|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تحريم الخمر وبيان أضرارها
تحريم الخمر وبيان أضرارها سعد محسن الشمري إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد: فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. عباد الله: إن من محاسن الإسلام أنْ حرَّم الله عز وجل الخمر، وحذَّرنا منه أشد التحذير. والخمر - عباد الله - كلُّ ما أسْكَرَ وأذهب العقل؛ من مشروب أو مطعوم، أو مشموم أو غيره؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]. ومن أدمن شربَ الْمُسْكِر، فقد شابَهَ المشرك: روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مُدْمِنُ الخمر كعابد وثن))[1]. وشارب الخمر ونحوه ملعونٌ، والخمرة ملعونة، وشاربها ملعون، وكل من أعان عليها ملعون؛ ففي المسند: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الخمر وشاربها وساقيها، وبائعها ومبتاعها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه))[2]. ومن شؤم الخمر - عباد الله - أنها تجُرُّ إلى مفاسدَ عظيمة، وأفعال أثيمة؛ إذ هي أم الخبائث. لا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شرٍّ. روى النسائي عن عثمان رضي الله تعالى عنه قال: ((اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث، اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبَّد، فعلِقَتْهُ امرأة غَوِيَّةً، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت له: إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها، فطفقت كلما دخل بابًا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة، عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع عليَّ، أو تشرب من هذه الخمرة كأسًا، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأسًا، فسَقَتْهُ كأسًا، قال: زِيدوني، فلم يَرِمْ حتى وقع عليها، وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر، فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر، إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه))[3]. وقد توعَّد الله عز وجل مَن شرِبها أن يسقيه الله من طينة الخَبالِ؛ وهي عصارة أهل النار، وشرب الخمر عباد الله وانتشاره وفُشُوُّه من الفساد في الأرض؛ فهو سبب عظيم لتضييع الصلوات، وسبب عظيم لوقوع العداوة والبغضاء بين أفراد الناس، وسبب عظيم لانتشار الفواحش والآثام، وسبب عظيم لفساد الأموال، وذهاب الأخلاق الفاضلة، وخَرْمِ المروءات، وقد رتبت الشريعة على شرب الخمر حدًّا في الدنيا بأن يُجلَد ثمانين جلدة، وقد يُقتَل شارب الخمر في الرابعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه))[4]؛ وذلك حتى يرتدع الناس. ولننظر إلى تحريم الخمر عباد الله: أن من حرَّم الخمر هو الله بنص القرآن، وحرَّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنص السنة، وقد أجمع العلماء على تحريمه، ولم يُبِح على لسان عالم أبدًا. فاعتقِد – عبدَالله - تحريمه عبوديةً لله تعالى، ولننظر إلى تحريم الخمر لِما فيه من الضرر العظيم، والمفاسد الكبيرة، فالشريعة جاءت بالأمر بكل خير، والنهي عن كل شر، فكل أمر نافع قد شرعه، وكل ما يضرنا قد منعه، ولننظر إلى المجتمعات التي انتشر فيها هذا الداء وهذا الخمر، وكثر شاربوه، وما وقع فيها من المفاسد من الاعتداء على الأعراض وعلى الأموال، ومن التقاطع والتدابر، ونحو ذلك مما لا يخفى، نعوذ بالله من الشر وأهله، نعوذ بالله من الفساد وأهله، اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم ملاقو الله، فقدموا لأنفسكم ما يقربكم إلى الله والجنة، ويباعدكم عن سخطه والنار: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]. عباد الله: إذا علمتم أضرار الخمر، علِمتم محاسن الإسلام، فمن عظيم أضرارها، بل أعظم ضرر هو ذهاب الإيمان، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ومن يشربها لا يذكر الله إلا قليلًا، ولا يستقيم على صلاته محافظًا مؤديًا، ومن عظيم أضرارها أنها تُذهِب العقل، ويصير صاحبها كحال المجنون، هذا العقل الذي شرفه الله وكرَّمه، الذي هو أداة التفكير والتدبُّر والتأمل، وهو مناط التكليف، يعتدي على كماله وجماله بهذا الْمُسْكِر. وصاحب الخمر لا يهدأ له بالٌ، ولا يذهب غمه، ولا يزول همه، ولا ينشرح صدره، إلا بشربها ظنًّا منه أنها دواؤه، بل هي الداء العُضال؛ كما في الحديث: ((إنها داء، وليست بدواء))[5]. الدواء تَرْكُ شربها ديانة لله وتوبة إلى الله، والإقبال على الله، والمحافظة على الصلوات، وترك أصحاب السوء، وقطع كل سبب يوصل إليها. لما سمع الصحابة رضي الله تعالى عنهم آيات تحريم الخمر: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]، قالوا: انتهينا يا رب، انتهينا يا رب، وما إن نادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ألَا إن الخمر قد حُرِّمت))، حتى أهراق الصحابة الشراب، وكسروا الكؤوس والقلال، حتى امتلأت أزقة المدينة بالخمر. فعلينا - عباد الله - واجب الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والحرص على الأبناء والبنات، والعناية بهم العناية العظيمة؛ حتى لا يصيروا صيدًا سهلًا للرفقة السيئة. نسأل الله تعالى أن يعافينا من المنكرات العامة، وأن يحفظنا منها، وأن يزيننا بزينة الإيمان، اللهم زيِّنا بزينة الإيمان، اللهم اهدِنا ويسِّرِ الهدى لنا. [1] أخرجه ابن ماجه (3375). [2] أحمد (4787). [3] صحيح النسائي (5683). [4] أخرجه أبو داود (4482)، وابن ماجه (2573). [5] أخرجه مسلم (1984)
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |