|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
زنيتُ، فهل لي من توبة؟
زنيتُ، فهل لي من توبة؟ الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا امرأة كنتُ متزوجةً مِن رجل يشربُ الخمر، ولا يؤدِّي حُقوقي الزوجيَّة؛ فقررتُ تركه؛ لأنه سبَّبَ لي مفسدةً؛ فقد صبرتُ كثيرًا عليه، إلى أن أحسستُ باستحالة العيش معه، تَطَلَّقْتُ منه. قبلَ طلاقي بشُهُور؛ تعرفتُ على رجلٍ، ودخل بيننا الشيطان، وحدثَتْ معاشرةٌ بينَنا، الآن بعد طلاقي بـ ٦ أشهر؛ أراد هذا الرجلُ الزواج مني، ولم أكنْ أعلم أن هذا الأمر فيه حُرمةٌ بعد طلاقي، فماذا أفعل؟ لا أستطيع تركَه، ولا هو أيضًا، ونريد العيش في الحلال؛ أريد مخرجًا؛ فلا أستطيع الزواج بغيره، نعم كنَّا نجهل حُرمة هذا الأمر، فما العمل؟ أتمنى الموت بسبب هذا الذنب الكبير، ولا أستطيعُ ترك هذا الرجل إلا بالزواج. أعينوني، والله المستعان. الجواب الحمد لله، والصلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومَن والاه، أما بعدُ: فإن الزِّنا مِن كبائر الذنوب، وحُرمة الزِّنا معلومة بالضرورة من دِين الإسلام، وفي جميع الشرائع السماويَّة الأخرى؛ وقد أجمَع أهلُ المِلل وجميعُ العقلاء على تحريمه، فلم يُبَح في شريعةٍ قط، وقد حذَّر الله من الزِّنا بقوله - سبحانه -: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]؛ ولذلك كان حدُّه أشدَّ الحدود الشرعيَّة؛ لأنَّه جِناية على الأعْرَاض والأنَساب. والواجبُ عليكِ وعلى هذا الرجل التوبةُ النصوح؛ فمَن تاب إلى الله تعالى توبةً نصوحًا، تابَ اللهُ عليه، وغفَر له ما كان؛ كما قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25] ، وقال تعالى - بعد أن توعَّد من ارتكَب أكبر الكبائر -: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]، وإذا علم اللهُ صِدْق التائب، تابَ عليه، وغفَر له ذنبه، ومحا عنه خطيئته؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]. ورَوى ابن ماجَهْ عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((التائبُ من الذنب كمَنْ لا ذنبَ له))؛ حسَّنه ابنُ حجر. أما زواجكِ ممن ارتكبتِ معه تلك الجريمة، فقد اختلَف أهلُ العلم في صحَّته؛ فذهب الجمهور إلى أنَّه صحيح، وذهَب الإمام أحمد إلى تحريم النكاح حتى تتوبا؛ لقوله تعالى: ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم ﴾ [النور: 26]؛ فلا بأس من الزواج بعد التوبة الصحيحة، ولا يَنعقِد النكاح قبل التوبة، وهو القولُ الراجح الذي رجَّحه شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة قال: "نكاح الزانية حرام حتى تتوبَ، سواء كان زَنى بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلَف والخلف؛ منهم أحمد بن حنبل، وغيره، وذهَب كثير من السلف إلى جَوازه، وهو قول الثلاثة" ا.هـ. قال ابن قُدامة في "المغني": "وإذا زنتِ المرأة لم يحِلَّ لمن يعلَم ذلك نكاحُها إلا بشرطَيْن: أحدهما: انقضاء عدَّتها. والشرط الثاني: أنْ تَتوب من الزِّنا، وهو قول أكثر أهلِ العِلم".
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |