|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فقه الزواج في العصر الحديث: رؤى جديدة الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني مقدمة: يعتبر الزواج من أهم المؤسسات الاجتماعية في الإسلام، وله مكانة عظيمة في الشريعة الإسلامية؛ فقد شَرَعَ الله تعالى الزواجَ لتكوين أسرة مستقرة، وجعل منه وسيلةً لتحقيق الطمأنينة النفسية والروحية بين الزوجين، بالإضافة إلى كونه وسيلةً لإنجاب الأطفال، وتربيتهم في بيئة سليمة، ومع تطور الزمن وظهور التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، أصبح من الضروري إعادةُ النظر في بعض أحكام الزواج بما يتماشى مع مقتضيات العصر الحديث، مع الحفاظ على الأسس الشرعية التي أقرَّها الإسلام، في هذا المقال، سوف نتناول فقهَ الزواج في العصر الحديث مع تقديم رؤًى جديدة تتناسب مع احتياجات المجتمعات المعاصرة، مدعومة بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال العلماء. مفهوم الزواج في الإسلام: الزواج في الإسلام هو عقدٌ بين رجل وامرأة، يهدُف إلى تكوين أسرة مسلمة مستقرة، تُبنى على التفاهم والمودة والرحمة؛ وقد جاء في القرآن الكريم: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]. هذه الآية تبين الغاية من الزواج في الإسلام، التي تتمثل في السكون والمودة والرحمة بين الزوجين. فقه الزواج في العصر الحديث: الرؤى الجديدة: 1- تحديد الأهداف من الزواج: في العصر الحديث، اختلفت الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيش فيها الناس، مما يجعل تحديد أهداف الزواج يتطلب اهتمامًا أكبر من مجرد الإنجاب أو الاستقرار الاجتماعي، فمن المهم أن يكون الهدف الأول من الزواج هو بناء علاقة قائمة على المودة والاحترام المتبادل، وتعاون الزوجين في مواجهة تحديات الحياة بشكل مشترك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدنيا متاعٌ، وخير متاع الدنيا زوجةٌ صالحة))؛ [رواه مسلم]، هذا الحديث يؤكد على أهمية اختيار الزوجة الصالحة وأنها من أعظم متاع الحياة الدنيا. 2- الزواج والعلاقة بين الزوجين: في العصر الحديث، بات من الضروري إعادة تأصيل العلاقة بين الزوجين في إطار من المساواة والاحترام المتبادل، وتقتضي الرؤية الحديثة أن يكون الزواج عقدًا بين شريكين متساويين في الحقوق والواجبات، مع ضرورة تعزيز الشراكة في اتخاذ القرارات المصيرية داخل الأسرة. قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، هذه الآية تدعو إلى المعاملة الحسنة، والتعاون بين الزوجين في كل الأمور الحياتية. 3- الحقوق والواجبات في الزواج: في العصور الحديثة، تتباين أدوار الأزواج في المجتمع بشكل كبير نتيجة للظروف الاقتصادية، والعمل، والتعليم؛ لذلك فمن الضروري أن يعكس فقه الزواج هذه التغيرات، بحيث يتم توزيع المسؤوليات بشكل يعزز من التعاون بين الزوجين، خاصة في المجالات المالية والتعليمية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيته))؛ [رواه البخاري]، هذا الحديث يبرز أهمية المسؤولية المشتركة بين الزوجين في رعاية الأسرة. 4- الزواج واختيار شريك الحياة: أصبح اختيار شريك الحياة في العصر الحديث يتطلب وعيًا أكبرَ، وتقييمًا موضوعيًّا للشخصية والصفات الأخلاقية، لا بد أن يكون قرار الزواج مبنيًّا على التفهُّم الكامل لطبيعة العلاقة، ومؤهلات الطرفين الفكرية والاجتماعية. قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاءكم من ترضَون دينه وخُلُقَه فزوِّجوه))؛ [رواه الترمذي]، هذا الحديث يدعونا إلى الاهتمام بمستوى الدين والأخلاق في اختيار الزوج أو الزوجة. 5- التعامل مع المشكلات الزوجية في العصر الحديث: بسبب الضغوط النفسية والاقتصادية، قد تتعرض العلاقات الزوجية في العصر الحديث للعديد من المشكلات، ومن الأهمية بمكان أن يتبنَّى الزوجان أساليبَ سِلْمِيَّةً ومتوازنة في حل الخلافات؛ مثل: اللجوء إلى الاستشارة الزوجية أو الفقهية عند الحاجة. قال تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]، هذه الآية توضح أهمية اللجوء إلى الحكماء لإصلاح ذات البين. التحديات المعاصرة في الزواج: 1- التغيرات الاجتماعية والاقتصادية: تؤثر التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة في مفهوم الزواج وحقوق وواجبات الزوجين، فهناك ضغط أكبر على الأزواج بسبب ضغوط العمل والمال، مما يتطلب تعديلًا في الفقه الإسلامي ليتناسب مع هذه المتغيرات. 2- التكنولوجيا والعلاقات الزوجية: تُعَدُّ التكنولوجيا من التحديات الحديثة التي تؤثر في العلاقة الزوجية، سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من التقنيات، التي قد تُضعِف التواصل الحقيقيَّ بين الزوجين، ومن ثَمَّ يتعين أن يعزز فقه الزواج من أهمية العلاقة الشخصية والتواصل المباشر بين الزوجين. التوصيات والمقترحات: الاهتمام بالتربية الزوجية: يجب أن تكون هناك برامجُ توعيةٍ وتعليم للمُقبلين على الزواج، تهدُف إلى تعزيز الوعي بقيم الزواج في الإسلام، وكيفية التعامل مع المشكلات الزوجية بطريقة شرعية. مراجعة القوانين الأسرية: من المهم مراجعةُ بعض القوانين الأُسَرِيَّة بما يتناسب مع مستجِدَّات العصر، مع الحفاظ على الأسس الشرعية في التعامل مع حقوق وواجبات الزوجين. التركيز على الاستشارة الشرعية: ينبغي تشجيع الأزواج على اللجوء إلى الاستشارة الفقهية أو النفسية عند حدوث أي خلافات لتجنب تفاقُم المشاكل. خاتمة: في الختام، يُعَدُّ الزواج في العصر الحديث تحدِّيًا يستدعي تطوير فقه الزواج بما يتناسب مع التغيرات الاجتماعية والثقافية، دون المساس بأُسُسِ الشريعة الإسلامية، من خلال تعزيز المفاهيم الإسلامية التي تحث على المساواة، والتعاون، وحل الخلافات بالطرق السِّلْمِيَّة، يمكن أن تُبنى أُسَرٌ مستقرة وقوية في وجه التحديات الحديثة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |