خلف أسوار المدرسة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 39 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2021, 02:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي خلف أسوار المدرسة

خلف أسوار المدرسة


عمار سليمان





بسم الله الرحمن الرحيم
بعدَ الصلاةِ والسلامِ على سيِّد المرسلين، وعلى آلِه الطاهرين، وعلى أصحابِه أهل الحق والدين، أَسرُدُ الحكايةَ:
خلف أسوارِ المدرسة، يَقبَع ذلك الطفلُ بكلِّ أحلامه وأشجانه، يَنظُر ويَتَأمَّل ذاك السورَ العالي، الذي بَنَى بينه وبين العالِم حَوَاجِزَ تَحْجُز جسدَه وتقيِّده ماديًّا وحركيًّا، ولكن كأنِّي أَرَاه يُبْحِر خَلْفَ تلك الجدران روحيًّا وذهنيًّا، نعم قد كان جسدُه أسيرًا لتلك القضبانِ، ولكنَّ فكرَه وروحَه خارِج هذه المنظومةِ، تُمارِس عُنْفُوانَ الطفولةِ وبراءتها، وبينما هذه الأفكار في رأس ذاك الطفل تتلاطَم، تَنطَلِق عيناه، ويَشْرَئِب رأسه عاليًا فوق ذاك السور، فعقلُه يخطِّط ويُعِدُّ العدَّة لينفِّذ، وجاءت ساعةُ الغفلةِ من السجَّان، فاخترق الطفلُ القضبان، فيا تُرَى لماذا هَرَبَ؟

كم نُعانِي من هذه التراجيديا الطفولية في هذه الأيام للأسف! وكم كبَّلْنا طاقاتِ أطفالِنا، وأغلقنا أمام أرواحِهم الأبوابَ، ورَصَدنا على تلك الأبوابِ سجَّانًا، هو في ذاكرةِ الطفل ووجدانه المعلمُ! وشيَّدنا سجنًا جبريًّا، هو تلك الأسوارُ القائمةُ بطوبِها، وأسوارٌ أخرى في نفسِ الطفلِ؛ من ظلمةٍ، وقهرٍ، وغَفَلنا أو تغافلنا - وفي الاثنتين شرٌّ - أن الطفولة حريةٌ لا قيدٌ، وحياةٌ لا موتٌ، ونورٌ لا ظلمةٌ، فمتى سنحرِّر أطفالَنا من السجونِ التي بنيناها لهم بأيدِينا؟ ولكن! قف يا كاتبَ الكلماتِ، هل هي دعوةٌ لحريةٍ دون انضباطٍ؟

لا تعجَل عليَّ يا قارئَ الكلماتِ، ما هذا أردتُ، ولا لأجله كتبتُ، كل ما أدعو إليه أن تكون الأسوار داخلية بُنِيت بالقدوةِ؛ فيتحوَّل السور الإسمنتي إلى حريَّة نفسية يَفرِضها الطفل على نفسه من باب الرقابة الذاتية، واحترام قيم العلم والعمل، والجد والأمانة، ويُضْحي بها المعلم محررًا بأفعالِه، ونزوله عند أطفاله لا يُمارِس عليهم دَورَ السَّجَّان، ولا يَترُكُهم دونَ رعايةٍ وتقويمٍ واتِّزان، هل اتَّضحت الصورة؟ ولك مني مزيد من بيان.

يقول شيخنا - رحمه الله - علي الطنطاوي:
"لي أخٌ كان كلَّما غَشِي المدرسةَ الثانوية، رقَّ جسمُه ونَحَل، وعَرَاه ذُبولٌ، فأعفيتُه منها، وأبقيتُه في الدار سنواتٍ ثلاثًا، لم أُلزِمه فيها مطالعةَ شيءٍ من دروس المدرسة، وإنما كنتُ أدلُّه على بعضِ كتب الأدب والتاريخ، مما لا يثقل عليه، ولا ينال من صحته، وما تجزل فائدتُه، وتَعظُم المنفعة به، فقرأ فيما قرأ "تاريخ الطبري" كلَّه و"الأغاني"... فلما أزِفَ موعدُ امتحانِ الكفاءةِ منذ سنتين، قلت له: لو دخلتَ هذا الامتحانَ مع رفاقِك، فلعل الله يكتب لك النجاح، فأعطاني واستعدَّ للامتحانِ شهرًا واحدًا، ثم دخله، فكان من الناجحين، على رغم أن الناجحين في تلك السنة كانوا دون الثُّلُث، وعاد إلى مثلِ ما كان عليه، حتى كان امتحانُ الشهادةِ الثانوية "البكالوريا" هذه السنة، فدخله كما دخل الأوَّل، ونجح فيه أيضًا"[1].

أشاهدتَ يا قارئَ كلماتي معلِّمنا كيف حرَّر أخاه من قيودِ الجدرانِ: إسمنتية ونفسية، وتَبِعَاتها النفسية وأغلالها من النتاجِ الفكريِّ وخصوبته، ذاك الأخ الذي كان في الثانوية - وهي مرحلةٌ متقدِّمةٌ من الانضباط - فما بالُنا بالطفولةِ؟ لهذا وَجَب التنبُّه إلى سُنَن الله في الطفولة، وكيفية استغلالها بالشكل الأمثل؛ لنُعِيد بناء لَبِنة هي أساس اللَّبِنات الأخرى من شبابٍ وكهولةٍ، فكم من اليسير إصلاح المَسِير من أوَّله! ومن عسيره إصلاحه في قمة نشاطه "شبابه" وكهولته!

طبعًا ولا شكَّ لا أَدعُو من أشجانِ هذه الكلماتِ إن أطلق صوتًا نشازًا يقول بالانفلات الطفولي الكلي؛ بل على العكس أريدُ انضباطًا؛ ولكن بحريَّة، وإبداعًا؛ ولكن بتخطيطٍ ورويَّة، فكم سيكون رائعًا أن تكون المدرسة مِنْطَقةً مفتوحةً يتنقَّل فيها الطفل كالنحلة بين درس، ولعب، ولهو، وحتى نوم! نعم، فالطفولة عواصفُ بعدها ركودٌ، والاستجابة لهذه العواصف بتهيئة النشاطات السليمة لامتصاصها، سيؤدِّي حتمًا إلى استغلالِ طاقتها لا تبذيرها، وهنا الفرق بين مدرسةٍ مفتوحةٍ جدرانُها لا يَكادُ يراها الطالب، وبين الشارعِ الذي يبدِّد طاقتَه باسمِ الحرية في خياله، وباسم الانحلال في خيالِنا!

بعد رياحِ العاصفة وامتصاصِها، لا أروعَ من أين يَجِد الطفل سريرَه بمدرستِه، فيحلم بها، لا يحلم بالهروب منها، فهذا الذي أقولُ ليس ضربًا من أَضْراب المستحيلِ لمن رأى بعينِ ذاك الطفل النحيل، الذي ما زال يَنظُر خلف تلك الأسوار.

بعد أن عَرَفنا ما يؤرِّق طفلَنا وهمومه؛ لنعُدَ بذاكرتنا إلى ينابيعِ النبوة، وكيفية تعاملها مع الطفولة، عن أنسِ بن مالكٍ، قال: "إن كانت الأَمَة من إماء أهل المدينة، لَتَأخذُ بيدِ رسول الله، فتَنطَلِق به حيث شاءت"[2].

عندما انطَلقت تلك الجاريةُ بيدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَسألْها عن مرادها، ولم يعامِلها معاملةَ الغاياتِ والمقدِّمات والنتائج، بل ترك الطفولة تتحرَّك بحريَّة مطلَقة، لا لشيءٍ إلا ليُقرِّر لنا سنةً من سنن الله في جميلِ خلقِه بأطفالِنا، فكم لهذه السنة الربانية من أثرٍ لو استَقَينا منها منهجًا للتعامُلِ مع الأطفالِ في بعضِ الأحوال، بحيث لا نَطلُب تبريرًا لفعلِه، ويكفينا تبريرُ كلمةِ "طفل" فقط؛ لنعلَم أنها - بعرفِنا نحن معاشرَ الكبارِ - غايةٌ لجمالِ الكونِ واكتماله.

بعد المرور على الرؤية النبوية في التعامل مع مكنونِ النفسِ في الطفل، أعرِّج على كلامٍ مهمٍّ جدًّا يَجِب على معلِّمينا اتِّباعه والسير عليه، يقول الدكتور عبدالكريم بكَّار:
منذ سنِّ الثامنة يبدأُ الطفلُ بالتساؤلِ عن العملِ الذي سيَرتَبِط به في المستقبل، ومنذ ذلك الحينِ تبدأ مسؤوليةُ المعلِّمين في مساعدةِ الطالب على التطلُّع، وإلى الارتباط بأهدافٍ تناسِب طاقتهم ومواهبَهم، وهي إلى جانب ذلك ممكِنة، وذات معنى[3].

ومن كلام الدكتور نَستَشِفُّ دعوتَه إلى عدم تكبيلِ الأطفال بقيودِ المناهجِ الدراسية، التي يَنْسَى الطالبُ جلَّها بعد أول مرحلةٍ من مراحل الجامعة، وكما قال شيخنا علي الطنطاوي:
"إنا نَحبِس التلاميذَ ستَّ سنين للدراسة الثانوية، ونحشو رؤوسَهم معلوماتٍ، أكثرها لا ينفع بالحياة، وماذا لعمري استفدت أنا - من دراسةِ المثلَّثات، والهندسة النظرية، وحفظ معادلات الكيمياء، وقوانين الفيزياء - في الكتابةِ، وتدريس الأدب، والقضاء، وهذه هي أعمالي في الحياة؟"[4].

وبعدها يُتحِفنا شيخُنا المبارَك بطرحِه لمفتاحٍ يَفُكُّ به هذا القَيد الذي أثقل عقولَ أبنائنا من غير نتائج مرجوَّة، فيقول:
إن الدراسة العليا هي المقصود بالذات، وما قبلها ثقافةٌ عامَّةٌ، هي بمكان مقدِّمة لها والتمهيد إليها، أفلا يستطيع الشابُّ الواعي دراسةَ الحقوق - مثلاً - من غير إحاطةٍ بدقائقِ الكيمياء، والفيزياء، والمثلَّثات؟[5]

مقصدُ الشيخ واضحٌ جدًّا، حيث له رؤية نقدية في هذا الباب، ومن كلام الشيخ - رحمه الله - يتَخَاطر إلى بالي:
لمَ نسجنُ أبناءنا بغَصبِهم على دراسةِ موادَّ لا تَمِيل نفسُهم إليها؟

لماذا على الأديب أن يُحِيط: بالتفاضل والتكامل؟

وكم من مشروعِ أديبٍ أجهِض في مرحلةِ ولادتِه، بإبعاد الطفل ذي المواهب الأدبية عن هذا الحَقْل؛ بحجة سلَّة العلوم، والتي هي أشبه بسلة الهموم منها للعلوم؟

لماذا لا يُعطَى التركيز على إزالة هذه الجدران، والانبثاق إلى تجرِبة تعلُّمية تحرِّر فكرَ الطفل للإبداعِ، وتبنِي له أسوارًا من المعرفة بدل الأسوار من المواد المكدَّسة التي تُثقِل كتفَه وعقله معًا؟!

وما زال ذاك الطفل يتأمَّل لعل هناك مخرجًا.

وفي ختامِ كلماتي التي هي بوحٌ من قلمِ القلبِ الذي تَعِيش به ذاكرة ذاك الطفل، وهو ينظر إلى السور، ويفكِّر كيف يخترِقُه، غيرَ مكترِثٍ لما بعد هذا السور من مزالقَ، أقلُّها نيران، وثقافة أشبه بثقافة القطعان دون راعيها، فهل شاركنا في نَمْذَجة هذه التراجيدية؛ علَّ أحدًا يجاوِب ذاك الطفلَ الذي أضحى يكتب هذه الكلمات؟


وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد، وآله وصحبِه، ومَن سار على دربه.


[1] " مجلة الرسالة "العدد 655.

[2] البخاري، كتاب الأدب، باب الكبر (5724).

[3] كتاب رؤى ثقافية؛ للدكتور عبدالكريم بكار.

[4] فصول في الثقافة والأدب؛ للشيخ علي الطنطاوي.

[5] المرجع السابق.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.54 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]