في تحديد النسل - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 56 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 343 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 732 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-10-2011, 11:15 AM
الصورة الرمزية فريد البيدق
فريد البيدق فريد البيدق غير متصل
مشرف ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 873
افتراضي في تحديد النسل

موضوع متميز قرأته في كتاب "جامع الفتاوى الطبية والأحكام المتعلقة بها"، جمع وترتيب الدكتور عبد العزيز بن فهد بن عبد المحسن، دار القاسم، ط1 1425-2004، ص ص 279-280.
وبعد أن نقل قرار مجمع البحوث الإسلامية بمصر 1965 بمنع ذلك وتحريم سن قانون به نقل عن كتاب "حركة تحديد النسل" لأبي الأعلى المودودي، مؤسسة الرسالة، ص68- الذي قال فيه كلاما أعجبني.

***

وإنك إذا نظرت في تعاليم الإسلام واضعا نصب عينيك هذه القاعدة الكلية عرفت أن نظام الإسلام للمدنية والحياة الاجتماعية قد استأصل كل تلك الدواعي والأسباب التي ترغم الإنسان على أن يعرض عن تحقيق هذا المقتضى المهم التوالد والتناسل من مقتضيات فطرته. وقد عرفت أن الإنسان، من حيث هو إنسان، لا تدعوه أي حاجة من حاجات نفسه ولا أي غريزة من غرائز فطرته إلى تحديد نسله، وإنما نظام للمدنية من طراز مخصوص هو الذي عندما يخلق ظروفا مخصوصة للجماعة الإنسانية، يجد فيه الإنسان نفسه مضطرا إلى أن يقطع دابره أو يضع الحد لنسله ابتغاء الرفاه المادي والرخاء الاقتصادي لذاته.

ولك أن تستنتج من هذا أن نظاما للمدنية إذا كان قائما على طراز مختلف عن ذلك الطراز المخصوص، ولم تتولد فيه الظروف المخصوصة التي ذكرناها - فإنه من المحال البتة أن يوجد فيه سبب أو داعية لتحريض الإنسان وترغيبه في تغيير خلق الله والتجاوز عن حدوده والانحراف عن مقتضيات قوانين الفطرة.

والإسلام بنظامه للحياة الاقتصادية قد استأصل شأفة العقلية الرأسمالية، فقد حرم الربا والميسر والقمار ونهى عن الاحتكار والاستئثار الشخصي وجمع المال

/402 280 /402

وأجرى في المجتمع طرق الزكاة والإرث. فأحكامه هذه تستأصل كثيرا من المفاسد والمنكرات التي قد حولت الحياة الاقتصادية في الغرب إلى عذاب أليم لكل شخص سوى الرأسمالي.

كما أن الإسلام بنظامه للحياة الاجتماعية قد أعطى المرأة حقوق الإرث وجعل لها حقا معلوما في ما يكسبه الرجل، وأمر أن تكون دائرة عملها مستقبلة عن دائرة عمل الرجل حسب ما تقتضيه فطرتها وفطرة الرجل، ونهى بقانونه للحجاب عن الاختلاط الحر بين الرجال والنساء، فهو هكذا قد أزال عن حياة الإنسان الاقتصادية والاجتماعية كثيرا من المفاسد والرذائل الخلقية التي بها تستعد المرأة أو تضطر إلى الإنحراف عن واجبها الفطري؛ إنجاب الذرية وتخليد النسل.

كما أن الإسلام بتعاليمه الخلقية قد دعا الإنسان بل حرضه تحريضا على أن لا يحيا في هذه الدنيا إلا حياة الشرف والفضيلة والتقوى والبساطة، وهو لذلك قد حرم الزنا والخمر وأوجد الطرق المؤدية إلى كثير من مشاغل اللهو والطرب والمجون والاستهتار التي تجعل الإنسان من المبذرين إخوان الشيطان.

وأهم من ذلك أن الإسلام قد أمر الإنسان أن لا يكون عبدا إلا لله ولا يعتقد إلا بألوهيته ولا يتوكل إلا على عونه، ولا يرى في غيره رازقا لنفسه ولكل ذي روح في السماوات والأرض. وهذا ما يحول دون أن تنشأ في الإنسان تلك العقلية التي تجعل منه حيوانا نهما لا يؤمن إلا بوسائله ولا يتوكل إلى على جهوده.

وخلاصة القول: إن قوانين الإسلام للحياة الاجتماعية والاقتصادية مع تعاليمه الخلقية وتربيته الروحانية قد محت كل سبب أو داعية من تلك الأسباب والدواعي التي لأجلها نشأت ثم تقدمت وانتشرت حركة تحديد النسل في المدنية الغربية. فالإنسان إذا كان مؤمنا بالإسلام مصدقا لتعاليمه وقوانينه من الوجهة الفكرية والعملية، فإنه من المحال أن تنشأ في نفسه رغبة في تحديد النسل أو تعرض له في حياته ظروف ترغمه على الانحراف عن طريق الفطرة المستقيمة.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-10-2011, 04:35 PM
الصورة الرمزية سامية الحرف
سامية الحرف سامية الحرف غير متصل
عبير
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
مكان الإقامة: اللهم ارزقنا الفردوس الأعلى من الجنة بدون حساب ولا عذاب آمين يا رب العالمين ....
الجنس :
المشاركات: 12,064
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي رد: في تحديد النسل

وفقك الله أخينا فريد البيدق
__________________
،،
اللهم ابن لي عندكــ بيتًا فالجنة لا يزول
وعوضني خيرًا ممافقدتــ
اللهم إني صابرة كما أمرتني فبشرني كما وعدتني
قد أغيب يومًا ،، للأبد فلا تنسوني من دعواتكم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-10-2011, 02:35 PM
الصورة الرمزية فريد البيدق
فريد البيدق فريد البيدق غير متصل
مشرف ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 873
افتراضي رد: في تحديد النسل

بوركت وأكرمت!
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-10-2011, 02:36 PM
الصورة الرمزية فريد البيدق
فريد البيدق فريد البيدق غير متصل
مشرف ملتقى اللغة العربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 873
افتراضي رد: في تحديد النسل

فتوى الإسلام في تحديد النسل
جامع الفتاوى الطبية والأحكام المتعلقة بها، جمع وترتيب الدكتور عبد العزيز بن فهد بن عبد المحسن، ص ص281-287
تعال لنرى الآن ما هي فتوى الإسلام في هذه المسألة من الوجهة الإيجابية؟
إن القرآن قد جاء في أحد مواضعه كقاعدة كلية أن ليس الإقدام على تغيير خلق الله إلا عمل من أعمال الشيطان " وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ " [النساء: 119]، والمراد بتغيير خلق الله في هذه الآية أن يستعمل شيء لغير الغرض الذي خلقه الله لأجله، أو أن يستعمل على وجه يضيع به الغرض المقصود من خلقه. فعلينا أن ننظر الآن تحت هذه القاعدة الكلية: ما هو خلق الله - أي الغرض الفطري - في العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة؟ وهل تحديد النسل يستلزم التغيير لخلق الله أم لا يستلزم؟ إن القرآن بنفسه يرشدنا إلى الجواب الشافي على هذا السؤال؛ إذ يعرض غرضين ويقول: إنهما المقصودان من العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة.
أما الأول فقد جاء بيانه في قوله تعالى: " نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ " [البقرة: 223]. وأما الآخر فقد جاء بيانه في قوله تعالى: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً " [الروم: 21].
فالأولى من هاتين الآيتين تبين حقيقة حياتية biological fact بالنسبة للعلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، فالرجل من الوجهة الحياتية بمثابة (الحارث) والمرأة بمثابة (الحرث)، والغرض الفطري الرئيسي بينهما هو الاستبقاء على النوع البشري. وفي هذا الغرض يشترك مع الإنسان الحيوان والنبات كذلك.
والآية الثانية تبين للعلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة غرضا آخر هو الاستبقاء على النوع البشري وإقامة الحياة المدنية التي لا يمكن أن يرتفع بنيانها إلا بعشرة الرجال والنساء معا كالأزواج والزوجات. ولما كان الغرض خاصا بالإنسان وحده؛ لذا فإن الخالق تبارك اسمه قد وضع في تكوين الإنسان من الدواعي إلى تحقيق هذا الغرض ما لم يضعه في تكوين غيره من الحيوانات أو النبات.
4 - بيان خلق الله:
إن الله سبحانه وتعالى لكي يدبر نظام هذا الكون ويدبر معمله قد تولى فيه الاهتمام بأمرين هما الغذاء والتوالد. فالمقصود من الغذاء أن تبقى الأنواع الموجودة في هذا الكون حية قائمة بتسيير نظامه إلى مدة معلومة، ولهذا قد هيأ أسباب الغذاء الوافرة، وأودع الأجساد النامية أهلية لجذب الغذاء وهضمه حتى يلتحم بها ويصير جزءا من أجزائها وأنشأها على رغبة فطرية في طلب الغذاء.
ولو لم تكن في الأجساد النامية - من نباتات وحيوانات وأناس - هذه الرغبة الفطرية في طلب الغذاء، لهلكت جمعاء ولما بقيت في معمل الكون حياة ولا حركة ولا نضرة. إلا أن لبقاء الأنواع وحياتها في نظرة الفطرة أهمية ليست لبقاء الأفراد وحياتهم؛ لأن الأفراد ليس لحياتهم إلا مدة يسيرة مع أن بقاء الكون وسيره باطراد يستلزم أن يولد أفراد جدد قبل أن يموت الأفراد الأولون ليرثوهم
/402 283 /402
ويحلوا محلهم. ولتحقيق هذه الضرورة الجذرية قد اهتمت الفطرة بنظام التوليد. فما التقسيم بين الأنواع الذكر والأنثى وجعل تكوين الذكر مختلفا عن تكوين الأنثى ووضع الميلان في كل منهما إلى الآخر ووضع عاطفة قوية بينهما للاتصال الجنسي إلا لأن يلدا قبل موتهما أفرادا جددا للقيام بمهمة تسيير نظام الكون. ولو لم يكن ثمة هذا الغرض لما كانت ثمة حاجة إلى خلق الذكر والأنثى أو الرجل والمرأة كجنسين مختلفين.
ثم انظر نظرة أخرى، إن الأنواع كثيرة الأولاد ما خلقت فيها الفطرة عاطفة قوية لحب الأولاد ورعايتهم وتربيتهم؛ لأن هذه الأنواع إنما تبقى حية بمجرد كثرة التناسل، وأما الأنواع القليلة الأولاد فقد خلقت فيها الفطرة عاطفة قوية لحب الأولاد والسهر على رعايتهم والصبر في تربيتهم إلى مدة غير يسيرة حتى يستقلوا بأمرهم ويحفظوا أنفسهم بأنفسهم. وفي هذا الباب نجد أن طفل الإنسان أضعف من طفل أي نوع آخر، وهو لهذا أحوج من غيره إلى رعاية أبويه وعطفهما لمدة طويلة. ومن جانب آخر لا تكون نزعة الشهوة الجنسية في الأنواع الحيوانية إلا وليدة فصول خاصة من السنة أو محدودة تحت المطالب الجبلية إلا الإنسان، فليست هذه النزعة فيه وليدة فصل خاص من فصول السنة ولا محدودة بحد من حدود الجبلة. ولهذا فإن الرجل والمرأة في النوع البشري مجبولان على أن تكون العلاقة الزوجية بينهما دائمة متصلة. وهذان الأمران هما اللذان يجعلان من الإنسان مدني الطبع، ومن هنا يقوم أساس البيت، ومن البيت تتفرع القبائل والشعوب والأمم، وأخيرا يقوم على أساسه بناء المدنية الإنسانية الشاملة.
هذه الآلات والأدوية غيرهم، بل الأصح أنهم لا يستفيدون منها على قدر ما يستفيد منها الأحبة غير المتزوجين من الرجال والنساء بل الفتيان والفتيات، وهناك لا بد أن تبلغ الفاحشة في المجتمع ذروتها. إن أي مجتمع إذا كان عنصر الدين والأخلاق في مناهجه للتعليم والتربية يصيبه الوهن تلو الوهن مع مرور الأيام، وكانت فيه السينما والصور العارية والكتب الخليعة والأغاني الفاحشة تحرك الغرائز الجنسية لدي الشبان والشابات، وكانت فيه حدود الحجاب الشرعي
/402 284 /402
تنتهك علانية، وكانت فيه فرص الاختلاط الحر توفر أمام الرجال والنساء، وكانت فيه أسباب العري والتبرج وعرض الزينة والتهتك والجمال في تقدم ونمو مع مرور الأيام، وكانت قد فرضت فيه قيود قانونية شديدة على تعدد الزوجات، ولم يكن فيه أي قيد أو خطر قانوني على إقامة العلاقات الجنسية غير الشرعية، وكان فيه زواج البنت ما لم تبلغ 16 سنة جريمة في نظر القانون - فلن يكون فيه شيء يستطيع أن يمنع الناس عن ارتكاب الزنا (غير الخوف من الحمل الحرام).
أزيحوا هذا الحاجز الوحيد مرة وطمئنوا النساء اللاتي في قلوبهن مرض بأنكم قد اخترعتم لهن من الآلات والأدوية ما يستطعن به أن يسلمن أنفسهن إلى أخدانهن بدون ما خوف من الحمل الحرام وفضيحته - تروا بأنفسكم أنه لا شيء يستطيع الوقوف في وجه سيل الزنا الجارف في مجتمعكم.
ما هذه النتيجة كذلك بنتيجة خيالية، بل إن كل قطر من أقطار العالم كلما انتشرت فيه حرية تحديد النسل شاع فيه الزنا وتعددت فيه حوادثه بصورة هائلة لا نظير لها في التاريخ الإنساني.
5 - الفرق بين المحاولة الفردية والحركة الاجتماعية لتحديد النسل:
إن هذه النتائج الثلاث التي بينتها آنفا لتنظيم النسل أو التخطيط العائلي لا سبيل إلى النجاة منها إذا عمل على نشر وسائل منع الحمل بصورة حركة شعبية عامة.
إن منع الحمل إذا أبقي محدودا بشؤون فردية مخصوصة قد يشعر فيها الزوجان بحاجة حقيقية إليه نظرا لأحوالهما الشخصية المخصوصة، وأفتى بجوازه لهما عالم تقي من علماء الدين لصحة حاجتهما، ومع ذلك لم تهيأ لهما وسائل منع الحمل إلا عن طريق الطبيب... إذا كان منع الحمل محاطا بمثل هذه الشروط والقيود فلن يرجع على الحياة الاجتماعية بمثل تلك المضار الفادحة التي قد ذكرناها آنفا. ولكن هذا المنع الفردي للحمل مختلف في نوعه عن حركة شعبية تقام بين الجمهور لدعوة كل فرد منهم إلى تحديد النسل، فإن أحدا لا يستطيع أن يقوم في وجه النتائج الموبقة التي ذكرتها آنفا عن الظهور في الصورة الأخيرة.
/402 285 /402
6 - وجهة نظر الإسلام:
قد أصبح سهلا علي الآن بعد هذا البحث أن أبين ما يهدينا إليه في هذه المشكلة ذلك الدين الفطري الذي ندين به. إن أنصار حركة تحديد النسل كثيرا ما يستدلون على إباحة العزل بروايات يجدونها في كتب الحديث، ولكنهم يصرفون النظر عن حقيقة مهمة بشأن هذه المرويات، وهي أنه لم تكن هناك في بلاد العرب وفي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حركة عامة قائمة لدعوة الناس إلى تحديد النسل، ولا جاء أحد إلى الرسول ليسأله عما إذا كان يجوز له القيام بحركة مثل هذه، وكل ما في الأمر أن نفرا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم جاءوا إليه على أحيان مختلفة يعرضون عليه ظروفهم الشخصية المخصوصة، ويسألونه عما إن كان من المباح لهم كمسلمين في مثل هذه الظروف أن يعزلوا، والرسول صلى الله عليه وسلم في رده على سؤال بعض هؤلاء قد نهى عن العزل، وفي رده على سؤال بعضهم عد العزل فعلا عبثا لا طائل تحته، على أنه قد سكت في رده على سؤال بعضهم أو قال ما يمكن الاستدلال به على إباحة العزل. ونحن إذا لم نأخذ بالاعتبار إلا أقواله التي تدل على إباحة العزل فإنما يمكن الاستدلال بها على إباحة العزل للأفراد بصفتهم الفردية وفي ظروفهم الشخصية المخصوصة، ولا يمكن بحال أن يستدل بها على إباحة القيام بحركة شعبية عامة لمنع الحمل وقد ذكرت لكم أي فرق عظيم يحصل بين محاولة الأفراد لمنع الحمل لصفتهم الفردية وبين أن تقام لهذا الغرض حركة شعبية عامة، فما الاستدلال بإباحة أحدهما على إباحة الآخر بصرف النظر عن هذا الفرق العظيم بينهما إلا قياس مع الفارق.
أما الحركة الاجتماعية لتحديد النسل فهي من فكرتها الأساسية إلى منهاج عملها وإلى ثمراتها العملية متصادمة مع الإسلام في صميمه. وهل لها فكرة أساسية غير أن زيادة السكان تسبب قلة موارد الرزق وتصعب الحياة على السكان القليلين، عين الفكرة التي يخطئها الإسلام ويلقي في روع الإنسان مرة بعد مرة بمختلف أساليبه البليغة أن ليس الرزق إلا من وظيفة الذي قد خلق الإنسان وأنه ما خلق الإنسان بدون ما تدبير ولا تقدير، ولا قد وكل وظيفة الرزق إلى غيره بعد
/402 286 /402
أن خلق الإنسان بنفسه. وقد أبدأ القرآن وأعاد في بيان هذه الحقيقة في غير واحدة من آياته بحيث إني لو أردت أن أسرد هنا كل هذه الآيات لطال بنا الكلام؛ لذا فإني لا أسرد عليكم هنا إلا بعض هذه الآيات، وذلك على سبيل النموذج. يقول سبحانه وتعالى: " وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ " [العنكبوت: 60]، ويقول: " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا " [هود: 5]، ويقول: " إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ " [الذرايات: 58]، ويقول: " لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ " [الشورى: 12]، ويقول: " وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ "" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ " [الحجر: 20 - 21].
إنما المهمة التي يجعلها الله سبحانه وتعالى من وظيفة الإنسان بعد بيانه له حقيقة الرزق في هذه الآيات وغيرها هي أن يبذل سعيه للبحث عن رزقه من خزائنه المبثوثة على وجه الأرض وباطنها، أو بعبارة أخرى إن الرزق من وظيفة الخالق وأن البحث عنه من وظيفة الإنسان " فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ " [العنكبوت: 17]. وعلى هذا الأساس ينهى القرآن في غير موضع من آياته على الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية إملاق - أي الفقر - أيام الجاهلية " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ " [الإسراء: 31]، " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ "، وما الزجر لهم في هاتين الآيتين لجريمة واحدة وإنما هو لجريمتين: الأولى أن كانوا يقتلون أولادهم، والأخرى أن كانوا يرون في ولادة أولادهم سببا لفقرهم وبؤسهم. ولذا فقد زجرهم على جريمتهم الأولى وندد بسوء اعتقادهم ببيانه لهم: لماذا ترون أنفسكم مسؤولين عن الرزق، فإنما نحن الذين نرزقكم وأولادكم؟
واليوم إذا كان الناس لا يقتلون أولادهم لمنع الزيادة في أفراد النسل، ويستعملون طرقا تحول دون وقوع الحمل - فإنما ذلك اجتنابا منهم للجريمة الأولى مع بقاء الجريمة الأخرى قائمة على حالها إذا كان خطر ضيق الأرض ونفاد موارد الرزق هو الباعث لهم على منع الزيادة في أفراد النسل.
هذا هو رأي الإسلام في تلك الوجهة للفكر والنظر، والتي لأجلها ظلت فكرة
/402 287 /402
تحديد النسل ترفع رأسها في الدنيا بالأمس، ولأجلها قد رفعت رأسها اليوم.
وانظروا الآن نظرة في تلك النتائج التي لا بد من ظهورها إذا أعطيت هذه الفكرة صورة كصورة حركة اجتماعية وتفكروا: كيف للإسلام أن يصبر على نتيجة واحدة من هذه النتائج؟ هل الدين الذي يرى في الزنا أشنع جريمة خلقية، ويحكم على من يأتيها من أفراد المجتمع بأشد وأوجع ما يكون من ألوان العقاب، هل ترجون منه أن يصبر على حركة لا بد أن تعرض المجتمع كله لخطر انتشار هذه الجريمة؟ وهل الدين الذي يحب أن يرى مكارم الأخلاق مثل صلة الرحم والإيثار والمواساة والتعاون على البر والتقوى تترقى وتزدهر في المجتمع الإنساني، هل ترجون منه أن يصبر على نمو تلك العقلية القائمة على الأثرة وحب الذات التي لا بد من نشوئها في المجتمع إذا انتشرت فيه الدعوة إلى تحديد النسل بصورة حركة عامة؟ وهل الدين الذي يحب السلام لشعوبه الإسلامية ويعده من أعز شيء على نفسه، هل ترجون منه أن يصبر على حركة تسبب مزيدا من النقص في عدد المسلمين المحاطين بأعداء يفوقونهم عدة مرات في العدة والعتاد، وبذلك تترك في قوتهم للدفاع عن أنفسهم آثارا لا تحمد عقباها؟ إن هذه الأسئلة يستطيع مجرد العقل العام أن يجيب عليها بنفسه ولست بحاجة في شأنها إلى ذكر ما يتعلق بها من آيات القرآن وأحاديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24-10-2011, 06:05 PM
الصورة الرمزية البر الامن
البر الامن البر الامن غير متصل
مشرفة ملتقى الأمومة والطفل
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
مكان الإقامة: libya
الجنس :
المشاركات: 1,741
الدولة : Libya
افتراضي رد: في تحديد النسل

بارك الله فيك ونفع بك
موضوع غاية في الاهمية
شكر الله لك مجهودك الطيب
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24-10-2011, 06:35 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
افتراضي رد: في تحديد النسل

جزاك الله خيراً اخي الفاضل
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25-06-2012, 10:26 PM
وردة الدنيا وردة الدنيا غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
مكان الإقامة: الامارات
الجنس :
المشاركات: 7
الدولة : United Arab Emirates
افتراضي رد: في تحديد النسل

موضوع جميل
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25-06-2012, 11:26 PM
بشير المحمدي بشير المحمدي غير متصل
مشرف ملتقى غرائب وعجائب العالم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: iraq
الجنس :
المشاركات: 8,632
الدولة : Iraq
افتراضي رد: في تحديد النسل

جزاك الله كل خير
__________________

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16-02-2015, 09:01 PM
شوشو رجب شوشو رجب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1
الدولة : Qatar
افتراضي رد: في تحديد النسل

موضوع ممتاز
استمتعت بالقراءة
مشكورة جدا وبارك الله فيك
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 101.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 95.80 كيلو بايت... تم توفير 5.45 كيلو بايت...بمعدل (5.38%)]