الاتكالية وإلقاء المسؤولية على الآخرين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836929 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379447 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191303 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2671 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 664 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 951 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1105 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 857 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2022, 07:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي الاتكالية وإلقاء المسؤولية على الآخرين

الاتكالية وإلقاء المسؤولية على الآخرين


سعيد بن محمد آل ثابت


التحديات والعوائق لا تزول ولا تفنى، ومنها الحقيقي الذي لا بد من إزالته والتعامل معه بمنهجية شرعية كالذنوب ونقص العلم وضعف العبادة، ومنها الذاتي: وهو ما كان من النفس ودواخلها، ومنها الخارجي: الأسباب التي تخرج عن الإرادة الذاتية، ومنها ما يتعلق بظروف الواقع، ومنها ما يتعلق بأزلية الباطل، ومنها الوهمي، وسوف نجمعها هنا على سبيل الإجمال لا الحصر والتفنيد، وقد تعرضنا ربما لبعضها في (حاجتنا للفاعلية)، وسوف نضعها تحت مشرحة الكتاب والسنة ومآثر أجيال الفاعلية، فنبددها بإذن الله، ونزيل عوالقها، ومن هذه العوائق:
الاتكالية وإلقاء المسؤولية على عاتق الغير، والشعور بأن الدعوة والعمل لدين الله من فضول الأعمال.
ومن مظاهر التهرب من المسؤولية:
1- التخاذل: اعتذارات ومسوغات.
2- التخذيل: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ﴾ [النساء: 37].
3- التهوين: يقلل دواعي العمل.
4- التهويل: تضخيم المعوقات.
5- التواضع الكاذب: والمصيبة من لسان حاله: إن هذه الأعمال لا يصلح لها غيري، ومع ذلك فلن أقوم بها)[1]. قال ابن القيم: ليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة، بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله، وأكثرُ الديّانينَ لا يعبؤون منها إلا بما شاركهم فيه عمومُ الناس، وأما الجهادُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ورسوله وعباده، ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه، فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلًا عن أن يريدوا فعلها، وفضلًا عن أن يفعلوها، وأقل الناس دينًا، وأمقتهم إلى الله: من ترك هذه الواجباتِ، وإن زهد في الدنيا جميعِها، وقلَّ أن ترى منهم من يُحمرُ وجهُه ويمعره لله ويغضب لحرماته، ويبذل عرضه في نصرة دينه، وأصحابُ الكبائر أحسن حالا عند الله من هؤلاء[2]. قال الشاطبي: يقال: أنه - أي فرض الكفاية - واجب على الجميع على وجه من التجوز، لأن القيام بذلك الفرضِ قيامٌ بمصلحة عامة، فهم مطلوبون بسدها على الجملة، فبعضهم هو قادر عليها مباشرة وذلك من كان أهلا لها، والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين، فمن كان قادرًا على الولاية فهو مطلوبٌ بإقامتها، ومن لا يقدرعليها مطلوب بأمر آخر، وهو إقامةُ ذلك القادر وإجبارُه على القيام بها، فالقادر إذن مطلوب بإقامة الفرض، وغير القادر مطلوب بتقديم ذلك القادر، إذ لا يتوصل إلى قيام القادر إلا بالإقامة، من باب ما لا يتم الواجب إلا به[3].


6- تقسيم الناس وفق هواه، واعتقاده نفعية الدعوة في صنف دون صنف، وقد عاتب الله نبيه في ذلك: ﴿ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [عبس: 8 - 10]، وهذا العتاب مفاده أن الاختيار ليس لك أيها الداعية، فمؤشرات لن تعدو أن تكون أوهام وربما بنيتها على ضعف تصور وقصور بشري ملازم لك، فلا عليك سوى البذل والدعوة والنتائج على الله تبارك وتعالى. إن أي دعوة تهمل شريحة من المجتمع تعتبر ناقصة ومآلها إلى الانحسار، وقد تميزت الدعوة الإسلامية باحتوائها جميع طبقات المجتمع، وتوظيفِ جميع طاقات، فليس في المجتمع المسلم عنصرٌ مهملٌ أو مبعد أو مركون مهما كان. وإن من كمال الدين وعالميته مخاطبته للجميع وتوظيف جميع أفراد الأمة فلا اعتبار للصور والهيئات والأشكال: عن حارثة بن وهب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف مُتَضَعّف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عُتُل جوّاظ مستكبر متفق عليه[4]. وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة متفق عليه.[5]وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب أشعثَ مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره[6].وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا فَقَالَ يَارَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا[7].


7- الفهم السقيم لمقاصد الشريعة، والتعاطي الخاطئ مع مضمونها. قال تعالى: ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَااهْتَدَيْتُمْقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله وأدي الواجب من الأمر والنهي وغيرهما، ولكن في الآية فوائد عظيمة:
أحدها: ألا يخافَ المؤمنُ من الكفار والمنافقين، فإنهم لن يضروه إذا كان مهتديًا.


الثاني: ألا يحزنَ عليهم ولا يجزعَ عليهم، فإن معاصيَهم لا تضره إذا اهتدى، والحزنُ على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران في قوله: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَاصَبْرُكَ إِلا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّايَمْكُرُونَ.

الثالث: ألا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلى ما أوتوه من السلطان والمال والشهوات، كقوله: "﴿ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم في آية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم في آية، فإن الإنسان قد يتألمُ عليهم ومنهم، إما راغبًا وإما راهبًا.

الرابع: أن لا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم، أونهيهم أو هجرهم، أو عقوبتهم، بل يقال لمن اعتدى عليهم: عليك نفسك لا يضرُّك من ضل إذا اهتديت، كما قال: ﴿ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ الآية، وقال: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ، وقال: ﴿ فَإِنِ انْتهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاعَلَى الظَّالِمِينَ، فإن كثيرًا من الآمرين الناهين قد يعتدون حدود الله إما بجهل وإما بظلم، وهذا باب يجب التثبت فيه، وسواء في ذلك الإنكارُ على الكفار والمنافقين الفاسقين والعاصين.

الخامس: أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق، والصبر، وحسن القصد، وسلوك السبيل القصد، فإن ذلك داخلٌ في قوله: ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، وفي قوله: ﴿ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾، فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفيها المعنى الآخر، وهو:
السادس: إقبال المرء على مصلحة نفسه علمًا وعملًا، وإعراضه عما لا يعنيه،كما قال صاحب الشريعة: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه، ولاسيما إن كان التكلم لحسد أورئاسة. وكذلك العمل فصاحبه إما معتدٍ ظالمٌ، وإما سفيهٌ عابثٌ، وما أكثر ما يصورالشيطان ذلك بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ويكون منباب الظلم والعدوان. فتأملُ الآية في هذه الأمور من أنفع الأشياء للمرء، وأنت إذا تأملت ما يقع منالاختلاف بين هذه الأمة: علماؤها وعبادها وأمراؤها ورؤساؤها وجدت أكثره من هذاالضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنة في محنة الصفات والقرآن، محنة أحمد وغيره، وكما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة على علي وأهل بيته، وكما قد تبغي المشبهة على المنزهة، وكما يبغي بعض المستنة إما على بعضهم وإما على نوع من المبتدعة بزيادة على ما أمر الله به، وهو الإسراف المذكور في قولهم: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ﴾ [آل عمران: 147] وإزاء هذا العدوان تقصير آخرين فيما أمروا به من الحق، أو فيما أمروا به من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في هذه الأمور كلها، فما أحسن ما قال بعض السلف: ما أمر الله بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر: غلوٍّ أوتقصيرٍّ. فالمعين على الإثم والعدوان بإزائه تاركُ الإعانة على البر والتقوى، وفاعل المأمور به وزيادةٍ منهيٍّ عنها بإزائه تاركُ المنهي عنه وبعضِ المأمور به، والله يهدينا الصراط المستقيم ولا حول ولا قوة إلا بالله[8].


8- اعتقاد الخيرية في العزلة، والبعد عن العامة، وهذا وهم خطير يصيب فئامًا من الناس بأوهام كثيرة، فربما يحدث نفسه بضرورة العلم الذي يلزم للدعوة، أو ضرر الناس على عبادته وإصلاح أهل بيته، وربما أتته العبرات تناديه بضرورة الزهد والورع عن الدنيا وحظ النفس في قلوب الخلق، وكل هذا من لوازم الداعية، ومتطلباته الأساسية، و(إن اعتزال الناس بين الفينة والفينة يصقل الروح، ويجدد الرواء، ومن يفعل ذلك فربما يكون في وقت عزلته في خدمة الناس أكثر مما لو اختلط بهم؛ ومن الملاحظ أن الناس حين يصيبهم كرب أو أزمة فإنهم كثيرًا ما يلجؤون إلى أولئك (المحتشمين) ينشدون لديهم الرأي والتعاطف والعون)[9]. فاجعل بينك وبين دعوتك مسافة ليكن تأثيرك أعظم؛ ولكن عادة ما تأخذ هذه العزلة في جسد القاعد وقتًا فترتاح وتابى الانصراف، وربما استرسل معها حتى ازدان قعوده وتجمل له في صورة الخلوة والورع. يروي لنا التابعي الكوفي، الفقيه النبيل عامر الشعبي: أن رجالًا خرجوا من الكوفة، ونزلوا قريبًا يتعبدون، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود، فأتاهم، ففرحوا بمجيئه إليهم، فقال لهم: ما حملكم على ما صنعتم؟ قالوا:أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد. فقال عبد الله: لو أن الناس فعلوا مثل مافعلتم فمن كان يقاتل العدو؟ وما أنا ببارح حتى ترجعوا[10]. قال ابن الجوزي: وعلى الحقيقة الزهاد في مقام الخفافيش، قد دفنوا أنفسهم بالعزلة عن الناس، وهي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير، من جماعة وإتباع جنازة وعيادة مريض، إلا أنها حالةُ الجبناء. فأما الشجعان فهم يتعلمون ويعلمون، وهذه مقامات الأنبياء عليهم السلام[11].
حسبوا بأن الدين عزلةُ راهب
واستمرؤوا الأوراد والأذكارا

عجبًا أراهميؤمنون ببعضه
وأرى القلوب ببعضه كفارا

والدين كان ولا يزالفرائضًا
ونوافلًا لله واستغفارا

والدين ميدان وصمصام وفر
سان تبيد الشروالأشرارا

والدين حكم باسم ربك قائم
بالعدل لا جورًا ولا استهتارا



9- الخوف على الوجاهة والمستوى الاجتماعي. وهذا عائق عند البعض، والحقيقة أنها فرصة للبذل والتقديم لدين الله، قالت فاطمة بنت عبد الملك تصف زوجَها عمرَ بن عبدالعزيز: كان قد فرغ للمسلمين نفسَهُ، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساءً لم يفرغ فيه من حوائج يومه وصل يومَهُ بليلته[12].


10- اشتراط المؤهلات الأكاديمية والتجربة الطويلة والاعتداد بسنوات الخبرة، وهذا لاشك إن قلنا أننا نريدك مفتي الأمة وعالمها ومجددها، أما الاعتذار عن تعليم علم أو تذكير بخير، أو عمل ميداني لإغاثة المسلمين فهذا العائق لاشك أنه واهٍ ومردود، قال تعالى:﴿ يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مريم: 12] عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: "أتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رفيقًا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم"[13].
11- مجالسة الكسالى والقاعدين. فرّ منهم فرارك من المجذوم، ومن جالس الأجرب جرب معه، وهؤلاء لا تجدهم إلا في مستنقعات الفراغ وأوحال الأنانية. قال بعض أصحاب عمر بن عبد العزيز القدامى لعمر: لو تفرغت لنا فقال: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله[14].


12- اتهام الذات بالفشل؛ ونشأة ذلك من ردة فعل من عمل سابق، أو مبادرة فشلت، أو توجه لا يلائمه، وهذا لا يلزم منه أن يحكم على نفسه بالفشل والسوء. (وكذلك الحال بالنسبة لكثير من الناس، فقد يتوجه لمجال لا يلائم ميوله، ولا يناسب مواهبه، ومن هنا فلن تجد له إبداعًا، ولا تفوقًا. فإذا حوّل إلى ما يناسبه، ووجه إلى ما يلائمه أبدع أيما إبداع؛ فلا يعني كوننا لا نبدع في كل شيء أننا لا نصلح لأي شيء)[15].
وأختم بكلام فريد لسيد رحمه الله: (والدعاة إلى الله يعلمون أن مصائر البشرية كلها - في الدنيا وفي الآخرة - منوطة بالرسل وبأتباعهم من بعدهم، فعلى أساس تبليغهم هذا الأمر للبشر، تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم، ويترتب ثوابهم أو عقابهم في الدنيا والآخرة.

إنه الأمر الهائل العظيم.. أمر رقاب الناس.. أمر حياتهم ومماتهم.. أمر سعادتهم وشقائهم.. أمر ثوابهم وعقابهم.. أمر هذه البشرية، التي إما أن تبلغ إليها الرسالة فتقبلها وتتبعها فتسعد في الدنيا والآخرة. وإما أن تبلغ إليها فترفضها وتنبذها فتشقى في الدنيا والآخرة. وإما ألا تبلغ إليها فتكون لها حجة على ربها، وتكون تبعة شقائها في الدنيا وضلالها معلقة بعنق من كلف بالتبليغ فلم يبلغ!


فأما رسل الله عليهم الصلاة والسلام فقد أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة، ومضوا إلى ربهم خالصين من هذا الالتزام الثقيل.. وهم لم يبلغوها دعوة باللسان وفقط، ولكن بلغوها - مع هذا - قدوة ممثلة في العمل، وجهادًا مضنيًا بالليل والنهار لإزالة العقبات والعوائق.. سواء كانت هذه العقبات والعوائق شبهات تحاك، وضلالات تزين، أو كانت قوى طاغية تصد الناس عن الدعوة وتفتنهم في الدين، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين؛ بما أنه المبلغ الأخير، وبما أن رسالته هي خاتمة الرسالات.. فلم يكتف بإزالة العوائق باللسان، إنما أزالها كذلك بالسنان ﴿ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال: 39] وبقي الواجب الثقيل على من بعده.. على المؤمنين برسالته.. فهناك أجيال وراء أجيال جاءت وتجيء بعده صلى الله عليه وسلم وتبليغ هذه الأجيال منوط - بعده - بأتباعه. ولا فكاك لهم من التبعة الثقيلة تبعة إقامة حجة الله على الناس؛ وتبعة استنقاذ الناس من عذاب الآخرة وشقوة الدنيا إلا بالتبليغ والأداء.. على ذات المنهج الذي بلغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدى..فالرسالة هي الرسالة؛ والناس هم الناس.. وهناك ضلالات وأهواء وشبهات وشهوات.. وهناك قوى عاتية طاغية تقوم دون الناس ودون الدعوة؛ وتفتنهم كذلك عن دينهم بالتضليل وبالقوة.. الموقف هو الموقف؛ والعقبات هي العقبات، والناس هم الناس. ولا بد من بلاغ، ولا بد من أداء.. بلاغ بالبيان، وبلاغ بالعمل حتى يكون المبلغون ترجمة حية واقعية لما يبلغون.. وبلاغ بإزالة العقبات التي تعترض طريق الدعوة؛ وتفتن الناس بالباطل وبالقوة.. وإلا فلا بلاغ ولا أداء..إنه الأمر المفروض الذي لا حيلة في النكوص عن حمله.. وإلا فهي التبعة الثقيلة. تبعة ضلال البشرية كلها؛ وشقوتها في هذه الدنيا، وعدم قيام حجة الله عليها في الآخرة! وحمل التبعة في هذا كله، وعدم النجاة من النار.. فمن ذا الذي يستهين بهذه التبعة؟ وهي تبعة تقصم الظهر وترعد الفرائص وتهز المفاصل؟!)[16].



[1] "الهمة العالية معوقاتها ومقوماتها"؛ لمحمد الحمد، ص32-34)، بتصرف.

[2] "عدة الصابرين"، (ص: 121).

[3] "الموافقات للشاطبي"، ( 1 / 178179).

[4] صحيح البخاري ح 4537، صحيح مسلم ح 5092.

[5] صحيح البخاري ح 4360، صحيح مسلم ح 4991.

[6] صحيح مسلم ح 4754.

[7] صحيح البخاري ح 5966.

[8] "مجموع فتاوى ابن تيمية"، ( 14 / 480-483).

[9] "مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي"؛ لعبد الكريم بكار (ص:136).

[10] "الزهد"؛ لعبد الله بن المبارك، (ص: 390).

[11] "صيد الخاطر"؛ لابن الجوزي، (ص: 224).

[12] "سيرة عمر"؛ لابن عبد الحكم، (ص: 146).

[13] البخاري ح631.

[14] "طبقات ابن سعد"، (5 /397).

[15] "قوة الإرادة وطرق تنميتها"؛ لصالح مراد (ص:34).

[16] "الظلال"، ص(809-810).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.13 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]