|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() برنامج أصولي مقترح د. سعد بن مقبل الحريري العنزي ما أحوج طلاب العلم إلى علم الأصول! لا سيَّما في هذا العصر الذي ركب فيه خصوم الشريعة الصعب والذلول في جرأتهم على النصوص الشرعية، وتفسيرها، بزعم إعادة قراءتها بروح عصرية، وهم في مسلكهم هذا يتنكَّبون سبيل العلماء الراسخين، ويترسمون نهج الزائغين الذين قال الله فيهم: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]. ومع هذا لا يزال بعض المحسوبين على العلم وأهله يُزهِّدون طلاب العلم في أصول الفقه، ويرون الاشتغال به من الترف المعرفي، وبعضهم يقول: يكفي منه كتاب (الوَرَقات) للجويني، ونحو ذلك من مسالك التهوين، وضروب التزهيد. وهذا من جنس ما ذكر الله تعالى في قوله تعالى: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ﴾ [يونس: 39]. قال العلامة القرافي (٦٨٤هـ) في بيان فضيلة علم أصول الفقه: (وقد أجمع قوم من الفقهاء الجهَّال على ذمِّه، واهتضامه، وتحقيره في نفوس الطلبة؛ بسبب جهلهم به، ويقولون: إنما يتعلم للرياء، والسُّمْعة، والتغالب، والجدال، لا لقصد صحيح، بل للمضاربة والمغالبة، وما علموا أنه لولا أصول الفقه لم يثبت من الشريعة قليل ولا كثير، فإن كل حكم شرعي لا بُدَّ له من سبب موضوع، ودليل يدل عليه وعلى سببه، فإذا ألغينا أصول الفقه ألغينا الأدلة، فلا يبقى لنا حكم ولا سبب، فإن إثبات الشرع بغير أدلته، وقواعدها بمجرد الهوى خلاف الإجماع، ولعلهم لا يعبئون بالإجماع، فإنه من جملة أصول الفقه، أو ما علموا أنه أول مراتب المجتهدين، فلو عدمه مجتهد لم يكن مجتهدًا قطعًا، غاية ما في الباب أن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لم يكونوا يتخاطبون بهذه الاصطلاحات، أما المعاني فكانت عندهم قطعًا، ومن مناقب الشافعى -رضي الله عنه - أنه أول من صنَّف في أصول الفقه)؛ نفائس الأصول (١/ ١٠٠). ويقول العلامة الطوفي (٧١٦هـ) في سياق ترجيحه لاعتبار قول الأصولي والنحوي في الإجماع دون الفقيه الصرف: (لأن مباحث الأصول والعربية عقلية، وفيهما من القواطع كثير، فيتنقَّح بها الذهن، ويقوى بها استعداد النفس لإدراك التصورات والتصديقات، حتى يصير لها ذلك ملكة، فإذا توجهت إلى الأحكام الفقهية، أدركتها...)؛ شرح مختصر الروضة ٣ / ٣٩. وإذا تبين مدى تهافت دعوى التزهيد في هذا العلم العظيم. فإن مما يكثر السؤال عنه: ما هي المنهجية العلمية في تحصيل هذا العلم؟ وقبل الجواب عن هذا السؤال يحسن ذكر مقدمة بين يدي الإجابة عنه، وهي أنه ليس في هذا جواب جامع ولا بيان قاطع، سواء في هذا الفن أم في غيره؛ لأن الملكات البشرية تتفاوت، وزوايا النظر تتباين، فتظل الإجابة نسبية. فأقول مستعينًا بالله تعالى: أولًا: من المناسب للمبتدئ في دراسة هذا العلم أن يبدأ بدراسة متن مختصر يجمع عيون المسائل الأصولية في أبواب الأصول الرئيسة؛ وهي: ١- باب الأحكام الشرعية. ٢- باب الأدلة الشرعية. ٣- باب دلالات الألفاظ. ٤- باب الاجتهاد والتقليد. بحيث يتصور تلك المسائل ويتعرف على دلائلها. فهذا القدر من الأصول كافٍ للمبتدئ. وأرشح في هذا المقام كتاب (مختصر البلغة في أصول الفقه)، مع شرح مُيسَّر للكتاب. ثانيًا: ينتقل المبتدئ بعد ذلك - بمتابعة من شيخه - إلى قراءة لكتاب (معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة) لشيخنا محمد الجيزاني حفظه الله. فهذا الكتاب له جملة من الميزات: ١- عرض مسائل الأصول بأسلوب علمي ومنهجي فيه يُسْر وسهولة. ٢- اشتمل على خلاصات أصولية مركزة من كلام أئمة السلف؛ كالشافعي وابن عبدالبر والسمعاني وابن تيمية وابن القيم والشنقيطي، وغيرهم. ٣- قرر منهج أهل السنة في المسائل العقدية المؤثرة في أصول الفقه؛ كموقفهم من العقل والنقل، والقطع والظن، وصفة الكلام، والأسماء الشرعية، والحكم الشرعي، والقدرة والاستطاعة، والتعليل والحكمة، والتحسين والتقبيح، والتصويب والتخطئة، ونحوها. ٤- سلم الكتاب من الإشكالات العقدية التي امتزجت بها كتب الأصول عمومًا حتى المعاصر منها. وأنصح أن يضم المبتدئ إلى كتاب (المعالم) دراسة كتاب (شجرة الأصوليين) لشيخنا أيضًا وهو يعتبر دراسة تاريخية مختصرة ومركزة في نشأة علم الأصول ومصادره ومدارسه وأعلامه من جميع المذاهب السنية، وفي ضمنه إبراز جهود أهل السنة؛ كالشافعي، والسمعاني، وابن تيمية، وابن القيم. ومما يحسن التنبيه عليه هنا أن كثيرًا من الأساتذة الأصوليين يهملون كتاب الرسالة في تدريسهم؛ بل يقلُّ أن يُحضِر أحدُهم الكتابَ ويُسمِع طلابَه تلك النصوصَ التأسيسية التي أودعها الشافعي كتابَه. ثالثًا: ينتقل الطالب بعد ذلك إلى دراسة عميقة لكتاب أصولي يمثل الصنعة الأصولية، وخير ما يمثل هذا - ويناسب من يتفقه على أصول الإمام أحمد - كتاب شرح مختصر الروضة للطوفي؛ فهو كتاب جليل القدر عند الحنابلة؛ حيث لا يخلو كتاب أصولي حنبلي جاء بعده من النقل عنه غالبًا. تنبيه: ومن تحررت عنده القضايا الأصولية من خلال شرح مختصر البلغة، ثم شرح مختصر الروضة، واتضحت الأبعاد العقدية لتلك المسائل من خلال كتاب (معالم أصول الفقه) وكتاب (المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين) للشيخ الدكتور محمد العروسي حفظه الله، (فهذا الكتاب الأخير يناسب طلاب الدراسات العليا دون طلاب الجامعة)؛ فإنه لا يجد صعوبة في دراسة أي كتاب من الكتب الأصولية. رابعًا: اقترح بعد ذلك أن ينتقل طالب الأصول إلى دراسة كتاب أصولي يعرض القضايا الأصولية بروح مقاصدية؛ ككتاب (الموافقات) للشاطبي، أو كتاب (إعلام الموقعين) لابن القيم رحمه الله. وهذا الكتاب الأخير يغفل عنه طلاب الأصول فضلًا عن غيرهم. خامسًا: بعد ذلك يحرص طالب الأصول على التحقيق والتدقيق، فيجعل الكتب المركزية في هذا الفن مدار نظره. ويضم إلى ذلك مطالعة الدراسات والأبحاث العلمية في علم الأصول فيتابع الجديد، ويحرص على المفيد. وفي خاتمة هذا المقال أحب أن أعرج على جدلية كثر الحديث عنها؛ وهي جدلية (التخصص بين التوسع والتقوقع). لا يخفى أن من ثمرات التخصص الدقيق في العلوم أنه يولد لدى المتخصص تساؤلات معرفية، وإشكالات منهجية، ويقوده إلى مناطق مسكوت عنها في فنِّه الدقيق، يمر عليها غير المتخصص مرور الكرام. وتأسيسًا على هذه المقدمة، لا يحسن بالعاقل أن يقلل بإطلاق من شأن التخصص الدقيق في فروع المعرفة، كما لا يستقيم نقد التوسع المعرفي في الفنون الأخرى بإطلاق أيضًا، تلك الفنون التي إما أن تكون ضابطة لفنِّه الدقيق، أو خادمة له، أو متفرعة عنه. فهذه الفنون لا بُدَّ من معرفة محكمة بها، وهذا غير التخصص الدقيق الذي يتجاوز المعرفة المحكمة إلى خلق التساؤلات وإثارة الإشكالات والبحث في المسكوت عنه. ولنضرب لذلك مثالًا في العلوم الشرعية. فنقول: التخصص في أصول الفقه تخصصٌ دقيقٌ. لكن بنيانه يقوم، وكيانه يستمد من علوم شرعية كبرى؛ كالعقيدة والفقه ولغة العرب. وعلوم شرعية أخرى متفرعة عنه ودائرة في فلكه؛ كعلم القواعد الفقهية، وكعلم المقاصد، وتخريج الفروع على الأصول، وغيرها. ويحتاج إلى علوم أخرى خادمة له؛ كالمنطق والجدل والمناظرة وغيرها. فالتخصص الدقيق لا يعني قطيعة معرفية مع العلوم الشرعية الأخرى، ومن تصوَّر الأمر كذلك، فهو إما أنه لم يدرك وشائج الصلة بين علوم الشريعة، أو أنه متأثر بالرؤية الحداثية التي تستهدف هدم العلوم الشرعية، وتدعو إلى قطيعة معرفية بينها، ويكفي أن نأخذ مثالًا واحدًا يصور لنا هذه الإشكالية، وهي الدعوة إلى الفصل بين مقاصد الشريعة، وأصول الفقه خصوصًا، أو مقاصد الشريعة وعلوم الشريعة الأخرى عمومًا من التفسير والحديث والعقيدة والفقه واللغة ونحوها.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |