منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله - الصفحة 7 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4416 - عددالزوار : 852404 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3947 - عددالزوار : 387709 )           »          هل لليهود تراث عريق في القدس وفلسطين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 1051 )           »          أوليــاء اللــه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          المشكلات النفسية عند الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          هل المديرون بحاجة للحب؟هل تحب وظيفتك ومكان عملك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وأنت راكع وساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          لماذا تصاب المرأة بالقولون العصبي بــعد الــزواج؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          لطائف تأخير إجابة الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #61  
قديم 06-11-2021, 06:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (61)
صـ 424 إلى صـ 430


نفي الصفات ولم يسمها أعراضا. ووافقه على ذلك الحارث المحاسبي أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي من شيوخ الصوفية، توفي ببغداد سنة 243 ترجمته في طبقات الشافعية 2/275 - 279؛ شذرات الذهب 2؛ الشعراني: الطبقات الكبرى 1/64؛ السلمي: طبقات الصوفية، ص 56 - 60؛ الخلاصة للخزرجي، ص 57؛ ميزان الاعتدال 1/430 - 431؛ الأعلام 2/153 - 154؛ سزكين م [0 - 9] ج 1، ص [0 - 9] 13 - 119.، ويقال إنه رجع عن ذلك، وبسبب مذهب ابن كلاب هجره الإمام أحمد بن حنبل، وقيل: إنه تاب منه.
وصار النزاع في هذا [الأصل] الأصل: ساقطة من (ن) فقط. بين طوائف الفقهاء، فما من طائفة من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي [وأحمد] إلا [وفيهم] من يقول (1) بقول ابن كلاب في هذا الأصل، كأبي الحسن التميمي والقاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى [وأبي المعالي] الجويني (2) وابن عقيل وابن الزاغوني، وفيهم من يقول بقول جمهور أهل الحديث كالخلال (3) وصاحبه أبي بكر عبد العزيز (4) وأبي عبد الله بن حامد وأبي
_________
(1) ن (فقط) : والشافعي إلا من يقول.
(2) ن، م: والجويني.
(3) ن، ا، ب: كالجلال؛ م (غير منقوطة) والصواب ما أثبتناه. وهو أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر المعروف بالخلال، من أئمة الحنابلة، له التصانيف الدائرة والكتب السائرة، مثل " الجامع " و " العلل " و " السنة "، توفي سنة 311. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/12 - 15؛ تذكرة الحفاظ 3/7؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/313 - 314؛ الأعلام 1/196.
(4) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، أبو بكر المعروف بغلام الخلال. من أهم مصنفاته " الشافي " و " المقنع "، توفي سنة 363. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/119 - 127؛ شذرات الذهب 3/45 - 46؛ الأعلام 4/139.

********************************
عبد الله بن منده (1) وأبي إسماعيل الأنصاري وأبي نصر السجزي (2) وأبي بكر محمد بن إسحق بن خزيمة وأتباعه (3) .
وجماع [القول في] ذلك ن، م: وجماع ذلك. أن الباري تعالى هل يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته كالأفعال الاختيارية على هذين القولين؟ .
قال المثبتون لذلك وللتعليل: نحن نقول لمن أنكر ذلك من المعتزلة والشيعة ونحوهم: أنتم تقولون: [إن الرب] (4) كان معطلا في الأزل لا يتكلم ولا يفعل شيئا، ثم أحدث الكلام والفعل بلا سبب حادث أصلا، فلزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر بلا مرجح، وبهذا استطالت عليكم الفلاسفة وخالفتهم أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة في ذلك، وظننتم أنكم أقمتم الدليل على حدوث العالم بهذا، حيث ظننتم أن ما لا يخلو عن نوع الحوادث يكون حادثا لامتناع حوادث لا نهاية لها.
وهذا الأصل ليس معكم به كتاب ولا سنة ولا أثر عن الصحابة والتابعين، بل الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة [والقرابة] وأتباعهم (5)
_________
(1) هو محمد بن إسحاق بن محمد أبو عبد الله بن منده الأصبهاني، من أئمة الحنابلة، قال عنه ابن أبي يعلى: بلغني عنه أنه قال: كتبت عن ألف شيخ وسبعمائة شيخ، توفي سنة 395. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/167؛ شذرات الذهب 3/337؛ تذكرة الحفاظ 3/220 - 224.
(2) هو أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري السجزي (نسبة إلى سجستان) نزيل الحرم ومصر المتوفى سنة 444. ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/206 - 207، 1118 - 1120.
(3) في (ن) ، (م) سقطت عبارة " وأبي بكر عبد العزيز " واختلف ترتيب الأسماء عما أثبته من (ا) ، (ب) .
(4) إن الرب: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن، م: وآثار الصحابة وأتباعهم.
*************************************

بخلاف ذلك، والنص والعقل دل على أن كل ما سوى الله [تعالى مخلوق] حادث (1) كائن بعد أن لم يكن، ولكن لا يلزم (2) من حدوث كل فرد فرد مع كون الحوادث متعاقبة [حدوث النوع] (3) ، فلا يلزم من ذلك أنه لم يزل الفاعل المتكلم معطلا عن الفعل (4) والكلام، ثم حدث ذلك بلا سبب (5) ، كما لم يلزم [مثل] (6) ذلك في المستقبل، فإن كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية (7) فان، وليس النوع فانيا. كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] . فالدائم الذي لا ينفد - أي لا ينقضي - هو (8) النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم.
وذلك أن الحكم الذي توصف به الأفراد إذا كان لمعنى موجود في الجملة [وصفت به الجملة، مثل وصف كل فرد بوجود أو إمكان أو بعدم، فإنه يستلزم وصف الجملة] (9) بالوجود والإمكان والعدم؛ لأن طبيعة الجميع هي (10) طبيعة كل واحد واحد، وليس المجموع إلا الآحاد الممكنة أو الموجودة أو المعدومة.
_________
(1) ن، م: كل ما سوى الله حادث.
(2) ن، م: لا يستلزم.
(3) عبارة " حدوث النوع " سقطت من (ن) واختلف ترتيبها في الجملة في (م) .
(4) ن (فقط) : عن العقل، وهو تحريف.
(5) ا، ب: بالسبب.
(6) مثل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن: المقتضية، وهو تحريف.
(8) ب (فقط) : هذا.
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(10) هي: ساقطة من (ا) ، (ب) .
*****************************

وأما إذا كان ما وصف به الأفراد لا يكون صفة للجملة، لم يلزم أن يكون حكم الجملة حكم الأفراد، كما في أجزاء البيت والإنسان [والشجرة] (1) ، فإنه ليس كل منها بيتا ولا إنسانا [ولا شجرة] (2) ، وأجزاء الطويل والعريض والدائم والممتد لا يلزم أن يكون كل منها طويلا وعريضا ودائما وممتدا (3) .
وكذلك إذا وصف كل واحد واحد من المتعاقبات بفناء أو حدوث، لم يلزم أن يكون النوع منقطعا أو حادثا (4) بعد أن لم يكن؛ لأن حدوثه معناه أنه وجد بعد أن لم يكن، كما أن فناءه معناه أنه عدم بعد وجوده. وكونه عدم بعد وجوده، أو وجد بعد عدمه أمر (5) يرجع إلى وجوده وعدمه، لا إلى نفس الطبيعة الثابتة للمجموع، كما في الأفراد الموجودة (6) أو المعدومة أو الممكنة، فليس إذا كان هذا المعين (7) لا يدوم، يلزم أن يكون نوعه (8) لا يدوم؛ لأن الدوام تعاقب الأفراد، وهذا أمر يختص به المجموع، لا يوصف به الواحد، وإذا حصل للمجموع بالاجتماع حكم
_________
(1) والشجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ولا شجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) في (ن) ، (م) : بعد كلمة " وممتدا ": قال تعالى: (أكلها دائم وظلها) وقال: (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) فالدائم الذي لا ينفد أي لا ينقضي هو النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم. وهذه الزيادة في (ن) ، (م) تكرار لما سبق ولا موضع لها هنا والمعنى يتم بدونها.
(4) ب (فقط) : فانيا أو حادثا.
(5) أمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن (فقط) : كما في الأفراد المجموعة الموجودة.
(7) ن، م: المعنى، وهو خطأ.
(8) ن، م: عدمه، وهو خطأ.
********************************

يخالف به حكم الأفراد، لم يجب مساواة المجموع للأفراد في أحكامه.
وبالجملة، فما يوصف به الأفراد قد توصف به الجملة وقد لا توصف به، فلا يلزم من حدوث الفرد حدوث النوع إلا إذا ثبت أن هذه الجملة موصوفة بصفة هذه الأفراد.
وضابط ذلك أنه إن كان بانضمام هذا الفرد إلى هذا الفرد يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد (1) ، لم يكن حكم المجموع حكم الأفراد، وإن لم يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد، كان حكم المجموع حكم أفراده (2) .
مثال الأول: أنا إذا ضممنا هذا الجزء إلى هذا الجزء، صار المجموع (3) أكثر وأطول وأعظم من كل فرد، فلا يكون في مثل هذا حكم (4) المجموع حكم الأفراد. فإذا قيل: إن (5) هذا اليوم طويل، لم يلزم أن يكون جزؤه طويلا. وكذلك إذا قيل: هذا الشخص أو الجسم (6) طويل أو ممتد، أو قيل: إن هذه الصلاة طويلة، أو قيل: [إن] (7) هذا النعيم دائم، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
قال الله تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وليس كل جزء
_________
(1) ا، ب: الذي للفرد.
(2) ن، م، ا: أمثاله، والصواب ما أثبته من (ب) .
(3) ن، م: صار الكل.
(4) ن (فقط) : في حكم هذا مثل حكم. .
(5) إن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) ن، م: والجسم.
(7) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
****************************

من أجزاء (1) الأكل دائما. وكذلك في الحديث (2) الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: " «أحب العمل إلى الله أدومه» " (3) وقول عائشة [رضي الله عنها] (4) : «وكان عمله ديمة» (5) . فإذا كان عمل المرء دائما، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
_________
(1) أجزاء: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ن، م، ا: وكذلك قوله في الحديث.
(3) جاء الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/51 بلفظ: إن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه. وأوله: مه عليكم بما تطيقون. . الحديث. وعقد مسلم في صحيحه 1/540 - 541 فصلا (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره) أورد فيه أربعة أحاديث كلها عن عائشة - رضي الله عنها - وفيها معنى الحديث الذي ذكره ابن تيمية منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وجاء في حديث آخر عن أم سلمة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/319 ونصه: " ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صلاته قاعدا إلا المكتوبة وكان أحب العمل إليه ما داوم العبد عليه وإن كان يسيرا ". وأورد البخاري حديثين عن عائشة - رضي الله عنها - بمعنى هذا الحديث مع اختلاف الألفاظ: الأول 1/13 (كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه) ولفظه: وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه. والثاني 3/38 - 39 (كتاب الصوم، باب صوم شعبان) ولفظه: وأحب الصلاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما داوم عليه وإن قلت. وجاء الحديث عن عائشة في: سنن أبي داود 2/65 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) .
(4) رضي الله عنها: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: البخاري 8/98 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ونصه: عن علقمة قال: سألت أم المؤمنين عائشة قلت: يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كان يخص شيئا من الأيام؟ قالت: لا كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطيع. وجاء الحديث أيضا في: البخاري 3/42 (كتاب الصوم، باب هل يخص شيئا من الأعمال) ؛ مسلم 1/541 (كتاب صلاة المسافرين، باب فضيلة العمل الدائم. .) ؛ سنن أبي داود 2/66 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/43، 55، 189.
***********************************

وكذلك إذا قيل: هذا المجموع عشر أوقية أو نش (1) أو إستار (2) ، لم يلزم أن يكون كل جزء (3) من أجزائه عشر أوقية ولا نشا ولا إستارا (4) ؛ لأن المجموع حصل بانضمام الأجزاء بعضها إلى بعض، والاجتماع ليس موجودا (5) للأفراد.
وهذا بخلاف ما إذا قيل (6) : كل جزء من الأجزاء معدوم أو موجود أو ممكن أو واجب أو ممتنع، فإنه يجب في المجموع أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون المجموع سودا؛ لأن اقتران الموجود بالموجود لا يخرجه عن كونه موجودا، واقتران المعدوم بالمعدوم لا يخرجه عن العدم (7) ، واقتران الممكن لذاته والممتنع لذاته بنظيره لا يخرجه عن كونه ممكنا لذاته وممتنعا لذاته.
بخلاف ما لا يكون ممتنعا لذاته (8) إلا إذا انفرد وهو بالاقتران يصير
_________
(1) ن، م، ا: أو بيت، وهو خطأ. وفي اللسان: النش: وزن نواة من ذهب. وقيل هو وزن عشرين درهما.
(2) ن، م، ا: أو إنسان، وهو خطأ. وفي اللسان: الإستار أيضا وزن أربعة مثاقيل ونصف، والجمع: الأساتير.
(3) عبارة " كل جزء " ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ب: أن يكون من أجزائه عشر أوقية ولا نش ولا إستار؛ ا: أن يكون من أجزائه عشرة ولا قبة ولا بيتا ولا إنسانا؛ ن، م: أن يكون كل جزء من الأجزاء عشرة ولا شيئا ولا أوقية ولا إنسانا؛ وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(5) ن، م: ليس بموجود.
(6) ا، ب: إذا قلت.
(7) ن، م: عن المعدوم.
(8) لذاته: ساقطة من (ا) ، (ب) .

*******************************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #62  
قديم 06-11-2021, 06:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (62)
صـ 431 إلى صـ 437


ممكنا، كالعلم مع الحياة، فإنه وحده ممتنع ومع الحياة ممكن. وكذلك أحد الضدين هو وحده ممكن ومع الآخر ممتنع اجتماعهما، فالمتلازمان يمتنع انفراد أحدهما، والمتضادان يمتنع اجتماعهما.
وبهذا يتبين الفرق بين دوام الآثار الحادثة الفانية واتصالها، وبين وجود علل ومعلولات ممكنة لا نهاية لها. فإن من الناس من سوى بين القسمين في الامتناع، كما يقوله كثير من أهل الكلام، ومن الناس من توهم أن التأثير واحد في الإمكان والامتناع، ثم لم يتبين له امتناع علل ومعلولات لا تتناهى، وظن أن هذا موضع (1) مشكل لا يقوم على امتناعه حجة، وإن لم يكن قولا لأحد، كما ذكر ذلك الآمدي في " رموز الكنوز " (2) . والأبهري (3) [ومن اتبعهما] (4) .
والفرق بين النوعين حاصل، فإن الحادث المعين إذا ضم إلى الحادث المعين، حصل من الدوام والامتداد وبقاء النوع ما لم يكن حاصلا للأفراد، فإذا كان المجموع طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما، لم يلزم أن يكون كل فرد طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما. وأما العلل والمعلولات المتسلسلة فكل منهما ممكن، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج عن الإمكان، وكل منهما معدوم، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج
_________
(1) موضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) سبقت ترجمة الآمدي في هذا الجزء، ص 248. وانظر في ترجمته أيضا: ميزان الاعتدال 1/349؛ لسان الميزان 3/134 - 135؛ مرآة الجنان لليافعي 4؛ مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/49 brock: gal gi. 393، si، 678
(3) سبقت ترجمة الأبهري في هذا الجزء، ص 220.
(4) ومن اتبعهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
********************************

عن العدم. فاجتماع المعدومات الممكنة (* لا يجعلها موجودة، بل ما فيها من الافتقار إلى الفاعل حاصل عند اجتماعها *) (1) ، (2) أعظم من حصوله عند افتراقها (3) ، وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

[أدلة القائلين بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث والرد عليهم]
وعمدة من يقول بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث، إنما هي دليل التطبيق والموازنة (4) والمسامتة المقتضي تفاوت الجملتين، ثم يقولون: (5) والتفاوت فيما لا يتناهى (* محال، مثال ذلك أن يقدروا الحوادث من [زمن] (6) الهجرة إلى ما لا يتناهى *) (7) في المستقبل أو الماضي، والحوادث من زمن الطوفان إلى ما لا يتناهى [أيضا] (8) ثم يوازنون الجملتين، فيقولون: إن تساوتا (9) لزم أن يكون الزائد كالناقص، وهذا ممتنع، فإن إحداهما زائدة على الأخرى بما بين الطوفان والهجرة، وإن تفاضلتا لزم أن يكون فيما لا يتناهى تفاضل، وهو ممتنع.
والذين نازعوهم من أهل الحديث والكلام والفلسفة منعوا هذه المقدمة، وقالوا: لا نسلم أن حصول مثل هذا التفاضل [في ذلك]
_________
(1) ن، ا: اجتماعهما.
(2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(3) ا (فقط) : افتراقهما.
(4) ن، م: والموازاة.
(5) ن: نقول؛ م: يقول.
(6) زمن: ساقطة من (ن) .
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(8) أيضا: زيادة في (ا) ، (ب) .
(9) ن، ا، ب: تساويا.
********************************

ممتنع (1) ، بل نحن نعلم أنه من الطوفان إلى ما لا نهاية له في المستقبل أعظم من الهجرة إلى ما لا نهاية له في المستقبل، وكذلك [من الهجرة إلى ما لا بداية له (2) في الماضي أعظم من الطوفان إلى ما لا بداية له في الماضي، وإن كان كل منهما لا بداية له (3) ، فإن] (4) ما لا نهاية له من هذا الطرف وهذا الطرف، ليس أمرا محصورا محدودا موجودا حتى يقال هما متماثلان (5) في المقدار، فكيف يكون أحدهما أكثر؟ بل كونه لا يتناهى معناه أنه يوجد شيئا بعد شيء دائما، فليس هو مجتمعا محصورا.
والاشتراك في عدم التناهي لا يقتضي التساوي في المقدار، إلا إذا كان كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى له قدر محدود (6) ، وهذا باطل. فإن ما لا يتناهى ليس له حد محدود ولا مقدار معين، بل هو بمنزلة العدد المضعف، فكما أن اشتراك الواحد والعشرة والمائة والألف في التضعيف (7) الذي لا يتناهى لا يقتضي تساوي مقاديرها، فكذلك هذا.
وأيضا: فإن هذين هما متناهيان من أحد الطرفين وهو الطرف المستقبل، وغير متناهيين من الطرف الآخر وهو الماضي.
_________
(1) ن، م: حصول مثل هذا. والتفاضل ممتنع.
(2) م: ما لا نهاية له.
(3) م: لا نهاية له.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(5) ا: متلازمان؛ ب: متوازنان.
(6) ا: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدر محدود؛ ب: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدرا محدودا. .
(7) ن: الضعيف؛ م: الضعف، وكلاهما تحريف.

*******************************
وحينئذ فقول (1) القائل: يلزم (2) التفاضل فيما لا يتناهى غلط، فإنه إنما حصل في المستقبل وهو الذي يلينا وهو متناه، ثم هما لا يتناهيان من الطرف الذي لا يلينا وهو الأزل (3) وهما متفاضلان (4) من الطرف الذي يلينا وهو طرف الأبد.
فلا يصح أن يقال: وقع التفاوت فيما لا يتناهى، إذ هذا (5) يشعر بأن التفاوت حصل في الجانب الذي لا آخر له، وليس الأمر (6) كذلك، بل إنما حصل التفاضل (7) من الجانب [المنتهى] (8) الذي له آخر فإنه لم ينقض (9) .
ثم للناس في هذا جوابان (10) ، أحدهما: قول من يقول: ما مضى من الحوادث فقد عدم، وما لم يحدث لم يكن، فالتطبيق في مثل هذا أمر يقدر في الذهن لا حقيقة له في الخارج، كتضعيف الأعداد: فإن تضعيف الواحد أقل من تضعيف العشرة، وتضعيف العشرة أقل من تضعيف المائة، وكل ذلك لا نهاية له، لكن ليس هو أمرا موجودا في الخارج.
_________
(1) ن، م: فيقول:
(2) ا، ب: للزم.
(3) ن، م: الأول.
(4) ن، م: متناهيان.
(5) ن، م: فيما لا يتناهى وهذا. .
(6) الأمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن، م: التفاوت.
(8) المنتهى: ساقطة من (ن) . وفي (م) : الآخر.
(9) ن، م:. . فإنه لا يزال.
(10) ا: هذا ثم للناس هنا جوابان؛ ب: هذا ثم هنا للناس جوابان.
******************************************

ومن قال هذا فإنه يقول: إنما يمتنع (1) اجتماع ما لا يتناهى إذا كان مجتمعا في الوجود، سواء كانت أجزاؤه (2) (3 متصلة كالأجسام، أو كانت 3) (3) منفصلة كنفوس الآدميين (4) ، ويقول: كل ما اجتمع في الوجود فإنه يكون متناهيا، ومنهم من يقول: المتناهي هو المجتمع المتعلق بعضه ببعض بحيث يكون له ترتيب وضعي كالأجسام، أو طبيعي (5) كالعلل وأما ما لا يتعلق بعضه ببعض كالنفوس، فلا يجب هذا فيها، فهذان قولان.
وأما القائلون بامتناع ما لا يتناهى وإن عدم بعد وجوده، فمنهم من قال به في الماضي والمستقبل، كقول جهم (6) وأبي الهذيل، ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل، وهو قول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم. قالوا: لأنك إذا (7) قلت: لا أعطيك درهما إلا أعطيك (8) بعده درهما، كان هذا ممكنا. ولو قلت: لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما، كان هذا ممتنعا، وعلى هذا اعتمد (9) أبو المعالي في " إرشاده " (10) وأمثاله
_________
(1) ن، م: يمنع.
(2) ن، م: أجزاء.
(3) (3 - 3) : ساقط من (ا) ، (ب) .
(4) ب (فقط) : كنفوس الآدميين أو لا.
(5) ن: طبعي.
(6) ن، م:. . والمستقبل كجهم. .
(7) ا، ب: لو.
(8) م: إلا أعطيتك.
(9) ن، م: امتنع، وهو تحريف.
(10) هذا المثال يذكره أبو المعالي الجويني في كتابه " الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد "، ص [0 - 9] 6 - 27؛ القاهرة 1369/1950. وانظر كلامه عن استحالة حوادث لا أول لها، ص 25 - 27.
*********************************

من النظار.
وهذا التمثيل والموازنة ليست صحيحة، بل الموازنة الصحيحة أن تقول: ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما، فتجعل ماضيا قبل ماض، كما جعلت هناك مستقبلا بعد مستقبل.
وأما قول القائل: لا أعطيك حتى أعطيك، فهو نفي للمستقبل حتى يحصل مثله (1) في المستقبل ويكون قبله، فقد (2) نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل، وهذا ممتنع، لم ينف (3) الماضي حتى يكون قبله ماض فإن هذا ممكن، والعطاء المستقبل ابتداؤه من المعطي، والمستقبل الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له، فإن وجود ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع.
فهذه الأقوال الأربعة للناس فيما لا يتناهى.

[التسلسل نوعان]
والتسلسل نوعان: تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء.
ومن هذا الباب تسلسل الفاعلين والخالقين والمحدثين مثل أن يقول: هذا المحدث له محدث، وللمحدث محدث [آخر] (4) إلى ما لا يتناهى. فهذا مما اتفق العقلاء - فيما أعلم - على امتناعه؛ لأن كل محدث لا
_________
(1) مثله: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فعل. وهو خطأ.
(3) م (فقط) : لأنه لم ينف.
(4) آخر: زيادة في (ا) ، (ب) .

************************************
يوجد بنفسه، فهو معدوم باعتبار نفسه، [وهو ممكن باعتبار نفسه] (1) ، فإذا قدر من ذلك ما لا يتناهى، لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها، فإن انضمام المحدث إلى المحدث والمعدوم إلى المعدوم والممكن إلى الممكن، لا يخرجه عن كونه مفتقرا (2) إلى الفاعل له، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل، وافتقار المحدثين الممكنين أعظم من افتقار أحدهما، كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما. فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه عن الافتقار والحاجة، بل تزيده حاجة وافتقارا.
فلو قدر من الحوادث والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له، وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم يقدر ذلك، فلا يوجد [شيء من] (3) ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج، فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا ولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل لا يكون إلا موجودا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم قديما ليس بمحدث، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى من يخلقه وإلا لم يوجد.
وأما التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث، فهذا فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة: إما منعه في الماضي والمستقبل، كقول جهم وأبي الهذيل. وإما منعه في الماضي فقط، كقول كثير من أهل الكلام. وإما
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(2) ن: منقص، وهو تحريف.
(3) شيء من: ساقطة من (ن) فقط.

********************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #63  
قديم 06-11-2021, 06:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (63)
صـ 438 إلى صـ 444

[الدور نوعان]
تجويزه فيهما، كقول أكثر أهل الحديث والفلاسفة، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
وكذلك الدور نوعان: دور قبلي: وهو أنه لا يكون هذا إلا بعد هذا، ولا هذا إلا بعد هذا، وهذا ممتنع باتفاق العقلاء. وأما الدور المعي الاقتراني مثل المتلازمين اللذين يكونان في زمان واحد كالأبوة والبنوة، وعلو أحد الشيئين على الآخر مع سفول الآخر، وتيامن هذا عن ذاك مع تياسر (1) الآخر عنه، ونحو ذلك من الأمور المتلازمة التي لا توجد إلا معا، فهذا الدور ممكن. وإذا لم يكن واحد منهما فاعلا للآخر ولا تمام للفاعل (2) ، بل كان الفاعل لهما غيرهما، جاز ذلك.
وأما إذا كان أحدهما فاعلا للآخر (3) ، أو من تمام كون الفاعل فاعلا، صار من الدور الممتنع.

[امتناع وجود إلهين]
ولهذا امتنع ربان مستقلان أو متعاونان. أما المستقلان، فلأن استقلال أحدهما بالعالم (4) يوجب أن يكون (5) الآخر لم يشركه فيه، فإذا كان الآخر مستقلا لزم أن يكون كل منهما فعله، وكل منهما لم يفعله، وهو جمع بين النقيضين.
وأما المتعاونان، فإن قيل: إن كلا منهما قادر على الاستقلال حال كون الآخر مستقلا به (6) ، لزم القدرة على اجتماع النقيضين وهو ممتنع،
_________
(1) ن، م: عن ذاك وتياسر. . .
(2) ا، ب: الفاعل.
(3) للآخر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ن (فقط) : بالعلم، وهو خطأ.
(5) يكون: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(6) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .

****************************
فإنه حال قدرة أحدهما على الاستقلال يمتنع قدرة الآخر على الاستقلال، ولا يكونان (1) في حال واحدة كل منهما قادر على الاستقلال، فإن ذلك يقتضي وجوده مرتين في حال واحدة. لكن الممكن أن يقدر هذا إذا لم يكن الآخر فاعلا (2) وبالعكس، فقدرة كل منهما مشروطة بعدم فعل الآخر معه، ففي حال فعل كل واحد (3) منهما يمتنع قدرة الآخر.
وإن قيل: إن المتعاونين لا يقدران في حال واحدة على الاستقلال، كما هو الممكن الموجود في المتعاونين من المخلوقين، كان هذا باطلا [أيضا كما سيأتي] (4) .
والمقصود أنهما إن كانا قادرين على الاستقلال، أمكن أن يفعل هذا مقدوره وهذا مقدوره، فيلزم اجتماع النقيضين، وإلا لزم أن تكون قدرة أحدهما مشروطة بتمكين الآخر له، وهذا ممتنع كما سيأتي.
وأيضا، فيمكن أن يريد أحدهما (5) ضد مراد الآخر، فيريد هذا تحريك جسم وهذا تسكينه، واجتماع الضدين ممتنع. وإن لم يمكن أحدهما إرادة الفعل إلا بشرط موافقة الآخر له، كان عاجزا وحده، ولم يصر قادرا إلا بموافقة الآخر
_________
(1) ن، م: فلا يكون.
(2) ب (فقط) : لكن الممكن أن يقدر هذا فاعلا إذا لم يكن الآخر فاعلا، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) ، (ا) .
(3) واحد: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ما بين المعقوفتين زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ب: كما سيأتي أيضا. فيمكن أن يريد أحدهما. . . إلخ.

*******************************
وكذا (1) إذا قدر أنه ليس واحد منهما قادرا على الاستقلال، بل لا يقدر إلا بمعاونة الآخر كما في المخلوقين، أو قيل: يمكن كل (2) منهما الاستقلال بشرط تخلية الآخر بينه وبين الفعل، ففي جميع هذه الأقسام يلزم أن تكون قدرة كل منهما لا تحصل إلا بإقدار الآخر له، وهذا ممتنع، فإنه من جنس الدور في المؤثرات في الفاعلين والعلل الفاعلة (3) . فإن ما به يتم كون الفاعل فاعلا يمتنع فيه الدور، كما يمتنع في ذات الفاعل، والقدرة شرط في الفعل، فلا يكون الفاعل فاعلا إلا بالقدرة، (* فإذا كانت قدرة هذا لا تحصل إلا بقدرة ذاك (4) ، وقدرة ذاك (5) لا تحصل إلا بقدرة هذا *) (6) كان هذا دورا ممتنعا.
كما أن ذات ذاك إذا لم تحصل إلا بهذا، وذات هذا لم تحصل إلا بذات ذاك (7) كان هذا دورا ممتنعا، إذ كان كل منهما هو الفاعل للآخر، بخلاف ما إذا كان ملازما له أو شرطا فيه (8) والفاعل غيرهما، فإن هذا جائز، كما ذكر في الأبوة والبنوة.
وكذلك الواحد الذي يريد أحد الضدين بشرط (9) أن لا يريد الضد
_________
(1) ا، ب: وهكذا.
(2) ب (فقط) : كلا.
(3) ا: والعلل والفاعلة؛ ب: والعلل والفاعلية.
(4) ن، ا: هذا.
(5) ن (فقط) : هذا.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(7) ن، م، ا: وذات ذاك لم تحصل إلا بذات هذا. والصواب ما أثبتناه من (ب) .
(8) ا: ملازما له وشرطا فيه؛ ب: لازما له وشرطا فيه.
(9) ن (فقط) : يشترط.

**********************************
الآخر، فإن هذا لا يقدح في كونه قادرا. وأما إذا كان لا يقدر حتى يعينه الآخر على القدرة، أو حتى يخليه فلا يمنعه من الفعل، فإن ذلك يقدح في كونه وحده قادرا.
وهذه المعاني قد بسطت في غير هذا الموضع، لكن لما كان الكلام في التسلسل والدور كثيرا ما يذكر في هذه المواضع المشكلة المتعلقة بما يذكر من الدلائل في توحيد الله وصفاته وأفعاله، وكثير من الناس قد لا يهتدي للفروق الثابتة بين الأمور المتشابهة، حتى يظن فيما هو دليل صحيح أنه ليس دليلا صحيحا، أو يظن ما ليس بدليل دليلا، أو يحار ويقف ويشتبه الأمر عليه، أو يسمع كلاما طويلا مشكلا لا يفهم معناه، أو يتكلم بما لا يتصور حقيقته، نبهنا (1) على ذلك هنا تنبيها لطيفا؛ إذ هذا ليس (2) موضع بسطه.

[الأخطاء التي وقع فيها المعتزلة والشيعة نتيجة ظنهم أن التسلسل نوع واحد]
والناس لأجل هذا دخلوا في أمور كثيرة، فالذين قالوا: القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة من المعتزلة والشيعة [وغيرهم] (3) ، إنما أوقعهم ظنهم أن التسلسل نوع واحد، فالتزموا لأجل ذلك أن الخالق لم يكن متكلما (4) ولا متصرفا بنفسه حتى أحدث كلاما منفصلا عنه، وجعلوا خلق كلامه كخلق السماوات والأرض. فلما طالبهم الناس بأن الحادث لا بد له من سبب حادث، وقعوا في المكابرة، وقالوا: يمكن
_________
(1) ا، ب: فنبهنا.
(2) ا، ب: إذ ليس هذا.
(3) وغيرهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) ا، ب: متمكنا ممكنا.

*******************************
القادر أن يرجح أحد المثلين بلا مرجح، كما في الجائع مع الرغيفين، والهارب مع الطريقين.
وجمهور العقلاء قالوا: نعلم بالاضطرار أنه إن لم يوجد المرجح التام لأحد المثلين امتنع الرجحان، وإلا فمع التساوي من كل وجه يمتنع الرجحان.

[تجويز المعتزلة والشيعة الترجيح بلا مرجح مكن الفلاسفة من القول بقدم العالم]
والفلاسفة جعلوا هذا (1) حجة في قدم العالم، فقالوا: الحدوث بلا سبب حادث ممتنع، فيلزم أن يكون قديما صادرا عن موجب بالذات.
وكانوا أضل من المعتزلة من وجوه متعددة: مثل كون قولهم يستلزم أن لا يحدث شيء، ومن جهة أن قولهم يتضمن أن الممكنات لا فاعل لها، فإن الفعل بدون الإحداث غير معقول، ومن جهة (* أن في قولهم من وصف الله [تعالى] (2) بالنقائص في ذاته وصفاته وأفعاله ما يطول وصفه (3) ، ومن جهة *) (4) أن العالم مستلزم للحوادث ضرورة؛ لأن الحوادث مشهودة، فإما أن تكون لازمة [له] (5) أو حادثة فيه، والموجب بالذات المستلزم لمعلوله لا يحدث عنه شيء، فيلزم أن لا يكون للحوادث فاعل بحال، وهم يجوزون حوادث لا تتناهى - كما يوافقهم عليه جمهور أهل الحديث والسنة - وحينئذ فلا يمتنع أن يكون كل [شيء] (6) من العالم حادثا.
_________
(1) ن: هذه.
(2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) ا، ب وصفه هنا
(4) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(5) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) شيء: زيادة في (ب) فقط، والصواب إثباتها.

**************************************
والله تعالى لم يزل موصوفا بصفات الكمال: [لم يزل] (1) متكلما إذا شاء قادرا على الفعل، وليس شيء من الفعل والمفعول إلا حادثا معينا (2) ، إذ كل فعل [معين] (3) يجب أن يكون مسبوقا بعدمه، وإلا فالفاعل إن (4) قدر موجبا بذاته، لزمه مفعوله ولم يحدث عنه شيء، هو مكابرة للحس. وإن قدر غير موجب بذاته، لم يقارنه شيء من المفعولات (5) - وإن كان دائم الفعل - إذ كان نوع الفعل من لوازم ذاته.
وأما الأفعال والمفعولات المعينة فليست لازمة للذات، بل كل منها معلق بما قبله؛ لامتناع اجتماع الحوادث في زمان واحد. فالفعل الذي لا يكون إلا حادثا يمتنع أن يجتمع في زمان واحد، فضلا عن أن يكون كل من أجزائه أزليا، بل يوجد شيئا فشيئا.
وأما الفعل الذي لا يكون إلا قديما، فهذا أولا ممتنع لذاته؛ فإن الفعل والمفعول المعين (6) المقارن للفاعل ممتنع، فلا يحدث به شيء من الحوادث؛ لأن الفعل القديم إذا قدر أنه فعل تام لزمه (7) مفعوله.
وهذه المواضع قد بسطنا الكلام عليها في غير هذا الموضع (8) ، وبينا
_________
(1) لم يزل: ساقطة من (ن) فقط.
(2) معينا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) معين: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ا، ب: إذا.
(5) ن: المعقولات، وهو تحريف.
(6) ن، م: المعين والمقارن.
(7) ا، ب: لزم.
(8) عبارة في غير هذا الموضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
**********************************

نزاع الناس في كل واحد واحد (1) منها. وإنما كان القصد هنا التنبيه على [أصل] (2) مسألة التعليل، فإن هذا المبتدع أخذ يشنع على أهل السنة، فذكر (3) مسائل لا يذكر حقيقتها ولا أدلتها، وينقلها على الوجه الفاسد.
وما ينقله عن أهل السنة خطأ أو كذب عليهم أو على كثير منهم، وما قدر أنه صدق فيه عن بعضهم، فقولهم فيه خير من قوله. فإن غالب شناعته على الأشعرية ومن وافقهم، والأشعرية خير من المعتزلة والرافضة عند كل من يدري ما يقول، ويتقي الله فيما يقول.
وإذا قيل: إن في كلامهم - وكلام من قد وافقهم (4) أحيانا من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم - ما هو ضعيف، فكثير من ذلك الضعيف إنما تلقوه من (5) المعتزلة، فهم أصل الخطأ في هذا الباب، وبعض ذلك أخطئوا فيه لإفراط المعتزلة في الخطأ، فقابلوهم مقابلة انحرفوا فيها، [كالجيش الذي يقاتل الكفار فربما حصل منه إفراط وعدوان] (6) ، وهذا مبسوط في موضعه.
_________
(1) واحد: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) أصل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: يذكر.
(4) ا، ب: يوافقهم وبعد هذه الكلمة لا توجد صفحة كاملة من مصورة (م) هي ص 36 منها وسأنبه عند بداية ظ [0 - 9] 6 بإذن الله.
(5) ا، ب: عن.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .

********************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #64  
قديم 28-11-2021, 02:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (64)
صـ 445 إلى صـ 451


[رد الأشاعرة ومن وافقهم على المعتزلة والشيعة]

قال هؤلاء للمعتزلة والشيعة (1) : ولما كان هذا الدليل عمدتكم، استطال عليكم الفلاسفة الدهرية، كابن سينا وأمثاله، وهذا الدليل مناف في الحقيقة لحدوث العالم لا مستلزم له، فإنه إذا كان هذا الحادث لا بد له من سبب حادث، وكان هذا الدليل مستلزما لحدوث الحادث بلا سبب، لزم أن لا يكون الله أحدث شيئا. فإذا جوزنا ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح، انسد طريق إثبات الصانع الذي سلكتموه.
وقالوا أيضا للمعتزلة والشيعة (2) : أنتم مع هذا عللتم (3) أفعال الله تعالى بعلل حادثة. فيقال لكم: هل توجبون للحوادث سببا حادثا أم لا؟ فإن قلتم: نعم، لزم تسلسل الحوادث، وبطل ما ذكرتموه.
وإن لم توجبوا ذلك، قيل لكم: وكذلك ليس لها غاية حادثة بعدها، فإن المعقول أن الفاعل المحدث لا بد لفعله من سبب ولا بد له من غاية. فإذا قلتم: لا سبب لإحداثه. قيل لكم: ولا غاية مطلوبة له بالفعل.
فإن قلتم: لا يعقل فاعل لا يريد حكمة إلا وهو عابث (4) . قيل لكم: ولا نعقل فاعلا يحدث شيئا بغير سبب حادث أصلا، بل هذا أشد امتناعا في العقل من ذاك، فلماذا أثبتم الغاية ونفيتم السبب الحادث؟ .
(1) ن: فإن هؤلاء المعتزلة والشيعة؛ ا، ب: قال هؤلاء المعتزلة والشيعة. والصواب ما أثبتناه، والمعنى: قال هؤلاء الأشاعرة - ومن وافقهم - للمعتزلة. . إلخ.
(2) وقالوا أيضا للمعتزلة والشيعة: كذا في النسخ الثلاث، وهو يتفق مع قراءتنا للفقرة السابقة.
(3) ن: علمتم، وهو تحريف.
(4) ا، ن: إلا وهو غائب. والمثبت من (ب) .

*************************************
وقيل لكم (1) أيضا: الذي يعقل من الفاعل أن يفعل لغاية تعود إليه، وأما (2) فاعل يفعل لغاية تعود إلى غيره، فهذا غير معقول.


وإذا كان هذا قول الشيعة المتبعين للمعتزلة في حكمة الله تعالى، فقد يقال: [قول] (3) من يقول: إنه يفعل لمحض المشيئة بلا علة (4) ، خير من هذا القول، فإن هذا سلم (5) من التسلسل، وسلم من كونه يفعل لحكمة منفصلة عنه. والمعتزلة تسلم له (6) امتناع التسلسل، فعلم أن قول هؤلاء خير من قول هذا المنكر عليهم.
وأما من قال بالتعليل من أهل [السنة] والحديث، [كما تقدم] ، فذاك (7) سلم من هذا وهذا، وقد كتبت في مسألة التعليل مصنفا (8) مستقلا بنفسه لما سئلت عنها (9) وليس هذا موضع بسطه.
والمقصود هنا التنبيه على أن أقوال أهل السنة خير من أقوال الشيعة، وأنه إن كان قول بعض أهل السنة ضعيفا، فقول الشيعة أضعف منه
(1) ن: الحادث قيل لكم.
(2) ن: وإنما.
(3) قول: ساقطة من (ن) .
(4) وهو قول الأشعري ومتبعيه.
(5) ا، ب: من هذا القول وهذا سلم. .
(6) له: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(7) ن: من أهل الحديث فذاك. .
(8) ن: مكتوبا.
(9) ذكر ابن القيم في: " أسماء مؤلفات ابن تيمية "، ص [0 - 9] 0، أن لابن تيمية: " جواب في تعليل مسألة الأفعال "، نحو ستين ورقة. وذكره ابن عبد الهادي في " العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية " ص 49، (ط. القاهرة 1356/1938) وسماه: قاعدة في تعليل الأفعال.

************************************
[استمرار مناقشة مزاعم ابن المطهر]


[فصل قول الرافضي بأن أهل السنة جوزوا على الله فعل القبيح والإخلال بالواجب والرد عليه]

(فصل (1)) وأما قول الرافضي (2) " وجوزوا عليه فعل القبيح والإخلال بالواجب (3) ".
فيقال له: ليس في [طوائف] (4) المسلمين من يقول: إن الله تعالى يفعل قبيحا أو يخل بواجب، ولكن المعتزلة ونحوهم ومن وافقهم من الشيعة النافين للقدر، يوجبون على الله من جنس ما يوجبون على العباد، ويحرمون عليه ما يحرمونه على العباد، ويضعون له شريعة [بقياسه] (5) على خلقه، فهم مشبهة الأفعال (6) .

وأما المثبتون للقدر من أهل السنة والشيعة، فمتفقون على أن الله تعالى لا يقاس بخلقه في أفعاله، كما لا يقاس بهم في ذاته وصفاته، فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وليس
(1) كل ما سبق كان متصلا بالاستطراد الذي بدأ في ص 148 للرد على قول الفلاسفة بقدم العالم وبيان مقالة أهل السنة وسائر الفرق بهذا الصدد.
(2) ن: وأما قوله.
(3) انظر ص 125 - 126، وكلام ابن تيمية هنا هو في الواقع استمرار لكلامه في الوجه الرابع من وجوه رده على مزاعم ابن المطهر، انظر ص 133.
(4) طوائف: ساقطة من (ن) .
(5) بقياسه: ساقطة من (ن) .
(6) ن: فهم مشبهون في الأفعال.
***********************************

ما وجب على أحدنا وجب مثله على الله [تعالى] (1) ، ولا ما حرم على أحدنا حرم مثله على الله [تعالى] (2) ، ولا ما قبح منا قبح من الله، ولا ما حسن من الله [تعالى] (3) حسن من أحدنا، وليس لأحد منا أن يوجب على الله [تعالى] (4) شيئا ولا يحرم عليه شيئا.


فهذا أصل قولهم الذي اتفقوا عليه، واتفقوا على أن الله [تعالى] (5) إذا وعد عباده بشيء كان وقوعه واجبا بحكم وعده، فإنه الصادق في خبره الذي لا يخلف الميعاد، واتفقوا على أنه لا يعذب أنبياءه ولا عباده الصالحين، بل يدخلهم الجنة (6) ، كما أخبر.
لكن تنازعوا في مسألتين: إحداهما: أن العباد هل يعلمون بعقولهم حسن بعض الأفعال (7) ، ويعلمون أن الله متصف بفعله، ويعلمون قبح بعض الأفعال، ويعلمون أن الله منزه عنه؟ (8) على قولين معروفين (9) : أحدهما: أن العقل لا يعلم به حسن فعل ولا قبحه، أما في حق الله فلأن القبيح منه ممتنع لذاته، وأما في حق العباد فلأن الحسن والقبح لا يثبت إلا بالشرع. وهذا قول الأشعري وأتباعه، وكثير من الفقهاء من
(1) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(6) ا: بل بدخولهم جنته؛ ب: بل يدخلوهم جنته.
(7) ن: الأعمال.
(8) ن: منه.
(9) معروفين: ساقطة من (ا) ، (ب) .

*******************************
أصحاب مالك والشافعي وأحمد. وهؤلاء لا ينازعون في الحسن والقبيح (1) إذا فسر بمعنى الملائم والمنافي أنه قد يعلم بالعقل، وكذلك لا ينازعون - أو لا ينازع أكثرهم أو كثير منهم - في أنه إذا عني به كون الشيء صفة كمال أو صفة نقص (2) أنه يعلم بالعقل.


والقول الثاني: أن العقل [قد] يعلم [به] حسن كثير (3) من الأفعال وقبحها في حق الله وحق عباده. وهذا مع أنه قول المعتزلة فهو قول الكرامية وغيرهم [من الطوائف] (4) ، وهو قول جمهور الحنفية، وكثير من أصحاب مالك والشافعي (5) وأحمد، كأبي بكر الأبهري (6) وغيره من أصحاب مالك، وأبي الحسن التميمي، وأبي الخطاب [الكلوذاني] (7) [من أصحاب أحمد] (8) ، وذكر أن هذا [القول] قول (9) أكثر أهل العلم،
(1) ن: في الحسن والقبح.
(2) ن: نقض، وهو تحريف.
(3) ن: أن العقل يعلم حسن كثير.
(4) من الطوائف: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ن: والشافعي ومالك.
(6) أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمي المالكي الأبهري. ولد سنة 289 وتوفي سنة 375، وينسب إلى أبهر وهي بليدة بالقرب من زنجان. انظر: معجم البلدان، مادة أبهر؛ ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 1/20؛ الديباج المذهب، ص [0 - 9] 55 - 258؛ الأعلام 7/98.
(7) ن: وأبي الخطاب؛ ا: والخطاب الكلوذاني؛ ب: وأبي الخطاب الكلواذي. وهو أبو الخطاب الكلوذاني، ويقال أيضا: الكلوذي، والكلواذاني. وسبق التعريف به (ص [0 - 9] 44 ت [0 - 9] ) ، وهو ينسب إلى كلواذى وهي قرية كانت بجوار بغداد وقد خربت. انظر معجم البلدان، مادة كلواذى؛ ابن الأثير: لباب الأنساب 3/49.
(8) من أصحاب أحمد: ساقطة من (ن) .
(9) ن: أن هذا قول. .

*******************************
وهو قول أبي علي بن أبي هريرة و [أبي بكر] القفال (1) وغيرهما من أصحاب الشافعي، و [هو قول] طوائف (2) من أئمة أهل الحديث.


وعدوا القول الأول من أقوال أهل البدع، كما ذكر ذلك أبو نصر السجزي في رسالته المعروفة في السنة، وذكره صاحبه أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني (3) في شرح قصيدته المعروفة في السنة.
وفي المسألة قول ثالث اختاره الرازي في آخر مصنفاته، وهو القول بالتحسين والتقبيح العقليين (4) في أفعال (5) العباد دون أفعال الله تعالى.
وقد تنازع أئمة الطوائف في الأعيان قبل ورود السمع، فقالت الحنفية وكثير من الشافعية والحنبلية: إنها على الإباحة، مثل ابن سريج (6) ، وأبي إسحاق المروزي (7) ، وأبي الحسن التميمي، وأبي الخطاب
(1) ن: والقفال.
(2) ن: وطوائف. .
(3) ن: سعيد بن علي، وهو خطأ. وأبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي الزنجاني، ينسب إلى بلدة زنجان من نواحي الجبال بين أذربيجان وبينها، نزيل الحرم كان حافظا ثقة زاهدا، توفي في أول سنة 471 أو في آخر سنة 470. ترجمته في شذرات الذهب 3/339 - 340؛ تذكرة الحفاظ 3/1174 - 1178. وانظر معجم البلدان، مادة زنجان.
(4) ن: بالتحسين والقبيح العقلي؛ ا: بالتحسين والتقبيح العقلي.
(5) ن: في فعل. . . .
(6) أبو العباس أحمد بن عمرو بن سريج شيخ الشافعية وكان يقال له: الباز الأشهب، ولد سنة 249 وتوفي ببغداد سنة 306. ترجمته في: شذرات الذهب 2/247 - 248؛ طبقات الشافعية 3/21 - 39؛ وفيات الأعيان 1/49 - 51؛ الأعلام 1/178 - 179.
(7) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي صاحب ابن سريج، انتهت إليه رياسة مذهب الشافعي ببغداد، ومات بمصر سنة 340. ترجمته في: شذرات الذهب 2/355 - 356؛ وفيات الأعيان 1/7 - 8؛ الأعلام 1/22 - 23.

********************************
وقالت طوائف: إنها على الحظر، كأبي علي بن أبي هريرة، وابن حامد، والقاضي أبي يعلى، وعبد الرحمن الحلواني، (1) وغيرهم.


مع أن أكثر الناس يقولون: إن القولين لا يصحان إلا على قولنا بأن العقل يحسن ويقبح، وإلا فمن قال: إنه لا يعرف بالعقل حكم امتنع أن يصفها قبل الشرع بحظر أو إباحة (2) كما قال ذلك الأشعري، وأبو الحسن الجزري، (3) وأبو بكر الصيرفي (4) و [أبو الوفاء] بن عقيل، (5) وغيرهم.
المسألة الثانية: تنازعوا هل يوصف الله [تعالى] (6) بأنه أوجب على نفسه وحرم على نفسه، أو لا معنى للوجوب إلا إخباره (7) بوقوعه، ولا للتحريم (8) إلا إخباره بعدم وقوعه.
(1) أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن علي الحلواني. الفقيه الحنبلي الإمام، ولد سنة 490 وتوفي سنة 546 ترجمته في: شذرات الذهب 4/144؛ الذيل لابن رجب 1/221 - 222.
(2) ن: وإباحة.
(3) ن: والجزري. وهو عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري، صاحب الكامل في التاريخ المتوفى سنة 630. ترجمته في تذكرة الحفاظ 4/1399 - 1400؛ وفيات الأعيان 3/33 - 35؛ الأعلام 5/153.
(4) أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي الفقيه الشافعي كان إماما في الفقه والأصول، تفقه على ابن سريج، وتوفي سنة 330. ترجمته في: شذرات الذهب 2/325؛ اللباب في تهذيب الأنساب 2/66؛ طبقات الشافعية 3/186 - 187؛ الأعلام 7/96.
(5) ن: وابن عقيل.
(6) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(7) ن: إلا اختياره، وهو تحريف.
(8) ن: بالتحريم. وهو تحريف.
******************************



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #65  
قديم 28-11-2021, 02:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (65)
صـ 452 إلى صـ 458

فقالت طائفة بالقول الثاني، وهو قول من يطلق أن الله لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء.وقالت طائفة: بل هو أوجب (1) على نفسه، وحرم على نفسه كما نطق بذلك الكتاب والسنة في مثل قوله [تعالى] (2) {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [سورة الأنعام: 54] وقوله {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} [سورة الروم: 47] وقوله في الحديث الإلهي [الصحيح] (3) " «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما» " (4) .
وأما أن العباد يوجبون عليه ويحرمون عليه فممتنع عند أهل السنة [كلهم] (5) . ومن قال: إنه أوجب على نفسه (6) أو حرم على نفسه فهذا الوجوب (7) والتحريم يعلم عندهم بالسمع، وهل يعلم بالعقل؟ على قولين لأهل السنة.
وإذا كانت (8) هذه الأقوال كلها معروفة لأهل السنة، بل لأهل
(1) ن: واجب، وهو تحريف.
(2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
(3) الصحيح: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) الحديث عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - في: صحيح مسلم 4/1994 (كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم) ؛ سنن ابن ماجه 2/1422 (كتاب الزهد، باب ذكر التوبة) ؛ سنن الترمذي 4/67 - 68 (كتاب صفة القيامة، باب حدثنا هناد. .) (ولم ترد هذه العبارة من الحديث فيه) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/154، 160، 177.
(5) كلهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
(6) على نفسه: ساقطة من (ن) .
(7) ن: فهذا الوجوب عندنا، وهو خطأ.
(8) عند عبارة " وإذا كانت " تعود نسخة (م) وفيها: فإذا كانت.
*******************************
المذهب الواحد منهم، كمذهب أحمد وغيره من الأئمة (1) فمن قال من أهل السنة: إن الله لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء امتنع عنده أن يكون مخلا بواجب أو فاعلا لقبيح، ومن قال: إنه أوجب على نفسه أو حرم على نفسه فهم متفقون على أنه لا يخل بما كتبه على نفسه ولا (2) يفعل ما حرمه على نفسه.

فتبين أنه ليس في أهل السنة من يقول إنه يخل بواجب أو يفعل قبيحا، لكن هذا المبتدع (3) سلك مسلك أمثاله فحكى (4) عن أهل السنة أنهم يجوزون عليه [تعالى] (5) الإخلال بالواجب وفعل القبيح.
وهذا حكاه بطريق الإلزام لإحدى الطائفتين الذين يقولون: لا يجب عليه شيء فله أن يخل بكل شيء، فقال: هؤلاء يقولون: (6 إنه يخل بالواجب، أي ما هو عندي واجب. وكذلك هؤلاء يقولون 6) (6) : لا يقبح منه شيء. فقال: إنهم جوزوا عليه فعل القبيح، (7 أي: فعل ما هو قبيح عندهم 7) (7) أو فعل ما هو قبيح من أفعال العباد. فهذا نقل عنهم بطريق الإلزام الذي اعتقدوه (8) .
(1) من الأئمة: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) ا، ب: فلا.
(3) ا، ب: المبدع.
(4) ا، ب: يحكي.
(5) ا: على الله تعالى. وسقطت تعالى من (ن) ، (م) .
(6) (6 - 6) ساقط من (ا) ، (ب) .
(7) (7 - 7) بدلا من هذه العبارات جاء في (ن) ، (م) : أي ما هو عندي قبيح.
(8) ا، ب: بطريق اللزوم الذي اعتقده.
************************************
وأيضا، فأهل السنة يؤمنون بالقدر، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن الهدى بفضل منه. والقدرية يقولون: إنه يجب عليه أن يفعل بكل عبد ما يظنونه هم واجبا عليه، ويحرم عليه ضد ذلك، فيوجبون عليه أشياء ويحرمون [عليه] (1) أشياء، وهو لم يوجبها على نفسه ولا علم وجوبها بشرع ولا عقل، ثم يحكون عن (2) من لم يوجبها أنه يقول: إن الله يخل بالواجب، وهذا تلبيس في نقل المذهب وتحريف له.

[وأصل قول هؤلاء القدرية تشبيه الله بخلقه في الأفعال، فيجعلون ما حسن منه حسن من العبد، وما قبح من العبد قبح منه، وهذا تمثيل باطل] (3) .
[فصل الرد على قول الرافضي إن الله لا يفعل لغرض ولا حكمة]
وأما قوله: " وذهبوا إلى أنه لا يفعل لغرض، بل كل أفعاله لا لغرض من الأغراض ولا لحكمة ألبتة (4) ".
(1) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ا، ب: يحكمون على.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط وسقطت بعض كلماته من (م) .
(4) انظر ما سبق ص 125. وفي هامش (ا) كتب أمام هذا الموضع: (في التعليل) .
*************************************

فيقال له:

أما تعليل أفعاله وأحكامه بالحكمة، ففيه قولان مشهوران لأهل السنة، والنزاع في كل مذهب من المذاهب الأربعة، والغالب عليهم عند الكلام في الفقه وغيره التعليل. وأما في الأصول فمنهم من يصرح بالتعليل ومنهم من يأباه، وجمهور أهل السنة على إثبات الحكمة والتعليل في أفعاله وأحكامه.
وأما لفظ الغرض فالمعتزلة تصرح، به وهم من القائلين بإمامة أبي بكر وعمر وعثمان [رضي الله عنهم] (1) . وأما الفقهاء ونحوهم فهذا اللفظ يشعر عندهم بنوع من النقص: إما ظلم وإما حاجة، فإن كثيرا من الناس إذا قال: فلان له غرض في هذا، أو فعل هذا لغرضه، أرادوا أنه فعله لهواه ومراده المذموم، والله منزه عن ذلك. فعبر أهل السنة بلفظ الحكمة والرحمة والإرادة ونحو ذلك مما جاء به النص. [وطائفة من المثبتين للقدر من المعتزلة يعبرون بلفظ الغرض أيضا، ويقولون: إنه يفعل لغرض، كما يوجد ذلك في كلام طائفة من المنتسبين إلى السنة] (2) .
وأما قوله: " إنه يفعل الظلم والعبث " (3) .

فليس في أهل الإسلام من يقول: إن الله يفعل ما هو ظلم (4) منه ولا عبث منه. تعالى الله عن ذلك.
(1) رضي الله عنهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) انظر ص 123.
(4) منه: زيادة في (ا) ، (ب) .
********************************

بل الذين يقولون: إنه خالق كل شيء [من أهل السنة والشيعة] (1) .

يقولون: إنه خلق أفعال عباده، فإنها من جملة الأشياء، ومن المخلوقات ما هو مضر لبعض الناس، ومن ذلك الأفعال (2) التي هي ظلم من فاعلها وإن لم تكن ظلما من خالقها، كما أنه إذا خلق فعل العبد الذي هو صوم لم يكن هو صائما، وإذا خلق فعله الذي هو طواف لم يكن هو طائفا، وإذا خلق فعله الذي هو ركوع وسجود لم يكن هو راكعا ولا ساجدا (3) ، وإذا خلق جوعه وعطشه لم يكن جائعا ولا عطشانا؛ فالله تعالى إذا خلق في محل صفة أو فعلا لم يتصف هو بتلك الصفة ولا ذلك الفعل، إذ لو كان كذلك لاتصف بكل ما خلقه من الأعراض.
ولكن هذا الموضع زلت فيه الجهمية من المعتزلة، ومن اتبعهم من الشيعة الذين يقولون: ليس لله كلام إلا ما خلقه في غيره، وليس له فعل إلا ما كان منفصلا عنه، فلا (4) يقوم به عندهم لا فعل ولا قول، وجعلوا (5) كلامه الذي يكلم (6) به ملائكته وعباده، والذي كلم به موسى، والذي أنزله على عباده، هو ما خلقه في غيره.
فيقال لهم (7) : الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ا) ، (ب) .
(2) ن، م: ومن ذلك يقولون الأفعال. . .
(3) ن، م: لم يكن راكعا وساجدا.
(4) ن، م: ولا.
(5) ن، م: وجعل.
(6) ا: تكلم؛ ب: كلم.
(7) ا، ب: فقيل لهم.
******************************
لا على غيره (1) فإذا خلق حركة في محل كان ذلك المحل هو المتحرك بها لم يكن المتحرك بها هو الخالق لها. وكذلك إذا خلق لونا أو ريحا أو علما أو قدرة في محل، كان ذلك المحل هو المتلون بذلك اللون، المتروح بتلك الريح، العالم بذلك العلم، القادر بتلك القدرة. فكذلك إذا خلق كلاما في محل، كان ذلك المحل (2) هو المتكلم بذلك الكلام، وكان ذلك الكلام كلاما لذلك المحل لا لخالقه، فيكون الكلام الذي سمعه موسى وهو قوله {إنني أنا الله} [سورة طه: 14] كلام الشجرة لا كلام الله، لو كان ذلك مخلوقا.

واحتجت المعتزلة وأتباعهم الشيعة (3) على ذلك بالأفعال، فقالت: كما أنه عادل محسن بعدل وإحسان يقوم بغيره، فكذلك هو متكلم بكلام يقوم بغيره. وكان هذا حجة على من سلم الأفعال لهم كالأشعري ونحوه، فإنه ليس عنده فعل يقوم به، بل يقول: الخلق هو المخلوق لا غيره، وهو قول طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، وهو أول قولي القاضي أبي يعلى.

لكن جمهور الناس يقولون: الخلق غير المخلوق، وهذا مذهب الحنفية، وهو الذي (4) ذكره البغوي (5) \ 248. عن أهل السنة، والذي ذكره (6)
(1) ن، م: لأجل غيره، وهو تحريف.
(2) عبارة " ذلك المحل ": ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) ب: المعتزلة وأتباعهم للشيعة؛ ن، م: المعتزلة والشيعة، والصواب ما أثبته من (ا) .
(4) ا، ب: والذي.
(5) أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد، المعروف بالفراء، البغوي، الفقيه الشافعي المحدث المفسر، توفي سنة 510. ترجمته في: وفيات الأعيان 1/402؛ طبقات الشافعية 7 - 80؛ تذكرة الحفاظ 4/1257؛ الأعلام 2
(6) ن، م: وذكره.
****************************
أبو بكر الكلاباذي عن الصوفية في كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف (1) ، وهو قول أئمة أصحاب أحمد كأبي بكر عبد العزيز، وابن حامد، وابن شاقلا (2) ، وغيرهم (3) ، [وهو] آخر قولي القاضي [أبي يعلى] (4) ، واختيار أكثر (5) أصحابه كأبي الحسين ابنه (6) وغير هؤلاء، وإنما اختار القول الآخر (7) طائفة منهم كابن عقيل ونحوه.

ولما كان هذا قول الأشعري [ونحوه] (8) ، وهو مع سائر أهل السنة
(1) ن: التعريف لأهل التصوف؛ م، ا، ب: التعرف لمذهب التصوف. وهو أبو بكر محمد بن إسحاق البخاري الكلاباذي المتوفى سنة 380، صاحب كتاب " التعرف لمذهب أهل التصوف " وقد نشره الأستاذ آرثر جون آربري، القاهرة، 1352/1933، ثم نشر بتحقيق د. عبد الحليم محمود والأستاذ طه سرور، ط. عيسى الحلبي، 1380/1960. وانظر عن الكلاباذي: الأعلام 6/184. والقول الذي يشير إليه ابن تيمية مذكور في الكتاب (ط. الحلبي) ص 38.
(2) ا، ب: أبي الحسن بن شاقلا، ورجحت أن تكون الكنية قد أخطأ الناسخ في كتابتها. وإبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا، أبو إسحاق البزار، المتوفى سنة 369. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/128 - 139؛ شذرات الذهب 3/68؛ تاريخ بغداد 6/17؛ العبر للذهبي 2/351.
(3) وغيرهم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(4) ن، م: وآخر قولي القاضي.
(5) ن (فقط) : بعض.
(6) ا، ب: كأبى الحسن وهو خطأ، وهو القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أبي يعلى المتوفى سنة 526، مؤلف كتاب " طبقات الحنابلة ". انظر ترجمته في: شذرات الذهب 4/79؛ الذيل لابن رجب 1/176 - 178؛ الأعلام 7/249؛ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، ص 529.
(7) ن (فقط) : الأول.
(8) ونحوه: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #66  
قديم 28-11-2021, 02:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (66)
صـ 459 إلى صـ 465



يقولون: إن الله خالق أفعال العباد، لزمه أن يقول: إن أفعال العباد فعل لله تعالى (1) ، إذ كان فعله عنده هو مفعوله (2) ، فجعل أفعال العباد فعلا لله، ولم يقل: هي فعلهم - في المشهور عنه - إلا على وجه المجاز، بل قال: هي كسبهم. وفسر الكسب بأنه ما يحصل (3) في محل القدرة المحدثة مقرونا به. ووافقه على ذلك [طائفة من الفقهاء] (4) من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.
وأكثر الناس طعنوا في هذا الكلام، وقالوا: عجائب الكلام ثلاثة: طفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري. وأنشد في ذلك:
مما يقال ولا حقيقة تحته ... معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي (5) وطفرة النظام (6) .
وأما سائر أهل السنة فيقولون: [إن] (7) أفعال العباد فعل لهم حقيقة، وهو أحد القولين للأشعري. ويقول جمهورهم الذين (8) يفرقون بين
(1) ن: إن أفعال العباد فعلا لله تعالى؛ ب: إن أفعال العباد هي فعل الله تعالى. والمثبت من (م) .
(2) ن، م: إذ كان فعله عنهم هو مفعوله، وهو تحريف.
(3) ا، ب: ما حصل.
(4) من الفقهاء: زيادة في (ا) ، (ب) .
(5) ا، ب، م: الهاشمي.
(6) في هامش (ا) كتب أمام الموضع عبارات ظهر منها ". . النظام أن القاطع للشيء يقطع بعضه ويطفر بعضه. . . أبو هاشم الجبائي زعم أن الأحوال لا معلومة ولا مجهولة ولا موجودة ولا معدومة. . مذكورة وتفصيل ذلك. . في محله. الفقير نعمان ".
(7) إن: زيادة في (ا) ، (ب) .
(8) ن، م: ويقول جمهور الذين. . .
****************************

الخلق والمخلوق: إنها مخلوقة لله ومفعولة له، ليست هي نفس فعله وخلقه الذي هو صفته القائمة به.


فهذه الشناعات التي يذكرها هؤلاء لا تتوجه على قول جمهور أهل السنة، وإنما ترد على طائفة من المثبتة كالأشعري وغيره.
فقوله عن أهل السنة: إنهم يقولون: إنه يفعل الظلم والعبث، إن أراد ما هو منه ظلم وعبث فهذا [منه] (1) فرية عليهم (2) وإن قاله بطريق الإلزام فهم لا يسلمون له أنه ظلم، ولهم في تفسير الظلم نزاع قد (3) تقدم تفسيره. وإن أراد ما هو ظلم وعبث من العبد، فهذا لا محذور في كون (4) الله يخلقه، وجمهورهم لا يقولون: إن هذا الظلم والعبث فعل الله (5) ، بل يقولون: إنه فعل العبد لكنه مخلوق لله، كما أن قدرة العبد وسمعه وبصره مخلوق لله تعالى، وليس هو سمع الحق ولا بصره ولا قدرته.
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن الله تعالى لا يفعل الأصلح]
فصل.
وأما قوله عنهم: إنهم يقولون: [إنه] (6) لا يفعل ما هو الأصلح
(1) منه: زيادة في (ا) ، (ب) .
(2) عليهم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
(3) قد: زيادة في (ا) ، (ب) .
(4) ن، م: لا محذور فيه في كون. . .
(5) ن، م: فعل الله.
(6) إنه: زيادة في (ا) ، (ب) .
****************************
لعباده بل ما هو الفساد؛ لأن فعل (1) المعاصي وأنواع الكفر وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مسندة إليه، تعالى الله عن ذلك.


يقال: هذا الكلام وإن قاله طائفة من متكلمي أهل الإثبات، فهو قول طائفة من متكلمي الشيعة أيضا. وأئمة أهل السنة وجمهورهم لا يقولون ما ذكر، بل الذي (2) يقولونه: إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وإنه لا يخرج عن ملكه وخلقه وقدرته شيء، وقد دخل في ذلك جميع أفعال الحيوان، فهو خالق لعبادات الملائكة والمؤمنين وسائر حركات العباد.
والقدرية ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه، وهو طاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين (3) فيقولون: لم يخلقها الله تعالى، ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها، ولا يلهمه إياها، ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلا لها.
وقد قال الخليل - عليه السلام -: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] فطلب من الله أن يجعله مسلما لله (4) ومن ذريته أمة مسلمة له، وهو صريح في أن الله تعالى يجعل الفاعل فاعلا. وقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، فقد طلب من الله [تعالى] أن (5) \ 3 461 3 يجعله مقيم الصلاة، فعلم
(1) ن، م، أ، ب: كفعل. والصواب ما أثبته، وهو ما جاء من قبل (ص 125) وما ذكر في " منهاج الكرامة ".
(2) أ، ب: الذين. وهو خطأ.
(3) أ، ب: الأنبياء والملائكة والمؤمنين.
(4) لله: ليست في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: فطلب من الله أن. . .
******************************
أن الله هو الذي يجعل المصلي (1) مصليا. وقد أخبر عن الجلود والجوارح إخبار مصدق لها أنها قالت: {أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] فعلم أنه ينطق جميع الناطقين.


وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده أو لا يراعي مصالح العباد، فهذا مما اختلف فيه الناس.
فذهبت طائفة من المثبتين للقدر إلى ذلك، وقالوا: خلقه وأمره متعلق بمحض المشيئة لا يتوقف على مصلحة، وهذا قول الجهم (2)
وذهب جمهور العلماء إلى أنه إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم، وأن فعل المأمور به مصلحة [عامة] (3) لمن فعله، وأن إرساله الرسل مصلحة عامة، وإن كان فيه ضرر على بعض الناس لمعصيته، فإن الله كتب في كتاب (4) فهو عنده [موضوع] (5) فوق العرش: " «إن رحمتي تغلب غضبي» "، وفي رواية: " «إن رحمتي سبقت غضبي» " أخرجاه في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (6) .

(1) أ، ب: العبد.
(2) أ، ب: الجهمية. .
(3) عامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: كتب كتابا.
(5) موضوع: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) سبق هذا الحديث من قبل في هذا الجزء ص 137. وهو في مواضع أخرى في البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - 9/120 - 121 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه. .) 9/125 (كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء. . .) 9/135 (كتاب التوحيد، باب (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) . واختلف أول الحديث: لما خلق الله الخلق. . أو. . إن الله لما قضى الخلق. . أو لما قضى الله الخلق.
***************************

فهم يقولون: فعل المأمور به وترك المنهي عنه مصلحة لكل فاعل وتارك، وأما نفس الأمر وإرسال الرسل فمصلحة عامة (1) للعباد وإن تضمن شرا لبعضهم، وهكذا سائر ما يقدره الله تغلب فيه المصلحة والرحمة والمنفعة، وإن كان في ضمن ذلك ضرر لبعض الناس فلله في ذلك (2) حكمة أخرى.


وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث والتصوف، [وطوائف من] أهل الكلام (3) - غير المعتزلة - مثل الكرامية، وغيرهم. وهؤلاء يقولون: وإن كان في بعض ما يخلقه ما فيه ضرر لبعض الناس، أو هو سبب ضرر - كالذنوب - فلا بد في كل ذلك من حكمة ومصلحة لأجلها خلقها الله، وقد غلبت رحمته غضبه، وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.
وهو لم يذكر إلا مجرد حكاية الأقوال، فبينا ما في ذلك النقل من الصواب والخطأ. فإن هذا الذي نقله ليس من كلام شيوخه الرافضة، بل هو من كلام المعتزلة كأصحاب أبي علي، وأبي هاشم، وأبي الحسين البصري، وغيرهم.
وهؤلاء ذكروا ذلك ردا على الأشعرية (4) خصوصا، فإن الأشعرية وبعض المثبتين للقدر وافقوا الجهم بن صفوان في أصل قوله في الجبر، وإن نازعوه في بعض ذلك نزاعا لفظيا أتوا بما لا يعقل، لكن لا يوافقونه
(1) عامة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: ففيه في ذلك.
(3) ن، م: والتصوف وأهل الكلام. .
(4) أ، ب: الأشعري.
*************************
على قوله \ في نفي الصفات بل يثبتون الصفات؛ فلهذا (1) بالغوا في مخالفة (2) المعتزلة في مسائل القدر حتى نسبوا إلى الجبر، وأنكروا الطبائع والقوى التي في الحيوان أن يكون لها تأثير أو سبب في الحوادث (3) أو يقال: فعل بها، وأنكروا أن يكون للمخلوقات حكمة وعلة (4) .


ولهذا قيل: إنهم أنكروا أن يكون الله يفعل لجلب منفعة لعباده أو دفع مضرة. وهم لا يقولون: إنه [لا] يفعل مصلحة ما (5) فإن هذا مكابرة، بل يقولون: إن ذلك (6) ليس بواجب عليه وليس بلازم وقوعه منه، ويقولون: إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء ولا بشيء، وإنما اقترن هذا بهذا لإرادته لكليهما (7) ، فهو يفعل أحدهما مع صاحبه لا به ولا لأجله (8) ، والاقتران بينهما (9) مما جرت به عادته لا لكون (10) أحدهما سببا للآخر ولا حكمة له، ويقولون: إنه ليس في القرآن في خلقه وأمره لام تعليل.
(1) أ، ب: فكذا.
(2) ن، م: في خلاف.
(3) ن، م: الحيوان.
(4) وعلة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن: إنه يفعل مصلحة ما؛ م: إنه يفعل مصلحة؛ أ، ب: إنه لا يفعل مصلحة. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(6) أ، ب: هذا.
(7) ن، م، أ: لكلاهما، وهو خطأ.
(8) أ، ب: لا به ولأجله.
(9) في جميع النسخ: بهما. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
(10) أ، ب: يكون.
*****************************
وقد وافقهم على ذلك طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، مع أن أكثر الفقهاء الذين يوافقونهم على هذا في كتب الكلام، يقولون بضد ذلك في مسائل الفقه والتفسير والحديث وأدلة الفقه، وكلامهم في أصول الفقه تارة يوافق هؤلاء وتارة يوافق هؤلاء.


لكن جمهور أهل السنة من هؤلاء الطوائف وغيرهم يثبتون القدر، [ويثبتون] الحكمة [أيضا] والرحمة (1) وأن لفعله غاية محبوبة وعاقبة محمودة، وهذه مسألة عظيمة جدا قد بسطت في غير هذا الموضع.
ففي الجملة لم تثبت المعتزلة والشيعة نوعا من الحكمة والرحمة، إلا وقد أثبت أئمة أهل (2) السنة ما هو أكمل من ذلك وأجل منه، مع إثباتهم قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه العام (3) .
هؤلاء لا يثبتون هذا، ومتكلمو الشيعة المتقدمون كالهشامين وغيرهما (4) كانوا يثبتون القدر، كما يثبته غيرهم، وكذلك الزيدية منهم من يثبته ومنهم من ينفيه. فالشيعة في القدر على قولين، كما أن المثبتين لخلافة الخلفاء الثلاثة [في القدر] (5) على قولين.
فلا يوجد لأهل السنة قول ضعيف إلا وفي الشيعة من يقوله ويقول
(1) ن، م: القدر والحكمة والرحمة.
(2) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن (فقط) : العالم.
(4) ن، م: كالهشاميين وغيرهم؛ أ: كالهاشميين وغيرهما.
(5) في القدر: ساقطة من (ن) فقط.
*********************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #67  
قديم 28-11-2021, 02:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (67)
صـ 466 إلى صـ 472



ما هو أضعف منه، ولا يوجد للشيعة (1) قول قوي إلا وفي أهل السنة من يقوله ويقول ما هو أقوى منه، ولا يتصور أن (2) يوجد للشيعة قول قوي لم يقله [أحد من] (3) أهل السنة. فثبت أن أهل السنة أولى بكل خير منهم، كما أن المسلمين أولى بكل خير من اليهود والنصارى.
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن المطيع لا يستحق ثوابا والعاصي لا يستحق عقابا]
فصل.
وأما قوله: إنهم يقولون:
" إن المطيع لا يستحق ثوابا، والعاصي لا يستحق عقابا، بل قد يعذب المطيع طول عمره المبالغ في امتثال أوامره كالنبي، ويثيب العاصي طول عمره بأنواع المعاصي وأبلغها كإبليس وفرعون (4) ".
فهذا (5) فرية على أهل السنة، ليس فيهم من يقول: إن الله يعذب نبيا ولا مطيعا، ولا من يقول: إن الله يثيب إبليس وفرعون (6) [بل] (7) ولا يثيب عاصيا على معصيته؛ لكن يقولون: إنه يجوز أن يعفو عن
(1) ن، م: في الشيعة.
(2) عبارة " يتصور أن ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أحد من: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) انظر ما سبق ص [0 - 9] 25 - 126.
(5) أ، ب: فهذه.
(6) ن: فرعون وإبليس.
(7) بل: زيادة في (أ) ، (ب) .
******************************
المذنب (1) من المؤمنين، وأنه يخرج أهل الكبائر من النار فلا يخلد فيها أحدا من (2) أهل التوحيد، ويخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. والإمامية توافقهم (3) على ذلك.


وأما الاستحقاق فهم يقولون: إن العبد لا يستحق بنفسه على الله شيئا وليس له أن يوجب على ربه شيئا لا لنفسه ولا لغيره؛ ويقولون: إنه لا بد أن يثيب المطيعين كما وعد، فإنه صادق في وعده لا يخلف الميعاد، فنحن نعلم أن الثواب يقع لإخباره (4) لنا بذلك. وأما إيجابه ذلك على نفسه، وإمكان معرفة ذلك بالعقل، فهذا فيه نزاع بين أهل السنة كما تقدم [التنبيه عليه] (5) .
فقول القائل: إنهم يقولون: إن [المطيع] لا يستحق (6) ثوابا: إن أراد أنه هو لا يوجب بنفسه على ربه ثوابا (7) ولا أوجبه (8) غيره من المخلوقين، فهكذا (9) تقول أهل السنة. وإن أراد أن هذا الثواب ليس أمرا ثابتا معلوما وحقا واقعا، فقد أخطأ. وإن أراد أنه هو سبحانه وتعالى لا يحقه
(1) ن، م: الذنب.
(2) أ، ب: فلا يخلد فيها أحد.
(3) أ: يوافقوهم؛ ب: يوافقونهم.
(4) ن: بإخباره؛ م: باختياره، وهو تحريف.
(5) التنبيه عليه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: إنه لا يستحق.
(7) ثوابا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ن: ثوابا وجنة؛ م: ثوابا أوجبه.
(9) ن، م: فهذا يقول.
**************************
بخبره (1) فقد أخطأ على أهل السنة. وإن أراد أنه لم يحقه (2) بمعنى أنه لم (3) يوجبه على نفسه، ويجعله حقا على نفسه كتبه على نفسه، فهذا فيه نزاع [قد] (4) تقدم.


وهو بعد أن وعد بالثواب، أو أوجب مع ذلك على نفسه الثواب، يمتنع منه خلاف خبره، وخلاف حكمه الذي كتبه على نفسه، وخلاف موجب أسمائه الحسنى وصفاته العلى.
ولكن لو قدر أنه عذب من يشاء لم يكن لأحد منعه، كما قال تعالى {قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} [سورة المائدة: 17] .
وهو سبحانه لو ناقش من ناقشه من خلقه يعذبه، كما ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من نوقش الحساب عذب " قالت: قلت: يا رسول الله أليس الله يقول: {فأما من أوتي كتابه بيمينه - فسوف يحاسب حسابا يسيرا} [سورة الانشقاق: 7، 8] فقال (5) : " ذلك العرض ومن نوقش الحساب عذب» (6) .
(1) أ، ب: أنه هو سبحانه وتعالى لم يخلقه بخبره؛ ن، م: أن هو لا محقه بخبره. والصواب ما أثبته ومعناه: أن الله تعالى لم يجعله حقا واجبا على نفسه بمجرد إخباره لنا بذلك.
(2) أ، ب: لم يجعله؛ ن: بحقه. والصواب ما أثبته من (م) .
(3) لم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: قال.
(6) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة في البخاري 1/28 (كتاب العلم، باب من سمع شيئا راجع حتى يعرفه) 6/167 (كتاب التفسير، سورة (إذا السماء انشقت) ؛ مسلم 4/2204 - 2205 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إثبات الحساب) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/47، 48. وانظر تفسير الطبري 9/244 - 245 (ط. المعارف، بتحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر) وقد استوفى الأستاذ المحقق في تعليقه (ت 5 ص [0 - 9] 44 - 245) الكلام على طرق الحديث في صحاح البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، كما أشار إلى مواضع أخرى ورد فيها في تفسير الطبري وتفسير ابن كثير وفي الدر المنثور للسيوطي.
**************************
وفي الصحيح عنه [صلى الله عليه وسلم] (1) أنه قال: " «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» " (2) وفي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: " «لو أن الله عذب (3) أهل سماواته وأهل (4) أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا [لهم] (5) من أعمالهم» (6) .


(1) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) الحديث - مع اختلاف في بعض الألفاظ - عن أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما - في البخاري 7/121 (كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت) ، 8/98 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ؛ مسلم 4/2169 - 2171 في أربعة مواضع (كتاب المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله) ؛ سنن ابن ماجه 2/1405 (كتاب الزهد، باب التوقي على العمل) ؛ سنن الدارمي 2/305 - 306 (كتاب الرقاق، باب لا ينجي أحدكم عمله) ؛ المسند (ط. المعارف) 12/192.
(3) أ، ب: إن الله لو عذب. .
(4) ن: أو أهل.
(5) ن، م: خير من.
(6) جاء هذا الحديث مرفوعا وموقوفا، وهو في المسند (ط. الحلبي) 5/185 عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - مرفوعا ونصه فيه:. . . عن ابن الديلمي قال: وقع في نفسي شيء من القدر فأتيت زيد بن ثابت فسألته فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم، ولو كان لك جبل أحد أو مثل جبل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله ما قبله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار ". والحديث في سنن أبي داود 4/310 - 311 (كتاب السنة، باب في القدر) ونصه فيه:. . عن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي، قال: لو أن الله عذب أهل سماواته. . . . ولو مت على غير هذا لدخلت النار. قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، والحديث في سنن ابن ماجه 1/29 - 30 (المقدمة، باب في القدر) . وصحح الألباني الحديث في صحيح الجامع الصغير 1/57 - 58. "
*******************************
وهذا قد يقال لأجل المناقشة في الحساب والتقصير في [حقيقة] الطاعة (1) ،
وهو قول من يجعل الظلم مقدورا غير واقع، وقد يقال بأن الظلم لا حقيقة له، وأنه مهما قدر من الممكنات لم يكن ظلما. والتحقيق أنه إذا قدر أن الله فعل ذلك فلا يفعله إلا بحق، لا يفعله وهو ظالم، لكن إذا لم يفعله فقد يكون ظلما يتعالى الله عنه.
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن الأنبياء غير معصومين]
فصلوأما ما نقله عنهم أنهم يقولون: " إن الأنبياء غير معصومين " (2) فهذا الإطلاق نقل باطل عنهم.فإنهم متفقون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله


(1) ن: في طاعته.
(2) انظر ما سبق، ص 126.
******************************

[تعالى] (1) ، وهذا هو مقصود الرسالة، فإن الرسول هو الذي يبلغ عن الله أمره ونهيه وخبره (2) ، وهم معصومون في تبليغ الرسالة (3) باتفاق المسلمين، بحيث لا يجوز أن يستقر في ذلك شيء من الخطأ.


وتنازعوا هل يجوز أن يسبق على لسانه ما يستدركه الله تعالى ويبينه له بحيث لا يقره على الخطأ. كما نقل أنه ألقي على لسانه [صلى الله عليه وسلم] (4) : تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن (5) لترتجى؛ ثم إن الله تعالى نسخ ما ألقاه الشيطان وأحكم آياته. فمنهم من لم يجوز ذلك ومنهم من جوزه إذ لا محذور فيه؛ فإن الله [تعالى] (6) ينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته والله عليم حكيم، {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد} [سورة الحج: 53] (7) .

وأما قوله بل (8) قد يقع منهم الخطأ (9) "

(1) تعالى: ليست في (ن) .
(2) ب (فقط) : وغيره، وهو تحريف.
(3) ن (فقط) : في تلك الرسالة.
(4) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م، أ: شفاعتها.
(6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) انظر خبر الغرانيق وتفسير الآية في تفسير الطبري 17/131 - 134، ط. بولاق، 1328؛ تفسير ابن كثير 5/438 - 442 (ط. الشعب) ؛ نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1372/1952.
(8) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) انظر ما سبق، ص [0 - 9] 24.
**************************

فيقال له: هم متفقون على أنهم لا يقرون [على] (1) خطأ في الدين أصلا ولا على فسوق (2) ولا كذب، ففي الجملة كل ما يقدح في نبوتهم وتبليغهم عن الله فهم متفقون على تنزيههم عنه. وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصغائر يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها، فلا يصدر عنهم ما يضرهم.


كما جاء في الأثر: كان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين [سورة البقرة: 222] ، وإن العبد ليفعل السيئة فيدخل بها الجنة.
وأما النسيان والسهو في الصلاة فذلك واقع منهم، وفي وقوعه حكمة استنان المسلمين بهم كما روي في موطأ مالك: " «إنما أنسى أو أنسى لأسن» " (3) . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - " «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني» " أخرجاه في الصحيحين (4) . «ولما صلى
(1) على: ساقطة من (ن) فقط.
(2) أ، ب: فسق.
(3) الحديث في الموطأ 1/100 (كتاب السهو، باب العمل في السهو) ونصه فيه: " وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني لأنسى أو أنسى لأسن ". قال المحقق: " قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة، ومعناه صحيح في الأصول ".
(4) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في البخاري 1/85 (كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان) وأول الحديث فيه:. . . عن علقمة قال: قال عبد الله: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال إبراهيم: لا أدري زاد أم نقص فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: " وما ذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: " إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم. . الحديث. وهو في مسلم 1/402 - 403 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له) ؛ سنن أبي داود 1/368 (كتاب الصلاة، باب إذا صلى خمسا) ؛ سنن ابن ماجه 1/380 (كتاب إقامة الصلاة، باب السهو في الصلاة) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/212، 6/52 - 53، 102.
*****************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #68  
قديم 28-11-2021, 09:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (68)
صـ 473 إلى صـ 479



بهم خمسا، فلما سلم قالوا: له [يا رسول الله] (1) أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسا» ، [فقال] الحديث (2) .
وأما الرافضة فأشبهوا النصارى، فإن الله تعالى أمر الناس بطاعة الرسل فيما أمروا به، وتصديقهم فيما أخبروا به، ونهى الخلق عن الغلو والإشراك بالله، فبدلت النصارى دين الله، فغلوا في المسيح فأشركوا به، وبدلوا دينه فعصوه وعظموه فصاروا عصاة بمعصيته، وبالغوا فيه خارجين عن أصلي الدين وهما الإقرار لله بالوحدانية ولرسله بالرسالة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فالغلو أخرجهم عن التوحيد حتى قالوا بالتثليث والاتحاد، وأخرجهم عن طاعة الرسول وتصديقه حيث أمرهم أن يعبدوا الله ربه وربهم، فكذبوه في قوله: إن الله ربه وربهم (3) وعصوه فيما أمرهم به.

(1) يا رسول الله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) فقال: زيادة في (أ) ، (ب) والحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في البخاري 2/68 (كتاب السهو، باب إذا صلى خمسا) ؛ مسلم 1/401 - 402 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة) ؛ سنن أبي داود 1/369 (كتاب الصلاة، باب إذا صلى خمسا) ؛ سنن ابن ماجه 1/380 (كتاب إقامة الصلاة، باب من صلى الظهر خمسا وهو ساه) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/193 - 194.
(3) وربهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .

*****************************
وكذلك الرافضة غلوا في الرسل، بل في الأئمة، حتى اتخذوهم أربابا من دون الله، فتركوا عبادة الله وحده لا شريك له التي أمرهم بها الرسل، وكذبوا الرسول فيما أخبر به (1) من توبة الأنبياء واستغفارهم، فتجدهم يعطلون المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فلا يصلون فيها جمعة ولا جماعة، وليس لها عندهم كبير (2) حرمة، وإن صلوا فيها صلوا فيها وحدانا، ويعظمون المشاهد المبنية (3) على القبور فيعكفون عليها مشابهة للمشركين، ويحجون إليها كما يحج الحاج إلى البيت العتيق، ومنهم من يجعل الحج إليها أعظم من الحج إلى الكعبة، بل يسبون من لا يستغني بالحج إليها عن الحج الذي فرضه الله على عباده، ومن لا يستغني بها عن الجمعة والجماعة.

وهذا من جنس دين النصارى والمشركين الذين يفضلون عبادة الأوثان على عبادة الرحمن. وقد ثبت في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» " (4) . وقال قبل أن يموت بخمس: «إن من كان قبلكم كانوا
(1) ن، م: الرسل فيما أخبروا به.
(2) ن، م: كثير.
(3) ن، م: الميلامه، وهو تحريف.
(4) يحذر ما فعلوا ن، م: ما صنعوا. والحديث مع اختلاف يسير في اللفظ - عن عائشة وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - في البخاري 1/91 (كتاب الصلاة، باب حدثنا أبو اليمامة. .) . وهو عن عائشة - رضي الله عنها - في البخاري 2/88 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور) 2/88، 102 - 103 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، باب ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. .) ؛ مسلم 1/376 377 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة فيها، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. .) ؛ سنن أبي داود 3/294 (كتاب الجنائز، باب في البناء على القبر) ؛ سنن النسائي 2/33 (كتاب المساجد، باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد) ، 5/78 (كتاب الجنائز، باب اتخاذ القبور مساجد) . والحديث في سنن الدارمي وفي الموطأ وفي المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] حديث رقم 1884، ج [0 - 9] 4 حديث رقم 7818 وفي مواضع أخرى

***************************
يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» ". رواه مسلم (1) . وقال: " «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» " رواه [الإمام] أحمد وابن حبان (2) في صحيحه (3) وقال " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ". رواه مالك في الموطأ (4) .

(1) الحديث عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - في مسلم 1/377 - 378 (كتاب المساجد. .، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . . .) ونصه فيه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس وهو يقول: " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تعالى قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك ".
(2) أ، ب: رواه الإمام وابن حبان؛ ن، م: رواه أحمد وابن حبان.
(3) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 5/324، 6/90، 162. وصحح المحقق - رحمه الله - الحديث في كل هذه المواضع وقال 5/324: وهو في مجمع الزوائد 2/27 وقال (أي الهيثمي) : " رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن " وهو فيه أيضا 8/13 وقال: " رواه البزار بإسنادين، في أحدهما عاصم بن بهدلة، وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح " وجاء الجزء الأول من الحديث إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. . وهم أحياء في البخاري 9/49 (كتاب الفتن، باب ظهور الفتن) .
(4) الحديث في الموطأ 1/172 (كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة) ونصه فيه:. . عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "، قال المحقق: " قال ابن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث ". وجاء حديث مرفوع بألفاظ مقاربة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وصحح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - الحديث وانظر تعليقه المطول.

**************************
وقد صنف شيخهم ابن النعمان، المعروف عندهم بالمفيد -[وهو شيخ الموسوي والطوسي] (1) - كتابا سماه: " مناسك المشاهد " جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج [الكعبة] (2) البيت الحرام الذي جعله الله قياما للناس، وهو أول بيت وضع للناس فلا يطاف إلا به، ولا يصلى إلا إليه (3) ولم يأمر الله إلا بحجه (4) .

وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بما ذكروه من أمر المشاهد، ولا شرع لأمته مناسك عند قبور الأنبياء والصالحين، بل هذا من دين المشركين الذين قال الله فيهم: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا} [سورة نوح: 23] قال ابن عباس [وغيره] : (5) هؤلاء كانوا قوما صالحين في
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وانظر ترجمة المفيد والموسوي والطوسي فيما سبق، ص 56 ت [0 - 9] ، 3، 4.
(2) الكعبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: إلا له.
(4) أ، ب: ولم يأمر إلا بحجه.
(5) وغيره: زيادة في (أ) ، (ب) .

************************
قوم نوح لما ماتوا عكفوا على قبورهم، فطال عليهم الأمد، فصوروا تماثيلهم ثم عبدوهم. (1)

وقد ثبت في الصحيح (2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قال: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» " (3) . [وقد ثبت في] صحيح مسلم وغيره (4) عن أبي الهياج الأسدي قال: قال [لي] (5) علي بن أبي طالب: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته» (6) . فقرن بين طمس التماثيل وتسوية القبور المشرفة؛ لأن كليهما (7) ذريعة إلى
(1) الأثر مروي بمعناه عن ابن عباس في البخاري 6/16 (كتاب التفسير، سورة (إنا أرسلنا) . وانظر تفسير ابن كثير لآية 23 من سورة نوح.
(2) عبارة " في الصحيح ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن أبي مرثد الغنوي - رضي الله عنه - في مسلم 2/668 (كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه) ؛ سنن أبي داود 3/294 (كتاب الجنائز، باب في كراهية القعود على القبر) ؛ سنن الترمذي 2/257 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهية الوطء على القبور والجلوس عليها) ؛ سنن النسائي 2/53 (كتاب القبلة، باب النهي عن الصلاة إلى القبر) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/135.
(4) ن، م: وفي صحيح مسلم وغيره.
(5) لي: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) الحديث عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في مسلم 2/666 - 667 (كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر) ؛ سنن أبي داود 3/291 (كتاب الجنائز، باب في تسوية القبر) ؛ سنن الترمذي 2/256 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في تسوية القبر) ؛ سنن النسائي 4 (كتاب الجنائز، باب تسوية القبور إذا رفعت) ؛ المسند (ط. المعارف) 2/105، 236 - 237.
(7) ن، م، أ: لأن كلاهما. والمثبت من (ب) وهو الصواب.

**********************
الشرك كما في الصحيحين أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأينها بأرض الحبشة. وذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، فقال: " إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة " (1) .

والله أمر في كتابه (2) بعمارة المساجد، ولم يذكر المشاهد. فالرافضة بدلوا دين الله فعمروا المشاهد، وعطلوا المساجد، مضاهاة للمشركين، ومخالفة للمؤمنين.
قال تعالى {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} [سورة الأعراف: 29] لم يقل: عند كل مشهد. وقال: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون - إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} [سورة التوبة: 17، 18] ولم يقل: إنما يعمر (3) مشاهد الله، بل عمار المشاهد يخشون بها غير الله ويرجون غير الله (4) .
(1) الحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن عائشة عن أم حبيبة وأم سلمة - رضي الله عنهن - في البخاري 1/89 \ 90 - 91 (كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية. . .، باب في الصلاة في البيعة) ، 2/90 - 91 (كتاب الجنائز، باب بناء المسجد على القبر) ؛ مسلم 1/375 - 376 (كتاب المساجد. . .، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/51.
(2) ن، م: في كتابه أمر. .
(3) عبارة " إنما يعمر ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: ويرجون غيره.

*****************************
وقال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [سورة الجن: 18] ولم يقل: وأن المشاهد [لله. وقال: {ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} [سورة الحج: 40] ولم يقل: ومشاهد] (1) . وقال: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال - رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} [سورة النور 36، 37] (2) .

وأيضا فقد علم بالنقل المتواتر، بل علم بالاضطرار (3) من دين الإسلام، أن رسول الله (4) - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته عمارة المساجد بالصلوات، والاجتماع للصلوات الخمس ولصلاة الجمعة والعيدين وغير ذلك، وأنه لم يشرع لأمته أن يبنوا على قبر نبي ولا رجل صالح (* لا من أهل البيت ولا غيرهم، لا مسجدا (5) ولا مشهدا. ولم يكن على عهده - صلى الله عليه وسلم - *) (6) في الإسلام مشهد (6 مبني على قبر، وكذلك على عهد خلفائه الراشدين وأصحابه الثلاثة وعلي بن أبي طالب ومعاوية، لم يكن على عهدهم مشهد 6) (7) مبني لا على قبر نبي ولا غيره، لا على قبر إبراهيم الخليل ولا على (8) غيره.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) في (أ) ، (ب) : ويذكر فيها اسمه. . . الآية.
(3) أ، ب:. . المتواتر وبالاضطرار.
(4) أ، ب: أن الرسول. .
(5) أ، ب: من أهل البيت ولا غيره مسجدا.
(6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(7) (6 - 6) ساقط من (أ) ، (ب) .
(8) على: زيادة في (ن) .

******************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #69  
قديم 28-11-2021, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (69)
صـ 480 إلى صـ 486



بل لما قدم المسلمون إلى الشام غير مرة، ومعهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهم، ثم (1) لما قدم عمر لفتح بيت المقدس، ثم لما قدم لوضع الجزية على أهل الذمة ومشارطتهم، ثم لما قدم إلى سرغ (2) ، ففي جميع هذه المرات (3) لم يكن أحدهم يقصد السفر إلى قبر (4) الخليل، ولا كان هناك مشهد، بل كان هناك البناء المبني على المغارة، وكان مسدودا (5) بلا باب [له] (6) مثل حجرة (7) النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثم لم يزل الأمر هكذا في خلافة بني أمية وبني العباس، إلى أن ملك النصارى تلك البلاد في أواخر المائة الخامسة، فبنوا ذلك البناء واتخذوه كنيسة [ونقبوا باب البناء؛ فلهذا تجد الباب منقوبا لا مبنيا] (8) ، ثم لما استنقذ المسلمون منهم تلك الأرض اتخذها من اتخذها مسجدا.
بل كان الصحابة إذا رأوا أحدا بنى مسجدا على قبر نهوه عن ذلك، ولما ظهر قبر دانيال بتستر (9) كتب فيه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -

(1) ثم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) في معجم البلدان: هو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاج الشام.
(3) ن، م: المراتب.
(4) ن: قرية.
(5) أ، ب: مدورا.
(6) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: حجر.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
(9) في معجم البلدان: تستر. . أعظم مدينة بخوزستان.
******************************
إلى عمر - رضي الله عنه -، فكتب إليه عمر أن تحفر بالنهار ثلاثة عشر قبرا، وتدفنه بالليل في واحد منها لئلا يفتتن الناس به (1) .

وكان عمر بن الخطاب إذا رآهم يتناوبون مكانا يصلون فيه لكونه موضع نبي ينهاهم عن ذلك، ويقول: إنما هلك من كان قبلكم باتخاذ آثار أنبيائهم مساجد، من أدركته الصلاة فيه فليصل (2) وإلا فليذهب.
فهذا وأمثاله مما كانوا يحققون به التوحيد الذي أرسل الله به الرسول إليهم، ويتبعون في ذلك سنته - صلى الله عليه وسلم -.
والإسلام مبني على أصلين: أن لا تعبد إلا الله، وأن نعبده بما شرع، لا نعبده بالبدع.
فالنصارى خرجوا عن الأصلين، وكذلك المبتدعون من هذه الأمة من الرافضة وغيرهم.
وأيضا، فإن النصارى يزعمون أن الحواريين الذين اتبعوا المسيح أفضل من إبراهيم وموسى وغيرهما من الأنبياء والمرسلين، ويزعمون أن الحواريين رسل شافههم الله بالخطاب؛ لأنهم يقولون: إن الله هو المسيح، ويقولون أيضا: إن المسيح ابن الله.
والرافضة تجعل الأئمة الاثني عشر أفضل من السابقين الأولين من

(1) هذه الواقعة ذكرها الطبري في كلامه عن فتح السوس في حوادث السنة السابعة عشر، كما ذكرها البلاذري (أحمد بن يحيى بن جابر) في الكلام عن فتح السوس، ص [0 - 9] 86 (الطبعة الأولى، القاهرة) 1319/1901.
(2) ن، م: فليفعل.
******************************
المهاجرين والأنصار، وغاليتهم يقولون: إنهم أفضل من الأنبياء لأنهم يعتقدون فيهم الإلهية كما اعتقدته النصارى في المسيح.

والنصارى يقولون: إن الدين مسلم للأحبار والرهبان، فالحلال ما حللوه والحرام ما حرموه، والدين ما شرعوه.
(1 والرافضة تزعم أن الدين مسلم إلى الأئمة، فالحلال ما حللوه والحرام ما حرموه، والدين ما شرعوه 1) (1) .
وأما من دخل في غلوة الشيعة كالإسماعيلية الذين يقولون بإلهية الحاكم ونحوه من أئمتهم، ويقولون: إن محمد بن إسماعيل نسخ (2) شريعة محمد بن عبد الله، وغير ذلك من المقالات التي هي من مقالات الغالية (3) من الرافضة، فهؤلاء شر من أكثر الكفار من اليهود والنصارى والمشركين، وهم ينتسبون إلى الشيعة يتظاهرون بمذاهبهم (4) .
[اعتراض: الغلو موجود في كثير من المنتسبين إلى السنة والرد عليه]
فإن قيل: ما وصفت به الرافضة من الغلو والشرك والبدع موجود كثير منه في كثير من المنتسبين إلى السنة، فإن في كثير منهم غلوا في مشايخهم وإشراكا بهم وابتداعا لعبادات غير مشروعة، وكثير منهم يقصد قبر من يحسن الظن به: إما ليسأله حاجاته (5) وإما ليسأل الله به حاجة (6) ، وإما لظنه أن الدعاء عند قبره أجوب منه في المساجد.

(1) (1 - 1) موجود في (ن) ولكن عليه شطب.
(2) أ، ب: شيخ، وهو خطأ.
(3) ب: من المقالات التي هي من الغالية.
(4) ن، م: بمذهبهم.
(5) ن، م: حاجة. .
(6) حاجة: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
**************************
ومنهم (1) من يفضل زيارة قبور شيوخهم على الحج، ومنهم من يجد عند قبر من يعظمه من الرقة والخشوع ما لا يجده في المساجد والبيوت، وغير ذلك مما يوجد في الشيعة.

ويروون أحاديث مكذوبة من جنس أكاذيب الرافضة، مثل قولهم: لو أحسن أحدكم ظنه بحجر نفعه الله به. وقولهم: إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور. وقولهم: قبر فلان هو الترياق المجرب.
ويروون عن بعض شيوخهم أنه قال لصاحبه: إذا كان لك حاجة فتعال إلى قبري واستغث بي، ونحو ذلك، فإن في المشايخ من يفعل بعد مماته كما كان يفعل في حياته. وقد يستغيث الشخص بواحد منهم، فيتمثل له الشيطان في صورته: إما حيا وإما ميتا، وربما قضى حاجته أو [قضى بعض حاجته] (2) ، كما يجري نحو ذلك للنصارى مع شيوخهم، ولعباد الأصنام من العرب والهند والترك وغيرهم.
قيل: هذا كله مما نهى الله عنه ورسوله، وكل ما نهى الله عنه ورسوله فهو مذموم منهي عنه، سواء كان فاعله منتسبا إلى السنة أو إلى التشيع، ولكن الأمور المذمومة المخالفة للكتاب والسنة في هذا وغيره هي في الرافضة أكثر منها في أهل السنة، [فما يوجد في أهل السنة] (3) من الشر ففي الرافضة أكثر منه، وما يوجد في الرافضة من الخير ففي أهل السنة أكثر منه.

(1) أ، ب: وفيهم.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
****************************
وهذا حال أهل الكتاب مع المسلمين: فما يوجد في المسلمين شر إلا وفي أهل الكتاب أكثر منه، ولا يوجد في أهل الكتاب خير إلا وفي المسلمين أعظم منه.

ولهذا يذكر سبحانه مناظرة الكفار من المشركين وأهل الكتاب بالعدل، فإن ذكروا عيبا في المسلمين لم يبرئهم منه، لكن يبين أن عيوب الكفار أعظم.
كما قال [تعالى] (1) : {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} ثم قال: {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [سورة البقرة: 217] .
وهذه الآية نزلت لأن سرية من المسلمين ذكر أنهم قتلوا ابن الحضرمي في آخر يوم من رجب، فعابهم المشركون بذلك، فأنزل الله هذه الآية. (2) .
وقال تعالى: {قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون - قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [سورة المائدة: 59، 60] (3) ، أي من لعنه الله وجعل منهم الممسوخين وعبدة

(1) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) انظر تفسير الآية، وخبر مقتل عمرو بن الحضرمي في تفسير الطبري (طبعة المعارف بتحقيق الأستاذ محمود شاكر) 4/299 - 315.
(3) ن، م: وعبد الطاغوت. . الآية.
****************************

الطاغوت فـ: " جعل " معطوف على " لعن "، ليس المراد: وجعل (1) منهم من عبد الطاغوت، كما ظنه بعض الناس، فإن اللفظ لا يدل على ذلك والمعنى لا يناسبه، فإن المراد ذمهم على ذلك لا الإخبار بأن الله جعل فيهم من يعبد الطاغوت، إذ مجرد الإخبار بهذا لا ذم فيه لهم (2) ، بخلاف جعله منهم القردة والخنازير فإن ذلك عقوبة منه لهم على ذنوبهم وذلك خزي لهم (3) ، فعابهم بلعنة الله وعقوبته بالشرك الذي فيهم وهو عبادة الطاغوت. (4) .

والرافضة فيهم من لعنة الله وعقوبته بالشرك ما يشبهونهم به من بعض الوجوه، فإنه قد ثبت بالنقول المتواترة أن فيهم من يمسخ كما مسخ (5) أولئك. وقد صنف الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد [المقدسي] (6) كتابا سماه: " النهي عن سب الأصحاب، وما ورد فيه من

(1) وجعل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: لازم لهم فيه، وهو خطأ.
(3) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) انظر وجوه تأويل هاتين الآيتين في تفسير الطبري 10/433 - 444؛ القرطبي (طبعة دار الكتب، القاهرة 1357/1938) ، 6/233 - 236.
(5) ن، م: كما يمسخ.
(6) المقدسي: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو الإمام العالم الحافظ الحجة، محدث الشام، شيخ السنة، ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي. ولد سنة 569، وتوفي سنة 643. ترجمته في تذكرة الحفاظ 4/190 - 192؛ شذرات الذهب 5/225 - 226؛ الذيل لابن رجب 2/236 - 240 (وذكر من كتبه، ص [0 - 9] 39: كتاب " النهي عن سب الأصحاب " جزء) ؛ الأعلام 7/134.
*************************

الذم والعقاب " وذكر فيه حكايات (1 معروفة في ذلك، وأعرف أنا حكايات 1) (1) أخرى لم يذكرها هو.

وفيهم من الشرك والغلو ما ليس في سائر طوائف الأمة؛ ولهذا أظهر ما يوجد الغلو في طائفتين: في النصارى والرافضة. ويوجد أيضا في طائفة ثالثة من أهل النسك والزهد والعبادة الذين يغلون في شيوخهم ويشركون بهم. (2)
[فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن النبي لم ينص على إمامة أحد وإنه مات عن غير وصية]
[النصوص الدالة على استحقاق أبي بكر الخلافة]
فصل
وأما قوله عن أهل السنة:.
إنهم يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمامة أحد (3) وإنه مات عن غير وصية (4) .
فالجواب أن يقال: ليس هذا قول جميعهم، بل قد ذهبت طوائف من أهل السنة إلى أن إمامة أبي بكر ثبتت بالنص (5) ، والنزاع في ذلك معروف في مذهب أحمد وغيره [من الأئمة] (6) .

(1) (1 - 1) ساقط من (م) .
(2) ن، م:. . . ويشركون بهم والله أعلم.
(3) ن: واحد.
(4) انظر ما سبق ص 126.
(5) في هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " مطلب في ثبوت الخلافة لأبي بكر بالنص ".
(6) من الأئمة: ساقط من (ن) ، (م) .
**********************************



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #70  
قديم 17-12-2021, 09:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (70)
صـ 487 إلى صـ 493



وقد ذكر القاضي أبو يعلى (1) في ذلك روايتين عن [الإمام] (2) أحمد: إحداهما أنها ثبتت بالاختيار (3) . قال: " وبهذا قال جماعة من أهل الحديث والمعتزلة والأشعرية "، وهذا اختيار القاضي أبي يعلى وغيره.
والثانية: أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة [قال] (4) : " وبهذا قال الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث " (5) وبكر بن أخت عبد الواحد (6) ، والبيهسية من الخوارج (7) .
وقال شيخه أبو عبد الله بن حامد (8) : " فأما الدليل على استحقاق
(1) أ، ب: أبو يعلى وغيره.
(2) الإمام: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ب: بالإخبار، وهو خطأ، والمثبت من (ن) وقد ذكر الذهبي في مختصره " المنتقى من منهاج الاعتدال " القراءة الصحيحة، ص 51 - 52، وانظر تعليق 2 ص 51.
(4) قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) قال القاضي أبو يعلى في كتاب " المعتمد في أصول الدين "، ص 410: تحقيق د. وديع زيدان حداد، ط. بيروت 1974: " وطريق ثبوت الخلافة الاختيار من أهل الحل والعقد وليس طريق ثبوتها النص، وبهذا قال جماعة من أصحاب الحديث والمعتزلة والأشعرية، وروى عن أحمد - رحمه الله - كلاما يدل على أن خلافة أبي بكر ثبتت بالنص الخفي والإشارة، وبهذا قال الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث ".
(6) بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد؛ انظر الكلام على مذهبه في مقالات الإسلاميين 1/317 - 318؛ الفرق بين الفرق. ص 129.
(7) ن، م: البنهسية، وهو خطأ، وهم أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر، وهو أحد بني سعد بن ضبيعة، انظر الكلام على مذهبهم في مقالات الإسلاميين 1/177 - 182، الملل والنحل 1/113 - 115.
(8) أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، له " الجامع " في مذهب الحنابلة وله " شرح الخرقي "، كان شيخا للقاضي أبي يعلى، كما ذكر ذلك ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 2/176 - 177 (وانظر 2/171 - 177، 2/195) توفي سنة 403. وانظر ترجمته أيضا في تذكرة الحفاظ 3/1078 - 1079؛ المنتظم 7/263 - 264؛ الأعلام 2/201.

*************************************
أبي بكر الخلافة دون غيره من أهل البيت والصحابة فمن كتاب الله وسنة نبيه ".


قال: " وقد اختلف أصحابنا في الخلافة: هل أخذت من حيث النص أو الاستدلال؟ فذهب طائفة من أصحابنا إلى أن ذلك بالنص، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك نصا، وقطع البيان على عينه حتما. ومن أصحابنا من قال إن ذلك بالاستدلال الجلي ".
قال ابن حامد: والدليل على إثبات ذلك بالنص أخبار.
من ذلك ما أسنده البخاري، عن جبير بن مطعم، قال: «أتت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن ترجع إليه. فقالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تريد الموت. قال: " إن لم تجديني فأتي أبا بكر» ".
وذكر [له] (1) سياقا آخر (2) وأحاديث أخر. قال: وذلك نص على إمامته ".
(1) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) الحديث عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - في البخاري 5/5 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا من أمتي خليلا) 9/81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) 9/110 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل. . .) ؛ مسلم 4/1856 - 1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/82 - 83.

***********************************
قال: وحديث سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» " (1) .


قال: (2) " وأسند البخاري، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (3) «بينا أنا نائم (4) رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها (5) ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له (6) ، ثم استحالت غربا فأخذها عمر بن الخطاب فلم أر عبقريا يفري فريه (7) ، حتى ضرب الناس بعطن» (8) " قال: " وذلك نص في الإمامة ".
(1) جاء الحديث بهذا اللفظ أحيانا، وجاء أحيانا أخرى بلفظ: " إني لا أدري ما قدر بقائي فاقتدوا باللذين. . . . الحديث. والحديث عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/271 - 272 (كتاب المناقب، باب منه) ، وقال الترمذي: " وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن "؛ سنن ابن ماجه 1/37 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/382، 399، \ 402، وصحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 1/372.
(2) قال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: قال.
(4) ن، م: بين النائم واليقظان.
(5) ن: عنها.
(6) ب (فقط) : والله يغفر له ضعفه.
(7) أ، ب: فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر.
(8) جاء هذا الحديث عن أبي هريرة وعن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - بألفاظ متقاربة في عدة مواضع من البخاري: 5/6 (كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي لو كنت متخذا من أمتي خليلا. . . .) ، 9/38 - 39 (كتاب التعبير، باب نزع الماء من البئر حتى يروى الناس، باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف، باب الاستراحة في المنام) ، 9/139 (كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة. . . قول الله تعالى: تؤتي الملك من تشاء. .) ؛ مسلم 4/1860 - 1862 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر. .) ؛ سنن الترمذي 3/369 (كتاب الرؤيا، باب ما جاء في رؤيا النبي. . .) ؛ المسند (ط. المعارف) الأرقام: 4814، 4972، 5629، 5817، 5859، 16/103 (رقم 8222) 17/9 - 10 (رقم 8794) ، المسند (ط. الحلبي) 2/450. وسيرد الحديث مرة أخرى في هذا الجزء (ص 511) . والقليب هي البئر. وفي فتح الباري 7/38 - 39: " أنزع منها: أي أملأ بالدلو. قوله: فنزع ذنوبا أو ذنوبين بفتح المعجمة وبالنون وآخره موحدة: الدلو الكبير إذا كان فيها الماء. . . . " قوله: وفي نزعه ضعف: أي أنه على مهل ورفق. . . قوله: فاستحالت في يده غربا. . . أي دلوا عظيمة. قوله: فلم أر عبقريا. . . المراد به كل شيء بلغ النهاية، وأصله أرض يسكنها الجن ضرب بها العرب المثل في كل شيء عظيم. . . قوله: يفري. . . فريه. . .: ومعناه يعمل عمله البالغ. . . قوله: حتى ضرب الناس بعطن. . .: هو مناخ الإبل إذا شربت ثم صدرت ".

***********************************
قال: " ويدل عليه ما أخبرنا أبو بكر بن مالك، وروى عن مسند أحمد، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة (1) ، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما: " «أيكم رأى رؤيا؟ " فقلت: أنا رأيت يا رسول الله كأن ميزانا دلي من السماء، فوزنت بأبي بكر فرجحت بأبي بكر، ثم وزن أبو بكر بعمر فرجح أبو بكر بعمر، ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر بعثمان، ثم رفع الميزان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك لمن (2) يشاء» (3) ".


(1) ن (فقط) : عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو خطأ.
(2) ن، م: من.
(3) ورد هذا الحديث في سنن أبي داود مرتين عن أبي بكرة - رضي الله عنه - الأولى منهما رواية صحيحة أولها: " من رأى منكم رؤيا؟ ". . الحديث وهو في سنن أبي داود 4/289 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) ؛ سنن الترمذي 3/368 - 369 (كتاب الرؤيا، باب ما جاء في رؤيا النبي. . .) وقال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح ". وجاء الحديث أيضا في المستدرك للحاكم 3/70 - 71 (كتاب معرفة الصحابة) ، 4/394 (كتاب تعبير الرؤيا) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه " والرواية الثانية أولها بلفظ " أيكم رأى رؤيا؟ " وفيها الزيادة التي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء " وهي في الصفحة التالية في سنن أبي داود 4/290 وقال المحقق عن هذا الحديث إن فيه علي بن زيد وهو ابن جدعان ولا يحتج بحديثه. وجاء الحديث في المسند (ط. الحلبي) 5/44، 50. وانظر المسند (ط. الحلبي) 4/63، 5/376. وسيرد هذا الحديث مرة أخرى في هذا الجزء إن شاء الله (ص 513) .

***************************
قال: " وأسند أبو داود، عن جابر الأنصاري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «رأى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر. " قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أما الرجل (2) الصالح فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه» (3) .


قال: " ومن ذلك حديث صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، «عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله
(1) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) الرجل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 4/290 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) وأوله: " أري الليلة رجل صالح. . . الحديث. وقال الأستاذ المحقق في تعليقه: إنه حديث منقطع. والحديث في المسند (ط. الحلبي) 3/355؛ المستدرك للحاكم 3/71 - 72 (كتاب معرفة الصحابة) وقال الحاكم: " ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة ولم يخرجاه ". وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك " ذيل 3: صحيح. وضعف الألباني الحديث في " ضعيف الجامع الصغير وزيادته " 1/260 - 261. "

******************************
عليه وسلم - اليوم الذي بدئ (1) به فيه، فقال: " ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا ". ثم قال: " يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر» ". وفي لفظ: " «فلا يطمع في هذا الأمر طامع» ". وهذا الحديث في الصحيحين (2) .


ورواه من طريق أبي داود الطيالسي، عن ابن أبي مليكة، «عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر لأكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس " (3) . ثم قال: " معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر» (4) ". وذكر أحاديث
(1) به: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: في الصحيح. وجاء هذا الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين وفي المسند في عدة مواضع، وأقرب الروايات الرواية المذكورة هنا هي في المسند (ط. الحلبي) 6/144 ونصها: " حدثنا عبد الله حدثني أبي. . . عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الذي بدئ فيه، فقلت: وارأساه. فقال: " وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك " قالت: فقلت غيرى: كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك. قال: " وأنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا، فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن. قال: " وأنا أولى. ويأبى الله - عز وجل - والمؤمنون إلا أبا بكر ". والحديث - مع اختلاف في الألفاظ - في البخاري 7/119 (كتاب المرضى، باب قول المريض: إني وجع. . .) وقال ابن حجر في " فتح الباري " 10/125: " وزاد في رواية عبيد الله: " ثم بدئ في وجهه الذي مات فيه - صلى الله عليه وسلم -) 9/80 - 81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) ؛ مسلم 4/1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/47، 106 (وفيها: لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع. .) .
(3) الناس: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) الحديث في مسند أبي داود الطيالسي (طبعة حيدر أباد، 1321) ، ص [0 - 9] 10 - 211. وفيه: ثم قال: دعيه معاذ الله. . . إلخ.

****************************
تقديمه في الصلاة، وأحاديث أخر لم أذكرها لكونها ليست مما يثبته (1) أهل الحديث.


[أدلة ابن حزم على أن الرسول نص على خلافة أبي بكر نصا جليا]
وقال أبو محمد بن حزم في كتابه في (2) " الملل والنحل " (3) اختلف الناس في الإمامة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت (4) طائفة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحدا، ثم اختلفوا (5) فقال بعضهم: [لكن] (6) لما استخلف أبا بكر (7) على الصلاة كان ذلك دليلا على أنه أولاهم بالإمامة والخلافة على الأمر (8) . وقال بعضهم: لا، ولكن كان أبينهم (9) فضلا فقدموه لذلك.
وقالت طائفة: بل نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على استخلاف أبي بكر بعده على أمور الناس نصا جليا.
قال أبو محمد: وبهذا نقول لبراهين، أحدها إطباق الناس كلهم،
(1) ن (فقط) : يبينه.
(2) في ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الفصل في الملل والأهواء والنحل " والكلام التالي في 4/176 تحقيق د. محمد إبراهيم نصر، د. عبد الرحمن عميرة، ط. عكاظ، الرياض 1/402 \ 1982.
(4) : ف الفصل: قد اختلف الناس في هذا فقالت. .
(5) ثم اختلفوا: ليست في (ف) .
(6) لكن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ف: أبا بكر - رضي الله عنه -
(8) ف: الأمور.
(9) أبينهم: كذا في (م) ، (ف) ، وفي (ن) ، (م) ، (أ) : أثبتهم.
*****************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 254.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 248.25 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]