي لأداء مناسك العمرة والحمد لله بعد أن قمنا بأداء مناسك العمرة بمكة المكرمة ذهبنا إلى المدينة لمدة يوم واحد يعني ذهبنا في الصباح وعدنا في المساء ولكننا ونحن في العودة من المدينة وبعد أن قمنا بزيارة ركبنا النقل الجماعي ولم نحرم مرة أخرى حيث أننا لا نعرف هل نحرم أم لا ونحن في العودة إلى مكة المكرمة مرة أخرى فهل علينا شيء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس على الإنسان إحرام إذا أدى العمرة الواجبة وهي العمرة الأولى فإذا أدى العمرة الواجبة وهي العمرة الأولى وعاد إلى مكة من قريب أو بعيد بعد مدة طويلة أو قصيرة فإنه لا يلزمه الإحرام حتى لو بقي عن مكة سنوات وعاد إليها لزيارة أو دراسة أو ما أشبه ذلك فإنه لا يلزمه الإحرام لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سأله الأقرع بن حابس عن الحج أفي كل عام؟ قال: (لو قلت نعم لوجبت الحج مرة فما زاد فهو تطوع) والعمرة كذلك العمرة واجبة مرة فما زاد فهو تطوع.
***
بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من مصري الجنسية يعمل بالمملكة رمز لاسمه بـ م. أ. يقول لقد قمنا بأداء فريضة الحج العام الماضي وكان من المفروض أن نحرم من أبيار علي ولكننا لم نتمكن من ذلك وأحرمنا من مكة فما الحكم في ذلك علماً بأني أديت الفريضة مع زوجتي وأخي وزوجته فإذا كان هناك حكم فهل أؤديه عن أخي وعني أم هل هو يؤديه عن نفسه وعن زوجته علماً بأنه غير موجود بالمملكة أفيدونا وجزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الاحرم من الميقات لمن أراد الحج أو العمرة واجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما صح عنه في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) وذكر تمام الحديث وهذا الخبر خبر بمعنى الأمر وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال (وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة) الحديث وعلى هذا فلا يحل لمن أراد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات بدون إحرام فإن فعل وتجاوز الميقات بغير إحرام وأحرم من مكة أو مما بين مكة والميقات فعليه على ما ذكره أهل العلم فدية يذبحها في مكة ويفرقها على المساكين والفدية شاة أنثى من الضأن أو ذكر من الضأن أو أنثى من الماعز أو ذكر من الماعز وعلى هذا فيجب على هذا السائل على نفسه شاة وعلى زوجته شاة وعلى أخيه شاة وعلى زوجة أخيه شاة وإذا كان أخوه وزوجته خارج البلد فلا حرج أن يبلغهما بما يجب عليهما ويوكلاه في أداء الواحب عليهما من الفدية لأن التوكيل في مثل هذا جائز.
***
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ هذا السائل صفوت مصري ومقيم بالرياض يقول أنا مقيم بالرياض وأدعو الله سبحانه وتعالى أن ييسر لي فريضة الحج إذ أكملت إجراءات الحج وأريد أن أذهب إلى المدينة لأن عندي أغراضا أريد أن أضعها عند أقاربي في المدينة بإذن الله فأريد السفر إلى بلدي من هناك فهل أحرم مع حجاج المدينة أم القادمين من الرياض وجزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: السائل لا ندري هل هو سيذهب إلى المدينة أولا عن طريق المدينة إن كان كذلك فإنه يحرم من ميقات أهل المدينة من ذي الحليفة المسماة بأبيار علي أما إذا كان يريد أن يذهب من طريق الرياض الطائف فليحرم من قرن المنازل ميقات أهل الطائف وأهل نجد ثم يأتي بالعمرة ثم يخرج إلى المدينة هذا هو تفصيل في جواب سؤاله أنه إن كان يريد الذهاب عن طريق المدينة إلى مكة أحرم من ذي الحليفة التي تسمى أبيار على وإن كان يريد الذهاب من الرياض إلى الطائف أو إلى مكة عن طريق الطائف فليحرم من قرن المنازل المعروف بالسيل الكبير.
***
هذه رسالة وصلت من السودان من آدم علي يقول حاج متمتع أحرم من المكان الزماني للإحرام وبعد أداء العمرة قام بزيارة المسجد النبوي وقبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وفي العودة ما بين المدينة ومكة رجع بآبار علي وهي ما بين المدينة ومكة وتعتبر مكان إحرام لمن يخرج من المدينة في أيام الإحرام ولم يحرم منه على أنه سيحرم من مكة لأنه متمتع ما الحكم في عدم إحرامه بمروره بالآبار هل عليه هدي علماً بأنه متمتع وسيذبح هدي في أيام التشريق بمنى على كونه متمتع؟
فأجاب رحمه الله تعالى: رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت وقال (هن لهن ولمن مر عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة) فإذا مررت بميقات وأنت تريد الحج أو العمرة فإن الواجب عليك أن تحرم منه وأن لا تتجاوزه وبناء على هذا فإن المشروع في حق هذا الرجل أن يحرم من أبيار علي أي من ذي الحليفة حين رجع من المدينة لأنه راجع بنية الحج فيكون ماراً بميقات وهو يريد الحج فيلزمه الإحرام فإذا لم يفعل فالمعروف عند أهل العلم أنه من ترك واجباً من واجبات الحج فعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء.
***
بارك الله فيكم يقول في سؤاله ما هو ميقات أهل السودان؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم أهل السودان إذا جاؤوا قصدا إلى جدة فميقاتهم جدة وإن كانوا أتوا من الناحية الشمالية أو الجنوبية فإن ميقاتهم قبل أن يصلوا إلى جدة إن جاؤوا من الناحية الشمالية فإن ميقاتهم إذا حاذوا الجحفة أو رابغاً وإن جاؤوا من الجهة الجنوبية فإن ميقاتهم إذا حاذوا يلملم وهو ميقات أهل اليمن فيكون أهل السودان يختلف ميقاتهم بحسب الطريق الذي جاؤوا منه.
***
بارك الله فيكم هذا السائل محمود مصري يعمل في مكة يقول رجل يعمل بمكة المكرمة وينزل إلى مصر في إجازة سنوية مثلا هل يلزمه الإحرام من الميقات رابغ والبعض يجلس ثلاثة أيام ويعتمر بعد ذلك ولم يحرم من الميقات؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا رجع الإنسان من بلده إلى مكة وكان قد أدى فريضة العمرة فإنه لا يلزمه الإحرام بعمرة ثانية لأن العمرة لا تجب في العمر أكثر من مرة كالحج ولكنه إذا شاء أن يحرم فإنه يجب عليه أن يكون إحرامه من الميقات من أول ميقات يمر به لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقت المواقيت وقال (هن لهن ولمن أتي عليهن من غير أهلهن) فمثلا إذا كان من أهل مصر وذهب في الإجازة إلى مصر ثم رجع إلى مقر عمله في السعودية ففي هذه الحال يجب أن يحرم من الميقات إذا كان يريد العمرة وإن كان لا يريد العمرة فلا بأس أن يدخل بدون إحرام إلا إذا كان لم يؤد العمرة أولا فإنه يجب عليه أن يبادر ويحرم بالعمرة من الميقات.
***
رسالة بين يدينا وردتنا من المخلص أخيكم محمد عبد الرحمن سيف من المحرق بالبحرين يقول أرجو عرض هذه الأسئلة على فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله وهي كما يلي اعتمرنا في شهر رمضان الفائت وقد أحرمنا قبل وصول الطائرة مطار الملك عبد العزيز بنصف ساعة يمكن يقصد مطار جدة أو أكثر فما حكم هذا الإحرام وما هو ميقات أهل الخليج العربي وكيف يحرم المسافر بالجو؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا السؤال نقدم قبله مقدمة وهي أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يعمل عبادة أن يفهم أحكامها أولاً قبل أن يتلبس بها لئلا يقع في محظورٍ كترك واجب أوغيره لأن هذا هو الذي أمر الله به (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) فبدأ بالعلم قبل العمل اعلم واستغفر ثم إن هذا الطريق هو الواقع النظري العقلي أن يعرف الإنسان طريق البلد قبل أن يسير عليه ولا يختص هذا بالحج والعمرة اللذين يجهل كثيرٌ من الناس أحكامهما بل يتناول جميع العبادات أن لا يدخل الإنسان فيها حتى يعرف ما يجب فيها وما يُمنع وأما بالنسبة لما ذكره الأخ السائل فإن الإحرام قبل الوصول إلى مطار الملك عبد العزيز الذي هو مطار جدة الجديد بنصف ساعة يبدو أنه إحرامٌ صحيح لأن المواقيت لا نظن أنها تتجاوز نصف ساعة بالطائرة من مطار جدة وعلى هذا فيكون إحرامهم بالعمرة قبل الوصول للمطار بنصف ساعة إحراماً صحيحاً ليس فيه شيء إن شاء الله وأما بالنسبة لميقات أهل الخليج فإن ميقات أهل الخليج هو ميقات غيرهم وهي المواقيت الخمسة التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أتى إلى مكة يريد الحج أو العمرة وهي ذو الحليفة المسماة أبيار علي لأهل المدينة ولمن مر بها من غيرهم والجحفة وهي لأهل الشام ولمن مر بها من غيرهم وقد خَرِبت الجحفة وصار الناس يحرمون بدلاً عنها من رابغ وقرن المنازل لأهل نجد ومن مر به من غيرهم ويلملم لأهل اليمن ومن مر بها من غيرهم وتسمى الآن السعدية وقرن المنازل يسمى السيل وذات عرق لأهل العراق وقتها عمر رضي الله عنه وفي السنن (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقتها) وهي المسماة بالضِريْبة هذه المواقيت لمن مر بها يريد الحج أو العمرة من أي قطرٍ من أقطار الدنيا فإذا مر من طريقٍ لا يمر بهذه المواقيت فإنه يُحِْرم إذا حاذى هذه المواقيت (لأن عمر رضي الله عنه أتاه أهل العراق وقالوا ياأمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجدٍ قرناً وإنها جورٌ عن طريقنا يعني مائلة عن طريقنا فقال أمير المؤمنين عمر انظروا إلى حذوها من طريقكم) فقوله رضي الله عنه (انظروا إلى حذوها) يدل على أنه من حاذى هذه المواقيت براً أو بحراً أو جواً وجب عليه أن يحرم فإذا حاذى أقرب ميقاتٍ له وجب عليه الإحرام والظاهر لي أن طرق الخليج الجوية أنها تمر من محاذاة قرن المنازل وهو أقرب المواقيت إليها وإذا لم يكن ظني هذا صحيحاً فليسأل قائد الطائرة أين يكون طريقها فإذا عُلِم أنه حاذى أقرب ميقاتٍ إليه وجب عليه الإحرام منه ولا يجوز لأهل الخليج ولا لغيرهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا إلى جدة فإن هذا وإن قال به من قال من الناس فهو قولٌ ضعيفٌ لا يعول عليه وما ذكرناه عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أُمْرنا بإتباعهم يدل على بطلان هذا القول إلا من وصل إلى جدة قبل أن يحاذي ميقاتاً مثل أهل سواكن في السودان فإن أهل العلم يقولون إنهم يصلون إلى جدة قبل أن يحاذوا رابغاً أو يلملم لأن جدة في زاوية بالنسبة لهذين الميقاتين فعلى هذا فيحرم أهل سواكن ومن جاء من هذه الناحية يحرمون من جدة لأنها تبعد عن مكة مسيرة يومين.
يافضيلة الشيخ: أيضاً يقول كيف يحرم المسافر بالجو؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يحرم المسافر بالجو كما ذكرنا قريباً أيْ إذا حاذى الميقات يحرم ولكن كيف يصنع قبل إحرامه نقول ينبغي له أن يغتسل في بيته وأن يلبس ثياب الإحرام سواءً في بيته أو في الطائرة حين تقلع به الطائرة وإذا بقي عليه على مطار جدة نحو نصف الساعة فليحرم يعني فليلبي يقول لبيك عمرة إن كان محرماً بعمرة أو لبيك حجاً إن كان محرماً بحج.
***
أيضاً يقول اعتمرنا في شهر رمضان وقد أحرمنا بعد وصولنا مطار جدة وكنا جاهلين وغيرمتعمدين حيث أخذنا سائق التاكسي إلى مكانٍ في جدة به مسجدٍ صغير وأحرمنا من هناك فهل إحرامنا صحيح وإذا كان لا فهل يلزمنا شيء وشكراً لكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إحرامكم صحيح ولازم ولكنكم أخطأتم في عدم الإحرام من الميقات حيث أخرتم الإحرام إلى جدة وبناءً على كونكم جاهلين فإنه لا شيء عليكم لا يلزمكم شيء من فديةٍ ولا غيرها ولكن عليكم أن لا تعودوا لمثل هذا وأن تحرموا من محاذاة الميقات وأنتم في الطائرة.
***
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 12-04-2019, 04:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (2-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (2-9)

إدارة الملتقى الفقهي




عبد العزيز العبد الله من المحمل بعث بهذه الورقة يقول اعتمرت في أول شوال ثم ذهبت إلى تبوك وقدمت إلى الحرم من الميقات لأنني أعتبر نفسي متمتعاً من العمرة إلى الحج فما حكم تجاوزي للميقات على هذه النية بدون إحرام؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الذي فهمت من كلامه أنه اعتمر أولاً.
يافضيلة الشيخ: نعم اعتمر في أول شوال على ما قال اعتمرت في أول شوال ثم ذهبت إلى تبوك فقدمت إلى الحرم لكنه تجاوز الميقات بدون إحرام مرة أخرى؟
فأجاب رحمه الله تعالى: مثل هذا نقول إذا كان اعتماره في شوال بنية الحج هذا العام فهو متمتع لأنه تمتع بالعمرة إلى الحج وحينئذٍ إذا ذهب إلى تبوك ثم رجع فإنه لا يتجاوز الميقات إلا محرماً لكن ما دام على نيته أنه يرجع ولكنه وصل تبوك لعذر أو لغرض وبنيته أن يرجع إلى مكة فلا حرج عليه أن يدخل إلى مكة ويبقى إلى أن يأتي يوم الثامن من ذي الحجة فيحرم من مكانه وأما إذا كان دخل مكة في شوال وليس نيته أن يحج هذا العام وإنما جاء معتمراً فقط ثم رجع إلى تبوك فإنه إذا رجع إلى مكة لا يتجاوز الميقات إلا محرماً لأنه ليس من نيته الرجوع إلى مكة في هذا السفر.
يافضيلة الشيخ: إذن عبد العزيز العبد الله من المحمل لا شيء عليه حينما تجاوز الميقات بدون إحرام؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أي نعم ما دام على نيته الأولى ناوياً أن يحج.
يافضيلة الشيخ: لأنه يقول وقدمت من الميقات لأنني أعتبر نفسي متمتعاً من العمرة إلى الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم ليس عليه شيء.
***
يقول في رسالته نحن من موظفي الدولة كل سنة ننتدب من قبل الدولة إلى مكة المكرمة من أول شوال فإذا ذهبنا إلى مكة أخذنا العمرة ثم وزعتنا الدولة أو وزعنا رؤساؤنا في الدولة فمنا من يذهب إلى جده ومنا من يذهب إلى الليث والطائف والمدينة وعندما يأتي اليوم الثامن أو قبل اليوم الثامن بيومين أو ثلاثة نعود إلى مكة فهل يلزمنا الإحرام قبل الدخول إلى مكة أم نحرم من أماكننا التي نعيش فيها وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تحرمون في هذه الحال من الميقات لأنكم حينما خرجتم من مكة خرجتم إلى أداء عمل فإذا رجعتم إلى مكة فقد مررتم بالميقات وأنتم تريدون الحج فعليكم أن تحرموا من الميقات فالذين في الطائف يحرمون من السيل والذين في الجهة الأخرى يحرمون إذا مروا من مواقيتهم.
فضيلة الشيخ: لكن المستمع عبد العزيز العبد الله في سؤاله الأول أنه خرج إلى تبوك وفي سؤاله الأخير أخبرنا بأنه يذهب في بداية شوال للحج وهو منتدب لكنه عندما يأتي ويأخذ العمرة يخرج إلى عمله خارج مكة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هو الأول لم يبين أنه ذهب إلى تبوك لمقتضى العمل إنما هو لغرض ثم رجع أما إذا كان ذهب إلى تبوك بمقتضى العمل فإنه إذا رجع إلى مكة يحرم من الميقات.
فضيلة الشيخ: ما الفرق بين الخروجين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الفرق بين الخروجين أنه إذا خرج إلى عمل فقد انفصل الدخول الأول والثاني أما إذا خرج إلى غرض ورجع سريعاً فإنه لا يكون هذا السفر منقطع عن هذا السفر لأنه في الحقيقة بمنزلة الباقي في مكة حكماً.
***
هذا سؤال من المستمع عبد العزيز يوسف الشحاد مصري مقيم بالقصيم يقول أنا أنوي السفر إلى بلدي ولكني أريد قبل أن أسافر أؤدي عمرةً تطوعاً لله تعالى وقد أقمت بعض الأيام في جدة وأنا قادمٌ من القصيم فهل يجوز أن أحرم بالعمرة من جدة أم ماذا يجب علي أن أفعل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كنت سافرت إلى جدة بدون نية العمرة ولكن طرأت لك العمرة وأنت في جدة فإنك تحرم منها ولا حرج عليك لحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما حين ذكر المواقيت قال (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة) أما إذا كنت سافرت من القصيم بنية العمرة عازماً عليها فإنه يجب عليك أن تحرم من الميقات الذي مررت به ولا يجوز لك الإحرام من جدة لأنك دون الميقات وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقت المواقيت قال (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة) فعليك إن كنت لم تفعل شيئاً الآن أن ترجع إلى الميقات الذي مررت به أولاً وتحرم منه ولا تحرم من جدة.
فضيلة الشيخ: ولا يلزمه شيء بعد ذلك.
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يلزمه شيء لأنه أدى ما عليه حيث أحرم من الميقات برجوعه إليه.
فضيلة الشيخ: عمرته بإحرامه من جدة هل تصح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان قد أحرم من جدة وأدى العمرة ولم ينوِ العمرة إلا من جدة بمعنى أنه كان قدومه من القصيم إلى جدة لغير إرادة العمرة ثم طرأ عليه فإنه لا شيء عليه أيضاً لأنه أتى بما عليه أما إذا كان عازماً على أن يحرم بالعمرة ولكنه تجاوز الميقات قبل الإحرام ثم أحرم من جدة فإن عليه عند أهل العلم فدية دم يذبحه في مكة ويتصدق به على الفقراء وعمرته صحيحة.
فضيلة الشيخ: ولا يلزمه الإعادة بإحرامه من الميقات
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يلزمه
***
رسالة بعث بها شرف الدين أحمد العروس مقيم بالرياض يقول قدمت من خارج المملكة قاصداً العمرة وقبل وصولي إلى مطار جدة غيرت ملابسي للإحرام في الطائرة وكان في الطائرة شيخٌ أعرفه يعتمد عليه في العلم ولما سألته قال لي بإمكاننا الإحرام من مطار جدة فتمسكت برأيه وأحرمت بالمطار وبعدما قضيت العمرة ذهبت للمدينة المنورة حيث مكثت هناك شهري شوال وذي القعدة وسألت بعض من أثق بعلمهم من أصدقائي هل أنا متمتعٌ بهذه الحالة حيث قد وافق إحرامي بالعمرة الأول من شوال وهل يلزمني دمٌ إذ قد سمعت وتأكدت من أفواه العلماء أن مطار جدة لا يصح أن يكون ميقاتاً لمن يمر عليه وأفتاني بأن التمتع قد زال بمغادرة الحرم المكي مع أنني لم أقصد التمتع عندما أحرمت بالعمرة وأنه يمكنني الآن أن أحرم بالحج كما يحرم المقيم بالمدينة المنورة فأحرمت بالحج مفرداً وأما تجاوز الميقات فقال لي ليس عليك شيء لأنك تجاوزته جاهلاً ومقتدياً برأي هذا الشيخ واطمأننت بذلك وأديت مناسك حجي ولكن بعض زملائي لا يزالون يُشْكِلُون علي ويناقشوني بأنه كان يلزمني الدم بأحد الأمرين أرجو أن تزيلوا عني هذا الشك بإجابةٍ شافية ونصيحةٍ كافية جزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال يتضمن شيئين الشيء الأول أنك لم تحرم وأنت في الطائرة حتى وصلت إلى جدة والثاني أنك عندما أحرمت بالعمرة تذكر أنك لم تنوِ التمتع وأنك سافرت إلى المدينة وأحرمت من ذي الحليفة بالحج فأما الأول فاعلم أن من كان في الطائرة وهو يريد الحج أو العمرة فإنه يجب عليه أن يحرم إذا حاذى الميقات أي إذا كان فوقه ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة) وقال عمر رضي الله عنه وقد جاءه أهل العراق يقولون له إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجدٍ قرناً وإنها جورٌ عن طريقنا يا أمير المؤمنين فقال رضي الله عنه (انظروا إلى حذوها من طريقكم) فقوله رضي الله عنه انظروا إلى حذوها يدل على أن المحاذاة معتبرة سواءٌ كنت في الأرض فحاذيت الميقات عن يمينك أو شمالك أو كنت من فوق فحاذيته من فوق وتأخيرك الإحرام إلى جدة معناه أنك تجاوزت الميقات بدون إحرام وأنت تريد عمرة وقد ذكر أهل العلم أن هذا موجبٌ للفدية وهي دمٌ تذبحه في مكة وتوزعه على الفقراء ولكن ما دمت قد سألت هذا الشيخ وقد ذكرت أنه قدوة وأنه ذو علم وأفتاك بأنه يجوز الإحرام من مطار جدة وغلب على ظنك رجحان قوله على ما تقرر عندك من قبل بأنه يجب عليك الإحرام إذا حاذيت الميقات فإنه لا شيء عليك لأنك أديت ما أوجب الله عليك في قوله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ومن سأل من يظنه أهلاً للفتوى فأفتاه فأخطأ فإنما إثمه على من أفتاه أما هو فلا يلزمه شيء لأنه أتى بما أوجب الله عليه وأما الثاني وهو أنك ذكرت أنك لم تنوِ التمتع وسافرت إلى المدينة وأحرمت بالحج من ذي الحليفة أي من أبيار علي فإنه يجب أن تعلم أن من قدم إلى مكة في أشهر الحج وهو يريد أن يحج فأتى بالعمرة قبل الحج فإنه متمتع لأن هذا هو معنى التمتع فإن الله تعالى يقول (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ) ومعنى ذلك أن الإنسان إذا قدم مكة في أشهر الحج وكان يريد التمتع فإن المفروض أن يحرم بالحج ويبقى على إحرامه إلى يوم العيد فإذا أتى بعمرة وتحلل منها صدق عليه أنه تمتع بها أي بسببها إلى الحج أي إلى أن أتى وقت الحج ومعنى تمتع بها أنه تمتع بما أحل الله له حيث تحلل من عمرته فأصبح حلالاً الحل كله يتمتع بكل محظورات الإحرام وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى أنه خفف عن العبد حتى أباح له أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ليتحلل منها ويتمتع بما أحل الله له إلى أن يأتي وقت الحج وعلى هذا فما دمت قادماً من بلادك وأنت تريد الحج وأحرمت بالعمرة في أشهر الحج فأنت متمتع سواءٌ نويت أنك متمتع أم لم تنوه بقي أن يقال هل سفرك إلى المدينة مسقطٌ للهدي عنك أم لا فهذه المسألة فيها خلافٌ بين أهل العلم فمن العلماء من يرى أن الإنسان إذا سافر بين العمرة والحج مسافة قصر انقطع تمتعه وسقط عنه دم التمتع ولكن هذا قولٌ ضعيف لأن هذا الشرط لم يذكره الله تعالى في القرآن ولم ترد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فلا يسقط الدم إذا سافر المتمتع إلى العمرة والحج إلا إذا رجع إلى بلده فإنه إذا رجع إلى بلده انقطع سفره برجوعه إلى بلده وصار منشئاً للحج سفراً جديداً غير سفره الأول وحينئذٍ يسقط عنه هدي التمتع لأنه في الواقع أتى بالحج في سفرٍ جديدٍ غير السفر الأول فهذه الصورة فقط هي التي يسقط بها هدي التمتع لأنه لا يصدق عليه أنه تمتع بالعمرة إلى الحج حيث إنه انقطع حكم السفر في حقه وأنشأ سفراً جديداً لحجه.
***
المستمع صالح الخليفي من الدوادمي بعث يقول توجهنا من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة نريد العمرة فتعدينا الميقات لجهلنا بمكانه ولم ينبهنا الناس إلا على بعد مائة وخمسين كيلومتر ولكننا لم نعد وإنما توجهنا إلى الجعرانة وأحرمنا منها فهل عمرتنا صحيحة وإذا لم تكن كذلك فماذا يجب علينا فعله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: جوابنا على هذا السؤال أن العمرة صحيحة لأنكم أتيتم بأركانها تامة أتيتم بالإحرام والطواف والسعي ولكن عليكم عند أهل العلم فدية وهي شاةٌ تذبحونها في مكة وتوزعونها على الفقراء وذلك لأنكم تركتم الإحرام من الميقات والإحرام من الميقات من الواجبات لأن النبي عليه الصلاة والسلام وقت هذه المواقيت وقال (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة) قال يهل وكلمة يهل خبرٌ بمعنى الأمر والأصل في الأمر الوجوب وعلى هذا فقد تركتم واجباً لكن نظراً لكونكم معذورين بالجهل يسقط عنكم الإثم ولكن بدل هذا الواجب وهو الفدية شاةً تذبحونها توزعونها بمكة لا بد منه عند أهل العلم فعلى هذا تكون العمرة صحيحةً ويلزمكم الدم كما قال ذلك العلماء.
***
سؤاله يقول رجل تعدى ميقاته ودخل مكة وسأل ماذا يصنع فقيل له ارجع إلى أقرب ميقات وأحرم منه وفعل فهل يجزي هذا أم لابد الرجوع إلى ميقاته الذي جاوزه في قدومه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا مر الإنسان بالميقات ناوياً النسك إما حجاً أو عمرة فإنه لا يحل له مجاوزته حتى يحرم منه لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت وقال (هن لهن ولما أتى عليهن من غير أهلن ممن يريد الحج أو العمرة) وهذا المسألة التي ذكرها السائل أنه تجاوز الميقات بلا إحرام حتى وصل مكة ثم قيل له ارجع إلى أقرب ميقات فاحرم منه نقول له إن هذه الفتوى التي أُفتيها ليست بصواب وأن عليه أن يذهب إلى الميقات الذي مرّ به لأنه الميقات الذي يجب الإحرام منه كما يدل على ذلك حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي أشرنا إليه آنفاً ولكن إن كان الذي أفتاه من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم وأعتمد على ذلك فإنه لا شيء عليه لأنه فعل ما يجب من سؤال أهل العلم وخطأ المفتي ليس عليه منه شيء.
***
هذا مستمع للبرنامج محمد السيد يقول في سؤاله بأنه يعمل بمدينة الرياض وسافر إلى مدينة جدة يوم الخميس مساءً ثم في صباح يوم الجمعة أحرم من جدة وذهب إلى مكة وقام بأداء مناسك العمرة مع العلم بأنه كان في نيته العمرة قبل خروجه من الرياض يقول قد أخبرني أحد الإخوان بأنه يجب عليّ الذبح لأنني كان من المفروض أن أحرم قبل خروجي أو في الطائرة طالما أن في نيتي العمرة قبل الخروج فهل فعلاً يجب علي الهدي أم لا أفيدونا جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا كان الإنسان قاصداً مكة يريد العمرة أو الحج فإن الواجب عليه أن لا يتجاوز الميقات حتى يحرم لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل اليمن من يلملم) وذكر الحديث وهذا خبرٌ بمعنى الأمر وعلى هذا فإن ما فعلته من ترك الإحرام من الميقات ولم تحرم إلا من جدة فعلٌ غير صحيح والواجب عليك عند أهل العلم أن تذبح فدية في مكة وتوزعها على الفقراء أما لو كنت مسافراً إلى جدة وليس في نيتك أن تعتمر ولكن بعد أن وصلت إلى جدة طرأ عليك أن تعتمر فهنا أحرم من المكان الذي نويت فيه العمرة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين وقت المواقيت (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة) ولكن كيف يكون الإحرام في الطائرة الإحرام في الطائرة أن يغتسل الإنسان في بيته ويلبس ثياب الإحرام وإذا حاذى الميقات وهو في الجو لبى وأحرم أي دخل في النسك وإذا كان يحب أن لا يلبس ثياب الإحرام إلا بعد الدخول في الطائرة فلا حرج المهم أن لا تحاذي الطائرة الميقات إلا وقد تهيأ واستتم ولم يبقَ عليه إلا النية والمعروف أن قائد الطائرة إذا قارب الميقات ينبه الركاب بأنه بقي على الميقات كذا وكذا ليكونوا متهيئين.
***
بارك الله فيكم المستمع م. ع. م. من اليمن مقيم بالرياض يقول بإنه يريد الحج إن شاء الله هذا العام لكن يريد أن يذهب إلى مدينة جدة أولاً فهل يجوز أن يحرم من جدة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: كل من أراد الحج أو العمرة فإنه يجب عليه إذا مرّ بأول ميقات أن يحرم منه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهنّ ممن يريد الحج أو العمرة) فلا يجوز لمن مر بميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات حتى يحرم والأمر سهل إذا أحرم من الميقات ووصل إلى جدة طلع إلى مكة وفي خلال ثلاث ساعات أو أقل أو أكثر قليلاً يرجع إلى جدة بعد أن أدى عمرته ويمكث فيها حتى يأتي وقت الحج فإذا جاء وقت الحج أحرم من جدة.
***
في سؤال المستمع ي. ح. ع. م. من مكة يقول رجل قابل زوجته في مطار جدة وهي محرمة بالعمرة وهو مقيم بمكة فأحرم من المطار بجدة فأرجو الافادة عن صحة عما فعلناه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما المرأة فهي محرمة كما ذكر السائل والظاهر أنها قد أحرمت من الميقات فيكون إحرامها صحيحا ليس فيه شيء وأما الرجل فإحرامه أيضاً صحيح لأنه إذا كان مقيماً بمكة وأحرم من جدة فقد أحرم من الحل فيكون إحرامه صحيحاً ولا حرج عليه.
***
بارك الله فيكم سائل يقول من سافر بالطائرة من الرياض إلى جدة بنية العمرة لكنه لم يحرم ولما وصل المطار ذهب إلى السيل الكبير وأحرم منه هل عمله صحيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا سافر من الرياض إلى جدة بالطائرة فإن أقرب ميقات تمر به الطائرة هو السيل الكبير فيجب عليه أن يحرم من السيل الكبير إذا حاذاه في الجو وعلى هذا يكون متأهباً فيغتسل في بيته ويلبس ثياب الإحرام فإذا قارب الميقات بنحو خمس دقائق فليكن على أتم تأهب وليلبي بالعمرة فإن لم يفعل فمن الواجب عليه إذا هبط المطار في جدة أن يذهب إلى السيل الكبير ويحرم منه وفي هذا الحال لا يكون عليه شيء لأنه أدى ما يجب عليه وهو الإحرام من الميقات.
***
بارك الله فيكم هذا مستمع للبرنامج محمد إسماعيل من سوريا حلب ومقيم في الأردن ويقول فضيلة الشيخ كنت لا أعرف مكان الإحرام فأحرمت من مطار جدة مع العلم بأنني أقلعت من مطار دمشق فهل الإحرام صحيح أو على كفارة أفيدونا أفادكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المسافر على الطائرة إلى مكة يريد العمرة يجب عليه أن يحرم عند أول ميقات يحاذيه من فوق لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت المواقيت وقال (هن لهن ولمن آتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة) ولما سأل أهل العراق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل لهم ميقاتا قال (انظروا إلى حذوها) يعني قرن المنازل من طريقكم فدل هذا الأثر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن محاذاة الميقات كالوصول إلى الميقات بالفعل وعلى هذا فمن حاذى الميقات من فوق الطائرة فإنه يجب عليه الإحرام منه ولا يحل له أن يؤخر الإحرام حتى يصل إلى جدة فإن فعل فإن كان متعمدا فهو آثم وعليه الفدية شاة يذبحها في مكة و يوزعها على الفقراء وإن فعل ذلك جاهلا كما يفيده سؤال هذا السائل فإنه لا أثم عليه لأنه معذور بجهله لكن عليه الفدية جبرا لما نقص من إحرامه شاة يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء وعلى هذا فنقول للسائل يذبح فدية في مكة ويوزعها على الفقراء إما بنفسه إن ذهب إلى مكة أو بتوكيل غيره ممن هو في مكة أو قريب له يذبحها عنه ويوزعها على الفقراء، هذا إذا كان قادرا على ذلك قدرة مالية أما إذا كان غير قادر فإنه لا شي عليه لا إطعام ولا صيام وهذا الحكم في كل من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة فإن عليه الفدية كما قال أهل العلم يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء فإن لم يجد فلا شي عليه لا إطعام ولا صيام.
***
جزاكم الله خيرا السائلة التي رمزت لاسمها بـ م م من الرياض تذكر بأنها امرأة حجت منذ ثمانية وثلاثين عاما وكانت هي الحجة الأولى لي كنت أسكن في المنطقة الشمالية عرعر واتجهت إلى المنطقة الغربية جدة بالطائرة بذلك أكون قد تعديت الميقات وكنت جاهلة بالأمر فلم أتكلم ولم أقل شيئا بهذا الخصوص علما بأنني اعتمرت منذ خرجت من منزلي وأتممت الحجة على هذا الأمر وسؤالي هل علي شيء في ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ذكر أهل العلم رحمهم الله أن من أحرم دون الميقات الذي مر به فعليه فدية أي شاة يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء وتكون عمرته صحيحة وحجه صحيحا وعلى هذا نقول لهذه المرأة عليك الفدية بأن تذبحي شاة في مكة وتوزع على الفقراء ولا يأكل منها شيء وإذا كانت لا تستطيع أن تفعل ذلك بنفسها فلا حرج أن توكل من تثق به ليقوم بهذا العمل في مكة.
***
يقول هذا السائل هل لأهل مكة إحرام من بيوتهم أم من مسجد التنعيم والذين يسكنون في نواحي بعيدة مثل العزيزية والرصيفة هل يلزمهم التنعيم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز لأحد أن يحرم من مكة لا أهل مكة ولا غيرهم إلا في الحج فقط وأما العمرة فلابد أن يخرجوا إلى التنعيم أو إلى غيره من جهة الحل فمثلا إذا كان في الرصيفة أو في غربي مكة ورأى أن الأسهل عليه أن يخرج عن طريق جدة ويحرم من الحديبية من جانبها الذي في الحل فلا بأس أو كان في العوالي وأراد أن يخرج إلى عرفة ويحرم منها فلا بأس لأن المقصود أن يحرم من الحل سواء من التنعيم أو من غيره.
***
سائل يقول أتيت إلى العمرة مرتين ولم أحرم من الميقات فماذا يلزمني؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للإنسان إذا مر بالميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوزه إلا بإحرام (لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرض هذه المواقيت فقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة) فإن تجاوز الميقات بدون إحرام وأحرم من دونه فإن أهل العلم يقولون إن عليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء ولا يأكل منها شيئا وعلى هذا فيلزم أخانا السائل فديتان عن كل عمرة فدية تذبحان في مكة وتوزعان على الفقراء ولا يأكل منهما شيئا ثم إنني بهذه المناسبة أود أن أحذر إخواننا من التهاون بهذا الأمر لأن بعض الناس يتهاون ولاسيما الذين يقدمون مكة عن طريق الجو فإن منهم من يتهاون ولا يحرم إلا من جدة وهذا غلط لأن محاذاة الميقات من فوق كالمرور به من تحت ولهذا لما شكى أهل العراق إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن قرن المنازل جور عن طريقهم أي بعيد عن طريقهم قال (انظروا إلى حذوها من طريقكم) وهذا مبدأ المحاذاة فالواجب على من أراد الحج أو العمرة ألا يتجاوز الميقات حتى يحرم سواء كان ميقاته أو ميقات البلد الذي مر به فإذا قدر أن شخصا أقلع من مطار القصيم يريد العمرة فإن الواجب عليه أن يحرم إذا حاذى ميقات أهل المدينة ولا يتجاوزه وفيما إذا كان يخشى من أنه لا يحرم من الميقات فليحرم من قبل ولا يضره لأن الإحرام من قبل الميقات لا يضره شيئا لكن تأخير الإحرام بعد تجاوز الميقات هو الذي يضر الإنسان فينبغي للإنسان أن ينتبه لهذه الحال حتى لا يقع في الخطأ وكذلك لو جاء عن طريق البر ماراً بالمدينة فإن الواجب عليه أن يحرم من ذي الحليفة ولا يجوز أن يؤخر الإحرام إلى ما بعدها.
***
جزاكم الله خيرا يقول السائل ذهبت إلى مكة للعمرة فمررت بالميقات فلم أحرم منه بل اتجهت إلى مكة مباشرة واستأجرت فيها ثم ذهبت من مكة إلى الميقات وأديت العمرة وقد قال لى بعض الإخوان بأن عليك دم لأنك لم تحرم من الميقات قبل دخول مكة علما بأنني أجهل هذا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك دم لأنك لم تحرم دون الميقات بل رجعت إلى الميقات وأحرمت منه وبهذا زال موجب الدم أما لو أحرمت من مكة أو مما دون الميقات ولو خارج مكة فإن عليك دماً تذبحه في مكة وتوزعه على الفقراء لكن ما دمت رجعت إلى الميقات وأنت محل ثم أحرمت من الميقات فلا شيء عليك.
***
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ هذا سائل يقول فضيلة الشيخ أديت فريضة الحج ولم أحرم بالحج من الميقات إلا بعد أن تجاوزت هذا الميقات لأنني كنت أجهل مناسك الحج وقرأت بأن الإحرام من أركان الحج ومن ترك الإحرام فلا حج له فماذا يلزمني هل أعيد الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أن المواقيت التي وقتها الرسول عليه الصلاة والسلام يجب على كل من مر بها وهو يريد الحج أو العمرة أن يحرم منها لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بذلك فمن تجاوزها وهو يريد الحج أو العمرة ولم يحرم وأحرم من دونها فإن عليه عند أهل العلم فدية جبراً لما ترك من الواجب يذبحها بمكة ويوزعها كلها على الفقراء ولا يأكل منها شيئا وأما قول العلماء إن الإحرام ركن فمرادهم بالإحرام نية النسك لا أن يكون الإحرام من الميقات لأن هناك فرقا بين نية النسك وبين كون النية من الميقات فمثلا قد يتجاوز الإنسان الميقات ولا يحرم ثم يحرم بعد ذلك فيكون هنا أحرم وأتى بالركن لكنه ترك واجباً وهو الإحرام من الميقات والرجل حسب ما فهمنا من سؤاله قد أحرم بلا شك لكنه لم يحرم من الميقات فيكون هنا حجه صحيحاً ولكن عليه فدية عند أهل العلم تذبح في مكة وتوزع على الفقراء إن استطاع أن يذهب بنفسه وإلا فليوكل أحداً وإن لم يجد من يوكله ولم يستطع أن يذهب فمتى وصل إلى مكة في يوم من الأيام أدى ما عليه.
***
بارك الله فيكم أيضاً فضيلة الشيخ ما رأيكم فيمن كان طريقه لا تمر بهذه المواقيت وإذا أحرم قبل الميقات ما حكم ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان لا يمر بشيء من هذه المواقيت فإنه ينظر إلى حذاء الميقات الأقرب إليه فإذا مر في طريق بين يلملم وقرن المنازل فينظر أيهما أقرب إليه فإذا حاذى أقربهما إليه أحرم من محاذاته ويدل لذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه أهل العراق وقالوا يا أمير المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرناً وإنها جور عن طريقنا يعني فيها ميلٌ وبُعدٌ عن طريقنا فقال رضي الله عنه (انظروا إلى حذوها من طريقكم) فأمرهم أن ينظروا إلى محاذاة قرن المنازل ويحرموا هكذا جاء في صحيح البخاري وفي حكم عمر رضي الله عنه هذا فائدة جليلة وهي أن الذين يأتون بالطائرات وقد نووا الحج أوالعمرة ويمرون بهذه المواقيت إما فوقها أو عن يمينها أو يسارها يجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا هذه المواقيت ولا يحل لهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا في جدة كما يفعله كثير من الناس فإن هذا خلاف ما حدده النبي عليه الصلاة والسلام وقد قال الله تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) وقال الله تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) فعلى الإنسان الناصح لنفسه إذا كان جاء عن طريق الجو وهو يريد الحج أو العمرة عليه أن يكون متهيئاً للإحرام في الطائرة فإذا حاذت أول ميقات يمر به وجب عليه أن يحرم أي أن ينوي الدخول في النسك ولا يحل له أن يؤخر ذلك حتى يهبط في مطار جدة.
***
أحسن الله إليكم يقول السائل أحرمت بالعمرة وكنت قد تركت الإحرام من الميقات ولبست سروالاً قصيراً فما حكم ذلك؟ وماذا يجب علي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولا يجب أن نعلم أنه لا يحل لإنسان أن يتجاوز الميقات وهو يريد الحج أو العمرة إلا أن يحرم منه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقت المواقيت وأمر بالإحرام منها لمن أتاها وهو يريد الحج أو العمرة ثانيا إذا فعل الإنسان هذا أي تجاوز الميقات بلا إحرام وهو يريد الحج أو العمرة فإنه آثم عاصٍ لله ورسوله وعليه عند أهل العلم فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء ولا يأكل منها شيئا جبراً لما ترك من واجب الإحرام حيث ترك واجبا في الإحرام وهو أن يكون الإحرام من الميقات.
***
المستمع جمال عبد الفتاح مصري يقول منذ خمس سنوات قدمت لأداء فريضة الحج وذهبت بالطائرة ولم يكن معي إحرام وعندي وصولي إلى مطار جدة أحرمت منه وذلك كان لعدم وجود إحرام معي فما الحكم في ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: عليك أن تتوب إلى الله مما صنعت لأنك فرطت في أمر واجب عليك فإن الواجب على من أراد أن يفعل عبادة أن يكون متأهباً لفعل ما يجب فيها علماً واستعداداً وكان يجب عليك أن تعلم أنه لا بد عليك أن تحرم من الميقات إذا حاذيته في الطائرة وأنه لا بد أن يكون معك إحرام وأنت في الطائرة فأنت الآن مفرط فعليك أن تتوب إلى الله وعليك أيضاً أن تذبح فدية في مكة توزع على الفقراء عوضاً عما تركت من الواجب من الإحرام من الميقات ثم إن الحقيقة أنه يمكن للإنسان أن يحرم في الطائرة بدون إحرام بحيث يخلع قميصه ويبقى على سراويله لأن السراويل يجوز لبسها في الإحرام إذا لم يكن معه إزار ويجعل محل الرداء قميصه الذي عليه بمعنى أنه إذا خلعه لفَّه على صدره وكان هذا بمنزلة الرداء وهذا أمر سهل يسير جداً ليس بصعب لكن أكثر الناس يجهلون هذا ويظنون أن الإحرام لابد أن يكون بالإزار والرداء المعروفين.
***
بارك الله فيكم من الزلفي أختكم في الله ح. ع. خ. تقول ذهبوا إلى العمرة وهي حائض وبعد أن طهرت أحرمت من البيت فهل يجوز ذلك وإذا كان لا يجوز ماذا عليها أن تفعل وما الكفارة تقول مع العلم بأنني لا أعلم بحكم ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز الإحرام من البيت في مكة للعمرة لا لأهل مكة ولا لغيرهم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أرادت عائشة أن تأتي بعمرة من مكة أمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن يخرج بها إلى التنعيم وقال (اخرج بأختك من الحرم فلْتُهِلَّ بعمرة) وعلى هذا فهذه المرأة يجب عليها الآن على ما ذكره أهل العلم دم أي ذبح شاة بمكة توزع جميع لحمها على الفقراء ولما كانت جاهلة لا تعلم سقط عنها الإثم لكن الفدية لا تسقط لأنها عن ترك واجب ثم إن المشروع في حقها أنها لما وصلت الميقات أحرمت ولو كانت حائضا فإن إحرام الحائض لا بأس به لأن أسماء بنت عميس زوج أبي بكر رضي الله عنهما ولدت في ذي الحليفة عام حجة الوداع فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كيف تصنع فقال لها (اغتسلي واستفثري بثوب وأحرمي) وعلى هذا إذا دخلت المرأة من الميقات وهي حائض أو نفساء فإنها تغتسل وتحرم كسائر الناس إلا أنها لا تطوف البيت ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر فتطوف ثم تسعى.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 12-04-2019, 04:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (3-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (3-9)إدارة الملتقى الفقهي
فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (3-9)
باب الإحرام أنواعه – تحويله - الاشتراط - إحرام الحائض

بارك الله فيكم لعلكم تحدثون المستمعين يا فضيلة الشيخ عن أفضل المناسك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أفضل المناسك التمتع وهو أن يأتي الحاج بالعمرة أولاً ويتحلل منها ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه به وقال (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولا أحللت معكم) ولأن التمتع يجمع بين نسكين مع تمام أفعالهما فإن المتمتع يأتي بالعمرة كاملة وبالحج كاملاً ولهذا كان القول الراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أن على المتمتع طواف وسعي للعمرة وطواف وسعي للحج كما جاء ذلك في حديث ابن عباس وعائشة رضى الله عنهما ولأن التمتع يحصل به متعة للحاج لأنه بين العمرة والحج يتحلل تحللاً كاملاً ويتمتع بما أحل الله له من محظورات الإحرام التي لو بقي على إحرامه لكان ممنوعاً منها هذا إن لم يكن ساق الهدي، فإن كان الناسك قد ساق الهدي فإنه لا يأتي بالتمتع ويكون قارناً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأن من ساق الهدي لا يمكنه أن يحل حتى يبلغ الهدي محله كما قال الله تعالى (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام (إني سقت الهدي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أنحر).
***
بارك الله فيكم من الأردن المستمع الكريم يقول في سؤال له ما هو أفضل النسك بالنسبة للحاج والذي يريد أن يحج لأول مرة بالتفصيل بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أفضل نسك للحاج أن يحرم بالعمرة أولاً من الميقات ثم إذا وصل إلى مكة طاف وسعى وقصر ثم لبس ثيابه وحلّ من احرامه إحلالاً تاماً فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج وخرج إلى منى وبات بها ليلة التاسع فإذا كان يوم التاسع ذهب إلى عرفة ووقف بها إلى أن تغرب الشمس ثم يدفع منها إلى مزدلفة ويبيت بها ثم يدفع منها قبل أن تطلع الشمس إذا أسفر جداً فيرمي جمرة العقبة ثم ينحر هديه ثم يحلق رأسه ثم ينزل إلى مكة فيطوف ويسعى ثم يرجع إلى منى فيبيت بها الليلة الحادية عشرة والليلة الثانية عشرة ويرمي في هذين اليومين بعد الزوال الجمرات الثلاث كلها يبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة ثم إن شاء تعجل فخرج وإن شاء بقي إلى اليوم الثالث عشر وإذا أراد أن يرجع إلى بلده فإنه لا يخرج حتى يطوف للوداع هذا أفضل الأنساك ويسمى عند أهل العلم التمتع لأن الرجل تمتع بين العمرة والحج بما كان حراماً على المحرم حيث إنه حل من إحرامه وتمتع بما أحل الله له فهذا هو أفضل الأنساك فينبغي للحاج سواء كان حجه فريضة أو نافلة ينبغي له أن يحرم على الوجه الذي ذكرناه وهو التمتع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من لم يسق الهدي من أصحابه به وقال (افعلوا ما أمرتكم به).
***
بارك الله فيكم الأنواع الأخرى فضيلة الشيخ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما النوع الآخر من الأنساك فهو القران وهو أن يحرم الإنسان بالحج والعمرة جميعاً من الميقات فإذا وصل إلى مكة طاف للقدوم ثم سعى للحج وبقي على إحرامه لا يحل فإذا كان يوم الثامن خرج إلى منى وفعل للحج كما ذكرنا أولاً لكنه ينوي بطوافه طواف الافاضة الذي يكون يوم العيد ينوي به إنه للحج والعمرة جميعاً كما ينوي بالسعي الذي سعاه بعد طواف القدوم أنه للحج والعمرة جميعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة (طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لعمرتك وحجك). أما المفرد وهو النوع الثالث من أنواع النسك فهو أن يحرم بالحج وحده من الميقات ويبقى على إحرامه وصفة أعمال المفرد كصفة أعمال القارن إلا أن المفرد لا يحصل له إلا نسك واحد والقران يحصل له نسكان عمرة وحج ولهذا وجب على القارن الهدي ولم يجب على المفرد لأن القارن حصل له نسكان عمرة وحج فلزمه الهدي بخلاف المفرد فإنه لم يحصل له إلا حج فقط فلم يلزمه الهدي.
***
بارك الله فيكم يقول أريد الحج إن شاء الله ولكن لا أعرف مناسك الحج ولا أعرف معنى التمتع والافراد والقران وأيضاً الهدي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: جوابي على هذا أن الله سبحانه وتعالى قد أجابه في قوله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) والواجب على من أراد عبادة يجهلها أن يسأل أهل العلم عنها حتى يعبد الله على بصيرة لأن من شروط العبادة الاخلاص لله عز وجل والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تمكن المتابعة إلا بمعرفة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم به من أعمال العبادة القولية والفعلية ولهذا أقول لهذا السائل إذا أردت الحج وأنت لا تعرف أحكامه ولا تعرف المناسك فالواجب عليك أن تسأل أهل العلم بذلك وإنني أوكد لمن أراد الحج أو على من أراد الحج أن يصحب أحداً من أهل العلم من طلبة العلم الذين عرفوا بمعرفة الأحكام التي تتعلق بالحج من أجل أن يكون مهتدياً بما يرشدونه إليه.
***
يقول السائل ما الفرق بين التمتع والإفراد والقران؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الفرق بين هذه الأنساك كما يلي أولا التمتع أن يهل بالعمرة في أشهر الحج ويتمها فيطوف ويسعى ويقصر ويحل حلاً كاملاً ثم يحرم بالحج في عامه فتكون عمرة منفصلة عن الحج وأما القران فهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً فيقول عند ابتداء إحرامه لبيك عمرة وحجاً وفي هذه الحال تكون الأفعال للحج وتدخل العمرة في أفعال الحج وأما الإفراد فهو أن يحرم بالحج مفرداً ولا يأتي معه بعمرة فيقول لبيك اللهم حجاً عند الإحرام من الميقات هذا فرق من حيث الأفعال أما من حيث وجوب الدم فإن الدم يجب على المتمتع وعلى القارن دون المفرد وهذا الدم ليس دم جبران ولكنه دم شكران ولهذا يأكل الإنسان منه ويهدي ويتصدق أما من حيث الأفضلية فالأفضل التمتع إلا من ساق الهدي فالأفضل له القرآن ثم يلي التمتع القران ثم الإفراد.
***
أحسن الله إليكم في سؤاله الأخير يقول ما الفرق بين التمتع والإفراد والقران وأيهما أفضل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: القران والإفراد سواء في الأفعال لكن يمتاز القارن بأنه حصل على نسكين العمرة والحج وأنه يجب عليه الهدي إن استطاع وإلا صام ثلاثة أيام في الحج وسبعةً إذا رجع وأما المتمتع فالفرق بينه وبين القارن والمفرد أن المتمتع يأتي بعمرة تامة مستقلة بطوافها وسعيها وتقصيرها وبحجٍ تام بطوافه وسعيه وبقية أفعاله لكنه يشارك القارن بأن عليه الهدي فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع وأما أيها أفضل فأفضلها التمتع لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر به أصحابه وحتم عليهم وغضب لما تباطئوا وراجعوه في هذا الأمر فالتمتع أفضل من القران ومن الإفراد.
***
بارك الله فيكم هذا السائل عطية مصري من طنطا يقول رجلٌ أدى العمرة في شوال ثم عاد بنية الحج مفرداً فهل يعتبر متمتعاً ويجب عليه الهدي أم لا أفتونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أدى العمرة في شوال فقد أداها في أشهر الحج لأن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة فإذا أدى العمرة في شوال فقد أداها في أشهر الحج ثم إن بقي في مكة أو سافر إلى غير بلده وأتى بالحج فهو متمتع وإن سافر إلى بلده ثم رجع من بلده مفرداً بالحج فليس بمتمتع ووجه ذلك أنه أفرد العمرة بسفر وأفرد الحج بسفرٍ آخر فإن الإنسان إذا عاد إلى بلده انقطع سفره فيكون بذلك قد أنشأ للحج سفراً جديداً منفصلاً عن السفر الأول الذي أدى فيه العمرة وهذا هو أعدل الأقوال في هذه المسألة والقول الثاني أنه لا يزال متمتعاً ولو رجع إلى بلده ثم عاد مفرداً والقول الثالث أنه إذا سافر من مكة مسافة القصر إلى بلده أو غير بلده فإنه يكون بذلك مفرداً وينقطع التمتع ولكن ما ذكرناه من التفصيل والتفريق بين حضوره من بلده وغيره وهو الصحيح وهو المروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
***
الرسالة من المستمع إبراهيم مطر من جيزان يقول رجل أحرم بالعمرة في أشهر الحج وطاف وسعى ثم ذهب إلى المدينة للزيارة وأحرم من آبار علي مفرداً بالحج فهل هذا يعتبر متمتعاً بناءاً على العمرة السابقة أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: مادام هذا الرجل حين أتى للعمرة في أشهر الحج قد عزم على أن يحج من عامه فإنه يكون متمتعاً لأن سفره بين العمرة والحج لا يبطل التمتع إلا إذا رجع إلى بلده وأنشأ السفر من بلده إلى الحج فحينئذٍ ينقطع تمتعه لأنه أفرد كل نسك بسفر مستقل فهذا الرجل الذي ذهب إلى المدينة بعد ما أدى العمرة ثم أحرم بالحج من آبار علي يلزمه هدي التمتع لعموم قوله تعالى (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).
***
هذا السؤال من المستمع عبد الله أحمد عطية الزهراني بعث يقول لقد نويت الحج والعمرة في عام مضى وعندما وصلت الميقات أحرمت ولبيت بعمرة لأن الحج بقي عليه خمسة عشر يوماً وعندما اعتمرت سافرت إلى جدة ومكثت فيها حتى جاء الحج وأحرمت للحج من هناك وأديت فريضة الحج ولكني لم أهدِ عن التمتع وسألت عن ذلك فقيل لي إن سفرك من مكة إلى جدة يسقط عنك فدية التمتع فهل هذا صحيح أم لا وإذا كان يلزمني شي بعد هذه المدة فماذا علي أن أفعل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المتمتع هو الذي يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويحل منها ثم يحرم بالحج من عامه يلزمه هدي بنص القرآن لقوله تعالى (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) واختلف أهل العلم هل يسقط هذا الهدي إذا سافر بين العمرة والحج مسافة قصر أولا يسقط؟ والصحيح أنه لا يسقط لعدم وجود دليل صحيح يسقطه والهدي قد ثبت بالتمتع بمقتضى الدليل الشرعي فلا يسقط إلا بمقتضى دليل شرعي آخر ولكن إذا رجع الإنسان إلى بلده وليس غرضه إسقاط الهدي ثم رجع من بلده فأحرم بالحج فإن الصحيح أنه لا هدي عليه في هذه الحال لأنه أنشأ سفراً جديداً للحج من بلده فكأنه مفرد وأما بالنسبة لما جرى منك وقولك إنه قيل لك أن سفرك إلى جدة يسقط الهدي فإن كان من قال لك ذلك من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم فلا شيء عليك لأن هذا قد قال به بعض أهل العلم ولعل هذا المفتي ممن يرى ذلك والعامي فرضه أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فإذا سألهم وأفتوه فإن الفتوى إن كانت خطئاً كانت على من أفتاه أما إذا كان الذي قال لك إنه ليس عليك شي من عامة الناس الذين لا يفهمون فإنه لا يجوز لك الاعتماد على قولهم والواجب عليك أن تسأل أهل العلم وحينئذ أي في هذه الحال يلزمك الآن أن تذبح هدياً عن تمتعك في العام الماضي تذبحه في مكة وتأكل منه وتهدي وتصدق.
***
هذه رسالة من المستمع موسى صالح من المنطقة الشرقية يقول أنا شخصٌ أردني الجنسية نويت الحج قبل أربع سنوات وذهبت مع أصحابي من أجل أداء الحج ونويت حجاً وعمرةً تمتعاً وبعد أداء العمرة فقدت أصدقائي ولم أكمل الحج فهل علي شيء في هذه الحالة علماً بأنني أديت الحج في السنة الماضية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا شيء عليك لأن المتمتع إذا أحرم بالعمرة ثم بدا له أن لا يحج قبل أن يحرم بالحج فلا شيء عليه إلا أن ينذر إذا نذر أن يحج هذا العام وجب عليه الوفاء بنذره وإذا كان بدون نذر فلا حرج عليه إذا ترك الحج بعد أداء العمرة.
***
أحمد محمد من جمهورية مصر العربية يقول في رسالته قال الله تعالى (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) من هم حاضرو المسجد الحرام هل هم أهل مكة أم أهل الحرم أفيدونا بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الذي ذكره السائل هو جزء من آية ذكرها الله سبحانه وتعالى فيمن تمتع فقال (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هم أهل مكة ومن كان من الحرم دون مسافة القصر على اختلاف بين العلماء في تحديدها هؤلاء هم حاضرو المسجد الحرم فمن كان من حاضري المسجد الحرام فإنه وإن تمتع بالعمرة إلى الحج ليس عليه هدي مثل لو سافر الرجل من أهل مكة إلى المدينة مثلاً في أشهر الحج ثم رجع من المدينة فأحرم من ذي الحليفة بالعمرة مع أنه قد نوى أن يحج هذا العام فإنه لا هدي عليه هنا لأنه من حاضري المسجد الحرام ولو أن أحداً فعله من غير حاضري المسجد الحرام لوجب عليه الهدي أو بدله إن لم يجده وأهل مكة يمكن أن يتمتعوا ويمكن أن يقرنوا ولكن لا هدي عليهم فمثال تمتعهم ما ذكرت آنفاً أن يكون أحدٌ من أهل مكة في المدينة فيدخل مكة في أشهر الحج محرماً بعمرة ناوياً أن يحج من سنته ثم يحج فهذا تمتع بالعمرة إلى الحج لكن لا هدي عليه لأنه من حاضري المسجد الحرام ومثال القران أن يكون أحد من أهل مكة في المدينة ثم يحرم من ذي الحليفة في أيام الحج بعمرة وحج قارناً بينهما فهذا قارن و لا هدي عليه أيضاً لأنه من حاضري المسجد الحرام.
***
أحسن الله إليكم من بيشة السائلة أ. م تقول فضيلة الشيخ هل يصح لنا التمتع ونحن لم نصل إلى مكة إلا بعد الزوال من يوم التروية ولم نحرم للحج إلا مع غروب اليوم نفسه أم كان الواجب علينا القران؟
فأجاب رحمه الله تعالى: كان الذي ينبغي لمن قدم مكة بعد خروج الناس إلى منى وهو ضحى اليوم الثامن أن يخرج إلى منى للحج إما قرانا وإما إفرادا لأن اشتغاله بالحج في زمن الحج أفضل من اشتغاله بعمرة إذ أن العمرة يمكن أن يشتغل بها في وقت آخر أما زمن الحج فيفوت لهذا نقول لمن قدم ضحى اليوم الثامن إلى مكة الأفضل لك أن تحرم بحج وعمرة قرآنا أو بحج إفرادا لأنه لا مكان للعمرة الآن الزمن الآن هو للحج فإن قال قائل أليس يجوز للإنسان أن يتأخر ولا يخرج إلى منى إلا في الليل أو لا يأتي منى أصلا ويذهب إلى عرفة فالجواب بلى يجوز ذلك لكن ليس معنى هذا أن الوقت الذي هو وقت الحج إذا أخر الإنسان إحرامه بالحج أو خروجه إلى المشاعر ليس معناه أن الإنسان يفعل في هذا ما شاء بل نقول الأفضل إذا دخل وقت الحج ألا يشتغل الإنسان بغيره.
***
أحسن الله إليكم المستمع عبد الله ح. م. ع. مكة المكرمة يقول هل السعي بعد طواف القدوم للقارن والمفرد والمتمتع يجزئ عن سعي الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما القارن والمفرد فسعيه بعد طواف القدوم يجزئ لأن أفعال العمرة دخلت في الحج لأن القارن أفعاله كأفعال المفرد تماماً ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه الذين كانوا معه أي قارنين لم يسعوا مرتين وأما المتمتع فلا يكفيه سعي العمرة عن سعي الحج لأن النسكين انفصلا وتميز بعضهما عن الآخر فيجب على المتمتع طواف العمرة حين يقدم مكة وسعي العمرة ويجب عليه طواف الإفاضة وسعي الحج فالطواف والسعي الأول للعمرة والطواف والسعي الثاني للحج ولا بد.
***
أحسن الله إليكم هذا السائل يقول حجت والدتي متمتعة لكنها لم تسعَ بين الصفا والمروه إلا أربعة أشواط لأنها مريضة وطلبت أن أحضر لها العربة لأنها مريضة لحملها عليها وأكمل معها السعي ولكنها رفضت لجهلها وظنا منها أنها تشعر بالحرج والعجز وهذا جهل منها مع العلم بأنني في العام القادم ذبحت هدي في مكة المكرمة ولكن هل يجزي ذلك أم نكمل لها الأشواط المتبقية مع العلم بأنها مصرة ومن الصعب أن تحضر مرة أخرى وذلك لمرضها وجزاكم الله خيرا.
فأجاب رحمه الله تعالى: مسألتها مشكلة على قواعد الفقهاء رحمهم الله وذلك لأن عملها هذا يتضمن أنها أحرمت بالحج قبل أن تتم العمرة في وقت لا يصح فيه إدخال الحج على العمرة لأن إدخال الحج على العمرة إنما يكون قبل الشروع في طوافها وهذه قد طافت وسعت أربعة أشواط فيكون إدخال الحج على العمرة في هذه المسألة خطأ فمن العلماء من يقول إن إحرامها بالحج غير منعقد وأنه لا حج لها وفي هذه الحال يجب أن ترجع إلى مكة على إحرامها وتسعى وتقصر لكن لو قال قائل إن في مثل هذه الضرورة يحكم بصحة دخول إدخال الحج على العمرة وتكون بذلك قارنه ويكفيها سعي واحد لكنت أرجو أن لا بأس بذلك ثم إنه يقول إن أمه أبت أن يأتي بالعربة لتكمل عليها أشواط السعي أقول في مثل هذه الحال حتى لو أبت الأم يجب عليه أن يبين أن عمرتها لم تتم وأنه يلزمها أن تتم عمرتها ويؤكد عليها حتى لو غضبت ولو زعلت لأن هذا أمر عبادة لا يمكن أن يراعى فيها جانب المخلوق.
***
سائل يقول حج معي رجل العام الماضي لكنه حج مفرداً وبعد الطواف والسعي حلق رأسه أسوة بالآخرين فماذا عليه هل يبقى مفرداً أم له أن يحلق أن يجعلها عمرة وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نقول الأفضل أن يجعلها عمرة كل من حج مفرداً أو قارناً وليس معه هدي فإنه ينبغي أن يحول إحرامه إلى عمرة ليصير متمتعاً هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وحتم عليهم في ذلك ولكن هذا الرجل الذي حلق رأسه لمجرد التأسي بالآخرين وهو باقٍ على نية إفراده يبقى على نية إفراده يكون مفرداً فقط ويكون هذا الحلق الذي حصل منه يكون هذا الحلق صادراً منه عن جهل والحلق إذا صدر من المحرم عن جهل فإنه ليس عليه إثم وليس عليه فيه كفارة لعموم قول الله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا).
***
يسأل ويقول بالنسبة للقارن هل يكفيه أن يطوف طوفاً واحداً ويسعى سعياً واحداً للحج والعمرة مثل المفرد أم أنه لا بد من طوافين وسعيين أفيدونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح أنه أي القارن ليس عليه إلا طواف واحد وسعي واحد كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه أي القارن أول ما يقدم إلى مكة يطوف طواف القدوم ثم يسعى بين الصفا والمروة للحج والعمرة ويبقى على إحرامه فإذا كان يوم العيد رمى جمرة العقبة ونحر وحلق نزل إلى مكة فطاف طواف الإفاضة بنيته للعمرة والحج فإذا أراد أن يسافر إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان طوافان وسعيان لأن العمرة في هذه الصورة دخلت في الحج فهي كما لو نوى الجنب الغسل فإنه يكفيه الغسل عن الوضوء.
***
بارك الله فيكم هذا المستمع أخوكم في الله أ. ع. م. محمد سوداني يقول في هذه الرسالة سؤالي حججنا مع والدي عام 1401 هـ أول مرة نحج فيها ولما أحرمنا وطفنا طواف القدوم قصينا من شعر الرأس وكنا محرمين بالحج مفردين والوالد رجع إلى السودان وأنا حضرت إلى الرياض فأنا أعمل هنا وقد صمت عشرة أيام في الرياض والوالد لم يصم أرجو إفادتي في ذلك وما هو المطلوب مني ومن والدي بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك وعلى والدك شيء وذلك أن تقصيركما للرأس كان عن جهل لم تريدا به التحلل من الاحرام لأنكما مفردان للحج والمفرد للحج لا يحل من إحرامه إلا يوم العيد إذا رمى وحلق وقصر وكل من فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلا ًفليس عليه إثم وليس عليه فدية لقول الله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقوله تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تعالى في الصيد (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) والجاهل غير متعمد للإثم فهو غير آثم وإذا كان غير آثم لم يترتب عليه كفارة الآثم والخلاصة أنه لا شيء عليك ولا على أبيك.
***
السؤال يقول حججت مفرداً وطفت للقدوم وسعيت فهل علي سعي بعد طواف الإفاضة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك سعي بعد طواف الإفاضة المفرد إذا طاف للقدوم وسعى بعد طواف القدوم فإن هذا السعي هو سعي الحج فلا يعيده مرة أخرى بعد طواف الإفاضة.
***
الذي يأتي لعمل إلى مكة مثلاً قبل الحج بأشهر أو بأيام ثم يأتيه الحج له أن يحج مفرداً وإن كان قد أخذ عمرة في أشهر الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أخذ عمرة في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ورجع من بلده مفرداً فهو مفرد أما إذا أخذ العمرة وذهب إلى بلد آخر فهذا اختلف العلماء فيه إذا سافر بين العمرة والحج مسافة قصر لغير بلده فمنهم من يرى أنه إذا سافر إلى بلد إلى مسافة قصر بين العمرة والحج إلى غير بلده أو إلى بلده فإن التمتع ينقطع ويسقط عنه هدي التمتع ومنهم من يرى أن من سافر إلى بلده انقطع منه التمتع لأنه في الحقيقة أنشأ سفراً جديداً للحج وأما إذا ذهب إلى غير بلده ولو فوق المسافة فإنه لا ينقطع لأنه ما زال في سفر وهذا هو الراجح.
***
هذه رسالة وردتنا من المستمع س م ع يقول رجل جاء بالإفراد فطاف طواف القدوم فقط وبدأ له أن يسعى بعد يومين من طوافه بالقدوم فهل له ذلك أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للمفرد الذي قدم إلى مكة بنية الحج وحده أن يطوف للقدوم ويؤخر السعي يوماً أو يومين أو أكثر وله أن يؤخر السعي أيضاً إلى ما بعد طواف الإفاضة في يوم العيد ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طافوا أول ما قدموا وسعوا فهذا هو الأفضل ولكن تأخيره لا حرج فيه.
***
جزاكم الله خيراً هذا السائل محمود محمود خطاب مصري يعمل بالمملكة الدوادمي يقول قمنا بأداء فريضة الحج في العام الماضي أنا وبعضٌ من زملائي وكانت النية في الإحرام بالتمتع ولكن الذي حدث أننا بعد تأديتنا لطواف وسعي العمرة لم نحل من إحرامنا ولم نقصر ونحلق بل بقينا على إحرامنا إلى أن ذبحنا الهدي ثم خلعنا الإحرام فهل حجنا صحيحٌ بهذا الشكل أم يجب علينا فعل شيء ما أرشدونا أثابكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يجب عليك أن تعرف أن الإنسان إذا أحرم متمتعاً فإنه إذا طاف وسعى قصر من شعره من جميع الرأس وحل من إحرامه هذا هو الواجب فإذا بقيت على إحرامك فإن كنت قد نويت الحج قبل أن تشرع في الطواف أي طواف العمرة فهذا لا حرج عليك تكون قارناً ويكون ما أديته من الهدي عن القران وإن كنت بقيت على نية العمرة حتى طفت وسعيت فإن كثيراً من أهل العلم يقول إن إحرامك بالحج غير صحيح لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها ويرى بعض أهل العلم أنه لا بأس به وحيث إنك جاهل في هذه الحال فأرى أن لا شيء عليك وأن حجك صحيحٌ إن شاء الله.
***
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 12-04-2019, 04:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (3-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (3-9)
إدارة الملتقى الفقهي




السائل محمد عمر أحمد جاد الرب سوداني مقيم بالمدينة المنورة يقول وفقني الله لأداء فريضة الحج في العام الماضي علماً بأنني قد أديت العمرة في الشهر الحرام فقال لي أحد الأخوة إنك متمتع ويجب عليك هدياً فذبحت هدياً بعد أن رميت الجمرة الأولى علماً بأنني تحللت من الإحرام قبل أن أحلق أو أقصر أو آخذ شعيرات من رأسي وقبل الذبح كذلك فعلمت من أحد الحجاج يوم الجمرة الثالثة أن علي هدياً للمرة الثانية أو صيام عشرة أيام ثلاثةٍ في الحج وسبعةٍ بعد رجوعي علماً بأن ثلاثة الأيام مضى منها يومان والمبلغ الذي معي لا يتجاوز الألف ريال وكما وضحت لكم سابقاً فقد ذبحت منه هدياً وما بقي منه في حدود مصاريفي أيام الحج فأرجو منكم أن توضحوا لي ما حكم حجي هذا أصحيحٌ هو أم لا وماذا أعمل في هذه الحالة وقد فات الأوان أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: قبل أن أجيب على سؤالك أحب أن أوجه إلى إخواننا عامة المسلمين التحذير من الفتوى بغير علم فإن الفتوى بغير علم جناية كبيرة حرمها الله عز وجل وقرنها بالشرك في قوله (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فإن قوله سبحانه (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) يشمل القول على الله في أسمائه وصفاته وفي أفعاله وأحكامه فالذي يفتي الناس بغير علم قد قال على الله ما لا يعلم ووقع فيما حرم الله عليه فعليه أن يتوب إلى الله وعليه أن يمتنع عن صد الناس عن سبيل الله فإن المفتي بغير علم يعتمد المستفتي فتواه فإذا كانت خاطئةً فقد صده عن سبيل الله ومنعه من سؤال أهل العلم لأنه يعتقد أعني هذا المستفتي يعتقد أن ما أجابه به هذا المفتي الخاطئ صوابٌ فيقف عن سؤال غيره وحينئذٍ يكون هذا المفتي الخاطيء صاداً للناس عن سبيل ربهم وما أكثر الفتاوى التي نسمعها في الحج خاصةً وهي فتاوى خاطئة بعيدة عن الصواب بل ليس فيها شيء من الصواب تكاد تقول عند كل عمود خيمة عالمٌ يفتي الناس وهذا من الخطورة بمكان فالواجب على المرء أن يتقي ربه وأن لا يفتي إلا عن علم يأخذه من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو من أقوال أهل العلم الذين يوثق بأقوالهم فهذا الذي أفتاك بما فعلت بأن عليك هدياً أو صيام عشرة أيام أخطأ في ذلك وعملك الذي عملته وهو بأنك تحللت بعد أن رميت جمرة العقبة ولبست ثيابك ظاناً أن ذلك جائزٌ قبل الحلق لا شيء عليك فيه بل إن بعض أهل العلم يقول إن من رمى جمرة العقبة يوم العيد قد حل من كل شيء إلا من النساء ولكن الصواب أنه لا يحل حتى يرمي ويحلق أو يقصر إلا أنك لما كنت جاهلاً في هذا الأمر فلا شيء عليك ليس عليك هدي ولا صيام عشرة أيام ثم إن فعل المحظور أيضاً إذا فعله الإنسان غير معذورٍ فيه ليس هذه فديته بل إن فعل المحظور غير جزاء الصيد وغير فدية الجماع في الحج قبل التحلل الأول كل المحظورات يخير فيها بين ثلاثة أشياء إما أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يذبح فديةً يوزعها على الفقراء لقوله تعالى في حلق الرأس (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ومن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففديةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسك) وبهذه المناسبة أود أيضاً أن أحذر كثيراً من الناس الذين كلما سئلوا عن محظورٍ من محظورات الإحرام قالوا للسائل عليك دم عليك دم مع أنه مما يخير فيه الإنسان بين هذه الثلاثة بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة وحينئذٍ يلزم الناس بما لا يلزمهم والواجب على المفتي أن يراعي أحوال الناس وأن تكون فتواه مطابقةٌ لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخلاصة جوابي هذا شيئان:
الشيء الأول: التحذير من التسرع في الفتوى التي لا تعتمد على كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أقوال أهل العلم الموثوق بهم عند تعذر أخذ الحكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وثانياً: أن ما فعلته أنت أيها الأخ حيث لبست حين رميت جمرة العقبة قبل أن تحلق وهذا لا شيء عليك فيه لأنك جاهل والجاهل الذي لا يدري أي محظورٍ يفعله فلا شيء عليه فيه ثم إنه وقع في سؤالك قلت قبل أن أحلق أو أقصر أو أخذ شعيرات وهذا يدل على أنك ترى أن أخذ شعيراتٍ كافٍ عن التقصير وهذا غير صحيح فإن أخذ شعيرات لا يجزئ بل لا بد من تقصير يعم كل الرأس إما حلق يعم جميع الرأس وإما تقصير يعم الرأس أيضاً أما أخذ شعيرات من جانب كما يفعله عامة الجهال فإن هذا لا يجزئ ولا يجوز الاقتصار عليه.
***
يقول أنا موجود بالمملكة العربية السعودية ومعي زوجتي وكانت حاملاً في العام يقول أنجبت طفلاً بدون ميعاد قبل الحج بثلاثة أيام وبتنا ليلة في منزلنا واليوم الثاني ذهبنا إلى مكة ووصلنا الحرم الشريف وطفنا وسعينا وذهبنا إلى المبيت في مني ثم إلى عرفة ومزدلفة ومنى ورمينا الجمرات ورجعنا إلى مكة وطفنا وذهبنا إلى جدة وزوجتي معي لأنها رفضت الجلوس في البيت ونوت الحج وقد رجمت عنها فهل حجنا صحيح وخاصة زوجتي؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا كانت هذه الأفعال التي سردها واقعةً في أوقاتها الشرعية وحسب ما جاء في الشريعة الإسلامية فحجه بالنسبة إلى الرجل وإلى المرأة أيضاً حجهم صحيح لكن المرأة الذي يفهم من السؤال أنها لا تزال في نفاسها وعلى هذا فإن طوافها بالبيت ليس بصحيح وكذلك السعي لأنه مبنيٌ عليه فيجب عليها في مثل هذه الحال إذا طهرت من النفاس أن تعود وتطوف بالبيت طواف الإفاضة وتسعى بين الصفا والمروة وبهذا يتم حجها.
***
هذا أبو عبد الله القحطاني يقول في هذا السؤال الحمد لله أديت فريضة الحج متمتعا وقد دخلت مكة في اليوم السابع وأديت العمرة وعندما أردت أن اذهب إلى منى في اليوم الثامن لم أتحلل من الإحرام ولكنني نويت الحج والإحرام علي فما الحكم في ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج عليك لأن العبرة بأفعال العمرة فإذا طفت وسعيت وقصرت فقد حللت سواء خلعت ثياب الإحرام ولبست الثياب المعتادة أو بقيت ثياب الإحرام عليك لكن كونك تخلع ثياب الإحرام وتلبس الثياب المعتادة أحسن لأنه أظهر في التحلل فإذا كان يوم التروية أحرمت بالحج وخرجت مع الناس إلى منى وإن كنت في مني فأحرم للحج من منى.
***
السائلة تقول نويت الحج في هذا العام ولي ابن صغير عمره عامان يريد أن يحج معنا فهل يجزئ له أن ينوي له والده ويحمله أثناء الطواف والسعي أم أن يطوف والده ويسعى ثم يطوف ويسعى عن الابن؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الذي أرى أنه في هذه في هذا العصر لكثرة الحجاج ومشقة الزحام ألا يعقد الإحرام للصغار لأن هذا الحج الذي يحجونه ليس مجزيا عنهم فإنهم إذا بلغوا وجب عليهم أن يعيدوه وهو سنة يعني فيه أجر لولي الصبي ولكن هذا الأجر الذي يرتقبوه قد يفوتوا به أشياء كثيرة أهم لأنه سيبقى مشغولا بهذا الطفل في الطواف وفي السعي ولا سيما إذا كان هذا الطفل لا يميز فإنه لا يجوز له أن يحمله في طوافه ناويا الطواف عن نفسه وعن هذا الصبي لأن القول الراجح في مسألة حمل الأطفال في أثناء الطواف والسعي أنهم إذا كانوا يعقلون النية وقال لهم وليهم انووا الطواف انووا السعي فلا بأس أن يحملهم حال طوافه وسعيه وأما إذا كانوا لا يعقلون النية فإنه لا يجزؤه أن يطوف بهم وهو يطوف عن نفسه أو يسعى بهم وهو يسعى عن نفسه لأن الفعل الواحد لا يحتمل نيتين لشخصين.
***
هذا السؤال في الواقع هو سؤال الكثير من الأخوة المستمعين الذين يقدمون للعمل في هذه البلاد يسألون بأن قدومهم أصلا ليس للحج بالنسبة للحج إذا أرادوا أن يحجوا وإنما قدموا لطلب الرزق هل يجوز أن يعزموا النية للحج من هذا البلد؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز أن يعزموا النية للحج من هذا البلد ويكون سفرهم من بلادهم إلى هنا في طلب الرزق وطلب الرزق المباح الذي يقوم به الإنسان على الأرامل والمساكين من أبنائه وعياله هذا لا شك أنه من الخير وفي الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال (الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر) فهم إذا أتوا لطلب الرزق الذي يسعون به على أولادهم وأولادهم الذين لا يمكنهم التكسب هم من المساكين بلا شك فإنهم في هذا يكونون كالمجاهدين في سبيل الله أو كالصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر ولهم أن ينشيءوا نية الحج من هنا من المملكة السعودية حتى لو كانوا في مكة مثلاً فلهم ذلك.
***
هل للإحرام صلاة تخصه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: اختلف أهل العلم رحمهم الله في ذلك فمنهم من قال إن الإحرام له صلاة تخصه (لأن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال صلِ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة وحجة أو عمرة في حجة) ومنهم من قال إنه ليس له صلاة تخصه وأن قول جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم صلِ في هذا الوادي المبارك يعني بذلك صلاة الفرض فإن النبي صلى الله عليه وسلم أهلَّ دبر صلاة مفروضة ولكن إذا أراد الإنسان بعد اغتسال الإحرام بوضوئه أن يصلى ركعتين سنة الوضوء فهذا خير ويكون الإحرام عقب سنة الوضوء ولكن هل يهل من مكان إحرامه أو يهل إذا ركب، من العلماء من يقول لا يهل إلا إذا ركب ومنهم من يقول يهل عند إحرامه ويهل إذا ركب ويهل إذا علت به الناقة على البيداء إذا كان محرما من ميقات أهل المدينة.
***
حكم ركعتي الإحرام؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما ركعتا الإحرام وهما الركعتان اللتان يصلىهما من أراد الإحرام فإنهما غير مشروعتين لأنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أن للإحرام صلاة تخصه وإذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام مشروعيتهما فإنه لا يمكن القول بمشروعيتهما إذ أن الشرائع إنما تتلقى من الشارع فقط ولكنه إذا وصل إلى الميقات وكان قريباً من وقت إحدى الصلوات المفروضة فإنه ينبغي أن يجعل عقد إحرامه بعد تلك الصلاة المفروضة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أهل دبر الصلاة كذلك لو أراد الإنسان أن يصلى سنة الوضوء بعد اغتسال الإحرام وكان من عادته أن يصلى سنة الوضوء فإنه يجعل الإحرام بعد هذه السنة.
***
ما حكم السنة في مسجد الميقات وكم عددها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس هناك سنة تختص بمسجد الميقات ولا بالإحرام فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان إذا أراد أن يحرم صلى ركعتين لكنه أهل دبر صلاة بمعنى أنه صلى الفريضة ثم أهل أي لبى ولهذا كان القول الراجح ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس للإحرام صلاةً تخصه لكن ينبغي أن يجعل الإحرام بعد صلاة فإن كان وقت فريضة انتظر حتى يصلى الفريضة ويحرم وإن كان في وقت نافلة كصلاة الضحى مثلاً وصلاة ركعتين بعد الوضوء وصلاة تحية المسجد فليكن إحرامه بعد هذه الصلاة أما أن ينوي صلاةً خاصة للإحرام فإن هذا لا أعلم فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
***
المستمع أحمد ن. ن. مصري يقول في رسالته ما صفة التلبية وهل هي تستحب على كل حال أم أن لها مواطن تستحب فيها وما هو القول الراجح في وقتها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: صفة التلبية أن يقول الإنسان لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ومعنى قول الإنسان لبيك أي إجابة لك يا رب وثنيت لإرادة التكرار وليس المعنى أن الإنسان يجيب ربه مرتين فحسب بل المعنى أنه يجيبه مرة بعد أخرى فالتثنية هنا يراد بها مجرد التكرار والتعدد فمعناها إجابة الإنسان ربه وإقامته على طاعتة ثم إنه بعد هذه الإجابة يقول إن الحمد والنعمة لك والملك. الحمد هو وصف المحمود بالكمال فإذا كرر صار ثناء والنعمة هي ما يتفضل الله به على عباده من حصول المطلوب ودفع المكروه فالله سبحانه وتعالى وحده هو المنعم كما قال الله تعالى (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) وقوله والملك يعني والملك لك الله تبارك وتعالى هو المالك وحده كما يدل على هذا قوله تعالى (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) وقوله (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ*وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) وقوله لا شريك لك أي لا أحد يشاركك بما يختص بالله عز وجل في صفاته الكاملة ومن ذلك انفراده بالملك والخلق والتدبير والألوهية هذا موجز لمعنى التلبية التي يلبي بها كل مؤمن وهي مشروعة من ابتداء الإحرام إلى رمي جمرة العقبة في الحج وفي العمرة من ابتداء الإحرام إلى الشروع في الطواف.
***
يقول في رسالته ما حكم السير في المشاعر المقدسة ورفع اليدين والصوت أو الأصوات بالإشادة بزعيم من الزعماء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حكمه أنه من الأمور المنكرة لأن هذه المشاعر ليست وسيلة للدعاية لشخص أو لحكومة أو لدولة وإنما هذه المشاعر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) لا لإقامة ذكر فلان وفلان من الرؤساء أو الزعماء سواء كانوا زعماء دينيين أو زعماء ذوي سلطان فالواجب على الحجاج جميعاً أن يكون همهم وشأنهم في هذا المكان هو التعبد لله تبارك وتعالى مع التداول فيما بينهم ولا سيما الزعماء منهم فيما يهم أمور المسلمين لأن ذلك من المنافع التي قال الله تعالى فيها: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وقد ظن بعض الناس أن المنافع التي تحصل في الحج مقدمة على ذكر الله في الحج لأن الله تعالى قدم ذكرها فقال (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وفي هذا نظر بل إن قوله (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) من جملة المنافع المشهودة في هذا المشعر وعلى هذا فيكون عطفها على شهود المنافع من باب عطف الخاص على العام الدال على العناية به فيكون ذكر الله تعالى أهم هذه المنافع ولكن مع ذلك لا تهمل هذه المنافع التي تحصل باجتماع المسلمين وتعارفهم وتناصحهم ودراسة أمورهم وشؤونهم أما أن يتخذ هذا دعاية لشخص أو حكومة أو طائفة من الناس فإن هذا من المنكر الذي كما أشرنا إليه قبل يجعل هذا المذكور شريكاً مع الله تعالى في هذه المواطن.
***
السائل: جزاكم الله خيراً السائلة المستمعة للبرنامج رمزت لاسمها بـ س. س. تقول هل يجوز للحائض أن تعتمر أو تحج وما هي الأمور التي يجب عليها أثناء ذلك وما الأمور التي يجب عليها عندما تحرم من الميقات؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحائض لها أن تحج وتعتمر وعند الميقات تفعل ما يفعله غيرها تغتسل وتستثقر بثوب وتحرم كغيرها من الناس وتفعل ما يفعله الناس سواء بسواء إلا الطواف بالبيت (لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس زوج أبي بكر رضي الله عنهما حين ولدت في ذي الحليفة محمد بن أبي بكر أن تغتسل وتستفثر بثوب وتحرم) وقال لعائشة رضي الله عنها حين حاضت (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) فلم تطف بالبيت ولا بالصفا والمروة وبقية أفعال النسك تفعلها الحائض والنفساء كغيرها فتقف في عرفة وفي مزدلفة وترمي الجمرات وتدعو في عرفة وفي مزدلفة وبين الجمرات كسائر الناس.
***
بارك الله فيكم، من أسئلة المستمعة ح. س. هذا السؤال تقول فيه ماذا تفعل المرأة إذا حاضت قبل الإحرام أو بعده أثناء المناسك نرجو بهذا إفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا حاضت المرأة قبل الإحرام فإنها تحرم إذا وصلت الميقات ولو كانت حائضاً (لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس حين نفست في الميقات أمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم) وهذا دليل على أن النفاس لا يمنع من الإحرام وكذلك الحيض، وأما إذا حاضت بعد الإحرام ففيه تفصيل فإذا كانت في العمرة فإن حاضت قبل الطواف انتظرت حتى تطهر ثم تطوف بعد ذلك وتسعى وإن حاضت بعد الطواف سعت ولو كانت حائضاً وقصرت وتتم عمرتها، وإن كان ذلك في الحج حاضت بعد أن أحرمت للحج فإن كان هذا بعد طواف الإفاضة أتمت حجها ولا شيء عليها يعني مثل أن يأتيها الحيض في يوم النحر بعد أن تطوف طواف الإفاضة فإنها تتم حجها فتبيت في منى وترمي الجمرات ولو كانت حائضاً وإذا أرادت أن تخرج والحيض لا زال باقياً فإنها تخرج بلا وداع، وأما إن أتاها الحيض قبل طواف الإفاضة أتاها في عرفة مثلاً فإنها تبقى على إحرامها وتقف بعرفة وتبيت بمزدلفة وترمي الجمرات لكنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، ودليل امتناع طواف الحائض أن صفية رضي الله عنها حاضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أحابستنا هي) قالوا إنها قد أفاضت وهذا دليل على أن الحائض لا تطوف لأنها لو كانت تطوف لم تكن لتحبس النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك حديث عائشة حين حاضت بسرف فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال: (ما يبكيك علَّك نفستي) قالت: نعم قال: (هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) ثم أمرها أن تحرم بالحج وأن تفعل ما يفعله الحاج غير أن لا تطوف بالبيت ولا بالصفا والمروة وإنما تركت الطواف بالصفا والمروة لأنه يكون بعد الطواف بالبيت وإلا فإن الطواف بالصفا والمروة لا يمتنع عن الحاج.
***
السؤال: تقول المستمعة إذا أحرمت المرأة للعمرة ثم أتتها العادة الشهرية قبل الطواف وبقيت في مكة ثم طهرت وأرادات أن تغتسل فهل تغتسل من مكة أم تذهب لتغتسل من التنعيم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أحرمت المرأة بالعمرة وأتاها الحيض أو أحرمت بالعمرة وهي حائض فعلاً ثم طهرت فإنها تغتسل في مكان إقامتها في بيتها ثم تذهب وتطوف وتسعى وتؤدي عمرتها ولا حاجة إلى أن تخرج إلى التنعيم ولا إلى الميقات لأنها قد أحرمت من الميقات لكن بعض النساء إذا مرت بالميقات وهي حائض وهي تريد عمرة لا تحرم وتدخل مكة وإذا طهرت خرجت إلى التنعيم فأحرمت منه وهذا خطأ لأن الواجب على كل من مر بالميقات وهو يريد العمرة أو الحج أن يحرم منه حتى المرأة الحائض تحرم وتبقى على إحرامها حتى تطهر ويشكل على النساء في هذه المسألة أنهن يظنن أن المرأة إذا أحرمت بثوب لا تغيره وهذا خطأ لأن المرأة في الإحرام ليس لها لباس معين كالرجل. الرجل لا يلبس القميص ولا البرانس ولا العمائم ولا السراويلات ولا الخفاف والمرأة يحل لها ذلك تلبس ما شاءت من الثياب فإذا أحرمت بثوب غيرته إلى ثوب آخر ولا حرج.
لذلك نقول للمرأة أحرمي إذا مررت بالميقات وأنت تريدين العمرة أو الحج وإذا طهرت فاغتسلي ثم اذهبي إلى الطواف والسعي والتقصير وتغيير الثياب لا يضر ولا أثر له في هذا الأمر أبداً .
***
بارك الله فيكم في حديث ضباعة بنت الزبير عندما قالت للرسول صلى الله عليه وسلم أريد الحج وأنا شاكية فقال لها (حجي واشترطي) ما معنى هذا الحديث ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: والمعنى أنها تقول إن حبسني حابس أي منعني مانع من إتمام النسك فإنني أحل وقت وجود ذلك المانع، وإنما أرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإشتراط لأنها كانت تخاف ألا تتم النسك من أجل المرض فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تشترط، وأما من لم يكن خائفاً من إتمام النسك فإنه لا يشترط لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يشترطوا عند الإحرام هذا الشرط ولهذا كان القول الراجح أن الاشتراط ليس بمستحب ولا مشروع إلا لمن كان خائفاً من عدم إتمام نسكه، وهذا القول هو القول الذي يجمع بين الأدلة، وأما من نفى الاشتراط مطلقاً أو أثبت الاشتراط مطلقاً فإنه لابد أن يقع في مخالفة لبعض النصوص، يقول بعض الناس إننا في هذا الزمن خائفون بكل حال لكثرة حوادث السيارات وجوابنا عن هذا أن حوادث السيارات بالنسبة لكثرتها ليس بشيء فإن السيارات تكون عشرات الآلاف وإذا حصل من عشرات الآلاف حادثة أو حادثتان أو عشر أو عشرون حادثة فليست بشيء والحوادث كائنة حتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه صح من حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنهما (أن رجلاً وقصته راحلته يوم عرفة فمات) وهذا حادث وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالمهم أن الحوادث محتملة حتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يرشد الأمة إلى الاشتراط إلا لمن كان خائفاً.
***
بارك الله فيكم يا فضيلة الشيخ هذا مصري مقيم بالأردن يقول ما هي فائدة الاشتراط في الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الاشتراط في الحج هو أن يشترط الإنسان عند عقد الإحرام إن حبسه حابس فمحله حيث حبس وقد اختلف العلماء رحمهم الله في مشروعية الاشتراط فمنهم من قال إنه ليس بمشروعٍ مطلقاً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حج واعتمر ولم ينقل عنه أنه اشترط لا في حجه ولا في عمرته ومن المعلوم أنه يكون معه المرضى ولم يرشد الناس إلى الاشتراط (فها هو كعب بن عجرة رضي الله عنه في عمرة الحديبية أتي به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه مرض والقمل يتناثر على وجهه من رأسه فقال صلى الله عليه وسلم ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى وأمره أن يحلق رأسه وأن يفدي أو يصوم أو يطعم) والقصة معروفة في الصحيحين وغيرهما ويرى هؤلاء الطائفة من العلماء أن الاشتراط ليس بمشروعٍ مطلقا ويرى آخرون أنه مشروعٌ مطلقا وأن الإنسان يستحب له عند عقد الإحرام أن يشترط إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني وعللوا ذلك بأنه لا يأمن العوارض التي تحدث له في أثناء إحرامه وتلجئه إلى التحلل فإذا كان قد اشترط على الله سهل عليه التحلل ولكن الصحيح أن الاشتراط ليس بمشروع إلا أن يخاف الإنسان من عائقٍ يحول دونه وإتمام نسكه مثل أن يكون مريضاً ويشتد به المرض فلا يستطيع أن يتم نسكه فهنا يشترط وأما إذا لم يكن خائفاً من عائقٍ يمنعه أو من عائقٍ يحول بينه وبين إتمام نسكه فلا يشترط وهذا القول تجتمع به الأدلة ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتمر وحج ولم يشترط ولم يقل للناس على سبيل العموم اشترطوا عند الإحرام ولكن (لما أخبرته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها تريد الحج وهي شاكية أي مريضة قال لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما استثنيت) فمن كان في مثل حالها فإنه يشترط ومن لم يكن فإنه لا يشترط أما فائدة الاشتراط فإن فائدته أن الإنسان إذا حصل له ما يمنع من إتمام نسكه تحلل بدون شيء يعني يتحلل وليس عليه فدية ولا قضاء.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 16-04-2019, 10:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (4-9)

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (4-9)

إدارة الملتقى الفقهي

فتاوى الحج من برنامج نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين (4-9)
باب محظورات الإحرام حلق الشعر - تقليم الأظافر - لبس ما خيط على هيئة البدن

تغطية الرأس – الجماع - النقاب - مس الطيب
هذه الرسالة من يحيي أحمد العنزي من الظهران يقول كنا في الأعوام الماضية نترك شعر رؤوسنا قبل الحج لكي نقصر منها بعد الانتهاء من العمرة ثم نحلقها عند التحلل من الحج لكننا نقوم بتمشيط شعر الرأس أثناء الإحرام لأنه ليس طويل جداً و يتساقط الشعر قليل إذا لم يكن معدوماً التساقط ونحن نكده بالمشط لأن الشعر إذا لم يمشط يبدوا قبيحاً في نظر الناس فهل علينا شي في تمشيطه وما حكم الشعر الذي يسقط من غير قصد أفيدونا وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تمشيط المحرم رأسه لا ينبغي لأن الذي ينبغي للمحرم أن يكون أشعث أغبر ولا حرج عليه أن يغسله وأما تمشيطه فإنه عرضه لتساقط الشعر ولكن إذا سقط شعر من الإنسان بدون قصد إما بحك رأسه أو بفركه أو ما أشبه ذلك فإنه لا حرج عليه في هذا لأنه غير متعمد في إزالته وليُعلم أن جميع محظورات الإحرام إذا لم يتعمدها الإنسان ووقعت منه على سبيل الخطأ أو على سبيل النسيان فإنه لا حرج عليه فيها لأن الله سبحانه وتعالي قال في كتابه (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقال سبحانه وتعالي (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقد فعل الله سبحانه وتعالى ذلك وفي خصوص الصيد وهو من محظورات الإحرام قال الله تعالي (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) وهذا القيد متعمداً يفيد أن من قتله غير متعمد فليس عليه جزاؤه وهذا القيد قيدٌ احترازيُ لأنه قيد مناسب للحكم وذلك أن التعمد هو الذي يناسبه إيجاب الجزاء وأما غير التعمد فلا يناسبه إيجاب الجزاء لما علم من هذا الدين الإسلامي دين السماحة والسهولة واليسر وعلى هذا فنقول جميع محظورات الإحرام بدون استثناء إذا فعلها الإنسان جاهلاً أو ناسياً فإنه لا يترتب عليه شيء من أحكامها لا من وجوب الفدية ولا من فساد النسك فيما يفسد النسك كالجماع هذا هو الذي ترضيه الأدلة التي أشرنا إليها والله الموفق.
***
هذه أسئلة وردتنا من المستمع سعود محمد الأحمدي من الهفوف يقول فيها لقد قمت بتقليم أظفاري في اليوم الثامن في منى وعليّ إحرامي لأنني كنت أعتقد أن المحظور هو قص الشعر فقط لأن كثير ما يرد ذلك وأن تقليم الأظافر لا شيء فيه إلا أن شخصاً نبهني على ذلك جزاه الله خيراً لكنه شدد عليّ تشديداً جداً لأنه قال لابد من عودتك إلى الميقات أو إلى مكة المكرمة لتحرم من جديد هل هذا صحيح وما الذي يلزمني وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يلزمك شيء في قص الأظافر لأنك قصصتها وأنت تظن أن ذلك لا بأس به ومن فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مختار فلا شيء عليه ولا فرق بين إزالة الشعر وتقليم الأظفار والطيب واللبس وغيرها كلها على حد سواء إذا فعل الإنسان شيئاً من المحظورات محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو غير مختار له فلا شيء عليه لقول الله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وهذا عام ولقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وهذا عام ولقوله تعالى في المكره (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) فإذا كان مكره على الكفر وهو أعظم المحرمات لا شيء عليه فما دونه من المحرمات من باب أولى وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس في النوم تفريط) وقال تعالى في خصوص الصيد في الإحرام (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ) وبهذه النصوص وغيرها من النصوص نستفيد أن فعل المحظور في العبادة أي عبادة كانت إذا كان صادراً عن نسيان أو جهل فإنه لا شيء فيه ولا يؤثر في العبادة شيء
ومعاوية بن الحكم رضي الله عنه تكلم في صلاته وهو جاهل فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة والحاصل أن هذا الذي قلم أظفاره في اليوم الثامن لا شيء عليه إطلاقاً وأما من أفتاه بأنه يجب أن يرجع إلى الميقات أو إلى مكة ليحرم منها فهذه فتوى باطلة لا أصل لها وأحذر هنا وفي كل مناسبة أحذر المسلمين من طلبة العلم وغيرهم أن يتكلموا في الفتوى إلا إذا كان لهم مستند شرعي لأن المقام مقام خطير والمفتي معبر عن الله سبحانه وتعالى فيما أفتى به.
***
قمت بتقليم أظفاري في اليوم الثامن وأنا في مني وعليّ إحرامي لأني كنت أعتقد أن المحلوق هو قص الشعر فقط وأثناء تقليمى لها قال لي أحد الجالسين معي في الخيمة إن هذا حرام وقد بطل إحرامك وعليك أن تعود إلي مكانك في مكة وتحرم من جديد ولما عرفت منه أن إحرامي بطل أكملت تقليم الأظفار ثم سألت شخصاً فقال لي لم يفسد إحرامك وإنما عليك نسك وأنا لا أعرف النسك وخجلت أن أساله فلم أساله أرجو إفادتي عن الآتي أولاً حكم تقليم الأظفار ثانياً حكم المضي وتكميلها ثالثاً ما الذي يلزمني؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تقليم الأظفار حال الإحرام ذكر أهل العلم أنه لا يجوز إلحاقاً بحلق الرأس لما في الجميع من الترفه وإزالة الأذى وأما بالنسبة لما جرى عليك فانه لا شيء عليك وإحرامك صحيح لا شيء عليك لأنك جاهل لا تدري أن التقليم في هذه الحالة حرام وكل إنسان يفعل شيئاً من محظورات الإحرام وهو جاهل لا يدري أو ناسي لا يذكر فإنه لا شيء عليه لا نسك ولا صدقة ولا صيام لقوله تعالي (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقوله تعالي (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تعالي في خصوص الصيد (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) فقوله (متعمداً) يدل علي أن غير المتعمد لا جزاء عليه وأما بالنسبة للذي أفتاك بأن إحرامك فاسد ويجب عليك أن ترجع فتحرم من موضعك فهذه الفتوى خطأ وإنني أوجه إلى هذا المفتي المتجري وإلى أمثاله ممن يتجرءون علي الحكم والإفتاء للناس بغير علم إنني أوجه لهم النصيحة بأن يخافوا الله عز وجل ويحذروا عقابه فإن الله تعالي يقول في كتابه الكريم (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فالقول على الله بلا علم منه القول في شريعته بلا علم فلا يحل لأحد أن يفتي أحداً في شيء إلا عن علم بأن هذا الشيء حكمه كذا وكذا وأما أن يفتيه بجهل فإن ذلك حرامُ عليه فليتق الله هؤلاء الجاهلون الذين يفتون الناس بغير علم فيضلوا ويضلوا فالواجب على المسلم إذا أشكل عليه شيء فليسأل أهل العلم الذين عرفوا بالعلم والورع والاستقامة فإنه ليس كل من عرف بأنه مفتي يكون آهلاً للفتوى فإننا نرى كثيراً من العوام يعتمدون في استفتاءاتهم على من ليس عندهم علم وإنما تقدموا مثلاً في إمامة مسجد أو ما أشبه ذلك فظنوا أن عندهم علم فصاروا يستفتونهم وهولاء بحكم منصبه وإمامته صار الواحد منهم يستحي أن يقول لا أعلم وهذا لا شك أنه من جهلهم أيضاً فإن الواجب على من سئل عن علم وهو لا يعلمه أن يقول لا أعلم وقد ذكر بعض من تكلموا عن حياة الأمام مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة أن رجلاً أتاه من بلد بعيد في مسالة أرسله أهل البلد بها إلى الأمام مالك ليسأله فأقام عند مالك ما شاء الله ثم سأله عن هذه المسالة فقال له مالك لا أعلم فقال إن أهل بلدي أرسلوني إليك وكيف أقول لهم قال مالك لا أعلم وأنت إمام دار الهجرة قال اذهب إليهم وقل إني سألت مالكا فقال لا أعلم هذا مع ما أعطاه الله من العلم والإمامة في الدين فكيف لمن دونه، والنبي عليه الصلاة والسلام أحياناً يسأل عن الشيء فلا يجيب عليه ويجيب الله عنه وانظروا إلى ما في القران كثيراً من قوله يسألونك عن كذا فيجيب الله عنه (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)، (و يَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذى)، (يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يتوقف عن الإجابة في ما لا يعلم فيه حكم الله فكيف بغيره من الناس على كل حال نصيحتي لإخواني المسلمين أن يتقوا الله سبحانه وتعالي وأن لا يتجرءوا على الفتوى بلا علم فإن ذلك ضلال وإضلال وأسال الله تعالي أن يرزقنا جميعاً الثبات والاستقامة وأن يجعلنا هداةً مهتدين.
***
هذه الرسالة وردتنا من المستمع علي محمد مفرِّح يقول ما حكم تقليم الأظافر في الحج والشخص متلبس بالإحرام؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تقليم الأظافر في الحج لا ينبغي لأن ذلك من الترفه والحج موضوعه أن يكون الإنسان أشعث أغبر فلا ينبغي له أن يقلم أظافره وقد ذهب كثير من أهل العلم أو أكثرهم إلى أن تقليم الأظفار من محظورات الإحرام وأن ذلك حرام عليه وأنه إذا قلَّم ثلاثة أظفار فأكثر وجب عليه إما فدية يذبحها ويتصدق بها على الفقراء وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وإما صيام ثلاثة أيام وعلى كل حال فلا ينبغي للمرء أن يعرِّض نفسه لمثل هذه الأمور التي موضع خلاف بين أهل العلم والتي أجمع العلماء على أنه ينبغي أن يتجنبها المحرم .
***
جزاكم الله خيرا السائل إبراهيم مصطفى مصري الجنسية يقول أديت فريضة الحج في العام الماضي وقبل أداء الفريضة يوم ستة من ذي الحجة قمت بتقصير أظافري فهل علي كفارة مع العلم بأنني ليس عندي معرفة بذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك كفارة ولا أثم لأنك جاهل لا تدري وليعلم أن هناك قاعدة شرعية في كتاب الله عز وجل أقرَّها الله تبارك وتعالى وهي رفع المؤاخذة بالذنب لمن كان جاهلا أو ناسيا وذلك في قول الله تبارك وتعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى (قد فعلت) أي رفع عنا المؤاخذة بالنسيان والخطأ وهذا عام في جميع محظورات الإحرام وفي جميع محظورات الصلاة وفي جميع محظورات الصيام كل من فعل محظورا في هذه العبادات عن نسيان أو جهل فإنه غير مؤاخذ به لا إثم عليه ولا كفارة ولا فدية فطبق هذه على جميع محظورات العبادات لو تكلم الإنسان في الصلاة وهو جاهل فصلاته صحيحة لو أكل أو شرب وهو جاهل فصيامه صحيح لو احتجم وهو صائم يظن أن الحجامة لا تفطر فصيامه صحيح لو أفطر قبل غروب الشمس يظنها غربت ولم تغرب فصيامه صحيح المهم هذه قاعدة من الله ليس بكتاب فلان أو فلان قاعدة من الله عز وجل لعباده (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى (قد فعلت).
***
يقول ما حكم تقليم الأظافر في الحج والشخص متلبس بالإحرام؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المشهور عند أهل العلم أن تقليم الأظافر في حال الإحرام لا يجوز قياساً على تحريم الترفه بحلق شعر الرأس وعلى هذا القول وهو قول جمهور أهل العلم يجب عليه أن يبتعد عن تقليم أظافر اليدين وأظافر الرجلين.
***
السائل محمد السيد من الطائف استخدام الحزام الطبي وذلك أثناء الطواف فأنا لا يمكنني التحرك أو المشي بدون ذلك الحزام الطبي وهذا طبعاً حزام مخيط فهل يجوز لي أن أستخدم ذلك في الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز أن يستخدم الإنسان في الحج وفي العمرة هذا الحزام ولو كان مخيطاً ويجب أن نعلم أن قول العلماء رحمهم الله يحرم على الرجل لبس المخيط أن مرادهم لبس القميص والسراويل والفنايل والكوت وما أشبهها فهذا يجب أن نفهم كلام العلماء على ما أرادوه ثم هذه العبارة لبس المخيط ليست مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قيل إن أول من تكلم بها أحد فقهاء التابعين إبراهيم النخعي أما النبي عليه الصلاة والسلام فلم يقل للأمة لا تلبسوا المخيط بل سئل ما يلبس المحرم فقال (لا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف) ولم يذكر لفظ مخيط إطلاقاً فيجب أن تفهم النصوص على ما أرادها الشارع لا ما أراده المتكلم بها .
***
يقول رجل لبس ملابس الإحرام لكنه لم يترك الذراع الأيمن مكشوفاً وغطى الصدر والظهر والذراعين فهل عليه شيء وإذا أمسك بمظلة لحماية رأسه من الشمس فهل عليه شيء وكذلك لو لبس حزماً من الجلد حول وسطه فوق الإزار وهو مخيط فهل يؤثر هذا على صحة الإحرام؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المسألة الأولى إذا لم يكشف كتفه الأيمن والواقع أن أكثر الحجاج يغلطون في هذه المسألة حيث يكشفون الكتف من حين الإحرام إلى أن يحلوا من الإحرام وهذا سببه الجهل وذلك لأن كشف الكتف الأيمن إنما يشرع في حال طواف القدوم فقط وعلى هذا فإذا أحرمت فإنك تغطي جميع الكتفين حتى تشرع في طواف القدوم فإذا شرعت في طواف القدوم اضطبعت بأن تكشف الكتف الأيمن وتجعل طرف الرداء على الكتف الأيسر فإذا فرغت من الطواف أعدت الرداء على ما كان عليه أي غطيت الكتفين جميعاً وبهذا يزول الإشكال الذي ذكره السائل فيكون الإنسان مغطياً كتفيه وقاية للحر أو البرد إلا أن يبدأ بالطواف.
وأما المسألة الثانية: وهي حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس فإن هذا لا بأس به ولا حرج ولا يدخل هذه في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية الرأس أعني رأس الرجل لأن هذا ليس تغطية بل هو تظليل من الشمس والحر وقد ثبت في صحيح مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أسامة بن زيد وبلال أحدهما يقود به راحلته والثاني رافع ثوبه يظلله من الشمس حتى رمى جمرة العقبة) وهذا دليل على أنه أي النبي صلى الله عليه وسلم قد استظل بهذا الثوب وهو مُحْرِم قبل أن يتحلل.
وأما السؤال الثالث: فهو وضع الحزام على وسطه فإنه لا بأس به ولا حرج فيه وقوله مع أنه مخيط هذا القول مبني على فهم خاطئ من بعض العامة حيث ظنوا أن معنى قول العلماء يحرم على المحرم لبس المخيط ظنوا أن المراد به كان فيه خياطة وليس كذلك ومراد أهل العلم بلبس المخيط ما كان مخيطاً على قدر العضو ولبسه على هيئته المعتادة كالقميص والسراويل والفنيلة وما أشبهها وليس مراد أهل العلم ما كان فيه خياطة ولهذا لو أن الإنسان أحرم برداء مرقع أو بإزار مرقع لم يكن عليه في ذلك بأس وإن كان خيط بعضه ببعض.
فضيلة الشيخ: يعني على هذا يجوز جميع أنواع الأحزمة وما يسمى منها بالكمر لحفظ النقود أو بعض الأنواع من الأحذية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم كل هذه جائزة.
***
أحسن الله إليكم هذه الرسالة من السائل أ. ق. ي. ل. من الرياض يقول في أثناء السير نهاراً وأنا محرم وضعت طرف الإحرام على رأسي وحينما انتبهت رفعته من على رأسي ولم أعد لذلك مرة أخرى فهل علي شيء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليك شيء لأنك وضعته ناسياً والإنسان إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام ناسياً فإنه لا شيء عليه ولكنه يجب عليه إذا ذكر أن يتخلى عن ذلك المحظور والدليل على أنه لا شيء عليه قول الله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى قد فعلت وقوله تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ).
***
المستمع يقول لقد منّ الله علي وأديت فريضة الحج وحين انتهيت من الطواف والسعي رأيت صديقاً لي وضع رداءه على رأسه فوضعت ردائي على رأسي ولكن صديقي حج هذه الحجة التي حجها ليست له بل هي لإنسان متوفى فهل على إثم في ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا هذا الذي صنعت هو تغطية رأسك فإن كان ذلك في الحج وكان بعد أن رميت جمرة العقبة يوم العيد وحلقت رأسك وقصرته فلا حرج عليك لأن الرجل الحاج إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد وحلق وقصر تحلل من كل شيء من محظورات الإحرام إلا من النساء وكذلك لو كنت في يوم العيد رميت جمرة العقبة ثم نزلت إلى مكة وطفت وسعيت ثم وضعت رداءك على رأسك فإنه لا حرج عليك لأنك قد تحللت التحلل الأول أما إذا كنت في العمرة فإنه ليس عليك شيء لأنك جاهل لا تدري والجاهل بالمحظورات ليس عليه شيء إما إذا تعمدت ذلك عن علم فإن أهل العلم رحمهم الله يقولون إن الإنسان إذا فعل محظوراً متعمدا لا يفسد النسك في هذه الحال بل هو مخير بين أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يذبح شاة يفرقها على الفقراء.
***
السؤل: بارك الله فيكم هذا مستمع من باكستان غلام البوشي يقول هل يجوز تغيير لباس الإحرام وذلك لغسله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: يجوز للمحرم أن يغير لباسه إلى لباس آخر مما يجوز له لبسه سواء كان ذلك لحاجة أو لغير حاجة لأن الثوب لا يتعين بالإحرام فيه أي أنه لو أحرم في ثوب فإنه لا يتعين أن يبقى هذا الثوب عليه حتى ينتهي نسكه بل له أن يغير الثياب ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة وأما ما يظنه بعض الناس من أن الإنسان إذا أحرم بثوب لزمه أن يبقى فيه حتى ينتهي النسك فإن هذا لا أصل له في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في أقوال الصحابة بل ولا في كلام أهل العلم فيما نعلم فإذا اتسخ الثوب الذي أحرم فيه الإنسان فلبس غيره مما يجوز له لبسه وغسله أي غسل الثوب الأول فلا بأس.
***
تقول هل يجوز للمرأة أن تلبس في الحج ملابس ملونة كالأبيض والأخضر والأسود؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للمرأة في الإحرام أن تلبس ما شاءت من الثياب غير ألا تتبرج بزينة أمام الرجال الأجانب لأنه ليس للمرأة ثياب مخصوصة في الإحرام بخلاف الرجل فإن الرجل لا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف أما المرأة فالمحظور في حقها لبس القفازين والانتقاب.
***
هذه الرسالة من السائلة هـ. ن. ع. من القصيم عيون الجوى بعثت بعدة أسئلة تقول هل يجوز للمرأة المحرمة للحج أن تغير ملابسها متى شاءت وهل للإحرام ملابس معنية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز للمرأة أن تغير ثيابها إلى ثياب أخرى سواء كان ذلك لحاجة أو لغير حاجة لكن بشرط أن تكون الثياب الأخرى ليست ثياب تبرج وجمال أمام الرجال وعلى هذا فإذا أرادت أن تغير شيئاً من ثيابها التي أحرمت بها فلا حرج عليها وليس للإحرام ثياب تخصه بالنسبة للمرأة فلتلبس ما شاءت إلا أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين والنقاب معروف هو الذي يوضع على الوجه ويكون فيه نقب للعينين وأما القفازان فهما اللذان يلبسان في اليد ويسميان شراب اليدين وأما الرجل فإن له لباسا خاصا في الإحرام وهو الإزار والرداء فلا يلبس القميص ولا السراويل ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف.
فضيلة الشيخ: سؤالها التالي في الواقع تضمنته إجابتكم أو بعضه تقول هل يجوز للمرأة أن تلبس الكفوف والجوارب في الحج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الجوارب فلها أن تلبسها في الحج لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عنها المرأة وأما الكفوف وهما القفازان فإنها لا تلبسها (لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى المرأة أن تلبس القفازين في حالة الإحرام).
***
بارك الله فيكم هذه مستمعة للبرنامج تقول فضيلة الشيخ هل يجوز أن تلبس المرأة اللباس الأسود الشرعي في حالة إحرامها للحج بدل اللبس الأبيض علما بأنها تلبس ذلك من بيتها وهل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم أو نساء الصحابة كن يلبسن اللباس الأبيض في حالة الإحرام أرجو الإفادة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المرأة إذا أحرمت ليست كالرجل يلبس لباسا خاصا إزارا ورداء بل المرأة تلبس ما شاءت من الثياب التي أباح الله لبسها قبل الإحرام فتلبس الأسود والأحمر والأصفر والأخضر وما شاءت أما الأبيض فلا أعلم أن المرأة مطلوب منها أن تحرم بأبيض بل إن الأبيض في الحقيقة من التبرج بالزينة فإن اللباس الأبيض للمرأة يكسوها جمالا ويجلب انطلاق النظر إليها لذلك كونها تلبس اللباس الأسود مع العباءة أفضل لها وأكمل ولها أن تلبس الجوارب شراب الرِّجلين وأما القفازان شراب اليدين فإنه لا يجوز لها لبسها وعليها أن تغطي وجهها إذا قرب الرجال منها لئلا ينكشف أمام الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وفي هذه الحال تغطي وجهها ولا يضرها إذا مس بشرتها خلافاً لقول بعض العلماء الذين يقولون أنها تغطي وجهها بساتر لا يمس بشرتها فإن هذا القول ضعيف ولا دليل عليه ولكنها لا تنتقب لأن (النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى المحرمة أن تنتقب) والحاصل أن لباس المرأة إذا أحرمت يكون السواد أو ما أشبهه مما يبعد النظر إليها.
***
إبراهيم إلياس إبراهيم سوداني يقول في رسالته إذا حج الرجل أو الإنسان منفرداً وتروش ثلاث مرات وهو محرم هل يجوز التروش وهو محرم وأيضاً أرجو أن تفيدوني عندي جدي متوفى له الرحمة من الله ولم يحج هل يجوز لي أن أحج عنه أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الاغتسال للمحرم فلا بأس به لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وسواء اغتسل مرة أو مرتين أو أكثر ولكنه يجب أن يغتسل إذا احتلم وهو محرم فيغتسل من الجنابة وأما الحج عن جده الذي لم يحج فلا حرج عليه أيضاً أن يحج عنه لأن ذلك قد جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
***
لقد وقعت في جريمةٍ نكراء وداهيةٍ دهياء في حج العام الماضي حيث سول لي الشيطان ووقعت على زوجتي وجامعتها جماعاً في منى ولكن هذا وقع في الليل وقال بعض طلبة العلم أن حجك قد فسد فصرعوني بهذا القول وركبت سيارتي وهربت إلى بلدي وتركت زوجتي مع أخيها وأنا لم أهرب إلا خوفاً من الله حيث إني أبقى في مشاعره المقدسة وأنا قد عصيته وليس لي حج أرجو الإفادة والمخرج الله يخرجكم من الظلمات إلى النور؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب يحتاج إلى تفصيل وذلك أن جماعه إياها في مني إن كان بعد التحلل مثل أن يكون بعد يوم العيد بعد أن رمى وحلق أو قصر وطاف وسعي فهذا لا شيء عليه إطلاقاً لأنه قد تحلل من الحج أما إذا كان بعد الرمي والحلق وقبل الطواف يعني بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني فإن الحج لا يفسد ولكن يفسد الإحرام فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل ليحرم من جديد ليطوف طواف الإفاضة محرماً وعليه مع ذلك شاه يذبحها ويفرقها على الفقراء أما إذا كان الوطء في منى قبل الذهاب إلى عرفة فمعناه أنه جامع قبل التحلل الأول والثاني أيضاً وهذا يفسد حجه وعلى ما قاله أهل العلم يجب عليه المضي فيه ويجب عليه بدنة يذبحها ويفرقها على الفقراء ويجب عليه القضاء من العام القادم ولكن هذا الرجل في الحقيقة لا ندري إي الأحوال كان عليه فلا نستطيع أن نحكم على فعله وذهابه إلي بلده.
فضيلة الشيخ: لو ذهب إلى بلده وهو قبل أن يخرج مثلاً إلى عرفة مثلاً جامع في اليوم الثاني وهو محرم ما حكم ذهابه إلى بلده؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا ذهابه لا يجوز ويجب عليه الرجوع لو فرض أنه سال في ذلك الوقت قبل أن ينتهي الحج وجب عليه الرجوع ليكمل الحج الفاسد ثم يقضيه العام التالي أما وقد فات الأوان الآن فإنه يجب عليه على ما تقتضيه قواعد المذهب يجب عليه أن يمضي في الحج هذا العام تكميلاً للحج الفاسد الأول لأنه لا زال على إحرامه لم يتحلل منه أو يتحلل بعمرة حيث فاته الحج بفوات الوقوف ثم يقضي الحج الفاسد الذي تحلل منه بعمرة بالفوات.
فضيلة الشيخ: هل يلزمه شي عن لبس المخيط؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يلزمه لأنه جاهل.
***
في العام الماضي أديت فريضة الحج ولكني بعد أن أحرمت من الميقات بتنا قبل دخول مكة المكرمة وجامعت زوجتي فما الذي يترتب عليّ بالتفصيل علماً بأني قد ذبحت شاةً العام الماضي وحيث أني قد نويت الحج هذا العام أرجو أن أكون علي بينة من أمري وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان هذا الرجل محرماً بالحج فإنه يكون قد أفسد حجه وعليه بدنة يذبحها هناك ويوزعها على الفقراء وعليه أيضاً أن يقضى ذلك الحج الفاسد في هذه السنة هو وزوجته إلا إذا كان زوجته مكرهةً أو كانت جاهلةً لا تعلم فليس عليها شيء.
***
المرسل ع. ي. ض. من الرياض وفي الحقيقة أنه ينتهز فرصة الحج ويسأل هذا السؤال وإن كان الحج قد مضى يقول أفيدكم أنني قد حجيت مفرداً وقد أكملت الحج وعندما رميت جمرة العقبة وحلقت رجعت وفسخت الإحرام وهو يوم العيد ومعي زوجتي يقول إنه جامع زوجته، ويقول وأنا والله ثم والله لم أعلم أنه يفسد الحج، وأنا جاهل في هذا الكلام، وأنا أول مرة أحج ومعي زوجتي وأني حججت عام 1399هـ فما حكم حجي هذا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: حكم حجه صحيح ولا شيء عليه ما دام جاهلاً لأن الله سبحانه وتعالى يقول (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)، وقال تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ويقول سبحانه وتعالى في جزاء الصيد (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ) فكل هذه الآيات وكثير من النصوص سواها يدل على أن فاعل المحذور إذا كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء، وعلى هذا نقول للرجل لا تعد لمثل ما فعلت.
***
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 352.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 346.92 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (1.72%)]