مشاهد من عبودية خضوع الجمادات لسلطان الله وانقيادها واستجابتها لأمره
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
السماءُ والأرضُ امتثلتا أمرَ الله وخضعتا لسلطانه، وانقادتا واستجابتا له سبحانه؛ كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11].
"أَيِ: اسْتَجِيبَا لِأَمْرِي، وَانْفَعِلَا لِفِعْلِي طَائِعَتَيْنِ أَوْ مُكْرَهَتَيْنِ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلسَّمَاوَاتِ: أَطْلِعِي شَمْسِي وَقَمَرِي وَنُجُومِي، وَقَالَ لِلْأَرْضِ: شَقِّقِي أَنْهَارَكِ، وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ.
فَقَالَتَا: ﴿ أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَوْ أَبَيَا عَلَيْهِ أَمْرَهُ، لَعَذَّبَهُمَا عَذَابًا يَجِدَانِ أَلَمَهُ؛ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ"[1]؛ "أي: انقادا لأمري، طائعتين أو مكرهتين، فلا بد من نفوذه، ﴿ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ ليس لنا إرادة تخالف إرادتك"[2].
[1] ابن كثير: (7 /167).
[2] ابن سعدي: (745).