الإعراض عن تعلم الإيمان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 499 - عددالزوار : 17602 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12817 - عددالزوار : 225708 )           »          أسباب انقطاع المطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          أصناف الناس بعد رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          غزوة أحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          الإيمان والأمل وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (8): حفصة بنت عمر رضي الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (8) (فقه الأسماء الحسنى) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          بين يدي أعظم سورة في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          فضل دعاء غائب لغائب وما يحمله من معاني عظيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-08-2021, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,788
الدولة : Egypt
افتراضي الإعراض عن تعلم الإيمان

الإعراض عن تعلم الإيمان
أحمد بيومي



الإيمان روح المسلم ولا حياة لمن لا روح له، والإيمان على بساطته تدركه الفطرة السليمة التي خلق الله الناس عليها، لكنه لا يُتصوّر على وجهه الصحيح وصورته الكاملة بدون علم وتعلم، فالعلم ضروري لتأسيس الإيمان وتصحيح تصورات المسلم عن الكون والحياة وفهم رسالته التي وُجد من أجلها، وإدراك علاقته بمن حوله ممن وافق دينه أو خالفه، ويتأكد تعلمه في أزمنة هوان أهل الإسلام وتكالب الأعداء عليهم بالشبهات وانتشار الأهواء، تأسيسًا وحراسةً لدين النشء.



والإيمان الذي نتحدث عنه هو أصوله التي لا يستقيم بدونها من مسائل الاعتقاد الواجبة على المسلم ثم المندوب إلى تعلمها أو ما تجب على الكفاية منها، فأما ذلك القدر الواجب منها فما ذكره ابن القيم (ت 751هـ) بقوله: "ثم إن العلم بالمفروض تعلمه ضربان؛ ضرب منه فرض عين لا يسع مسلمًا جهله، وهو أنواع؛ النوع الأول: علم أصول الإيمان الخمسة؛ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر، فإن من لم يؤمن بهذه الخمسة لم يدخل في باب الإيمان ولايستحق اسم المؤمن "[1]، وهي أشرف العلوم لتعلقها بذات الله عز وجل وصفاته وأفعاله ثم بملائكته وكتبه ورسله وجنته وناره، فبعلمها نجاة المسلم وفوزه وفي تضييعها ضلاله وخسرانه.



لذا افتتح ابن أبي العز (ت 792هـ) شرح الطحاوية - وهو متن عقدي - بتأكيده على فضيلة ذلك العلم، فقال: " أما بعد فإنه لما كان علم أصول الدين أشرف العلوم، إذ شرف العلم بشرف المعلوم. وهو الفقه الأكبر بالنسبة إلى فقه الفروع،.. وحاجة العباد إليه فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة؛ لأنه لا حياة للقلوب، ولا نعيم ولا طمأنينة، إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها، بأسمائه وصفاته وأفعاله، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه، ويكون سعيها فيما يقربها إليه دون غيره من سائر خلقه.



ومن المحال أن تستقل العقول بمعرفة ذلك وإدراكه على التفصيل، فاقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين، وإليه داعين، ولمن أجابهم مبشرين، ولمن خالفهم منذرين، وجعل مفتاح دعوتهم، وزبدة رسالتهم، معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله، إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها من أولها إلى آخرها "[2].



وذلك القدر الواجب من الأصول هو ما جاء به كتاب الله وبينته سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه صحابته الكرام، لا ما استحدثه المتأخرون من عقليات هي في كثير منها أغلوطات، خالفت الكتاب وأظهرت الخلاف، وفرقت الجماعة، فلا تدخل في القدر الواجب بل إنها أقرب إلى القدر المحرم، وقد نبه ابن تيمية ت 728هـ على ذلك بقوله: " وذلك أن أصول الدين إما أن تكون مسائل يجب اعتقادها قولاً أو قولاً وعملاً كمسائل التوحيد، والصفات، والقدر، والنبوة، والمعاد، أو دلائل هذه المسائل.



أما القسم الأول: فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته، واعتقاده، والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بيانا شافيا قاطعا للعذر، إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين، وبينه للناس، وهو من أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه، وكتاب الله الذي نقل الصحابة ثم التابعون عن الرسول لفظه ومعانيه، والحكمة التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي نقلوها أيضًا عن الرسول مشتملة من ذلك على غاية المراد، وتمام الواجب، والمستحب "[3]، وكذلك القسم الثاني من دلائل هذه الأصول، حواهما الكتاب والسنة بما فيه الكفاية لإيمان العباد وقيام الحجة عليهم.



فليس شرط العلم بالأصول المتعيّنة على المسلم الخوض فيما خاض فيه الفلاسفة والمتكلمون من الأدلة العقلية والبراهين المنطقية، بل جُلّ ذلك أغلوطات نهت الشريعة عن الخوض فيها وحذر السلف من تعلمها، وإنما الكفاية في الوحي الذي نزل على الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، لذا وجب " التنبيه على أن في القرآن، والحكمة النبوية عامة أصول الدين من المسائل والدلائل التي تستحق أن تكون أصول الدين، وأما ما يُدخله بعض الناس في هذا المسمى من الباطل فليس ذلك من أصول الدين؛ وإن أدخله فيه مثل المسائل والدلائل الفاسدة "[4].



ولجلالة هذه الأصول الواجبة ومنزلة تعلُّمها نزل بها جبريل الأمين معلمًا في هيئة المتعلمين، فأرشد المسلمين لجماع مسائل الدين في الإسلام والإيمان والإحسان والساعة، فقال صلى الله عليه وسلم: " فإنه جبريل؛ أتاكم يعلمكم دينكم "، قال القرطبي ت 656هـ أي: " قواعد دينكم، أو كليات دينكم "[5]؛ وعلى هذا سارت المنهجية التعلمية في العهد النبوي تعتني بتعليم أصول الإيمان أولًا وتأسيس مسائله وتقديمه على ما سواه من فروع العلم الواجبة، إذ هي الأصل الذي يبنى عليه غيره، والعناية بهذا الأصل تظهر ثمراتها في فروع العلم الأخرى زيادةً في الإيمان، فيحصل الانتفاع المطلوب ويجنى الثمر المرغوب، وهذه التجربة المنهجية وأثرُها حكاها لنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه، فقال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، " فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا "[6]، وظلت هذه المنهجية النبوية يتوارثها أصحابه رضوان الله عليهم حتى نبغ في الناس من قل اعتناؤهم بتعلم الإيمان وأقبلوا على تعلم القرآن قبل التأصيل الإيماني، لذا قال حذيفة رضي الله عنه موضحًا أصل الانحراف عن المنهجية النبوية التعليمية، وهي الفرقان الرئيس بين جيل الصحابة ومن بعدهم: " إنا قوم أوتينا الإيمان قبل أن نؤتى القرآن، وإنكم قوم أوتيتم القرآن قبل أن تؤتوا الإيمان "[7]، ويعقد صحابي آخر وهو ابن عمر - رضي الله عنه - مقارنة بين هاتين المنهجيتين فيقول: " لقد لبثنا برهة من دهر، وأحدُنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، تنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها، وأمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما يتعلم أحدكم السورة، ولقد رأيت رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان يقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ما يعرف حلاله ولا حرامه، ولا أمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل "[8].



ومع غياب التأسيس الإيماني نشأ أقوامٌ يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ومن بعدهم خلوفٌ أعرضوا عن القرآن جملةً وأقبلوا على الفلسفة والكلام فزاد الانحراف وانتشر الخلاف وظهرت الفرقة وحار الناس، وأصبح تعلم الأصول عند الكثيرين لا يتأتى إلا من خلال النظر في كلام الرازي ومنطق ابن سينا، فزهّدهم ذلك في تعلم مسائل الإيمان؛ إذا الخوض فيها مرادف للدخول في هذه المتاهات والمشاركة في أجواء التناحر بين الفرق والمذاهب، فأقبلوا على غيرها من فروع العلم على غير أساسٍ وضبط لمسائل الاعتقاد التي ينبني عليها الكثير من هذه الفروع، مع ما صاحب ذلك من تزهيد عامٍ في علوم الشريعة وإهمال الكثير من المسلمين لطلب العلم المتعين عليهم ومعرفة مسائل الحلال والحرام المفترضة في حقهم، يقول ابن تيمية (ت 728هـ) واصفًا هذا النوع المفرِّط الذي يُعرض عن مسائل الأصول تعلمًا وتعليمًا، في مقابل صنف من الغلاة في هذه المسائل تكفيرًا وتضليلًا: " وبإزاء هؤلاء المكفّرين بالباطل؛ أقوامٌ لا يعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب، أو يعرفون بعضه ويجهلون بعضه، وما عرفوه منه قد لا يبيّنونه للناس بل يكتمونه ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة ولا يذمون أهل البدع ويعاقبونهم؛ بل لعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين ذمًا مطلقًا؛ لا يفرقون فيه بين ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وما يقوله أهل البدعة والفرقة أو يقرون الجميع على مذاهبهم المختلفة كما يقر العلماء في مواضع الاجتهاد التي يسوغ فيها النزاع، وهذه الطريقة قد تغلب على كثير من المرجئة وبعض المتفقهة والمتصوفة والمتفلسفة كما تغلب الأولى على كثير من أهل الأهواء والكلام، وكلا هاتين الطريقتين منحرفة خارجة عن الكتاب والسنة.



وإنما الواجب بيان ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وتبليغ ما جاءت به الرسل عن الله والوفاء بميثاق الله الذي أخذه على العلماء فيجب أن يعلم ما جاءت به الرسل ويؤمن به ويبلغه ويدعو إليه ويجاهد عليه.. "[9]، وهذا هو منهج الطائفة التي بشر الله ببقائها وظهورها في كل خَلَف يتوارثون هذا العلم الشريف على أصول الكتاب والسنة ينفون عنه تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين.



وأما المعرضون فلعلهم يدخلون في عداد المتوَعَّدين، لإعراضهم عن تعلم الواجب من أصول الدين الذي لا يصح إعتقادهم إلا بها، ولا تقبل أعمالهم مع جهلها، فالإيمان قول وعمل، والإعراض عن شقيه أو أحدهما موجب للوعيد بقدر ذلك الإعراض وآثاره، لذا يتوعد ربنا من أعرض عن كتابه بما حواه من أصول الإيمان ودلائلها، علمًا وعملًا فيقول: ﴿ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا * مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلً ﴾ [طه: 99-101]، ويقول أيضًا: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ ﴾ [طه: 124-126]، فنسيان آياته - وهي حججه وأدلته - هجرها وعدم الإيمان والعمل بها، والعلم قبل العمل، وقال عز وجل: ﴿ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾ [الجن: 17].



كما أن في ذلك مشابهة للكافرين الذين كان الإعراض سببًا في كفرهم، فقد جاءتهم البينات من ربهم فأعرضوا عنها لا ينظرون فيها، فلم يؤمنوا بها لمـّا جهلوا الحق الذي بين أيديهم، كما قال الحق عز وجل: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 24]، وهذا هو أصل الفساد كما أشار الرازي (ت 606هـ): " أن وقوعهم في هذا المذهب الباطل ليس لأجل دليل ساقهم إليه، بل ذلك لأن عندهم ما هو أصل الشر والفساد كله وهو عدم العلم، ثم ترتب على عدم العلم الإعراض عن استماع الحق وطلبه "[10].



وكما وصف الله الكافرين في موضع آخر بقوله: ﴿ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 42]، يقول الطبري ت 310هـ: " بل هم عن ذكر مواعظ ربهم وحججه التي احتجّ بها عليهم معرضون لا يتدبرون ذلك فلا يعتبرون به، جهلا منهم وسفها "، ثم تأتي الحسرة الكبرى والندامة العظمى، حين يُسأل هؤلاء عن اعتقادهم في القبور فيقول أحدهم لا أدري، هاه هاه، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، أو يوم القيامة فلا يملكون جوابًا، وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم حين أعرضوا عن العلم بالإيمان والعمل به، يقول ابن كثير ت 774ه_ في قوله تعالى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ ﴾ [النمل: 84-85]، " أي: ويسألون عن اعتقادهم، وأعمالهم فلما لم يكونوا من أهل السعادة "[11].



وكان من آثار هذا الإعراض عن تعلم الإيمان ومسائله الكثيرُ من المفاسد العقدية والشرعية، التي عاشت فصولها الأمة ولازالت تعيشها، ولن يرفعها إلا العودة للمنهجية الربانية التي جاء بها الكتاب وبينتها السنة وأظهرتها آثار القرون المزكاة:

فمن أخطر هذه المفاسد الجهل بالأصول الاعتقادية المتعينة على المسلم لا يعرف حقيقتها ولا حدودها فيقع في نواقضها ويأتي بما يضادها من حيث لا يدري وهو لا يشعر، وهو مع ذلك لا يُعذر لإعراضه عنها وتفريطه في تعلمها مع توفر القدرة وانتفاء المانع، فكان جهله بها مكتسبًا لتفريطه في إزالته، يقول أبو العلاء البخاري ت 730ه: " إنما جعل الجهل من العوارض وإن كان أمرا أصليًا؛ لأنه أمر زائد على حقيقة الإنسان وثابت في حال دون حال كالصغر، ومن المكتسبة؛ لأن إزالته باكتساب العلم في قدرة العبد فكان ترك تحصيل العلم منه اختيارًا بمنزلة اكتساب الجهل باختيار بقائه فكان مكتسبا من هذا الوجه "[12].



وكان من نتائج هذا الجهل؛ الابتداع في الدين بالإحداث فيه ما ليس منه أو السقوط في شراك البدعة ببمارستها أو الانتساب لها، والإحداث في الدين أمره خطير وعاقبته وخيمة، فأمره خطير على الدين؛ يأتي عليه بالتحريف والتبديل، وعاقبته وخيمة على الفرد بالضلالة والجماعة بالفرقة، لذا حذر منه صاحب الشريعة بقوله: " وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة "[13]، يقول ابن رجب (ت 795هـ): " فقوله صلى الله عليه وسلم: " كل بدعة ضلالة " من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله: " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد "[14]، فكُلّ من أحدث شيئا، ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة "[15]، وإن كان في مسائل الإعتقاد فأشد خطرًا وأعظم جرمًا، كما أُحدث من التفرق في أصول الديانات من أمر الخوارج والروافض والمرجئة، وأغلظ من ذلك ما أُحدث من الكلام في أفعال الله تعالى من قضائه وقدره، وأغلظ من ذلك ما أحدث من الكلام في ذات الله وصفاته، مما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان، وكل ذلك من نتائج الجهل بالأصول والخروج عنها أو عليها.



ولا يعذر في ذلك المعرضون بجهلهم، لذا يذكر ابن القيم ت 751هـ الفرق بين الجهلاء من المبتدعة ممن ليس قادرًا على تعلم الهدى، أو القادر المفرّط أو العالم المعرض تقليدًا وتعصبًا أو بغضًا ومعاداةً للحق، فيقول عن المفرط: " المتمكن من السؤال وطلب الهداية، ومعرفة الحق، ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته، ولذته ومعاشه وغير ذلك، فهذا مفرط مستحق للوعيد، آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته، فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات "[16]، ويقول في موضع آخر: " نعم لا بد فى هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال، وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان فى الوجود، فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله "[17]، بخلاف ذلك العاجز عن السؤال والعلم الذى لا يتمكن من العلم بوجه، فلا يستوون عند الله ولا عند الناس.



ومن نتائج هذا الجهل؛ الوقوع في نواقض الإيمان ونواقص التوحيد من الإشراك بالله، يقول عز وجل: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، ووجه شناعته كما يقول السعدي ت 1376هـ: " أنه لا أفظع وأبشع ممن سَوَّى المخلوق من تراب، بمالك الرقاب، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئا، بمن له الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة من النعم بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم، ودنياهم وأخراهم، وقلوبهم، وأبدانهم، إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟!



وهل أعظم ظلما ممن خلقه اللّه لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه الشريفة، فجعلها في أخس المراتب جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا، فظلم نفسه ظلما كبيرا "[18]، لذلك لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: " أن تجعل لله ندًا وهو خلقك "[19].



والشرك لا يغفره الله عز وجل إن لم يتب منه العبد قبل موته، فكيف إذا جهل صوره وحدوده عن تقصير منه في تعلمه، وواقَعَه ومات عليه؟!، يقول تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48]، وقال في موضعٍ بعدها: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 116]، فيجني على نفسه حرمان الجنة والخلود في النار بجهله، وقد كان في عافية من أمره، يقول تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾ [المائدة: 72]، وبه حبوط العمل ولو كان من نبي - لكنهم معصومون -، فكيف بمن دونهم؟!، وهذه قاعدة عامة جاءت بها جميع الشرائع وخوطب بها جميع الأنبياء، فقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، وذلك نظير قوله تعالى بعد ذكر مقام الأنبياء: ﴿ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88]، " تشديد لأمر الشرك، وتغليظ لشأنه، وتعظيم لملابسته "[20].



فلا يجدر بالمسلم أن يبتلى بالجهل في مثل مسائل الإيمان والتوحيد وهي على هذا القدر الجليل، ونواقضها على هذا الخطْر العظيم، يقول ابن القيم ت 751هـ: " والمقصود: أن الشرك لما كان أظلم الظلم، وأقبح القبائح، وأنكر المنكرات، كان أبغض الأشياء إلى الله تعالى وأكرهها له، وأشدها مقتا لديه، ورتب عليه من عقوبات الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على ذنب سواه، وأخبر أنه لا يغفره، وأن أهله نجس، ومنعهم من قربان حرمه، وحرم ذبائحهم ومناكحتهم، وقطع الموالاة بينهم وبين المؤمنين، وجعلهم أعداء له سبحانه ولملائكته ورسله وللمؤمنين، وأباح لأهل التوحيد أموالهم ونساءهم وأبناءهم، وأن يتخذوهم عبيدا، وهذا لأن الشرك هضم لحق الربوبية، وتنقيص لعظمة الإلهية، وسوء ظن برب العالمين "[21].



ومن نتائج هذا الجهل؛ الوقوع في القول على الله بغير علم، وما أعظمه من ذنب بل هو أعظمها مطلقًا وأصل الذنوب كلها، كما يقول ابن القيم (ت 751هـ) في قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33]: " وأما القول على الله بلا علم فهو أشد هذه المحرمات تحريمًا، وأعظمها إثما، ولهذا ذكر في المرتبة الرابعة من المحرمات التي اتفقت عليها الشرائع والأديان، ولا تباح بحال، بل لا تكون إلا محرمة، وليست كالميتة والدم ولحم الخنزير، الذي يباح في حال دون حال، فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثما، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم.



ولهذا اشتد نكير السلف والأئمة لها، وصاحوا بأهلها من أقطار الأرض، وحذروا فتنتهم أشد التحذير، وبالغوا في ذلك ما لم يبالغوا مثله في إنكار الفواحش، والظلم والعدوان، إذ مضرة البدع وهدمها للدين ومنافاتها له أشد، وقد أنكر تعالى على من نسب إلى دينه تحليل شيء أو تحريمه من عنده، بلا برهان من الله، فقال: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116] الآية، فكيف بمن نسب إلى أوصافه سبحانه وتعالى ما لم يصف به نفسه؟ أو نفى عنه منها ما وصف به نفسه؟ "[22].



وما أصدق النصارى مثالًا تتجسد فيهم كل هذه الضلالات!، التى صنعها الجهل فابتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله، وأشركوا معه ما لم ينزل به سلطانًا، وقالوا على الله بغير علم فضلوا وأضلوا، كما قال فيهم ربهم عز وجل: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 77]، يقول ابن القيم (ت 751هـ): " وإنما سر الآية أنها اقتضت تكرار الضلال في النصارى ضلالا بعد ضلال لفرط جهلهم بالحق،.. ووجه تكرار هذا الضلال أن الضال قد أخطأ نفس مقصوده فيكون ضالا فيه فيقصد ما لا ينبغي أن يقصده، ويعبد من لا ينبغي أن يعبده، وقد يصيب مقصودًا حقا لكن يضل في طريق طلبة والسبيل الموصلة إليه،.. ووبخ النصارى بالضلال والجهل الذي هو عدم العلم بالحق، فالشقاء والكفر ينشأ من عدم معرفة الحق تارة ومن عدم إرادته والعمل بها أخرى، يتركب منها فكفر اليهود نشأ من عدم إرادة الحق والعمل به وإيثار غير عليه بعد معرفته فلم يكن ضلالا محضا، وكفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه فإذا تبين لهم وآثروا الباطل عليه أشبهوا الأمة الغضبية وبقوا مغضوبا عليهم ضالين "[23].



وهؤلاء من أَمَرنا الله تعالى بالاستعاذة من حالهم في كل صلاة، ليستحضر المسلم مع تلاوته لقول الله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6-7]، خطر الانحراف عن صراط الله المستقيم بأخطر مزالقه وأعظم أبوابه وهي الجهل، ثم التقليد للضُّلال بلا خبرٍ صادق ولا عقلٍ ناطق، وبهذا وصفهم القرافي (ت 684ه) قائلًا: " فإن النصارى أمة أميا وطائفة جهلا، قد غلب عليهم التقليد، وتجنبوا محجة النظر السديد، حتى لا يبحثون عن صحة ما يلقيهم إليهم أساقفتهم، ولا يتأملون ما يعتمده في دينهم أكابرهم وطغاتهم، ولولا ذلك لم يبق لدين النصرانية وجود لظهور فساده، وناهيك من قوم يعتقدون أن إلههم خلق أمه، وأن أمه قد ولدت خالقها "[24]، فمن شابه النصاري في جهلهم سلك في الضلالة سبيلهم.



فيقبح فيمن تصدر لدعوة الناس أو رآم القيام على أمورهم أن يجهل أصول دينه وحدود شرائعه، بل يتأكد الواجب في حقهم، فإن آفة كثير من المتصدرين الجهل بالدين، فكم يقعون في الانحرافات أو يمررونها؟!، جهلًا منهم بها أو استهانة بآثارها، مع ما يرفعونه من شعارات الإسلام وينادون به من العودة للدين، فيضلّون ويُضلون، وهم أولى من يدخل في قوله تعالى: ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [النحل: 25]، وهذا نظير قوله: ﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [العنكبوت: 13]، أو قوله صلى الله عليه وسلم: " ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا "[25].



وقد كان المعرضون عن العلم في فسحة من أمرهم برفع جهلهم أو عدم الخوض فيما نهى الشرع عن مثله من القول بغير علم على أقل تقدير: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء: 36]، فلا يُعذر أمثالهم مع شيوع العلم وإمكان التحصيل وثبوت التقصير، يقول السمعاني (ت 489هـ): " ولأن الخطاب متى شاع أمكن كل إنسان العمل به متى لم يقصر في الحجة من قومه، وإذا لم يطلب حتى جهل كان بتقصير منه، ولم يصر ذلك الجهل له عذر أو صار كأنه علم ثم لم يعمل "[26]، أو عمل على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة، فخاب سعيه، وفي أمثالهم قال الله عز وجل: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103-104]، فهم لا يعذرون بجهلهم ولا يشفع لهم حسن قصدهم، يقول ابن تيمية ت 728هـ: " من ترك الواجب، أو فعل المحرم لا باعتقاد ولا بجهل يُعذر فيه، ولكن جهلًا وإعراضًا عن طلب العلم الواجب عليه، مع تمكنه منه، أو أنه سمع إيجاب هذا، وتحريم هذا، ولم يلتزمه إعراضًا، لا كفرًا بالرسالة، فهذان نوعان يقعان كثيرًا مِن ترك طلب العام الواجب عليه، حتى ترك الواجب وفعل المحرم، غير عالم بوجوبه وتحريمه أو بلغه الخطاب في ذلك، ولم يلتزم اتباعه، تعصبا لمذهبه، أو اتباعا لهواه، فإن هذا ترك الاعتقاد الواجب بغير عذر شرعي، كما ترك الكافر الإسلام.



فإن الاعتقاد هو الإقرار بالتصديق، والالتزام، فقد يترك التصديق والالتزام جميعا لعدم النظر الموجب للتصديق، وقد يكون مصدقا بقلبه لكنه غير مقر ولا ملتزم، اتباعًا لهواه. "[27].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 129.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 127.36 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]