لطائف من غزوة الطائف - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 31 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1189 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16902 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-01-2022, 10:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي لطائف من غزوة الطائف

لطائف من غزوة الطائف (1)
محمد السيد حسن محمد




تمثل غزوة الطائف فصلًا جديدًا من فصول هذا البذل المبارك، ولهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه من أولاء الصحب الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وكما وأنها تمثل حلقات من حلقات يوم حنين ويوم أوطاس معًا، وإذ شكل هذا الثلاثي وفي عقدنا سلسلة متصلة، ولربما جاز التعبير، ولنفرة واحدة، وإن كان لكل منها سمتها، وإذ كان لكل منها شخصيتها الاعتبارية المستقلة، وكحلقة من حلقات مرت بها هذه الدعوة المباركة، ولاسيما في سني مراحل تأسيسها، وعلى عين نبي الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأيضا وإن تميزت كل مرحلة من مراحلها، وبما تتميز به كل غزوة، وعلى انفرادها، وهذا ما منح كلًا زخمًا مركبًا، وحين التأم بأخرى معه، فكان مركبًا مضاعفًا، وحين كان كلا من ثلاثة أجزاء، فأصبح جمعًا مؤلفًا من أضعاف مضاعفة أخر، وإن كل ذلكم ولما منحه زخمًا آخر، كان وكما ألفيناه، ويراه قارئ كريم، وكم هو زخمه، ولما أضحى زخمًا مركبًا، من أضعاف كثيرة!

وقد تسنى لنا أن نصاحب فيها نبينا محمدًا صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، معينًا غدقًا للتربية، وكتابًا مفتوحًا للتدريب والتعليم والبذل والتفاني.

وها نحن قد اخترنا نماذج مَرَّتِنَا هذه، ولنطوف حولها، مستلهمين الرشد من الله تعالى، ومستشرفين الصواب، من العليم الخبير القدير، ربنا الرحمن سبحانه، وعلى نحو مؤلف من مشاهد عدة، وقد كان الاختيار هذه الفينة لمشاهد ثلاثة هي:
المشهد الأول: من بلغ بسهم فله درجة في الجنة.
المشهد الثاني: لا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُنَّ.
المشهد الثالث: إنَّا قَافِلُونَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

المشهد الأول: من بلغ بسهم فله درجة في الجنة
هذا قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، النبي العربي الأمي الكريم صلى الله عليه وسلم، يوم غزوة الطائف، وهذا بيان فضل منزلة الرمي في سبيل الله تعالى، وحرص كل مسلم على أن يرمي، وألا يرمي إلا في سبيل الله تعالى. وهذان الأمران العظيمان عليهما المدار في عمل العبد عمومًا، وفي الجهاد منه بوجه أخص، ولأنه ولئن لم تبذل النفوس رخيصة لله تعالى، فإن صدق الإيمان يكون محلا لنظر، وإن بيضة هذا الدين تكون محلًا لخطر، وحين تتقاذفها أمواج عالية عاتية، من تغيير دفة إخلاصها، ومن تمييع موجة جهادها.

وهذان أمران اثنان، ولكنهما عظيمان. وليس ذلكم فحسب، وإنما لما فيهما من استدعاء طاقات البذل، ولما فيهما من مجاهدة النفس، وألا يحملها حامل على العمل، إلا ذلكم البر والإخلاص لله تعالى رب العالمين.

وإذ كان منه استدعاء هذه الطاقات أيضا، والذي قال عنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم آنفًا: « من بلغ بسهم فله درجة في الجنة »، وإذ كان المؤمل هو عمل تحفيزي، يجعل من ولائهم لله تعالى، فعلًا مبرورًا، ثم لهذا الثغر عملًا ميسورًا.

ولهذا السبب كان من عمرو بن عنبسة، رضي الله تعالى عنه، وحين روى هذا الحديث، أنه رمي ستة عشر سهمًا، وكلها في سبيل الله! ومن كلمة حنو واستلهام، واستدعاء نبوي كريم.

وإذ كانت من مناسبات الجهاد، وغيرها مناسبة أخرى ضافية مواتية، لاستدعاء طاقات الخير، ومحبة فعله، وكيما يتنشأ مجتمع البر والتقوى، والسلام والإسلام والبذل، وإذ ليس من مناط الجهاد، ومن محله وحسب، وإنما في كل شعيرة من شعائر ديننا، وحين كان هذا الدين كله مشاعل خير، ومشاعر فلاح، وهدى للعالمين، يستضيئون بنوره، ويهتدون بهديه، آناء الليل، وأطراف النهار، فيجدون به راحتهم، ويتلمسون منه هديهم، وأمنهم، وصوابهم وعدلهم.

وإذ ما كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليدع فرصة أو مناسبة مواتية إلا ويقول لنا فيها قولًا جميلًا رشدًا، وإلا ويحرك في نفوسنا عملًا جليلًا سدادًا.

وهذا الذي حدث يوم حصار الطائف، وكما جاء عن أبي نجيح عن عمرو بن عبسة السُّلَمِي رضي الله تعالى عنهما قال: حاصرنَا مع النبي صلى الله عليه وسلم الطائفَ، فسمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من بلغَ بسهمٍ في سبيلِ اللهِ، فهو لهُ درجةٌ في الجنةِ. قال: فبلغتُ يومئذٍ ستةَ عشرَ سهمًا، وسمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: من رمَى بسهمٍ في سبيلِ اللهِ، فهو عدل محرّرٌ، ومن شابَ شيبةً في سبيلِ اللهِ، كانت له نورًا يوم القيامةِ، وأيّما رجل أعتقَ رجلا مسلمًا، فإنَّ اللهَ عز وجلَ جاعلٌ وِقاءَ مكانَ كل عظْمٍ من عظامِ محررهِ عظمًا من عظامهِ من النار، وأيّما امرأةٍ مسلمةٍ أعتقتْ امرأةً مسلمةً، فإنّ اللهَ عز وجلَ جاعلٌ وِقاءَ مكانَ كلِّ عظمٍ من عظامِ محررتها عظمًا من عظامها من النارِ[1].

ورواه الإمام أبو داود أيضا عن عمرو بن عبسة بلفظ: من بلغَ بسَهمٍ في سبيلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ فلَهُ درجةٌ...، وساقَ الحديثَ، وسمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: أيُّما رجلٍ مسلمٍ أعتقَ رجلًا مسلمًا فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ جاعلٌ وقاءَ كلِّ عظمٍ من عظامِهِ عظمًا من عظامِ محرَّرِهِ منَ النَّارِ وأيُّما امرأةٍ أعتقتِ امرأةً مسلمةً فإنَّ اللَّهَ جاعلٌ وقاءَ كلِّ عظمٍ من عظامِها عظمًا من عظامِ محرَّرِها منَ النَّارِ يومَ القيامةِ[2].



من حقوق الإنسان في الإسلام
وهذه أربعة أخر منضافة إلى ما قبلها، وفي مناسبة يوم حصار الطائف، رغبةً في إسلامهم، وتناسيًا ليوم حصارهم هم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويوم أدموه رميًا بحجارة محلتهم، وجرحًا لنبي جاءهم بالهدى ودين الحق؛ ليخرجهم من الظلمات إلى النور.

وأقول: إن بين أيدينا الآن قولا نبويًّا، زكيًّا، كريما، مركبًا من وجوه خير عديدة، وإذ كان منها:
الوجه الأول: جعل الرمي بسهم واحد عِدْلَ محررٍ واحدٍ!
وهذا وكما قلت استدعاء، وحين جعل الرمي بالسهم الواحد له فضلان، وجمعا بين الدليلين:

الفضل الأول: جعل الرمي بسهم واحد بدرجة واحدة في الجنة.

الفضل الثاني: جعل الرمي بسهم واحد، وعدل أن يعتق المسلم رقبة واحدة أيضا، وهذا مصداق لدعوة الإسلام إلى التحرر من الرق والعبودية، وحين كانت ولو من وجه، وكونه إذلالا للرقاب، ولما جاء الإسلام الحنيف الخالد، وليكرم هذا الإنسان، وجعل رأسه مرفوعة عالية، تطاول السماء، تكرمة وعلوا، ومن تواضع، ومن هوينى، وحين قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

الوجه الثاني: وأن من شاب شيبة في الإسلام فكانت له نورًا يوم القيامة، وهذا الحديث على ظاهره، وفأل حسن بباطنه، وإن وعيدًا قد أمروه، وكما جاء، وإذ كان الوعد أولى؛ ولأنه يفتح صفحات الخير، وإشراقات الهدى على الناس، ولما كانت شيبة العبد في الإسلام، ذلكم الدين الذي كرم هذا الانسان، ومن يوم كان نطفة من مني يمنى، والى كل درجة من درجات عمره، وفي كل مرحلة من مراحل حياته، ولدى كل طور من أطوار سنيه وأجله، وإلا وهذا الدين يرقبه ويكرمه، ويعلي من شأنه، وحتى بلغ هذا العمر الطويل، وحين أمهل هذا الاجل المديد، وحين حلت صبيحة يوم شيبته، وإذ كان فضلا من الله تعالى أن يجعلها له نورا في الآخرة، وبرهانا على الرضا، وعلامة على التعلية والقبول، ومن شأن من شاب في الإسلام شيبته، وبرهانا على التتويج والوقار والتجاوز. وهذا من حسن ظن العبيد بربهم الرحمن الرحيم سبحانه، بل هو من المن العميم لهذا الرب الرؤوف الكريم سبحانه، وحين يظلل حياة عبده بذلكم ظلال العفو والتجاوز الحسن الجميل، وحينها يقبل عبد على ربه حسنا ظنه به، وإذ يستشرف رضاه، وحين ينظر من باب واسع عفوه وتجاوزه سبحانه، فيقبل مطمئنا آمنا راضيًا مرضيه وحين يستحضر، وهو يرمق من رمقه الأخير قول ربه الرحمن الرحيم: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 29].

وهذا العبد الصالح الذي شاب في الإسلام شيبته، وليعض على ذات حواسه، وأن تسمو، وليأخذ على ذات نفسه أن تخشع، وليربت على ذات صدره أن يخضع، لهذا الرب الكريم الكبير المتعال سبحانه، عملا آخر متقبلا، ولينضاف الى شيبته، والتي كانت تتويجا لأعمال صالحة سبقت، والتي كانت توسيما لتاريخ حافل بالهدى والاستقامة والرشد والسلام والفلاح والصلاح، قد أنف، وما مرت لحظة من عمره، وإلا كان فيها عبدا لله تعالى مولاه الحق المبين، وهو إذ يستحضر أيضا ما قال ربه تعالى، ونصب عينين، لا عين واحدة، يضعه، ويترسمه، ويعمله، ويفعله، ويحققه، وكل حين أيضا، ولما قال الله تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

وحتى وحين يعثر مرة، وإنما كان ذلك، ولما كان لكل جواد من كبوة، ولكنه سرعان ما يستيقظ، وتستيقظ معه أمارات الأوبة، وحين تعانقت معها مشارف التوبة، وحين كان الاستغفار له سبيلا، ونظاما، ودينا، وطريقا مستقيما، وحين علم أنه له ربا يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم سبحانه، وحين قال الله تعالى ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر:53].

الوجه الثالث: وأيما رجل أعتق رجلا مسلما، فإن الله جاعل كل عظم من عظامه وقاء كل عظم بعظم، وهذا ينضاف الى الوجه الأول، وحين تضافرا على فتح الأبواب، وأمام هذا التحرر من رق، وعند هذا التحلل من عبودية، إلا لله تعالى ربنا الحق المبين سبحانه.

وإذ نقدم هذا البيان بين أيدينا جميعا، ولعل غيرا يراه، أو يسمع به، أو أن يتسمع له، وحين علم الناس عن ديننا أنه هكذا يفتح أبواب الحرية، ويصون الكرامة الإنسانية، ويحفظ الأنفة البشرية، وبحدها الواسع الفضفاض، وهذه هي مظلة حقوق الإنسان في ديننا أيضا.

الوجه الرابع: وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فإن الله جاعل كل عظم من عظامها وقاء كل عظم من عظامها من النار.

وهذا ليشمل النساء، وجنبا إلى جانب مع الرجال، في توجيه دفة المجتمع المسلم كله، نحو غاية واحدة، وهدف واحد، وحين كانت العبودية، وليست تكون إلا لله تعالى الحق المبين، ومنه فان هذا الرقيق، وكما قلت، ولو من وجه فان فيه عبودية، وكفى به اسمه، وكما دل عليه رسمه، ولينفر الناس جميعهم عنه نفرة واحدة، عاجلة لا آجلة، نساؤهم ورجالهم، على أن يتساعدوا، ويتعاونوا، ويتكاتفوا، ويأخذ أحدهم بيد أخيه، ونحو فضل هذه العبودية لله تعالى وحده، وجعل الناس كل الناس أرقاء لربهم الرحمن وحده، وحين كان منها جعله لهم مكرِّما، وأيما تكريم.
* * *


المشهد الثاني: لا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُنَّ
وعن أم سلمة أم المؤمنين: دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِندِي مُخَنَّثٌ، فَسَمِعْتُهُ يقولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ أبِي أُمَيَّةَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، أرَأَيْتَ إنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَعَلَيْكَ بابْنَةِ غَيْلَانَ؛ فإنَّهَا تُقْبِلُ بأَرْبَعٍ، وتُدْبِرُ بثَمَانٍ، وقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُنَّ. وفي رِوايةٍ: وهو محاصر الطائف يومئذٍ[3].

وهذا حديث صحيح، رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، وهو يبين شأن المخنث، وهو ذاك الرجل الذي يحمل من صفات الأنثى ما لا يجعله يومي إلى النساء ميلا، وإما طبعا وجبلة، وإما تطبعا. وهذا مشاهد.

والشأن في هؤلاء أنهم يدخلون على النساء، ولما أنف، وإلا أن هذا المخنث، ومن كان على شاكلته يراعى التحجب منه، وحين وصف امرأة، وكأنما لا يستطيع وصفها، وبهذا النعت الممعن في الدقة، والجامع لذكر ما منه تروح إليهن الرجال، وما ليس يمكن لرجل صحيح وصفه!

وإذ ليس يهمنا من كان ذلك المخنث اسما، وسواء كان هو هيتٌ، أو ماتعٌ، وبقدر ما يهمنا هذا الحكم الشرعي، وحين أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ألا يدخل على النساء، من كان ذا وصفه، ولو كان معروفا بأنه مخنث.

ولكن الأمرَّ من ذلك، أن القوم تساهلوا في الدخول على النساء، وكما أن النساء تساهلن في الدخول على الرجال، وكان من حاصل هذا وذلك ما أنَّتْ منه البشرية، ومن ويلات التفكك الأسري، ومن نتائج هذا الاختلاط الاجتماعي، وممن ليسوا بخنثى، وحين كان من وصفه لهكذا امرأة من ثقيف، أو من غير ثقيف، ومالا يقدر على قوله هذا، وبأمعن عبارة، من قد بلغ في التنظير الأدبي مبلغا حسنا! ولما كان تقعره وصفا ونعتا، ولهذه التي وإذا أقبلت أقبلت بأربع أو تزيد! وحين تدبر ولا تدبر إلا بثمان أو تزيد أيضا! وهذا من ظلال قوله، وهذا من وراء نعته ووصفه، وحين تبين لنا، ومن مثل هذه الزيادة، وليس وقفا على رباعيته، أو قيدا على ثمانينيته! ومنه كان هذا النهي المحمدي الحازم، ومنه كان هذا القول النبوي الحاسم، وعلى قدر الخطوب تكون النوازل!

وهذا خلل اجتماعي، وهذا شرخ مجتمعي، يحسن بل يجب معالجته، وحين نصبو جميعا الى مجتمع الطهر والعفاف والإحصان.

وإلا أن ما يلفت النظر أيضا، وحين دل على عقل راجح، ولهذا المخنث، وهو ذاك فأله الحسن، وبفتح الطائف غدا!

وإلا أن وما يلفت النظر أكثر أيضا، هو ذلك علم المخنث بأحكام السبي والاغتنام! برهان أمة أخرجت أفرادها علماء، ودليل أمة أنبتت منتسبيها فقهاء! ولو من هذه الفئة المخنثين، ولأن العلم الشرعي شارة، ولأنه أجمل عبارة، وأوسم راية، وعلى أن هكذا أمة كانت جديرة أن تتربع على كراسي قيادة العالم وحكمه، ويوم أن جعلت العلم قبلة، ويوم أن جعلت الإبداع والابتكار والاختراع مهنة ومَئِنَّة.

وكما أن فيه دليلا على الحجاب، وإلا ما كان أمره صلى الله عليه وسلم لأم سلمة أم المؤمنين، ألا يدخلن عليهن مثل ذلكم صنف، ومماثلة بغيره ممن هم على غير صفته، ولو كان مشهورا بأنه خنثى، وما بالنا بمن ليسوا بخنثى؟!

وكما أن فيه مسؤولية الرجل في بيته، وأن رعايته من أصل ما خوله له ربه تعالى من سلطان؛ حماية لبيته وأسرته، ومن أن يشابها شائبة، ولئن كان هذا هو التطبيق العملي، ولئن كان هذا هو التنفيذ الفعلي، لمقتضى اسم الراعي الأبي، وحين كان تاجا على رؤوس الخلاق الحسان، وإذ كان متربعا قمم جبال رواسٍ، من نبل الشيم، وكريم القيم، وعظيم النحل الجليلة، وكريم الشيم النبيلة، وحين وسم بهذا الوسام النبوي الخالد، إعمالا لرعايته، وتفعيلا لولايته على بيته، وقيادة أسرته، مهارة، وإتقانا، وفي غير صرعة لهذا البيت، الذي هو اللبنة الأولى، في تنشئة مجتمع الطهر، والعفاف، والفضيلة، والقيم النبيلة الجميلة، والحياة معا، وحين قال صلى الله عليه وسلم: كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ، فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم، وهو مسؤولٌ عنهم، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ، وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ، وهي مسؤولةٌ عنهم، وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ، وهو مسؤولٌ عنهُ، ألا فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ[4].

ولكن الملفت أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، وحين وجه لزوجه أم المؤمنين أم سلمة، رضي الله تعالى عنها، وإنما كان بالحسنى، ولم نسمع ضجيجا، ولم يك يعرفه، ولا يعرفه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حلما خلقيا، وجبلة طبعية حسنى، قد تَوَّجَهُ الله تعالى بها، وإلفا ربانيا، قد حباه ربنا الرحمن به، وحين كان بهذا الأدب الجم، وهو ذاك الذي عنه صلى الله عليه وسلم نعلمه.

وإذ وما كان الرفق في شيء إلا زانه، واذ وما منع منه من شيء إلا شانه، وتشرفا بقوله، وتيمنا ببيانه، صلى الله عليه وسلم، وحين قال: إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ. وَزادَ في الحَديثِ: رَكِبَتْ عائِشَةُ بَعِيرًا، فَكانَتْ فيه صُعُوبَةٌ، فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ، فقالَ لها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْكِ بالرِّفْقِ...، ثُمَّ ذَكَرَ، بمِثْلِهِ[5].

وإلا أن هذا المخنث وصاحب حديثنا ههنا، وإن هو إلا ذاك الذي لا ميل منه للنساء، وهذا حكمه وأن يؤخر، وحين غلب على الظن وصفه لهن، وكما أنف.

وإلا أنه أيضا ليس بذاك الخنثى، الذي منه عمل قوم لوط، وإلا فإن هذا له حكم آخر، وليس ذلك منه من شيء.
* * *



المشهد الثالث: إنَّا قَافِلُونَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ
وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه: لَمَّا حَاصَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الطَّائِفَ، فَلَمْ يَنَلْ منهمْ شيئًا، قالَ: إنَّا قَافِلُونَ إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَثَقُلَ عليهم، وقالوا: نَذْهَبُ ولَا نَفْتَحُهُ! -[وفي رِوايةٍ]: نَقْفُلُ- فَقالَ: اغْدُوا علَى القِتَالِ. فَغَدَوْا فأصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقالَ: إنَّا قَافِلُونَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ. فأعْجَبَهُمْ، فَضَحِكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفي رِوايةٍ: فَتَبَسَّمَ[6].

وهذا حديث صحيح، رواه الإمام البخاري، رحمه الله تعالى.

وفيه بيان، وكيف عانى هذا النبي العربي الأمي الكريم صلى الله عليه وسلم، وكما أن فيه برهانا، وأنه كيف بذل معه صحبه الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وحتى أسلموا لنا هذا الدين، ومن بعد بذلهم وفنائهم في الله تعالى ربهم، أمانة في الأعناق، وأن تسلم إلى من بعدهم، وكما سلمت لنا، محجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يضل عنها إلا هالك، ناصعة بيضاء، بيض النهار، أو أشد بياضا منه، وحين خرجوا، ولم يخرجوا إلا لله تعالى العلي الأعلى سبحانه، ولم يخرجهم سواه تعالى، وبرهان هذا أنه صلى الله عليه وسلم، ولما أشفق عليهم، وحين شق عليهم، فَتْحُ حصن الطائف المنيع، فأشار عليهم أن يقفلوا، ومن غد، واستلهم رأيهم، وفقها رشدا أبداه لهم، وحين أصروا رضي الله تعالى عنهم، وألا يرجعوا إلا بنصر مهيب مُحْتَرَم، وألا يعودوا إلا بفوز مُعَظَّم مُفَخَّم، وحين اجتمعت عليهم ثقيف هوازن، ومن معهم من هؤلاء وهؤلاء، وحين استقووا، ولرد هزيمتهم يومي حنين وأوطاس، وما هم بضارين من أعمالهم وليا لله تعالى من شيء!

ولكن هذا النبي صلى الله عليه وسلم، ورغم أنه كان يعمل بالوحي، وإلا أن مساحة عريضة، تركت للمؤمنين، شورى بينهم، وكيما يعدهم نبيهم قيادة زمانهم، وحيث لا وحي، وإنما يردون كل شيء من أمرهم إلى الله تعالى، وأن نعم، وإنما بهذا السبب الموجب أيضا، وإذ إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة!

ولهذا السبب، وحين رأى نبيهم صلى الله عليه وسلم رأيا مباينا، وإنما لم يرده، بل في سمت القائد الحني، وبل في رد الرائد الهني، وحين اكتفى صلى الله عليه وسلم بضحك، أو ابتسامة، وها نحن وكأنما نراه بلسما باسما على الشفاه، ويوم قبل الرأي، وعلامة على عدم اليأس، وبرهانا على شدة البأس، ودليل سعة صدر القائد، وألا يضيق صدرا، وحين كانت مؤشرات قوة خصمه، ولأن الأيام دول، ولأن النصر آت، وكفي بهوازن ثقيف هزيمة مرتين: يوم حنين، ويوم أوطاس، وليعشموا وليطمعوا في نصرهم، ويوم طائفهم! وإنما وسوف يفجأون بنصر المؤمنين، وعلى أولاء الهالكين، حين لم يعوا الدرس مرتين: يوم حنين، ويوم أوطاس، وإن يوم الطائف لقريب، وإنما أراد الله تعالى ربنا، وألا يقدم للمؤمنين نصرهم، وعلى طبق من ذهب، بل بذل، بل فناء، بل تضحية بل فداء!

هذا، وحسنت وقفة، بل وجبت تأملا، وأمام قوة حصن الطائف، وحتى كانت شوكة، ولا شك، وأمام المجاهدين المؤمنين. وأمام خصومهم التي كانت لها يد طويلة، وفي قتالهم.

وهذا برهان أن تعد الأمة عدتها، وألا تستهين بعدوها، وألا تقلل من خصمها، وإنما أن تعد عدة لا مكافئة، بل راجحة الكفة، ويومها أمكنهم تحويل الدفة، والى نصرهم، وعلى عدوهم.

وهذا الأمر ليس يتحقق نظريا، بل عمليا، وحين تدأب القوات المسلحة الإسلامية، وعلى تخصيص فريق البحث، والتطوير، والدراسة، والتأمل، والابتكار، والاختراع، لأقوى أسلحة الزمان، وأعتى صواريخ الحْيْنَة، ولا يكتفون باستيرادها، ولا يحزمون أمرهم على شرائها، إنما لكل مورد شرطه، ولكنه لكل بائع بنده، ولربما راح هدف الاستيراد، ولربما خسرنا فلوسنا ودراهمنا، وتحت نير الشروط القاصمة، وحين تبلى الأسلحة، وإلا تستخدم هنا أو هنالك، أو ألا تعمل، وإلا بشرطه، وإلا عطلت برامجها، وحين كان ولا يزال أداؤها من بائعها مبرمجا! وإلى أن يعفو عليها زمنها، ولتصير بعد قليل لا جديدة، بل قديمة، ولا عاملة، بل خاملة هامدة، ولتباع في سوق النخاسات من بعد!

وهذا أمر مشاهد!
ولكن الذي نقف عنده هو ابتسامة القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسلامية، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحين يكون القائد جلدا، وحين يكون الرائد صلبا، وحين يكون الهوينى، وأن كل شيء خلقه الله تعالى، وإنما خلقه بقدر، ومن حيث عمل السبب، ومن حيث الأخذ الموجب، وليهون على جنده، ولأن البسمة تبعث السرور والحبور، وسبب ملائم للتغلب على الأوضاع الصعبة، وهذا هدي نهتديه سلمنا وحربنا.

ولكي تبدو صحة عمل القائد، فقد كان من أمرهم تاليا، وأن اشتد وطيس حربهم، وحين رمت ثقيف سهامها، ولما ألقت هوازن نبالها، وحين طلبوا هم من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن نقفل غدا! وليرد ضحكة الأمس، بضحكة اليوم، ومع اختلاف بين ضحكتين سبقتا، وكل بحسبه، ولزمان الموقف، ولملائمة الحال، واقتضائه أيضا.

وفيه بعد نظر القائد، وكما أن في نبل المرؤوسين، وحين أدلوا وأن نعم، ولكنهم وعلى يقين، وألا يتزحزحوا أنملة، وإلا بأمر القائد، ولئن رأوا هم ما رأوا.


وهذا ما يميز الجندية الإسلامية، وهذا ما يميز كل جندية سديدة.


[1] شرح السنة، البغوي: 5/529، خلاصة حكم المحدث: حسن.

[2] صحيح أبي داود، الألباني: 3965.

[3] صحيح البخاري: 4324.

[4] صحيح البخاري :2554.

[5] صحيح مسلم: 2594.

[6] صحيح البخاري: 4325.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-01-2022, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لطائف من غزوة الطائف

لطائف من غزوة الطائف (2)
محمد السيد حسن محمد




هذا هو اللقاء الثاني من ذكر بعض مشاهد من يوم غزوة الطائف، وكما هي بين أيدينا، نستلهم منها هَدْيَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكأنما نحن معه صلى الله عليه وسلم، وعلى مادته، تاريخًا مجيدًا، وصفحات خالدة، تنير درب السالكين، وتضيء مسالك الدارجين.

وهذه سبعة مشاهد، نعالج بعضًا مما رأيناه نورًا، وننهل مما ألفيناه هدًى:
المشهد الأول: كانا بجرش يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والضبور.

المشهد الثاني: فابتنى بها مسجدًا فصلى فيه.

المشهد الثالث: بل هي اليسرى!

المشهد الرابع: إما أن تخرج إلينا، وإما أن نخرب عليك حائطك.

المشهد الخامس: من خرج إلينا من العبيد فهو حر.

المشهد السادس: ((من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه، فالجنة عليه حرام)).

المشهد السابع: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].
♦♦ ♦♦ ♦♦



المشهد الأول: كانا بجُرْشٍ يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والضبور.
هذا بيان الإمام ابن إسحاق رحمه الله تعالى، عن صحابيين كريمين؛ هما: عروة بن مسعود، وغيلان بن سلمة، ولأنهما لم يحضرا غزوة الطائف مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولأنهما كانا بجرش يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والضبور.

وهذا بيان آخر أن أمتنا مستهدفة، ولهذا السبب فقمِنٌ بها أن تعد عدتها، ولتقوى شوكتها، وحين تحارب، أو هكذا اضطرت إلى مجابهة عدو الله تعالى وعدوها أيضًا، ولعل إعداد العدة، وكسلاح للردع كان أمرًا واجبًا أيضًا، ولكلا الأمرين كان اطلاعها بهما معًا، واطلاع بعض من أفرادها بهذه مهمة جديرة، وبتلك مئنة قديرة، ولذلكم الذي أعددنا له العدة.

إن القوات المسلحة الإسلامية بحاجة إلى تأهيل قسم منها عظيم؛ ليقوم بمهمات تصنيع الأسلحة، وعلى اختلاف أنواعها، وعدم الاعتماد على استيراد أسلحتها من هنا أو من هناك، إلا في نطاق يكون ضيقًا، ولأن الله تعالى جعل الناس بعضهم لبعض سخريًّا، وهذا حق، ولا مرية فيه، ولا جدال، لكن الحق، ومن وجه آخر أيضًا، أنه يجب على أمتنا أن تحقق اكتفاءها ذاتيًّا، واقتصاديًّا، وصناعيًّا، وزراعيًّا، ومن كل شيء، ولا شك أيضًا، وكيما تفرض هي شروطها على العالمين، لا أن يخضع قرارها لابتزاز هذا، أو ما سواه، أو على الأقل، وإن شئت فقل: تستغني.

وقد رأينا كيف خصص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فريقًا كانت مهمته هي صنع السلاح، لإمداد القوات المسلحة الإسلامية، وكلما عنت لها حاجة.

ولكن الأمر ليس بمثل السهولة، ويكأنه من مثلها أيضًا!

وذلك لأن التقدم هو السهولة، وذلك لأن التأخر في هذا الجانب أو ما سواه هو غيرها أيضًا!

وأقول: إن الأمة بحاجة إلى التصنيع العسكري، وغير العسكري، وهذا سبب موجب من أسباب عقيدة التوكل، التي هي عماد أمرنا، وأُسُّ منهجنا، وسبيل دعوتنا.

وقول بغير ذلكم هو إهمال لتوكلنا، واستدبار له، واستظهار لغيره، من تواكل غير حسن، وما كان ليؤتي أُكُلَه يومًا لا على صعيد الأفراد، وفضلًا عن سبيل الأمم والجماعات.

وأقول أيضًا: إن فريق البحث والدراسة في مجالات العلم المختلفة، كان حقًّا على الأمة تنشئته، ورعايته، وحراسته، ولأن هذا الصنف من الناس يكون دائمًا مستهدفًا، وواقع الحال شاهد، وطبيعة المرحلة حاكمة أيضًا، وهذا مما يُشكَل على البعض، ولكنه ليس يشكل، وحين نعلم أن الحروب لا جبهة لها! فكل جانب من جوانب الحياة، لَيعد مسرحًا للعمليات، ولا فرق في ذلك بين حرب عسكرية، وأخرى اقتصادية، وثالثة زراعية، أو صناعية، وهلم جرًّا!

وهذا الذي يجعلنا وقافين بحق عند قوله تعالى: ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، وإذ كان من سابقه قوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ [الأنفال: 60]، ولأن القوة لفظ عام، فيندرج تحتها كل ما يمكن أن يطلق عليه قوة، حقيقة أو مجازًا، ولا يشذ عن ذلك فرع واحد من فروع المجالات الحياتية، والتي تتحدد، وتتحدث، وتتغير، وتتبدل، وتتعدل، وتتطور، ومن حين لآخر أيضًا، وفي مواكبة حقيقية لكل ما جدَّ، وفي بابه.

وقال الله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].

وإن سلاحًا تعده الأمة، وإن قوة تمد بها نفسها، فإن هذا يحقق لها غاية عظمى، وذلك يكون وبامتلاكها زمام المبادرة، فتكون والحال كذلك قد تهيأت لما يمكن أن نسميه أنها تملكت سلاح الردع، وهذا بذاته ربما كان كافيًا، ولأنه ندٌ بند القاعدة الهجومية، فراعى بين صنوف الردع والمواجهة، وواكب بين أنواع الأسلحة المختلفة والمتباينة.

ونشير إلى استلهام عمل قواتنا المسلحة الإسلامية، وعلى مدار التاريخ فقد كان لها فضل السبق في ذلك، ولقد بلغ ذلكم وجهه وأوجه إبان عصورها المختلفة، وأزمانها المتعددة أيضًا.

ودوننا نبينا محمدًا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ويوم الأحزاب، وحين أرسل نعيم بن مسعود رضي الله تعالى عنه، يوم الأحزاب، وحين قال له: ((الحرب خدعة))[1]، وفي تأسيس كريم لأصول الحرب: الخدعة، والإغارة، في آن، وحين أعيت الخدعة، فثمت الحرب والإغارة، وهذا بالطبع عمل جهاز الاستخبارات الفائق القدرة، والعظيم الكريم السطوة، وحين يفرض عزة أمة، ومن عمل الليل، ومن عمل النهار، عيونا ساهرة، وقادة باهرة ماهرة، وبين أيدينا الآن يوم حصار الطائف، وها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يخصص فريقًا بحثيًّا صناعيًّا؛ للقيام بعمل هيئة التصنيع العسكري الإسلامي، وبإحكام دقيق وشامل في آن أيضًا، ولتكون حلقة الاتصال بلا انقطاع، بين تاريخ مجيد لهذه الأمة، الممتازة، الرائدة، القائدة، الفتية، وبدينها، واعتصامها، وقوتها، وصلابتها، وحين استمسكت بحبل باريها، أمة واحدة موحدة، لا تشرك بربها شيئًا، وحين أطاعت أوامر ربها، ومن قرآنه استقت، وحين أحبت نبيها، وبشرعه عبدت!

وها هو أمير المؤمنين، عمر الفاروق، رضي الله تعالى عنه، وحين اتخذ من تعليم الناس الرماية، والفروسية، والسباحة، وبرهانًا على تنشئة جيل مسلم، قوي، فتي، عتي، يستطيع مجابهة أخطار الحروب، وبصدر مفتوح، لا يخاف عدوًّا، ولا يرهب مارقًا، سلاحه تقواه، وحسبه الإماتة – الشهادة - وله الجنة، وعماده توكله على مولاه، وحين اتخذ السبب الموجب، وإذ ها هو يمسك بعنان فرسه، طالبًا الشهادة، راجيًا الجنان، والفردوس الأعلى من الجنة أيضًا، وإذ هما زادا المسلم الصحيح، وهما ترياقه، وحين عزت الأمصال!

وإذ آن لنا أن نقول: إن إعداد الجندي المسلم المقاتل، والمحب لبذل المهج، بل وطالبها، هو ذاك الأمر الأهم، وحين أعددنا جنديًّا شهمًا مقاتلًا، يذود عن دينه وبيضته، وعن كل شبر امتد إليه سلطان أمته، وبكل عزم دفاعًا عن حصون الإذعان لله تعالى ربنا الرحمن وحوزته، وإذ هو ذاك الذي سوف يمسك بيديه سلاحًا، أعدته له هيئة التصنيع العسكري الإسلامي!

وأمامنا عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وحين رده نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يوم أحد؛ ولصغر سنه، ولك أن تصَّوَّر عبدًا لم يبلغ أشده، ولم يواتِ رشده، وإذ ها هو تقوده نفسه؛ محبة للشهادة، ورغبة في الحسنيين، إحداهما، أو كلاهما!

ولهذا فنحن ننشد تنشئة جيل كهذا!
فعن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَرَضَهُ يَومَ أُحُدٍ وهو ابنُ أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، ثُمَّ عَرَضَنِي يَومَ الخَنْدَقِ وأَنَا ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فأجَازَنِي، قالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ علَى عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ وهو خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هذا الحَدِيثَ، فَقالَ: إنَّ هذا لَحَدٌّ بيْنَ الصَّغِيرِ والكَبِيرِ، وكَتَبَ إلى عُمَّالِهِ أنْ يَفْرِضُوا لِمَن بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ))[2].

وقد أنف الحديث عن هذا الحدث الكريم، وإبان تناولنا لغزوة أحد، ومن هذه السيرة النبوية المباركة، وقد أسبرنا فقهه، ولما أوفيناه حقه، ما استطعنا.

وكفى أن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه أسس قاعدة التصنيع العسكري البحري، وفي سابقة كانت عظيمة فريدة، وإذ نحن بحاجة إلى استلهامها، وفي كافة مناحي حياتنا أيضًا.

سبق إسلامي فريد:
وهذا هو علم الفلك جنبًا إلى جنب، ومع علوم التصنيع العسكري المتعددة، وحين كان استخدام الإسطرلاب ابتكارًا إسلاميًّا صرفًا، لتحديد مسارات السفن، ومنه تقدمت - ومن عقدنا أيضًا - صناعات التقريب والتوجيه عن بُعْدٍ، وإذ كان هذا أساسها الإسلامي المجيد.

وأمامنا، وكيف كان الفتح المبين لمدينة القسطنطينية، وعَلَمًا على نبوءة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحين استخدم فيها المنجنيق مفاجأة، ولما استخدم فيها مبادأة، ومفاجأة أيضًا!

ويلزم قول هذا؛ لنعلم من نحن، وعلى خريطة هذا العالم الممتد.

نحن أمة أستاذة!
وإذ نحن أمة مبتكرة مبدعة خلاقة، ولتفرض نفسها قوة ذات عزة، وأمة ذات أنفة، وحين كانت يدها طولى، وتعطي ولا تأخذ، وتمنح ولا تمنن، وتهب ولا تستأثر، وتؤثر ولا أثرة، فضلها عام للعالمين، وخيرها ضافٍ للآخرين، وكما منه مجدها في الأولين والآخرين.

وإذ نؤكد مرة أخرى، ومرات بلا حصر أيضًا، أننا أمة أستاذة، رائدة، قائدة، مبدعة، خلاقة، وكما أننا أمة مستهدفة أيضًا، ومن شرق ومن غرب! ولما سبق من مقومات، يعلمها غيرنا، ولربما كان أكثر من علمنا عن أنفسنا، من قوة وشكيمة، وعزة، ونبل، واستقامة، وإرادة الخير للناس أجمعين، مادِّينَ يدًا فيها قرآننا، ومتطلعين بيد أخرى أننا ذوو الهيجا، وفي الميدان، وإن لزم! ومن هنا وجب اتخاذ الأسباب اللازمة لردع عدونا، وبسلاحنا، ووجب أيضًا اتخاذ الوسائل المانعة من غزو الغير لنا، وفي عقر ديارنا، دارًا دارًا، ولا فرق ها هنا بين دار من شرق، ودار أخرى من غرب أيضًا، فإن ديار الإسلام وكأنما هي دار واحدة؛ ولأنهم أمة واحدة، ولأن دينهم هو ذلكم الدين الأبي الواحد، الذي هو الإسلام الحنيف الخالد، وبيضة الدين جامعة، وحوزة الدار مانعة، لا تفرق، وعموم الروابط لا تنفصم، ولا تنفصل، ولا تتأزم، ولا تتقطع، ولا تتجزأ، وإن حدث بينها حادث، فإنما له حدوده، ومن ثم يرجع كل إلى الحظيرة الشاملة؛ ومن ثم يعود كل إلى حيث قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52]، وكذا قوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].
♦♦ ♦♦ ♦♦



المشهد الثاني: فابتنى بها مسجدًا فصلَّى فيه.
وهذا فعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويوم كان في طريقه إلى غزوة الطائف، وهو دال بطبيعة الحال على أهمية المسجد في هذا الدين، وإذ كان يمكنه صلى الله عليه وسلم أن يصلي، ومن حيث جعلت له الأرض مسجدًا، وتربتها طهورًا، ولا سيما أنه يعد مسافرًا، والحال كذلك، وإلا أن هذا الفعل، ومن زاوية أخرى، يعد إثخانًا في المشركين، وإذ يعد من قبيل الحرب النفسية الفائقة، وإذ كان معناها أنَّا جئنا، وها نحن عسكرنا، وها نحن أقمنا، واستوطنا، وأنت خبير بمدى فعل ذلك في صفوف الخصوم، وحين يفرقها، وما هو فعله في قلوبهم، وإذ هو يشتتها، وما هو فعله في أبدانهم، وإذ يرعدها، ويقلقلها، ويرجها رجًّا، وكأنما مرجل، ومن تحته نار، ومن فوقه نار أيضًا!

وليس يصرفنا ذلكم عن قيمة الصلاة، في هذا الدين، وحين إقامتها، وعلى وقتها، وعلى أي حال، وتحت أي ظرف مواتٍ، وإذ لا عذر لتركها، أو إهمالها أبدًا.

وإنه ومن حيث نُودِيَ بها المسلمون، ومن حيث قد نُعِتَ بإقامتها المؤمنون، وإنه والحال كذلك، فليس ثمة عذر مبيح لتركها، وإن كان ما عذر به الناس لإقامتها صورة، وإن قائمًا، أو قاعدًا، أو على جنبه، أو نائمًا، أو يومئ، وعلى القدرة؛ ولأن تقواه تعالى وعلى قدر ذلكم رحمة، ويسرًا، ورفعًا لحرج.

وإنه وإن وجد الماء، فثم وجوب الوضوء، وكشرط لصحة الصلاة، وإنه وإن عدم الماء، أو خيف استعماله، فثم عذر التيمم، صعيدًا طيبًا، وما أكثره! وما أوفره! وإذ كان يمثل الطبقة السطحية الأولى لأرضنا الممهدة لنا.

ولئن عرفنا قبلتنا، فثمة توجيه طاقتنا، ومن ثم لا نبرح إلا مصلين، وحيثما ولينا وجوهنا؛ ولأنه ولله تعالى المشرق والمغرب؛ ولأن الله تعالى سبحانه قال: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 115]، وقال تعالى: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾ [المزمل: 9].

وبل إنه الله تعالى رب المشرقين ورب المغربين؛ وكما قال تعالى: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾ [الرحمن: 17]، وبل إنه تعالى رب المشارق والمغارب سبحانه؛ وكما قال تعالى: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾ [الصافات: 5]، وقال سبحانه: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ [المعارج: 40، 41].

وثناء على رب كريم، أهل الثناء والمجد، وكلنا له عبد، وقد أمدنا بطاقات الصلاة، وحين جعل معاشر المؤمنين به يقفون بين يديه تعالى خمس مرات في اليوم، شرفًا منه، وتشريفًا، ولهذه الأمة القانتة، والمحبة لربها، حبًّا يعلمه.

وكذلك الصلوات الخمس يمحو الله تعالى بهن الخطايا، وما أكثرها!

فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((أرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهَرًا ببابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فيه كُلَّ يَومٍ خَمْسًا، ما تَقُولُ ذلكَ يُبْقِي مِن دَرَنِهِ؟ قالوا: لا يُبْقِي مِن دَرَنِهِ شيئًا، قالَ: فَذلكَ مِثْلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا))[3].

ودلك على صحة مذهبنا هذا، ما حكاه الإمام الواقدي رحمه الله تعالى في مغازيه أنه: ((سار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوطاس، فسلك على نخلة اليمانية، ثم على قرن، ثم على المليح، ثم على بحرة الرغاء من لية، فابتنى بها مسجدا فصلَّى فيه))[4].
♦♦ ♦♦ ♦♦




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-01-2022, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لطائف من غزوة الطائف

المشهد الثالث: بل هي اليسرى!
وهذا هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، في تغيير الأسماء، ومن الأدنى إلى الأعلى، ومن الأسوأ إلى الأحسن، ويوم الطائف، وإذ سلكوا طريقًا يقال لها: الضيقة، فأسماها صلى الله عليه وسلم اليسرى، ومن اليسر، لا اليسار، وهو الشمال، وبقوله صلى الله عليه وسلم آنف الذكر، وقد كان هذا من هديه صلى الله عليه وسلم، في الأسماء عمومًا، وحين غير اسم أحدهم من حَزْنٍ إلى سَهْلٍ.

ولما أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى: ((جَلَسْتُ إلى سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَحدَّثَني: أنَّ جَدَّهُ حَزْنًا قَدِمَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: ما اسْمُكَ؟ قالَ: اسْمِي حَزْنٌ، قالَ: بَلْ أنْتَ سَهْلٌ، قالَ: ما أنَا بمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمَّانِيهِ أبِي، قالَ ابنُ المُسَيِّبِ: فَما زَالَتْ فِينَا الحُزُونَةُ بَعْدُ))[5].

وكما أنه فألٌ حسن بالأسماء الحسنة، وكما أنه بَعْدُ بالأخرى، ولا أقول تطيرًا، ولأنه ((لا عَدْوَى، ولا صَفَرَ، ولا هامَةَ، فقالَ أعْرابِيٌّ: يا رَسولَ اللَّهِ، فَما بالُ إبِلِي، تَكُونُ في الرَّمْلِ كَأنَّها الظِّباءُ، فَيَأْتي البَعِيرُ الأجْرَبُ فَيَدْخُلُ بيْنَها فيُجْرِبُها؟ فقالَ: فمَن أعْدَى الأوَّلَ؟))[6]، وإنما ولأن الاسم يتطبع به صاحبه، ويتخلق بآدابه.

وهذا الذي حدث، ويوم أن أبى جد سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه أن يغير اسمًا سماه به أبوه، وفوق أنه تأبٍّ على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وافتئاتٌ على نبي وقائد أمة، أرسله ربه؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.

وإذ كان من حق الأطفال على أبويهم حسن اختيار أسمائهم، وكيما يتأدبوا بآدابها، وكيما يعود على الأبوين أول ما يعود نفعها وثمرها، وكذا الأبناء، ومن قبل ومن بعد أمتهم أيضًا.

وفيه سلطة ولي الأمر في تغيير أسماء الأشخاص والمناطق والشوارع، وله ذلك ابتداء أيضًا.
♦♦ ♦♦ ♦♦


المشهد الرابع: إما أن تخرج إلينا، وإما أن نخرب عليك حائطك.
وهذا أدب القتال في هذا الدين، الذي هو الإسلام الخالد، وحين مر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على بستان، وخشية أن ينالهم منه سوء، أو أن يمسهم منه أذى، فأرسل لصاحبه، وإما أن يخرج إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، وإما أن يخربه عليه، وحين أبى، فأنفذ فيه تهديده، وبسلطة القائد الحازم، وبقرار الرائد الحاسم، وهو كذلك رحمة للمؤمنين، وكما أنه رحمة للعالمين، وحين يدخلون ومن سببه في دين الله أفواجًا، وكما أنه صلى الله عليه وسلم نبي الملحمة أيضًا.

وهذا سد للذريعة، وأخذ بشبهة، وظن في محله؛ ولأن الأمر حال مقاتلة، ومنه يحذر من مغافلة عدو، أو من معاجلة خصم، وهذا أيضًا من حسن التدبير النبوي، وهو أيضًا من كياسة التخطيط المحمدي، وعملًا للردع العسكري، وفطنة التفكير، وحكمة التدبير؛ وكيما لا يؤخذ الناس على غرة، وحتى لا يهاجمون من بغتة!

وكما أنه صلى الله عليه وسلم قد غيَّر اسم رقيق، من المضطجع، إلى المنبعث، ولأنه لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف، خرج إليه رقيق من رقيقهم؛ أبو بكرة، وكان عبدًا للحارث بن كلدة، والمنبعث، ويحنس ووردان، في رهط من رقيقهم، فأسلموا، فلما قدم وفد أهل الطائف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا، قالوا: ((يا رسول الله، رد علينا رقيقنا، الذين أتوك فقال: لا، أولئك عتقاء الله عز وجل، ورد على كل رجل ولاء عبده فجعله إليه))[7].

ودلك على صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام ابن إسحاق رحمه الله تعالى؛ حيث قال: ((ثم سلك في الطريق يقال لها الضيقة، فلما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن اسمها، فقال: ما اسم هذه الطريق؟ فقيل: الضيقة، فقال: بل هي اليسرى، ثم خرج منها على نخب، حتى نزل تحت سدرة، يقال لها: الصادرة، قريبًا من مال رجل من ثقيف، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن تخرج إلينا، وإما أن نخرب عليك حائطك، فأبى أن يخرج، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخرابه))[8].
♦♦ ♦♦ ♦♦


المشهد الخامس: من خرج إلينا من العبيد فهو حر.
وهذا من الحرب الذكية، ولإضعاف جبهة الخصم من جانب، وهو مهم وعظيم، وكيف ذهب الإسلام كل مذهب ممكن؛ للقضاء على مملكة العبيد، والتي كانت ناخرة في أنظمة القوم يومهم هذا، ولإفلات الأرقاء منهم، وإلى بحبوحة الحرية، والانطلاق نحو آفاق الحرية، والانعتاق من رين الاستعباد، ومن جانب آخر، وحين كان لله تعالى وحده لا شريك له.

ودلك على صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف: ((من خرج إلينا من العبيد، فهو حر، فخرج عبيد من العبيد فيهم أبو بكرة، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم))[9].

ولذا؛ فقد فتح الإسلام الحنيف الخالد بابًا واسعًا للتحرر من هكذا ما يكون سبب انكسار، ولغير الله تعالى العزيز القهار، وحين جعل أن كل عبد جاء من دار الحرب إلى دار الإسلام عتق حكمًا شرعيًّا مطلقًا عامًّا.

وهذا باب رأينا الناس فيه كم جالوا! وكم ألفيناهم فيه قد صالوا! وإذ نقعد لهذا، ونؤصله، مرة أخرى، ولنضعه على باقة من زهور، وأمام مائدة الناس أجمعين؛ وليروا ديننا، ومن ثقب لا خفي، بل من طرف جلي.
♦♦ ♦♦ ♦♦


المشهد السادس: ((من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه، فالجنة عليه حرام)).
وهذا حديث صحيح رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، وهو حديث يحمي قاعدة السلم الاجتماعي في بابها الأوسع، وحين منح، وحين منع.

فإنه منح الأب حق نسبة الولد إليه، وكما قد تضمن هذا منع الولد من الافتئات على هذا الحق الأبوي، والذي خوله إياه القانون الإسلامي.

وفي ذات الوقت منع أيًّا من كان أن ينسب ولد غيره إليه.

وهذا القانون يمثل حفظًا للكيان الاجتماعي، وتقريرًا لقواعد النسب.

إلا أنه قائم على قاعدة العلم بالحكم، ومنه فإذا انتفى العلم، فلا إثم، ولطالما قد بحث فيه بحث الرجل المعتاد، وطاقته ووسعه، وبذله وسعيه.

ومن جانب آخر، وضع الإسلام لمثل هذه المسألة حلًّا، وإن وجدت في الواقع، وإذ كان قول القرآن الحكيم في هذا فصلًا، وحين جعل المؤاخاة بدلًا، وحين جعل الولاء عوضًا، وحال حالة النسب، وكيما لا تختلط الأنساب، وكيما يكون الوالد في معزل عن اللعب بنتاج صلبه، ولغايات مختلفة، أو أخرى متباينة، وحين ذلك يكون العقد الاجتماعي في حكم المنهار، وهو ما وقف الإسلام عنده موقفًا حصينًا، منيعًا، حازمًا، حاسمًا؛ وحين قال الله تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 5].

ومنه فإن هذه الآية الكريمة، وضعت الأسس وقعدت الأصول؛ وهي:
١- تقرير قاعدة النسب الأولى، وحين كان النسب إلى الأب، وليس إلى غيره.

٢- عقد الأخوة في الدين، وكبديل، عند عدم العلم بالأب.

٣- عقد الموالاة، وهذا كمثل عقد المؤاخاة تمامًا.

٤- العفو عن الخطأ، وحين لم يكن عمدًا، وهذه سعة رحمة رب العالمين، وحين وضع لكل مناسبة حلها.

هذا وقد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى حديثًا قال فيه: ((ليسَ مِن رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أبِيهِ - وهو يَعْلَمُهُ - إلَّا كَفَرَ، ومَنِ ادَّعَى قَوْمًا ليسَ له فيهم، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))[10].
♦♦ ♦♦ ♦♦


المشهد السابع: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].
اصطحب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معه امرأتين من نسائه، وحين كان حصاره صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف، وكيما ينزلوا على حكم الإسلام الخالد.

وهذا برهان قيمة المرأة عند زوجها في هذا الدين الخالد أيضًا، وإذ كان يقرع صلى الله عليه وسلم بين نسائه يوم سفره، وكيما لا يدخل في قلب إحداهن شيء، وكذا ما جعل الله تعالى من وجود المرأة لزوجها سكنًا، سفره وترحاله؛ وحين قال الله تعالى: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، وهذه مرة أخرى قيمة المرأة في هذا الدين، صاحبة قامة، وقائدة بيت، وراعية أسرة، وحاضنة أولادها وبناتها، وقائمة على راحة المحضن الأول في تنشئة جيل مسلم فريد، ليستحضر من أمامه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ذلكم الماضي التليد، وهذا الحاضر السعيد، ومستشرفًا ذلكم المستقبل الهني الرشيد أيضًا.

ويكأننا ننظر بفخر إلى أمة جعلت من المرأة المسلمة شقيقة الرجل، لا من قولنا، وإنما هو قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ وحين قال: ((النساء شقائق الرجال))؛ وحين ((سُئلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الرَّجلِ يجدُ البللَ ولا يذكرُ احتلامًا، قالَ: يغتسلُ، وعن الرَّجلِ يرَى أنَّهُ قدِ احتلمَ، ولا يجدُ البللَ، قالَ: لا غُسلَ عليهِ، فقالَت أمُّ سُلَيمٍ: المرأةُ ترَى ذلِكَ، أعلَيها غُسلٌ؟ قالَ: نعم، إنَّما النِّساءُ شقائقُ الرِّجالِ))[11].

وإذ كانت مناسبة غزوة الطائف، وبمثل ما ذكر من إطناب، وبسبب ما احتفيناه من إسهاب، تقريرًا تقريرًا لأهمية المرأة في هذا الدين، وتعزيزًا تعزيزًا لمجتمع رشيد، أعلى من قيمتها، وألبسها تاج التحية، والاهتمام، والوقار، والوفاء، وحين أعلى من ذلكم، حتى تنسمت عبق النسيم.

وأيم الله، ويكأنها راعية بيتها، وحاضنة ابنها وبنتها.

وهذا النبي العربي الأبي الأمي الوفي صلى الله عليه وسلم، وحين يقرع بين نسائه، وتطييبًا لخواطرهن، فهذا أيضًا أسلوب إداري عبقري، في إدارة المنازل، كريمًا، حليمًا، وحين يزاوج هذا النبي صلى الله عليه وسلم الأمي العربي الكريم، بين حاجات الأمة شاملة، وبين حاجات بيوتاتها جامعة أيضًا، وهكذا ديننا، لا إفراط في جانب، وعلى حساب جانب آخر، وإلا عُدَّ تفريطًا أيضًا.

وهذا تقرير لقيادة الأمم، وكيف تكون، اهتمامًا بها، ومن أول محضن فيها، وهو الأسرة، وعلوًّا بها، نحو آفاق المجد والعلا، وفي نفس الوقت، وإذ ها هو صلى الله عليه وسلم يحاصر أهل الطائف، قيادة عسكرية مجيدة، ورعاية أسرة كريمة رشيدة.

بيد أن معنى واسعًا كريمًا، حسُن التنويه إليه، وغير أن شأنًا كبيًرا عظيمًا، وجب التعويل عليه، وحين رأينا كم كانت المسافة بين امرأتين من نسائه صلى الله عليه وسلم، إحداهما عن الأخرى، وإذ تعدان في محيط متقارب واحد، وما بينهما غير مسجد، قيمة للمسجد، وقيمة للصلاة، وقيمة للمرأة، وقيمة للزوجة، وهذه أربعة من واحد، وإذ كان قرب المسافة بين الزوجتين، نبأ عن اهتمام هذا النبي صلى الله عليه وسلم بأسرته، ولو كان الحال حربًا!

وهذه رسالة إلى معددي الزوجات أن يقربوا مسافات الإقامة، فلا يرهق الزوج، ولا تعنت الأسرة، ومن جراء ما تراه المجتمعات من كبد، وحين تكون إحداهن في محلة، وأخراهن أبعد عنها، ومن محلة نائية أخرى.

وهذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإذ نقدمه للعالمين، راعيًا أسرة، وقائدًا أمة!

وإذ لا ينسينا هذا العرض الحاني اللطيف، وعن عطف نبي على أسرته، وحين يحاصر أهل الطائف، وعلى ما أنف، سيرة عسكرية حسنة أيضًا، وعبقرية إدارية فذة، وكيما يحافظ على دماء الناس، وإلا إذا أبوا، وإلا إذا رفضوا وعتوا، وإذ ها هنا تكون المقصلة، وإذ ها هنا يكون حكم المسألة، وإذا لم ينزل الخصم، ومن بعد الحصار، فثم السيف والرمح والمنجنيق!

وهذا الذي حدث يوم الطائف، ولما لم ينزلوا على حكم الإسلام الخالد، ومتمثلًا في شخص هذا النبي صلى الله عليه وسلم، فثم السيف، وإذ رماهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق، عملًا عسكريًّا باهرًا، وإذ كان أول من رماهم به هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي بادرة مؤذنة بهذا الاستعداد القتالي، وإذ كان منه تملك أحدث أسلحة الحين، ولمجابهة المرجفين، على مدار الزمان، وحيز المكان أيضًا.

وهذه رسالة أخرى أن تتسلح أمتنا بسلاحها، وسائر أمرها، استغناء واكتفاء، وأن من يملك قُوْتَه وقُوَّتَه ملك قراره.

والعكس عكس أيضًا!

وإذ لا يفوتنا قول من قال: إن أول من رمى القوم بالمنجنيق هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ودلك على صحة مذهبنا هذا أنه رمي عبدالله بن أبي بكر الصديق يومئذٍ، فاندمل الجرح ثم انتفض به بعد ذلك، فمات منه، فارتفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع مسجد الطائف اليوم، وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب، فضرب لهما قبتين، وكان يصلي بين القبتين حصار الطائف كله، فحاصرهم ثمانية عشر يومًا، ونصب عليهم المنجنيق[12].

وقال: ((فحدثني من أثق به أن النبي صلى الله عليه وسلم أول من رمى في الإسلام بالمنجنيق رمى به أهل الطائف))[13].

[1] صحيح البخاري: 3030.

[2] صحيح البخاري: 2664.

[3] صحيح البخاري: 528.

[4] المغازي، الواقدي: ج: 3 /924.

[5] صحيح البخاري: 5717.

[6] صحيح البخاري:6193.

[7] السنن الكبرى، البيهقي: ج: 9/229، وقال الإمام البيهقي رحمه الله تعالى: وهذا منقطع.

[8] تاريخ الطبري، الطبري: ج: ٢/ ٣٥٤.

[9] السيرة النبوية، ابن كثير: ج: ٣/ ٦٥٧.

[10] صحيح البخاري: 3508.

[11] صحيح أبي داود، الألباني: 236.

[12] الطبقات الكبرى، محمد بن سعد: ج: ٢/ ١٥٨.

[13] الروض الأنف، السهيلي: ج:7/ 235.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 110.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 107.73 كيلو بايت... تم توفير 2.71 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]