تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد - الصفحة 16 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 855052 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389902 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #151  
قديم 03-04-2022, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (151)
صــ241 إلى صــ 245


يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا

قوله تعالى: يسألك أهل الكتاب في سبب نزولها ثلاثة أقوال . [ ص: 241 ] أحدها: أنهم سألوه أن ينزل كتابا عليهم خاصة ، هذا قول الحسن ، وقتادة .

والثاني: أن اليهود والنصارى أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: لا نبايعك حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان بكتاب أنك رسول الله ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن جريج .

والثالث: أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء مكتوبا كما نزلت التوراة على موسى ، هذا قول القرظي ، والسدي .

وفي المراد بأهل الكتاب قولان . أحدهما: اليهود والنصارى . والثاني: اليهود .

وفي المراد بأهل الكتاب المنزل من السماء قولان .

أحدهما: كتاب مكتوب غير القرآن .

والثاني: كتاب بتصديقه في رسالته ، وقد بينا في (البقرة) معنى سؤالهم رؤية الله جهرة ، واتخاذهم العجل . و "البينات": الآيات التي جاء بها موسى . فإن قيل: كيف قال: ثم اتخذوا العجل ، و "ثم" تقتضي التراخي ، والتأخر ، أفكان اتخاذ العجل بعد قولهم: "أرنا الله جهرة"؟ فعنه أربعة أجوبة ، ذكرهن ابن الأنباري .

أحدهن: أن تكون "ثم" مردودة على فعلهم القديم ، والمعنى: وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ، فخالفوا أيضا ، ثم اتخذوا العجل .

والثاني: أن تكون مقدمة في المعنى ، مؤخرة في اللفظ ، والتقدير: فقد اتخذوا العجل ، ثم سألوا موسى أكبر من ذلك . ومثله فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون [النمل: 28] المعنى: فألقه إليهم ، ثم انظر ماذا يرجعون ، ثم تول عنهم .

[ ص: 242 ] والثالث: أن المعنى: ثم كانوا اتخذوا العجل ، فأضمر الكون .

والرابع: أن "ثم" معناها التأخير في الإخبار ، والتقديم في الفعل ، كما يقول القائل: شربت الماء ، ثم أكلت الخبز ، يريد: شربت الماء ، ثم أخبركم أني أكلت الخبز بعد إخباري بشرب الماء .

قوله تعالى: فعفونا عن ذلك أي: لم نستأصل عبدة العجل . و "السلطان المبين": الحجة البينة . قال ابن عباس : اليد والعصا . وقال غيره: الآيات التسع .
ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا

قوله تعالى: ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم أي: بما أعطوا الله من العهد ، و "الميثاق": ليعملن بما في التوراة .

قوله تعالى: لا تعدوا في السبت قرأ نافع: لا تعدوا ، بتسكين العين ، وتشديد الدال ، وروى عنه ورش "تعدوا" بفتح العين ، وتشديد الدال . وقرأ الباقون "تعدوا" خفيفة ، وكلهم ضم الدال . وقد ذكرنا هذا وغيره في (البقرة) و "الميثاق الغليظ": العهد المؤكد .
[ ص: 243 ] فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا

قوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم "ما": صلة مؤكدة . قال الزجاج : والمعنى: فبنقضهم ميثاقهم ، وهو أن الله أخذ عليهم الميثاق أن يبينوا ما أنزل عليهم من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره . والجالب للباء العامل فيها ، وقوله: حرمنا عليهم طيبات أي: بنقضهم ميثاقهم ، والأشياء التي ذكرت بعده حرمنا عليهم . وقوله: (فبظلم) بدل من قوله: (فبما نقضهم ، وجعل الله جزاءهم على كفرهم أن طبع على قلوبهم . وقال ابن فارس: الطبع: الختم و [من ذلك] طبع الله على قلب الكافر [كأنه] ختم [عليه حتى لا يصل إليه هدى ولا نور] فلم يوفق لخير ، والطابع: الخاتم يختم به .

قوله تعالى: فلا يؤمنون إلا قليلا فيه قولان .

أحدهما: فلا يؤمن منهم إلا القليل ، وهم عبد الله بن سلام ، وأصحابه ، قاله ابن عباس . والثاني: المعنى: إيمانهم قليل . وهو قولهم: ربنا الله ، قاله مجاهد .
وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما

قوله تعالى: وبكفرهم في إعادة ذكر الكفر فائدة . وفيها قولان .

[ ص: 244 ] أحدهما: أنه أراد: وبكفرهم بمحمد والقرآن ، قاله ابن عباس .

والثاني: وبكفرهم بالمسيح ، وقد بشروا به ، قاله أبو سليمان الدمشقي . فأما "البهتان" فهو في قول الجماعة: قذفهم مريم بالزنى .
وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما

قوله تعالى: وقولهم إنا قتلنا المسيح قال الزجاج : أي: باعترافهم بقتلهم إياه ، وما قتلوه ، يعذبون عذاب من قتل ، لأنهم قتلوا الذي قتلوا على أنه نبي وفي قوله: "رسول الله" قولان .

أحدهما: أنه من قول اليهود ، فيكون المعنى: أنه رسول الله على زعمه .

والثاني: أنه من قول الله ، لا على وجه الحكاية عنهم .

قوله تعالى: ولكن شبه لهم أي: ألقي شبهه على غيره .

وفيمن ألقي عليه شبهه قولان .

أحدهما: أنه بعض من أراد قتله من اليهود . روى أبو صالح ، عن ابن عباس: أن اليهود لما اجتمعت على قتل عيسى ، أدخله جبريل خوخة لها روزنة ، ودخل وراءه رجل منهم ، فألقى الله عليه شبه عيسى ، فلما خرج على أصحابه ، قتلوه يظنونه عيسى ، ثم صلبوه ، وبهذا قال مقاتل ، وأبو سليمان .

والثاني: أنه رجل من أصحاب عيسى ، روى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: أن عيسى خرج على أصحابه لما أراد الله رفعه ، فقال: أيكم يلقى عليه [ ص: 245 ] شبهي ، فيقتل مكاني ، ويكون في درجتي؟ فقام شاب ، فقال: أنا ، فقال: اجلس ، ثم أعاد القول ، فقام الشاب ، فقالعيسى: اجلس ، ثم أعاد ، فقال الشاب: أنا ، فقال: نعم أنت ذاك ، فألقي عليه شبه عيسى ، ورفع عيسى ، وجاء اليهود ، فأخذوا الرجل ، فقتلوه ، ثم صلبوه . وبهذا القول قال وهب بن منبه ، وقتادة ، والسدي .

قوله تعالى: وإن الذين اختلفوا فيه في المختلفين قولان .

أحدهما: أنهم اليهود ، فعلى هذا في هاء "فيه" قولان .

أحدهما: أنها كناية عن قتله ، فاختلفوا هل قتلوه أم لا؟ .

وفي سبب اختلافهم في ذلك قولان .

أحدهما: أنهم لما قتلوا الشخص المشبه كان الشبه قد ألقي على وجهه دون جسده ، فقالوا: الوجه وجه عيسى ، والجسد جسد غيره ، ذكره ابن السائب .

والثاني: أنهم قالوا: إن كان هذا عيسى ، فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا ، فأين عيسى؟ يعنون الذي دخل في طلبه ، هذا قول السدي .

والثاني: أن "الهاء" كناية عن عيسى ، واختلافهم فيه قول بعضهم: هو ولد زنى ، وقول بعضهم: هو ساحر .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #152  
قديم 03-04-2022, 11:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (152)
صــ246 إلى صــ 250

والثاني: أن المختلفين النصارى ، فعلى هذا في هاء "فيه" قولان .

أحدهما: أنها ترجع إلى قتله ، هل قتل أم لا؟ . والثاني: أنها ترجع إليه ، هل هو إله أم لا؟ وفي هاء "منه" قولان .

أحدهما: أنها ترجع إلى قتله .

والثاني: إلى نفسه ، هل هو إله ، أم لغير رشدة ، أم هو ساحر؟ .

قوله تعالى: ما لهم به من علم إلا اتباع الظن قال الزجاج : "اتباع: منصوب بالاستثناء ، وهو استثناء ليس من الأول . والمعنى: ما لهم به من علم إلا أنهم يتبعون الظن ، وإن رفع جاز على أن يجعل علمهم اتباع الظن ، كما تقول العرب: تحيتك الضرب .

قوله تعالى: وما قتلوه في "الهاء" ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها ترجع إلى الظن فيكون المعنى: وما قتلوا ظنهم يقينا ، هذا قول ابن عباس .

والثاني: أنها ترجع إلى العلم ، أي: ما قتلوا [العلم به] يقينا ، تقول: قتلته يقينا ، وقتلته علما [للرأي والحديث] هذا قول الفراء ، وابن قتيبة . قال ابن قتيبة: وأصل هذا: أن القتل للشيء يكون عن قهر واستعلاء وغلبة ، يقول: فلم يكن علمهم بقتل المسيح علما أحيط به ، إنما كان ظنا .

والثالث: أنها ترجع إلى عيسى ، فيكون المعنى: وما قتلوا عيسى حقا ، هذا قول الحسن . وقال ابن الأنباري: "اليقين" مؤخر في المعنى ، فالتقدير: وما قتلوه بل رفعه الله إليه يقينا .


[ ص: 247 ] وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا

قوله تعالى: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قال الزجاج : المعنى: وما منهم أحد إلا ليؤمنن به ، ومثله وإن منكم إلا واردها [مريم: 71]

وفي أهل الكتاب قولان .

أحدهما: أنهم اليهود ، قاله ابن عباس . والثاني: اليهود والنصارى ، قاله الحسن ، وعكرمة . وفي هاء "به" قولان .

أحدهما: أنها راجعة إلى عيسى ، قاله ابن عباس ، والجمهور . والثاني: أنها راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله عكرمة . وفي هاء "موته" قولان .

أحدهما: أنها ترجع إلى المؤمن . روى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى ، فقيل لابن عباس: إن خر من فوق بيت؟ قال: يتكلم به في الهوي ، قال: وهي في قراءة أبي: "قبل موتهم"

وهذا قول مجاهد ، وسعيد بن جبير . وروى الضحاك ، عن ابن عباس قال: يؤمن اليهودي قبل أن يموت ، ولا تخرج روح النصراني حتى يشهد أن عيسى عبد . وقال عكرمة: لا تخرج روح اليهودي والنصراني حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم . [ ص: 248 ] والثاني: أنها تعود إلى عيسى . روى عطاء عن ابن عباس قال: إذا نزل إلى الأرض لا يبقى يهودي ولا نصراني ، ولا أحد يعبد غير الله إلا اتبعه ، وصدقه ، وشهد أنه روح الله ، وكلمته ، وعبده ، ونبيه . وهذا قول قتادة ، وابن زيد ، وابن قتيبة ، واختاره ابن جرير ، وعن الحسن كالقولين . وقال الزجاج : [ ص: 249 ] هذا بعيد ، لعموم قوله: وإن من أهل الكتاب ، والذين يبقون حينئذ شرذمة منهم ، إلا أن يكون المعنى: أنهم كلهم يقولون: إن عيسى الذي ينزل لقتل الدجال نؤمن به .

[ ص: 250 ] قوله تعالى: ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا قال قتادة: يكون عليهم شهيدا أنه قد بلغ رسالات ربه ، وأقر بالعبودية على نفسه .
فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا

قوله تعالى: فبظلم من الذين هادوا قال مقاتل: حرم الله على أهل التوراة الربا ، وأن يأكلوا أموال الناس ظلما ، ففعلوا ، وصدوا عن دين الله ، وعن الإيمان بمحمد عليه السلام ، فحرم الله عليهم ما ذكر في قوله: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر [الأنعام: 146] عقوبة لهم . قال أبو سليمان: وظلمهم: نقضهم ميثاقهم ، وكفرهم بآيات الله ، وما ذكر في الآيات قبلها . وقال مجاهد: وبصدهم عن سبيل الله قال: صدهم أنفسهم وغيرهم عن الحق . قال ابن عباس : صدهم عن سبيل الله ، يعني: الإسلام ، وأكلهم أموال الناس بالباطل ، أي: بالكذب على دين الله ، وأخذ الرشى على حكم الله ، وتبديل الكتب التي أنزلها الله ليستديموا المأكل .
وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما

قوله تعالى: وأعتدنا أي: أعددنا للكافرين يعني: اليهود . وقيل: إنما قال "منهم" ، لأنه علم أن قوما منهم يؤمنون فيأمنون العذاب .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #153  
قديم 03-04-2022, 11:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (153)
صــ251 إلى صــ 255

لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنـزل إليك وما أنـزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما

قوله تعالى: لكن الراسخون في العلم قال ابن عباس : هذا استثناء [ ص: 251 ] لمؤمني أهل الكتاب ، فأما الراسخون ، فهم الثابتون في العلم . قال أبو سليمان: وهم عبد الله بن سلام ، ومن آمن معه ، والذين آمنوا من أهل الإنجيل ممن قدم مع جعفر من الحبشة ، والمؤمنون ، يعني: أصحاب رسول الله . فأما قوله: والمقيمين الصلاة فهم القائمون بأدائها كما أمروا .

وفي نصب "المقيمين" أربعة أقوال .

أحدها: أنه خطأ من الكاتب ، وهذا قول عائشة ، وروي عن عثمان بن عفان أنه قال: إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها . وقد قرأ ابن مسعود ، وأبي ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والجحدري: "والمقيمون الصلاة" بالواو .

[ ص: 252 ] وقال الزجاج : قول من قال إنه خطأ ، بعيد جدا ، لأن الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة ، والقدوة ، فكيف يتركون في كتاب الله شيئا يصلحه غيرهم؟! فلا ينبغي أن ينسب هذا إليهم . وقال ابن الأنباري: حديث عثمان لا يصح ، لأنه غير متصل ، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا ، ليصلحه من بعده .

والثاني: أنه نسق على "ما" والمعنى: يؤمنون بما أنزل إليك ، وبالمقيمين الصلاة ، فقيل: هم الملائكة ، وقيل: الأنبياء .

والثالث: أنه نسق على الهاء والميم من قوله: "منهم" فالمعنى: لكن الراسخون في العلم ، منهم ومن المقيمين الصلاة يؤمنون بما أنزل إليك ، قال الزجاج : وهذا رديء عند النحويين ، لا ينسق بالظاهر المجرور على المضمر المجرور إلا في الشعر .

[ ص: 253 ] والرابع: أنه منصوب على المدح ، فالمعنى: اذكر المقيمين الصلاة ، وهم المؤتون الزكاة . وأنشدوا:


لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر

النازلين بكل معترك
والطيبون معاقد الأزر


[ ص: 254 ] وهذا على معنى: اذكر النازلين ، وهم الطيبون ، ومن هذا قولك: مررت بزيد الكريم ، إن أردت أن تخلصه من غيره ، فالخفض هو الكلام ، وإن أردت المدح والثناء ، فإن شئت نصبت ، فقلت: بزيد الكريم ، كأنك قلت: اذكر الكريم ، وإن شئت رفعت على معنى: هو الكريم . وتقول: جاءني قومك المطعمين في المحل ، والمغيثون في الشدائد على معنى: اذكر المطعمين ، وهم المغيثون ، وهذا القول اختيار الخليل ، وسيبويه . فهذه الأقوال . حكاها الزجاج ، واختار هذا القول .
إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا

قوله تعالى: إنا أوحينا إليك قال ابن عباس : قال عدي بن زيد ، وسكين: يا محمد ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى ، فنزلت هذه الآية . وقد ذكرنا في (آل عمران معنى الوحي ، وذكر هنالك .

وإسحاق أعجمي ، وإن وافق لفظ العربي ، يقال: أسحقه الله يسحقه إسحاقا ، ويعقوب: أعجمي . فأما اليعقوب ، وهو ذكر الحجل وهي القبج فعربي ، كذلك قرأته [ ص: 255 ] على شيخنا أبي منصور اللغوي ، وأيوب: أعجمي ، ويونس: اسم أعجمي . قال أبو عبيدة: يقال: يونس ، ويونس بضم النون وكسرها ، وحكى أبو زيد الأنصاري عن العرب همزة مع الكسرة والضمة والفتحة . وقال الفراء: يونس بضم النون من غير همز لغة أهل الحجاز ، وبعض بني أسد يقول: يؤنس بالهمز ، وبعض بني عقيل يقول: يونس بفتح النون من غير همز . والمشهور في القراءة يونس برفع النون من غير همز . وقد قرأ ابن مسعود ، وقتادة ، ويحيى بن يعمر ، وطلحة: يؤنس بكسر النون مهموزا . قرأ أبو الجوزاء ، وأبو عمران ، والجحدري: يونس بفتح النون من غير همز . وقرأ أبو المتوكل: يؤنس بفتح النون مهموزا . وقرأ أبو السماك العدوي: يونس بكسر النون من غير همز . وقرأ عمرو بن دينار: برفع النون مهموزا . وهارون: اسم أعجمي ، وباقي الأنبياء قد تقدم ذكرهم . فأما الزبور ، فأكثر القراء على فتح الزاي ، وقرأ أبو رزين ، وأبو رجاء ، والأعمش وحمزة: بضم الزاي . قال الزجاج : فمن فتح الزاي ، أراد كتابا ، ومن ضم ، أراد كتبا . ومعنى ذكر "داود" أي: لا تنكروا تفضيل محمد بالقرآن ، فقد أعطى الله داود الزبور . وقال أبو علي: كأن حمزة جعل كتاب داود أنحاء ، وجعل كل نحو زبرا ، ثم جمع . فقال: زبورا . وقال ابن قتيبة: الزبور فعول بمعنى: مفعول ، كما تقول: حلوب وركوب بمعنى: محلوب ومركوب ، وهو من قولك: زبرت الكتاب أزبره زبرا: إذا كتبته ، قال: وفيه لغة أخرى الزبور بضم الزاي . كأنه جمع .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #154  
قديم 03-04-2022, 11:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (154)
صــ256 إلى صــ 260

ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما

قوله تعالى: وكلم الله موسى تكليما تأكيد كلم بالمصدر يدل على أنه سمع كلام الله حقيقة . روى أبو سليمان الدمشقي ، قال: سمعت إسماعيل بن محمد الصفار يقول: سمعت ثعلبا يقول: لولا أن الله تعالى أكد الفعل بالمصدر ، لجاز أن يكون كما يقول أحدنا للآخر: قد كلمت لك فلانا بمعنى: كتبت إليه رقعة ، أو بعثت إليه رسولا ، فلما قال: تكليما لم يكن إلا كلاما مسموعا من الله .
رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما

قوله تعالى: لئلا يكون للناس على الله حجة أي: لئلا يحتجوا في ترك التوحيد والطاعة بعدم الرسل ، لأن هذه الأشياء إنما تجب بالرسل .
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا

قوله تعالى: لكن الله يشهد في سبب نزولها قولان .

[ ص: 257 ] أحدهما: أن النبي عليه السلام دخل على جماعة من اليهود ، فقال: "إني والله أعلم أنكم لتعلمون أني رسول الله" ، فقالوا: ما نعلم ذلك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس .

والثاني: أن رؤساء أهل مكة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: سألنا عنك اليهود ، فزعموا أنهم لا يعرفونك ، فائتنا بمن يشهد لك أن الله بعثك ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول ابن السائب . قال الزجاج : الشاهد: المبين لما يشهد به ، فالله عز وجل بين ذلك ، ويعلم مع إبانته أنه حق . وفي معنى (أنزله بعلمه) ثلاثة أقوال .

أحدها: أنزله وفيه علمه ، قاله الزجاج .

والثاني: أنزله من علمه ، ذكره أبو سليمان الدمشقي .

والثالث: أنزله إليك بعلم منه أنك خيرته من خلقه ، قاله ابن جرير .

قوله تعالى: والملائكة يشهدون فيه قولان .

أحدهما: يشهدون أن الله أنزله . والثاني: يشهدون بصدقك .

قوله تعالى: وكفى بالله شهيدا قال الزجاج : "الباء" دخلت مؤكدة ، والمعنى: اكتفوا بالله في شهادته .
[ ص: 258 ] إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا

قوله تعالى: إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قال مقاتل وغيره: هم اليهود كفروا بمحمد ، وصدوا الناس عن الإسلام . قال أبو سليمان: وكان صدهم عن الإسلام قولهم للمشركين ولأتباعهم: ما نجد صفة محمد في كتابنا .
إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا

قوله تعالى: إن الذين كفروا وظلموا قال مقاتل وغيره: هم اليهود أيضا كفروا بمحمد والقرآن . وفي الظلم المذكور هاهنا قولان .

أحدهما: أنه الشرك ، قاله مقاتل . والثاني: أنه جحدهم صفة محمد النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم .

قوله تعالى: لم يكن الله ليغفر لهم يريد من مات منهم على الكفر . وقال أبو سليمان: لم يكن الله ليستر عليهم قبيح فعالهم ، بل يفضحهم في الدنيا ، ويعاقبهم بالقتل والجلاء والسبي ، وفي الآخرة بالنار ولا ليهديهم طريقا ينجون فيه .

وقال مقاتل: طريقا إلى الهدى وكان ذلك على الله يسيرا يعني: كان عذابهم على الله هينا .
يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما [ ص: 259 ] قوله تعالى: يا أيها الناس الكلام عام . وروي عن ابن عباس أنه قال: أراد المشركين . (قد جاءكم الرسول بالحق أي: بالهدى ، والصدق .

قوله تعالى: فآمنوا خيرا لكم قال الزجاج ، عن الخليل وجميع البصريين: إنه منصوب بالحمل على معناه ، لأنك إذا قلت: انته خيرا لك ، وأنت تدفعه عن أمر فتدخله في غيره ، كان المعنى: انته وأت خيرا لك ، وادخل في ما هو خير لك . وأنشد الخليل ، وسيبويه قول عمر بن أبي ربيعة:


فواعديه سرحتي مالك أو الربا بينهما أسهلا


كأنه قال: إيتي مكانا أسهل .

قوله تعالى: وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض أي: هو غني عنكم ، وعن إيمانكم ، وكان الله عليما بما يكون من إيمان أو كفر (حكيما) في تكليفكم مع علمه بما يكون منكم) .
[ ص: 260 ] يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا

قوله تعالى: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم قال مقاتل: نزلت في نصارى نجران ، السيد والعاقب ، ومن معهما . والجمهور على أن المراد بهذه الآية: النصارى . وقال الحسن: نزلت في اليهود والنصارى . والغلو: الإفراط ومجاوزة الحد ، ومنه غلا السعر . وقال الزجاج : الغلو: مجاوزة القدر في الظلم . وغلو النصارى في عيسى: قول بعضهم: هو الله ، وقول بعضهم: هو ابن الله ، وقول بعضهم: هو ثالث ثلاثة . وعلى قول الحسن غلو اليهود فيه قولهم: إنه لغير رشدة . وقال بعض العلماء: لا تغلوا في دينكم بالزيادة في التشدد فيه .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #155  
قديم 03-04-2022, 11:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ النِّسَاءِ
الحلقة (155)
صــ261 إلى صــ 265

قوله تعالى: ولا تقولوا على الله إلا الحق أي: لا تقولوا إن الله له شريك [ ص: 261 ] أو ابن أو زوجة . وقد ذكرنا معنى "المسيح" و "الكلمة" في (آل عمران .

وفي معنى (وروح منه) سبعة أقوال .

أحدها: أنه روح من أرواح الأبدان . قال أبي بن كعب: لما أخذ الله الميثاق على بني آدم كان عيسى روحا من تلك الأرواح ، فأرسله إلى مريم ، فحملت به .

والثاني: أن الروح النفخ ، فسمي روحا ، لأنه حدث عن نفخة جبريل في درع مريم . ومنه قول ذي الرمة:


وقلت له ارفعها إليك وأحيها بروحك واقتته لها قيتة قدرا


هذا قول أبي روق .

والثالث: أن معنى (وروح منه) إنسان حي بإحياء الله له .

والرابع: أن الروح: الرحمة ، فمعناه: ورحمة منه ، ومثله وأيدهم بروح منه [المجادلة 22] .

والخامس: أن الروح هاهنا جبريل . فالمعنى: ألقاها الله إلى مريم ، والذي ألقاها روح منه ، ذكر هذه الأقوال الثلاثة أبو سليمان الدمشقي . [ ص: 262 ] والسادس: أنه سماه روحا ، لأنه يحيا به الناس كما يحيون بالأرواح ، ولهذا المعنى: سمي القرآن روحا ، ذكره القاضي أبو يعلى .

والسابع: أن الروح: الوحي أوحى الله إلى مريم يبشرها به ، وأوحى إلى جبريل بالنفخ في درعها ، وأوحى إلى ذات عيسى أن: كن فكان . ومثله: ينزل الملائكة بالروح من أمره [النحل: 2] أي: بالوحي ، ذكره الثعلبي .

فأما قوله: "منه" فإنه إضافة تشريف ، كما تقول: بيت الله ، والمعنى: من أمره ، ومما يقاربها قوله: وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه [الجاثية: 13] .

قوله تعالى: ولا تقولوا ثلاثة قال الزجاج : رفعه بإضمار: لا تقولوا آلهتنا ثلاثة (إنما الله إله واحد أي: ما هو إلا إله واحد (سبحانه) ومعنى سبحانه: تبرئته من أن يكون له ولد . قال أبو سليمان: (وكفى بالله وكيلا) أي: قيما على خلقه ، مدبرا لهم .
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا

قوله تعالى: لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله سبب نزولها: أن وفد نجران وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: يا محمد لم تذكر صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى ، قال: وأي شيء أقول له؟ هو عبد الله ، قالوا: بل هو الله ، فقال: إنه ليس بعار عليه أن يكون عبدا لله ، قالوا: بلى ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح ، عن ابن عباس . قال الزجاج : معنى يستنكف: [ ص: 263 ] يأنف ، وأصله في اللغة من نكفت الدمع: إذا نحيته بأصبعك من خدك . قال الشاعر:


فبانوا فلولا ما تذكر منهم من الحلف لم ينكف لعينيك مدمع


قوله تعالى: ولا الملائكة المقربون قال ابن عباس : هم حملة العرش .
فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا

قوله تعالى: فيوفيهم أجورهم أي: ثواب أعمالهم (ويزيدهم من فضله) مضاعفة الحسنات . وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (فيوفيهم أجورهم) قال: يدخلون الجنة ، ويزيدهم من فضله: الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا .
[ ص: 264 ] يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا

قوله تعالى: قد جاءكم برهان من ربكم في "البرهان" ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه الحجة ، قاله مجاهد ، والسدي . والثاني: القرآن ، قاله قتادة .

والثالث: أنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله سفيان الثوري . فأما "النور المبين": فهو القرآن ، قاله قتادة ، وإنما سماه "نورا" لأن الأحكام تبين به بيان الأشياء بالنور .
فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما

قوله تعالى: واعتصموا به أي: استمسكوا وفي هاء "به" قولان .

أحدهما: أنها تعود إلى النور وهو القرآن ، قاله ابن جريج . والثاني: تعود إلى الله تعالى ، قاله مقاتل . وفي "الرحمة" قولان .

أحدهما: أنها الجنة ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني: أنها نفس الرحمة ، والمعنى: سيرحمهم ، قاله أبو سليمان . وفي "الفضل" قولان .

أحدهما: أنه الرزق في الجنة ، قاله مقاتل . والثاني: أنه الإحسان ، قاله أبو سليمان .

قوله تعالى: ويهديهم إليه صراطا مستقيما أي: يوفقهم لإصابة الطريق المستقيم . وقال ابن الحنفية: الصراط المستقيم: دين الله .
فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما

قوله تعالى: واعتصموا به أي: استمسكوا وفي هاء "به" قولان .

أحدهما: أنها تعود إلى النور وهو القرآن ، قاله ابن جريج . والثاني: تعود إلى الله تعالى ، قاله مقاتل . وفي "الرحمة" قولان .

أحدهما: أنها الجنة ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني: أنها نفس الرحمة ، والمعنى: سيرحمهم ، قاله أبو سليمان . وفي "الفضل" قولان .

أحدهما: أنه الرزق في الجنة ، قاله مقاتل . والثاني: أنه الإحسان ، قاله أبو سليمان .

قوله تعالى: ويهديهم إليه صراطا مستقيما أي: يوفقهم لإصابة الطريق المستقيم . وقال ابن الحنفية: الصراط المستقيم: دين الله .

يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم

[ ص: 265 ] قوله تعالى: يستفتونك في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أنها نزلت في جابر بن عبد الله . روى أبو الزبير عن جابر قال: مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني هو وأبو بكر [وهما ماشيان] فوجدني قد أغمي علي ، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم صب علي من وضوئه ، فأفقت ، وقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي وكان لي تسع أخوات ، ولم يكن لي ولد؟ فلم يجبني بشيء ، ثم خرج وتركني ثم رجع إلي وقال: يا جابر لا أراك ميتا من وجعك هذا ، وإن الله عز وجل قد أنزل في أخواتك ، وجعل لهن الثلثين ، فقرأ علي هذه الآية: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة فكان جابر يقول: أنزلت هذه الآية في .

والثاني: أن الصحابة أهمهم بيان شأن الكلالة فسألوا عنها نبي الله ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول قتادة . وقال سعيد بن المسيب: سأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف نورث الكلالة؟ فقال: "أوليس قد بين الله تعالى ذلك ، ثم قرأ: (وإن كان رجل يورث كلالة" فأنزل الله عز وجل (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #156  
قديم 03-04-2022, 11:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (156)
صــ266 إلى صــ 270

[ ص: 266 ] قوله تعالى: إن امرؤ هلك أي: مات (ليس له ولد يريد: ولا والد: فاكتفى بذكر أحدهما ، ويدل على المحذوف أن الفتيا في الكلالة ، وهي من ليس له ولد ولا والد .

قوله تعالى: وله أخت يريد من أبيه وأمه (فلها نصف ما ترك) عند انفرادها (وهو يرثها) أي: يستغرق ميراث الأخت إذا لم يكن لها ولد ولا والد ، وهذا هو الأخ من الأب والأم ، أو من الأب (فإن كانتا اثنتين) يعني: أختين . وسئل الأخفش ما فائدة قوله "اثنتين" و "كانتا" لا يفسر إلا باثنتين؟ فقال: أفادت العدد العاري عن الصفة ، لأنه يجوز في "كانتا" صغيرتين ، أو حرتين ، أو صالحتين ، أو طالحتين ، فلما قال: "اثنتين" فإذا إطلاق العدد على أي وصف كانتا عليه (فلهما الثلثان) من تركة أخيهما الميت (وإن كانوا) يعني: المخلفين .

قوله تعالى: يبين الله لكم أن تضلوا قال ابن قتيبة: لئلا تضلوا . وقال الزجاج : فيه قولان .

أحدهما: أن لا تضلوا ، فأضمرت لا . والثاني: كراهية أن تضلوا ، وهو قول البصريين . قال ابن جريج: أن تضلوا في شأن المواريث .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْمَائِدَةِ


قال ابن عباس ، والضحاك ، هي مدنية . وقال مقاتل: نزلت نهارا وكلها مدنية . وقال أبو سليمان الدمشقي فيها من المكي اليوم أكملت لكم دينكم قال: وقيل: فيها من المكي يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله والصحيح أن قوله: (اليوم أكملت لكم دينكم نزلت بعرفة يوم عرفة ، فلهذا نسبت إلى مكة .

يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اختلفوا في المخاطبين بهذا على قولين .

أحدهما: أنهم المؤمنون من أمتنا ، وهذا قول الجمهور .

والثاني: أنهم أهل الكتاب ، قاله ابن جريج ، و "العقود": العهود ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، والجماعة . وقال الزجاج : "العقود": أوكد العهود .

واختلفوا في المراد بالعهود هاهنا على خمسة أقوال . [ ص: 268 ] أحدها: أنها عهود الله التي أخذها على عباده فيما أحل وحرم ، وهذا قول ابن عباس ، ومجاهد .

والثاني: أنها عهود الدين كلها ، قاله الحسن .

والثالث: أنها عهود الجاهلية ، وهي الحلف الذي كان بينهم ، قاله قتادة .

والرابع: أنها العهود التي أخذها الله على أهل الكتاب من الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن جريج ، وقد ذكرنا عنه أن الخطاب للكتابيين .

والخامس: أنها عقود الناس بينهم ، من بيع ، ونكاح ، أو عقد الإنسان على نفسه من نذر ، أو يمين ، وهذا قولابن زيد .

قوله تعالى: أحلت لكم بهيمة الأنعام في بهيمة الأنعام ثلاثة أقاويل .

أحدها: أنها أجنة الأنعام التي توجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذبحت الأمهات ، قاله ابن عمر ، وابن عباس . والثاني: أنها الإبل ، والبقر ، والغنم ، قاله الحسن ، وقتادة ، والسدي .

وقال الربيع: هي الأنعام كلها . وقال ابن قتيبة: هي الإبل ، والبقر ، والغنم ، والوحوش كلها .

والثالث: أنها وحش الأنعام كالظباء ، وبقر الوحش ، روي عن ابن عباس ، وأبي صالح . وقال الفراء: بهيمة الأنعام: بقر الوحش ، والظباء ، والحمر الوحشية .

[ ص: 269 ] قال الزجاج : وإنما قيل: لها بهيمة ، لأنها أبهمت عن أن تميز ، وكل حي لا يميز فهو بهيمة .

قوله تعالى: إلا ما يتلى عليكم روي عن ابن عباس أنه قال: هي الميتة وسائر ما في القرآن تحريمه . وقال ابن الأنباري: المتلو علينا من المحظور الآية التي بعدها ، وهي قوله: (حرمت عليكم الميتة) .

قوله تعالى: غير محلي الصيد قال أبو الحسن الأخفش: أوفوا بالعقود غير محلي الصيد ، فانتصب على الحال . وقال غيره: المعنى: أحلت لكم بهيمة الأنعام غير مستحلي اصطيادها ، وأنتم حرم ، قال الزجاج : الحرم: المحرمون ، وواحد الحرم: حرام ، يقال: رجل حرام ، وقوم حرم . قال الشاعر:


فقلت لها فيئي إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب


[ ص: 270 ] أي: ملب . وقوله: (إن الله يحكم ما يريد أي: الخلق له يحل ما يشاء لمن يشاء ، ويحرم ما يريد على من يريد .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #157  
قديم 03-04-2022, 11:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (157)
صــ271 إلى صــ 275

يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب


قوله تعالى: لا تحلوا شعائر الله في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أن شريح بن ضبيعة أتى المدينة ، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: إلام تدعو؟ فقال: "إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" فقال: إن لي أمراء خلفي أرجع إليهم أشاورهم ، ثم خرج ، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبي غادر ، وما الرجل بمسلم" ، فمر شريح بسرح لأهل المدينة ، فاستاقه ، فلما كان عام الحديبية ، خرج شريح إلى مكة معتمرا ، ومعه تجارة ، فأراد أهل السرح أن يغيروا عليه كما أغار عليهم ، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وقال السدي: اسمه الحطم ابن هند البكري . قال: ولما ساق السرح جعل يرتجز:

[ ص: 271 ]
قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل ولا غنم

ولا بجزار على ظهر وضم
باتوا نياما وابن هند لم ينم

بات يقاسيها غلام كالزلم
خدلج الساقين ممسوح القدم



والثاني: أن ناسا من المشركين جاؤوا يؤمون البيت يوم الفتح مهلين بعمرة ، فقال المسلمون: لا ندع هؤلاء بل نغير عليهم ، فنزل قوله (ولا آمين البيت [ ص: 272 ] الحرام) . قال ابن قتيبة: وشعائر الله: ما جعله الله علما لطاعته .

وفي المراد بها هاهنا سبعة أقوال .

أحدها: أنها مناسك الحج ، رواه الضحاك عن ابن عباس . وقال الفراء: كانت عامة العرب لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ، ولا يطوفون بينهما ، فقال الله تعالى: لا تستحلوا ترك ذلك .

والثاني: أنها ما حرم الله تعالى في حال الإحرام ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث: دين الله كله ، قاله الحسن . والرابع: حدود الله ، قاله عكرمة ، وعطاء . والخامس: حرم الله ، قاله السدي .

والسادس: الهدايا المشعرة لبيت الله الحرام ، قاله أبو عبيدة ، والزجاج .

والسابع: أنها أعلام الحرم ، نهاهم أن يتجاوزوها غير محرمين إذا أرادوا دخول مكة ، ذكره الماوردي ، والقاضي أبو يعلى .

[ ص: 273 ] قوله تعالى: ولا الشهر الحرام قال ابن عباس : لا تحلوا القتال فيه .

وفي المراد بالشهر الحرام ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه ذو القعدة ، قاله عكرمة ، وقتادة .

والثاني: أن المراد به الأشهر الحرم . قال مقاتل: كان جنادة بن عوف يقوم في سوق عكاظ كل سنة فيقول: ألا إني قد أحللت كذا ، وحرمت كذا .

والثالث: أنه رجب ، ذكره ابن جرير الطبري . و "الهدي": كل ما أهدي إلى بيت الله تعالى من شيء . وفي القلائد قولان .

أحدهما: أنها المقلدات من الهدي ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثاني: أنها ما كان المشركون يقلدون به إبلهم وأنفسهم في الجاهلية ، ليأمنوا به عدوهم ، لأن الحرب كانت قائمة بين العرب إلا في الأشهر الحرم ، فمن لقوه . مقلدا نفسه ، أو بعيره ، أو مشعرا بدنه ، أو سائقا هديا لم يتعرض له . قال ابن عباس : كان من أراد أن يسافر في غير الأشهر الحرم ، قلد بعيره من الشعر والوبر ، فيأمن حيث ذهب . وروى مالك بن مغول عن عطاء قال: كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم ، فيأمنون به إذا خرجوا من الحرم ، فنزلت هذه الآية . وقال قتادة: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من [ ص: 274 ] السمر ، فلم يعرض له أحد ، وإذا رجع تقلد قلادة شعر ، فلم يعرض له أحد .

وقال الفراء: كان أهل مكة يقلدون بلحاء الشجر ، وسائر العرب يقلدون بالوبر والشعر . وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال .

أحدها: لا تستحلوا المقلدات من الهدي . والثاني: لا تستحلوا أصحاب القلائد . والثالث: أن هذا نهي للمؤمنين أن ينزعوا شيئا من شجر الحرم ، فيتقلدوه كما كان المشركون يفعلون في جاهليتهم ، رواه عبد الملك عن عطاء ، وبه قال مطرف ، والربيع بن أنس .

قوله تعالى: ولا آمين البيت الحرام "الآم": القاصد ، و "البيت الحرام": الكعبة ، و "الفضل": الربح في التجارة ، والرضوان من الله يطلبونه في حجهم على زعمهم . ومثله قوله: وانظر إلى إلهك الذي [طه: 97] وقيل: ابتغاء الفضل عام ، وابتغاء الرضوان للمؤمنين خاصة .

قوله تعالى: وإذا حللتم فاصطادوا لفظه لفظ الأمر ، ومعناه: الإباحة ، نظيره فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض [الجمعة: 10] وهو يدل على إحرام متقدم .

[ ص: 275 ] قوله تعالى: ولا يجرمنكم وروى الوليد عن يعقوب "يجرمنكم" بسكون النون ، وتخفيفها . قال ابن عباس : لا يحملنكم ، وقال غيره: لا يدخلنكم في الجرم ، كما تقول: آثمته ، أي: أدخلته في الإثم . وقال ابن قتيبة: لا يكسبنكم يقال: فلان جارم أهله ، أي: كاسبهم ، وكذلك جريمتهم . وقال الهذلي ووصف عقابا:


جريمة ناهض في رأس نيق ترى لعظام ما جمعت صليبا


والناهض: فرخها ، يقول: هي تكسب له ، وتأتيه بقوته . و "الشنآن": البغض ، يقال: شنئته أشنؤه: إذا أبغضته . وقال ابن الأنباري: "الشنآن": البغض ، و "الشنآن" بتسكين النون: البغيض . واختلف القراء في نون الشنآن ، فقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي: بتحريكها ، وأسكنها ابن عامر ، وروى حفص عن عاصم تحريكها ، وأبو بكر عنه تسكينها ، وكذلك اختلف عن نافع .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #158  
قديم 03-04-2022, 11:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (158)
صــ276 إلى صــ 280


[ ص: 276 ] قال أبو علي: "الشنآن" ، قد جاء وصفا ، وقد جاء اسما ، فمن حرك ، فلأنه مصدر ، والمصدر يكثر على فعلان ، نحو النزوان ، ومن سكن ، قال: هو مصدر ، وقد جاء المصدر على فعلان ، تقول: لويته دينه ليانا ، فالمعنى في القراءتين واحد ، وإن اختلف اللفظان . واختلفوا في قوله: (أن صدوكم) فقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو بالكسر . وقرأ الباقون بالفتح ، فمن فتح جعل الصد ماضيا ، فيكون المعنى من أجل أن صدوكم ، ومن كسرها ، جعلها للشرط ، فيكون الصد مترقبا . قال أبو الحسن الأخفش: وقد يكون الفعل ماضيا مع الكسر ، كقوله: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل [يوسف: 77] وقد كانت السرقة عندهم قد وقعت ، وأنشد أبو علي الفارسي:


إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ولم تجدي من أن تقري بها بدا


[فانتفاء الولادة أمر ماض وقد جعله جزاء ، والجزاء إنما يكون بالمستقبل ، فيكون المعنى: إن ننتسب لا تجدني مولود لئيمة] قال ابن جرير: وقراءة من فتح الألف أبين ، لأن هذه السورة نزلت بعد الحديبية ، وقد كان الصد تقدم .

فعلى هذا في معنى الكلام قولان .

أحدهما: ولا يحملنكم بغض أهل مكة أن صدوكم عن المسجد الحرام أن [ ص: 277 ] تعتدوا فيه ، فتقاتلوهم ، وتأخذوا أموالهم إذا دخلتموه ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثاني: لا يحملنكم بغض أهل مكة ، وصدهم إياكم أن تعتدوا بإتيان ما لا يحل لكم من الغارة على المعتمرين من المشركين ، على ما سبق في نزول الآية .

قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى قال الفراء: ليعن بعضكم بعضا . قال ابن عباس : البر ما أمرت به ، و "التقوى": ترك ما نهيت عنه . فأما "الإثم": فالمعاصي . و "العدوان": التعدي في حدود الله ، قاله عطاء .

فصل

اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على قولين .

أحدهما: أنها محكمة ، روي عن الحسن أنه قال: ما نسخ من المائدة شيء ، وكذلك قال أبو ميسرة في آخرين: قالوا: ولا يجوز استحلال الشعائر ، ولا الهدي [ ص: 278 ] قبل أوان ذبحه . واختلفوا في "القلائد" فقال قوم: يحرم رفع القلادة عن الهدي حتى ينحر ، وقال آخرون: كانت الجاهلية تقلد من شجر الحرم ، فقيل لهم: لا تستحلوا أخذ القلائد من الحرم ، ولا تصدوا القاصدين إلى البيت .

والثاني: أنها منسوخة ، وفي المنسوخ منها أربعة أقوال .

أحدها: أن جميعها منسوخ ، وهو قول الشعبي .

والثاني: أنها وردت في حق المشركين كانوا يقلدون هداياهم ، ويظهرون شعائر الحج من الإحرام والتلبية ، فنهي المسلمون بهذه الآية عن التعرض لهم ، ثم نسخ ذلك بقوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة: 5] وهذا قول الأكثرين .

والثالث: أن الذي نسخ قوله: ولا آمين البيت الحرام نسخه قوله: فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [التوبة: 38] روي عن ابن عباس ، وقتادة .

والرابع: أن المنسوخ منها: تحريم الشهر الحرام ، وآمون البيت الحرام: إذا كانوا مشركين . وهدي المشركين: إذا لم يكن لهم من المسلمين أمان ، قاله أبو سليمان الدمشقي .
حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنـزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم [ ص: 279 ] قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة مفسر في (البقرة) ، فأما "المنخنقة" فقال: ابن عباس هي التي تختنق فتموت ، وقال الحسن ، وقتادة: هي التي تختنق بحبل الصائد وغيره . قلت: والمنخنقة حرام كيف وقع ذلك . قال ابن قتيبة: و "الموقوذة" التي تضرب حتى توقذ ، أي: تشرف على الموت ، ثم تترك حتى تموت ، وتؤكل بغير ذكاة ، ومنه يقال: فلان وقيذ ، وقد وقذته العبادة .

[ ص: 280 ] و "المتردية": الواقعة من جبل أو حائط ، أو في بئر ، يقال: تردى: إذا سقط .

و "النطيحة": التي تنطحها شاة أخرى ، أو بقرة ، "فعيلة" في معنى "مفعولة" (وما أكل السبع) وقرأ ابن عباس ، وأبو رزين ، وأبو مجلز ، وابن أبي ليلى: السبع: بسكون الباء . والمراد: ما افترسه فأكل بعضه (إلا ما ذكيتم) أي: إلا ما لحقتم من هذا كله ، وبه حياة ، فذبحتموه .

فأما الاستثناء ففيه قولان .

أحدهما: أنه يرجع إلى المذكور من عند قوله: (والمنخنقة) .

والثاني: أنه يرجع إلى ما أكل السبع خاصة ، والعلماء على الأول .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #159  
قديم 03-04-2022, 11:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (159)
صــ281 إلى صــ 285


فصل في الذكاة

قال الزجاج : أصل الذكاة في اللغة: تمام الشيء ، فمنه الذكاء في السن ، وهو تمام السن . قال الخليل: الذكاء: أن تأتي على قروحه سنة ، وذلك تمام استكمال القوة ، ومنه الذكاء في الفهم ، وهو أن يكون فهما تاما ، سريع القبول . وذكيت النار ، أي: أتممت إشعالها . وقد روي عن علي ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة أنهم قالوا: ما أدركت ذكاته بأن توجد له عين تطرف ، أو ذنب يتحرك ، فأكله حلال . قال القاضي أبو يعلى: ومذهب أصحابنا أنه إن كان يعيش مع ما به ، حل بالذبح ، فإن كان لا يعيش مع ما به ، نظرت ، فإن لم تكن حياته مستقرة ، وإنما حركته حركة المذبوح ، مثل أن شق جوفه ، وأبينت حشوته ، فانفصلت عنه ، لم يحل أكله ، وإن كانت حياته مستقرة يعيش اليوم واليومين ، مثل أن يشق جوفه ، ولم تقطع الأمعاء ، حل أكله . ومن الناس من يقول: إذا كانت فيه حياة في الجملة أبيح بالذكاة ، والصحيح ما ذكرنا ، لأنه إذا لم تكن فيه حياة [ ص: 281 ] مستقرة ، فهو في حكم الميت . ألا ترى أن رجلا لو قطع حشوة آدمي ، ثم ضرب عنقه آخر ، فالأول هو القاتل ، لأن الحياة لا تبقى مع الفعل الأول .

وفي ما يجب قطعه في الذكاة روايتان .

إحداهما: أنه الحلقوم والمريء ، والعرقان اللذان بينهما الحلقوم والمريء ، فإن نقص من ذلك شيئا ، لم يؤكل ، هذا ظاهر كلام أحمد في رواية عبد الله . [ ص: 282 ] والثانية: يجزئ قطع الحلقوم والمريء ، وهو ظاهر كلامه في رواية حنبل ، وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة: يجزئ قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين . وقال مالك: يجزئ قطع الأوداج ، وإن لم يقطع الحلقوم . وقال الزجاج : الحلقوم بعد الفم ، وهو موضع النفس ، وفيه شعب تتشعب منه في الرئة . والمريء: مجرى الطعام ، والودجان: عرقان يقطعهما الذابح .

فأما الآلة التي تجوز بها الذكاة ، فهي كل ما أنهر الدم ، وفرى الأوداج سوى [ ص: 283 ] السن والظفر ، سواء كانا منزوعين ، أو غير منزوعين . وأجاز أبو حنيفة الذكاة بالمنزوعين . فأما البعير إذا توحش ، أو تردى في بئر ، فهو بمنزلة الصيد ذكاته عقره . وقال مالك: ذكاته ذكاة المقدور عليه . فإن رمى صيدا ، فأبان بعضه ، وفيه حياة مستقرة ، فذكاه ، أو تركه حتى مات جاز أكله ، وفي أكل ما بان منه روايتان .

قوله تعالى: وما ذبح على النصب في النصب قولان .

أحدهما: أنها أصنام تنصب ، فتعبد من دون الله ، قاله ابن عباس ، والفراء ، والزجاج ، فعلى هذا القول يكون المعنى ، وما ذبح على اسم النصب ، وقيل: لأجلها ، فتكون "على" بمعنى: "اللام" ، وهما يتعاقبان في الكلام ، كقوله: فسلام لك [الواقعة: 91] أي: عليك ، وقوله: وإن أسأتم فلها [الإسراء: 7] .

[ ص: 284 ] والثاني: أنها حجارة كانوا يذبحون عليها ، ويشرحون اللحم عليها ويعظمونها ، وهو قول ابن جريج . وقرأ الحسن ، وخارجة ، عن أبي عمرو: على النصب ، بفتح النون ، وسكون الصاد ، قال ابن قتيبة: يقال: نصب ونصب ونصب ، وجمعه أنصاب

قوله تعالى: وأن تستقسموا بالأزلام قال ابن جرير: أي: وأن تطلبوا علم ما قسم لكم ، أو لم يقسم بالأزلام ، وهو استفعلت من القسم [قسم الرزق والحاجات] . قال ابن قتيبة: الأزلام: القداح ، واحدها: زلم وزلم . والاستقسام بها: أن يضرب [بها] فيعمل بما يخرج فيها من أمر أو نهي ، فكانوا إذا أرادوا أن يقتسموا شيئا بينهم ، فأحبوا أن يعرفوا قسم كل امرئ تعرفوا ذلك منها ، فأخذ الاستقسام من القسم وهو النصيب . قال سعيد بن جبير: الأزلام: حصى بيض ، كانوا إذا أرادوا غدوا ، أو رواحا ، كتبوا في قدحين ، في أحدهما: أمرني ربي ، وفي الآخر: نهاني ربي ، ثم يضربون بهما ، فأيهما خرج ، عملوا به . وقال مجاهد: الأزلام: سهام العرب ، وكعاب فارس التي يتقامرون بها . وقال السدي: كانت الأزلام تكون عند الكهنة . وقال مقاتل: في بيت الأصنام . وقال قوم: كانت عند سدنة الكعبة . قال الزجاج : ولا فرق بين ذلك ، وبين قول المنجمين: لا تخرج من أجل نجم كذا ، أو اخرج من أجل نجم كذا .

قوله تعالى: ذلكم فسق في المشار إليه بذلكم قولان .

أحدهما: أنه جميع ما ذكر في الآية ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير .

[ ص: 285 ] والثاني: أنه الاستقسام بالأزلام ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والفسق: الخروج عن طاعة الله إلى معصيته .

قوله تعالى: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم في هذا اليوم ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه اليوم الذي دخل فيه رسول الله مكة في حجة الوداع ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . وقال ابن السائب: نزلت ذلك اليوم .

والثاني: أنه يوم عرفة ، قاله مجاهد ، وابن زيد .

والثالث: أنه لم يرد يوما بعينه ، وإنما المعنى: الآن يئسوا كما تقول: أنا اليوم قد كبرت ، قاله الزجاج . قال ابن الأنباري: العرب توقع اليوم على الزمان الذي يشتمل على الساعات والليالي ، فيقولون: قد كنت في غفلة ، فاليوم استيقظت ، يريدون: فالآن ، ويقولون: كان فلان يزورنا ، وهو اليوم يجفونا ، ولا يقصدون باليوم قصد يوم واحد . قال الشاعر:

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #160  
قديم 03-04-2022, 11:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثانى
سُورَةُ الْمَائِدَةِ
الحلقة (160)
صــ286 إلى صــ 290

فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر


أراد: فزمان لنا ، وزمان علينا ، ولم يقصد ليوم واحد لا ينضم إليه غيره .

وفي معنى يأسهم قولان .

أحدهما: أنهم يئسوا أن يرجع المؤمنون إلى دين المشركين ، قاله ابن عباس ، والسدي .

والثاني: يئسوا من بطلان الإسلام ، قاله الزجاج . قال ابن الأنباري: وإنما يئسوا من إبطال دينهم لما نقل الله خوف المسلمين إليهم ، وأمنهم إلى المسلمين ، فعلموا أنهم لا يقدرون على إبطال دينهم ، ولا على استئصالهم ، وإنما قاتلوهم بعد ذلك ظنا منهم أن كفرهم يبقى .

قوله تعالى: فلا تخشوهم قال ابن جريج: لا تخشوهم أن يظهروا عليكم ، وقال ابن السائب: لا تخشوهم أن يظهروا على دينكم ، واخشوني في مخالفة أمري .

قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم روى البخاري ، ومسلم في "الصحيحين" من حديث طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرؤون آية من كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت ، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال: وأي آية هي؟ قال: قوله: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله ، والساعة [ ص: 287 ] التي نزلت فيها ، والمكان الذي نزلت فيه على رسول الله وهو قائم بعرفة في يوم جمعة ، وفي لفظ "نزلت عشية عرفة" قال سعيد بن جبير: عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أحدا وثمانين يوما .

فأما قوله "اليوم" ففيه قولان .

أحدهما: أنه يوم عرفة ، وهو قول الجمهور .

والثاني: أنه ليس بيوم معين ، رواه عطية عن ابن عباس ، وقد ذكرنا هذا آنفا . وفي معنى إكمال الدين خمسة أقوال .

أحدها: أنه إكمال فرائضه وحدوده ، ولم ينزل بعد هذه الآية تحليل ولا تحريم ، قاله ابن عباس ، والسدي ، فعلى هذا يكون المعنى: اليوم أكملت لكم شرائع دينكم .

والثاني: أنه بنفي المشركين عن البيت ، فلم يحج معهم مشرك عامئذ ، قاله سعيد بن جبير ، وقتادة . وقال الشعبي: كمال الدين هاهنا: عزه وظهوره ، وذل الشرك ودروسه ، لا تكامل الفرائض والسنن ، لأنها لم تزل تنزل إلى أن قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعلى هذا يكون المعنى: اليوم أكملت لكم نصر دينكم .

[ ص: 288 ] والثالث: أنه رفع النسخ عنه . وأما الفرائض فلم تزل تنزل عليه حتى قبض ، روي عن ابن جبير أيضا .

والرابع: أنه زوال الخوف من العدو ، والظهور عليهم ، قاله الزجاج .

والخامس: أنه أمن هذه الشريعة من أن تنسخ بأخرى بعدها ، كما نسخ بها ما تقدمها . وفي إتمام النعمة ثلاثة أقوال .

أحدها: منع المشركين من الحج معهم ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، وقتادة .

والثاني: الهداية إلى الإيمان ، قاله ابن زيد .

والثالث: الإظهار على العدو ، قاله السدي .

قوله تعالى: فمن اضطر أي: دعته الضرورة إلى أكل ما حرم عليه . (في مخمصة) أي: مجاعة ، و "الخمص": الجوع ، قال الشاعر يذم رجلا:


يرى الخمص تعذيبا وإن يلق شبعة يبت قلبه من قلة الهم مبهما


وهذا الكلام يرجع إلى المحرمات المتقدمة من الميتة والدم ، وما ذكر معهما .

قوله تعالى: غير متجانف لإثم قال ابن قتيبة: غير مائل إلى ذلك ، و "الجنف": الميل . وقال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد: غير متعمد لإثم .

وفي معنى "تجانف الإثم" قولان .

أحدهما: أن يتناول منه بعد زوال الضرورة ، روي عن ابن عباس في آخرين .

[ ص: 289 ] والثاني: أن يتعرض لمعصية في مقصده ، قاله قتادة . وقال مجاهد: من بغى وخرج في معصية ، حرم عليه أكله . قال القاضي أبو يعلى: وهذا أصح من القول الأول ، لأن الآية تقتضي اجتماع تجانف الإثم مع الاضطرار ، وذلك إنما يصح في سفر العاصي ، ولا يصح حمله على تناول الزيادة على سد الرمق ، لأن الاضطرار قد زال . قال أبو سليمان: ومعنى الآية: فمن اضطر فأكله غير متجانف لإثم ، فإن الله غفور ، أي: متجاوز عنه ، رحيم إذ أحل ذلك للمضطر .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 309.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 303.81 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]