بلال بن رباح رضي الله عنه وإنسانية الحضارة الإسلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2022, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي بلال بن رباح رضي الله عنه وإنسانية الحضارة الإسلامية

بلال بن رباح رضي الله عنه وإنسانية الحضارة الإسلامية
السيد مراد سلامة

الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها الإخوة الأحباب، حديثنا اليوم عن إنسانية الحضارة الإسلامية حيث إن الإسلام دين عالمي إنساني جاء ليخرج البشرية من غياهب الجهل والكفر، إلى نور العلم والإيمان بالله تعالى، جاء الإسلام ليعلن أنه لا فرق بين عربي أو أعجمي، ولا فرق بين أبيض ولا أسود، الكل في ميزان الله سواء، يتفاضلون بالإيمان والتقوى ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

عن أبي نضرة، حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق فقال: ((يا أيها الناس، ألا إن ربَّكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل ‌لعربي ‌على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى، أبلَّغتُ؟))، قالوا: بلغ رسول الله [1].

يقول شيخ الأزهر حفظه الله (علمانية أمريكا بعد مائة عام لم تستطع أن تقنع أبيض أن الأسود إنسان، أما إسلامنا وخلال سنوات فعلمنا أن ننادي للعبد الحبشي: بسيدنا بلال)!

لذا:
عباد الله، سنقف مع سيدنا بلال الحبشي لنتعرف على سيرته، ونستلهم منها الدروس والعبر؛ ليعلم العالم أنه لا يوجد دين على وجه الأرض أعلى من قيمة الإنسان وكرَّمه كما كرم الإسلام الإنسان مهما كان وضعه أو جنسه أو لونه؛ فأعيروني القلوب والأسماع لنشنفها بتلك السيرة العطرة.

بطاقة تعريف وتشريف:
هو بلال بن رباح الحبشي القرشي التيمي، مولى سيدنا أبي بكر رضي الله عنهما، وقد ذكروا في ترجمته عدة كنى له؛ فهو أبو عبدالله، ويقال: أبو عبدالكريم، ويقال: أبو عبدالرحمن، ويقال: أبو عمرو.

كان حبشيًّا من الأرقاء الذين يعيشون في مكة، وقد وُلد فيها، وأمه حمامة مولاة لبني جمح.
كنية بلال: أبو عبدالله.

بلال رضي الله عنه أول من أسلم من العبيد:
أحباب الحبيب صلى الله عليه وسلم: ومن أوسمة الشرف التي نالها بلال رضي الله عنه أنه أول من أسلم من العبيد ليتحرر بذلك من رق العبودية للبشر لينال شرف العبودية لله الواحد الأحد.

روى مسلم عن أبي أمامة، قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارًا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيًا جرآء عليه قومُه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ قال: «أنا نبي»، فقلت: وما نبي؟ قال: «أرسلني الله»، فقلت: وبأي شيء أرسلك، قال: «أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء»، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: «حر، وعبد»، قال: ومعه يومئذٍ أبو بكر وبلال ممن آمن به، فقلت: إني متبعك[2].

صبر بلال رضي الله عنه على الابتلاء:
لم يكن إسلام بلال رضي الله عنه أمرًا هينًا على الكافرين، بل كان صفعة قوية للظلَمة الذين استعبدوا الناس وساموهم سوء العذاب، لقد شعر بلال رضي الله عنه أنه انطلق إلى أفق رحب لا يعرف الحدود ولا يعرف الأحساب والأنساب، فلا نسب ولا حسب إلا الإسلام.

أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه:
لذا وقف بلال رضي الله عنه كالجبل الأشم في وجه عاصفة الكفر والتعذيب والعنصرية، فلم يهن عزمه ولم يضعف إيمانه.... عن مجاهد قال: "أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وسمية أم عمار. قال: فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنَعَه عمُّه، وأما أبو بكر فمنعه قومه، وأُخذ الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فأعطوهم ما سألوا، فجاء كل رجل منهم قومه بأنطاع الأدم فيها الماء فألقوهم فيه، وحملوا بجوانبه إلا بلالًا، فلما كان العشي جاء أبو جهل فجعل يشتم سمية ويرفث، ثم طعنها فقتلها، فهي أول شهيد استشهد في الإسلام، إلا بلالًا فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملوه، فجعلوا في عنقه حبلًا، ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة، فجعل بلال يقول: أحدٌ أحدٌ" [3].

روى ابن سعد عن عروة بن الزبير قال: كان بلال بن رباح من المستضعفين من المؤمنين، وكان يعذب حين أسلم ليرجع عن دينه، فما أعطاهم قط كلمةً مما يريدون، وكان الذي يعذِّبه أمية بن خلف [4].

روى ابن سعد عن عمير بن إسحاق قال: كان بلال إذا اشتدوا عليه في العذاب قال: أحد أحد، فيقولون له: قل كما نقول، فيقول: إن لساني لا يحسنه [5].

أين نحن من بلال؟ بلال يتعرض للعذاب والقتل حتى يترك الإسلام، وله في ذلك دليل من كتاب الله، لكنه يصبر على الأذى والعذاب في سبيل الله تعالى، نعم يتقرب إلى الله بالصبر على العذاب، ولا يترك دينه.

ومنا اليوم من يفسد ويفسق ويفعل المعاصي، ويقترف الإثم، ويأتي الذنوب، وهو يتنعم بنعم الله عليه، فشتان بين الاثنين.

الرعيل الأول يتقربون إلى الله بفعل الطاعات، والخير والبر والقربات، ومنا اليوم من يتقرب إلى الله بالمعاصي؛ لأنه واقع فيها لا محالة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
جزى الله خيرًا عن بلال وصحبه
عتيقًا وأخزى فاكهًا وأبا جهلِ
عشية همَّا في بلال بسوءة
ولم يحذروا ما يحذر المرء ذو العقلِ
بتوحيده ربَّ الأنام وقوله
شهدت بأن الله ربي على مهلِ
فإنْ تقتُلوني تقتُلوني ولم أكن
لأشركَ بالرحمن من خيفة القتلِ



نزول القران الكريم في شأن بلال رضي الله عنه وأصحابه الفقراء:
وها هو الإسلام يعلي من الشأن الضعفاء والفقراء، يقدمهم على الأحساب والأنساب والأعراق، فلا عز إلا عز الطاعة، ولا شرف إلا شرف الإيمان، وإن كان صاحبه عبدًا عربيًّا أو حبشيًّا أو روميًّا، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال ورجلان - لست أسميهما - فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه - لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطمع في إسلام صناديد قريش - فأنزل الله تعالى: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 52] [6].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب وصهيب وبلال وعمار، فقالوا: يا محمد، أرضيت بهؤلاء؟ فنزل فيهم القرآن: ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ﴾ [الأنعام: 51] إلى قوله: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 53] [7].

إن هؤلاء الفقراء والمساكين المنكسرين خيرٌ من أولئك العظماء المتكبرين، إن أقفية هؤلاء المؤمنين أشرف من وجوه أولئك الكفرة، إن أقدام هؤلاء خير من رؤوس أولئك؛ لأن هؤلاء مؤمنون، موحدون، طائعون، وأولئك مكذبون، متكبرون، محادُّون لله ورسوله.

جهاد بلال رضي الله عنه:
انطلق بلال رضي الله عنه يحمل سيفه ويحمل روحه على كفه يجاهد في سبيل الله، وليردع هؤلاء الكفار الذين يصدون عن سبيل الله، يقول ابن سعد رحمه الله: (شهد بلال بن رباح بدرًا وأُحُدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم[8].

بلال رضي الله عنه خازن رسول الله الأمين:

إخوة الإسلام: لقد نال بلال رضي الله عنه ثقة رسول الله صل الله عليه وسلم؛ وذلك لصدقه وأمانته، فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم منصب الخازن وأتمنه رسول الله على خزائن الطعام.

عن عبدالله الهوزني، قال: لقيت بلالًا مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلب فقلت له: يا بلال ‌حدثني ‌كيف ‌كانت ‌نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "ما كان له شيء، أنا كنت الذي ألي ذلك منه منذ بعثه الله عز وجل حتى توفي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أتاه الإنسان المسلم فيراه عاريًا يأمرني به فأنطلق فأستقرض فأشتري له البردة أو غيرها فأكسوه وأطعمه"[9].

ولقد تحمل بلال رضي الله عنه مع الحبيب صلى الله عليه وسلم الشدائد والمشاق، تحمل الجوع والفقر، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد ‌أوذيت ‌في ‌الله، وما يؤذى أحد، ولقد أُخفتُ في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت عليَّ ثالثة ما بين يوم وليلة ما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما واراه إبط بلال» [10].

بمَ سبقتني إلى الجنة البارحة؟!
هل تتخيل تلك المكانة والمنزلة التي بلغها بلال رضي الله عنه؟ كان سباقًا إلى كل خير، وضع الجنة نصب عينيه ورضا ربه ومولاه، وطاعة نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم؛ لذا نال تلك المكرمة، اسمعوا إلى هذا الموقف أيها الأحباب:
قال ابن بريدة، عن أبيه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا فقال: "يا بلال، بم سبقتني إلى الجنة؟ إني دخلت الجنة البارحة ‌فسمعتُ ‌خشخشتك ‌أمامي، فأتيت على قصر من ذهب مربع، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من أمة محمد، قلت: فأنا محمد، لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من العرب، قلت: أنا عربي، لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من قريش، قلت: أنا قرشي، لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب" [11].

(خشخشتك): الخشخشة حركة لها صوت كصوت السلاح؛ أي: صوت مشيتك.

فهذا بلال الحبشيُّ ينال تلك المنزلة الرفيعة بخبر رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى والذي لا يخرج من لسانه إلا الحق، فليتق الله من يسيرونها جاهلية فيناضلون بين الناس على أساس عروقهم وأجناسهم وقبائلهم، وليعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه سببٌ إلا سبب التقوى ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية
أما بعد:
بلال رضي الله عنه يتوقف عن الأذان:
ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قرَّر بلال ألا يؤذِّن لأحد بعده صلى الله عليه وسلم، فتوقف عن الأذان، قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): أذَّن بلال بن رباح يوم فتح مكة على ظهر الكعبة، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بلال الأذان[12].

قال محمد بن إبراهيم التيمي: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن بلال ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبر. فكان إذا قال: أشهد أن محمدًا رسول الله؛ انتحب الناس في المسجد. قال: فلما دُفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له أبو بكر: أذِّن. فقال: إن كنت إنما أعتقتني لأن أكون معك فسبيل ذلك. وإن كنت أعتقتني لله فخلِّني ومن أعتقتني له. فقال: ما أعتقتك إلا لله. قال: فإني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذاك إليك. قال: فأقام حتى خرجتْ بعوث الشام فسار معهم حتى انتهى إليها[13].

وفاة بلال رضي الله عنه:
كانت سيرته رضي الله عنه نبراسًا يستضاء به، ودليلًا واضحًا على عظمة الإسلام الذي رفع من قدره وشأنه وأعلى من منزلته وكرمه ومنحه أوسمة كثيرة، منها أنه مبشر بالجنة..... حياة كلها طاعة وجهاد، بذل وعطاء، صدق ووفاء، أمانة وإخلاص، ومن عاش على شيء مات عليه..... قال سعيد بن عبدالعزيز: لما احتضر بلال بن رباح قال: غدًا نلقى الأحبه * محمدًا وحزبه. قال: تقول امرأته: واويلاه! فقال بلال: وافرحاه! [14].

توفي بلال بن رباح بدمشق سنة عشرين ودفن عند الباب الصغير في مقبرة دمشق وهو ابن بضع وستين سنةً[15].

وتأتي لحظة الرحيل التي لا بد لكل حيٍّ منها؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، ويموت بلال رضي الله عنه، ويدفن في الشام، سنة عشرين بدمشق، وهو ابن بضع وستين سنة.

ويلحق بالرفيق الأعلى، ليتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، كما كان يتقدم بين يديه في الدنيا يفسح له الطريق، ويسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم خشخشة نعليه في الجنة، فرضي الله عن بلال، وعن سائر الصحب والآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل.

وأخيرًا عباد الله: بعد هذا البيان تبين لنا أن القيمة الإنسانية واحدة للجميع، يقول القرآن: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]. فالعربي إنسان، والعجمي إنسان، والأبيض إنسان، والأسود إنسان، والحاكم إنسان، والمحكوم إنسان، والغني إنسان، والفقير إنسان، ورب العمل إنسان، والعامل إنسان، والرجل إنسان، والمرأة إنسان، والحر إنسان، والعبد إنسان، وما دام الكل إنسانًا فهم إذًا سواسية كأسنان المشط الواحد.

لقد سوى الإسلام بين بلال الحبشي وأبي بكر القرشي.
لقد سوى الإسلام بين صهيب الرومي وعمر بن الخطاب القرشي.
لقد سوى الإسلام بين سلمان الفارسي وعثمان بن عفان القرشي.
إنها عظمة الإسلام في إنسانيته التي تنبثق عن عقيدة إن ربك واحد، ودينك واحد، وأباكم واحد، وحِّدوا الواحد.
الدعاء.......................................


[1] أخرجه أحمد (5/411، رقم 23536).

[2] (مسلم/ حديث: 832).

[3] (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ176).

[4] «الطبقات الكبير» (3/ 213 ط الخانجي).

[5] (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ175).

[6] أخرجه الإمام مسلم في فضائل الصحابة برقم (46).

[7] مسند الإمام أحمد: 1/420.

[8] (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ180).

[9] «سنن أبي داود» (4/ 661 ت الأرنؤوط): «إسناده صحيح».

[10] «مسند أحمد» (19/ 245 ط الرسالة) «وأخرجه ابن أبي شيبة 11/464 و14/300، وابن ماجه (151)».

[11] «مسند أحمد» (38/ 148 ط الرسالة): «صحيح لغيره».

[12] (البداية والنهاية لابن كثير جـ7صـ104).

[13] (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ178).

[14] (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ10صـ475).

[15] (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ180).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.24 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]