|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#291
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (291) صـ 509 إلى صـ 517 تحبط العمل، فما تقدم [1] من طاعته: إن كان طاعة فهي حابطة بكفره وردته *) [2] ، وما يفعله من المعاصي لا يماثله أحد فيه، فامتنع أن يكون أحد شرا منه، وصار نظير هذا المرتد الذي يقتل النفوس ويزني ويفعل عامة القبائح بعد سابق طاعاته، فمن جاء بعده ولم يسبقه إلى تلك الطاعات الحابطة، وشاركه في قليل من معاصيه، لا يكون شرا منه، فكيف يكون أحد شرا من إبليس؟ . وهذا ينقض أصول الشيعة: حقها وباطلها. وأقل ما يلزمهم أن يكون أصحاب علي الذين قاتلوا معه، وكانوا أحيانا يعصونه، شرا من الذين امتنعوا عن مبايعته من الصحابة؛ لأن هؤلاء عبدوا الله قبلهم، وأولئك جروا معهم في ميدان المعصية. ويقال: ثالثا: ما الدليل على أن إبليس [كان] [3] أعبد الملائكة؟ وأنه كان [4] يحمل العرش وحده ستة آلاف سنة؟ أو أنه [5] كان من حملة العرش في الجملة؟ أو أنه كان طاووس الملائكة؟ أو أنه ما ترك في السماء رقعة ولا في الأرض بقعة إلا وله فيها سجدة وركعة؟ ونحو ذلك مما يقوله بعض الناس. فإن هذا أمر إنما يعلم بالنقل الصادق، وليس في القرآن شيء من ذلك، ولا في ذلك خبر صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهل يحتج بمثل هذا في أصول الدين إلا من هو من أعظم الجاهلين؟ ! . (1) ن، م: فيما تقدم. (2) ما بين النجمتين ساقط من (ص) . (3) كان: زيادة في (أ) ، (ب) . (4) أ، ب: أو كان. (5) ن، م: وأنه. وأعجب من ذلك قوله: "ولا شك بين العلماء أن إبليس كان أعبد الملائكة" . فيقال: من الذي قال هذا من علماء الصحابة والتابعين وغيرهم من علماء المسلمين؟ فضلا عن أن يكون هذا متفقا عليه بين العلماء؟ وهذا شيء لم يقله قط عالم يقبل قوله من علماء المسلمين. وهو أمر لا يعرف إلا بالنقل، ولم ينقل هذا أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم: [لا] [1] بإسناد صحيح ولا ضعيف. فإن كان قاله بعض الوعاظ أو المصنفين في الرقائق، أو بعض من ينقل في التفسير من الإسرائيليات ما لا إسناد له [2] ، فمثل هذا لا يحتج به في جرزة بقل [3] ، فكيف يحتج به في جعل إبليس خيرا (* من كل من عصى الله من بني آدم، ويجعل الصحابة من هؤلاء الذين إبليس خير منهم *) [4] ؟ . وما وصف الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - إبليس بخير قط ولا بعبادة [5] متقدمة ولا غيرها (5 مع أنه لو كان له عبادة لكانت قد حبطت بكفره وردته 5) [6] . وأعجب من ذلك قوله: "لا شك بين العلماء أنه كان يحمل العرش" (1) لا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (2) أ، ب: ما لا أصل له. (3) و: في نقل. وفي "لسان العرب" : "والجرزة" : الحزمة من القت ونحوه "." (4) ما بين النجمتين ساقط من (و) . (5) ب (فقط) : بخير قط ولا بعبادة. . . (6) (5 - 5) : ساقط من (و) . وحده ستة آلاف سنة "فيا سبحان الله! هل قال ذلك [1] أحد من علماء [2] المسلمين المقبولين عند المسلمين؟ وهل يتكلم بذلك إلا مفرط في الجهل؟ فإن هذا لا يعرف - لو كان حقا - إلا بنقل الأنبياء، وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء." ثم حمل واحد من الملائكة العرش [3] خلاف ما دل عليه النقل الصحيح [4] . [ثم ما باله حمل العرش وحده ستة آلاف سنة ولم يكن [5] يحمله وحده دائما؟] [6] ومن الذي نقل أن إبليس من حملة العرش؟ . وهذا من أكذب الكذب [7] ; فإن الله تعالى [8] يقول: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا} سورة غافر، [فأخبر أن له حملة لا واحدا، وأنهم كلهم مؤمنون مسبحون بحمد ربهم، مستغفرون للذين آمنوا] [9] . (1) أ، ب: هذا. (2) ر، ص: عالم ; هـ: عالم أحد. . . (3) ن، م: للعرش. (4) و: المنقولات الصحيحة. (5) ر، هـ: ثم ما باله حمله ستة آلاف سنة وحده ولم يكن ; ص: ثم ما باله ستة آلاف سنة وحده ولم يكن. (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) . (7) و: الحديث. (8) فإن الله تعالى: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: والله تعالى. (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وإذا قيل: هذا إخبار عن الحمل [المطلق] ، ليس [1] فيه أنه لم يزل له حملة. قيل: قد جاءت الآثار بأنه لم يزل له حملة، كحديث عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح [2] ، «أن الله تعالى لما خلق العرش أمر الملائكة بحمله. قالوا: ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله [3] ، فقالوها، فأطاقوا حمله» "[4] ." ويقال: رابعا: إن إبليس كفر، كما أخبر الله تعالى بقوله [5] : {إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين} سورة ص، فلو قدر أنه كان له عمل صالح حبط بكفره. كذلك غيره [6] إذا كفر حبط عمله، فأين تشبيه المؤمنين بهذا؟ ! . ويقال: خامسا: قوله: "إن معاوية لم يزل في الإشراك إلى أن أسلم" به يظهر الفرق فيما قصد به الجمع ; فإن معاوية أسلم بعد الكفر، وقد قال تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} سورة الأنفال، وتاب من شركه وأقام الصلاة وآتى الزكاة، وقد قال تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} سورة التوبة. وإبليس كفر بعد إيمانه فحبط إيمانه بكفره، وذاك حبط كفره (1) ن، م، و: إن هذا إخبار عن الحملة ليس. (2) ن، م: عن معاوية عن صالح. (3) ن: بالله العلي. (4) لم أجد هذا الحديث فيما بين يدي من مراجع. (5) أ، ب: كما قال تعالى. (6) ص: كذلك قوله. بإيمانه [1] ، فكيف يقاس من آمن بعد الكفر بمن كفر بعد الإيمان؟ ! [2] . ويقال: سادسا: قد ثبت إسلام معاوية - رضي الله عنه - والإسلام يجب ما قبله. فمن ادعى أنه ارتد بعد ذلك كان مدعيا دعوى بلا دليل لو لم يعلم كذب دعواه، فكيف إذا علم كذب دعواه، وأنه ما زال على الإسلام إلى أن مات، كما علم بقاء غيره على الإسلام؟ فالطريق الذي يعلم به [بقاء إسلام] [3] أكثر الناس من الصحابة وغيرهم، يعلم به بقاء إسلام معاوية - رضي الله عنه -. والمدعي لارتداد معاوية وعثمان وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهم - ليس هو أظهر حجة من المدعي لارتداد علي. فإن كان المدعي لارتداد علي كاذبا، فالمدعي لارتداد هؤلاء أظهر كذبا، لأن الحجة على بقاء إيمان هؤلاء أظهر، وشبهة [4] الخوارج أظهر من شبهة الروافض. ويقال: سابعا: هذه الدعوى إن كانت صحيحة، ففيها من القدح والغضاضة بعلي والحسن وغيرهما مالا يخفى. وذلك أنه كان مغلوبا [5] مع المرتدين، وكان الحسن قد سلم أمر المسلمين إلى المرتدين، وخالد بن الوليد قهر المرتدين، فيكون نصر الله لخالد على الكفار [6] (1) ن، م، و، ر، ص، هـ: وإبليس كفر فذاك حبط كفره بإيمانه، وإبليس حبط إيمانه بكفره. (2) أ، ب: بعد كفر بمن كفر بعد إيمان. (3) بقاء إسلام: ساقطة من (ن) وسقطت "بقاء" من (م) ، (و) . (4) ن، م: وشبه. (5) ن: معلوما، وهو تحريف. (6) أ، ب: على المرتدين. أعظم من نصره لعلي. والله سبحانه وتعالى عدل لا يظلم واحدا منهما، فيكون ما استحقه خالد من النصر أعظم مما استحقه علي، فيكون أفضل عند الله منه. [بل] [1] وكذلك جيوش أبي بكر وعمر وعثمان ونوابهم ; [فإنهم] [2] كانوا منصورين على الكفار، وعلي عاجز عن مقاومة المرتدين الذين هم من الكفار أيضا. فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} [آل عمران: 139] وقال تعالى: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم} [سورة محمد: 35] . وعلي - رضي الله عنه - دعا معاوية إلى السلم في آخر [3] الأمر، لما عجز عن دفعه عن بلاده، وطلب منه أن يبقى كل واحد [منهما] [4] على ما هو عليه. وقد قال تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} [سورة آل عمران: 139] فإن [5] كان أصحابه مؤمنين وأولئك مرتدين وجب أن يكونوا الأعلين، وهو خلاف الواقع. [ويقال ثامنا] [6] من قال: إن معاوية - رضي الله عنه - استكبر عن طاعة (1) بل: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) فإنهم: زيادة في (أ) ، (ب) . (3) ن، م: أواخر. (4) منهما: زيادة في (أ) ، (ب) . (5) ن، م، و: فإذا. (6) ويقال ثامنا: ساقطة من (ن) . الله في نصب [1] أمير المؤمنين، ولم قلت: إنه علم أن ولايته صحيحة، وأن طاعته واجبة عليه؟ . فإن الدليل على ثبوت ولايته ووجوب طاعته من المسائل المشتبهة التي لا تظهر إلا بعد بحث ونظر، بخلاف من أجمع الناس على طاعته. وبتقدير أن يكون علم ذلك، فليس كل من عصى يكون مستكبرا عن طاعة الله. والمعصية تصدر تارة عن شهوة، وتارة عن كبر، وهل يحكم على كل عاص بأنه مستكبر عن طاعة الله كاستكبار إبليس؟ ! . ويقال تاسعا: قوله: "وبايعه الكل بعد عثمان" . إن لم يكن هذا حجة فلا فائدة فيه، وإن كان حجة فمبايعتهم لعثمان كان اجتماعهم عليها أعظم. وأنتم لا ترون الممتنع عن طاعة عثمان كافرا، بل مؤمنا تقيا. ويقال عاشرا: اجتماع الناس على مبايعة أبي بكر كانت [على قولكم] [2] أكمل، وأنتم وغيركم تقولون: إن عليا تخلف عنها مدة. فيلزم [على قولكم] [3] أن يكون علي مستكبرا عن طاعة الله في نصب أبي بكر عليه إماما، فيلزم حينئذ كفر علي بمقتضى حجتكم، أو بطلانها في نفسها. وكفر علي باطل، فلزم [4] بطلانها. ويقال: حادي عشر قولكم: "بايعه الكل بعد عثمان" . من أظهر الكذب، فإن كثيرا من المسلمين: إما النصف، وإما أقل (1) نصب: كذا في (ص) ، (ب) . وفي سائر النسخ: نصر. (2) على قولكم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ) ، (ر) . (3) على قولكم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ) ، (ر) . (4) ن، م: فيلزم أن يكون. . أو أكثر لم يبايعوه، ولم يبايعه سعد بن أبي وقاص ولا ابن عمر ولا غيرهما. ويقال: ثاني عشر: قولكم: "إنه جلس مكانه" . كذب ; فإن معاوية لم يطلب الأمر لنفسه ابتداء، ولا ذهب إلى علي لينزعه عن [1] إمارته، ولكن امتنع هو وأصحابه عن [2] مبايعته، وبقي على ما كان عليه واليا على من كان واليا عليه [3] في زمن عمر وعثمان. ولما جرى حكم الحكمين إنما كان متوليا على رعيته فقط. فإن أريد بجلوسه في مكانه أنه استبد بالأمر دونه في تلك البلاد، فهذا صحيح، لكن معاوية - رضي الله عنه - يقول: إني لم أنازعه شيئا هو في يده، ولم يثبت عندي ما يوجب علي دخولي [4] في طاعته. وهذا الكلام سواء كان حقا أو باطلا لا يوجب كون صاحبه شرا من إبليس، ومن جعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرا من إبليس، فما أبقى غاية في الافتراء على الله ورسوله والمؤمنين، والعدوان على خير القرون [5] في مثل هذا المقام، والله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، والهوى إذا بلغ بصاحبه إلى هذا الحد فقد أخرج صاحبه عن ربقة العقل، فضلا عن العلم والدين، فنسأل الله العافية من كل بلية، وإن حقا على الله أن يذل أصحاب مثل هذا (1) أ، ب: من. (2) أ، ب: من. (3) (2 - 2) : ساقط من (ص) ، (ب) . وفي (ر) : على ما كان عليه. (4) و: دخولا. (5) ن، م: على خير الفرق ; هـ، و: على خيار القرون. الكلام [1] ، وينتصر لعباده المؤمنين - من أصحاب نبيه وغيرهم - من هؤلاء المفترين الظالمين [2] . [كلام الرافضي على يوم مقتل الحسين رضي الله عنه والرد عليه] (فصل) . قال الرافضي [3] : "وتمادى بعضهم في التعصب حتى اعتقد [4] إمامة يزيد بن معاوية مع ما صدر عنه [5] من الأفعال القبيحة من قتل الإمام الحسين ونهب أمواله وسبي نسائه ودورانهم [6] في البلاد على الجمال بغير قتب، ومولانا زين العابدين مغلول اليدين، ولم يقنعوا بقتله حتى رضوا أضلاعه وصدره بالخيول، وحملوا رءوسهم على القنا مع أن مشايخهم رووا [7] أن يوم قتل الحسين مطرت [8] السماء دما. وقد ذكر ذلك الرافعي في" شرح الوجيز "وذكر ابن سعد في" الطبقات "أن الحمرة ظهرت في السماء يوم قتل الحسين ولم تر [9] قبل ذلك. وقال أيضا: ما رفع حجر في الدنيا" (1) ص: مثل أصحاب مثل هذا الكلام ; ب: مثل أصحاب هذا الكلام. (2) و:. . وغيرهم منهم. (3) في (ك) ص [0 - 9] 16 (م) . (4) ك، ر: اعتقدوا. (5) أ، ب: منه. (6) ك: الدوران، وسائر النسخ: وذراريهم. (7) ص، ب: رأوا. (8) أ، ب: أمطرت ; ك: قطرت. (9) ك: منذ يوم قتل الحسين - عليه السلام - ولم ير.
__________________
|
#292
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (292) صـ 518 إلى صـ 526 إلا وتحته دم عبيط، ولقد مطرت [1] السماء مطرا بقي [2] أثره في الثياب [3] مدة حتى تقطعت. قال الزهري: ما بقي أحد من قاتلي [4] الحسين إلا وعوقب في الدنيا [5] : إما بالقتل وإما بالعمى [6] أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة. وكان [7] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر الوصية للمسلمين [8] في ولديه الحسن والحسين ويقول لهم: هؤلاء وديعتي [9] عندكم. وأنزل الله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} [سورة الشورى: 23] . والجواب: أما قوله: "وتمادى بعضهم في التعصب حتى اعتقد إمامة يزيد بن معاوية" . إن أراد بذلك أنه اعتقد أنه من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين [10] ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فهذا لم يعتقده أحد من علماء [11] المسلمين. (1) أ، ب: أمطرت، ك: وقد قطرت. (2) ك: أبقى (3) أ، و، ص، ر، هـ: النبات. (4) ب، ص: قتلة ; وفي (و) : ممن قاتل ; ن، م، ك: من قاتل. ولعل الصواب ما أثبته. (5) في الدنيا: ليست في (ك) ز (6) ك: أو العمى. (7) ك: وقد كان. (8) ن، م: بالمسلمين. (9) وديعتي: كذا في: (ب) ، (ك) ، وفي سائر النسخ: ولدي. (10) ب، ص: المهتدين. (11) ب: العلماء وإن اعتقد مثل هذا بعض الجهال، كما يحكى عن بعض الجهال من الأكراد [1] ونحوهم أنه يعتقد أن يزيد من الصحابة، وعن بعضهم أنه من الأنبياء [2] ، وبعضهم يعتقد أنه من الخلفاء الراشدين [المهديين] [3] ، فهؤلاء ليسوا من أهل العلم الذين يحكى قولهم. وهم مع هذا الجهل خير من جهال الشيعة وملاحدتهم الذين يعتقدون إلهية علي أو نبوته، أو يعتقدون أن باطن الشريعة يناقض [4] ظاهرها، كما تقوله الإسماعيلية [5] والنصيرية وغيرهم من أنه يسقط عن خواصهم الصوم والصلاة والحج والزكاة، وينكرون المعاد، بل غلاتهم يجحدون الصانع، وهم يعتقدون في محمد بن إسماعيل أنه أفضل من محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وأنه نسخ شريعته، ويعتقدون في أئمتهم، كالذي يسمونه المهدي وأولاده، مثل المعز والحاكم وأمثالهم: أنهم أئمة معصومون. فلا ريب أن من اعتقد عصمة خلفاء بني أمية وبني العباس كلهم كان خيرا من هؤلاء من وجوه كثيرة ; فإن خلفاء بني أمية وبني العباس مسلمون ظاهرا وباطنا، وذنوبهم من جنس ذنوب المسلمين، ليسوا كفارا منافقين. وهؤلاء الباطنية هم في الباطن أكفر من اليهود والنصارى. فمن اعتقد عصمة هؤلاء كان أعظم جهلا وضلالا ممن اعتقد عصمة خلفاء بني أمية (1) ن، م: بعض جهال الأكراد. (2) (ن) فقط: من الأنصار. (3) المهديين: ساقطة من: (ن) ، (م) . (4) أ، ب: يخالف. (5) أ، ب: كما تقوله ملاحدة الإسماعيلية. وبني العباس، بل ولو اعتقد معتقد عصمة سائر ملوك المسلمين، الذين هم مسلمون ظاهرا وباطنا، لكان خيرا ممن اعتقد عصمة هؤلاء. فقد تبين أن الجهل الذي يوجد فيمن هو من أجهل أهل السنة، يوجد في الشيعة من الجهل ما هو أعظم [منه] [1] ، لا سيما وجهل أولئك أصله جهل نفاق وزندقة لا جهل تأويل وبدعة. وهؤلاء أصل جهلهم لم يكن جهل نفاق وزندقة، بل جهل بدعة وتأويل وقلة علم بالشريعة. ولهذا إذا تبين لهؤلاء حقيقة ما بعث الله به [محمدا] [2] رسوله رجعوا عن جهلهم وبدعتهم. وأما أئمة الملاحدة فيعلمون في الباطن أن ما يقولونه مناقض لما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم يخالفونه لاعتقادهم أنه وضع ناموسا بعقله وفضيلته، فيجوز لنا أن نضع ناموسا كما وضع ناموسا، إذ كانت النبوة عندهم مكتسبة، وهي [عندهم] [3] من جنس فضيلة العلماء العباد، والشرائع من جنس سياسة الملوك العادية، فيجوزون أن تنسخ شريعته بشريعة يضعها الواحد من أئمتهم، ويقولون: إن الشريعة إنما هي للعامة، فأما الخاصة إذا علموا باطنها فإنه تسقط عنهم الواجبات وتباح لهم المحظورات. وهؤلاء ونحوهم أكثر من اليهود والنصارى، بل إذا قدر قوم يعتقدون عصمة الواحد من بني أمية أو بني العباس، أو أنه لا ذنوب لهم، أو أن الله (1) منه: ساقطة من (ن) فقط. (2) محمدا: ليست في (ن) ، (م) . (3) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . 1 - لا يؤاخذهم بذنوبهم، كما يحكى عن بعض أتباع بني أمية أنهم كانوا يقولون: إن الخليفة يتقبل الله منه الحسنات ويتجاوز له عن السيئات ; فهؤلاء مع ضلالهم أقل ضلالا ممن يقول بإمامة المنتظر والعسكريين ونحوهم. ويقولون: إنهم معصومون، فإن هؤلاء اعتقدوا [1] العصمة والإمامة في معدوم أو فيمن [ليس] [2] له سلطان ينتفعون به ولا عنده من العلم والدين أكثر مما عند كثير من عامة المسلمين، وأولئك اعتقدوا أن الإمام له حسنات [3] كثيرة تغمر سيئاته. وهذا ممكن في الجملة، فإنه يمكن أن يكون للمسلم حسنات تغمر سيئاته، وإن كان ذلك لا يشهد به لمعين إلا بما يدل على التعيين. أما كون واحد ممن يوجد في المسلمين من هو أعلم منه وأدين معصوما عن الخطأ فهذا باطل قطعا ; بل دعوى العصمة فيمن سوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعوى باطلة قطعا، فتبين أن أولئك مع جهالتهم [4] هم أقرب إلى الحق وأقل جهلا من هؤلاء الروافض [5] ، وأن من اعتقد أن يزيد من الصحابة أو الأنبياء لم يكن جهله وضلاله أعظم من جهل وضلال من اعتقد الإلهية والنبوة في شيوخ الشيعة، لا سيما شيوخ الإسماعيلية والنصيرية، الذين هم أكفر من اليهود والنصارى، وأتباعهم يعتقدون فيهم الإلهية. (1) (ن) فقط: إن اعتقدوا. (2) ليس: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) أ، ب: أن للإمام حسنات. (4) مع جهالتهم: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: مع جهل فيهم. (5) أ، ب: الرافضة. وأما علماء أهل [1] السنة الذين لهم قول [يحكى] [2] فليس فيهم من يعتقد أن يزيد وأمثاله من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين [3] ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - بل أهل السنة يقولون بالحديث الذي في السنن: "«خلافة النبوة [4] ثلاثون سنة ثم تصير ملكا»" [5] . وإن أراد باعتقادهم [6] إمامة يزيد، أنهم يعتقدون أنه كان [7] ملك جمهور المسلمين وخليفتهم في زمانه [8] صاحب السيف، كما كان أمثاله من خلفاء بني أمية وبني العباس، فهذا أمر معلوم لكل أحد، ومن نازع في هذا كان مكابرا ; فإن يزيد بويع بعد موت أبيه معاوية، وصار متوليا على أهل الشام ومصر والعراق وخراسان وغير ذلك من بلاد المسلمين. والحسين - رضي الله عنه - استشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وهي أول سنة في ملك يزيد. والحسين استشهد قبل أن يتولى على شيء من البلاد. ثم إن ابن الزبير لما [9] جرى بينه وبين يزيد ما جرى من الفتنة، واتبعه من اتبعه من أهل مكة والحجاز وغيرهما، وكان إظهاره طلب الأمر لنفسه [10] بعد (1) أهل: زيادة في (ر) ، (ص) ، (هـ) . (2) يحكى: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (3) ص، ب: المهتدين. (4) ب (فقط) : بالنبوة، وهو تحريف. (5) مضى هذا الحديث من قبل 1/515. (6) ب (فقط) : اعتقادهم. (7) كان: ساقطة من (ص) ، (ب) . (8) ص، ب: زمانهم. (9) لما: ساقطة من (ب) فقط. (10) ص: وكان من إظهاره طلب إمره لنفسه ; ر: وكان إظهاره طلب إمره لنفسه. موت يزيد، فإنه حينئذ تسمى بأمير المؤمنين، وبايعه عامة أهل الأمصار إلا أهل الشام. ولهذا إنما تعد ولايته من بعد موت يزيد، وأما في حياة يزيد فإنه امتنع عن مبايعته أولا، ثم بذل المبايعة له، فلم يرض يزيد إلا بأن يأتيه أسيرا، فجرت بينهما فتنة، وأرسل إليه يزيد من حاصره بمكة، فمات يزيد وهو محصور، فلما مات يزيد بايع ابن الزبير طائفة من أهل الشام والعراق وغيرهم. وتولى بعد يزيد ابنه معاوية بن يزيد [1] ولم تطل أيامه [2] ، بل أقام أربعين يوما أو نحوها، وكان فيه صلاح وزهد، ولم يستخلف أحدا، فتأمر بعده مروان [بن الحكم] [3] على الشام، ولم تطل أيامه [4] ، ثم تأمر بعده ابنه عبد الملك، وسار إلى مصعب بن الزبير نائب أخيه على العراق، فقتله حتى ملك العراق، وأرسل الحجاج إلى ابن الزبير [فحاصره] [5] وقاتله، حتى قتل ابن الزبير، واستوثق الأمر لعبد الملك، ثم لأولاده من بعده، وفتح في أيامه بخارى وغيرها من بلاد ما وراء النهر، فتحها قتيبة بن مسلم نائب الحجاج بن يوسف الذي كان نائب عبد الملك بن مروان على العراق، مع ما كان فيه من الظلم، وقاتل المسلمون ملك الترك خاقان وهزموه وأسروا أولاده، وفتحوا أيضا بلاد السند، وفتحوا أيضا بلاد الأندلس، وغزوا القسطنطينية وحاصروها مدة، وكانت لهم الغزوات الشاتية [6] والصائفة. (1) بن يزيد: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) ن: إمامته ; م: مدته. (3) بن الحكم: ليست في (أ) ، (ن) ، (م) ، (و) . (4) أ، ب: فلم تطل مدته. (5) فحاصره: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ن، م: العراق الشاتية. . .، وهو تحريف. ثم لما انتقل الأمر إلى بني العباس [1] تولوا على بلاد العراق والشام ومصر والحجاز واليمن وخراسان وغيرهما مما كان قد تولى عليه بنو أمية، إلا بلاد المغرب، فإن الأندلس تولى عليه بنو أمية، وبلاد القيروان كانت دولة بين هؤلاء وهؤلاء. فيزيد في ولايته هو واحد من هؤلاء الملوك، ملوك المسلمين المستخلفين في الأرض، ولكنه مات وابن الزبير ومن بايعه بمكة خارجون عن طاعته، لم يتول على جميع بلاد المسلمين، كما أن ولد العباس لم يتولوا على جميع بلاد المسلمين، بخلاف عبد الملك وأولاده فإنهم تولوا على جميع بلاد المسلمين، وكذلك الخلفاء الثلاثة ومعاوية تولوا على جميع بلاد المسلمين، وعلي - رضي الله عنه - لم يتول على جميع بلاد المسلمين. فكون الواحد من هؤلاء إماما، بمعنى أنه كان له سلطان ومعه السيف يولي ويعزل، ويعطي ويحرم، ويحكم وينفذ [2] ، ويقيم الحدود ويجاهد الكفار، ويقسم الأموال - أمر مشهور [3] متواتر لا يمكن جحده. وهذا معنى كونه إماما وخليفة وسلطانا، كما أن إمام الصلاة هو الذي يصلي بالناس. فإذا رأينا رجلا يصلي بالناس كان القول بأنه إمام أمرا مشهودا محسوسا لا يمكن المكابرة فيه. وأما كونه برا أو فاجرا، أو مطيعا أو عاصيا، فذاك أمر آخر. (1) بني العباس: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: ولد العباس. (2) ص: وينفي. (3) ر، ص، هـ: مشهود فأهل السنة إذا اعتقدوا إمامة الواحد من هؤلاء: يزيد، أو عبد الملك، أو المنصور، أو غيرهم - كان بهذا الاعتبار. ومن نازع في هذا فهو شبيه بمن نازع في ولاية أبي بكر وعمر وعثمان، وفي ملك كسرى وقيصر والنجاشي وغيرهم من الملوك. وأما كون الواحد من هؤلاء معصوما، فليس هذا اعتقاد أحد من علماء المسلمين [1] ، وكذلك كونه عادلا في كل أموره، مطيعا لله في جميع أفعاله، ليس هذا اعتقاد أحد [2] من أئمة المسلمين. وكذلك وجوب طاعته في كل ما يأمر به، وإن كان معصية لله، ليس هو اعتقاد أحد من أئمة المسلمين. ولكن مذهب أهل السنة والجماعة أن هؤلاء يشاركون فيما يحتاج إليهم فيه من طاعة الله، فتصلى خلفهم الجمعة والعيدان [3] وغيرهما من الصلوات التي يقيمونها هم، لأنها لو لم تصل خلفهم أفضى إلى تعطيلها، ونجاهد معهم الكفار، ونحج معهم البيت العتيق، ويستعان بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود، فإن الإنسان لو قدر أنه حج [4] في رفقة لهم ذنوب وقد جاءوا يحجون، لم يضره هذا شيئا، وكذلك الغزو وغيره من الأعمال الصالحة، إذا فعلها البر وشاركه في ذلك الفاجر لم يضره ذلك شيئا، فكيف إذا لم يمكن فعلها [5] إلا على هذا الوجه، فكيف إذا كان (1) أ، ب: من العلماء. (2) ص: واحد. (3) ب: فنصلي خلفهم الجمعة والعيدين ; أ: فيصلي خلفهم الجمعة والعيدين. (4) أ، ب: أن يحج. (5) ن، أ، ب، و، ر: لم يكن فعلها. الوالي الذي يفعلها فيه معصية؟ ! ويستعان بهم أيضا في العدل في الحكم والقسم ; فإنه لا يمكن عاقل [1] أن ينازع في أنهم كثيرا ما يعدلون في حكمهم وقسمهم، ويعاونون على البر والتقوى، ولا يعاونون على الإثم والعدوان. وللناس نزاع في تفاصيل تتعلق بهذه الجملة ليس هذا موضعها، مثل إنفاذ حكم الحاكم الفاسق إذا كان الحكم عدلا، ومثل الصلاة خلف الفاسق هل تعاد أم لا؟ والصواب [2] الجامع في هذا الباب أن من حكم بعدل أو قسم بعدل نفذ حكمه وقسمه [3] ، ومن أمر بمعروف أو نهى عن منكر أعين على ذلك، إذا لم يكن في ذلك مفسدة راجحة، وأنه لا بد من إقامة الجمعة والجماعة، فإن أمكن تولية إمام [بر] لم [يجز] تولية فاجر ولا مبتدع [4] يظهر بدعته، فإن هؤلاء يجب الإنكار عليهم بحسب الإمكان ولا يجوز [5] توليتهم، فإن لم يمكن إلا تولية أحد رجلين كلاهما فيه بدعة وفجور، كان تولية أصلحهما ولاية هو الواجب. وإذا لم يمكن في الغزو إلا تأمير أحد رجلين: أحدهما فيه دين وضعف عن الجهاد، والآخر فيه منفعة في الجهاد مع ذنوب له، كان تولية هذا الذي ولايته أنفع للمسلمين، خيرا من تولية من ولايته أضر على المسلمين. وإذا لم يمكن صلاة الجمعة (1) في كل النسخ: عاقلا. (2) ن، م: والجواب. (3) أ، ب: وقسمته. (4) ن، م: فإن أمكن تولية إمام لم يول مبتدع ولا فاجر. (5) ن، و: فلا يجوز.
__________________
|
#293
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (293) صـ 527 إلى صـ 535 والجماعة وغيرهما إلا خلف الفاجر والمبتدع صليت خلفه ولم تعد، وإن أمكن الصلاة خلف غيره [1] ، وكان في ترك الصلاة خلفه هجر له، ليرتدع هو وأمثاله به عن البدعة والفجور، فعل ذلك. وإن لم يكن في ترك الصلاة خلفه مصلحة دينية صلي خلفه، وليس على أحد أن يصلي الصلاة مرتين. ففي الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان، كما قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»" [2] ، ويعلمون أن الله تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بصلاح العباد في المعاش والمعاد، وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله، وإن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه. فإن الله تعالى بعث رسوله - صلى الله عليه وسلم - بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها. فإذا تولى خليفة من الخلفاء، كيزيد وعبد الملك والمنصور وغيرهم، * فإما أن يقال: يجب منعه من الولاية وقتاله حتى يولى [3] غيره * [4] كما يفعله من يرى السيف، فهذا رأي فاسد، فإن مفسدة هذا [5] أعظم من مصلحته. وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان (1) ن، م: غيرهم. (2) سبق هذا الحديث 1/551. (3) ن، م: يتولى. (4) ما بين النجمتين ساقط من (و) . (5) أ، ب، هـ، ر، ص: فإن مفسدته. ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير. كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه [1] بخراسان، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان [أيضا] [2] ، وكالذين [3] خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة، وأمثال هؤلاء. وغاية هؤلاء إما أن يغلبوا وإما أن يغلبوا، ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة ; فإن عبد الله بن علي وأبا مسلم هما اللذان [4] قتلا خلقا كثيرا، وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور. وأما أهل الحرة وابن الأشعث وابن المهلب وغيرهم [5] فهزموا وهزم أصحابهم، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا. والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا، وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله [6] المتقين ومن أهل الجنة، فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه [7] من القتال، وهم أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم. وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق. وكذلك (1) أ، ب، و، هـ، ص: أبيه. (2) أيضا: زيادة في (أ) ، (ب) . (3) ن، م: والذين. (4) ن: هم الذين ; م هما الذين، وما أثبته من (و) ، وسقطت هذه العبارة من سائر النسخ. (5) وغيرهم: زيادة في (ن) ، (م) ، (و) . (6) أ، ب: عباد الله. (7) أ، و: لم يحمدوا على ما فعلوه. أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم والدين، والله يغفر لهم [كلهم] [1] . وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث: أين كنت يا عامر؟ قال: كنت حيث يقول الشاعر عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير. أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء. وكان الحسن البصري يقول: إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإن الله تعالى يقول: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون} [سورة المؤمنون: 76] وكان طلق بن حبيب يقول: اتقوا الفتنة بالتقوى. فقيل له: أجمل لنا التقوى. فقال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو رحمة الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله. رواه أحمد وابن أبي الدنيا. وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث. ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور (1) كلهم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) . الأئمة وترك قتالهم، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين. وباب قتال أهل البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في الفتنة، وليس هذا موضع بسطه. ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب واعتبر أيضا اعتبار أولي الأبصار، علم أن الذي جاءت به النصوص النبوية خير الأمور. ولهذا لما أراد الحسين - رضي الله عنه - أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتبا كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين، كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن لا يخرج، وغلب على ظنهم أنه يقتل، حتى إن بعضهم قال: أستودعك الله من قتيل. وقال بعضهم: لولا الشفاعة لأمسكتك ومنعتك من الخروج. وهم في ذلك قاصدون نصيحته طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين. والله ورسوله إنما يأمر بالصلاح لا بالفساد، لكن الرأي يصيب تارة ويخطئ أخرى. فتبين أن الأمر على ما قاله أولئك، ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا [1] ، بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قتلوه مظلوما شهيدا، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل [2] لو قعد في بلده، فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء، بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص (1) أ، ب: إذا لم يكن في الخروج مصلحة لا في دين ولا في دنيا. (2) أ، ب، و: يحصل. الخير بذلك، وصار ذلك [1] سببا لشر عظيم. وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن، كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن. وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد. ولهذا أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على الحسن بقوله: "«إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»" [2] ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة. وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة في الصحيح كلها تدل على هذا. كما في صحيح البخاري من حديث الحسن البصري: سمعت أبا بكرة - رضي الله عنه - قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»" . فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه سيد، وحقق ما أشار إليه من أن الله يصلح به بين فئتين [عظيمتين] [3] من المسلمين. وهذا يبين أن الإصلاح بين الطائفتين كان محبوبا [4] ممدوحا يحبه الله (1) ذلك ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) سبق هذا الحديث في هذا الكتاب: 1/539 540. (3) عظيمتين: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) محبوبا: في (ن) ، (م) ، (و) فقط. ورسوله، وأن ما فعله الحسن من ذلك كان من أعظم فضائله ومناقبه التي أثنى بها عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولو كان القتال واجبا أو مستحبا لم يثن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أحد [1] بترك واجب أو مستحب. ولهذا لم يثن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أحد [2] بما جرى من القتال يوم الجمل وصفين فضلا عما جرى في المدينة يوم الحرة، وما جرى بمكة في حصار ابن الزبير، وما جرى في فتنة ابن الأشعث وابن المهلب وغير ذلك من الفتن. ولكن تواتر عنه أنه أمر بقتال الخوارج المارقين الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالنهروان بعد خروجهم عليه بحروراء ; فهؤلاء استفاضت السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بقتالهم، ولما قاتلهم علي - رضي الله عنه - فرح بقتالهم، وروى الحديث فيهم. واتفق الصحابة على قتال هؤلاء، وكذلك أئمة أهل العلم بعدهم لم يكن هذا القتال [عندهم] [3] كقتال أهل الجمل وصفين وغيرهما مما لم يأت فيه نص ولا إجماع، ولا حمده أفاضل الداخلين فيه، بل ندموا عليه ورجعوا عنه. وهذا الحديث من أعلام نبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث ذكر في الحسن ما ذكره، وحمد منه ما حمده، [فكان ما ذكره وما حمده] [4] مطابقا للحق الواقع بعد أكثر من ثلاثين سنة ; فإن إصلاح الله بالحسن بين الفئتين (1) على أحد: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) (3) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) ز (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . كان سنة إحدى وأربعين من الهجرة، وكان علي - رضي الله عنه - استشهد في رمضان سنة أربعين، والحسن حين مات النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عمره نحو سبع سنين، فإنه ولد عام ثلاث من الهجرة، وأبو بكرة أسلم عام الطائف، تدلى ببكرة فقيل له أبو بكرة [1] . والطائف كانت بعد فتح مكة. فهذا الحديث الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحسن كان بعد ما مضى ثمان من الهجرة، وكان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثين سنة التي هي خلافة النبوة، فلا بد أن يكون قد مضى له أكثر من ثلاثين سنه، فإنه قاله قبل موته - صلى الله عليه وسلم -. ومما يناسب هذا ما ثبت في الصحيح [2] من حديث سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي «عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأخذه والحسن ويقول: "اللهم إني أحبهما فأحبهما»" [3] . ففي هذا الحديث جمعه بين الحسن وأسامة - رضي الله عنهما - وإخباره بأنه يحبهما [ودعاؤه الله أن يحبهما] [4] . وحبه - صلى الله عليه وسلم - لهذين [5] مستفيض عنه في أحاديث صحيحة، كما في الصحيحين من حديث شعبة، عن عدي بن ثابت قال: سمعت البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال [6] : «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) في الإصابة 3/542 أن اسمه نفيع بن الحارث، ويقال ابن مسروح. قال ابن حجر: "وكان تدلى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من حصن الطائف ببكرة فاشتهر بأبي بكرة" . (2) ن، م: ولا يناسب هذا ما في الصحيح. (3) سبق هذا الحديث في هذا الجزء ص 39. (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) . (5) ن: لهذا ; م: لهما. (6) أ، ب: يقول. والحسن [بن علي] [1] على عاتقه [وهو] [2] يقول: "اللهم إني أحبه فأحبه»" [3] . وفي الصحيحين عن الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها: «أن قريشا أهمهم [شأن] [4] المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ [قالوا] [5] : ومن يجترئ عليه إلا أسامة [6] بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» ؟ [7] وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن دينار قال: نظر ابن عمر يوما وهو في المسجد إلى رجل يسحب ثيابه في ناحية من المسجد، فقال: انظر من هذا؟ ليت هذا (1) بن علي: زيادة في (أ) ، (ب) . (2) وهو: ليست في (ن) ، (م) ، (و) . (3) سبق الحديث بمعناه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - فيما مضى 4/48. وأما الحديث بهذا اللفظ عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - فهو في: البخاري 5/26 (كتاب فضائل أصحاب النبي. . .، باب مناقب الحسن والحسين) ; مسلم 4/1883 (( كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل الحسن والحسين. . .) ; سنن الترمذي 5/327 (كتاب المناقب، باب مناقب أبي محمد الحسن. .) ; المسند (ط. الحلبي) 4/283 284 ; فضائل الصحابة 2/768، 781. (4) شأن: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) قالوا: زيادة في (أ) ، (ب) . (6) و: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أسامة. . (7) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - وجاء في البخاري في ثلاثة مواضع: 5/23 (كتاب فضائل أصحاب النبي. . ; باب ذكر أسامة بن زيد) ; 4/175 (كتاب الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان. . . .) ، 8/160 (كتاب الحدود، باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع) ; مسلم 3/1315 1316 (كتاب الحدود باب قطع السارق الشريف وغيره. .) ; سنن أبي داود 4/188 (كتاب الحدود، باب في الحد يشفع فيه) . وجاء الحديث في سنن الترمذي وابن ماجه والنسائي والدارمي ومسند أحمد. عندي! قال له إنسان: أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن؟ هذا محمد بن أسامة. قال: فطأطأ ابن عمر - رضي الله عنه - رأسه، ونقر بيديه [1] على الأرض، وقال: لو رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبه [2] . وهذان اللذان جمع بينهما في محبته، ودعا الله لهما بالمحبة، وكان يعرف حبه لكل [واحد] [3] منهما منفردا، لم يكن رأيهما القتال في تلك الحروب، بل أسامة قعد عن القتال يوم صفين: لم يقاتل مع هؤلاء ولا [مع] هؤلاء [4] . وكذلك الحسن كان دائما [5] يشير على أبيه وأخيه بترك القتال، ولما صار الأمر إليه ترك القتال، وأصلح الله به بين الطائفتين المقتتلتين. وعلي - رضي الله عنه - في آخر الأمر تبين له أن المصلحة في ترك القتال أعظم منها في فعله. وكذلك الحسين - رضي الله عنه - لم يقتل إلا مظلوما شهيدا، تاركا لطلب الإمارة [6] ، طالبا للرجوع: إما إلى بلده، أو إلى الثغر [7] ، أو إلى المتولي على الناس يزيد. (1) بيديه: كذا في (ن) ، (م) ، (و) ، البخاري. وفي سائر النسخ: بيده. (2) هذا الأثر في البخاري 5/24 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - باب ذكر أسامة بن زيد) . (3) واحد: زيادة في (أ) ، (ب) . (4) ن، م: ولا هؤلاء. (5) أ، ب: دائما كان. وسقطت "دائما" من (ص) . (6) ن، م، و: تاركا للقتال. (7) ن، م: وإما إلى الثغر.
__________________
|
#294
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (294) صـ 536 إلى صـ 544 وإذا قال القائل: إن عليا والحسين إنما تركا القتال [في آخر الأمر] [1] للعجز، لأنه لم يكن لهما أنصار [2] ، فكان في المقاتلة قتل النفوس بلا حصول المصلحة المطلوبة. قيل له: وهذا بعينه هو الحكمة التي راعاها الشارع - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن الخروج على الأمراء، وندب إلى ترك القتال في الفتنة، وإن كان الفاعلون لذلك يرون أن مقصودهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كالذين خرجوا بالحرة وبدير الجماجم على يزيد والحجاج وغيرهما. لكن إذا لم يزل المنكر إلا بما هو أنكر منه، صار [3] إزالته على هذا الوجه منكرا، وإذا لم يحصل المعروف إلا بمنكر مفسدته أعظم من مصلحة ذلك المعروف، كان تحصيل ذلك المعروف على هذا الوجه منكرا. وبهذا الوجه صارت الخوارج تستحل السيف [4] على أهل القبلة، حتى قاتلت عليا وغيره من المسلمين. وكذلك من وافقهم في الخروج على الأئمة بالسيف [في الجملة] [5] من المعتزلة والزيدية والفقهاء وغيرهم، كالذين خرجوا مع محمد بن عبد الله بن حسن بن حسين، وأخيه إبراهيم بن عبد الله [بن حسن بن حسين] [6] وغير هؤلاء، فإن أهل الديانة من هؤلاء يقصدون تحصيل ما يرونه دينا. (1) في آخر الأمر: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (2) ن: أبصار، وهو تحريف. (3) ب: صارت ; ن: فصار. (4) أ، ب: يستحلون السيف ; ص: تستحل سل السيف. (5) في الجملة: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. لكن قد يخطئون من وجهين: أحدهما: أن يكون ما رأوه دينا ليس بدين [1] ، كرأي الخوارج وغيرهم من أهل الأهواء ; فإنهم يعتقدون رأيا هو خطأ وبدعة، ويقاتلون الناس عليه، بل يكفرون من خالفهم، فيصيرون مخطئين في رأيهم، وفي قتال [2] من خالفهم أو تكفيرهم ولعنهم. وهذه حال [3] عامة أهل الأهواء، كالجهمية الذين يدعون الناس إلى إنكار حقيقة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى [4] ، ويقولون: إنه ليس له كلام إلا ما خلقه في غيره، وإنه لا يرى، ونحو ذلك. وامتحنوا الناس لما مال إليهم بعض ولاة الأمور، فصاروا يعاقبون من خالفهم في رأيهم: إما بالقتل، وإما بالحبس، وإما بالعزل ومنع الرزق. وكذلك قد [5] فعلت الجهمية ذلك [6] غير مرة، والله ينصر عباده المؤمنين عليهم. والرافضة شر منهم: إذا تمكنوا فإنهم يوالون الكفار وينصرونهم، ويعادون من المسلمين كل من لم يوافقهم على رأيهم. وكذلك من فيه نوع من البدع: إما من بدع الحلولية: حلولية الذات أو الصفات، وإما من بدع النفاة أو الغلو في الإثبات، وإما [من] [7] بدع القدرية أو الإرجاء (1) ن: وليس بدين، وهو تحريف. (2) ن، م، و: وفي قتالهم. (3) ص، ب: حالة. (4) أ، ب: العليا. (5) قد: في (ن) ، (و) فقط. (6) ن، م: وذلك. (7) من: ساقطة من (ن) ، (و) ، (ر) ، (ص) ، (هـ) . أو غير ذلك - تجده يعتقد اعتقادات فاسدة، ويكفر من خالفه أو يلعنه. والخوارج المارقون أئمة هؤلاء في تكفير أهل السنة والجماعة وفي قتالهم. الوجه الثاني: من يقاتل [1] على اعتقاد رأي يدعو إليه مخالف للسنة والجماعة، كأهل الجمل وصفين والحرة والجماجم وغيرهم، لكن يظن أنه بالقتال تحصل المصلحة المطلوبة، فلا يحصل بالقتال ذلك، بل تعظم المفسدة أكثر مما كانت، فيتبين لهم في آخر الأمر ما كان الشارع دل عليه من أول الأمر. وفيهم من لم تبلغه نصوص الشارع، أو لم تثبت عنده. وفيهم من يظنها منسوخة كابن حزم. وفيهم من يتأولها كما يجري لكثير من المجتهدين في كثير من النصوص. فإن بهذه الوجوه [الثلاثة] [2] يترك من يترك [3] من أهل الاستدلال العمل ببعض النصوص ; إما أن لا يعتقد ثبوتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما أن يعتقدها غير دالة على مورد الاستدلال، وإما أن يعتقدها منسوخة. ومما ينبغي أن يعلم أن أسباب هذه الفتن تكون مشتركة، فيرد على القلوب من الواردات ما يمنع القلوب عن معرفة الحق وقصده. ولهذا تكون بمنزلة الجاهلية، والجاهلية ليس فيها معرفة الحق ولا قصده، والإسلام جاء بالعلم النافع والعمل الصالح، بمعرفة الحق وقصده. فيتفق أن بعض (1) من يقاتل: كذا في (ص) ، (ب) وهو الصواب. وفي سائر النسخ: من لا يقاتل. (2) الثلاثة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (3) أ: بترك من ترك ; ب: ترك من ترك. الولاة يظلم باستئثار [1] فلا تصبر النفوس على ظلمه، ولا يمكنها دفع ظلمه إلا بما هو أعظم فسادا منه. ولكن لأجل محبة الإنسان لأخذ حقه ودفع الظلم عنه، لا ينظر في الفساد العام الذي يتولد عن فعله. ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض»" [2] . وفي الصحيح من حديث أنس بن مالك وأسيد بن حضير - رضي الله عنهما - «أن رجلا من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ قال: "ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض»" [3] . وفي رواية [للبخاري] [4] عن يحيى بن سعيد الأنصاري سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد قال: «دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين، فقالوا: لا إلا أن تقطع لإخواننا من (1) هذا باستئثاره. (2) سبق هذا الحديث مختصرا في هذا الجزء، ص 240. وهو بهذا اللفظ في البخاري 5/33 ; مسلم 3/1474. وانظر ما سبق. (3) سبق الحديث مختصرا في هذا الجزء ص 240 وتكرر بهذا اللفظ ص 257. وهو بهذا اللفظ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - بلفظ "إنكم ستلقون بعدي. . .) وعن أنس بن مالك عن أسيد بن حضير - رضي الله عنهما - بلفظ:" ستلقون بعدي. .) في البخاري 5/33 (كتاب مناقب الأنصار، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: اصبروا حتى تلقوني على الحوض) . وجاءت الرواية الأولى عن أسيد بن حضير في مسلم 3/1474 (كتاب الإمارة، باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم) . وجاء الحديث بألفاظ مقاربة عن أنس بن مالك في المسند (ط. الحلبي) 3/166، 171. (4) للبخاري: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . المهاجرين مثلها. فقال: "أما لا، فاصبروا حتى تلقوني [على الحوض] [1] فإنه ستصيبكم أثرة بعدي»" [2] . وكذلك ثبت عنه في الصحيح أنه قال: "«على المرء المسلم السمع والطاعة في يسره وعسره، ومنشطه ومكرهه، وأثرة عليه»" [3] . وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [4] عن عبادة قال: "«بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة: في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم»" [5] . فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بأن يصبروا على الاستئثار عليهم، وأن يطيعوا ولاة [أمورهم وإن استأثروا عليهم، وأن لا ينازعوهم الأمر. وكثير ممن خرج على ولاة] [6] الأمور أو أكثرهم إنما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه، ولم يصبروا [7] على الاستئثار. ثم إنه يكون لولي الأمر ذنوب أخرى، فيبقى بغضه لاستئثاره يعظم [8] تلك السيئات، ويبقى (1) على الحوض: في (أ) ، (ب) فقط. (2) هذه الرواية في: البخاري 5/33 34 (الموضع السابق) . (3) سبق هذا الحديث فيما مضى 1/564. (4) عبارة "عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" ساقطة من (ر) ، (ص) ، (ب) . (5) سبق هذا الحديث فيما مضى 1/118. (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) ، (أ) . (7) ن، م، و، أ: ولم يصبر (8) ص، ب: يغطي. المقاتل له ظانا أنه يقاتله لئلا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ومن أعظم ما حركه عليه [1] طلب غرضه: إما ولاية، وإما مال [2] . كما قال تعالى: {فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون} [سورة التوبة: 58] وفي الصحيح [3] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء يمنعه من [4] ابن السبيل، يقول الله له [يوم القيامة] [5] : اليوم أمنعك فضلي [6] كما منعت فضل ما لم تعمل يداك. ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا: إن أعطاه منها رضي: وإن منعه سخط. ورجل حلف على سلعة بعد العصر كاذبا: لقد أعطى بها أكثر مما أعطى»" [7] . فإذا اتفق من هذه الجهة شبهة وشهوة، ومن هذه الجهة شهوة وشبهة قامت الفتنة. والشارع أمر كل إنسان بما هو المصلحة له وللمسلمين، فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم، حتى قال: "«ما من راع يسترعيه الله" (1) و: جرى عليه. (2) ص، ب: وإما مالا. (3) ص: وفي الصحيحين. (4) من: ليست في (أ) ، (ر) ، (ب) . (5) يوم القيامة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ) ، (أ) . (6) و: أمنعك من فضلي. (7) سبق هذا الحديث في هذا الجزء ص 412. رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه رائحة الجنة» "[1] ." وأمر الرعية بالطاعة والنصح، كما ثبت في الحديث [2] الصحيح: "«الدين النصيحة" - ثلاثا - قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»" [3] . وأمر بالصبر على استئثارهم، ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم الأمر مع ظلمهم، لأن الفساد الناشئ من القتال في الفتنة، أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر [4] ، فلا يزال أخف الفسادين بأعظمهما. ومن تدبر الكتاب والسنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتبر ذلك بما يجده في [5] نفسه وفي الآفاق علم تحقيق قول الله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [سورة فصلت: 53] . (1) الحديث عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - في: البخاري 9/64 (كتاب الأحكام، باب من استرعي رعية فلم ينصح) ; مسلم 1/125 (كتاب الإيمان، باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار) ، 3/1460 (كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل) ; سنن الدارمي 2/324 (كتاب الرقاق، باب في العدل بين الرعية) ; المسند (ط. الحلبي) 5/25. (2) الحديث: ساقطة من (ب) . (3) الحديث عن عدد من الصحابة في: مسلم 1 (كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة) ; سنن الترمذي 3/217 (كتاب البر والصلة، باب في النصيحة) عن أبي هريرة، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن. وفي الباب عن ابن عمر، وتميم الداري، وجرير وحكيم بن أبي يزيد عن أبيه، وثوبان" ; المسند (ط. دار المعارف) 5/96 وانظر تعليق الأستاذ المحقق - رحمه الله - على هذا الحديث. (4) أ، ب: من فساد ولاة الأمور ; ر، ص، هـ، من فساد ولاة الأمر. (5) ن، م، أ، ب: من. ; فإن الله تعالى يري عباده آياته في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أن القرآن حق، فخبره صدق [1] وأمره عدل: {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم} [سورة الأنعام: 115] . ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة، أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن، ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه [فيه] [2] ، وإن كان من أولياء الله المتقين. ومثل هذا إذا وقع يصير [3] فتنة لطائفتين [4] : طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في ولايته وتقواه، بل في بره وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان. وكلا هذين الطرفين [5] فاسد. والخوارج والروافض [6] وغيرهم من ذوي الأهواء دخل عليهم الداخل من هذا. ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم، وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق، ويرحم الخلق، ويعلم (1) أ، ب: صادق. (2) فيه: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) أ، ب: صار. (4) م، ص، ر، هـ: للطائفتين. (5) ن: الطريقين. (6) أ، ب: والرافضة. أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد ويذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه. هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم. وقد بسط هذا في موضعه. وإذا تبين ذلك فالقول في يزيد كالقول في أشباهه من الخلفاء والملوك: من وافقهم في طاعة الله تعالى: كالصلاة، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود - كان مأجورا على ما فعله من طاعة الله ورسوله. وكذلك كان صالحو المؤمنين [1] يفعلون [2] ، كعبد الله بن عمر وأمثاله. ومن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، كان من المعينين على الإثم والعدوان، المستحقين للذم والعقاب. ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - يغزون مع يزيد وغيره، فإنه غزا القسطنطينية في حياة أبيه معاوية - رضي الله عنه - وكان معهم [3] في الجيش أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - وذلك الجيش أول جيش غزا القسطنطينية. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما، - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور لهم»" [4] . (1) ر، ص، هـ: المسلمين. (2) يفعلون: ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) ب (فقط) : معه. (4) سيرد هذا الحديث مرة أخرى في هذا الجزء ص 572 إن شاء الله فانظر كلامي عليه هناك.
__________________
|
#295
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (295) صـ 545 إلى صـ 553 وعامة الخلفاء الملوك جرى في أوقاتهم فتن، كما جرى في زمن يزيد بن معاوية قتل الحسين، ووقعة الحرة، وحصار ابن الزبير بمكة. وجرى في زمن مروان بن الحكم فتنة مرج راهط بينه وبين النعمان بن بشير، وجرى في زمن عبد الملك فتنة مصعب بن الزبير وأخيه عبد الله بن الزبير وحصاره أيضا بمكة. وجرى في زمن هشام فتنة زيد بن علي. وجرى في زمن مروان بن محمد فتنة أبي مسلم، حتى خرج عنهم الأمر إلى ولد العباس. ثم كان في زمن المنصور فتنة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بالمدينة، وأخيه إبراهيم بالبصرة، إلى فتن يطول وصفها. والفتن [1] في كل زمان بحسب رجاله ; فالفتنة الأولى فتنة قتل عثمان - رضي الله عنه - هي أول الفتن وأعظمها. ولهذا جاء في الحديث المرفوع الذي رواه الإمام أحمد في المسند وغيره: "«ثلاث من نجا منهن فقد نجا: موتي، وقتل خليفة مضطهد بغير حق، والدجال»" [2] . (1) ن، م، و: والفتنة. (2) الحديث عن عبد الله بن حوالة - رضي الله عنه - في المسند (ط. الحلبي) 4/105، 109، 5/33، 288 ولفظ الحديث: "من نجا من ثلاث فقد نجا" قاله ثلاث مرات، وقالوا: ماذا يا رسول الله؟ قال: "موتي، ومن قتل خليفة مصطبر بالحق يعطيه، والدجال" . وذكر السيوطي الحديث في "الجامع الكبير" وقال: "حم (مسند أحمد) طب (الطبراني في المعجم الكبير) : ك (المستدرك للحاكم) ص (سعيد بن منصور) عن عبد الله بن حوالة (كذا) . وروى الهيثمي الحديث في (مجمع الزوائد" 7/334 335 فقال: "وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -." ثلاث من نجا منها نجا: من نجا عند قتل مؤمن فقد نجا، ومن نجا عند قتل خليفة يقتل مظلوما وهو مصطبر يعطي الحق من نفسه فقد نجا، ومن نجا من فتنة الدجال فقد نجا "رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن يزيد المصري ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات" . وذكر ابن حجر: إبراهيم بن يزيد بن القديد البصري في "تهذيب التهذيب" 1/181 كذلك ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" 1 وقال عنه "صاحب الأوزاعي" فلعله هو. ولهذا جاء [1] في حديث عمر لما سأل عن الفتنة التي تموج موج البحر، وقال له حذيفة: إن بينك وبينها بابا مغلقا. فقال: أيكسر الباب أم يفتح؟ فقال: بل يكسر. فقال: لو كان يفتح لكاد يعاد [2] . وكان عمر هو الباب، فقتل عمر، وتولى عثمان، فحدثت أسباب الفتنة في آخر خلافته، حتى قتل وانفتح باب الفتنة إلى يوم القيامة، وحدث بسبب ذلك فتنة الجمل وصفين، ولا يقاس رجالهما بأحد، فإنهم أفضل من كل من بعدهم. وكذلك فتنة الحرة وفتنة ابن الأشعث، كان فيها من خيار التابعين من لا يقاس بهم من بعدهم. وليس في وقوع هذه الفتن في تلك الأعصار ما يوجب أن أهل ذلك العصر كانوا شرا من غيرهم، بل فتنة كل زمان بحسب رجاله. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»" [3] . وفتن ما بعد ذلك الزمان بحسب أهله. وقد روي أنه قال: "«كما تكونون يولى عليكم»" [4] . وفي أثر آخر يقول الله تعالى: ( «أنا الله عز وجل ملك (1) جاء في (ن) فقط. (2) هذا جزء من حديث طويل عن حذيفة - رضى الله عنه - جاء في عدة مواضع في البخاري منها: 9/54 (كتاب الفتن، باب الفتنة التي تموج كموج البحر) . وهو في: مسلم 1/128 130 (كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا) . والحديث في الترمذي وابن ماجه والمسند. (3) سبق هذا الحديث 2/35. (4) رواه السيوطي بلفظ "كما تكونوا يولى عليكم" وذكر "ضعيف الجامع الصغير" 4/160 وفر (مسند الفردوس للديلمي) عن أبي بكرة، هب (البيهقي في شعب الإيمان) عن أبي إسحاق السبيعي مرسلا "وضعفه الألباني وتكلم عليه في" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة "1/328 329. وذكره السيوطي في" الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة "، ص 162، تحقيق الدكتور محمد لطفي الصباغ، (ط. الرياض) ، 1403/1983 وانظر كلام الأستاذ المحقق عليه." الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، من أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشتغلوا بسب الملوك، وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم» [1] . ولما انهزم المسلمون يوم أحد هزمهم الكفار. قال الله تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} [سورة آل عمران: 165] . والذنوب ترفع عقوبتها [بالتوبة] والاستغفار [2] والحسنات الماحية والمصائب المكفرة. والقتل الذي وقع في الأمة مما يكفر الله به ذنوبها، كما جاء في الحديث. والفتنة هي من جنس الجاهلية، كما قال الزهري: وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون [3] ، فأجمعوا أن كل دم أو مال أو فرج أصيب بتأويل القرآن فإنه هدر: أنزلوهم منزلة الجاهلية. وذلك أن الله تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق، فبالهدى يعرف الحق، وبدين الحق يقصد الخير ويعمل به، فلا بد من علم بالحق، وقصد له وقدرة عليه. والفتنة تضاد ذلك ; فإنها تمنع معرفة (1) سبق هذا الحديث 3/133. (2) ن، م، و: ترفع عقوبتها بالاستغفار. (3) ص: متوفرون. الحق أو قصده أو القدرة عليه، فيكون فيها من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل، حتى لا يتميز لكثير من الناس أو أكثرهم، ويكون فيها من الأهواء والشهوات ما يمنع قصد الحق وإرادته، ويكون فيها من ظهور قوة الشر ما يضعف القدرة على الخير [1] . ولهذا ينكر الإنسان قلبه عند الفتنة، فيرد على القلوب ما يمنعها من معرفة الحق وقصده. ولهذا يقال: فتنة عمياء صماء. ويقال: فتن كقطع الليل المظلم، ونحو ذلك من الألفاظ التي يتبين ظهور الجهل فيها، وخفاء العلم. فلهذا كان أهلها بمنزلة أهل [2] الجاهلية (*، ولهذا لا تضمن فيها النفوس والأموال، لأن الضمان يكون لمن يعرف أنه [3] أتلف نفس غيره أو ماله بغير حق، فأما من لم يعرف ذلك، كأهل الجاهلية *) [4] من الكفار والمرتدين والبغاة المتأولين، [فلا يعرفون ذلك] [5] ، فلا ضمان عليهم، كما لا يضمن من علم أنه أتلفه بحق، وإن كان هذا مثابا مصيبا. وذلك من أهل الجاهلية إما أن يتوبوا من تلك الجهالة [6] ، فيغفر لهم بالتوبة جاهليتهم وما كان فيها، وإما أن يكونوا ممن يستحق العذاب على (1) ن، م: القدرة عليه. (2) أهل: ساقطة من (ص) ، (ب) . (3) ن، و: بأنه. (4) (**) : ما بين المعقوفتين ساقط من (م) . (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (6) الجهالة: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: الجاهلية. الجهالة [1] كالكفار، فهؤلاء حسبهم عذاب الله في الآخرة. وإما أن يكون أحدهم [متأولا] [2] مجتهدا مخطئا ; فهؤلاء إذا غفر لهم خطؤهم [3] غفر لهم موجبات الخطأ أيضا [4] . [الناس في يزيد طرفان ووسط] (فصل) . إذا تبين هذا فنقول: الناس في يزيد طرفان ووسط. قوم يعتقدون أنه كان [5] من الصحابة، أو من الخلفاء الراشدين المهديين، أو من الأنبياء، وهذا [كله] باطل [6] . وقوم يعتقدون أنه كان كافرا منافقا [7] في الباطن، وأنه كان له قصد في أخذ ثأر كفار [8] أقاربه من أهل المدينة وبني هاشم، و [أنه] أنشد [9] لما بدت تلك الحمول وأشرفت [10] تلك الرءوس على ربى جيرون ... نعق الغراب فقلت نح أو لا تنح فلقد قضيت من النبي ديوني (1) الجهالة: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: الجاهلية. (2) متأولا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (3) ن، ص، أ، ب: خطأهم. (4) أ، ب:. . أيضا، والله تعالى أعلم. (5) كان: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ص) . (6) ن، م، و: وهذا باطل. (7) أ، ب، ص، هـ: أنه كافر منافق. (8) ر: الكفار. (9) ن، م: وأنشد. (10) ن: تلك الأمور وأشرقت، م: تلك الحروب وأشرقت، أ: تلك الحمول وأشرقت. وأنه تمثل بشعر ابن الزبعرى [1] : ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل قد قتلنا القرن من ساداتهم ... وعدلناه ببدر فاعتدل. وكلا القولين باطل، يعلم بطلانه كل عاقل ; فإن الرجل ملك من ملوك المسلمين، وخليفة من الخلفاء الملوك، لا هذا ولا هذا. وأما مقتل الحسين - رضي الله عنه - فلا ريب أنه قتل مظلوما شهيدا، كما قتل أشباهه من المظلومين الشهداء. وقتل الحسين معصية لله ورسوله ممن قتله أو أعان على قتله [أو رضي بذلك] [2] ، وهو مصيبة أصيب بها المسلمون من أهله وغير أهله، وهو في حقه شهادة له، ورفع درجة، وعلو منزلة ; فإنه وأخاه سبقت لهما من الله السعادة، التي لا تنال إلا بنوع من البلاء، ولم يكن لهما من السوابق ما لأهل بيتهما، فإنهما تربيا في حجر الإسلام، في عز وأمان، فمات هذا [3] مسموما وهذا مقتولا، لينالا بذلك منازل السعداء وعيش الشهداء. وليس ما وقع من ذلك بأعظم من قتل الأنبياء ; فإن الله تعالى قد أخبر أن بني إسرائيل كانوا يقتلون النبيين بغير حق. وقتل النبي أعظم ذنبا ومصيبة، وكذلك قتل علي - رضي الله عنه - أعظم ذنبا ومصيبة، وكذلك قتل عثمان - رضي الله عنه - أعظم ذنبا ومصيبة. (1) هو أبو سعد عبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي، كان من أشعر قريش وكان شديدا على المسلمين، ثم أسلم في الفتح ومدح النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر له بحلة انظر ترجمته في: الإصابة 2/300، الأعلام 4/218. . (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) . (3) ص، ب: فهذا مات. إذا كان كذلك فالواجب عند المصائب الصبر والاسترجاع، كما يحبه الله ورسوله. قال الله تعالى: {وبشر الصابرين - الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} [سورة البقرة: 156، 155] . وفي مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت، فيحدث لها استرجاعا، إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها»" [1] ورواية الحسين وابنته التي شهدت مصرعه لهذا الحديث آية، فإن مصيبة الحسين هي ما يذكر وإن قدمت، فيشرع [2] للمسلم أن يحدث لها استرجاعا. وأما ما يكرهه الله ورسوله من لطم الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية، فهذا محرم تبرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - من فاعله. كما في [الحديث] الصحيح [3] عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»" [4] «وتبرأ من "الصالقة والحالقة والشاقة»" [5] فالصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها، والشاقة التي تشق ثيابها. (1) الحديث مع اختلاف في اللفظ عن فاطمة بنت الحسين بن علي - رضي الله عنهما - في: سنن ابن ماجه 1/510 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصبر على المصيبة) المسند (ط. المعارف) 1/175. (2) ب (فقط) : فشرع. (3) ن، م: كما في الصحيح. (4) سبق هذا الحديث 1/52 53. (5) الحديث بألفاظ مقاربة عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - في: البخاري 2/81. 82 (كتاب الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب) مسلم 1/100 (كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود) ، ولفظ الحديث في البخاري: ". . إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برئ من الصالقة والحالقة والشاقة" . . وقال النووي (شرح مسلم 2/110) : "فالصالقة: وقعت في الأصول بالصاد، وسلق بالسين، وهما صحيحان، وهما لغتان: السلق والصلق، وسلق وصلق، وهي صالقة وسالقة، وهى التي ترفع صوتها عند المصيبة." والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة. والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة. هذا هو المشهور الظاهر المعروف. وحكى القاضي عياض عن ابن الأعرابي أنه قال: الصلق ضرب الوجه. وأما دعوى الجاهلية فقال القاضي: هي النياحة وندب الميت والدعاء بالويل وشبهه. والمراد بالجاهلية ما كان في الفترة قبل الإسلام "وسبق الحديث 1/53." وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تلبس يوم القيامة درعا من جرب وسربالا من قطران»" [1] . ورفع إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نائحة، فأمر بضربها، فقيل: يا أمير المؤمنين إنه قد بدا شعرها. فقال: إنه لا حرمة لها ; أنها تنهى عن الصبر، وقد أمر الله به، وتأمر بالجزع، وقد نهى الله عنه، وتفتن الحي، وتؤذي الميت، وتبيع عبرتها، وتبكي بشجو غيرها، إنها لا تبكي على ميتكم، إنما تبكي على أخذ دراهمكم. (1) الحديث عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - مع حديث آخر قبله في: مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة) وأول الحديث الأول: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية. . ." والحديث الثاني نصه: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" . وجاء الحديث مع اختلاف في الألفاظ في: سنن ابن ماجه 1/503 504 (كتاب الجنائز باب في النهي عن النياحة) ; المسند (ط. الحلبي) 5/342 343. وذكر ابن ماجه في سننه 1/504 حديثا بلفظ مقارب عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. وجاء في التعليق عليه ما يبين ضعفه وسبق الحديث 1/53 54. [الناس في قتل الحسين رضي الله عنه طرفان ووسط] (فصل) [1] . وصار الناس في قتل الحسين - رضي الله عنه - [ثلاثة أصناف] [2] : طرفين ووسطا. أحد الطرفين يقول: إنه قتل بحق ; فإنه أراد أن يشق عصا [المسلمين] [3] ويفرق الجماعة. وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه»" [4] . قالوا: والحسين جاء وأمر المسلمين على رجل واحد، فأراد أن يفرق جماعتهم. وقال بعض هؤلاء: هو أول خارج خرج في الإسلام على ولاة الأمر. والطرف الآخر قالوا: بل [كان] هو [5] الإمام الواجب طاعته، الذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به، ولا تصلى جماعة ولا جمعة إلا خلف من يوليه [6] ، ولا يجاهد عدو إلا بإذنه، ونحو ذلك. وأما الوسط فهم أهل السنة، الذين لا يقولون لا هذا ولا هذا، بل يقولون: قتل مظلوما شهيدا، ولم يكن متوليا لأمر [7] الأمة. والحديث (1) ن، م: فقيل، وهو تحريف. وسقطت الكلمة من (و) . (2) ثلاثة أصناف: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (3) عصا المسلمين: كذا في (ص) ، (ب) . وفي سائر النسخ: العصا. (4) سبق هذا الحديث فيما مضى 1/564. (5) ن، م، و: بل هو. (6) ن، م: من يوليه هو. (7) أ، ب: أمر.
__________________
|
#296
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (296) صـ 554 إلى صـ 563 المذكور لا يتناوله، فإنه لما بلغه ما فعل بابن عمه مسلم بن عقيل ترك طلب الأمر، وطلب أن يذهب إلى يزيد ابن عمه [1] ، أو إلى الثغر، أو إلى بلده، فلم يمكنوه، وطلبوا منه أن يستأسر لهم، وهذا لم يكن واجبا عليه. [أحدث الناس بدعتين يوم عاشوراء بدعة الحزن والنوح وبدعة السرور والفرح] (فصل) . وصار الشيطان بسبب قتل الحسين - رضي الله عنه - يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء، من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي، وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنتهم [2] ، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب، حتى يسب السابقون الأولون، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب. وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة ; فإن هذا ليس واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله. وكذلك بدعة السرور والفرح. وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين للحسين، وكان رأسهم [3] المختار بن أبي عبيد [4] الكذاب، وقوم من الناصبة المبغضين لعلي - رضي الله عنه - وأولاده، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي. وقد ثبت في الصحيح عن (1) ابن عمه: زيادة في (ر) ، (ص) (هـ) . (2) أ، ب، م: ولعنهم. (3) وكان رأسهم: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: ورأسهم. (4) ص، ب: المختار بن عبيد، وهو خطأ. النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«سيكون في ثقيف كذاب ومبير»" [1] فكان ذلك الشيعي هو الكذاب، وهذا الناصبي هو المبير، فأحدث أولئك الحزن، وأحدث هؤلاء السرور، ورووا أنه «من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته» . قال حرب الكرماني: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، فقال لا أصل له، وليس له إسناد يثبت [2] ، إلا ما رواه سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، أنه قال: بلغنا أنه «من وسع على أهله يوم عاشوراء» [3] الحديث. وابن المنتشر كوفي سمعه ورواه عمن لا يعرف، ورووا أنه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، فصار أقوام [4] يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث [5] أطعمة غير معتادة. وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على الحسين - رضي الله عنه - وتلك بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل [6] له، وكل بدعة ضلالة ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الأربعة [7] وغيرهم لا هذا ولا هذا، ولا في (1) سبق هذا الحديث 2. (2) أ، ب: ثابت. 1 (3) يوم عاشوراء: في (ن) ، (م) ، (ر) فقط. (4) أ، ب: قوم. (5) أ، ب: واتخاذ. (6) (66) ساقط من (ص) . (7) ص، ب: من الأئمة الأربعة. شيء من استحباب ذلك حجة شرعية، بل المستحب يوم عاشوراء الصيام عند جمهور العلماء، ويستحب أن يصام معه التاسع، ومنهم من يكره إفراده بالصيام، كما قد بسط في موضعه. [عود إلى الكلام على مقتل الحسين رضي الله عنه] والذين نقلوا مصرع الحسين زادوا أشياء من الكذب، كما زادوا في قتل عثمان، وكما زادوا فيما يراد تعظيمه من الحوادث، وكما زادوا في المغازي والفتوحات وغير ذلك. والمصنفون في أخبار قتل الحسين منهم من هو من أهل العلم، كالبغوي وابن أبي الدنيا وغيرهما، ومع ذلك فيما يروونه آثار منقطعة وأمور باطلة. وأما ما يرويه المصنفون في المصرع بلا إسناد، فالكذب فيه كثير، والذي ثبت في الصحيح أن الحسين لما قتل حمل رأسه إلى قدام عبيد الله بن زياد، وأنه نكت بالقضيب على ثناياه، وكان بالمجلس أنس بن مالك - رضي الله عنه - وأبو برزة الأسلمي. ففي صحيح البخاري عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين فجعل في طست [1] فجعل ينكت، وقال في حسنه شيئا، فقال أنس: كان أشبههم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مخضوبا بالوسمة [2] . وفيه أيضا عن ابن أبي نعم [3] ، قال: سمعت ابن عمر، وسأله رجل (1) ص: طشت. (2) ر: بالوشمة. والحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - في: البخاري 5/26 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - باب مناقب الحسن والحسين - رضي الله عنهما -) ، المسند (ط. الحلبي) 3/261. (3) أ، ب: عن أبي نعيم، م، ص: ابن أبي النعيم. وهو عبد الرحمن بن أبي نعم (بضم النون وسكون المهملة) . ترجمته في تهذيب التهذيب 6/286 وفيه أنه روي عن ابن عمر. عن المحرم يقتل الذباب، فقال: يا أهل العراق تسألوني عن قتل الذباب، وقد قتلتم ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«هما ريحانتاي من الدنيا»" [1] . وقد روي بإسناد مجهول أن هذا كان قدام يزيد، وأن الرأس حمل إليه [2] ، وأنه هو الذي نكت على ثناياه. وهذا مع أنه لم يثبت ففي الحديث ما يدل على أنه كذب، فإن الذين حضروا نكته بالقضيب من الصحابة لم يكونوا بالشام وإنما كانوا بالعراق. والذي نقله غير واحد أن يزيد لم يأمر بقتل الحسين، ولا كان له غرض في ذلك، بل كان يختار أن يكرمه ويعظمه، كما أمره بذلك معاوية - رضي الله عنه -. ولكن كان يختار أن يمتنع من الولاية والخروج عليه، فلما قدم الحسين وعلم أن أهل العراق يخذلونه ويسلمونه، طلب أن يرجع إلى يزيد، أو يرجع إلى وطنه، أو يذهب إلى الثغر، فمنعوه من ذلك حتى يستأسر، فقاتلوه حتى قتل مظلوما شهيدا - رضي الله عنه - وأن خبر قتله لما بلغ يزيد وأهله ساءهم ذلك، وبكوا على قتله، وقال يزيد: لعن الله ابن مرجانة - يعني عبيد الله بن زياد - [أما] والله (1) الحديث عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في: البخاري 5/27 (كتاب فضائل أصحاب النبي. .، باب مناقب الحسن والحسين. . .) ، 8/7 (كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته) ، سنن الترمذي 5/322 (كتاب المناقب، باب مناقب أبي محمد الحسن. . . والحسين. .) ، المسند (ط. المعارف) 7/311 312. وجاء الحديث في كتاب "فضائل الصحابة 2/781 782 وقال المحقق:" وأخرجه الطبراني من طريق الكجي. . وأبو داود الطيالسي (منحة المعبود 2/192) "." (2) عبارة "وأن الرأس حمل إليه" جاءت في جميع النسخ ما عدا (أ) ، (ب) بعد العبارة التالية "وأنه هو الذي نكت على ثناياه." لو كان [1] بينه وبين الحسين رحم لما قتله. وقال: قد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين. وأنه جهز أهله بأحسن الجهاز وأرسلهم إلى المدينة، لكنه مع ذلك ما انتصر للحسين، ولا أمر بقتل قاتله، ولا أخذ بثأره. وأما ما ذكره من سبي نسائه [والذراري] [2] ، والدوران بهم في البلاد [3] ، وحملهم على الجمال بغير أقتاب، فهذا كذب وباطل: ما سبى المسلمون - ولله الحمد - هاشمية قط، ولا استحلت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - سبي بني هاشم قط، ولكن أهل الهوى والجهل يكذبون كثيرا، كما تقول طائفة منهم: إن الحجاج قتل الأشراف، يعنون بني هاشم. وبعض الوعاظ وقع بينه وبين بعض من كانوا يدعون أنهم علويون، ونسبهم مطعون فيه، فقال على منبره: إن الحجاج قتل الأشراف كلهم، فلم يبق لنسائهم رجل، فمكنوا منهن [4] رجالا، فهؤلاء من أولاد أولئك. وهذا كله كذب ; فإن الحجاج لم يقتل من بني هاشم أحدا قط، مع كثرة قتله لغيرهم. فإن عبد الملك أرسل إليه يقول له: إياك وبني هاشم أن تتعرض لهم، فقد رأيت بني حرب لما تعرضوا للحسين أصابهم ما أصابهم. أو كما قال [5] . ولكن قتل الحجاج كثيرا من أشراف العرب، أي (1) ن، م:. . بن زياد والله لو كانت. . . (2) والزراري: زيادة في (ر) ، (ص) ، (هـ) . (3) ب (فقط) : في البلدان. (4) منهن: كذا في (ص) ، (ب) . وفي سائر النسخ: منهم. (5) (55) بدلا من هذه العبارات في (ن) ، (م) ، (و) : لم يبق منهم أحد. سادات العرب. ولما سمع الجاهل أنه قتل الأشراف - وفي لغته أن الأشراف هم [1] الهاشميون أو بعض الهاشميين، ففي بعض البلاد أن الأشراف عندهم ولد العباس، وفي بعضها الأشراف عندهم ولد علي. ولفظ "الأشراف" لا يتعلق به حكم شرعي، وإنما الحكم يتعلق ببني هاشم، كتحريم الصدقة، وأنهم آل محمد - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك. والحجاج كان قد تزوج ببنت عبد الله بن جعفر، فلم يرض بذلك بنو أمية حتى نزعوها منه، لأنهم معظمون لبني هاشم. وفي الجملة فما يعرف في الإسلام أن المسلمين سبوا امرأة يعرفون أنها هاشمية، ولا سبي عيال الحسين، بل لما دخلوا إلى بيت يزيد [2] قامت النياحة في بيته، [وأكرمهم] [3] وخيرهم بين المقام عنده والذهاب إلى المدينة، فاختاروا الرجوع إلى المدينة، ولا طيف برأس الحسين. وهذه الحوادث فيها من الأكاذيب [4] ما ليس هذا موضع بسطه. وأما ما ذكره من الأحداث والعقوبات الحاصلة بقتل الحسين ; فلا ريب أن قتل الحسين من أعظم الذنوب، وأن فاعل ذلك والراضي به والمعين عليه مستحق لعقاب الله الذي يستحقه أمثاله، لكن قتله ليس بأعظم من قتل من هو أفضل منه من النبيين، والسابقين الأولين، ومن قتل في حرب مسيلمة، وكشهداء أحد، والذين قتلوا ببئر معونة، وكقتل عثمان، وقتل (1) هم: ساقطة من (ص) ، (ب) . (2) أ، ب: دخلوا دار يزيد. (3) وأكرمهم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (4) أ، ب: من الكذب. علي، لا سيما والذين قتلوا أباه عليا كانوا يعتقدونه كافرا مرتدا، وأن قتله من أعظم القربات، بخلاف الذين قتلوا الحسين ; فإنهم لم يكونوا يعتقدون [1] كفره، وكان كثير منهم - أو أكثرهم - يكرهون قتله، ويرونه ذنبا عظيما، لكن قتلوه لغرضهم، كما يقتل الناس بعضهم بعضا على الملك. وبهذا وغيره يتبين أن كثيرا مما روي في ذلك كذب، مثل كون السماء أمطرت [2] دما، [فإن هذا ما وقع قط في قتل أحد] [3] ، ومثل كون الحمرة ظهرت في السماء يوم قتل الحسين ولم تظهر قبل ذلك ; فإن هذا من الترهات، فما زالت هذه الحمرة تظهر ولها سبب طبيعي من جهة الشمس، فهي بمنزلة الشفق. وكذلك قول القائل: "إنه ما رفع حجر في الدنيا إلا وجد تحته دم عبيط" . هو أيضا كذب بين. وأما قول الزهري: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا عوقب [4] في الدنيا. فهذا ممكن، وأسرع الذنوب عقوبة البغي، والبغي على الحسين من أعظم البغي. وأما قوله: "«وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر الوصية للمسلمين في ولديه الحسن والحسين، ويقول لهم: هؤلاء وديعتي عندكم» . وأنزل الله" (1) ن، م: معتقدين. (2) أمطرت: كذا في (ص) ، (ب) ، وفي سائر النسخ: مطرت. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) . (4) أ، ب: حتى عوقب. فيهم: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} [سورة الشورى: 23] . فالجواب: أما الحسن والحسين فحقهما واجب بلا ريب. و [قد ثبت] في الصحيح [1] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه خطب الناس بغدير يدعى خما بين مكة والمدينة فقال: "إني تارك فيكم الثقلين: أحدهما كتاب الله" فذكر كتاب الله وحض عليه، ثم قال: "وعترتي أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي، [أذكركم الله في أهل بيتي] »" [2] . والحسن والحسين من أعظم أهل بيته اختصاصا به، كما ثبت في الصحيح «أنه أدار كساءه [3] على علي وفاطمة وحسن وحسين ثم قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا»" [4] . وأما قوله: "إنه «كان يكثر الوصية بهما ويقوله لهم [5] :" هؤلاء وديعتي عندكم» "[6] ." فهذا الحديث لا يعرف في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها. والنبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم من أن يودع ولديه لمخلوق، فإن ذلك إن أريد به حفظهما كما يحفظ المال المودع، فالرجال لا يودعون. وإن كان كما يستودع الرجل أطفاله لمن يحفظهم ويربيهم، فهما كانا في حضانة أبيهما، (1) ن، م: وفي الصحيح. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وسبق الحديث فيما مضى في هذا الجزء، ص 240. (3) ن، م: الكساء. (4) سبق هذا الحديث 4/22. (5) لهم: في (ن) ، (م) ، (و) فقط. (6) لم أجد هذا الحديث الموضوع. ثم لما بلغا رفع عنهما [حجر] [1] الحضانة فصار كل منهما في يد نفسه. وإن أريد بذلك أنه أراد أن الأمة تحفظهما وتحرسهما، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، وكيف يمكن واحد من الأمة أن يدفع عنهما الآفات؟ . وإن أراد بذلك المنع من أذاهما بالعدوان عليهما، ونصرهما ممن يبغي عليهما. فلا ريب أن هذا واجب لمن هو دونهما، [فكيف] [2] لا يجب لهما؟ وهذا من حقوق المسلم على المسلم، وحقهما أوكد من حق غيرهما. وأما قوله: "وأنزل الله فيهم: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} [سورة الشورى: 23] ." فهذا كذب ظاهر [3] ; فإن هذه الآية في سورة الشورى، وسورة [الشورى] مكية [4] بلا ريب نزلت قبل أن يتزوج علي بفاطمة - رضي الله عنهما - وقبل أن يولد [له] [5] الحسن والحسين ; فإن عليا إنما تزوج فاطمة [6] بالمدينة بعد الهجرة في العام الثاني، ولم يدخل بها إلا بعد غزوة بدر، وكانت بدر في شهر رمضان سنة اثنتين. وقد تقدم الكلام على الآية [الكريمة] [7] ، وأن المراد بها ما بينه ابن عباس - رضي الله عنهما - من أنه لم (1) حجر: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) فكيف: ساقطة من (ن) فقط. (3) ظاهر: في (ن) فقط. (4) ن، م، و: وهذه السورة مكية. . (5) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (6) ن، م: بفاطمة. (7) الكريمة: زيادة في (أ) ، (ب) . وانظر ما سبق 4/25 27. تكن قبيلة من قريش [1] إلا وبينها وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرابة، فقال: " {لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} : إلا أن تودوني [2] في القرابة التي بيني وبينكم" رواه البخاري وغيره [3] . وقد ذكر طائفة من المصنفين من أهل السنة والجماعة والشيعة، من أصحاب أحمد وغيرهم، حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن هذه الآية لما نزلت قالوا: يا رسول الله من هؤلاء؟ قال علي وفاطمة وابناهما» . وهذا كذب باتفاق أهل المعرفة [بالحديث] [4] . [ومما يبين ذلك أن هذه الآية نزلت بمكة باتفاق أهل العلم] [5] ; فإن سورة الشورى جميعها مكية، بل جميع آل حم كلهن مكيات، وعلي لم يتزوج فاطمة إلا بالمدينة كما تقدم، ولم يولد له الحسن والحسين إلا في السنة الثالثة والرابعة من الهجرة، فكيف يمكن أنها «لما نزلت بمكة قالوا: يا رسول الله من هؤلاء؟ قال: علي وفاطمة وابناهما» . قال الحافظ عبد الغني المقدسي: "ولد الحسن سنة ثلاث من الهجرة في النصف من شهر رمضان. هذا أصح ما قيل فيه. وولد الحسين لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة" . قال: "وقيل سنة ثلاث" . قلت: ومن قال هذا يقول: إن الحسن ولد سنة اثنتين [6] ، وهذا (1) ن، م: من العرب قريش، و: من العرب. (2) ن: إلا أن تؤذوني، و، ص، ر: إلا ألا تؤذوني، أ: إلا أن توذني. (3) سبق الحديث فيما مضى 4/25 26. (4) ن، م: أهل العلم. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (6) يقول: ولد الحسين سنة اثنتين، وهو خطأ.
__________________
|
#297
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (297) صـ 564 إلى صـ 572 ضعيف ; فقد ثبت في الصحيح أن عليا لم يدخل بفاطمة - رضي الله عنهما - إلا بعد غزوة بدر [1] . [مزاعم الرافضي عن يزيد بن معاوية] (فصل) [2] . قال الرافضي [3] : "وتوقف جماعة ممن لا يقول بإمامته في لعنه [4] مع أنه عندهم ظالم بقتل الحسين ونهب حريمه. وقد قال الله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [سورة هود: 18] وقال أبو الفرج بن الجوزي من شيوخ الحنابلة عن ابن عباس [- رضي الله عنهما -] [5] قال: أوحى الله تعالى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا، وإني قاتل بابن بنتك [6] سبعين ألفا وسبعين ألفا. وحكى السدي وكان من فضلائهم [7] قال: نزلت بكربلاء ومعي طعام للتجارة، فنزلنا على رجل فتعشينا" (1) أ، ب: بدر والله تعالى أعلم. وذكر ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة فاطمة - رضي الله عنها - 4/366: "ومن طريق عمر بن علي قال: تزوج علي فاطمة في رجب سنة مقدمهم المدينة وبنى بها مرجعه من بدر ولها يومئذ ثمان عشرة سنة" . (2) هـ: الفصل الثالث والثلاثون، ر، ص: الفصل الرابع والثلاثون. (3) في (ك) ص 117 (م) 118 (م) . (4) لعنه: كذا في (م) ، (ك) . وفي سائر النسخ: في لعنته. (5) رضي الله عنهما: ليست في (ك) ، (و) ، (ن) ، (م) ، (ر) . (6) ك: بابن بنتك فاطمة. (7) ك: فضائلهم. عنده، وتذاكرنا قتل الحسين [1] وقلنا: ما شرك أحد في قتل الحسين إلا ومات أقبح موتة. فقال الرجل: ما أكذبكم، أنا شركت في دمه [2] وكنت ممن قتله فما [3] أصابني شيء. قال: فلما كان من آخر [4] الليل إذا أنا بصائح [5] . قلنا: ما الخبر؟ قالوا: قام الرجل يصلح المصباح فاحترقت إصبعه، ثم دب الحريق في جسده [6] فاحترق. [قال السدي: فأنا والله رأيته وهو حممة سوداء [7] ] [8] . وقد سأل مهنا بن يحيى أحمد بن حنبل عن يزيد، فقال: هو الذي فعل ما فعل. قلت: وما فعل؟ قال: نهب المدينة. وقال له صالح ولده يوما: إن قوما ينسبوننا [9] إلى تولي [10] يزيد. فقال: يا بني وهل يتولى [11] يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقال: لم لا تلعنه؟ [12] ؟ فقال: وكيف لا ألعن من لعنه الله [في كتابه] [13] ؟ (1) ك: الحسين - عليه الصلاة والسلام - ص: الحسين - رضي الله عنه -. (2) في دمه: كذا في (ك) ، (ب) . وفي سائر النسخ: في قتل الحسين. (3) أ، ب: وما. (4) ك: في آخر. (5) ك: بصياح. (6) ك: ثم سرى الحريق في جسده، أ، ب: ثم دب الحريق إلى جسده. (7) أ: قال السدي: وأنا والله رأيته وهو جمرة، ك: وقال السدي: فأنا والله رأيته كأنه فحمة. (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (9) ن، م، أ، ص، ر، هـ: ينسبونا. (10) ن، م، ر، أ، ك: توالي. (11) ن، م، أ، ر، و: يتوالى. (12) ك: فقال: لا تلعنه. (13) في كتابه: ساقطة من (ن) . فقلت: وأين لعن يزيد [1] ؟ فقال: في قوله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم - أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [سورة محمد: 23، 22] ، فهل يكون فساد أعظم من القتل ونهب المدينة ثلاثة أيام وسبي أهلها؟ وقتل جمعا [2] من وجوه الناس فيها من قريش والأنصار والمهاجرين من يبلغ [3] عددهم سبعمائة، وقتل من لم يعرف من عبد أو حر أو امرأة [4] عشرة آلاف، وخاض الناس في الدماء حتى وصلت الدماء إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وامتلأت الروضة والمسجد، ثم ضرب الكعبة بالمنجنيق وهدمها وأحرقها. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "«إن قاتل الحسين في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل النار [5] ، وقد شد [6] يداه ورجلاه بسلاسل من نار ينكس [7] في النار حتى يقع في قعر جهنم،" (1) ر، ص، هـ، ب: وأين لعن الله يزيد. (2) ك، و،: وقتل جمع. (3) أ، ب: من بلغ، ك: ما بلغ. (4) ب: من عبد وحر وأمة، أ: من عبد أو حر أو أمة، ر: من عبد أو حر، ص: من عبد وحر وإمرة. (5) ك: أهل الدنيا. (6) ك: وقد شدت. (7) ك: منكسا. وله ريح يتعوذ أهل النار [1] إلى ربهم من شدة نتن ريحه، وهو فيها خالد وذائق [2] العذاب الأليم، كلما نضجت جلودهم بدل الله لهم الجلود حتى يذوقوا العذاب، لا يفتر عنهم ساعة، ويسقى [3] من حميم جهنم. الويل لهم من عذاب الله عز وجل» . وقال - عليه الصلاة والسلام: «اشتد غضب الله وغضبي على من أراق دم أهلي وآذاني في عترتي» "." والجواب: أن القول في لعنة يزيد كالقول في لعنة أمثاله من الملوك الخلفاء [4] وغيرهم، ويزيد خير من غيره: خير من المختار بن أبي عبيد الثقفي أمير العراق، الذي أظهر الانتقام من قتلة الحسين ; فإن هذا ادعى أن جبريل يأتيه. وخير من الحجاج بن يوسف ; فإنه أظلم من يزيد باتفاق الناس. ومع هذا فيقال: غاية يزيد وأمثاله من الملوك أن يكونوا فساقا، فلعنة الفاسق المعين ليست مأمورا بها، إنما جاءت السنة بلعنة [5] الأنواع، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم: "«لعن الله السارق ; يسرق البيضة فتقطع»" (1) أ، ب: أهل جهنم. (2) ك: خالد ذائق. (3) ب (فقط) : ويسقون. (4) ن، م: الملوك والخلفاء. (5) أ، ب: بلعن. يده "[1] . وقوله:" «لعن الله من أحدث حدثا أو آوى محدثا» "[2] . وقوله:" «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» "[3] . وقوله:" «لعن الله المحلل والمحلل له» "[4] ،" «لعن الله الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، (1) الحديث عن أبي هريرة - رضى الله عنه - في: البخاري 8/159 (كتاب الحدود، باب لعن السارق: إذا لم يسم) ، 8/161 (كتاب الحدود، باب قول الله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ، مسلم 3/1314 (كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها) ، سنن النسائي 8/58 59 (كتاب قطع السارق، باب تعظيم السرقة) ، سنن ابن ماجه 2/862 (كتاب الحدود، باب حد السارق) ، المسند (ط. المعارف) 13/175. (2) هذا جزء من حديث عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في: مسلم 3/1567 (كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله) ; سنن النسائي 7/204 205 (كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله - عز وجل -) ; المسند (ط. المعارف) 2/156، 197، 326 327. (3) جاء الجزء الأول من هذا الحديث (لعن الله آكل الربا وموكله) ضمن حديث عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه - رضي الله عنه - في: البخاري 7/169 (كتاب اللباس، من لعن المصور) . وجاء الحديث بتمامه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في: مسلم 3/1219 (كتاب المساقاة، باب لعن آكل الربا وموكله) . كما جاء الحديث عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في: سنن أبي داود 3/332 333 (كتاب البيوع، باب في آكل الربا وموكله) ; سنن الترمذي 2/340 (كتاب البيوع، باب ما جاء في آكل الربا) ; سنن ابن ماجه 2/764 (كتاب التجارات، باب التغليظ في الربا،) ; سنن الدارمي 2/246 (كتاب البيوع، باب في لعن آكل الربا وموكله) . وجاء الحديث عن عدد من الصحابة في: سنن النسائي 8/126 127 (كتاب الزينة، باب الموتشمات) ; وهو جزء من حديث عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 2/53، 75، 96، 208. (4) الحديث عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم في: سنن أبي داود 2/307 (كتاب النكاح، باب في التحليل) ; سنن الترمذي 2/294 295 (كتاب النكاح، باب ما جاء في المحل والمحلل له) . وقال الترمذي عن حديث ابن مسعود: "هذا حديث حسن صحيح. . وقد روي هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه" ; سنن ابن ماجه 1/622 (كتاب النكاح، باب المحلل والمحلل له) ; سنن الدارمي 2/158 (كتاب النكاح، باب في النهي عن التحليل) ; المسند (ط. المعارف) 6/149 150. وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها» "[1] ." وقد تنازع الناس في لعنة الفاسق المعين. فقيل: إنه جائز، كما قال ذلك طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم، كأبي الفرج بن الجوزي وغيره. وقيل: إنه لا يجوز، كما قال ذلك طائفة أخرى من أصحاب أحمد وغيرهم، كأبي بكر عبد العزيز وغيره. والمعروف عن أحمد كراهة [2] لعن المعين، كالحجاج بن يوسف وأمثاله، وأن يقول كما قال الله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [سورة هود: 18] وقد ثبت في [صحيح] البخاري [3] «أن رجلا كان يدعى حمارا [4] ، وكان يشرب الخمر، وكان يؤتى به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضربه، فأتي به إليه مرة، فقال رجل: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله»" [5] . فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لعنة هذا المعين الذي كان يكثر شرب الخمر معللا ذلك بأنه يحب الله ورسوله، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - (1) الحديث مع اختلاف يسير في اللفظ عن ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - في: سنن أبي داود 3/445 446 (كتاب الأشربة، باب العنب يعصر للخمر) ; المسند (ط. المعارف 4/321322، 8/89. وصحح الألباني الحديث في "صحيح الجامع الصغير" 5/19، وقال السيوطي: إنه في سنن أبي داود وفي المستدرك عن ابن عمر. (2) أ، ب، و: وكراهية. (3) ن، م: في البخاري. (4) ب (فقط) : خمارا. (5) سبق الحديث قبل صفحات (ص [0 - 9] 58) . لعن شارب الخمر مطلقا، فدل ذلك على أنه [يجوز أن] [1] يلعن المطلق ولا تجوز لعنة المعين الذي يحب الله ورسوله. [ومن المعلوم أن كل مؤمن فلا بد [2] أن يحب الله ورسوله] [3] ، ولكن في المظهرين للإسلام من هم منافقون، فأولئك ملعونون لا يحبون الله ورسوله، ومن علم حال الواحد من هؤلاء لم يصل عليه إذا مات، لقوله تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} [سورة التوبة: 84] . ومن جوز [من أهل السنة والجماعة] [4] لعنة الفاسق المعين [5] ; فإنه يقول يجوز أن أصلي عليه وأن ألعنه، فإنه مستحق للثواب [مستحق للعقاب] [6] ، فالصلاة عليه لاستحقاقه الثواب، واللعنة له لاستحقاقه العقاب [7] . واللعنة البعد عن الرحمة، والصلاة عليه سبب للرحمة، فيرحم من وجه، ويبعد عنها من وجه. وهذا كله على مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وسائر أهل السنة والجماعة، ومن يدخل فيهم من الكرامية والمرجئة والشيعة، ومذهب كثير من الشيعة الإمامية وغيرهم الذين يقولون: إن الفاسق لا يخلد في (1) يجوز أن: في (أ) ، (ب) فقط. (2) أ، ب: لا بد. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) . (5) ن، م، و: المعين الفاسق من أهل السنة والجماعة. (6) مستحق للعقاب: ساقطة من (ن) ، (م) ، (هـ) . (7) أ، ب: العذاب. النار. وأما من يقول بتخليده في النار كالخوارج [1] والمعتزلة وبعض الشيعة، فهؤلاء عندهم لا يجتمع في حق الشخص الواحد ثواب وعقاب. وقد استفاضت السنن النبوية بأنه يخرج من النار قوم بالشفاعة، ويخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. وعلى هذا الأصل فالذي يجوز لعنة يزيد [وأمثاله] [2] يحتاج إلى شيئين: إلى ثبوت أنه كان من الفساق الظالمين الذين تباح لعنتهم، [وأنه مات مصرا على ذلك] [3] . والثاني: أن لعنة المعين من هؤلاء جائزة. والمنازع يطعن في المقدمتين، لا سيما الأولى. فأما قول الله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} [سورة هود: 18] فهي آية عامة كآيات الوعيد، بمنزلة قوله: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} [سورة النساء: 10] وهذا يقتضي أن هذا الذنب سبب اللعن والعذاب، لكن قد يرتفع موجبه لمعارض راجح: إما توبة، وإما حسنات ماحية، وإما مصائب مكفرة. فمن أين يعلم الإنسان أن يزيد أو غيره من الظلمة لم يتب من هذه [4] ؟ أو لم تكن له حسنات ماحية تمحو ظلمه؟ ولم يبتل بمصائب تكفر عنه؟ [وأن الله لا يغفر له ذلك مع قوله تعالى] [5] : {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [سورة النساء: 48] . وقد ثبت في صحيح البخاري [6] (1) أ، ب، ر، هـ، و: من الخوارج. (2) وأمثاله: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (4) ن، م: من هذا. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (6) ن، م: وفي صحيح البخاري. عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "«أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور لهم»" [1] وأول جيش غزاها كان أميرهم يزيد، والجيش عدد معين لا مطلق، وشمول المغفرة لآحاد هذا الجيش أقوى من شمول اللعنة لكل واحد واحد من الظالمين، فإن هذا أخص، والجيش معينون. ويقال: إن يزيد إنما غزا القسطنطينية لأجل هذا الحديث. ونحن نعلم أن أكثر المسلمين لا بد لهم من ظلم، فإن فتح هذا الباب ساغ [2] أن يلعن أكثر موتى المسلمين. والله تعالى أمر بالصلاة على موتى المسلمين، لم يأمر بلعنتهم [3] . ثم الكلام في لعنة الأموات أعظم من لعنة الحي ; فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«لا تسبوا الأموات" (1) لم أجد الحديث بهذا اللفظ ولكن وجدت عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - الحديث في: البخاري 4/42 (كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في قتال الروم) ونص الحديث: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا" قالت أم حرام، قلت: يا رسول الله: أنا فيهم؟ قال: أنت فيهم. ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم" . فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: "لا" . وتكلم الألباني على الحديث في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" 1/111 - 112 وقال: إنه في مسند الحسن بن سفيان وفي الحلية لأبي نعيم وفي مسند الشاميين للطبراني. ووجدت في المسند (ط. الحلبي) 4/335 حديثا عن بشر بن سحيم - رضي الله عنه - نصه: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش" (2) ن، م: شاع. (3) و: باللعنة لهم.
__________________
|
#298
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (298) صـ 573 إلى صـ 581 فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» "[1] . حتى أنه قال:" «لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا» "[2] لما كان قوم يسبون أبا جهل ونحوه من الكفار الذين أسلم أقاربهم، فإذا سبوا ذلك آذوا قرابته." وأما ما نقله عن أحمد، فالمنصوص الثابت عنه من رواية صالح أنه قال: "ومتى رأيت أباك يلعن أحدا؟ [لما قيل له: ألا تلعن يزيد؟ فقال: ومتى رأيت أباك يلعن أحدا؟] [3] وثبت عنه أن الرجل إذا ذكر الحجاج ونحوه من الظلمة وأراد أن يلعن يقول [4] : {ألا لعنة الله على الظالمين} ، وكره أن يلعن المعين باسمه." ونقلت عنه رواية في لعنة يزيد وأنه قال: ألا ألعن من لعنه الله، واستدل بالآية، لكنها رواية منقطعة ليست ثابتة عنه، والآية لا تدل على لعن المعين، ولو كان كل ذنب لعن [5] فاعله، يلعن المعين الذي فعله؛ للعن جمهور (1) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها مع اختلاف في الألفاظ في: البخاري 2/104 (كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن سب الأموات) ، 8/107 108 (كتاب الرقاق، باب سكرات الموت) ; سنن النسائي 4/43 (كتاب الجنائز، باب النهي عن سب الأموات) ; سنن الدارمي 2/239 (كتاب السير، باب النهي عن سب الأموات) ; المسند (ط. الحلبي) 6/180. (2) الحديث عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - في: سنن الترمذي 3/238 (كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الشتم) ; المسند (ط. الحلبي 4/252. وجاء الحديث بمعناه عن ابن عباس في المسند (ط. المعارف) 4/259. وصحح الألباني حديث المغيرة في "صحيح الجامع الصغير" 6/151. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) . (4) ن، م، ر: ويقول. (5) ن (فقط) : كل ذنب فعل لعن. . الناس. وهذا بمنزلة الوعيد المطلق، لا يستلزم ثبوته في حق المعين إلا إذا وجدت شروطه وانتفت موانعه، وهكذا اللعن. وهذا بتقدير أن يكون يزيد فعل ما يقطع به الرحم. ثم إن هذا تحقق في كثير من بني هاشم الذين تقاتلوا من العباسيين والطالبيين، فهل يلعن هؤلاء كلهم؟ وكذلك من ظلم قرابة له لا سيما وبينه وبينه عدة آباء، أيلعنه بعينه؟ ثم إذا لعن هؤلاء لعن كل من شمله ألفاظه، وحينئذ فيلعن جمهور المسلمين. وقوله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم - أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [سورة محمد: 23، 22] وعيد عام في حق كل من فعل ذلك، وقد فعل بنو هاشم بعضهم ببعض أعظم مما فعل يزيد. فإن قيل بموجب هذا لعن [1] ما شاء الله من بني هاشم: العلويين والعباسيين وغيرهم من المؤمنين. وأما أبو الفرج بن الجوزي فله كتاب في [إباحة] [2] لعنة يزيد، رد فيه على الشيخ عبد المغيث الحربي ; فإنه كان ينهى عن ذلك. وقد قيل: إن الخليفة الناصر لما بلغه نهي الشيخ عبد المغيث عن ذلك قصده وسأله عن ذلك، وعرف عبد المغيث أنه الخليفة، ولم يظهر أنه يعلمه فقال: يا هذا أنا قصدي كف [3] ألسنة الناس عن لعنة [4] خلفاء المسلمين وولاتهم، وإلا فلو (1) و: بموجب هذا اللعن لعن. . (2) إباحة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (3) ن، م، و، هـ: أكف. (4) م، أ، ب: لعن. فتحنا هذا الباب لكان خليفة وقتنا أحق باللعن ; فإنه يفعل أمورا منكرة أعظم مما فعله يزيد ; فإن هذا يفعل كذا ويفعل كذا. وجعل يعدد مظالم [1] الخليفة، حتى قال له: ادع لي يا شيخ، وذهب [2] . وأما ما فعله بأهل الحرة، فإنهم لما خلعوه وأخرجوا نوابه وعشيرته [3] ، أرسل إليهم مرة بعد مرة يطلب الطاعة، فامتنعوا، فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المري، وأمره إذا ظهر عليهم أن يبيح المدينة ثلاثة [أيام] [4] . وهذا هو الذي عظم إنكار الناس له من فعل يزيد. ولهذا قيل لأحمد: أتكتب الحديث عن يزيد؟ قال: لا ولا كرامة. أوليس هو الذي فعل بأهل المدينة ما فعل؟ . لكن لم يقتل جميع الأشراف، ولا بلغ عدد القتلى عشرة آلاف، (1) ن، م، و: خطايا. (2) ذكر هذه الواقعة ابن رجب الحنبلي في "الذيل على طبقات الحنابلة 1/356 عند ترجمته لعبد المغيث الحربي 1/354 - 358، وهو أبو العز عبد المغيث بن زهير بن علوي الحربي، ولد سنة 500 تقريبا وتوفي سنة 583 وذكر ابن رجب أن عبد المغيث كان يمنع من سب يزيد بن معاوية وألف كتابا في ذلك ردا على ابن الجوزي الذي كان يطعن عليه فألف ابن الجوزي كتابا في الرد على عبد المغيث هو الذي يشير إليه ابن تيمية وعنوانه" الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد "وانظر في ترجمة عبد المغيث الحربي: في شذرات الذهب 4/275 - 276 ; والبداية والنهاية 12/328 وقال ابن كثير" وله مصنف في فضل يزيد أتى فيه بالغرائب والعجائب "; الأعلام 4/300 وأما كتاب ابن الجوزي فذكرت تلميذتي الدكتورة آمنة محمد نصير في رسالتها للماجستير" ابن الجوزي وآراءه الكلامية والأخلاقية "ص [0 - 9] 5 أن منه عدة نسخ خطية في برلين وبغداد وليدن بهولندا." (3) و: وعترته. (4) ثلاثة أيام: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: ثلاثا. ولا وصلت الدماء إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا إلى الروضة، ولا كان القتل في المسجد. وأما الكعبة فإن الله شرفها وعظمها وجعلها محرمة، فلم يمكن الله أحدا [1] من إهانتها لا قبل الإسلام ولا بعده، بل لما قصدها أهل الفيل عاقبهم الله العقوبة المشهورة. كما قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل - ألم يجعل كيدهم في تضليل - وأرسل عليهم طيرا أبابيل - ترميهم بحجارة من سجيل - فجعلهم كعصف مأكول} [سورة الفيل: 1 - 5] وقال تعالى: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} [سورة الحج: 25] قال ابن مسعود - رضي الله عنه - «لو هم رجل بعدن أبين أن يلحد في الحرم لأذاقه الله من عذاب أليم» [2] . رواه الإمام أحمد في مسنده موقوفا ومرفوعا [3] . ومعلوم أن [من] أعظم الناس كفرا القرامطة الباطنية، الذين قتلوا (1) أ: فلم يتمكن أحد ; ص، ب، ر، ن، م: فلم يمكن أحدا. (2) أ، ب: العذاب الأليم. (3) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في: المسند (ط. المعارف) 6/65 - 66 (رقم 4071) . وقال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله: "إسناده صحيح. . والحديث في مجمع الزوائد 7: 70 وقال:" رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح ". ونقله ابن كثير في التفسير 5: 571 من تفسير ابن أبي حاتم، رواه عن أحمد بن سنان عن يزيد بن هارون، وفي آخره بعد كلام شعبة: قال يزيد:" هو قد رفعه "، قال ابن كثير" ورواه أحمد عن يزيد بن هارون، به. قلت (القائل ابن كثير) : هذا الإسناد صحيح على شرط البخاري، ووقفه أشبه من رفعه، ولهذا صمم شعبة على وقفه من كلام ابن مسعود، وكذلك رواه أسباط وسفيان الثوري عن السدي عن مرة عن ابن مسعود، موقوفا ". وهذا تحكم من شعبة ثم من ابن كثير، وكلمة يزيد بن هارون التي رواها ابن أبي حاتم كلمة حكيمة، وإشارة دقيقة يريد أن شعبة قد حكى رفعه عن شيخه، فهو قد رفعه رواية إن وقفه رأيا، والرفع زيادة من ثقة فتقبل، ونحن نأخذ عن الراوي روايته، ولا نتقيد برأيه، وأما أن غير شعبة رواه موقوفا، فلا يكون علة للمرفوع، والرفع زيادة ثقة كما قلنا" . الحجاج، وألقوهم في بئر زمزم، وأخذوا الحجر الأسود وبقي عندهم مدة، ثم أعادوه، وجرى فيه عبرة حتى أعيد، ومع هذا فلم يسلطوا على الكعبة بإهانة، بل كانت معظمة مشرفة، وهم كانوا من [1] أكفر خلق الله تعالى. وأما ملوك المسلمين، من بني أمية وبني العباس [ونوابهم] [2] ، فلا ريب أن أحدا منهم لم يقصد إهانة الكعبة: لا نائب يزيد، ولا نائب عبد الملك الحجاج بن يوسف، ولا غيرهما. بل كل المسلمين كانوا معظمين للكعبة [3] ، وإنما كان مقصودهم حصار ابن الزبير. والضرب بالمنجنيق كان له لا للكعبة، ويزيد لم يهدم الكعبة، ولم يقصد إحراقها: لا هو ولا نوابه باتفاق المسلمين. ولكن ابن الزبير هدمها [تعظيما لها] [4] ، لقصد إعادتها وبنائها على الوجه الذي وصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها - وكانت النار قد أصابت بعض ستائرها فتفجر بعض الحجارة. ثم إن عبد الملك أمر الحجاج بإعادتها إلى البناء الذي كانت عليه زمن رسول (1) من: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ونوابهم: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) ن، م: معظمين لها ; ص: معظمين الكعبة. (4) تعظيما لها: ساقطة من (ن) ، (م) . الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما زاد في طولها في السماء، فأمره أن يدعه، فهي على هذه الصفة إلى الآن. وهذه مسألة اجتهاد [1] ; فابن الزبير ومن وافقه من السلف رأوا إعادتها إلى الصفة التي ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال لعائشة: "«لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشا حين بنت الكعبة استقصرت، ولجعلت لها خلفا»" . قال البخاري: يعني بابا. وعنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "«لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية - أو قال: بكفر - لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر»" . وفي رواية في صحيح مسلم: "«ولجعلت لها بابين: بابا شرقيا وبابا غربيا، وزدت [2] فيها ستة أذرع من الحجر»" [3] . و [روى] مسلم [في صحيحه] عن عطاء بن أبي رباح [4] قال [5] : لما (1) أ، ب: اجتهادية. (2) أ، ب: ولزدت. (3) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في ثلاثة مواضع في البخاري: 2/146. (كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها) ، 4/146 (كتاب الأنبياء، باب (يزفون) النسلان في المشي) . 6/20 (كتاب التفسير، سورة البقرة، باب قوله تعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) . والحديث عنها في: مسلم 2/968 - 972 (كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها) الأحاديث 398 - 404، سنن النسائي 5/169 - 171 (كتاب مناسك الحج، باب بناء الكعبة) ; الموطأ 1/363 - 364) كتاب الحج، باب ما جاء في بناء الكعبة) . وجاء الحديث في سنن الدارمي وفي مواضع كثيرة من مسند عائشة - رضي الله عنها - في مسند أحمد (ط. الحلبي) . (4) ن، م: وفي مسلم عن عطاء بن أبي رباح (5) الحديث في مسلم 2/970 - 971 (كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها) ، وسأقابل النص التالي عليه إن شاء الله. احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاه [1] أهل الشام، فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير، حتى قدم الناس الموسم، يريد أن يجرئهم [2] على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة: أنقضها ثم أبني [3] بناءها [4] أم أصلح ما وهى منها؟ قال ابن عباس - رضي الله عنهما: فإني قد فرق لي فيها رأي [5] أرى أن تصلح ما وهى منها [6] وتدع بيتا [7] أسلم الناس عليه، وأحجارا أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده [8] . فكيف بيت [9] ربكم؟ إني مستخير ربي ثلاثا، ثم عازم على أمري. فلما مضت [10] الثلاث أجمع أمره على أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء حتى صعده رجل فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا، فنقضوه حتى بلغوا الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور، حتى ارتفع بناؤه. قال ابن الزبير: سمعت [11] عائشة - رضي الله عنها - تقول إن النبي - صلى (1) مسلم: غزاها. (2) ن: يحربهم، وهى رواية في مسلم جعلها بين قوسين. (3) ص، ر، ب، هـ: أثني. (4) ن، م: بابها. (5) مسلم: رأي فيها. (6) ب (فقط) منها ما وهى. (7) أ: بناها، ب: بناء. (8) أ، ب، ص،: يجدده. ويجده: أي يجعله جديدا. (9) ن، ص، ر، ب، و: ببيت. (10) مسلم: مضى. (11) مسلم 2/971: وقال ابن الزبير: إني سمعت. الله عليه وسلم - قال: "«لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر [1] وليس عندي من النفقة ما يقويني [2] على بنائه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع، ولجعلت لها بابين [3] بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه»" . قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق ولست أخاف الناس. قال: فزاد فيه خمس أذرع من الحجر، حتى أبدى أسا [4] نظر إليه الناس [5] . فبنى عليه البناء وكان طول الكعبة ثماني [6] عشرة ذراعا، فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشرة أذرع وجعل لها [7] بابين: أحدهما يدخل منه والآخر يخرج [8] . منه فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك [بن مروان] [9] بذلك، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة. فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء. أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه، وسد الباب (1) الناس بحديث عهدهم بكفر: كذا في (و) ، مسلم. وفي (ن) ، (ر) . (هـ) : قومك حديث عهدهم بكفر. وفي (ص) ، (ب) : حديثو عهد بكفر. وفي (م) : حديثو عهدهم بكفر. وفي (أ) : حديث عهدهم بكفرهم. (2) مسلم: ما يقوي. (3) بابين: ليست في مسلم. (4) حتى أبدى أسا: كذا في (و) ، ومسلم. وفي سائر النسخ: حتى بدا أساس. (5) ن، م: نظر فيه الناس ; مسلم: نظر الناس إليه. (6) ن، م، ص، ب، ر، هـ، أ: ثمانية عشر. (7) مسلم: له. (8) أ، ب: باب يدخل منه وباب يخرج منه ; م ; أحدهما يدخل الناس منه والآخر يخرج منه. (9) بن مروان: ليست في (م) ، (أ) ، (ب) . الذي فتحه. فنقضه وأعاده إلى بنائه ". وعن عبد الله بن عبيد قال [1] : وفد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته، فقال عبد الملك: ما أظن أبا خبيب - يعني ابن الزبير - سمع من عائشة - رضي الله عنها [2] - ما كان زعم [3] أنه سمعه منها. قال الحارث: بلى أنا سمعته منها، قال: سمعتها تقول ماذا؟ قالت [4] : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:" «إن قومك استقصروا من بنيان البيت، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت [5] ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه "فأراها قريبا من سبعة أذرع» ، هذا حديث عبد الله بن عبيد." وعن الوليد بن عطاء عن الحارث في هذا الحديث [6] : قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«ولجعلت لها بابين موضوعين بالأرض [7] : شرقيا وغربيا. وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ [قالت:] [8]" قلت: لا. قال: "تعززا ألا [9] يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي، حتى إذا كاد أن يدخلها [10] دفعوه فسقط»" . قال عبد الملك (1) في: مسلم 2/971 972. (2) رضي الله عنها: ليست في (مسلم) . (3) مسلم: يزعم. (4) مسلم: قال: قالت. (5) ب (فقط) : لأعدت. (6) مسلم: وزاد عليه الوليد بن عطاء. (7) مسلم: في الأرض، ن م: في هذا الباب. (8) قالت: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ب) . (9) في جميع النسخ: تعزرا لا، والتصويب من مسلم 2/972. (10) مسلم: أن يدخل.
__________________
|
#299
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (299) صـ 582 إلى صـ 590 للحارث: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: نعم. فنكت [1] ساعة بعصاه، ثم قال: وددت أني تركته وما تحمل "." وذكر البخاري [2] عن يزيد بن رومان: قال: شهدت [3] ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم [حجارة] [4] كأسنمة الإبل "فذكر الزيادة ستة أذرع أو نحوها." قلت: وابن عباس وطائفة أخرى رأوا إقرارها على الصفة التي كانت عليها زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرها كذلك. ثم إنه لما قتل ابن الزبير رأى عبد الملك أن تعاد [كما كانت] [5] لاعتقاده أن ما فعله ابن الزبير لا مستند له فيه، ولما بلغه الحديث ود أنه تركه، فلما كانت خلافة الرشيد رحمه الله، شاور مالك بن أنس في أن يفعل كما فعل ابن الزبير، فأشار عليه مالك بن أنس [6] أن لا يفعل ذلك، وقيل عن الشافعي: إنه رجح فعل ابن الزبير. وكل من الأمراء والعلماء الذين رأوا هذا وهذا معظمون للكعبة مشرفون لها، إنما يقصدون [7] ما يرونه أحب إلى الله ورسوله، وأفضل عند الله (1) مسلم: قال: فنكت. . (2) البخاري 2/147 (كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها) . (3) البخاري: حدثنا يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها -. . . . . . . قال يزيد: وشهدت. (4) حجارة: ساقطة من جميع النسخ، وأثبتها من (البخاري) . (5) كما كانت: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (6) مالك بن أنس: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) ن، م: يعتقدون. ورسوله، ليس فيهم من يقصد إهانة الكعبة [1] . ومن قال: إن أحدا من خلق الله قصد رمي الكعبة بمنجنيق أو عذرة [2] فقد كذب، فإن هذا لم يكن لا في الجاهلية ولا في الإسلام [3] . والذين كانوا [كفارا] [4] لا يحترمون الكعبة، كأصحاب الفيل والقرامطة، لم يفعلوا هذا، فكيف بالمسلمين الذين كانوا يعظمون الكعبة؟ ! [5] . وأيضا فلو قدر - والعياذ بالله - أن أحدا يقصد إهانة الكعبة، وهو قادر على ذلك، لم يحتج إلى رميها بالمنجنيق، بل يمكن تخريبها بدون ذلك، كما تخرب في آخر الزمان إذا أراد الله أن يقيم القيامة فيخرب بيته، ويرفع كلامه من الأرض، فلا يبقى في المصاحف والقلوب قرآن، ويبعث ريحا طيبة فتقبض [6] روح كل مؤمن ومؤمنة، ولا يبقى في الأرض خير بعد ذلك. وتخريبها بأن يسلط عليها ذو السويقتين، كما في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "«يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة»" [7] . (1) ن، م: يقصد إهانتها. (2) العذرة: الغائط. (3) م، أ، ب: في جاهلية ولا في إسلام. (4) كفارا: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (5) بعد كلمة "الكعبة" جاءت عدة أسطر في (و) هي من الكلام الذي سبق وروده وكان ساقطا من (و) وجاء هنا في غير مكانه الصحيح. (6) ن، م، و: تقبض. (7) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: البخاري 2/148 149، 149 (كتاب الحج، باب قول الله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس، باب هدم الكعبة) ; مسلم 4/2232 (كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل) ; المسند (ط. المعارف) 12/14 15، 15 227 (مع اختلاف في اللفظ) . وروى البخاري عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "«كأني به أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا»" [1] . وقال الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد} [سورة المائدة: 97] قال ابن عباس - رضي الله عنهما: لو ترك الناس الحج سنة واحدة لما نوظروا. وقال: لو اجتمع الناس على أن لا يحجوا لسقطت السماء على الأرض. ذكره الإمام أحمد في "المناسك" [2] . ولهذا قال غير واحد من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد: إن الحج كل عام فرض على الكفاية. والمنجنيق إنما يرمى به ما لا يقدر عليه [3] بدونه، كما «رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الطائف بالمنجنيق» ، لما دخلوا حصنهم وامتنعوا فيه، والذين حاصروا ابن الزبير لما استجار هو وأصحابه بالمسجد الحرام رموهم بالمنجنيق، حيث لم يقدروا عليهم بدونه. ولما قتل ابن الزبير دخلوا بعد هذا إلى المسجد الحرام فطافوا بالكعبة، وحج الحجاج بن يوسف ذلك العام بالناس، وأمره عبد الملك بن مروان أن لا يخالف ابن عمر في أمر الحج. فلو كان قصدهم بالكعبة شرا لفعلوا ذلك بعد أن تمكنوا منها، كما أنهم لما تمكنوا من ابن الزبير قتلوه. (1) الحديث عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - في: البخاري 2/149 (كتاب الحج، باب هدم الكعبة) ; المسند (ط. المعارف) 3/315 316. وقال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - "أفحج: من الفحج بفتح الفاء والحاء وآخره جيم، وهو تباعد ما بين الفخذين" . (2) ذكر ابن الجوزي في كتابه "مناقب الإمام أحمد بن حنبل" ص 248 من مصنفات الإمام أحمد: "المناسك الكبير" و "الصغير" . (3) ن، م: ممن لا يقدر عليهم. وأما الحديث الذي رواه وقوله [1] : "«إن قاتل الحسين في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل النار، وقد شدت [2] يداه ورجلاه بسلاسل من نار، ينكس في النار حتى يقع في قعر جهنم، وله ريح يتعوذ أهل [3] النار إلى ربهم من شدة نتن ريحه، وهو فيها خالد»" إلى آخره. فهذا من أحاديث الكذابين الذين لا يستحيون من المجازفة في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [4] ، فهل يكون على واحد نصف عذاب أهل النار؟ أو يقدر نصف عذاب أهل النار؟ وأين عذاب آل فرعون [وآل المائدة] [5] والمنافقين وسائر الكفار؟ وأين قتلة [6] الأنبياء، وقتلة السابقين الأولين؟ . وقاتل عثمان أعظم إثما من قاتل الحسين. فهذا الغلو الزائد يقابل بغلو الناصبة، الذين يزعمون أن الحسين كان خارجيا، وأنه كان يجوز قتله، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم: "«من أتاكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم، فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان»" رواه مسلم [7] . وأهل السنة والجماعة يردون غلو هؤلاء وهؤلاء، ويقولون: إن الحسين (1) وقوله: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) شدت: كذا في (ص) ، (ب) ، (أ) . وفي سائر النسخ: شد. (3) ب (فقط) : يتعوذ منه أهل. (4) لم أجد هذا الحديث الموضوع. (5) وآل المائدة: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (6) و: قاتلو. (7) سبق الحديث فيما مضى 1/564. قتل مظلوما شهيدا، وإن الذين قتلوه كانوا ظالمين معتدين. وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - التي يأمر فيها بقتال [1] المفارق للجماعة لم تتناوله ; فإنه - رضي الله عنه - لم يفرق [2] الجماعة، ولم يقتل إلا وهو طالب للرجوع [3] إلى بلده، أو [إلى] الثغر [4] ، أو إلى يزيد، داخلا في الجماعة، معرضا عن تفريق الأمة [5] . ولو كان طالب ذلك أقل الناس لوجب إجابته إلى ذلك، فكيف لا تجب إجابة الحسين إلى ذلك؟ ! ولو كان الطالب لهذه الأمور من هو دون الحسين لم يجز حبسه ولا إمساكه، فضلا عن أسره وقتله. وكذلك قوله: «اشتد غضب الله وغضبي على من أراق دم أهلي وآذاني في عترتي» . كلام لا ينقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ينسبه إليه إلا جاهل [6] . فإن العاصم لدم الحسن والحسين وغيرهما من الإيمان والتقوى أعظم من مجرد القرابة، ولو كان الرجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتى بما يبيح قتله أو قطعه، كان ذلك جائزا بإجماع المسلمين. (1) أ، ب: بقتل. (2) ص، ب: يفارق. (3) أ، م، ب: الرجوع. (4) أو إلى الثغر: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: أو الثغر. (5) أ، ب: عن التفريق بين الأمة. (6) لم أجد هذا الحديث الموضوع. كما ثبت عنه [1] في الصحيح أنه قال: "«إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم [2] الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»" [3] . فقد أخبر [4] أن أعز الناس عليه من أهله لو أتى بما يوجب الحد لأقامه عليه، فلو زنى الهاشمي وهو محصن رجم حتى يموت باتفاق علماء المسلمين، ولو قتل نفسا عمدا عدوانا محضا لجاز قتله به، وإن كان المقتول من الحبشة أو الروم أو الترك أو الديلم. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "«المسلمون تتكافأ دماؤهم»" [5] فدماء الهاشميين وغير الهاشميين سواء إذا كانوا أحرارا مسلمين باتفاق الأمة، فلا فرق بين إراقة دم الهاشمي وغير الهاشمي إذا كان بحق، فكيف (1) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) م، ص: منهم. (3) سبق هذا الحديث مختصرا في هذا الجزء. ص 534. (4) أ، ب: ذكر. (5) هذا جزء من حديث عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعقل بن يسار مع اختلاف في اللفظ في: سنن أبي داود 3/107 (كتاب الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر) ; سنن ابن ماجه 2/895 "(كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم) ; المسند (ط. المعارف) 2/199، 212، 213، وصححه الألباني الحديث في" إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل "7/265 (2207) ، ط. المكتب الإسلامي، بيروت 1399 1979 (وانظر كلامه عليه) ." يخص النبي - صلى الله عليه وسلم - أهله بأن يشتد غضب الله على من أراق دماءهم. فإن الله حرم قتل النفس إلا بحق، فالمقتول بحق لم يشتد غضب الله على من قتله، سواء كان المقتول هاشميا أو غير هاشمي؟ . وإن قتل بغير حق، {ومن يقتل [1] مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} . فالعاصم للدماء والمبيح لها يشترك فيه بنو هاشم وغيرهم، فلا يضيف مثل هذا الكلام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا منافق يقدح في نبوته، أو جاهل لا يعلم العدل الذي بعث به - صلى الله عليه وسلم -. وكذلك قوله: "«من آذاني في عترتي»" فإن إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرام في عترته وأمته وسنته وغير ذلك [2] . (1) ن، م، و: فمن قتل. (2) أ، ب: وغير ذلك وبالله التوفيق. وعند هذا الموضع ينتهي الجزء الثالث من نسخة (ر) وفيها:. . وغير ذلك والله أعلم آخر الجزء الثالث من منهاج السنة. . . وارجع إلى مقدمة الكتاب لوصف هذه الصفحة الأخيرة وكذلك تنتهي نسخة (هـ) وفيها: "تم هذا الجزء الثالث لتاسع يوم خلت من شهر الله المحرم رجب سنة 1275 ويتلوه الجزء الرابع إن شاء الله تعالى. . .، إلخ. والوصف أيضا في مقدمة الكتاب وكذلك جاء في نسخة (ص) هنا ما يشير إلى نهاية الجزء الثالث وبداية الجزء الرابع." [زعم الرافضي أن الإمامية ينزهون الله وملائكته وأنبياءه وأئمته] (فصل) [1] . قال الرافضي [2] : "فلينظر العاقل أي الفريقين أحق بالأمن: الذي نزه الله وملائكته وأنبياءه وأئمته ; ونزه [3] الشرع عن المسائل الردية [4] ، ومن يبطل [5] الصلاة بإهمال الصلاة على أئمتهم، ويذكر أئمة غيرهم [6] ، أم الذي فعل ضد ذلك واعتقد خلافه؟" . والجواب أن يقال: ما ذكرتموه من التنزيه إنما هو تعطيل وتنقيص لله ولأنبيائه. [بيان] ذلك أن [7] قول الجهمية نفاة الصفات يتضمن وصف الله تعالى بسلب صفات الكمال التي يشابه فيها الجمادات والمعدومات، فإذا قالوا: إنه لا تقوم به حياة ولا علم ولا قدرة، ولا كلام ولا مشيئة، ولا حب ولا بغض، ولا رضا ولا سخط، ولا يرى ولا يفعل بنفسه فعلا، ولا يقدر أن يتصرف بنفسه، كانوا قد شبهوه بالجمادات المنقوصات، وسلبوه صفات الكمال، فكان هذا تنقيصا وتعطيلا لا تنزيها، وإنما التنزيه أن ينزه (1) عند كلمة "فصل" تبدأ نسخة (ر) الجزء الرابع وفيها وفي (ص) ، الفصل الأول كما تبدأ هنا نسخة (ح) ، (ي) كما أشرت إلى ذلك في المقدمة. (2) في (ك) ص 119 (م) . (3) ونزه: كذا في (ب) ، (ك) ، (ح) . وفي سائر النسخ: ونزهوا. (4) ب (فقط) : الرديئة. (5) ك: ويبطل. (6) ك: أئمتهم - عليهم الصلاة والسلام - واذكر غيرهم. (7) بيان ذلك أن: كذا في (أ) ، (ب) ، وفي سائر النسخ: وذلك أن. عن النقائص المنافية لصفات الكمال، فينزه عن الموت والسنة والنوم، والعجز والجهل والحاجة، كما نزه نفسه في كتابه، فيجمع له بين إثبات صفات الكمال، ونفي النقائص المنافية للكمال، وينزه عن مماثلة شيء من المخلوقات له في شيء من صفاته، وينزه عن النقائص مطلقا، وينزه في صفات الكمال أن يكون له فيها مثل من الأمثال. وأما الأنبياء فإنكم سلبتموهم ما أعطاهم الله من الكمال وعلو الدرجات، بحقيقة التوبة والاستغفار، والانتقال من كمال إلى ما هو أكمل منه [1] ، وكذبتم ما أخبر الله به من ذلك، وحرفتم الكلم عن مواضعه، وظننتم أن انتقال الآدمي من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الغي إلى الرشاد، تنقصا [2] ، ولم تعلموا أن هذا من أعظم نعم الله وأعظم قدرته، حيث ينقل العباد من النقص إلى الكمال، وأنه قد يكون الذي يذوق الشر والخير ويعرفهما، يكون [3] حبه للخير وبغضه للشر أعظم ممن لا يعرف إلا الخير. كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية" . وأما تنزيه الأئمة فمن الفضائح التي يستحيا [4] من ذكرها، لا سيما الإمام المعدوم الذي لا ينتفع به لا في دين ولا دنيا. وأما تنزيه الشرع عن المسائل الردية، فقد تقدم أن أهل السنة لم يتفقوا (1) ن، م، و: والانتقال من نقص إلى كمال، وكلمة (منه) ساقطة من نسخة (ح) ، (ي) . (2) تنقصا: كذا في (ص) ، (ب) . وفي سائر النسخ: نقص. (3) ويعرفهما قد يكون. . (4) (ح) : يستحق، وهو تحريف.
__________________
|
#300
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الرابع الحلقة (300) صـ 591 إلى صـ 599 على مسألة ردية، بخلاف الرافضة ; فإن لهم من المسائل الردية ما لا يوجد لغيرهم. وأما قوله: "ومن يبطل الصلاة بإهمال الصلاة على أئمتهم، ويذكر أئمة غيرهم" . فإما أن يكون المراد بذلك أنه تجب الصلاة على الأئمة الاثني عشر، أو على واحد معين غير النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أو من غيرهم. وأما أن يكون المراد وجوب الصلاة على [آل] [1] النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإن أراد [2] الأول فهذا من أعظم ضلالهم وخروجهم عن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ; فإنا نحن وهم نعلم بالاضطرار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المسلمين أن يصلوا على الاثني عشر: لا في الصلاة، ولا في غير [الصلاة] [3] ، ولا كان أحد من المسلمين يفعل شيئا من ذلك على عهده، ولا نقل هذا أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم: لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، ولا كان يجب على أحد في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ أحدا من الاثني عشر إماما، فضلا عن أن تجب الصلاة عليه في الصلاة. وكانت صلاة المسلمين صحيحة في عهده [4] بالضرورة والإجماع. فمن أوجب الصلاة على هؤلاء في الصلاة، وأبطل الصلاة بإهمال الصلاة (1) آل: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ص) . (2) عند عبارة "فإن أراد" تنتهي نسخة (ص) كما أشرت إلى ذلك في مقدمة الكتاب. (3) ن، م، و: ولا في غيرها. (4) ب: في هذه صحيحة، ح: في عهده صحيحة ; م: صحيحة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. عليهم، فقد غير دين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبدله، كما بدلت اليهود والنصارى دين الأنبياء. وإن قيل: المراد أن يصلى على آل محمد، وهم منهم. قيل: آل محمد يدخل فيهم [1] بنو هاشم وأزواجه، وكذلك بنو المطلب على أحد [2] القولين. وأكثر هؤلاء تذمهم الإمامية ; فإنهم [3] يذمون ولد العباس، لا سيما خلفاؤهم، وهم من آل محمد - صلى الله عليه وسلم - ويذمون من يتولى أبا بكر وعمر. وجمهور بني هاشم يتولون أبا بكر وعمر، ولا يتبرأ منهم صحيح النسب من بني هاشم إلا نفر قليل [4] بالنسبة إلى كثرة بني هاشم. وأهل العلم [والدين] [5] منهم يتولون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -. ومن العجب من هؤلاء الرافضة أنهم يدعون تعظيم آل محمد - عليه أفضل الصلاة والسلام - وهم سعوا في مجيء التتر [6] الكفار إلى بغداد دار الخلافة، حتى قتلت الكفار من المسلمين ما لا يحصيه إلا الله تعالى [من بني هاشم وغيرهم] [7] وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمانمائة ألف ونيفا وسبعين ألفا [8] وقتلوا الخليفة العباسي، وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين. (1) ن، م، و: فيه. (2) ب: في أحد. (3) ن، م، و: فهم. (4) ن، م: يسير. (5) والدين: ساقطة من (ن) فقط. (6) ن، م، و، أ، ي: الترك. (7) ما بين المعقوفتين زيادة في (ب) فقط. (8) (88) ساقط من (ب) وسقط بعضه من (و) . فهذا هو البغض لآل محمد - صلى الله عليه وسلم - بلا ريب. [وكان ذلك من فعل الكفار بمعاونة الرافضة، وهم الذين سعوا في سبي الهاشميات ونحوهم إلى يزيد وأمثاله، فما يعيبون على غيرهم بعيب إلا وهو فيهم أعظم] [1] . وقد ثبت في الصحيح والمسانيد والسنن من غير وجه «أن المسلمين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلون عليه. قال: "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على [إبراهيم وعلى] آل إبراهيم [2] إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد» [3] مجيد [4] ، وفي لفظ:" «وعلى أزواجه وذريته» "[5] ." (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) . (2) ي: على إبراهيم. وفي سائر النسخ: على آل إبراهيم. والمثبت هو رواية البخاري 4/146 147. (3) م، ح، أ: كما باركت على إبراهيم إنك حميد: ي، ر، ب، و: كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد. (4) الحديث بألفاظ مقاربة عن كعب بن عجرة وأبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنهما - في: البخاري 4/146 147 (كتاب الأنبياء، باب (يزفون) النسلان في المشي) ; 6/120 (كتاب التفسير، سورة الأحزاب، باب: إن الله وملائكته يصلون على النبي. . .) ، 8/77 (كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي. .) ; مسلم 1/305 306 (كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي. . .) ; سنن الترمذي 1/301 302 (كتاب الوتر، باب ما جاء في صفة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -) . وجاء الحديث عن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 2/365. وورد الحديث في سنن أبي داود والنسائي والدارمي. (5) الحديث بهذا اللفظ عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - في: البخاري 4/146 (الموضع السابق في التعليق السابق) ; مسلم 1/306 (الموضع السابق في التعليق السابق) . وقد ثبت في الصحيح أنه قال: "«إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد»" . وثبت في الصحيح «أن الفضل بن العباس و [عبد المطلب] [1] بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب طلبا منه - عليه الصلاة والسلام - أن يوليهما على الصدقة، فقال: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، وإنما هي أوساخ الناس»" [2] فبين [3] أن ولد العباس وولد الحارث بن عبد المطلب من آل محمد تحرم عليهم الصدقة. وثبت في الصحاح «أنه أعطى من سهم ذوي القربى لبني المطلب بن عبد مناف، وقال: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، إنهم لم يفارقونا [4] في جاهلية ولا إسلام»" [5] . وهؤلاء أبعد من بني العباس وبني الحارث بن عبد المطلب ; فهؤلاء كلهم من ذوي القربى. ولهذا اتفق العلماء على أن بني العباس وبني الحارث بن عبد المطلب من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة، (1) عبد المطلب: زيادة في (ب) فقط. (2) الحديث عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث عن ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب في: مسلم 2/752 753 (كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة) ; سنن أبي داود 3/203 204 (كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى) ; سنن النسائي 5/79 80 (كتاب الزكاة، باب استعمال آل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة) ; الموطأ 2/1000 (كتاب الصدقة، باب ما يكره من الصدقة) ; المسند (ط. الحلبي) 4/166. (3) ب: فتبين. (4) ب (فقط) : لم يفارقوني. (5) الحديث عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - في: سنن أبي داود 3/200 201 (كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوي القربى) ; سنن النسائي 7/118 119 (كتاب قسم الفيء) ; المسند (ط. الحلبي) 4/81. ويدخلون في الصلاة، ويستحقون [من] [1] الخمس وتنازعوا [2] في بني المطلب بن عبد مناف: هل تحرم عليهم الصدقة، ويدخلون في آل محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ على قولين هما روايتان عن أحمد: إحداهما: أنه تحرم عليهم الصدقة، كقول الشافعي. والثانية: لا تحرم، كقول أبي حنيفة. وآل محمد عند الشافعي وأحمد في المنصوص عنه - وهو اختيار الشريف أبي جعفر بن أبي موسى وغيره من أصحابه - هم الذين تحرم عليهم الصدقة، وهم بنو هاشم. وفي بني المطلب روايتان. وكذلك أزواجه: هل هن من آله الذين تحرم عليهم الصدقة؟ عن أحمد فيه روايتان. وأما عتقى أزواجه: كبريرة، فتحل لهن الصدقة وبالإجماع، وإن حرمت على موالي بني هاشم. وعند طائفة أخرى من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما: هم أمته. وعند طائفة من الصوفية: هم الأتقياء من أمته. ولم يأمر الله بالصلاة على معين غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، ولو صلى على بعض أهل بيته دون بعض، كالصلاة على ولد العباس دون علي أو بالعكس - لكان مخالفا للشريعة، فكيف إذا صلى على قوم معينين دون غيرهم؟ . ثم إبطال الصلاة بترك الصلاة على هؤلاء من العجائب. والفقهاء متنازعون في وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وجمهورهم لا يوجبها، ومن أوجبها يوجب الصلاة عليه دون آله، ولو (1) من: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ب: واختلفوا، م: ويتنازعون. أوجب [1] الصلاة على آله عموما لم يجز أن يجعل الواجب الصلاة على قوم معينين دون غيرهم، بل قد تنازع العلماء فيما إذا دعا لقوم معينين في الصلاة هل تبطل [صلاته] [2] ؟ على قولين. وإن كان الصحيح أنها لا تبطل، ولا [أن يجعل] [3] مناط الوجوب كونهم أئمة، ولهذا لم يوجب أهل السنة الصلاة على غير النبي - صلى الله عليه وسلم: لا أئمتهم ولا غير [أئمتهم] [4] لأن إيجاب هذا من البدع المضلة المخالفة لشريعة الله تعالى، كما أن الشهادتين ليس فيهما [5] إلا ذكر الله ورسوله، لا في الأذان ولا في الصلاة ولا في غير ذلك [6] ، فلو [7] ذكر في الشهادتين غير الله ورسوله من الأئمة كان ذلك من أعظم الضلالات [8] ، وكذلك إبطاله [9] الصلاة بالصلاة على أئمة المسلمين قول باطل ; فإنه لو دعا لمعين أو عليه في الصلاة بدعاء جائز لم تبطل الصلاة بذلك [10] عند جماهير العلماء، فإنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في صلاته: "«اللهم أنج [11] الوليد بن الوليد،" (1) و: والواجب. (2) صلاته: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (3) عبارة "أن يجعل" : ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) . (4) ن، م: ولا غيرهم. (5) ن، م، و: فيها. (6) أ: ولا في غير ذلك. (7) ن (فقط) . . ولو. (8) ب، ر، ي، ح: الضلال. (9) ب، ر، ح، ي: إبطال. (10) بذلك: ساقطة من (ب) فقط. (11) ن، م، ر: نج. وسلمة بن هشام، والمستضعفين من المؤمنين [1] ، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» "[2] ." وكذلك كان يقول: "«اللهم العن رعلا وذكوان وعصية»" [3] . فقد دعا في صلاته [4] لقوم معينين بأسمائهم، ودعا على قبائل معينين بأسمائهم ; فمن أبطل الصلاة بمثل ذلك كان فساد قوله كفساد قوله بإيجاب الصلاة على ناس معينين. وأهل السنة لا يوجبون [5] هذا ولا يحرمون هذا، إنما يوجبون ما أوجب الله تعالى ورسوله، ويحرمون ما حرم الله ورسوله. وأما إن أراد أنه تجب الصلاة على آل محمد دون غيرهم. فيقال: أولا: هذا فيه نزاع بين العلماء ; فمذهب الأكثرين أنه لا يجب في الصلاة [أن يصلى] [6] على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا آله. وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وادعى بعض الناس [- وهو الطحاوي -] [7] وغيره أن هذا إجماع قديم. والقول الثاني (1) ب (فقط) : المسلمين. (2) سبق الحديث بألفاظ مختلفة 1/41. (3) هذه الألفاظ جزء من حديثين مختلفين. الأول عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في: مسلم 1/466 467 (كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة) ، والثاني عن خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري - رضي الله عنه - في: مسلم 4/1953 (كتاب فضائل الصحابة، باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لغفار وأسلم.) . وهذا الحديث الثاني جاء بألفاظ مقاربة عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في: المسند (ط. المعارف) 8/285 286. (4) ن، م، و: في الصلاة. (5) و: لا يحلون. (6) عبارة "أن يصلى" : ساقطة من (ن) فقط. (7) ما بين المعقوفتين زيادة في (ح) ، (ب) . أنه تجب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - [في الصلاة] [1] ، كقول الشافعي وأحمد في الرواية الثانية عنه. ثم على هذه الرواية: هل هي ركن أو واجب تسقط بالسهو فيه؟ [2] عن أحمد روايتان. وهؤلاء الذين أوجبوا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم من أوجبها باللفظ المأثور، وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد. فعلى هذا تجب الصلاة على آل محمد. ومنهم من لم يوجب اللفظ، بل منهم من لا يوجب إلا الصلاة عليه دون آله، كما هو معروف في مذهب الشافعي وأحمد ; فعلى هذا لا تجب الصلاة على آله. وإذا عرف أن في هذه المسألة نزاعا مشهورا، فيقال: على تقدير وجوب الصلاة على آل محمد [3] فهذه [4] الصلاة لجميع آل محمد لا تختص [5] بصالحيهم [6] ، فضلا عن أن تختص [7] بمن هو معصوم، بل تتناول كل من دخل في آل محمد، كما أن الدعاء للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات يتناول كل من دخل في الإيمان والإسلام، ولا يلزم من الدعاء للمؤمنين عموما ولا لأهل البيت عموما أن يكون كل منهم برا تقيا، بل الدعاء لهم طلبا لإحسان الله تعالى إليهم وتفضله عليهم، وفضل الله (1) عبارة "في الصلاة" : ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ن، م: عنه. (3) ن: آل محمد - صلى الله عليه وسلم -. (4) فهذه: كذا في (ب) فقط. وفي سائر النسخ: هذه. (5) ر، ح، ي: لا تخصيص ; ب: لا تخصص. (6) أ، ب، ح: بصالحهم. (7) ح، ب: تخصص. سبحانه وإحسانه يطلب لكل أحد [1] ، لكن يقال: إن هذا حق لآل محمد أمر الله به. ولا ريب أنه لآل محمد - صلى الله عليه وسلم - حقا على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش، كما أن قريشا يستحقون [2] من المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل، كما أن جنس العرب يستحق من المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر أجناس بني آدم. وهذا على مذهب الجمهور الذين يرون فضل العرب على غيرهم، وفضل قريش على سائر العرب، وفضل بني هاشم على سائر قريش. وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره. والنصوص دلت على هذا القول [3] ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في [الحديث] الصحيح: [4] "«إن الله اصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم»" [5] . وكقوله في [الحديث] الصحيح: [6] "«الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ; خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا»" [7] ، وأمثال ذلك. (1) عبارة "لكل أحد" ساقطة من (ب) فقط. (2) ن، م، و: تستحق. (3) ب: وعلى هذا دلت النصوص، و: والمنصوص على هذا القول. (4) ن، م: في الصحيح. (5) الحديث عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه مع اختلاف في اللفظ في: مسلم 4/1782 (كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - سنن الترمذي 5/243 (كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل النبي - صلى الله عليه وسلم -) ; المسند 4/107. (6) ن، م: في الصحيح. (7) سبق الحديث في هذا الجزء، ص 353.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |