#1
|
||||
|
||||
الطفل العربي في الشعر الصهيوني
الطفل العربي في الشعر الصهيوني خلف أحمد محمود كشفتْ مأساة غزَّة الأخيرة التي راح ضحيَّتها مئاتُ الأطفال والنِّساء والشيوخ وحشيَّةَ هذا الكيان، وبشاعة جرائمِه التي لم ترحَم دموعَ الأطفال وأنينَ النساء وتوسُّلات الشيوخ، ولكنَّ هذا ليس ببعيدٍ على شعْب اعتَبَر الحربَ أساسَ كيانِه، وعبَّر أحد ساستِه عن رُوحه العدوانيَّة والتدميريَّة بقوله: "ماذا لو قتلنا من العرب مليونًا أو حتَّى ستَّة ملايين؟ ماذا سيحدُث؟ سيكتُب التَّاريخ عنَّا صفحتَين فقط مجلَّلتَين بالسَّواد، وبعد ذلك ينسى التَّاريخ ويأْتي أُدباؤُنا ليكتُبوا رواياتٍ عظيمةً عن المذابح التي ارتكبناها في حقِّ العرب، وسيحْصلون على جوائزِ نوبل مثْلما فعل أُدباء النازيَّة"[1]. ويكتُب أحد شعرائه محرِّضًا أثناء مُحاصرة العاصِمة اللبنانيَّة بيروت، فيقول: لو كنتُ قائدًا لجيشِنا الأسطورة جيشِنا العظيم ووقفتُ عند أبواب المدينة المحاصَرة المختنقة مدينة المخرِّبين مدينة الفلسطينيِّين لزرعتُ الموت والدَّمار في كل المنازل والشَّوارع في كلِّ المساجد والكنائس[2] ولمَّا كان الأدَب مرآةَ المجتمع، يعكس انطِباعاتِه وتوجُّهاته، ويعبِّر عن آلامِه وآمالِه، فإنَّنا نستَعْرض عبر هذه السُّطور صورة الطِّفل العربي في الشعر الصِّهْيَوْني؛ لنرى كيف أنَّها صورة مليئة بالخراب والدَّم والإرْهاب، والكراهية للطفولة العربيَّة، لتمثِّل قمَّة الحقد الإجرامي الصهيوني، ونلمس من خلالها كيف أنَّ الشعر الصهيوني قد دعا إلى قتل العرب، واقتلاع جذورهم الرَّاسخة من فوق تراب فلسطين، وهذا ما أشارتْ إليْه الشَّاعرة الصهيونيَّة "شموليت هرافن" حيث قالت: "البطولة لا تكون إلاَّ من خلال فوهة البندقيَّة"[3]. وكذلك ما دعا إليه كاتبُ الأطفال الصهيوني "هازي لابين" في أعمالِه القصصيَّة الموجَّهة للأطفال، والتي يُحرِّضهم فيها على القتْل والإرْهاب وسفْك الدماء بقولِه: سوف نُهاجم الأعداء خِلال الظلام بكلِّ قوَّة لأنَّه لا يوجد لديْنا لغة غير لغة الجريمة[4] ويطلق شاعر صهيوني - وهو "إيتان" - صيحات التَّخويف للأطفال العرب، وأنَّه لا طريق في انتظارِهم إلاَّ طريق الموْت والفناء، فيقول: ستموتون في الحرب القادمة حرب يَموتون فيها تحت الشمس وتحت مخْبأ القمر فلا مفرَّ من الموت[5] وتستمرُّ هذه الروح العدوانيَّة في الشعر الصهيوني لدى شاعرٍ آخَر، وهو "سيدرم واعدا"، الذي يصرخ بصوت الإرْهاب الصهيوني ضدَّ الأطفال والنِّساء أثناء الحرْب اللبنانيَّة بقولِه: كلُّ النِّساء في صيدا وصور كلّ الأمهات، كلّ الحوامل كلّ المسنين، وكلّ الأرامل ها نَحن قادمون لنعاقبَكم لنقتصَّ منكم فرجالُكم مخرِّبون عناد وأبناؤكم صائدو دبَّابات ومجنزرات[6]. وفى قصيدةٍ أُخرى يصبُّ الشَّاعر الصهيوني "أفريم سيدوم" حمَم غضبِه، ونيران حقدِه على أطفال لبنان بقوله: يا أطفال صور وصيدا إني أتَّهِمُكم، ألْعنكم ستنامون محطَّمي العظام في الحقول وفي الطُّرقات لا تسألوا: لماذا إنَّه العقاب والآن حان عقابكم[7]. وتأتي مجزرة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيَّتها آلافُ الأطْفال والنِّساء والشيوخ، والتي أكَّدتْ على أنَّ هذا الجيْش الصهيوني إنَّما هو جيشٌ لقتْل الأبرياء وذبْح الأطفال والنساء، وأنَّ بشاعة جرائمِه قد فاقتْ بوحشيَّتِها ما ارتكبَه النازيُّون من جرائم قتلٍ وتدمير، ويعبِّر شاعرٌ صهْيوني عن هذه المذْبَحة بقوله: لا رحمة لهم عندنا لن يكون لهم وجودٌ في عالمنا سنسْفِك الدماء الكثيرة ونقتُل الأطفال والنساء والشيوخ[8]. أمَّا الشاعر "يوناثان غيفن" فيُعْلِنها واضحة صريحةً بأنَّ اليهود مرتكبو مذابِح ومجازر، وأنَّ أنفُسَهم تستريح وتستقرُّ عندما يروْن دماء المدنيِّين العزَّل من النِّساء والأطْفال والشُّيوخ العرَب تُراق وتسيل، فيكتُب مفاخرًا بِهذه المجازر: هناك في مقهى بكريات شمونه كان جمهور غفير يَجلس أمام الشَّاشة الصَّغيرة عن الأسرى الفلسطينيِّين صرخَ الجمهور وصرختُ أنا أيضًا: احصدوهم، اذبحوهم، اقتلوهم في صبرا وشاتيلا شاهدتُ دماءً كثيرة فارتاحتْ نفسي[9]. ويأتي الاستِشْراف المستقبلي من خِلال نظرة الشَّاعر الصهْيوني "يعقوب باتمار" في التَّعبير عن هذه الرُّوح العدوانيَّة، التي ستظلُّ تُطارِد الأطْفال العرب في مستقْبلِهم، وتتعقَّبُهم في كلِّ مكان، فلا حياة هادئة مستقرَّة في انتظارِهم، بل مزيد من الحروب وإراقة الدِّماء، فيقول: الحرْب المقبلة ننشِئُها نربِّيها من بين حجُرات النَّوم وحجُرات الأولاد النعاس أخذ فى الاصطِباغ بالسَّواد ونحنُ في فزَع من الاقتراب منه[10]. وفي النهاية نقول: إنَّ الأدب لدى الأُمم والشُّعوب والمجْتمعات المتحضِّرة هو أدبٌ إنساني، يدعو للقِيم العليا والمثُل الرَّفيعة، بيْنما هو لدى الكيان الصهْيوني أدب عنصري، يدْعو لاغتِصاب الأرض ويُفاخر بقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وهذا ما أشار إليه الشَّهيد غسَّان كنفانى بقوله: "قاتلتُ الصِّهْيَونيَّة بسلاح الأدَب قتالاً لا يُوازيه إلا قتالُها بالسلاح السياسي. ـــــــــــــــــــ [1] د: نعمان عبدالرزاق السَّامرائي: اليهود والتَّحالف مع الأقوياء، كتاب الأمَّة، العدد 32، ص 101. [2] شمس الدين العجلاني، أدب الحرب الصهيوني، مجلة المنهل، العدد 489، ص98. [3] المصدر السابق، ص 94. [4] المصدر السابق، ص 94. [5] المصدر السابق: 97. [6] المصدر السابق: 99. [7] أفريم سيدوم، الأطفال الصغار، ملحق معاريف، ترجمة خليل السواحري عن جريدة الرأي الأردنيَّة، بتاريخ: 23 /9 /1982. [8] مجلة المنهل، مصدر سابق، ص 99. [9] المصدر السابق. [10] محمد صالح العياري، الشعر العبري والصهيوني، دار المعارف، تونس، ص 160.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |