ترجمة أبي عبيد القاسم بن سلاَّم

[ابوالوليد المسلم]

ترجمة أبي عبيد القاسم بن سلاَّم


























د. سيد مصطفى أبو طالب




اسمه ونسبه:



هو القاسم بن سَلَّام[1] بن مِسْكِين بن زَيْد[2] الهَرَوي[3] البغدادي[4]، مولى للأزد[5]، من أبناء خُرَاسَان[6].



أبوه: كان أبوه عبدًا روميًّا[7] مملوكًا لرجل من هراة، وكان يعمل حمالاً[8]، وهو سَلاَّم[9] بن مسكين بن زيد.








مولده:



ولد أبو عبيد القاسم بن سلام بهراة[10] سنة (154هـ) تقريبًا[11].








رحلته في طلب العلم:



رأى أبوه علامات الذكاء عليه منذ صغره، فأخذه إلى الكُتاب؛ ليتعلم القراءة والكتابة مع ابن مولاه، وقال للمعلم: (علمي القاسم فإنها كَيِّسَـة)[12].



وهذا القول يدل على أن الرجل لا يحسن العربية، فهو يؤنث المذكر.



ثم أخذ عن علماء هراة حتى سافر إلى العراق، وقد كانت البصرة والكوفة آنئذ حاضرتي العلم، تشد إليهما الرِّحَال لطلب العلم، سافر أبو عبيد إلى البصرة، ودخلها ليسمع من حماد بن زيد[13]، فإذا هو قد مات، فشكا ذلك إلى عبدالرحمن بن مهدي[14]، فقال: مهما سُبِقْتَ به فلا تُسْبَقَن بتقوى الله[15].








شيوخه:



أخذ العلم عن شيوخ كثيرين في كل فن:



بعض من أخذ عنهم اللغة والغريب:



1- أبو عبيدة معمر بن المثنى مولى بني تميم القرشي البصري اللغوي (ت 210هـ)[16].



2- أبو سعيد عبدالملك بن قريب بن عبدالملك الأصمعي البصري اللغوي (ت215هـ)[17].



3- أبو زيد سعيد بن أَوْس بن ثابت بن بَشِير الأنصاري الخَزْرَجِي البصري النحوي اللغوي (ت215هـ) في خلافة المأمون، وقد جاوز التسعين[18].



4- أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة يحيى بن المغيرة اليزيدي البصري اللغوي (ت202هـ)[19].



5- أبو الحسن علي بن حمزة بن عبدالله بن عثمان الكسائي الكوفي النحوي اللغوي (ت182هـ)[20].



6- أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبدالله بن منظور بن مروان الكوفي النحوي المعروف بالفراء (ت207هـ)[21].



7- أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني بالولاء، الكوفي اللغوي، توفي ببغداد سنة (213هـ)[22].








بعض من أخذ عنهم القرآن الكريم:



1- أبو بكر إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني (ت180هـ)[23].



2- أبو نُعَيم شجاع بن نصر البَلْخِي، البغدادي، مات ببغداد سنة (190هـ)[24].



3- أبو الوليد هشام بن عَمَّار بن مَيْسَرَة الدمشقي (ت245هـ)[25].








(ج) بعض من أخذ عنهم من المحَدِّثين:



روى أبو عبيد الحديث عن خلق كثير؛ منهم:



1- أبو بِشْر إسماعيل بن إبراهيم بن مُقْسِم الأسدي، البصري المعروف بابن عُلَيَّة (ت193هـ)[26].



2- أبو سعيد بن عبدالرحمن بن مهدي[27].



3- أبو معاوية هُشَيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي بن أبي خازم الواسطي (ت183هـ)[28].



4- أبو عبدالله بن شريك بن أبي شريك النخعي الكوفي القاضي (ت177هـ)[29].



5- هشام بن عمار بن نصير بن أبان بن ميسرة السلمي من أهل دمشق (ت245هـ)[30].








بعض من أخذ عنهم الفقه:



لأبي عبيد آراء فقهية كثيرة في كتاب غريب الحديث، وهو شافعي المذهب، وقد أخذ الفقه عن بعض الفقهاء، ومن هؤلاء الذين أخذ عنهم الفقه:



1- الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الشافعي المكي نزيل مصر (ت204هـ)[31].



2- أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، صاحب أبي حنيفة وأشهر تلاميذه (ت182هـ)[32].



3- أبو عبدالله محمد بن الحسين بن فَرْقَد الشَّيْبَاني الحنفي (ت189هـ)[33].



هؤلاء العلماء الذين ذكروا نذر يسير ممن نهل منهم أبو عبيد.







تلاميذه:



أخذ عن أبي عبيد العلم كثير من طلابه، فأفادوا منه في مجالات عدة من العلوم في الفقه والحديث واللغة وغيرها.








ومن هؤلاء الذين تتلمذوا على يديه:



1- أبو الفضل عباس بن عبدالعظيم بن إسماعيل بن تَوْبَة العَنْبَرِي البصري (ت246هـ)[34].



2- أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن بن الفضل بن بُهرام بن عبدالصمد الدرامي (ت255هـ)[35].



3- أبو الفضل عباس بن محمد بن حاتم بن واقد الدوري البغدادي (ت271هـ)[36].



4- أبو بكر محمد بن جعفر الصاغاني (ت270هـ)[37].



5- أبو الحسن علي بن عبدالعزيز المرزبان بن سابور البغوي، أحد أخلص التلاميذ لأبي عبيد (ت280هـ)[38].







عمله:



عمل أبو عبيد مؤدبًا لأبناء الأمراء في خراسان، ومرو، وسُرَّ مَن رأى، وطرسوس، كما اشتغل بالقضاء، فكان قاضيًا لطرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ثماني عشرة سنة[39].



بعد هذه المدة الطويلة في القضاء اتصل بعبدالله بن طاهر، وكان ابن طاهر يجري عليه في الشهر ألفي درهم، وكان كلما ألف كتابًا أهداه إليه، وعمل غريب الحديث، فقال ابن طاهر: إن عقلاً بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب، لحقيق ألا يحوج إلى طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم كل شهر[40]، فعاش مكرمًا متفرغًا للتأليف والتصنيف يجري عليه رزقه.








منزلته:



لهذا العالم الفذِّ منزلة عظيمة، فقد بَذَّ أقرانه، وفاقهم علمًا وخلقًا، فكان مثلاً يقتدى به، وليس أدل على مكانته الكبيرة من أقوال كثير من العلماء في حقه، من ذلك ما ذكره هلال بن الرقي: لقد مَنَّ الله على هذه الأمة بأربعة: بالشافعي فَقِه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي عبيد فسَّر غريب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيحيى بن معين نفى الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأحمد بن حنبل ثبت في المحنة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، لولاهم لذهب الإسلام، ولولا ذلك لاقتحم الناس في الخطأ[41].



وجعله عبدالله بن طاهر رابع أربعة هم علماء الإسلام، كلٌّ في زمانه: عبدالله بن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن مَعِين في زمانه، والقاسم بن سَلَّام في زمانه[42].



ويقول أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: لو كان أبو عبيد في بني إسرائيل، لكان عجبًا[43].








وفاته:



بعد رحلة طويلة من طلب العلم وتعليمه، والبحث المستمر منذ نعومة الأظفار، توفي أبو عبيد بمكة سنة (224هـ)[44].

[1] المعارف لابن قتيبة (ص549) حققه وقدم له د. ثروت عكاشة ط:4 – دار المعارف بدون، والفهرست (1/ 71) لابن النديم ت د. محمد عوني عبدالرؤوف، د. إيمان السعيد جلال، ضمن سلسلة الذخائر، الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة 2006م، تاريخ بغداد (12/ 403)، للخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية - بيروت بدون، طبقات الشافعية (2/ 154) لابن قاضي شهبة الدمشقي، اعتنى بتصحيحه د. الحافظ عبدالعليم خان، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية – حيدر آباد الدكن - الهند ط:1 – 1400هـ - 1980م، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة (2/ 253) لجلال الدين السيوطي، تح/ محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر. ط2. 1399هـ - 1979م.



[2] الفهرست (1/ 71).



[3] نسبة إلى البلد التي ولد فيها وهي: هراة، نزهة الألباء في طبقات الأدباء (ص199) لأبي البركات كمال الدين عبدالرحمن بن محمد الأنباري؛ تح د. إبراهيم السامرائي، مكتبة المنار، الأردن ط:3 – 1405هـ -1985م، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب (4/ 112) لابن العماد شهاب الدين بن الفلاح عبدالحي بن أحمد الحنبلي الدمشقي؛ تح/ محمود الأرنؤوط وزميليه، دار ابن كثير، دمشق، بيروت ط:1 – 1406هـ 1986م، ومفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم (2/ 278) لأحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زاده، دار الكتب العلمية بيروت ط:1 – 1405هـ - 1985م.



[4] نسبة إقامة ورحلة، المزهر في علوم اللغة وأنواعها (2/ 264) لجلال الدين السيوطي؛ تح/ محمد أحمد جاد المولى بك، وعلي محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، دار الحرم للتراث، بدون.



[5] المعارف (ص549)، تاريخ بغداد (3/ 403).



[6] نسبة إقليم، المعارف (ص549).



[7] تاريخ بغداد (12/ 4.3)، ومعجم الأدباء (5/ 2198) (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) لياقوت الحموي الرومي؛ تح د. إحسان عباس دار الغرب الإسلامي ط:1- 1417هـ - 1997م، وسير أعلام النبلاء (10/ 491) للذهبي مؤسسة الرسالة - بيروت ط:9 – 1413هـ - 1993م، ووفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (4/ 60) لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان؛ تح/ إحسان عباس، دار صادر - بيروت، وطبقات الحنابلة (2/ 210) للقاضي أبي الحسين محمد بن أحمد بن أبي يعلى؛ حققه وقدم له وعلق عليه د. عبدالرحمن بن سليمان العثيمين، مكة المكرمة - جامعة أم القرى 1419هـ - 1999م، وطبقات الشافعية (2/ 154).



[8] الفهرست (1/ 71).



[9] بتشديد اللام، الفهرست (1/ 71)، وبغية الوعاة (2/ 253)، وطبقات الشافعية (2/ 153).



[10] هراة – بالفتح- مدينة عظيمة من أمهات مدن خراسان، كثيرة الأنهار والبساتين والخيرات، وإليها نسب خلق كثير من الأئمة والعلماء، ينظر: معجم البلدان (5/ 396) لياقوت الحموي دار الفكر بيروت بدون.



[11] تاريخ بغداد (12/ 415).



[12] سير أعلام النبلاء (10/ 491)، ونزهة الألباء (ص110)، وطبقات الحنابلة (2/ 211).



[13] هو أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهني مولى آل جرير بن حازم، كان ضريرًا، وكان إمامًا حافظًا، ثقة، حجة، كثير رواية الحديث، روى عن جمع كثير، وروى عنه خلق كثير، ولد سنة ثمان وتسعين، وتوفي في رمضان سنة تسع وسبعين ومائة، تهذيب التهذيب (3/ 9) لابن حجر العسقلاني، دار الفكر بيروت ط1. 1404هـ - 1984م، والثقات لابن حبان (6/ 97)؛ تح/ السيد شرف الدين أحمد – دار الفكر بيروت – ط:1 -1395هـ - 1975م، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 137) دار إحياء التراث العربي - بيروت. ط:1 – 1271هـ - 1952م.



[14] هو أبو سعيد عبدالرحمن بن مهدي بن حسان بن عبدالرحمن البصري، كان إمامًا، عالمًا، ثقة، كثير الحديث، روى عن خلق كثير، وروى عنه خلق منهم أبو عبيد، توفي سنة ثمان وتسعين ومائة؛ الثقات لابن حبان (8/ 373).



[15] تاريخ بغداد (12/ 408).



[16] بغية الوعاة (2/ 294)، وتاريخ بغداد (12/ 404)، ومعجم الأدباء (5/ 2704).



[17] الفهرست (1/ 155)، وبغية الوعاة (2/ 112)، وتاريخ بغداد (12/ 404).



[18] معجم الأدباء (3/ 21360)، وبغية الوعاة (1/ 582).



[19] معجم الأدباء (6/ 2828)، وغاية النهاية في طبقات القراء (1/ 463) لابن الجزري – عني بنشره/ ج. برجشتراسر- دار الكتب العلمية. بيروت ط:1 – 1427هـ 2006م.



[20] حجة القراءات (ص61) لأبي زرعة عبدالرحمن بن محمد بن زنجلة ت/ سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة - بيروت. ط:5 – 1418هـ - 1997م، ومعجم الأدباء (4/ 1737).



[21] بغية الوعاة (2/ 333)، ومعجم الأدباء (6/ 2812)، وشذرات الذهب (3/ 39).



[22] وفيات الأعيان (1/ 210)، ومعجم الأدباء (2/ 625)، وبغية الوعاة (1/ 439).



[23] غاية النهاية (1/ 148).



[24] غاية النهاية (1/ 293).



[25] غاية النهاية (2/ 308).



[26] الطبقات الكبرى (7/ 325) لمحمد بن سعد، دار صادر بيروت ط:1 – 1968، وتهذيب الكمال (3/ 23) للمزي؛ تح د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة - بيروت ط1. 1400هـ - 1980م، وتهذيب التهذيب (1/ 241).



[27] سبق التعريف به.



[28] تهذيب التهذيب (11/ 53)، ولسان الميزان (7/ 149) لابن حجر العسقلاني، ت/ دائرة المعارف النظامية الهند، مؤسسة الأعلى للمطبوعات - بيروت ط:3 – 1406هـ 1986م.



[29] تهذيب التهذيب (4/ 293)، ولسان الميزان (7/ 242).



[30] الثقات (9/ 233)، وتهذيب الكمال (30/ 242)، وتقريب التهذيب (ص573) لابن حجر العسقلاني؛ تح/ محمد عوامه، دار الرشيد - سوريا ط1. 1406هـ - 1986م.



[31] تهذيب التهذيب (9/ 23)، وتهذيب الكمال (24/ 356)، ومعجم الأدباء (5/ 2393).



[32] تاريخ بغداد (14/ 242)، ومعجم المؤلفين (13/ 240).



[33] تاريخ بغداد (2/ 172).



[34] تهذيب التهذيب (2/ 397)، وتهذيب الكمال (14/ 222).



[35] التاريخ الصغير (2/ 397) لمحمد بن إسماعيل البخاري: دار الوعي، مكتبة دار التراث -حلب، القاهرة الطبعة الأولى، 1397 - 1977؛ تحقيق: محمود إبراهيم زايد.



[36] تهذيب الكمال (14/ 245)، وتقريب التهذيب (1/ 294)، والثقات (8/ 513).



[37] تهذيب الكمال (24/ 399)، وتهذيب التهذيب (9/ 32)، وتاريخ بغداد (1/ 240).



[38] تاريخ بغداد (10/ 111)، ومعجم الأدباء (4/ 1795).



[39] طبقات اللغويين والنحويين (ص199) لأبي بكر الزبيدي؛ تح/ محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، ط:3 بدون، ومرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان (2/ 63) لأبي محمد عبدالله بن أسعد بن سليمان اليافعي، دار الكتب العلمية - بيروت. ط1: 1417هـ 1997م، وطبقات الشافعية (2/ 154)، وسير أعلام النبلاء (10/ 492).



[40] نزهة الألباء (ص110)، وشذرات الذهب (3/ 111)، وطبقات الحنابلة (2/ 217)، ومرآة الجنان (2/ 63).



[41] نزهة الألباء (ص111)، ومرآة الجنان (2/ 64)، ووفيات الأعيان (4/ 61)، وسير أعلام النبلاء (10/ 499).



[42] طبقات اللغويين (ص201)، وتاريخ بغداد (12/ 412)، وسير أعلام النبلاء (10/ 499)، ومعجم الأدباء (5/ 2200).



[43] طبقات الشافعية (2/ 155).




[44] الفهرست (1/ 71)، وطبقات الحنابلة (2/ 219)، ومعجم الأدباء (5/ 2199).