البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 10 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          { ويحذركم الله نفسه } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          رمضان والسباق نحو دار السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 770 )           »          منيو إفطار 19 رمضان.. طريقة عمل الممبار بطعم شهى ولذيذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          جددي منزلك قبل العيد.. 8 طرق بسيطة لتجديد غرفة المعيشة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-04-2022, 05:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)

البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة
(المصالح والمفاسد) (1)









كتبه/ محمد سعيد الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهذه مجموعة حلقات نتناول فيها -بإذن الله- قضية "الموازنة بين المصالح والمفاسد" من خلال قصص الكتاب والسُنَّة.

ومُراعاة المصالح والمفاسد مَطلبٌ شرعي جاءت به الشريعة الإسلامية؛ لأنَّ الشريعة جاءت لتحقيق مَصالح العباد أو تكميلها، ودفع المفاسد أو تقليلها، قال تعالى على لسان شُعيبٍ: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ".

- والموازنة: هي المُفاضلة بين المصالح والمفاسد المتعارضة؛ لتقديم الأوْلى بالتقديم، وتأخير الأوْلى بالتأخير.

- والمصلحة: هي الفعلُ الذي فيه صلاحٌ ونفعٌ.

- والمفسدة: ضدُّ المصلحة.

الحلقة الأولى: قصة موسى والخضر عليهما السلام:

عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أنَّ النبيَّ ذَكَرَ قصةَ مُوسى والخَضِر؛ فقال: "فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ؛ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الْخَضِرُ؛ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ أَجْرٍ ... فَعَمَدَ (قَصَدَ) الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ أَجْرٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا: قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا . قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ".

ثُمَّ ذَكَرَ الخَضِرُ لمُوسَى سَبَبَ خَرْقِهِ لِلسَّفِينَةِ؛ فَقَالَ: "سَأُنَبِّئُك� � بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا؛ فَإِذَا جَاءَ الذِي يُسَخِّرُهَا وَجَدَهَا مُنْخَرِقَةً؛ فَتَجَاوَزَهَا، فَأَصْلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ" (متفق عليه).

- وَكَانَ وَرَاءَهُمْ: أي: أمَامَهم.

- فَتَجَاوَزَهَا: أي تركوها؛ لأنها مَعِيبة.

الدروس المستفادة:

1- بيانُ الحكمة مِن خَرقِ السفينة، وهو أنَّ مَلِكًا ظالِمًا كان أمَامَهم يأخذ كل سفينةٍ صالحةٍ بالقَهرِ والقُوةِ.

2- مَشروعيةُ إصلاح كلِّ المالِ (أو أكثره) بإفسادِ بعضه؛ فالخَضِر أفسَدَ بعض المال بيده لينجوَ أصل المال.

3- إذا عُلِم بالتجربة والواقع أنَّ عاقبةَ المال كله إلى الفساد، ويمكن استنقاذه بإفساد بعضه؛ شُرِع ذلك قياسًا على فِعل الخضر.


4- متى وُجِد ضَرران لا بد مِن وقوع أحدهما؛ فيُتَحَمَّل الضرر الأصغر لدفع الضرر الأكبر؛ لأنَّ خَرقَ السفينة أخَف مِن ضَياعِها بالكليَّة.

5- الموازنةُ بين المصالح والمفاسد مما اتفقت عليها جميع الشرائع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ الرُّسُلَ لِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا بِحَسَبِ الإِمْكَانِ" (مجموع الفتاوى).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-04-2022, 11:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)

البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (2)

بناء الكعبة






كتبه/ محمد سعيد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد بوَّب البخاريُّ بابًا بعنوان: "بَابُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أَشَدِّ مِنْهُ"، ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ (قَبلَ الإسلام) اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَفَلا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقَالَ: "إنَّ قَومَكِ قَصُرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِجَاهِلِيَّةٍ أَوْ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ؛ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ"، فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. (متفق عليه).

- اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ: أي: لم يُكمِلوا بناء الكعبة على الأُسُس التي وضعها إبراهيمُ.

- قَصُرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ: أي: لم تَكفِ الأموال لاستكمال بناء الكعبة.

الدروس المستفادة:

1- كانت قُريشٌ تُعظِّمُ أمْرَ الكعبة جدًّا:

أ- فَخَافَ صلى الله عليه وسلم أن يَظنُّوا (بسبب قُربِ عهدهم بالإسلام) أنَّه غيَّر بناءَها لينفَرِدَ بالفخرِ عليهم في ذلك؛ فتقع الردَّة والفتنة.

ب- ولو هَدَمها عليه الصلاة والسلام لأحدث ذلك زعزعة في قلوبهم، وقد يتَّهِموه بعدم تعظيم البيت الحرام.

2- تَرْكُ المصلحةِ مِن أجل عدمِ الوقوعِ في المفسَدة الأعظم.

3- تَرْكُ إنكار المنكر خشيةَ الوقوعِ في مُنكرٍ أعظمَ منه.

4- يجبُ تقديم الأهمِّ فالأهمِّ مِن دفع المفسدةِ وجلبِ المصلحةِ.

من ذاكرة التاريخ:

بُنِيَ البيت الحرام أكثر مِن مرَّة؛ بناهُ إبراهيم، ثم قريشٌ في الجاهلية (وحضَرَ النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء)، ثم بناهُ عبد الله بن الزُّبير على قواعد إبراهيم، ثم أعاد بناءه الحجاج بن يوسف الثقفي إلى ما كان عليه قبل بناءِ ابن الزبير، وذلك بأمر الخليفة عبد الملك بن مروان، ولم يكن بَلَغَهُ حديث عائشة السابق؛ فلمَّا بَلَغَهُ قال: "ودِدنا أنَّا تركناه".

وقد هَمَّ المهديُّ -ابنُ أبي جعفر المنصور- أن يُعيدَها على ما بناها ابن الزبير، واستشار الإمام مالك في ذلك، فقال: "أكره أن يتخذها الملوك لعبة؛ فهذا يرى رأي ابن الزبير، وهذا يرى رأي عبد الملك بن مروان، وهذا يرى رأيًا آخر، فتذهب هَيبَة البيت مِن صدور الناس!" (البداية والنهاية).

فانظر كيف رَاعَى الإمامُ مالك نفس القاعدة المذكورة في حديث عائشة رضي الله عنها؛ فأفتى بأنَّ دَفعَ مَفسدة ذَهَاب هَيبَةِ الكعبةِ مِن قلوب الناس مُقدَّمٌ على مصلحة هدمِها وإعادتها على قواعد إبراهيم عليه السلام.


وللحديث بقية إن شاء الله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-05-2022, 12:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)



البناء الفكري من قصص الكتاب والسُّنة (3)

قصة موسى عليه السلام والإسرائيلي









كتبه/ محمد سعيد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال الله تعالى في شَأنِ قَتلِ مُوسَى عليه السلام للرَّجُل المِصرِي: "وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ . قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ . فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ . فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ".

الدروس المستفادة:

1- كان موسى عليه السلام يُقيِّم الموقف كالتالي:

- هناك ظالمٌ: وهو ذلك الرَّجُل المصري المُعتدي.

- وآخر مظلومٌ: وهو رجلٌ مِن بني إسرائيل مِن شيعة مُوسى.

2- لم يتعمَّد مُوسى عليه السلام قَتلَ المصري، بل كان يريد دَفْعَهُ فقط.

3- جاءَ الدفعُ بأكثر مما يَلزَم فَمَات الظالم، وهُنا ترتَّبت مَفَاسد، منها:

- أنَّ هؤلاء الأعداء سيتخذون هذا الأمر ذريعةً لقتل موسى نفسه، الذي يُعدُّ سَنَدًا قويًّا لبنى إسرائيل في ظل هذه الدولة الظالمة، وبالفعل بدأت محاولة القتل؛ فَفَرَّ مُوسى عليه السلام إلى مَديَن.

- أنَّهم سيتخذون هذا الأمر تَكَأَةً لتبرير بطشهم وظلمهم لبني إسرائيل.

- أنَّ فرعون وملأه لن يَنسَوا هذا الحادث لمدة عَشَرات السِّنين، ويتخذونه ذريعةً للصدِّ عن سبيل الله ومَنع الدعوة.

4- تأمَّل كيف وَزَن مُوسى عليه السلام هذا الحادث بميزان الشرع: "قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ"؟! لأنَّ نُصرة المظلوم التي يترتَّب عليها ظلمٌ وفسادٌ أشدُّ، هي مِن عَمَل الشيطان.

5- لم يكن مُوسى عليه السلام مأمورًا بقتل أحدٍ مِن الأعداء في تلك المرحلة (مرحلة الاستضعاف)، كما سيقول في حديث الشفاعة يوم القيامة: "إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا".


6- سَمَّى مُوسى عليه السلام فِعلَه هذا ظلمًا: "قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي"؛ لأنه أدرك مآلات وعَواقِب هذا الأمر.


7- سَمَّى مُوسى عليه السلام فِعلَه هذا ضلالًا: "قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ".

8- قال مُوسى عليه السلام للإسرائيلي: "إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ"؛ لأنه يُصادِم ويُصارِع كلَّ يومٍ مَن لا يَقدِر عليه (حتى ولو كان هذا الإسرائيلي على حقٍّ).

وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-06-2022, 02:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)

البناء الفكري من قصص الكتاب والسُّنة (4)

قصة الأعرابي









كتبه/ محمد سعيد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال أنسُ بنُ مالكٍ رضي الله عنه: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ"؛ فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ دَعَاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: "إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلا الْقَذَرِ؛ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عز وجل، وَالصَّلاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ"؛ فَأَمَرَ رَجُلاً مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ. (متفق عليه). لا تُزْرِمُوهُ: أي: لا تقطعوا عليه بَولَهُ.

الدروس المستفادة:

1- حُسنُ تعليم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأنه يُعلِّم بالرِّفق واللِّين.

2- يجبُ ارتكاب الضَّرر الأخفِّ مِن أجل دفع الضَّررِ الأشدِّ.

3- ترْكُ الأعرابي يُكمِلُ بولَهُ ضررٌ أخفُّ مِن قطع بوله عليه؛ فإنَّ قطعَ البول يتضمنُ أضرارًا كثيرةً أشد مِن البول في المسجد، مِنها:

- احتباسُ البول في بدنه بما يؤذيه.

- تقاطُرُ البول في أماكن أخرى مِن المسجد وعلى ثيابه وبدنه بما يُوسِّع دائرة النجاسة.

أمثلة على قاعدة: (الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف):

مثال (1): جوازُ فداء الأسير المسلم بالمال؛ لأنَّ ضررَ أسر المسلم عند الكفار أشد مِن ضرر دفع المال إليهم.

مثال (2): إذا أخذ الإنسانُ خَشَبةً غصبًا، ثم وضعها في بناءٍ له؛ فإنه لا يجب على الغَاصِب نقضَ بنائه لإخراج الخشبة، بل يجب عليه أن يدفعَ قيمتها لصاحبها؛ لأنَّ ضررَ نقض البناء أشد.

من ذاكرة التاريخ:

يحكى أنَّ أحدَ السلاطين أراد ضَرْبَ عُنُق رجلٍ لم يستحق القتل؛ فقام أحد العلماء المُقرَّبين مِن السلطان يحاوره حتى رضي السلطان بضرب ذلك الرجل بالعصا بدلًا مِن القتل بشرط أن يكون الذي يضربه ذلك العالم أمام الناس؛ فأُخرج الرجل إلى مجمع الناس، فضربه العالم؛ فتفرَّق الناس وهم يشتمونه أقبح شتمٍ، وهم غيرُ مَلُومِين؛ لأنَّ هذا الفعل في الظاهر مُنكر، فكيف يفعله ذلك العالِم؟! ولو انكشفت لهم الحقيقة وعلِموا أنه تَفَاداه بضرب العصا عن ضرب السيف، لرفعوا أيديهم بالدعاء له والترضِّي عنه. (انظر رفع الأساطين للشوكاني).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22-07-2022, 12:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)



البناء الفكري من قصص الكتاب والسُّنة (5)

قصة أصحاب الأخدود









كتبه/ محمد سعيد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعَنْ صُهَيْب أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَنْ غُلامِ أصحَابِ الأُخْدُودِ بَعدَ مَا فشِلَ الملكُ في إرجاع الغلام عن دينه: "إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي".

فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، رَبِّ الْغُلامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلامِ.

فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ (حُفِرت) وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا؛ فَفَعَلُوا، حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلامُ: يَا أُمَّهْ، اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ".

الدروس المستفادة:

1- أرشَدَ الغلامُ إلى طريقةِ قتْلِهِ؛ مِن أجلِ مَصلحةِ وُصُولِ الدعوة إلى كافة الناسِ، ورؤيتهم أدلة صِدقها، وهذه المصلحة أكبر مِن مَفسدةِ قتْلِهِ.

2- إذا وُجِدَ ضَرران، أحدهما: عام، والآخر: خاص؛ فإنه يُرتكَب الضَّرر الخاص لدفع الضرر العام؛ لأنَّ الضررَ الخاص أهونُ مِن الضَّررِ العام، وهذا ما فعله الغلام.

- فالضرر العام: بقاءُ الناس على الكفر، وعدم وصول دعوة الحقِّ إليهم.


- والضرر الخاص: قتلُ الغلام ظلمًا.

- التضحيةُ بالنَّفْس مِن أجل إيمان الناس غير واجبة؛ وإنما هي مستحبة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22-07-2022, 12:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)



البناء الفكري من قصص الكتاب والسنة (6)

قصة إبراهيم وسارة عليهما السلام









كتبه/ محمد سعيد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ، وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ؛ فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي، فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الإِسْلاَمِ؛ فَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ فِي الأَرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِى وَغَيْرَكِ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ؛ فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ دَخَلَ أَرْضَكَ الآنَ امْرَأَةٌ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِلاَّ لَكَ؛ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأُتِىَ بِهَا، وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الصَّلاَةِ.

فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقُبِضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً؛ فَقَالَ لَهَا: ادْعِى اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِى وَلاَ أَضُرُّكِ؛ فَفَعَلَتْ؛ فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَةِ الأُولَى؛ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، فَقَالَ: ادْعِى اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِى وَلَكِ اللَّهَ أَنْ لاَ أَضُرَّكِ؛ فَفَعَلَتْ، فَأُطْلِقَتْ يَدُهُ، وَدَعَا الَّذِى جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ وَلَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ، فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِى وَأَعْطِهَا هَاجَرَ. قَالَ: فَأَقْبَلَتْ تَمْشِى فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ انْصَرَفَ فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ؟ فَقَالَتْ: خَيْرًا، كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْفَاجِرِ وَأَخْدَمَ خَادِمًا" (متفق عليه).

- "مَهْيَمْ" أي: ما الأمر؟

- "أَخْدَمَ خَادِمًا" أي: وَهَبَني خادمًا، وهي: هَاجَر.

الدروس المستفادة:

1- كانت عادةُ هذا الجبار ألا يتعرَّض إلا إلى المرأة التي لها زوج؛ لذلك قال لها إبراهيم: "فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي".

2- مَشروعيةُ أن يُقالَ: أخي في غير النَّسَبِ، ويرادُ به الأخُوة في الإسلام.

3- يجوزُ الكذبُ وقد يجبُ؛ لتحمُّل أخَفِّ الضررين دَفعًا لأعظمهما.

4- التَّعرِيضُ أوْلى مِن الكذب، وهو: أن يُظهِر غيرَ ما يريده، كما قال إبراهيم عن سارة أنها أخته (يَقصِدُ أنها أخته في الإسلام).

5- مَن حَصَلَ له أمرٌ مُهِمٌّ مِن الكَرْب ينبغي له أن يفزَعَ إلى الصلاة.

6- أرادَ إبراهيمُ دفع أعظم الضَّررين بارتكاب أخَفِّهِما؛ لأنَّ اغتصابَ الملِك إياها واقعٌ لا محالة، لكن إن عَلِمَ أنَّ لها زوجًا حَمَلَتهُ الغَيرة على قَتلِهِ، أمَّا إذا عَلِمَ أن لها أخًا فلن تكون هناك غَيرة.


7- تَقريرُ القاعدة الشرعية: "حِفظُ النَّفس مُقدَّمٌ على حِفظِ العِرضِ"، وهنا حالتان:

الأولى: لو تيقَّن الإنسان أنه سيُقتل إن دافَعَ عن عِرضِه؛ فلا يجب الدفاع.

الثانية: لو كان هناك احتمالٌ للدَّفع (كأن يُقاتِل حتى يَهرُبوا ويترُكوا عِرضَه)؛ فإنه يجب القتال دفاعًا عن العِرضِ؛ حتى لو قُتِل في هذه الحالة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22-07-2022, 12:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)



البناء الفكري من قصص الكتاب والسنة (7)

اعتبار مآلات الأمور









كتبه/ محمد سعيد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ (فضَرَب) رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ؟"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ"، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ المُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَوَقَدْ فَعَلُوا؟! وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَالَ النَّبِيُّ: "دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ. (متفق عليه).

- مآلات الأمور: عَوَاقِبُ الأمور ونتائجها المُتوَقَعَة.

- "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" أي: اترُكُوا دَعَوى الجاهلية؛ فإنها قبيحة مُؤذية.

- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: رأسُ المنافقين، وهو مِن أهل المدينة.

- أَوَقَدْ فَعَلُوا؟! أي: تكاثروا علينا في بلادنا وقَاتَلُونا.

الدروس المستفادة:

1- المنافقونَ في المدينة كانوا يُظهِرون الإسلام، ويُبطِنون الكُفر.

2- الحكمةُ مِن عدم قتل النبيِّ صلى الله عليه وسلم للمنافقين: أنه خَشِيَ أن يقع بسبب ذلك، تنفيرٌ لكثيرٍ مِن الناس عن الدخول في الإسلام.

3- حِلْمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصبره عَلَى بَعْض الْمَفَاسِد؛ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ أَعْظَم؛ بأن يُقال: "إِنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ".

وبالتالي:

- فالمفاسد الأقل: هي عدم قتل المنافقين والصبر على فجورهم.

- والمفسدة الأعظم: هي الخوف مِن تنفير الناس عن الدِّين.

4- لا يجوز الإقدام على فِعلِ شيء إلا بعد النَّظَر في عَوَاقبه ونتائجه:


- فإذا كانت المصالح أكثر أقدَمَ على فعله.

- وإذا كانت المفاسد أكثر أحجَمَ عن فعله.

قال الإمام الشاطبي: "لا يحكُمُ المُجتَهِدُ عَلَى فِعلٍ مِن الأفعَالِ بِالإقدَامِ أوْ بِالإحجَامِ؛ إلا بَعدَ نَظَرِهِ إلى مَا يَؤُولُ إليهِ ذَلِكَ الفِعلُ" (الموافقات).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22-07-2022, 12:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البناء الفكري من قصص الكتاب والسُنَّة (المصالح والمفاسد)



البناء الفكري من قصص الكتاب والسنة (8)









كتبه/ محمد سعيد الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المشركين يوم الحديبية: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا".

ثُمَّ قَالَ المِسْوَر عند كتابة الصُلْح: "فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا؛ فَدَعَا النَّبِيُّ الكَاتِبَ، فَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ. فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لاَ نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ: "اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ"، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ، لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ البَيْتِ، وَلاَ قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ"، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ: "عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ"، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَاللَّهِ لاَ تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً (مُفَاجأة وقَهرًا)، وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ؛ فَكَتَبَ. فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا. قَالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟! فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ: "إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ"، قَالَ سُهَيْلٌ: فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبِيُّ: "فَأَجِزْهُ لِي"، قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: "بَلَى فَافْعَلْ"، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ.

قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَيْ مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ.

قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ النبيَّ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا، قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ (المَذَلَّة) فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: "إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي"، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: "بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟"، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: "فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ" (متفق عليه).

وَنَزَلَ قَولُهُ تَعَالَى: "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَفَتْحٌ".

- يَرْسُفُ: يمشي مشيًا بطيئًا؛ بسبب القُيود.

- لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ: لم نَنْتَهِ مِن كتابة الصُلح والعَقدِ.

الدروس المستفادة:

1- مع أنَّ النبيَّ كان معه 1400 مُقاتل بايعوه على الموت، وكان يمكنُهُ بهم أن يجتاحَ مكةَ ويدخلَ الحرم؛ إلا أنه كانت هناك اعتباراتٌ كثيرةٌ، مِن أجلِّها: لم يُقدِم على القتال، ووافق على صُلحٍ ظنَّهُ الفاروق عُمر مِن بابِ إعطاء الدَّنِية في ديننا.

وكان مِن هذه الاعتبارات:

- الأول: اعتبارُ تعظيم حُرُمات الله، فقد قال حين وصَلَ الحُديبية: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا".

- الثاني: اعتبارُ وجودِ بعض مَن يخفي إسلامه مِن المُستضعفين في مكة، فرُبَّما قُتِل بعضهم بسيوف المسلمين وهم لا يعلمون؛ قال تعالى: "لَوْ تَزَيَّلُوا" أي: لو تفرَّق بين المؤمنين والكافرين وتميَّز بعضهم مِن بعض "لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا" بالقتل والأسر "مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا"، وهذا مِن أرقى وأعلى درجات تعظيم أمر الدماء.

- الثالث: اعتبارُ استِقبَاحِ العربِ أن يجتاحَ رجلٌ قومَهُ ويستأصِلَهُم؛ ولذلك قال عُروةُ بنُ مَسعودٍ (وهو أحدُ مَبعوثي قُريشٍ للتفاوض مع النبي): "أَرَأَيْتَ إِنْ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ؛ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ؟!".

- الرابع: اعتبارُ الحفاظِ على حياةِ مَن معه ليواصِلَ بهم الدعوة إلى الله؛ ولذلك قال لِبُدَيلِ بنِ وَرْقاءِ: "فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ (أي أنتَصِر): فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ؛ فَعَلُوا".

- الخامس: اعتبارُ تأمين جَبهَةٍ شَرِسَةٍ، وهي جبهة قريش (التي تُعَدُّ رأس الحربة على الإسلام)؛ فتأمِيُنها -ولو لمدة- يُعطي الفُرصة للانطلاق في الدعوة إلى الإسلام في جميع أنحاء الجزيرة العربية، ويوفِّر مَنَاخًا يُمكِن للعربِ فيه أن يستمعوا إلى صوت العقل والحكمة؛ ولذلك قال لِبُدَيلٍ: "فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ".

2- كلُّ هذه الاعتبارات السابقة جَعَلَت مِن الصُّلح فَتحًا مُبينًا، على الرَّغم مِن وجود الشروط الجائرة التي قال عُمرُ الفاروق بسببها: "أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ؛ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا".

ومِن هذه الشروط:

- أن يُكتَب: "باسمك اللهم" بدلًا مِن: "بسم الله الرحمن الرحيم"، "هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله" بدلًا: مِن "محمد رسول الله".

- تحلُّلُ النبيِّ مِن إحرَامِهِ ورجوعِهِ عن العُمرةِ في ذلك العام.

- أَنَّ مَن جاءَ إلى المشركين لا يُرَدُّ إلى المسلمين، وَمَنْ جَاءَ مُسلمًا يُرَدُّ إلى المشركين.

- ردُّ أبي جَندَلٍ وأبي بَصيرٍ إلى مُشركي قُريشٍ مرَّة أخرى.

3- ضَرورةُ النَّظر في مَآلات وعواقب الأمور، وهل فيما نفعلُهُ تعظيمٌ لحرمات الله أم تضيعٌ لها، وهل في ذلك مَصلحةٌ للدِّين أم تضييعٌ له؛ فقد قَبِلَ شروطًا ظالمة ليُتَمِّمَ الصُّلح.

4- مُصَالَحَةُ المُشْرِكِينَ بِبَعضِ مَا فِيهِ ظلمٌ عَلَى المُسلِمِينَ جَائِزَةٌ لِلمَصلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، ففي ذلك: (دَفعُ أعلَى المَفسَدَتَينِ بارتِكابِ أدنَاهُمَا).

5- سَمَّى اللهُ هذا الصُّلح فتحًا مُبينًا: "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا"؛ لأنَّه كان مُقدمة بين يدي الفتح الأعظم (فتح مكة) الذي أعزَّ اللهُ به رَسُولَهُ وجُندَهُ، ودخَلَ الناسُ به في دين الله أفواجًا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 118.17 كيلو بايت... تم توفير 5.11 كيلو بايت...بمعدل (4.14%)]