زَيْد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4833 - عددالزوار : 1707461 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4397 - عددالزوار : 1129812 )           »          10 أفكار سهلة ومنعشة لأكلات خفيفة فى الأيام الحارة.. مناسبة للدايت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          4 نصائح لتقوية علاقة أبنائك ببعضهم.. لا تتدخل فى كل خلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          فوائد الزنجبيل للبشرة.. 3 طرق لاستخدامه فى العناية اليومية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          إن كبر ابنك خاويه.. 10 نصائح تقوى علاقتك بأولادك فى مرحلة المراهقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          الطريق لقلب الراجل مش معدته.. 5 صفات تزيد جاذبية المرأة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          المكياج بعد الأربعين.. إزاى تبانى أصغر من غير فلاتر؟ 6 حيل سهلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          6 أخطاء شائعة تفسد المقلاة المصنوعة من الزهر.. حافظى على مطبخك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »          طريقة عمل بلوبيف بيتي بمكونات متوفرة في مطبخك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-02-2025, 02:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 150,190
الدولة : Egypt
افتراضي زَيْد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد

زَيْد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد ـ 1 ـ

اللواء الركن : محمود شيت خطّاب
نسبه وأيامه الأولى :
هو زيد بن حارثة بن شَراحِيْل بن عبد العُزَّى بن امرئ القيس بن عامِر بن النُّعمان بن عامِر بن عَبْد وُدّ بن عَوْف بن كِنَانة بن عَوْف بن عُذرَة بن زيد الَّلات بن رُفَيْدَة بن ثوْر بن كَلْب بن وَبَرَة بن تَغْلب بن حُلْوان بن الجاف بن قُضَاعة بن مالِك بن عمرو بن مُرَّة بن مالِك بن حِمْير بن سَبَأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قَحْطان ، وإلى قحطان جماع اليمن ، وربما اختلف الذين نسبوه في الأسماء وتقديم بعضها على بعض وزيادة شيء فيها ونقص شيء فيها .
ومن المعلوم أن العرب كانوا ولا يزالون يهتمّون بحفظ أنسابهم تسجيلا ورواية ، ومصادر الأنساب في التراث العربي كثيرة جدا ، وحتى اليوم إذا زرت حيا من أحياء العرب ، وسألت طفلا من أطفاله عن نسبه ، سرد عليك نسبه إلى بضعة أسماء أو أكثر ، وحفظُ الأنساب غير معروف عند غير العرب من الأمم
الأخرى ، فلا غرابة في تشكيكهم باستمرار في صحة الأنساب العربية ودقتها ، والمرء عدو ما جهل .
ولا مجال للعربي الأصيل أن يتقبل تشكيك غير العربي بصحَّة أنساب العرب ، ولكن الشك ينحصر في دقَّتها ، وبخاصة إذا ارتفعت إلى عهود سحيقة في القِدَم .
وأم زيد : سُعْدى بنت ثعلبة بن عبد عامِر بن أفلتَ من بني مَعْنِ من طيء .
وزارت سُعْدى أمّ زيد قومها وزيد معها ، فأغارت خيل لبني القَيْن بن جَسْر في الجاهلية فمرّوا على أبيات بني مَعن رهط أمِّ زيد ، فاحتملوا زيدا إذ هو يومئذٍ غلام يَفَعَة قد أَوْصَفَ ، فوافوا به سوق عُكاظ ، فعرضوه للبيع ، فاشتراه منهم حَكيم بن حِزام بن خُوَيلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصَيّ لعمته خديجة بنت خُوَيْلدِ بأربعمائة درهم ، فلما تزوَّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهبته له ، فقبضه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وفي رواية أخرى ، أن زيدا كان قد أصابه سباء في الجاهليّة ، فاشتراه حكيم بن حزام في سوق حُبَاشة ، وهي سوق بناحية مكة كانت مَجْمعا للعرب يتسوّقون بها في كلِّ سنة ، اشتراه حكيم لخديجة بنت خُوَيلد ، فوهبته خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقيل : رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - ينادى عليه بالبطحاء ، فذكره لخديجة ،
فقالت له يشتريه ، فاشتراه من مالها لها ، ثمّ وهبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - .
ويقال : إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ابتاع زيدا بالشّام لخديجة حين توجّه مع مَيْسَرة قِّيمِها ، فوهبته له .
والمتفق عليه ، أن زيدا أصابه سباء ، وكان حرا فأصبح عبدا لخديجة ، ثم أصبح للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أهميَّة للاختلاف في مَنْ اشتراه ولا في مكان بيعه . وقد كان أبوه حارثة حين فقده قال :

بَكَـــيْتُ علـــى زيـــد وَلــم أدْرِ مــا فَعَــلْ أحَــيٌّ فَيُرْجَـــى أم أَتَــى دونَــه الأجــلْ
فواللــــهِ مــــا أدري وإنْ كــــنتُ ســـائلا أغَـــالكَ سَــهْلُ الأرض أمْ غــالكَ الجَــبَلْ
فيـا ليـتَ شِـعْري هـل لـكَ الدَّهـرَ رجعـةٌ فحسـبي مـن الدنيـا رُجـوعُك لـي بَجَـلْ
تذكِّرُنيــــهِ الشَــــمسُ عنــــد طلوعهــــا وَتَعــــرض ذكــــراهُ إذا قــــاربَ الطَّفَـــلْ
وإنْ تَعبــــــتِ الأرواحُ هيَّجـــــنَ ذكـــــرَه فيــا طــولَ مــا حــزني عليــه ويـا وَجَـلْ
سأعمل نـصَّ العِيْس فـي الأرض جاهدا ولا أســـأم التطـــوافَ أو تســـأم الإبـــلْ
حَيـــــاتيَ أو تـــــأتيِ علـــــى منيَّتــــي وكـــلْ امـــرئ فـــانٍ وإنْ غـــرّه الأمـــلْ
وأوصـــى بـــه قيســـا وعَمْـــرا كليهمــا وأوصـى يزيــدا ثــمّ مــن بعــدهم جَــبَلْ
يعني جبلة بن حارثة أخا زيد ، وكان أكبر من زيد ، ويعني يزيد أخا زيد لأمِّه ، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل .
ثم إنّ ناسا من بني كلب حجُّوا ، فرأوا زيدا فَعَرَفهم وعرفوه ، فقال : " بلِّغوا أهلي هذه الأبيات ، فإني أعلم أنهم جزعوا عليّ " وقال :
أَحــــنّ إلـــى قـــومي وإنْ كـــنتُ نائيـــا بـــأني قطيـــن البيـــت عنــد المشــاعر
فكُفّــوا مــن الوَجــدِ الــذي قــد شـجاكُمُ ولا تُعملــوا فـــي الأرض نـــصّ الأبــاعر
فـــإني بحـــمد اللــه فــي خَــيْرِ أسْــرَةٍ كــــرام مَعَـــــدٍّ كـــــابرا بَعْـــــدَ كـــــابِرِ
وانطلق الكلبيون إلى ديارهم ، وأعلموا أباه بمكانه ، ووصفوا له موضعه وعند مَنْ هو ، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل بفدائه ، وقدِما مكّة ، فسألا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل : هو في المسجد . فدخلا عليه ، فقال : " يا ابن عبد الله يا ابن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيِّد قومه ، أنتم أهل الحرم وجيرانه وعند بيته ، تفكُّونَ العاني ، وتُطعمون الأسير ، جئناك في ابننا عندك ، فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه ، فإنا سنرفع لك في الفداء" . قال : " مَنْ هو ؟ " ، قالوا : " زيد بن حارثة " ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فهل لغير ذلك ؟ " قالوا : " ما هو ؟ " فقال : " دَعُوه فخيِّروه ، فإن اختاركم فهو لكما بغير فداء ، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على مَنْ اختارني أحدا " . قالا : "زدتنا في النّصف وأحسنت" . ودعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " هل تعرف هؤلاء ؟ " قال : "نعم" ، قال : " مَنْ هما ؟ " قال : "هذا أبي - وهذا عمي" . قال : " فأنا مَنْ قد علمتَ ورأيتَ صُحْبتي لك - فاخترني أو اخترهما " ، فقال زيد : "ما أنا بالذي أختار عليك أحدا ، أنت مني بمكان الأب والأم " ، فقالا : "ويحك يا زيد أتختار العبوديّة على الحريَّة وعلى أبيك وعمِّك وأهل بيتك ؟ !" ، قال : "نعم! إني قد رأيت من هذا الرّجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا" . فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أخرجه إلى ( الحجر ) فقال : " يا مَنْ حَضَرَ! اشهدوا أنّ زيدا ابني ، أرثهُ ويرثني . فلما رأى ذلك أبوه وعمّه طابت أنفسهما وانصرفا ، فدُعي : زيد بن محمّد ، حتى جاء الله بالإسلام .
ويبدو من سياق هذا الحديث ، أنّه جرى قبل مبعثه عليه الصَّلاة والسَّلام ،
وكان قدوم حارثة وأخيه مكة لفداء زيد قبل الإسلام أيضا .
ومما يلفت النَّظر ، أنَّ زيدا قال لأبيه وعمّه : "إني قد رأيت من هذا الرّجل شيئا ، ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا" ، فما الذي رآه زيد في النبي - صلى الله عليه وسلم - حسن الخلق ، وحسن المعاملة ، ذلك صحيح ، ولكنّه لا يكفي لاختياره ؛ لأنّه اختيار صعب جدا ، لا يكون إلا من أجل العقيدة وحدها ، فهي وحدها تدفع المرء المؤمن إلى التضحية بغير حدود .
وأرجِّح أنّ قدوم حارثة وأخيه لفداء زيد ، كان بعد الإسلام ، وأنّ زيدا كان قد أعلن إسلامه وارتبط ارتباطا مصيريا بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، فهذا هو الذي رآه زيد من هذا الرجل : النبوَّة " .
ولعلّ الدليل على ذلك ، ما جاء في مصدر واحد : " أنَّ حارثة والد زيد أسلم حين جاء في طلب زيد ، ثم ذهب إلى قومه مسلما " . فإسلام زيد هو الذي جعله يختار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على أبيه وأهله ، وإسلام أبيه حارثة ، هو الذي جعله تطيب نفسه فينصرف راضيا.
إسلام زيد :
كان الزُهريُّ يقول : " أوّل مَنْ أسلم زيد بن حارثة " ، وكان يقول : " أوّل مَنْ أسلم من النساء خديجة ، ومن الرِّجال زيد بن حارثة " وقال غير الزهري : إنَّ أوّل من أسلم زيد بن حارثة .
وكان زيد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، يلزمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلى الكعبة أوّل النّهار ويصلي صلاة الضحى ، وكانت قريش لا تنكرها ، وكان إذا صلى غيرها قعد عليٌّ وزيد بن حارثة يرصدانه .
وقيل : إنه أسلم بعد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، فكان أوّل ذكر أسلم وصلى بعد علي بن أبي طالب .
وقيل : أول مَنْ أسلم خديجة ، وأسلم علي بن أبي طالب بعد خديجة ، ثم أسلم بعده زيد ، ثمّ أبو بكر - رضي الله عنهم - جميعا .
وقيل : أول مَنْ أسلم خديجة ، ثم آمن من الصبيان علي ، ثم آمن من الرجال أبو بكر الصديق ، ثم زيد بن حارثة .
ولا أرى تناقضا في تلك الآراء ، فأوَّل مَنْ أسلم من النِّساء خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ، وأوّل مَنْ أسلم من الرِّجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وأوَّل مَنْ أسلم من الصبيان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأول مَنْ أسلم من الموالي زيد بن حارثة رضي الله عنهم ، فهؤلاء هم الأوائل في الإسلام . وكان هؤلاء النّفر هم الذين سبقوا إلى الإسلام ، ثم تتابع الناس في الإسلام حتى فشا ذكر الإسلام بمكَّة وتحدَّث به النَّاس .
وفي مسألة إسلام أولئك النفر السّابقين خلاف مشهور ، ولكنّ تقديم زيد على الجميع ضعيف . ولا مسوِّغ للخلاف ، فكلّهم أوائل في الإسلام ، كل فرد منهم الأوَّل على أمثاله من النَّاس ، فإذا لم يكن زيد أوّل مَنْ أسلم ، فقد كان بالإجماع من أوائل مَنْ أسلم في الطائف :
توفي أبو طالب عمّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وخديجة أمّ المؤمنين قبل الهجرة بثلاث سنين ، وبعد خروجهم من الشِّعب - شِعب أبي طالب ، فتُوفي أبو طالب
في شوّال أو في ذي القعدة وعمره بضع وثمانون سنة ، وكانت خديجة ماتت قبله بخمسة وثلاثين يوما ، وقيل : كان بينهما خمسة وخمسون يوما ، وقيل : ثلاثة أيام .
وعظمت المصيبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بهلاكهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب ، وذلك أنّ قريشا وصلوا من أذاه بعد موت أبي طالب إلى ما لم يكونوا يصلون إليه في حياته ، حتى ينثر بعضهم التراب على رأسه ، وحتى إن بعضهم يطرح عليه رحم الشّاة وهو يُصلِّي ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخْرج ذلك على العود ويقول : أي جوارٍ هذا يا بني عبد مناف !" ، ثمّ يلقيه بالطريق .
فلما اشتدّ عليه الأمر بعد وفاة أبي طالب ، خرج ومعه زيد بن حارثة إلى ثَقيْف يلتمس منهم النّصر . فلما انتهى في مدينة الطائف ، عَمَد إلى ثلاثة نفر منهم ، وهم يومئذ سادة ثقيف ، وهم إخوة ثلاثة : عبد ياليل ، ومسعود ، وحبيب ، بنو عمرو بن عُميْر ، فدعاهم إلى الله ، وكلمهم في نصرته على الإسلام والقيام معه على مَنْ خالفه ، ولكنّهم ردّوه ردّا غير كريم .
وقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد يئس من خير ثقيف ، وقال لهم : "إن أبيتم فاكتموا عليَّ ذلك ، وكره أن يبلغ قومه خبر إخفاقه ، فلم يفعلوا . وأغروا به سفهاءهم ، فاجتمعوا إليه وألجؤوه إلى حائط لعُتْبة وشَيْبَة ابْنَيْ ربيعة ، وهو البستان ، وهما فيه . ورجع السُّفهاء عنه ، فجلس إلى ظلِّ نخلة وقال : اللهم إليك أشكو ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وهواني على الناس! اللهم يا أرحمَ الرَّاحمين أنتَ ربّ المستضعَفين وأنت ربي ، إلى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلي بعيدٍ يتَجهّمني ، أو إلى عدو ملَّكته أمري ، إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع . إني أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تُنزل بي غضبك أو تُحل بي سخطك .
وعاد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أدراجه إلى مكّة ، وعاد معه زيد الذي كان يلازمه ملازمة
الظل ، ولا يفارقه طرفة عين ، بعد أن شهد رحلة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف ، ورأى بعينيه ما لاقاه من صدود وأذى من أجل الدّعوة إلى الإسلام وفي - سبيل الله
يتبع في التجديد القادم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-02-2025, 12:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 150,190
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زَيْد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد

زَيْد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد ـ 2 ـ

اللواء الركن : محمود شيت خطّاب


الهجرة :
لما أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة إلى المدينة المنوّرة ، هاجر زيد إليها ، فنزل على سعد بن خَيْثَمَة .
وقيل : نزل حمزة بن عبد المطّلب ، وحليفه أبو مَرْثَد كَنَّاز بن حُصَيْن الغَنَوِي ، وزيد بن حارثة الكَلْبِي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على كُلْثُوم بن الهِدْم ، أخي بني عمرو بن عوف بِقُباء ، ويقال : على سعد بن خَيْثَمَة .
ومهما يكن الاختلاف في اسم الأنصاري الذي نزل عليه في المدينة أو في ضواحيها ، فقد وجد له مستقرا يأوي إليه ؛ ليستأنف جهاده في خدمة الإسلام .
وفي المدينة ، آخى النبيّ صلى الله عليه وسلم بينه وبين أُسَيْد بن حُضَير ، وقيل : آخى بينه وبين جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنهما - ، وقيل : إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين زيد وحمزة وآخى بين زيد وأسَيْد بن حُضَيْر ، وقيل : آخى بين زيد وحمزة .
ويبدو أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين زيد وحمزة قبل الهجرة ، وإليه أوصى حمزة يوم أحُد حين حضره القتال ، إن حدث به حادث الموت ، أما مؤاخاة المدينة التي كانت بعد الهجرة إليها فقد آخى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين زيد وأسَيْد بن حُضَير .
أما المؤاخاة بين زيد وبين جعفر بن أبي طالب ، فقد كان جعفر مهاجرا إلى الحبشة ، وعاد منها هو وصحبه من المهاجرين ومَنْ دخل في الإسلام هناك ، وقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خَيْبَر ، وكانت غزوة خيبر في شهر محرّم من السنة السّابعة الهجرية ، فمن المشكوك فيه أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين زيد وبين جعفر في تلك السنة المتأخرة من الهجرة ، بينما جرت المؤاخاة بعد الهجرة مبكرا .
وهكذا أصبح لزيد في موطنه الجديد ، قاعدة المسلمين الأمينة : المدينة ، مستقرا يأوي إليه ، وأخ يشدّ عضده ، ومجتمع يتعاون معه في السرّاء والضرّاء
في غزوة بدر الكبرى :
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة باتجاه موقع ( بَدْر ) يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرا من مُهاجَره ، أي في السنة الثانية الهجريّة .
وكان مع المسلمين سبعون بعيرا ، فكانوا يتعاقبون عليها : البعير بين الرجلين والثلاثة والأربعة ، وكان بين النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة بعير ، وفي رواية أخرى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب ومَرْثَد بن أبي مَرْثد يعتقبون بعيرا ، وكان حمزة وزيد وأبو كَبْشَة وأنسَة موالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتقبون بعيرا ، والرواية الثانية هي المعتمدة لإجماع أكثر المؤرخين عليها .
وكان من الرماة المذكورين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر
الكبرى ، وكان لهؤلاء الرماة الأثر العظيم في إحراز المسلمين النصر في هذه الغزوة الحاسمة على المشركين .
وقد قتل من المشركين يوم بدر حَنْظلة بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أميَّة ، وكان من مشاهير مشركي قريش .
وكان زيد البشير الذي أوفده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بفتح بدر ، فقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة إلى أهل ( السّافلة ) من المدينة وبعث عبد الله بن رواحة إلى أهل ( العالية ) بشيرين بنصر المسلمين على المشركين في بدر ، قال أسامة بن زيد : " فأتانا الخبر حين سوينا التراب . على رُقية ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كانت عند عثمان بن عفان رضي الله عنه ، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد خلَّفني عليها مع عثمان - أن زيد بن حارثة قدم ، فجئته وهو واقف بالمصلى وقد غشيه الناس وهو يقول : قُتل عُتْبَة بن ربيعة ، وشَيْبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، وزمعة بن الأسود ، وأبو البختري العاص بن هشام ، وأمية بن خلف ، ونبُيه ومنبِّه ابنا الحجاج ! قلت : يا أبتِ! أحقٌّ هذا ؟ ! قال نعم والله يا بُنَي !" .
وكان رجل من المنافقين قد قال لأسامة بن زيد : " قُتل صاحبكم ومَنْ معه" . وقال آخر منهم لأبي لُبابة : "قد تفرق أصحابكم تفرّقا لا يجتمعون بعده ، وقُتل محمدّ وهذه ناقته نعرفها ، وهذا زيد لا يدري ما يقول من الرُّعب" ، قال أُسامة بن زيد : "فأتيتُ أبي ، فكذّب قول المنافقين " .
وهكذا استطاع زيد أن يبدِّد مخاوف أهل المدينة ، ويكذِّب إشاعات المنافقين المغرضة ، ويعيد الهدوء والاطمئنان إلى المدينة .
لقد كان دور زيد في غزوة بدر الحاسمة دورا بارزا حقا قائد سرية القَردَة :
هي أول سرية خرجٍ فيها زيد أميرا ، وخرج لهلال جمادى الآخرة على رأس سبعة وعشرين شهرا من مُهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي في السنة الثالثة الهجريّة .
وكانت قريش قد حذرت طريق الشام أن يسلكوها ، وخافوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وكانوا قوما تجارا ، فقال صفوان بن أمية : "إن محمدا وأصحابه ، قد عوّروا علينا متجرنا ، فما ندري كيف نصنع بأصحابه ، لا يبرحون الساحل ، وأهل الساحل قد وادعهم ودخل عامّتهم معه ، فما ندري أين نسلك ، وإن أقمنا نأكل رؤوس أموالنا ونحن في دارنا هذه ، مالنا بها نفاق ، إنما نزلناها على التجارة : إلى الشَّام في الصيف ، وفي الشتاء إلى أرض الحبشة " ، فقال له الأسود بن المطَّلب : "فنكب عن السّاحل ، وخذ طريق العراق " .
ولم يكن صفوان عالما بطريق العراق ، فاستأجر دليلا يدعى : فُرات بن حيَّان العجليّ الذي قال لصفوان : "أنا أسلك بك طريق العراق . ليس يطأها أحد من أصحاب محمد ، إنما هي أرض نجد وفيافٍ " ، فقال صفوان : "فهذه حاجتي ، أما الفيافي فنحن شاتون ، وحاجتنا إلى الماء اليوم قليل" .
وتجهز صفوان ، وأرسل معه أبو زمعة بثلاثمائة مثقال ذهب ونُقر فضة ، وبعث معه رجال من قريش ببضائع ، وخرج معه عبد الله بن أبي ربيعة
وحويْطب بن عبد العُزّى في رجال من قريش ، وخرج صفوان بمال كثير: نُقر فضة ، وآنية فضة وزن ثلاثين ألف درهم ، وخرجوا على ( ذات عرق ) .
وقدم المدينة نُعيم بن مسعود الأشجعي ، وهو على دين قومه ، فنزل على كِنانة بن أبي الحُقيق في بني النضير من يهود ، فشرب معه ، وشرب معه سليط بن النُّعمان بن أسلم - ولم تحرّم الخمر يومئذٍ - وهو يأتي بني النضير ويصيب من شرابهم ، فذكر نُعيم خروج صفوان في عيره وما معهم من الأموال ، فخرج من ساعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في مائة راكب ، فاعترضوا عير قريش وأصابوها ، وأفلت أعيان قريش وأسروا رجلا أو رجلين .
وقدم زيد بالعير على النبي صلى الله عليه وسلم فخمسها ، فكان الخمس يومئذ قيمة عشرين ألف درهم ، وقسم ما بقي على أهل السرية .
وكان في الأسر ، فُرات بن حيان ، فأتى به ، فأسلم .
وهكذا صعّد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الغزوة الحصار الاقتصادي على قريش ، فهدّد طريق تجارتهم إلى العراق أيضا ، بعد أن هدد طريق مكة - الشام ، وطريق مكة - الطائف في غزواته وسراياه السابقة .
سرية زيد إلى سُلَيْم بالجُموم :
بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني سُليم بالجمُوم في شهر ربيع الآخر من سنة ست الهجرية زيدا ، فسار على رأس سريته التي لا نعرف تعداد رجالها حتى ورد الجَمُوم ناحية ( بطن نخل ) عن يسارها ، وبطن نخل من المدينة على أربعة بُرُد ، فأصابوا عليه امرأة من مُزيْنة يقال لها حليمة ، فدلتهم على محلة من محال بني سُليم ، فأصابوا في تلك المحلة نعما وشاءً وأسرى ، فكان فيهم زوج حليمة
المُزَنِيَّة . فلما قفل زيد بما أصاب ، وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمُزنيَّة نفسها وزوجها ، فقال بلال بن الحارث في ذلك شعرا:
لعمــرُك! مــا أخــنى المسُــول ولا وَنَـتْ حليمــــةُ حـــــتى راحَ رَكبُهُمــــا معــــا
وكان الهدف من هذه السرية تأمين المدينة القاعدة الأمينة للإسلام ، وفرض سيطرة المسلمين على القبائل التي حولها ، وتشديد وطأة الحصار الاقتصادي على قريش وحلفائها .
قائد سرية العِيْص :
بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيدا إلى العِيْص ، وبينها وبين المدينة أربع ليالٍ ، وبينها وبين ذي المَروَة ليلة ، في جمادى الأولى سنة ست الهجرية . فقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيرا لقريش قد أقبلت من الشَّام ، فبعث زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب يتعرض لها ، فأخذوها وما فيها ، وأخذوا يومئذٍ فضة كثيرة لصفوان بن أمية ، وأسروا ناسا ممن كان في العير ، منهم أبو العاص بن الربيع .
وقدم زيد بهم المدينة فاستجار أبو العاص بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجارته ، ونادت زينب في الناس حين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر: إني قد أجرتُ أبا العاص ! ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما علمتُ بشيءٍ من هذا ، وقد أجرنا مَنْ أجرْتِ ، وردّ عليه ما أخذ منه.
وهكذا شدد النبي صلى الله عليه وسلم الخناق في حصاره الاقتصادي على قريش التي تعيش على التجارة ، وتموت بدونها
ائد سرية الطَّرف :
بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيدا على سرية إلى الطَّرف في جمادى الآخرة من سنة
ست الهجرية ، والطرف ماء قريب من المِراض دون النُّخَيل على ستة وثلاثين ميلا من المدينة طريق البقرة على المحجة .
وخرج زيد إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا ، فأصاب نعما وشاءً ، وهربت الأعراب ، وصبّح زيد بالنعم المدينة ، وهي عشرون بعيرا ، ولم يلق كيدا ، وغاب أربع ليالٍ ، وكان شعارهم: أمِتْ . . . أمِتْ . . .
وكان هدف هذه السريّة ، تأمين المدينة القاعدة الأمينة للإِسلام ، وفرض سيطرة المسلمين على القبائل بالهجوم عليها ، لأنّ الهجوم أنجع وسائل الدفاع ، إذ إنّ الأعراب إذا لم يُهاجموا من المسلمين ، هاجموا المسلمين ، كما هو دأبهم .
قائد سرية حِسْمَى :
بعثّ النبي صلى الله عليه وسلم زيدا على سرية إلى حسمى ، وهي وراء وادي القُرى ، في جمادى الآخرة من السنة السادسة الهجريّة .
وسبب بعث هذه السرية ، أنّ دِحْية برت خليفة الكلبي - وكان مسلما- أقبل من عند قيصر الرُّوم ، وقد أجاره وكساه ، فلقيه الهُنَيْد بن عارض وابنه عارض بن الهُنيد في ناس من بني حُذام بحسْمى ، فقطعوا عليه الطريق ، ولما يتركوا حلله عليه إلا سمل ثوب ، فسمع بذلك نفرٌ من بني الضُّبيب ، فنفروا إليهم ، واستنقذوا لدحية متاعه .
وقدم دِحية على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بذلك ، فبعث زيد بن حارثة في خمسمائة رجل ، وردّ معه دِحية .
وكان زيد يسير اللّيل ويكمن النّهار ، ومعه دليل من بني عُذرة ، فأقبل بهم حتى هجم بهم مع الصُّبح على القوم . فأغاروا عليهم وقتلوا فيهم فأوجعوا ، وقتلوا الهنيد وابنه ، وأغاروا على ماشيتهم ونعمهم ونسائهم ، فأخذوا من النَّعم ألف بعير ،
ومن الشاء خمسة آلاف شاة ، ومن السبي مائة من النساء والصبيان .
ورحل زيد بن رفاعة الجُذامي في نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه الذي كتب له ولقومه ليالي قدم عليه فأسلم ، وقال: "يا رسول الله! لا تُحرِّم علينا حلالا ولا تُحل لنا حراماَ" ، فقال: " كيف أصنع بالقتلى؟ " ، قال أبو يزيد بن عمرو : " أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ، ومن قُتل فهو تحت قدمي هاتين" ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صدق أبو يزيد . وبعث النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى زيد بن حارثة ، يأمره أن يخلي بينهم وبين حُرمهم وأموالهم ، فتوجه علي ، فلقي رافع بن مكيث الجُهني بشير زيد بن حارثة على ناقة من إبل القوم ، فردها عليٌّ على القوم ، ولقي زيدا بالفحلتين ، وهي بين المدينة وذي المروة ، فأبلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرد إلى الناس كلّ ما كان أخذ لهم .
وكان الهدف من هذه السرية ، تأديب بني جُذام الذين اعتدوا على دِحية بن خليفة الكلبيّ ، وهم يعلمون أنه أحد المسلمين ، وليس النبي صلى الله عليه وسلم بالذي يرضى باعتداء أحد على مسلم من المسلمين؛ لأن الاعتداء عليه اعتداء على المسلمين كافة
قائد سرية وادي القُرى :
بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على رأس سرية إلى وادي القُرى في رجب من السنة السادسة الهجرية ، لتأديب بني فزارة ، فأصيبت هذه السرية وتسلل زيد من بين القتلى وعاد إلى المدينة ، فآلى على نفسه ألا يمس رأسه غسل جنابة حتى يغزو بني فزارة .
وفي رواية ، أن زيدا خرج في تجارة إلى الشام ، ومعه بضائع لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان دون وادي القُرى ومعه ناس من أصحابه ، لقيه ناس من بني فزارة من بني بدر ، فضربوه وضربوا أصحابه ، حتى ظنّوا أنهم قد قُتلوا ، وأخذوا ما كان معه ، ثم استبل زيد ، فعاد إلى المدينة ، وهذه الرواية أقرب إلى المنطق والعقل وسير الحوادث .
ويبدو أن المسلمين لم يكتفوا بقطح الطريق التجارية: مكة - الشام على تجارة قريش ، بل أرادوا استغلال هذه الطريق لتجارتهم بهدف تحسين أوضاعهمِ الاقتصادية ، ولكنّهم أخفقوا في ذلك ، إذ تبيّن لهم أنّ الوقت لا يزال مبكِّرا لاستغلال هذه الطريق .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-02-2025, 04:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 150,190
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زَيْد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد

زيد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد ـ 3 ـ


اللواء الركن : محمود شيت خطاب
قائد سرية أم قِرفة بوادي القرى :
بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيدا على رأس سريّة إلى أُم قِرفة بوادي القرى على سبع ليالٍ من المدينة ، في شهر رمضان من السنة السادسة الهجريّة ، وهي من فزارة من بني بدر .
وخرج المسلمون من المدينة ، يكمنون النهار ويسيرون اللّيل ، وخرج بهم دليل لهم . ونذرت بهم بنو بدر من فزارة ، فكانوا يجعلون ناطورا لهم حين يُصبحون ، فينظر على جبل لهم مشرفٍ وجه الطريق الذي يرون أنهم يأتون منه ، فينظر قدر مسيرة يوم ، فيقول: ارحلوا فلا بأس عليكم هذه ليلتكم! .
فلما كان زيد وأصحابه على مسيرة ليلة ، أخطأ بهم دليلهم الطريق ، فأخذ بهم طريقا أُخرى حتى أمسوا وهم على خطأ . وعرفوا خطأهم ، ثم صمدوا لهم في اللّيل حتى صبحوهم ، وكان زيد نهاهم عن المطاردة ، ثم أمرهم ألا يتفرّقوا ، وقال: "إذا كبرتُ فكبِّروا" ، ثم أحاط بفزارة في بيوتهم ، كبّر وكبّروا ، فخرج مَسْلَمة بن الأكوع ، فطلب رجلا منهم حتى قتله ، وأخذ جارية بنت مالك بن حُذيفة بن بدر ، وجدها في بيت من بيوتهم ، وهي ابنة أم قرفة ، واسم أم قِرفة: فاطمة بنت ربيعة بن بدر ، كما أخذوا أم قرفة فقتلها قيس بن المحسِّر ، وقتل النُعمان وعبيد الله ابني مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر .
وكانت العرب تقول: "لو كنت أعزّ من أم قرفة " ، لأنها كانت يغلّق في بيتها خمسون سيفا كلّهم لها ذو محرم .
وعاد زيد إلى المدينة ، فقرع باب النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج إليه مسرعا واعتنقه وقبله ، فأخبره زيد بانتصاره وغنائمه .
أما جارية ابنة أم قرفة ، فقد وهبها سلمة بن الأكوع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوهبها لحزْن بن أبي وهب خال النبي صلى الله عليه وسلم ، فولدت له امرأة ليس له منها ولد غيرها .
وهكذا أخذ زيد بثأر المسلمين الذين قتلتهم فزارة ، وأعاد هيبة المسلمين إلى تلك المنطقة ، ولقّن فزارة درسا لا ينسونه أبدا ، كما لقن غيرها من القبائل مثل هذا الدرس .
قائد سرية مُؤْتة
بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيدا على سرية إلى مُؤْتَة في جمادى الأولى سنة ثمان الهجرية ، وكان سبب بعث هذه السرية أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عُميْر الأزْديّ أحد بني لَهْبٍ إلى ملك بُصرى بكتاب ، فلما نزل مُؤتة عرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغسَّاني فقتله ، ولم يُقْتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، رسول غيره ، فاشتد ذلك عليه ، وندب الناس فأسرعوا وعسكروا بالجُرْف ، وهم ثلاثة آلاف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمير الناس زيد بن حارثة ، فإن قُتل فجعفر بنِ أبي طالب ، فإن قُتِل فعبد الله بن رواحة ، فإن قُتل فليرتضِ المسلمون بينهم رجلاَ فيجعلوه عليهم .
وعقد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لواءً أبيض دفعه إلى زيد ، وأوصاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يأتوا مقتل الحارث بن عُمير وأن يَدْعُوا مَنْ هناك إلى الإسلام ، فإن أجابوا وإلا استعانوا عليهم بالله وقاتلوهم . وخرج مُشيِّعا لهم حتى بلغ ( ثنية الوداع ) ، فوقف وودّعهم ، فلما ساروا من مُعسكرهم نادى المسلمون: دفع الله عنكما وردكم صالحين غانمين! فقال عبد الله بن رواحة :
لكــــنّني أســـــأل الرحــــمن مغفــــرة وضَرْبَــــةً ذات فـــــرعَ تقــــذف الزبــــدا
ولما فصلوا من المدينة ، سمع العدو بمسيرتهم ، فجمعوا لهم ، وقام فيهم شُرَحْبِيل بن عمرو ، فجمع أكثر من مائة ألف ، وقدم الطلائع أمامه .
ونزل المسلمون ( مُعان ) من أرض الشّام ، وبلغ الناس أن هِرَقْل قد نزل ( مآب ) من أرض البلقاء في مائة ألف من بَهْراء ووائل وبَكْر ولَخْم وجُذام .
وأقام المسلمون ليلتين لينظروا في أمرهم ، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنخبره الخبر . . . فشجعهم عبد الله بن رواحة على المُضيّ ، فمضوا إلى مؤتة .
ووافاهم المشركون ، فجاء ما لا قِبَل لأحد به من العدد والسِّلاح والكُراع والديباج والحرير والذّهب ، فالتقى المسلمون والمشركون ، وقاتل الأمراء يومئذ على أرجُلهم ، فأخذ اللِّواء زيد بن حارثة فقاتل ، وقاتل المسلمون معه على صفوفهم ، حتى قُتل طعنا بالرِّماح رحمه الله . ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ، فنزل عن فرس له شقراء ، فعرقبها ، فكانت أوّل فرس عُرقبت في الإسلام ، وقاتل حتى قُتل رضي الله عنه ، ضربه رجل من الروم فقطعه بنصفين ، فوجد في أحد نصفيه بضعة وثلاثون جرحا ، ووجد في بدن جعفر اثنتان وسبعون ضربة بسيف وطعنة برمح ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة ، فقاتل حتى قُتل رضي الله عنه.
واصطلح الناس على خالد بن الوليد ، فسحب قوّات المسلمين من ساحة المعركة وحمى بالساقة انسحابهم ، فكانت عملية الانسحاب التي طبقها خالد من العمليات الانسحابية الفذّة في تاريخ الحروب .
ولما سمع أهل المدينة بجيش مُؤْتَة قادمين ، تلقّوهم بالجَرْف ، فجعل الناس يُحْثُون في وجوههم التراب ويقولون: يا فُرَّار ، أفَررتم في سبيل الله؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسوا بفُرّار ، ولكنّهم كُرَّار إن شاء الله .
وهكذا ضحى زيد بروحه رخيصة في سبيل الله مُقبلا غير مدبرِ ، رافعا لواء الإسلام عاليا ، لم يعفره بالتراب فيِ حياته ، فلما استُشهد لم يُعفر بالتراب المجبول بدم الشهيد ، بل رفعه فوراَ القائد الجديد .
الإنسان :
استُشهد زيد في مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان الهجرية (629 م) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من زيد بعشر سنين ، أي أن زيدا ولد سنة (581 م) ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل وهو سنة (571 م) ، ومعنى ذلك أن زيدا عاش ثمانيا وأربعين سنة شمسيّة ونحو خمسين سنة قمرية .
ولكن هناك نصوص على أنه أستُشهد وله من العمر خمس وخمسون سنة ، والرواية الأولى أرجح ، لأنها المعتمدة عند أكثر المؤرخين المعتمدين . وكان زيد رجلا قصيرا ، آدم شديد الأدمة ، في أنفه فطس ، وفي رواية أنه كان أبيض أحمر ، والتناقض بين الروايتين واضح ، والرواية الأولى هي الصحيحة ، لاعتمادها من أكثر المؤرخين الثقات .
ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر قتل جعفر وزيد بكى وقال: " أخواي ومؤنساي ومحدثاي ، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهادة .
ولما أصيب زيد ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم أهله ، فجهشت زينب بنت زيد في وجهه ، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتحب ، فقال له سعد بن عُبادة : "يا رسول الله ما هذا؟ " ، قال: " هذا شوق الحبيب إلى حبيبه ولا عجب في ذلك ، فقد كان زيد حِبَّ رسول الله ومولاه .
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لزيد وجعفر وابن رواحة بعد استشهادهم ، فقال: اللهم اغفر لزيد ، اللهم اغفر لزيد ، اللهم اغفر لزيد ، اللهم اغفر لجعفر وعبد الله بن رَواحة .
وقال حسّان بن ثابت يرثي زيدا :
عَيْـــــنِ جـــــودى بـــــدمعك المَـــــنْزُور واذكُــري فـــي الرَّخـــاء أهـــل القُبـــور
واذكـــري مُؤْتَــــةً ومــــا كــــان فيهــــا يـــوم راحُــــوا فــــي وقْعَــــةِ التَّغْويـــر
حــــين راحــــوا وغــــادروا ثَــــمَّ زَيــــدا نِعْــــمَ مَــــأوَى الضَّــــريكِ والمأســــور
حِـــــب خــــير الأنــــام طــــرا جميعــــا ســـيِّد النــــاسِ حبُّــــه فـــي الصُّـــدور
ذاكـــــمُ أحــــــمدُ الــــــذي لا سِـــــواهُ ذاكَ حُـــــزّني لـــــه معــــا وســــروري
إنّ زيـــــدا قـــــد كـــــان مِنَّـــــا بـــــأمْرٍ ليس أَمْـــــــرَ المكَـــــــذَّبِ المغـــــــرور
ثـــم جـــودي للخزرجـــيِّ بــدمعِ ســيدا كــــــــان ثَـــــــــمَّ غـــــــــير نَـــــــــزُورِ
قــــد أتانــــا مــــن قتلهــــم مـــا كفانـــا فَبِحُــــــزْنٍ نَبِيْــــــتُ غــــــيرِ ســــــرور
وقد كان لزيد صلة مباشرة متينة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد آثره زيد على أهله ، كما ذكرنا في قصّة محاولة فدائه ، فتبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في زيد : "ما كنّا ندعوه إلاّ زيد بن محمّد ، حتى نزلت: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ . فدُعي زيد بن حارثة ، ودُعي الأدعياء إلى آبائهم ، فدعي المقداد بن عمرو ، وكان يقال له قبل ذلك : المقداد بن الأسود؛ لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبنّاه .
وكان زيد يسمى: زيد الحِبّ ، لأنه حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأبو حبِّه أسامة بن زيد الذي فرض له عمر في العطاء أكثر مما فرض لابنه عبد الله بن عمر ، وعلّل ذلك عمر لابنه: "إنّه كان أحب إلى رسول الله منك ، وإن أباه كان أحب إلى رسول الله من أبيك " .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا زيد ! أنت مولاي ومني وإلي ، وأحب القوم إلي ، وقال لزيد : أنت أخونا ومولانا ، وقال: أنت مولاي ، ومني ، وأحب القوم إلي
وكانت عائشة أم المؤمنين تقول: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمّره عليهم ، ولو بقي بعده استخلفه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يَغْزُ لم يعط سلاحه إلا لعلي أو لزيد .
ذلك مبلغ حب النبي صلى الله عليه وسلم لزيد وتقديره له ، ولن يكون هذا الحب وهذا التقدير إلا لشخصية لها سجاياها المتميزة وإخلاصها النادر وإيمانها العميق .
وزوّج النبي صلى الله عليه وسلم ابنة عمته زينب بنت جحش زيدا ، وهي التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زيد ، فتكلّم المنافقون والمشركون وقالوا: " محمد يحرّم نساء الولد ، وقد تزوّج امرأة ابنه " ، فأنزل الله عز وجل: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ، ونزلت: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ، فدعي يومئذ زيد بن حارثة ، ونُسب كل من تبناه رجل من قريش إلى أبيه .
وكانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول: "لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها ، يعني زينب بنت جحش - قالوا: "إنه تزوج خليلة ابنه" ، فإن العرب إذا تبنت غلاما أنزلته منزلة الولد حتى في الإرث وتحريم نكاح زوجته ، وكان من سُنة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته ، إذا نسخ الله شيئا من أمر الجاهلية أن يُسرع صلى الله عليه وسلم إلى الفعل ، ليقتدى به ، فلما زوج زينب بنت جحش من زيد وأذن الله بنسخ عادة الجاهلية ، أمر الله أن يطلقها زيد ويتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبطل عادة الجاهلية بالفعل ، للعلة التي ذكرها الله في كتابه العزيز: لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحبُّ الناس إلي من أنعم الله عليه وأنعمت عليه - يعني زيد بن حارثة - أنعم الله عليه بالإسلام ، وأنعم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتق .
ومن الواضح ، أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج زيدا زينب بنت جحش ، وهي ابنة عمته ، ليبطل عادة الجاهلية في الترفع على الموالي وعدم تزويجهم الحرائر وبنات الأشراف ، وكان زواجها بزيد شديدا على نفسها ، قالت زينب رضي الله عنها: خطبني عدة من قريش ، فأرسلت أختي حمنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أستشيره ، فقال: أين هي ممن يعلمها كتاب الله وسنة نبيها؟ قالت: ومن هو يا رسول الله؟ قال: زيد . فغضبت حمنة غضبا شديدا وقالت: يا رسول الله أتزوج ابنة عمك مولاك؟! فجاءت فأخبرت زينب ، فغضبت أشد الغضب من غضب أختها وقالت أشد من قولها ، فأنزل الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ، فأرسلت زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : زوجني من شئت ، فزوجني من زيد .
لقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم تقاليد الترفّع عن تزويج الموالي بالحرائر من بنات الأشراف ، وتقاليد تحريم الزواج بامرأة الابن بالتبني ، وأعتقد أنه لو لم يطبق إبطال
تلك التقاليد عمليا بنفسه وعلى نفسه ، لصعب تطبيقها على غيره ، وهي تقاليد جاهلية بالية أبطلها الإسلام ، فجعل التفاضل بالتقوى ، لا بالأحساب وبالتمسك بالأنساب .
ولست أنسى حديثا سمعته في المدينة المنورة من شيخِ معروف من الشيوخ المسلمين ، يستنكر فيه إقدام شخصيات من عوائل عريقة في المدينة على تزويج قسم من بناتهم الشريفات برجال قدّمهم علمهم ومناصبهم الحكومية وأخّرهم نسبهم وحسبهم ، وقد مضى على الإسلام خمسة عشر قرنا ، وذهبت تقاليد الجاهلية إلى غير رجعة ، وهذا يدل على مبلغ التضحية التي أقدم عليها النبي صلى الله عليه وسلم وعظم الشجاعة التي حقّقها بإقدامه على زواج زينب من مولاه ، وزواجها بعد أن طلقها مولاه .
إنّ التضحية والشجاعة المعنويتين اللتين تحملهما الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام في قصّة زينب بنت جحش رضي الله عنها لا تقلان عن أي تضحية وشجاعة ماديتين ، إن لم تكن أعظم أثرا وأبلغ تأثيرا ، فكان القدوة الحسنة والمثال الشخصي في تطبيق أصعب تشريعات الإسلام على نفسه قبل غيره ، فاجتث بذلك تقاليد جاهلية بالية ، ولكن لا تزال آثارها باقية بين العرب المسلمين حتى اليوم ، وهناك من لا يتحمل تطبيق اجتثاثها على نفسه من العرب المسلمين غير المؤمنين حقا من الطيبين الأخيار .
ومادمنا قد تطرقنا إلى زواج زيد بالسيدة زينب ، فلا بد من إكمال الحديث عن زواجه بنسائه الأخريات.
فقد زوجه النبي صلى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن ، فولدت له أسامة بن زيد . حب رسول الله وابن حبه ، وهي حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاته ، وكان اسم أم أيمن: بركة ، كانت قد تزوجت بمكة في الجاهلية عُبيد بن عمرو بن بلال بن أبي الحرباء بن قيس بن مالك بن ثعلبة بن جشم بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج ، فولدت له أيمن بن عُبيد ، فكنِّيت به . واستُشهد أيمن يوم حُنين ، ومات عُبيد عن أم أيمن ، فكانت فارغة لا زوج لها ، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا .
وتزوج زيد أمّ كلثوم بنت عُقبة بن أبي معَيْطٍ . فقد أقبلت أم كلثوم بن عُقبة بن أبي مُعيط ، وأمها أروى بنت كُريز بن ربيعة ، وأم أروى هي أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب - مهاجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطبها الزُّبير بن العوام ، وزيد بن حارثة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعمرو بن العاص ، فاستشارت أخاها لأمها عثمان بن عفان ، فأشار عليها أن تأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتته ، فأشار عليها بزيد بن حارثة ، فتزوجته ، فولدت له زيدا ورُقيَّة ، فهلك زيد وهو صغير ، وماتت رُقيَّة في حجر عثمان . وطلق زيد أم كلثوم ، فخلف عليها عبد الرحمن بن عوف ، ثم الزُّبير ، ثم عمرو بن العاص . وتزوج هند بنت العوّام أخت الزُّبير ، وكان قد تزوج قبلها دُرة بنت أبي لهب ثم طلّقها .
وتسلسل زوجات زيد بحسب الأقدمية: أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته ، ثم زينب بنت جحش ، ولما طلق زينب زوجته أم كلثوم بنت عُقبة ، ثم طلق أم كلثوم وتزوج درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب ، ثم طلقها وتزوِج هند بنت العوام أخت الزُبير ، وهكذا سعى النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوج زيدا كرائم النساء وأقربهن نسبا به؛ لأنه حبه ومؤتمنه وموضع ثقته ، ولكي يجتث تقاليد جاهلية عريقة بالية في الزواج ، ولكن بعض المسلمين عادوا إلى تلك التقاليد الجاهلية البالية ، فعادت إلى الحياة من جديد .
وقد استخلف النبي صلى الله عليه وسلم زيدا على المدينة المنورة مرتين: المرة الأولى في خروجه إلى غزوة ( بُواط ) . في شهر ربيع الأول سنة اثنتين الهجرية .
والمرة الثانية في غزوة بني المُصطلق من خُزاعة في ( المُرَيْسِيْعِ ) قرب مكة التي كانت في شهر شعبان سنة خمس الهجرية ، وهذا دليل على اعتماد النبي صلى الله عليه وسلم على كفاءة زيد الإداريّة .
وأوفده النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة مع أبي رافع مولاه ، فحملا سَودة بنت زمعة ، وفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، وأم كلثوم ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقدم زيد وأبو رافع بزوج النبي صلى الله عليه وسلم وابنتيه المدينة والمسجد يُبنى . وأوفده مع رجل من الأنصار إلى مكة لحمل زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وقال لهما: " كونا ببطن ( يَأجِج ) حتى تمر بكما زينب ، فتصحباها حتى تأتياني بها فخرجا إلى مكة بعد غزوة بدر الكبرى بشهر أو قريب منه ، فاستلمها زيد وصاحبه ، وقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا دليل على ثقته الغالية بأمانة زيد وحسن تصرفه ورجاحة عقله .
ولم يُسَمِّ الله سبحانه وتعالى أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحاب غيره من الأنبياء إلا زيد بن حارثة ، ، قال تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا .
روى أربعة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية أخرى أنه روى حديثين فقط .
ومضى أبو أُسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو حِبِّه إلى جوار ربه بعد أن عاش خمسين سنة قمرية ، كان فيها منذ عقل إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم المولى والأخ والحبيب ، فأدى ما عليه من واجبات جسام كأحسن ما يكون الأداء ، فاستحق تقدير النبي صلى الله عليه وسلم وحبه ورضاه ، وتقدير المسلمين وحبهم ورضاهم في الماضي والحاضر والمستقبل ، وكان لا يزال وسيبقى أسوة حسنة للمؤمنين المخلصين الصّادقين .
وقد ترك زيد آثاره الباقية في حياة النبيِ صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ، كما ترك آثاره الباقية في خدمة الدين الحنيف داعيا ومجاهدا ، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم في السراء والضراء وفي الإسلام والحرب ، رضي الله عنه وأرضاه .








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-02-2025, 04:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 150,190
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زَيْد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد

زيد بن حارثة الكلبي القائد الشهيد ـ 4 ـ والأخيرة



اللواء الركن : محمود شيت خطاب
القائد :
بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم من حَجَّة الوداع ، أقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر من السنة الحادية عشر الهجرية (632 م) ، فأمر بتجهيز جيش كبير فيه أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وسعد بن أبي وقاص وأبو عُبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنهم ، وجعل هذا الجيش بإمرة أسامة بن زيد ، فتجهّز الناس ، وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والدَّاروم من أرض فلسطين .
وتأخّر تجهيز هذا الجيش لمرض النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر ، ثم قال: "أيها الناس! انفذوا بعث أسامة ، فلعمري لئن قلتم في إمارته ، لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله ، وإنه لخليق للإمارة ، وإن كان أبوه لخليقا لها ، وفي رواية الإمام البخاري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد ، فطعن الناس في إمارته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن تطعنوا فيِ إمارته ، فقد كنتم تطعنُون في إمارة أبيه من قبلُ . وايم الله ، إن كان لخليقاَ للإِمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إليّ ، وإنَّ هذا لمن أحب الناس إليِّ بعده وهذا تقويم لكفاية زيد القيادة وكفاية ابنه أسامة القيادية أيضاَ ، يفوق كل تقويم؛ لأنه تقويم النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعادله ولا يقاربه أي تقويم آخر .
وقد كانت عائشة أم المؤمنين أقرب المقربين للنبي صلى الله عليه وسلم وأعرفهم به تقول: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمّره عليهم ولو بقي بعده لاستخلفه .
ذلك هو مبلغ تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لكفاية زيد القيادية وثقته الكاملة به واعتماده المطلق عليه ، وهو تقدير عظيم وثقة بالغة واعتماد هائل ، استحقه زيد بمزاياه القيادية أولا وقبل كل شيء ، فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يولي ثقته الكاملة إلا لمن يستحقها بجدارة ، وكان يبنى الإنسان المسلم بالعقيدة الراسخة ، والأسوة الحسنة التي يضربها للمسلمين كافة بشخصه الكرِيم ، وبتوليه الرجل المناسب للعمل المناسب ليقود الأمة أفضل رجالها عقيدةَ واقتداراَ بالنسبة للواجبات والمسئوليات التي يتقلدونها .
فما الذي يستطيع القادة أن يتعلموه من سجايا زيد القياديّة؟
كان من الرُّماة المعدودين المذكورين من بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أي أنه كان السنّ ، والاستمساك بعُرى التفاضل بالأنساب والأحساب والعشائر والقبائل . . . إن التفاضل في الإسلام يخضع للتقوى وصالح الأعمال ، بالإضافة إلى الكفايات المناسبة للعمل المناسب .
وقد رفعت مزايا زيد القياديّة وإيمانه الراسخ العميق إلى الإمارة .
لقد كان لزيد قابلية فذّة لِإعطاء قرار سريع صحيح في الوقت والمكان المناسبين ، وكانت كل سراياه بحاجة ماسة إلى إصدار قرارات سريعة
وصحيحة ، وحين وجد العدو في سريّة مُؤْتة قد حشد له ما لا قبل للمسلمين به ، عزم أن يتريث في قبول المعركة غير المتكافئة ويستشير النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف الجديد ، ولكن المتحمسين من المجاهدين الذين خرجوا للجهاد طلبا للشهادة وعلى رأسهم عبد الله بن رَواحة ، أرادوا لقاء العدو مهما تكن نتائج هذا اللقاء ، فانصاع زيد لنداء العاطفة ، ويبدو أن الأحداث تطورت بسرعة عظيمة فاضطّرت المسلمين إلى قَبول المعركة ، فكان سرية مُؤْتة إخفاقا تعبويا ولكنها كانت نصرا سَوْقيا ، جعلت الروم جيران المسلمين في الشمال ، يلمسون عمليا بأن العرب بالإسلام أصبحوا خلقا جديدا ، فأصبحت حربُهم ليست حربا عابرة ، بل هي حرب لها ما بعدها كأية حرب نظاميّة تتميّز بإرادة القتال وبالنظام والتنظيم والاستمرارية .
وكان زيد ذا إرادة قوية ثابتة ، استطاع أن يتغلب بسهولة ويُسرٍ على كثير من المصاعب والعقبات في سراياه ، التي كان أكثرها يتسم بالمغامرة والمشاقّ ، فنجح بفضل إرادة الله على ما صادفه من معضلات ومشاق .
وكان من أولئك القادة الذين يتحملون المسئولية ويتقبلونها قَبولا حسنا ، ولا يتملصون منها بإلقائها على عواتق الآخرين .
وكان ذا نفسية ثابتة لا تتبدل: لا يطربها النصر فيؤدي بها إلى مزالق الشّطط ، ولا يقلقها الانتصار فيحملها إلى مهاوي الانهيار ، والشطط والانهيار تلحق الكوارث بالقائد ورِجاله .
وما دام المرء لا يعمل لنفسه ، بل يعمل للمصلحة العامة ، وتكون نيته خالصة لوجه الله ، فإن نفسيته تكون ثابتة لا تتغيّر .
وكان عارفا بنفسيات رجاله وقابلياتهم؛ لأنّه نشأ بينهم وعمل معهم ، وعايشهم طويلا في حالتي الحرب والسلام ، إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المقربين وآل بيته الطاهرين ، فكان يكلف كل فرد منهم بما يناسب نفسيته وقابليته .
وكان يثق برجاله ثقة مطلقة ، ويثق به رجاله ثقة مطلقة ، والثقة الأساس
القوي للتعاون بين القائد وجنوده ، ولا تعاون بدون ثقة متبادلة .
وكان يحب رجاله حب الأخ لأخيه ، ويحبه رجاله حبا لا مزيد عليه ، والحب المتبادل هو العامل الحيوي لِإرساء أسس التعاون الوثيق الذي يقود إلى النصر .
وكان يتمتع بشخصيّة قوية نافذة ، جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يوليه السرايا التي فيها أمثال أبي بكر الصدِّيق وعمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم ، ويوليه إمرة المدينة المنورة في بعض غزواته ، مما يدل على شخصيته القوية النافذة .
وكانت له قابلية بدنيّة فائقة ، ساعدته على قطع المسافات الشاسعة بسرعة ، وتحمّل أعباء السفر والقتال ، دون كلل ولا ملل ولا تعب ولا إنهاك .
وكان له ماض ناصع مجيد في خدمة الإسلام والمسلمين ، وخدمة النبي صلى الله عليه وسلم .
وكان يساوي بينه وبين رجاله ، لا يستأثر دونهم الخير ، ويترك لهم المتاعب ، بل يؤثرهم بالأمن والدعة والاطمئنان ، ويستأثر دونهم بالأخطار والمصاعب والمشاق .
وكان يستشير أصحابه ، وبخاصة ذوي الرأي منهم ، ويأخذ بآرائهم ويضعها في حيِّز التطبيق العملي .
واستنادا إلى مبادئ الحرب ، فقد كان زيد يختار مقصده ويديمه ، ويفكِّر في أقوم وسيلة للوصول إليه ، ثم يقرِّر الخطة المناسبة للحصول عليه .
وكانت سرايا زيد كلها تعرضيّة ، تَشِيع فيها رُوح المباغتة ، وكانت جميع سراياه عدا سرية مُؤْتة مباغتة كاملة لأعداء المسلمين ، لذلك استطاع الانتصار عليهم بالرغم من قلة قوّاته بالنسبة إلى كثرة قوّاتهم ، وبالرغم من وجودهم في بلادهم بينما كانت خطوط مواصلات زيد بعيدة عن المدينة قاعدة عمليات المسلمين الرئيسة .
كما أن زيدا كان يحشد قوّاته قبل الإقدام على خوض المعركة ، وكان يديم معنويات تلك القوات ، ويمكن اعتبار سراياه في هدفها الرئيس سرايا معنويات بالدرجة الأولى كما ذكرنا من قبل .
وكان يطبق مبدأ الأمن ، فلم يستطع العدو مباغتة سرايا زيد في أية معركة خاضها ، وحتى سرية مُؤْتة لم يُباغت بتفوِّق القوات المعادية على قوات المسلمين عدداَ وعُددا . ولكنه اختار لنفسه الشهادة ، فكان له ما أراد .
وكانت سرايا زيد تتحلى بالطاعة المطلقة ، وهي مما نسميه اليوم: الضبط المتين ، كما امتازت سراياه بالشجاعة والإقدام والجلد والصبر والمصابرة وتحمل المشاق ، وهي الصِّفات المعنوية الباقية على الزمان لكل جيش متماسك في كل زمان ومكان .
وكان زيد يتحلى بنفس مزايا جيشه المعنويّة ، وكان مثالا شخصيا رائعا لسراياه في كل تلك المزايا والصفات .
لقد كان زيد قائدا متميِّزا حقا .
زيد في التاريخ :
يذكر التاريخ لزيد ، أنه أصاب سباء في الجاهلية ، فطوحت به الأقدار بعيدا عن أهله ليصبح في كنف النبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه .
وأن أباه وعمه وإخوته أرادوا فداءه ، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم على أبيه وعمه وإخوته ، فارتبط مصيره بالإسلام والمسلمين .
وأنه كان أول مَنْ أسلم ، أو من أول مَنْ أسلم ، فكان أول من أسلم من الموالي بدون خلاف .
وأنه رافق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مدينة الطائف لدعوة بني ثقيف إلى الإسلام ، فشهد أقسى ما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم من ثقيف في رحلته الصعبة الشاقة .
وأنه هاجر إلى المدينة المنورة ، وحمل معه قسما من بنات النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته .
وأنه شهد بدرا وأحُدا والخندق وغيرها من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبلى فيها أعظم البلاء .
وأنه تولى قيادة تسع سرايا من سرايا النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان أكثر قادة النبي صلى الله عليه وسلم في قيادة سراياه .
وأنه الوحيد الذي ذكر بالاسم من بين صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحاب النبيين والمرسلين في القرآن الكريم .
وأنه كان حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا حِبِّه أسامة بن زيد الكلبي .
وأنه توّج حياته الحافلة بالجهاد المتواصل بالشّهادة ، فضحى بنفسه فداءً لعقيدته ، ولم يُضَح بعقيدته فداءً لنفسه .
رضي الله عن الصحابي الجليل ، القائد الشهيد ، الإداري الحازم ، حِب رسول الله زيد بن حارثة الكلبيّ.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر : مجلة البحوث الإسلامية العدد الخامس عشر ، ربيع الأول 1406







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 116.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 113.80 كيلو بايت... تم توفير 3.05 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]