|
|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
شهر الله المحرم وقفات وعبر
شهر الله المحرم وقفات وعبر يحيى سليمان العقيلي معاشر المؤمنين: ما أكرم ربنا! وما أوسع عطاءه! وسع كل شيء رحمةً وعلمًا، تتوالى مواسم الخير، وتتعاقب الأيام الفاضلة ليتجدد إيمان العباد، ويزداد قربهم من ربهم، وليتمتعوا بجمال هذا الدين وفضائله.ها نحن - عباد الله - نودع عامًا هجريًّا كان ختامه شهرًا محرمًا، تخللت أيامه فريضة عظيمة وشعيرة جليلة؛ فريضة الحج، واستقبلنا عامًا هجريًّا جديدًا فاتحتُه شهر حرام؛ وهو شهر الله المحرم، ولنا معه وقفات: أولها: أن في تسميته بذلك مزيدَ فضيلة؛ قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم شهر الله، وإضافته إلى الله عز وجل تدل على شرفه وفضله". ثم إنه من الأشهر الحرم التي خصها الله بمزيد حرمة؛ والأشهر الحرم قال الله تعالى عنها: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]. وفي بيان هذه الأشهر الحرم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم؛ ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان))؛ [أخرجه البخاري 2958]. قال الحافظ ابن كثير: "والمحرم سمي بذلك لكونه شهرًا محرمًا وتأكيدًا لتحريمه؛ وقوله تعالى: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]؛ أي: في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، وعن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36]، في كلهن ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرامًا، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم". معاشر المؤمنين: ومن فضائل شهر الله المحرم استحباب الصيام فيه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))؛ [رواه مسلم 1163]. وآكد الصوم فيه هو صوم يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي نصر الله فيه الحق وأهله المؤمنين (موسى وقومه)، وأهلك فيه الباطل وأهله الكافرين (فرعون وقومه)، فشرع لنا صيامه، ورتب الشرع على صيامه ثوابًا عظيمًا؛ فعن أبي قتادة مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)). وقد تحرى الرسول صلى الله عليه وسلم صيام هذا اليوم، فقد رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((ما رأيت النبي يتحرى صوم يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء))؛ [رواه البخاري]، وروى البخاري عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: ((قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه)). وفقنا الله لما يحب ويرضى وأعاننا على البر والتقوى، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: معاشر المؤمنين:ويسن أن يصام التاسع قبله؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع))؛ [رواه مسلم]؛ قال النووي رحمه الله: "قال بعض العلماء: ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر ألا يتشبه باليهود في إفراد العاشر"، وفي ذلك تأكيد على حرص الإسلام على تميز المسلمين في عقيدتهم وأخلاقهم وشخصياتهم، نبذًا للتبعية والتقليد لليهود والنصارى، وحذرًا مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم من تلك التبعية والتقليد؛ فقد روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه))، وجاء في روايات الحديث: ((قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟))، وهذا التشبيه في المتابعة: ((شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع)) و ((حذو القذة بالقذة))، كناية عن شدة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي والسلوكيات والأخلاق، فوجب على المسلمين الاعتزاز بدينهم والتمسك بشريعتهم: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |