الرشد - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854476 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389424 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-03-2022, 11:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي الرشد



الرشد (1)









كتبه/ شريف الهواري


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن الصراع بين الحق والباطل قد بلغ أشده؛ فهو صراع على المنهج من أجل تمييعه واختراقه، وتشويهه وطمس معالمه، والتلبيس والتدليس على حملته كي يتمكن الباطل أكثر وأكثر؛ ليسود ويقود.

ومن المفترض أن يدرك حملة الحق هذه الحقيقة جيدًا، وأن الصراع بين الحق والباطل إنما هو على المنهج؛ حتى لا يبقى له أثر ولا تأثير، ولا سلطان، ولا قيادة ولا توجيه، وبالتالي يصلون إلى مخططاتهم.

ولذلك مِن الواجب على حملة الحق أن يفكروا كيف نحافظ على المنهج بصفائه ونقائه، وكيف نقوم على توريث المنهج للأجيال القادمة، وخصوصًا أن الباطل فقيه في الشر بقيادة الشيطان.

وشياطين الإنس يتقنون قلب الحقائق، والمكر والكيد، وأساليب التخطيط والتثبيط والحرب النفسية، ويتقنون أساليب الإغراء والإغواء والإبهار، وزرع الألغام والعقبات في طريق الحق، ويتقنون الاستفزاز والاستدراج، حتى يقع الصدام المبكر؛ فتُقطف الثمرة التي يسعون إليها.

وهذا يدفعنا إلى الشعور بالمسئولية، وإلى التساؤل: ما الذي بوسعنا أن نقوم به لنحافظ على هذا المنهج بصفائه ونقائه، وحصول النصر والتمكين له؟!

وإن لم يتحقق هذا في جيلنا؛ فليكن في الأجيال التالية من أبنائنا وأحفادنا، لكن المهم أن يكون لنا مشاركة إيجابية في الحفاظ على هذا الدين؛ فديننا منصور بإذن الله، والباطل مدحور كما هو معلوم، لكن الشعور بالمسئولية يدفعنا الى أن نسأل العلماء: ما الصفات التي ينبغي أن تتوافر في حملة الراية -أي: المنهج- حتى يثبتوا بها وعليها، ولا يفرِّطوا فيها ولا يداهنوا فيها ولا عليها، وحتى يتحملوا ويصبروا ويُفشلوا كل مخططات الباطل، ويقوموا على عملية توريث المنهج بطريقةٍ سهلةٍ وسلسةٍ تؤدي إلى إيصال المنهج للأجيال القادمة؟!

وهذه أعظم مهمة ومسئولية، فإذا أديناها كما ينبغي؛ فقد شاركنا وكان لنا دور، وكان لنا الفضل والسبق في هذه المهمة، لكن هل هذا الأمر يكون بمجرد العواطف أو الانتماء والولاء مثلاً، أو بالقعود لانتظار فرصة تأتي أم أنه يحتاج منا إلى اهتمام شديد وعمل وبذل؟

إن لهذا الكادر المنشود صفات يستطيع بها بعون الله وتوفيقه أن يحمل هذا المنهج ويتحمل في سبيله، ويبذل ويضحي من أجله حتى يسلمه للأجيال القادمة، وحينها يقول: "اللهم قد بلغت ... اللهم فاشهد".

وأعظم صفة لهذا الكادر هي (الرشد) ... فما الرشد؟

الرشد قيل: هو الحاسم في كل المواجهات التي وقعت بين الحق والباطل.

وقيل أيضًا: الرشد هو العِلم المقرون بالحكمة والفهم السديد.

وقيل عن الرشد: إنه إتقان المنهج؛ عقيدة وشريعة، أصولًا وفروعًا، وهو يشمل إتقان تطبيقه وتفعيله في أرض الواقع، وإتقان طرحه وعرضه للآخرين والذب عنه، والتأصيل والتنظير عليه للدفاع عنه.

والرشد أيضًا: إصابة وجه الحقيقة.

والرشد: تمام الالتزام بفعل ما به أمر الشرع به، وترك ما نهى عنه وزجر.

والرشد: تمام الهداية مع تمام الاستقامة.

والرشد: قوة في الإيمان واليقين، مع الاعتزاز بالمنهج.

والرشد: به تُختصر المراحل، وتُجتنب المعاناة والمشاكل.

فصاحب الرشد يسير على الطريق الصحيح بخطىً ثابتة؛ فلا اضطراب، ولا خوف ولا هلع، ولا قلق، فهو رزين منضبط.

والرشد: يوجد مكابح لنفسك ولعواطفك ولشهواتك ولعاداتك.

والرشد: هو القمة في تلقي المنهج، وفي كيفية تفعيل فقه المصالح في السير به وسط حقول الألغام، فلا يستطيع أحدٌ أن يضيع طاقاتك ولا إمكانياتك، ويكفيك أنك بالرشد تصل لأعظم النتائج بأقل الجهود والإمكانيات مع أقل الأوقات.

وتزداد الحاجة إلى الرشد حينما يشتد الصراع بين الحق والباطل، فالرشد يوجد الثبات الانفعالي لدى المرء.


والقرآن العظيم ضَرَب لنا أمثلة على حقيقة الرشد كمادة للحسم في الصراع بين الحق والباطل، فعند اشتداد الصراع، لا بد وأن يكون هناك (رشد).

وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-03-2022, 10:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرشد



الرشد (2)

أصحاب الكهف وإبراهيم عليه السلام









كتبه/ شريف الهواري


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ضرب لنا القرآن أمثلة على حقيقة الرشد كمادة لحسم الصراع بين الحق والباطل، وهناك أمثلة من القرآن الكريم، أولها:

1- قصة الفتية:

يذكر القرآن العظيم قصة هؤلاء الفتية الذين كانوا يعيشون في مملكة كافرة تعج بالشرك والفساد، فهؤلاء الفتية قرروا أن يهاجروا بدينهم، وقالوا نفر إلى الله، وتسللوا وخرجوا بكلبهم فآواهم المبيت إلى كهف، لكنهم يحملون الهم ويفكرون في المصير؛ كيف يرتبون الأولويات؟!

وماذا سيفعل الملك الظالم معهم؟!

عندما دخلوا إلى الكهف قالوا: "ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا"، فهؤلاء الفتية لم يدعوا على الملك الظالم ومَن عاونه، ولم يدعوا بالنصر والتمكين أولًا، ولكن طلبوا الرحمة والرشد لكي يحسنوا تحقيق المصلحة ويدرؤوا المفسدة، ويرتِّبوا الأولويات، ليتخطوا العراقيل والعقبات، ويصلوا إلى سلامة الله وأمنه وإلى بر الأمان.

هؤلاء الفتية أحسنوا الاختيار، وأصابوا كبد الحقيقة؛ لأنهم يعلمون أساليب الباطل؛ ولذلك كانوا يحتاجون إلى الرشد، وإلى العلم، وإلى الحكمة، وإلى الإتقان؛ لضبط الأولويات في تلك المحنة.

تعالوا معا نعيش سويًّا هذه الفترة التي نحن فيها الآن، والأحداث المتتابعة التي ألمت بنا كأمة؛ في سوريا والعراق، ومصر، واليمن وليبيا، إلخ، والواقع ما زال مؤلمًا، كثير منا يحب الدين، لا نستطيع أن نشكك في حبهم للدين وغيظهم من الباطل، ومن الانحراف والفساد، لكن: "وكم من مريد للخير لا يبلغه"، فسيطرت عليهم العواطف وقادتهم لاصطدام مبكر؛ فتعجلوا واندفعوا فكانت النتائج مؤلمة!

وفي تلك الظروف، هناك مَن استطاع أن يحافظ على رأس ماله، ويفوت الفرصة على أعدائه، واستطاع أن يتخطى الألغام والعراقيل والعقبات، ويصل بأبنائه الى بر الأمان بإذن الله، فأولئك الذين نحسبهم أن لديهم نصيبًا وافرًا من (الرشد).

2- قصة إبراهيم عليه السلام مثال آخر: في أحرج مرحلة من مراحل الصراع بين الحق والباطل، انتشرت فيها عبادة الأوثان والأصنام والكواكب، وعبادة البشر، كان لا بد من وجود مخرج، وهنا وقفة نتأمل فيها: أن الله عز وجل يرشدنا -وحتى قيام الساعة- أننا حينما يشتد الصراع ويكثر الفساد، لا بد أن نبحث عن الشباب، فنقوم بعمل تأهيل مبكر، وتجهيز وإعداد جيد للشباب حتى يستطيع أن يحمل الراية، ويمر بها من حقول الألغام والفتن حتى يسلمها للأجيال القادمة.

في مرحلة الصراع تلك، وقع الاختيار على شاب من الشباب اسمه إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: "ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين"، يقول المولى عز وجل من باب التفخيم والتعظيم عن نفسه سبحانه وتعالى: أعطيت هذا الفتى رشده من قبل أن يُكلَّف، من قبل أن تبدأ المواجهة، من قبل أن يشتد الصراع، من قبل أن يقوم على عملية التأصيل والتنظير على الحق، ودحض شبهات الباطل عند كبراء عُباد الأصنام وعند عُباد الكواكب أو عند عُباد البشر حتى ألجمهم فبهت الذي كفر، وأعطاه الله سبحانه وتعالى (الرشد)، وهو في سن الشباب، فعندما تحدثوا عنه وعن فعله قالوا: "سمعنا فتىً يذكرهم يُقال له إبراهيم".

وأنتم كذلك يا شباب، الأمل حقيقة في النهوض بأنفسكم، بأُسركم، بمجتمعاتكم، ببلدكم، بوطنكم، بأمتكم، بالبشرية أجمع؛ ولذلك فإن التهيؤ لعملية تحصيل الرشد مهمة جدًّا.

فمن الضروري أن يكون لديك رشد حتى تسهم وتشارك ويكون لك دور، فهذه قضية في غاية الأهمية؛ سيدنا إبراهيم عليه السلام كان لها، فأفحم عُباد البقر والأصنام، وعُباد الكواكب، وعباد البشر، وعباد النمرود؛ ولذلك اغتاظوا وتوعدوا وهددوا كعادتهم، وشنوا عليه حرب تحبيط، وحربًا نفسية، وقرروا أن يحرقوه بتلك الوحشية فقيدوه بالسلاسل على مدخل البلدة حتى يهزموه نفسيًّا، ويكون عبرة لمن يراه حتى لا يؤمن بما يدعو إليه، فهل نجحوا أن يهزموه نفسيًّا أو يحبطوه؟ لا والله أبدًا كان في ثباتٍ عجيبٍ حتى وهو في طريقه إلى النار، وأتاه جبريل عليه السلام فقال: "حسبي الله ونعم الوكيل".


كان يعرف دوره ورسالته، فبالرشد ثبت وبذل وضحى ونُجي، "قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم"، فكانت العاقبة أن جُعلت الرسالة فيه وفي ذريته إلى قيام الساعة، واُختير لإمامة الملة الحنيفية السمحة؛ وذلك لأنه وُرّث الرشد.

وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-04-2022, 02:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرشد

الرشد (3)

قصة موسى عليه السلام

كتبه/ شريف الهواري

قصة موسى عليه السلام أعطاها الله تعالى في القرآن الكريم أكبر مساحة من الطرح والعرض؛ تارة تفصيلًا وتارة إجمالًا، وتارة تلميحًا؛ لأن فيها موضوعين في غاية الأهمية:
الصراع مع فرعون وملئه، والصراع مع بنى إسرائيل، فسيدنا موسى عليه السلام هو رسول كريم من أولي العزم من الرسل، أنزل الله عليه (التوراة)، وخصه بالكلام مع نبينا عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك يسأل موسى عليه السلام ربه: هل هناك مَن هو أعلم مني؟ وهذا ليس كما يقول المجرمون أنه عُجب أو استعلاء؛ حاشاه أن يكون كذلك! لكنه يسأل الله عز وجل: هل يوجد هناك أحد أنت أعلم به مني يعلوني في العلم كي أذهب إليه وأتعلم منه؟!
فأجابه ربنا جل وعلا أنه هناك مَن هو أعلم منه؛ عبد صالح من عباد الله، وقد اختلف السلف الصالح هل هو نبي أم رجل صالح، وهو رجل صالح على الأرجح، وهو الخضر عليه السلام.
ودله المولى عز وجل كيف يجده؛ فسار موسى عليه السلام مع غلامه يوشع بن نون حتى وصل إلى الخضر عليه السلام وصحبه ليتعلم منه ما يحتاج إليه، وعندما وجده موسى سلَّم عليه وسعد أنه وجد ضالته، فقال له: "هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا ‌عُلِّمْتَ ‌رُشْدًا"، فموسى عليه السلام يبحث عن الرشد، ويحتاج إليه من هذا العبد الصالح.
وللأسف قد تقابلنا مشاكل خاصة ومشاكل مجتمعية وسياسية واقتصادية، وفتن، ومناهج فكرية تُطرح وتُعرض، وينتاب البعض الكِبر فيمنعه من البحث عن عالمٍ متخصص يأخذ منه التوجيه والإرشاد؛ لماذا؟!
هل نريد الحلول جاهزة دون عناء؟!
هذا نبي من أنبياء الله عز وجل يبذل هذا البذل من أجل أن يطلب (الرشد)؟!
همم عالية جدًّا، فأنت أيها الشاب تحتاج فعلًا أن تبحث عن أهل الرشد لتتعلم منهم، لتصحبهم، لتكون في رفقتهم؛ هذا أمر ضروري، ومهم جدًّا.
مثال آخر: لا يفوتنا أن نتكلم عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام إمام أهل الرشد، أعظم من حصَّل الرشد وأكثر ما أعطى الرشد عليه الصلاة والسلام؛ بدليل لو نظرنا إلى المرحلة المكية ثم المرحلة المدنية، وكيف تعامل تحت تلك الضغوط الرهيبة، وكيف كان الرشد يشع من جوانبه عليه الصلاة والسلام.
مثله كمثل فتية الكهف وسيدنا إبراهيم وموسى عليهما السلام تكالبت قوى الشر عليه؛ قريش وقبائل العرب في أطراف الجزيرة وظهر النفاق في المدينة بعد معركة بدر، وأهل الكتاب واليهود، فقد وُضِع تحت ضغوط رهيبة.
فهذه الدولة الإسلامية ما زالت في مهدها محدودة العدد والعدة، والإمكانيات، وقد تكالبت عليها قوى الشر واليهود تولوا محالفة المنافقين، وأيضًا الضغط والحرب النفسية والأسئلة التعجيزية حتى يضعوا النبي صلى الله عليه وسلم في محنةٍ وارتباكٍ، واختلقوا المشاكل ووضعوا العراقيل والعقبات، فتأثر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، يعود إلى خطاب ربه عز وجل: "وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي ‌لِأَقْرَبَ ‌مِنْ ‌هَذَا ‌رَشَدًا"، أي: عندما يشتد بك الصراع، عندما تتكالب عليك الضغوط عندما تضيق عليك، عندما يزداد المكر والكيد، عندما تكثر العقبات والعراقيل، اذكر ربك؛ فهو أعظم وأجل من هذا كله، هو السند والعون، وهو الوكيل، القوي المتين، الفعَّال لما يريد.
فادعُه وتضرع إليه، فـ(عسى) هنا ليست للاحتمالية، ولكنها على التحقيق أنك ستُرشد.
ستنال الرشد الذي يعطيك القرار الصائب في التوقيت المناسب؛ الذي تستطيع أن تُحبط به مخططات الباطل، وتجوز به كل عراقيل الباطل، وتصل به لأحسن النتائج والإيجابيات بأقل الجهود والطاقات والإمكانيات.
رزقنا الله وإياكم الرشد.
وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14-05-2022, 12:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرشد

الرشد (4)

قصة موسى عليه السلام

كتبه/ شريف الهواري



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما مصادر الرشد؟

كيف نحصل على الرشد؟!

هذا هو المهم، أن نجتهد حتى نصل إلى الرشد لنستطيع أن نحمل الراية.

ومن أسباب الرشد ومصادره:

1- إسلام الوجه لله: أن تُسلم وجهك لله، فبمجرد أن تخضع وتستسلم وتنقاد لله، ستُعطَى الرشد كما قال الجن: "وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ ‌فَأُولَئِكَ ‌تَحَرَّوْا ‌رَشَدًا"، أي: مَن أسلم وجهه لله تبارك وتعالى ظاهرًا وباطنًا؛ فهذا قد وصل إلى منابع الرشد؛ فهل أسلمت أنت وجهك لله؟!

وعندما تأتي كلمة: (إسلام الوجه لله)؛ فهي تحمل في طياتها: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وهي مقامات الدين الثلاثة.

2- العقيدة الصحيحة: الإسلام عقيدة وشريعة وإيمان، فإن العقيدة الصحيحة عندما ترسخ في القلب تؤدي للتعرف الحقيقي على الله عز وجل، فتحقق أركان الإيمان في قلبك، في واقعك، في أرضك، فهذا لا شك يوصلك إلى أعظم منابع الرشد (العقيدة)، لكن كيف نؤمن بالله؟!

نؤمن بوجود الله سبحانه وتعالى، وبربوبيته، وأسمائه وصفاته، وباستحقاقه للإلهية وحده سبحانه وتعالى، فالركن الأول من أركان الإيمان، لو صح في قلبك؛ سيعطيك المخزون الإستراتيجي مِن: الحب، والإخلاص، والخوف والرجاء، واليقين، والتوكل، والإنابة، والإخبات لله تبارك وتعالى.

وسيجعلك تشعر فورًا بمعاني الربوبية، فتزداد يقينًا وثباتًا، وعزةً وأنفة وقوة، ويجعلك تشعر بالأسماء والصفات؛ فتستشعر الرقابة وأنك مراقب مرصود من الله عز وجل، فتنضبط الأقوال والأفعال، والظاهر والباطن، ويجعلك تؤمن أن الله وحده هو المستحق للعبادة دون من سواه؛ فهذه المعاني وحدها توصلك إلى (الرشد)؛ تمام الالتزام بأمره واجتناب نهيه.

وهذا هو أثر العقيدة الذي يجعلك مستسلمًا، خاضعًا، منقادًا لله ظاهرًا وباطنًا، مستحيًا، منكسرًا، وأنت موقن بأن الأمر بيد الله وحده سبحانه، وخصوصا لو اشتد الأذى والكرب، وكان البلاء وكانت الفتنة، وكان الاختبار والامتحان.

ولو لم يكن إيمانك بالله، وبربوبيته، وبأسمائه وصفاته قويًّا؛ فسوف يهزمك الباطل ويحبطك ويثبطك.

ولنتأمل في هذا الموقف العجيب عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في أُحُد، وبدا النصر واضحًا: "إِذْ ‌تَحُسُّونَهُمْ ‌بِإِذْنِهِ"، قُتِل حملة الراية من المشركين، وسقطت الراية على الأرض، وأعمل المسلمون فيهم الضرب، فروا وتخطوا حاجز النساء والأطفال، وهربوا وتركوا أرض المعركة، وكان هناك خمسون مقاتل على جبل الرماة، وحدثت البلبلة فنزل منهم أربعون مقاتلًا، وتبقَّى عشره، خالد بن الوليد كان مع المشركين الذين فروا؛ فرجع وطوق الجبل فقتل العشرة وأعمل الضرب في المسلمين من الخلف وعندما رآه باقي المشركين الفارين رجعوا مره أخرى و رفعوا الراية، وأعملوا الضرب في المسلمين من الأمام والخلف، فحدث الارتباك والاضطراب، وانقلبت الموازين فقُتل أكثر من سبعين مقاتلًا، وأصيب منهم الكثير حتى أصيب النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا.

مشهد مؤلم كان حول النبي صلى الله عليه وسلم تسعة محاربين فقط وهو العاشر، فقُتل سبعة كانوا من الأنصار وبقي طلحة وسعد، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم وحرز الأصحاب -رأس المال الباقي- وانسحب انسحابًا تكتيكيًّا، وصعد جبل أحد، وانصرفت قريش منتصرة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بتفقد القتلى والجرحى، فنزلوا بسرعة فرأوا مشهدًا مروعًا!

رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه أن القتلى أكثر من سبعين قتيلًا، وقد مُثِّل بحمزة وفلان وفلان، فقال: إني نازل، فنزل ورأى المشهد فبكى وتأثر صلى الله عليه وسلم تأثرًا شديدًا بالمشهد، فالتف مِن حوله الصحابة، والقتلى على الأرض والجثث التي مُثل بها أمامهم، والجروح تنزف دمًا، والهم والحزن كبير على ما حدث؛ لذلك خشي النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة، فربط تلك الأزمة بمعاني الربوبية، ومعاني الأسماء والصفات حتى يفيقوا من تلك الغمة، فقال: "استووا حتى أثني على ربي!"؛ تأملوا ... ! هل هذا موطن للدعاء والتضرع؟!

أراد صلى الله عليه وسلم أن يشكر الله تعالى على ابتلائه، فاستوى الصحابة خلفه فرفع يديه ودعا، وقال: "اللهم لا قابض لما بسطت (أسماء وصفات)، ولا باسط لما قبضت، اللهم لا مبعد لما قربت، ولا مقرب لما باعدت، اللهم لا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، اللهم أنزل علينا من بركاتك ورحماتك وفضلك"، وتتجلَّى العقيدة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين"؛ لكن لماذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالرشد؟!

هو صلى الله عليه وسلم مربٍّ و معلِّم، أسوة وقدوة صلى الله عليه وسلم، فكان يَعْلَم أن المرحلة القادمة أشد وأصعب مما مرَّ عليهم من قبل، وسيصل الخبر إلى المدينة، وسيتخطفه أهل النفاق ويهود، وبعض قبائل العرب والمشركين، وستكون حملة شرسة على الأصحاب، وقد كان! "لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا"، قالوا ذلك، فكان من نصح النبي صلى الله عليه وسلم ورشده أن نبههم أنهم سيحتاجون للإيمان ليزين قلوبهم ويحركها، وسيحتاجون أن يكرِّه الله إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلهم من الراشدين الذين يستطيعون أن يتخذوا القرار الصائب، وأن يسيروا على الطريق الصحيح، ويتصرفوا التصرفات الصحيحة؛ أولئك الذين لا يتأثرون بالحملات، وفعل الباطل معهم.

وعندما رجعوا إلى المدينة وجدوا الحملة قد شنت عليهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بالقرار الصعب في الوقت العصيب، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن هيا لنخرج خلف قريش التي كانت قد عسكرت في حمراء الأسد، ولا يخرج معنا إلا من كان معنا في أحد!

والشاه هنا هو التأهيل بطلب الرشد مع قوة الإيمان، وكره الباطل والكفر؛ ستجعلك تثبت ولا تيأس أيًّا كانت الأحوال والأجواء.

ويحضرنا حال الأخين اللذين رجعوا من غزوة أُحُد، وكانوا مصابين ومثخنين بالجراح، وأحدهما أكثر جراحًا من الآخر، وليس معهم ركوبة، فلما سمعا المنادي، قال أحدهما لأخيه: "أترانا نتخلف عن رسول الله في غزوة غزاها؟ قال: لا"، فخرج أحدهما يحمل أخاه على ظهره لمسافة، ويضعه لمسافة، وذلك استجابةً لنداء رسول الله صلى وسلم بالرغم مما هم فيه.

وهنا أيها الشباب نرى أثر العقيدة، وهو: (الاستجابة لله عز وجل)، والتضرع إليه أكثر وأكثر، قال الله تعالى:

"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"، فإسلامك الوجه لله وعقيدتك الصحيحة لو لم تصل بك إلى الاستجابة الكاملة لله ظاهرًا وباطنًا، وكذا لرسوله ولكتابه؛ فلن تصل إلى الرشد.

ومعنى الآية الكريمة: أنهم إذا استجابوا لي بعد إيمانهم بي، فسيصلون إلى الرشد الذي يتخذون به القرار المناسب، والحركة المناسبة، والسير في الاتجاه الصحيح.

3- الإقبال على القرآن بكليتك: أي سلِّم نفسك للقرآن، فالقرآن هو مصدر العلوم والحكمة والإلهام والهداية والإرشاد والدلالة ومصدر التوفيق، فأين أنت من القرآن؟! ما أخبارك مع القرآن؟ ما المسافة التي بينك وبين القرآن؟ لو أنك فعلًا تحتاج إلى الرشد فتوجه بكليتك إلى القرآن، وعش حياة القرآن، ولو كان اهتمام الشباب بالمصحف كاهتمامهم بالهاتف، ولو كان اهتمامهم بالبحث في القرآن والقصص والسنن كاهتمامهم بالبحث في المواقع؛ لكنا تغيرنا.

ونرى الجن شركائنا في الرسالة عرفوا هذا المعنى، فأول ما أسلموا كان ذلك في عودة النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف، وكانوا اثني عشر ألفًا من زعماء الجن صرفهم الله عز وجل ليستمعوا للنبي صلى الله عليه وسلم في تهجده ليلًا حينما عاد من الطائف، فسمعوا وأسلموا وأسرعوا إلى قومهم ينذرونهم بما سمعوا، قال الله تعالى: "قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا ‌إِنَّا ‌سَمِعْنَا ‌قُرْآنًا ‌عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا"، سمعه الجن من مره واحدة فقالوا: "يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ"، فكم سمعناه نحن؟!

نحن لدينا تقصير شديد مع القرآن؛ فلا بد أن ندرك أن القرآن مصدر إلهام نستسقي منه العلوم والحكمة والرشد، والفهم السديد، ونأخذ منه العبرة والعظة ممَّن سار على الطريق من قبلنا.

فصف حالك أي المسلم مع القرآن، وستعرف أنك هاجر للقرآن؛ ما الدليل؟!

فتصالح مع القرآن وعد إليه.

وفي الأثر: "من لم يقرأ القرآن فقد هجره، ومن قرأ القرآن ولم يتدبره فقد هجره، ومن قرأ القرآن وتدبره ولم يعمل به فقد هجره"، وكان النبي صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، فما خلقك أنت؟!

وللحديث بقية إن شاء الله.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26-05-2022, 11:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرشد

الرشد (5)

منابع الرشد




كتبه/ شريف الهواري


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

4- التزام السنة:

لا بد من الالتزام الحقيقي للسنة والتسليم لها، وتقديمها على الهوى والشهوة، والعادات والتقاليد، ونبينا المصطفى هو أسوتنا وقدوتنا ودليلنا لمرضاة الله والجنة، "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"؛ أمر الله تعالى بذلك وقال: "ومَن يطع الرسول فقد أطاع الله"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن رغب عن سنتي فليس مني"، الآيات والأحاديث كلها تحثُّ على التمسُّك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

فما علاقة ذلك بالرشد؟!

يحصل لك الرشد عندما تسلِّم نفسك للسُّنة، وتتعرَّف على السيرة العَطِرة، وكيف كان قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، وكيف بُعِث، وما الأضرار التي مرَّ بها في حياته في المرحلة المكية والمدنية، وما المواقف والأحداث التي مرَّت به، وكيف كان يتخذ القرار تحت الضغط، وكيف كان في بيته مع أزواجه، ومع أبنائه، ومع جيرانه، ومع أرحامه، كيف كان حاله في فرحه وترحه، في السراء والضراء، في الشده والكرب، في اليسر والعسر، كيف كان يحرك الصحابة ويوجههم، كيف كان يتعامل بفقه المصالح والمفاسد، وكيف كان يرتِّب الأولويات.

أنت تحتاج أن تعيش حياة السنة حتى تتعلم الرشد، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أميًّا، لم يكن يقرأ ولا يكتب، لكنه أوتي نصيبًا وافرًا، وحظًّا عظيمًا من الرشد، ويظهر ذلك جليًّا في مواقفه وقراراته وتصرفاته، أما عن أخلاقه وسلوكياته؛ فقد كانت تنبع بالرشد في حلمه وصبره، وتوكله وحيائه، وغير ذلك كثير.

?- أن تلزم غرز الصحب الكرام:

وخصوصًا الخلفاء الأربعة ثم أهل بدر والبيعات؛ لأنهم رُبوا على يدي النبي صلى الله عليه وسلم حال نزول القرآن، فنالوا حظًّا وافرًا مِن الرشد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي"، وقد ذكرناها سابقًا، "وسنة الخلفاء الراشدين المهديين مِن بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ"، أي: تمسكوا بها بشدة، ولا تتركوها.

وصحَّ في الأثر: "إن يطع الناس أبا بكر وعمر؛ فقد رَشدوا أو رُشدوا"، فإن التزمتم بسنة الصديق، والفاروق ستصلون إلى الرشد، ويظهر الرشد جليًّا في خلافة الصديق والفاروق في الإخلاص والتعاملات، واتخاذ القرارات والأخلاق والسلوكيات، والزهد والورع، إلخ.

وقد نالوا شرفًا عظيمًا؛ فقد كان القرآن ينزل عليهم ليؤيدهم فيما ذهبوا إليه، وجاء أن القرآن نزل في عشرين موطن يؤيد ما ذهب اليه عمر رضي الله عنه في مواقف معينه أو مشكلة أو حَدَث، مثلًا تحدَّث النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة وتناقشوا في أمر "وأمرهم شورى بينهم"، فينزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه، نعم جرى الحق على لسان عمر وقلبه رضي الله عنه وأرضاه، نحتاج أن نعيش حياة الصحابة، وأن نفخر بأجدادنا، بهذا الرعيل الأول الذي قال الله عنهم وهذا يكفيهم، "فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا"، أي: إلى الرشد، "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي"، فهؤلاء المؤمنين هم النبي والصحابة الكرام رضي الله عنهم، ورضوا عنه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؛ فعش حياة الصحابة وابحث في مواقفهم لتصل إلى الرشد.

ومن المحزن أن يكون أولادنا يحفظون أسماء لاعبي دوري الكرة، ولم يحفظوا أسماء العشرة المبشرين بالجنة، فلو عشنا حياة هؤلاء الكرام سنسمو ونرتقي.

?- إلزام غرز العلماء:

وهو ما ندندن حوله فيما سبق، فعند اشتداد الفتن عند الأحداث العظام عند الابتلاءات، عند كثرة العراقيل والعقبات كيف تتصرف؟ هل ترجع إليهم؟ هل لك ارتباط بهم؟ هل لك تواصل معهم؟

لو لم يكن كذلك فأنت في خطر عظيم "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه"، توجَّه إليهم سيرشدونك كيف تتصرف، كيف تأخذ القرار الصائب فمِن هؤلاء الذين لم يكن لهم مرجعية من العلماء، اندفع وتسرع في اتخاذ القرارات، وذلك أدَّى إلى صدام مبكر أكل الأخضر واليابس.

أيها الشباب أين نحن من علمائنا؟

لا بد أن نرتبط بهم وأن نسأل عنهم، ونتتبع أخبارهم، ونسألهم في صغير الأمر وكبيره؛ فهم بالتأكيد أدرى منا في كل شيء؛ حتى في مصالحنا الشخصية، فارجع إليهم فعندهم الحل، وسيدلونك على كلِّ ما هو خير.

وفي النهاية -يا أبنائي ويا إخواني-: أردتُ أن أبيِّن لنفسي، ولكم أننا في مرحلة عصيبة تحتاج منا إلى مزيدٍ مِن الرشد، فلو صدقنا في طلب الرشد سنناله حتمًا كما بشَّرنا النبي صلى الله عليه وسلم، "إن تصدق الله يصدقك"، "ومَن يتحرَّ الخير يعطه".

والحمد لله رب العالمين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 103.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 99.76 كيلو بايت... تم توفير 3.78 كيلو بايت...بمعدل (3.65%)]