|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ما حكم بيع المسلم فيه قبل قبضه؟ د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري اختلف في هذه المسألة أهل العلم على ثلاثة أقوال: القول الأول: لا يجوز بيع دين السلم (المسلم فيه) قبل قبضه، لمن هو في ذمّته، ولا لغيره. وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[1] والشافعية،[2] والحنابلة[3]. ففي بدائع الصنائع: "لا يجوز استبدال المسلم فيه قبل قبضه".[4] وفي المهذب: "لا يجوز بيع المسلم فيه قبل القبض".[5] وفي الإنصاف: "ولا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه، هذا المذهب". [6] واستدلوا من السنة والمعقول: (1) استدلوا من السنة: بما أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في شيء، فلا يصرفه إلى غيره".[7] ونوقش: أن الحديث لا يصح، ففي سنده عطية العوفي،[8] وهو ضعيف. [9] (2) واستدلوا من المعقول بدليلين: الدليل الأول:أن دين السلم لم يدخل في ملك المسلِم، فلم يجز بيعه قبل قبضه.[10] ونوقش: أن البيع لا يجوز قبل قبض المبيع إذا كان معيّنًا، أو يحتاج إلى توفية؛ من وزن، أو كيل، وأما المبيع الموصوف في الذمّة فلا حرج من بيعه قبل قبضه؛ لأن حقيقة الاعتياض عنه من جنس الاستيفاء، وفائدته سقوط ما في ذمّته عنه، لا حدوث ملك له[11]. والدليل الثاني: أن بيع دين السلم قبل قبضه من ربح ما لم يضمن؛ لأنه في ذمّة المسلم إليه.[12] ونوقش من وجهين: الأول: أن المسلِم الأول إذا باع دين السلم الموصوف في الذمّة تعلق بذمّته، فيرجع المسلِم الثاني عليه، وهو يرجع على المسلم إليه الأول. والثاني: أن ممن أجاز بيع السلم قبل قبضه من اشترط أن لا يربح المسلِم في هذا البيع، بل يبيعه بثمنه، أو بأقل، حتى لا يربح فيما لم يدخل في ضمانه. [13] القول الثاني: يجوز بيع دين السلم لغير المسلم إليه إذا لم يكن طعامًا، ويجوز بيعه له إذا كان مما يجوزبيعه قبل قبضه، وكان المأخوذ مما يباع بدين السلم يدًا بيد، ومما يجوز أن يسلم فيه رأس مال. وهو مذهب المالكية. [14] واستدلوا: بأن الأصل الجواز؛ ما لم يؤدِ هذا البيع إلى ما نُهي عنه؛ من بيع الطعام قبل قبضه، أو بيع ما لا يجوز بيعه قبل قبضه، أو بيع ما لا يباع يدًا بيد؛ كبيع اللحم غير المطبوخ بالحيوان، أو كان يؤدي إلى الصرف الممنوع. [15] ونوقش: أن بيع ما لا يجوز بيعه قبل قبضه، ولو طعامًا، إنما يمنع في بيع الأعيان دون الديون. [16] القول الثالث: جواز بيع دين السلم على من هو في ذمّته، وعلى غيره، بثمنه، أو بأقل، بلا ربح. وهو مذهب ابن عباس رضي الله عنه،[17] ورواية لأحمد، اختارها ابن تيمية،[18] وابن القيم.[19] ففي الإنصاف في مسألة بيع السلم قبل قبضه: "وفي المبهج[20] وغيره رواية: بأن بيعه يصح، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله"[21]. واستدلوا من السنة، والأثر، والمعقول: (1) استدلوا من السنة: بما أخرجه الخمسة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كنتُ أبيع الإبل بالبقيع، فأقبض الوَرِق من الدنانير، والدنانير من الورق، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله، رويدك أسألك؛ إني كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأقبض هذه من هذه، وهذه من هذه، فقال: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها، ما لم تفترقا، وبينكما شيء "[22]. ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز بيع الثمن ممن هو في ذمّته قبل قبضه؛ فكذلك دين السلم[23]. ونوقش: بأن الحديث لم يصح مرفوعًا[24]. (2) واستدلوا من الأثر: بما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إذا أسلفت في طعام فحلّ الأجل، فلم تجد طعامًا، فخذ منه عرضًا بأنقص، ولا تربح عليه مرتين[25]. ووجه الدلالة: أن ابن عباس رضي الله عنه أجاز بيع دين السلم إذا لم يربح فيه المسلِم، وهذا قول صحابي، وهو حجة ما لم يخالف[26]. (3) واستدلوا من المعقول: بأن دين السلم كغيره من المبيعات، يجوز الاعتياض عنه بغيره[27]. ونوقش: بأن العين أقبل للتصرف من الدين، بدليل أن الدين يفوت بفوات محله، متى ما مات المدين مفلسًا[28]. القول المخـتار: هو القول الثالث؛ لدلالة أثر ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهما عليه، وعلى هذا فيصح تداول صكوك السلم. [1] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (12/ 163)، المحيط البرهاني، لابن مازة، (6/ 320)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 118). [2] ينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 235)، التنبيه، للشيرازي، ص (99)، البيان، للعمراني، (5/ 444). [3] ينظر: المغني، لابن قدامة، (4/ 227)، شرح الزركشي، (4/ 17)، كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 306). [4] (5/ 214). [5] (2/ 80). [6] (5/ 108). [7] أخرجه أبو داود في أبواب الإجارة، باب السلف لا يحول، (3/ 276)، برقم 3468، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره، (2/ 766)، برقم 2283. [8] هو عطية بن سعد العوفى الكوفي، تابعي، روى عن ابن عباس وأبي سعيد وابن عمر رضي الله عنهم، فيه تشيع وتدليس، وقد ضعفه أحمد وأبو حاتم، توفي سنة 111هـ، له ترجمة في: ميزان الاعتدال، للذهبي، (3/ 79)، تهذيب التهذيب، لابن حجر، (7/ 225). [9] ينظر: الأحكام الوسطى، للأشبيلي، (3/ 278)، التلخيص الحبير، لابن حجر، (3/ 69)، وقال: "وأعـلّه أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب". [10] ينظر: كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 306). [11] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، مع عون المعبود، (9/ 257). [12] ينظر: المغني، لابن قدامة، (4/ 227). [13] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، مع عون المعبود، (9/ 259). [14] ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 155)، الذخيرة، للقرافي، (5/ 265)، الشرح الكبير، للدردير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 220). [15] ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد، (23/ 155). [16] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، مع عون المعبود، (9/ 258). [17] ينظر: مصنف عبد الرزاق، (8/ 16)، برقم 14120. [18] ينظر: مجموع الفتاوى، (29/ 506). [19] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، مع عون المعبود، (9/ 256). [20] المُبْهِج في فروع الفقـه الحنبلي، لعبد الواحد المقدسي، المعروف بأبي الفرج الشـيرازي، وهو من تلاميذ أبي يعلى، توفي سنة 486هـ، ينظر: إيضاح المكنون، للبغدادي، (4/ 425). [21] (5/ 108). [22] أخرجه أحمد، (10/ 359)، برقم 6238، وأبو داود في كتاب البيـوع، باب في اقتضاء الذهب من الورق، (3/ 250)، برقم 3354، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة، (7/ 324)، برقم 4506، والترمذي في أبواب البيوع، باب ما جاء في الصرف، (2/ 535)، برقم 1242، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب، (2/ 760)، برقم 2262. [23] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، مع عون المعبود، (9/ 257). [24] أوقفه جماعة، ولم يرفعه إلا سماك، رواه عنهم شعبة كذلك، ينظر: التمهيد، لابن عبد البر، (16/ 15)، التلخيص الحبير، لابن حجر، (3/ 70). [25] أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في البيوع، باب السلعة يسلفها في دينار، هل يأخذ غير الدينار؟، (8/ 16)، برقم 14120، وسنده صحيح، وقد قوّاه ابن المنذر، ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، مع عون المعبود، (9/ 256). [26] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، مع عون المعبود، (9/ 256). [27] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 506). [28] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (12/ 163).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |