|
|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الرقابة المالية ومؤسساتها في العصور الإسلامية
الرقابة المالية ومؤسساتها في العصور الإسلامية فاطمة حافظ تندرج الرقابة على المال العام ضمن مباحث علم المالية العامة، إذ يحتاج المال العام إلى آليات رقابة تضمن صرفه في الأوجه المخصصة له وتحول دون تبديده أو إنفاقه فيما لا ينبغي له، ولهذا ذهبت غالبية الدول إلى وضع أجهزة إدارية ورقابية تراقب المال العام وتضع الجزاءات التي تحول دون الاجتراء عليه، وهذه الأنظمة الرقابية ليست حديثة العهد كما يتصور البعض فقد عرفتها الأمم السابقة، كما عرفها العرب بعد ظهور الإسلام حيث نشأت في العصور الإسلامية مؤسسات خاصة أوكلت لها مهمة الرقابة على الأموال العامة للمسلمين وضبط أوجه إنفاقها. وفي السطور التالية نتطرق إلى منشأ فكرة الرقابة في التشريع الإسلامي، وبعض المؤسسات المتعلقة بها في التاريخ الإسلامي. الرقابة المالية في النصوص الإسلامية عني القرآن الكريم بإعداد الإنسان المسلم إعدادا يستهدف تقوية الضمير والوازع الأخلاقي الداخلي بحيث يكون هو الرقيب على أفعال الإنسان وأقواله بل وحتى أفكاره، والمسلم الحق هو من تنبعث في نفسه هذه الرقابة الذاتية فلا تمتد يده إلى المال الحرام سواء كان عاما أم خاصا، وقد شدد القرآن على أن الضمير هو الرادع الأول للإنسان لا القوانين أو العقوبات الجزائية (بل الإنسان على نفسه بصيرة). وكذلك أرشد القرآن إلى كيفية التعامل الأمثل مع المال، وذهب في ذلك إلى عدم جواز أكل الأموال بالباطل، ومنعها عن أيدي السفهاء لأن فيه ضياع للمال، ونهى عن الإسراف والتقتير ودعا إلى التوسط والاعتدال في الإنفاق (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)، وهذه الآية وإن كانت معنية بالأموال الخاصة إلا أنها تتعدى إلى الأموال العامة من باب أولى فلا تكون إلا تحت يد أمينة تنفق فيها بالمصلحة لأنها قوام المجتمع، كما نهى القرآن عن “الغلول” وهو نوع من أنواع خيانة المال العام وسطو على مورد من الموارد العامة قبل تقسيمها وهو”الغنائم”، وعقابه لا يكون في الدنيا وحسب وإنما في الآخرة (ومن غل يأت بما غل يوم القيامة). وأقرت السنة النبوية أيضا مبدأ الرقابة على المال العام، ومارسها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، ومن ذلك أنه استعمل رجلا من الأزد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه فقال: هذا ما لكم وهذا ما أهدي إلي، فقال له النبي “أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك، فنظرت أيُهدى لك أم لا؟”، وورد في صحيح مسلم أن رسول الله قال: “من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولًا يأتي به يوم القيامة”، وفي الحديث تغليظ في تحريم الغلول مهما كان مقداره[1]. نشأة مؤسسات الرقابة وتطورها سار الخلفاء الراشدون على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في محاسبة العمال ومراقبة الأموال التي تفد إلى المدينة من الأمصار المفتوحة، ومنذ عهد عمر بن الخطاب ازدهرت ميزانية الدولة بسبب الغنائم والفيء والخراج والعشور، فاضطر عمر إلى انتهاج سياسة مالية جديدة، ذلك لأنه لم يكن للأموال المقبوضة والمقسومة على عهد الرسول وخليفته أبو بكر ديوان وإنما كانت الأموال توزع شيئا فشيئا، فلما آل الأمر إلى عمر أسس الدواوين لأجل ضبط ميزانية الدولة التي كثرت إيراداتها، وبيان كيفية إنفاقها وتحصيلها، وإحكام الرقابة على الإنفاق العام. ويبين ابن خلدون أن إنشاء الدواوين يحدث في الدول “عند تمكن الغلب والاستيلاء والنظر في أعطاف الملك وفنون التمهيد”، أما أبو يعلى الفراء في كتابه (الأحكام السلطانية) فيبين أن الدواوين وضعت لأجل “حفظ ما يتعلق بحقوق السلطنة، من الأعمال والأموال، ومن يقوم بها من الجيوش والعمال “وهي على أربعة أقسام أحدها: ما يختص بالجيش من إثبات وعطاء. والثاني: ما يختص بالأعمال من رسوم وحقوق. والثالث: ما يختص بالعمال من تقليد وعزل. والرابع: ما يختص ببيت المال من دخل وخرج”[2]. وقد تطورت الدواوين تطورا كبيرا منذ عهد الدولة الأموية وازداد عددها واتسع دورها، ويمكن أن نذكر من بينها الدواوين المتصلة بالمال العام مثل: ديوان الخراج، وديوان المستغلات أو الواردات، وديوان الخاتم الذي استحدثه معاوية بن أبي سفيان لأجل ختم رسائل الخليفة وتوقيعها وضمان عدم تحريفها، واستمر التطور في عهد الدولة العباسية إذ أنشأ العباسيون عددا من الدواوين المتخصصة ومن بينها: ديوان الخراج، وديوان الزمام أو الأزِمة، وديوان زمام النفقات، وديوان العطاء ومهمته صرف رواتب الجند، وغيرها من الدواوين التي استخدمت أحدث أساليب الإدارة في عصرها واستطاعت تنظيم الإيرادات وضبطها، وكان من بينها دواوين ووظائف وضعت خصيصا للرقابة على كيفية إنفاق المال العام من مثل:
[1] عبد العزيز عزة، الدواوين التنفيذية في الدولة الإسلامية أداة فاعلة للرقابة المالية في النظام المالي الإسلامي، عنابة: مجلة التواصل في الإدارة والاقتصاد والقانون، ع51، 2017، 69-70. [2] أبو يعلى بن الفراء، كتاب الأحكام السلطانية، بيروت: دار الكتب العلمية، 2000، ص 236، 240. [3] قدامة بن جعفر بن قدامة، الخراج وصناعة الكتابة، بغداد: دار الرشيد للنشر، 1981، ص 36. [4] ابن خلدون، العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، بيروت: دار الفكر، 1981، ص 305. [5] ابن قدامة، المرجع السابق، ص 33. [6] ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، القاهرة: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 42/2. [7] نايف محمد شبيب المتيوتي، إجراءات الدولة الإسلامية في معالجة الأزمات المالية في العصر العباسي، المجلة الدولية للآداب والعلوم الإنسانية، 2019، ص 70-17.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |