صدقة جارية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850961 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386958 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60074 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 847 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-10-2021, 10:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي صدقة جارية

صدقة جارية
عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه







ظلَّ يبحث عن مكانٍ مناسِب يضعها فيه؛ فلقد راودَتْه نفسُه وتشتَّتتْ أفكارُه أنْ يضعها هنا أو هناك، فلقد حام حولَ منطقته؛ عَلَّه يجد أحدًا من أهل الخير ليضعَها بين يديه فهي أمانة، فلا بدَّ أن تصِل الوديعةُ إلى مكانٍ يستحقُّ أن يكون أهلًا له، فصاحِبتُها منتظرةٌ على اشتياقٍ أثرَها في القبر.

فالمؤتمن يتذكَّر حديثَ الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابنُ آدم، انقطع عمَلُه إلَّا من إحدى ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفَعُ به، أو ولد صالِح يدعو له)).

أين يجِد الصَّدقةَ الجارية حتى يفيَ بوعده، فالمفارِقُ أحَبُّ خلْق الله إلى قلبه؟
ظلَّ يفكِّر مرارًا وتكرارًا؛ فمرَّة يقول له عقلُه أنْ يذهَب إلى دار العَجَزةِ؛ ليتفقَّد مَن أكَلَ الدَّهرُ شحمَهم ورقَّ عظمُهم، مَن تركهم أولادُهم بين جدران صامتة لا تعي ولا تفهم، تركوهم ليحدِّثوها، بل ليشكوا إليها ما يعانون آخِر أيَّامهم بعد أن عانوا في تربية ورِعاية صغارهم.

وريثما بلَغ الواحد منهم أشُدَّه، وبلغ الوهنُ من آبائهم مبلغه، وتُوِّجَتْ الرؤوس برغوة الشباب، واحدودبَتْ ظهورُهم، ونحلَتْ أجسادهم، ورقَّ عظمهم - رموا بهم بين جدران صمَّاء لا تفقه ما يقولون.

وتارة يفكِّر فيمن طحنَت رحى الحرب آباءهم، وعجنَت أيادٍ حاقدةٌ أجسامَهم؛ لتحوِّلَهم إلى أقراص دائريَّة سرعان ما تنضج داخل فرن ملتهب.

يفكِّر ألفَ مرَّةٍ ومرَّة في طريقة لينقذ حياتهم من لَهيب الجوع المهلِك، بل ليسقيَهم شربةَ ماءٍ باردة، حُرِموا منها بضعة أشهر بسبب حِصارٍ حامٍ حولَ دروب مدينتهم المتَّصلة بالمدن المجاورة؛ ليجبرهم على الخضوع لحكم انقلابٍ بَغيض خرج عن شرعيَّةٍ اختاروها بأنفسهم.

ومرَّة يفكِّر... ويفكر في أيتام انقَضَّ هاذِمُ اللذَّات ومفرِّق الجماعات بمخالبه على مَن يعولهم، فقد تركهم يصارِعون حرارةَ الشمس الحارَّة، التي تلفح وجوهَهم وأجسامَهم، فيصيرون قطعةَ فحم محترقة، قلَّما يجدون بعض الأيادي المعطاءة والقلوب الرَّحيمة تمدهم بما يسدُّ رمق جوعهم.

آه آه! تنفَّس أحمد الصعداءَ قائلًا مخاطبًا نفسه:
يا ليتَ لي ملء الأرض ذهبًا وفضَّة، لأُنفِقَها بين يدي كل محتاجٍ وفقير، بل بين يدي كل يتيمٍ وأسير، وبين كل جريحٍ وضرير.

فكَّر ما الذي يصنع بما في يدِه، لقد تركَت وصيَّتَها فوقَ كاهله، أصبح همًّا كبيرًا أقلَقَ منامه.

وذات يوم كان أحمد يقلِّب صفحات (الفيس بوك)، فرأى منشورًا مكتوبًا بخطٍّ واضح يَدعو أهلَ الخير إلى بذْل العطاء لبناء بيتٍ من بيوت الله.

لقد أتقَن صاحِب المنشور دعوتَه لفِعل الخير قائلًا: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن بنى لله بيتًا، بنى له الله بيتًا في الجنَّة)).

لقد أنزَل صاحب المنشور صورةً لجامعهم الصَّغير وهو يكتظُّ بالمصلِّين؛ حيث كان أكثر من نِصف القرية يصلُّون خارج البِناءِ الصغير، قرأ أحمد المنشور وكان صاحبه يتحدَّث: "لقد ألهبَت حرارة الشمس أجسادَ هؤلاء المصلِّين".

إنَّهم في كلِّ جمعة يتعرَّضون لأشعة الشَّمس الحارَّة؛ بسبب كثرة المصلِّين في جامعهم الصغير.

قال صاحب المنشور:
"مَن يُرِدْ أن يستظلَّ في ظل الرحمن يوم لا ظِلَّ إلا ظلُّه، فعليه بإنقاذ المصلِّين من حرِّ الشمس الملتهب... البدار البدار لمشاركتك ولو بالقسط اليسير، أو أن تدلَّ على فعل الخير؛ فالدالُّ على الخير كفاعله...".

ثمَّ اختتم صاحب المنشور بقول رسول الله: ((اتَّقوا النارَ ولو بشقِّ تمرة)).

قرأ أحمد المنشورَ، فاشتعل لهيبُ فؤاده، فسارع إلى الردِّ، كتب في الملفِّ الخاص لصاحب المنشور قائلًا:
السَّلام عليكم صاحبَ المنشور.
لقد ألهبَت تلك الصورة فؤادي وأحرقَت صدري.

سأل أحمد:
أين هذا المسجد؟

صاحب المنشور:
إنَّه في قريتي.
عرف أحمد أنَّ المسجد في قرية زوجته.

أحمد:
هلَّا أجد نصيبًا في المشاركة في هذا البناء.

ردَّ صاحب المنشور:
بكلِّ سرور، ولِم لا، فما أنا إلا دالٌّ على فعل الخير؟
وبعد مرور ثلاثة أيام من قراءة المنشور، انطلق أحمد صوْبَ قرية صاحب المنشور ليرى ما صنع المشارِكون في هذا البناء.

وصل أحمد إلى تلك القرية، توجَّه ليرى والدَ زوجته، إنَّه غائب عنه منذ زمن، فلا بدَّ من زيارته.

تقدَّم صوْبَ القرية، فرأى الناسَ وهم يتكلَّمون عن الحاج ثابت كيف نال الخيرَ في دنياه وآخرته.

إنهم يتكلَّمون عن بناء الجامع الجديد، وكيف أنَّ الحاجَّ ثابتًا قدَّم مالَه قبل أن يلقى ربَّه.

تقدَّم رويدًا رويدًا ليسمعهم وكأنَّه ما أتى إلا لمشاهدة ما يصنعون لا غير، وعند وصوله سمعهم يتحدَّثون عن فضل مَن بنى لله بيتًا، كان البعض منهم يقول:
إنَّها صدقته، لقد أحَبَّ لقاءَ الله، فأحَبَّ الله لقاءه، رحل إلى الله راضيًا عنه، فرضي الله عنه.

قال أحمد:
ومن الذي أحبَّ لقاء الله؟
ردَّ عليه أحد الحاضرين:
من قدَّم ماله لبناء هذا المسجد.

أحمد:
ومَن قدَّم ماله لبناء مسجدنا؟!

إمام المسجد يردُّ عليه:
إنَّها حكاية عجيبة يا بني؟

أحمد:
بالله عليك يا شيخ إلَّا حدَّثتني عن أمره.

الإمام:
يا ولدي، إنَّ الحاج ثابتًا رأى أهل القرية يصلُّون تحت أشعة الشمس الملتهبة، فقرَّر بيع أرضه التي لا يملِك سواها، فقبل ثلاثة أيام جاء المشتري وقدَّم ثلاثة ملايين، وبعد كتابة ورَقة البيع أخذ الحاج ثابت المبلغ وأعطاه للحاج أمين ليتولَّى بناء هذا المسجد.

كان الحاج ثابت كعادته يصلِّي الضحى في مسجدنا الصغير.

وفي صباح أمس صلَّى الفجرَ معنا جماعة في المسجد، ثم تقدَّم نحوي قائلًا:
يا حاج ناجي، إنِّي أحسُّ بألَم في داخلي، فلم أقم اليوم إلَّا بجهد مُضْنٍ، فإذا متُّ أرجوك هذا ما تبقَّى لي من الدنيا، فسلَّمَ لي بعض الدنانير قائلًا:
أرجوك إن متُّ اشترِ كفنًا، ولا يغسِّلني إلا أنت والحاج أمين.
فقلت له:
أطالَ الله في عمرك، وأبقاك الله للفقراء والمساكين.

قلت له:
نريد أن نرى كيف سيكون الجامع.

فقال:
أسأل اللهَ أنْ لا أراه إلَّا في الجنة.
وعند الضحى لم نجِد للحاج ثابت أثرًا كعادته، فذهبتُ صوْبَ بيته، طرقتُ عليه الباب، فلم أسمع صوتًا.
جمعتُ بعضَ كبار القرية، وكسرنا البابَ، فوجدناه ميتًا وهو ساجد بين يدي الرحمن.

ذرفَت دموع أحمد، فرآه الحاج ناجي وقال له:
أوَتعرفه يا ولدي؟

أحمد:
إنَّه والد زَوجتي رحمة الله عليها.
لقد ماتت ابنَتُه قبله ببضعة أشهر، لقد أتيتُ اليوم لزيارته، لكن لم يكتب اللهُ لي اللَّقاء به.

لكن قل لي يا حاج:
وهل المبلغ الذي دفعه الحاج ثابت يَكفي لبناء الجامع؟

قال الحاج ناجي:
أهل الخير كثير، ولن يضيِّع الله بيته.
أخذ أحمد بيَد الحاج ناجي وقال له: هذا بقيَّة بناء هذا الجامع.

سُرَّ الحاج ناجي وقال:
بارَك الله لك يا ولدي، ومَن جاء بهذا المبلغ؟

أحمد:
إنَّه مال ابنة الحاج ثابت، لقد رأيتها في المنام قائلة: إن لم تنفِّذ وصيَّتي فإني خصيمتُك بين يدي الله.

الحاج ناجي:
اسمع يا ولدي، والله لن أستلِم منك مبلغًا حتى تخبرني بأمر هذا المال؟

أحمد:
إنَّها قصَّة محبوبين، عاشا فترة بسيطة كانت بمثابة عُمْر بشرٍ، أتذكَّر كل لحظة عِشْتُ معها.

الحاج:
حدِّثني يا ولدي.

أحمد:
إنها ابنة الحاج ثابت، إنها مَن أحببتها، ولن أنساها عمري، كانت حياتي أيها الحاج، وفي يومٍ من الأيام وأنا خارج معها صوْبَ المدينة، كنَّا على جانب الطريق، ارتطمَت بها شاحنة أردَتْها مقتولة.

وبينما هي في لحظاتها الأخيرة أوصَتْني أن أقدِّم مالها لفعل الخير؛ علَّ الله يكتب الأجرَ لها فيصِل إلى قبرها.

يا حاج، إنَّ الفتاة هي ابنة الحاج ثابت.

أرجوك اجعل مالَها بين يديك لتُكمِل به بيتَ الله، فقد سمعتُ أنكم تدعون الناسَ إلى فعل الخير.

سلَّم أحمد المبلغَ وانطلَق، ولم يجد له الحاج ناجي أثرًا بعد ذلك اليوم.


فرح الحاج فرحًا شديدًا؛ فلقد حصل على ما يُكمِل به مشروعَ بيت الله.

تقدَّم الحاج نحو العمَّال قائلًا: لقد أكمل الحاج ثابت البناءَ حيًّا وميتًا!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.97 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]