خطورة صرف آيات الصفات عن مقتضى ظاهرها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216111 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7832 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 60 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859648 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393986 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 86 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-11-2023, 07:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي خطورة صرف آيات الصفات عن مقتضى ظاهرها

خطورة صرف آيات الصفات عن مقتضى ظاهرها (1)



كتبه/ أشرف الشريف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد جزمت الأشاعرة بشُعبتيها: (المفوضة والمؤولة)، ومن لفَّ لَفَّهم: أن ظاهر الصفات الخبرية والفعلية غير مراد. فالمفوضة منهم قالوا بأن ظاهر الآيات غير مراد، ولم يُمِرُّوه كما جاء وَفْق لغته العربية المبينة، وفهمه المتبادر للذهن بلا تكييف أو تمثيل، من معنى كلي ذهني يتم به التفرقة بين صفة وصفة؛ مما يحدو بنا إلى التعبد لله بمقتضى هذا المعنى وفق ما جاء في الآيات والأحاديث. بل ذهب مفوضة الأشاعرة إلى أن هذا الظاهر غير مراد؛ لذا أوجبوا تأويله على معنى مخالف لظاهره، لكنهم لم يحددوا هذا المعنى، وفوضوا علمه لله، وكأن الله -بزعمهم!- طلب منا التعبد بمقتضى ما لا يُفْهَم -تعالى الله عن ذلك-.
أمّا المؤولة منهم - وعلى رأسهم الرازي -: فقد صرفوا اللفظ عن ظاهره، وحددوا معانٍ مجازية للصفات، بناءً على قرينة غير حقيقية. بل هي قرينة متوهمة في عقل هؤلاء الذين ظنوا أن الإثبات يعني تشبيه الخالق بالمخلوق، ونسوا أن الله ليس كمثله شيء، وبما أن ذاته ليست كذواتنا، إذًا صفاته ليست كصفاتنا، ومِن ثَمَّ لسنا بحاجة إلى التأويل المذموم بصرف اللفظ عن ظاهره. وهذه المعاني المجازية عند القوم لا يمكنهم الجزم بصحتها، وهذا ما صرح به الجويني -رحمه الله- لانعدام الدليل الصحيح عليها، كما أنها لو كانت مرادة لورد فيها حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أثر عن الصحابة -رضي الله عنهم-.
وبذا يكون التأويلُ المذمومُ من هذه الفِرَق مخالفةً صريحةً منهم لما أجمع عليه اللغويون والبلاغيون والمفسرون من شروط التأويل والقول بالمجاز، حيث انعدام القرينة المتحققة وانعدام الدليل، ومثل هذا آذن بشرٍ عظيم؛ إذ يفتح الباب لكل طائفة أن تحرف الآيات على معتقدها، ليقول مَن شاء ما شاء بلا زمام، ويزعم أن هذا هو المراد!
فتقرير هذه القاعدة السابقة -أعني: الأصل في الكلام الحقيقة، وهي المتبادرة في الذهن، وأن التأويل المقبول لابد فيه من دليل وقرينة متحققة-: ضروري لضمان انضباط التفاهم بين الناس، لما يترتب على إهمالها مِن تعذُّر تفاهمهم، وعدم انضباط معاملاتهم، بل وفسادها؛ إذْ يُفتح الباب لكلّ عابث لأنْ يتنكر لكلِّ الالتزامات التي تفهم من ظاهر كلامه بحجة أنه لم يقصد ظاهرها، وإنما قصد أمرًا آخر، والعيب فيمن لم يفهم، وهكذا يزعم، فلا تنضبط بعد ذلك تعاملات، ولا تثبت التزامات، وتهدر من وراء ذلك الحقوق، وتشيع هنا وهناك فوضى العبث بالألفاظ تحت ستار قرائن وهمية، توهمها أصحابها! كما أن ذلك يكون طريقًا لكلِّ قاصد إلى هدم الشريعة، بأن ينسب إليها كلَّ ما يهواه، ويسقط منها كلَّ ما يخالف هواه، وليس ما يجري على الشاشات من ثلة تزعم البحث الإسلامي والتجديد عنا ببعيد!
ومن هنا اتفق الأئمة من الأصوليين واللغويين والبلاغيين على وجوب العمل بما دلَّ عليه النص والظاهر حتى يقوم دليل التأويل أو التخصيص أو النسخ.
وللحديث بقية -إن شاء الله- مع أقوال العلماء في ذلك.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-02-2024, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خطورة صرف آيات الصفات عن مقتضى ظاهرها

خطورة صرف آيات الصفات عن مقتضى ظاهرها (2)




كتبه/ أشرف الشريف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بعد ذكره للتأويل الذي لا يقوم عليه دليل صحيح من الشرع أو اللغة: "فَإِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ -أَوْ أَكْثَرِهَا وَعَامَّتِهَا- مِنْ بَابِ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ. وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى ذَمِّهِ وَصَاحُوا بِأَهْلِهِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَرُمُوا فِي آثَارِهِمْ بِالشُّهُبِ. وَقَدْ صَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ وَسَمَّاهُ: (الرَّدُّ عَلى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّة فِيمَا شَكَّتْ فِيهِ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَتَأَوَّلَتْهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ)، فَعَابَ أَحْمَدُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِغَيْرِ مَا هُوَ مَعْنَاهُ. وَلَمْ يَقُلْ أَحْمَدُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ: إنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مَعَانِيَ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا، وَلَا قَالُوا: إنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ لَمْ يَعْرِفُوا تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ. كَيْفَ؟ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَدَبُّرِ كِتَابِهِ" (مجموع الفتاوى).
وقال ابن القيم -رحمه الله-: "وَهَلْ دَخَلَتْ طَائِفَةُ الْإِلْحَادِ مِنْ أَهْلِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ إلَّا مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ فُتِحَ بَابُ التَّأْوِيلِ إلَّا مُضَادَّةً وَمُنَاقَضَةً لِحُكْمِ اللَّهِ فِي تَعْلِيمِهِ عِبَادَهُ الْبَيَانَ الَّذِي امْتَنَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى الْإِنْسَان بِتَعْلِيمِهِ" (إعلام الموقعين عن رب العالمين).
ولمّا كان هذا التأويل الذي لا يقوم عليه دليل هو في حقيقته تحريف، وهو من جنس أقوال الباطنية وتعاملهم مع النصوص؛ وجدته تأويلًا بلا زمام يحكي عظيم جناية التأويل على شريعة التنزيل، وهذا بالضبط ما حدث من الفرق الكلامية حين أدخلت المجاز في الصفات الإلهية، فتراهم وآراءهم شتى متنازعة، يُجَهِّل بعضهم بعضًا، وكلما أتت فرقة شنّعت بجهالة أختها، حتى إذا ادَّاركوا جميعًا نَعَتْ ‌أُخْرَاهُمْ ِأُولَاهُمْ؛ فالرازي -الأشعري- يشتد في النَّكير بألفاظ شِدَاد على الزمخشري -المعتزلي- الذي عاب -على المعتزلة وبعض الأشاعرة- تأويل "يد الله" بالقدرة والقبضة بالملك، إلخ، وحمل كلام القرآن في الصفات الإلهية عَلَى مَحْضِ التَّمْثِيلِ -وكلاهما خلاف الصواب-.
قال الرازي في تفسيره: "ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: وَقِيلَ قَبْضَتُهُ؛ مُلْكُهُ، وَيَمِينُهُ؛ قُدْرَتُهُ، وَقِيلَ: مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أَيْ مَفْنِيَّاتٍ بِقَسَمِهِ لِأَنَّهُ أَقْسَمَ أَنْ يَقْبِضَهَا، وَلَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْوُجُوهَ عَادَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا وُجُوهٌ رَكِيكَةٌ، وَأَنَّ حَمْلَ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَحْضِ التَّمْثِيلِ أَوْلَى، وَبَالَغَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْكَلَامِ فَأَطْنَبَ، وَأَقُولُ: إِنَّ حَالَ هَذَا الرَّجُلِ فِي إِقْدَامِهِ عَلَى تَحْسِينِ طَرِيقَتِهِ، وَتَقْبِيحِ طَرِيقَةِ الْقُدَمَاءِ عَجِيبٌ جِدًّا، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ ترك ظاهر اللَّفْظِ، وَالْمَصِيرُ إِلَى الْمَجَازِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَهَذَا طَعْنٌ فِي الْقُرْآنِ وَإِخْرَاجٌ لَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً فِي شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ أَنَّ ‌الْأَصْلَ ‌فِي ‌الْكَلَامِ ‌الْحَقِيقَةُ، وَأَنَّهُ لا يجوز العدول عنه إلا لدليل منفل، فهذه الطَّرِيقَةُ الَّتِي أَطْبَقَ عَلَيْهَا جُمْهُورُ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَأَيْنَ الْكَلَامُ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ عَلِمَهُ؟ وَأَيْنَ الْعِلْمُ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْهُ غَيْرُهُ؟ مَعَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي التَّأْوِيلَاتِ الْعُسْرِ وَالْكَلِمَاتِ الرَّكِيكَةِ" (مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير للرازي).
ومَن نظر من جهة البلاغة وشروطها في التأويل تبيَّن له -جليًّا-: أن تأويلات المتكلمين للصفات ركيكة، يزدريها نظر أهل البلاغة، فهي لا تنتمي لجنس البيان وعلومه؛ لندرك بذلك عظيم جناية ذا التأويل على اللغة والعقيدة، والشريعة والفطرة، والله المستعان.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22-02-2024, 12:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خطورة صرف آيات الصفات عن مقتضى ظاهرها

خطورة صرف آيات الصفات عن مقتضى ظاهرها (3)




كتبه/ أشرف الشريف
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمَن نظر من جهة البلاغة وشروطها في التأويل تبيَّن له -جليًّا-: أن تأويلات المتكلمين للصفات ركيكة، يزدريها نظر أهل البلاغة، فهي لا تنتمي لجنس البيان وعلومه؛ لندرك بذلك عظيم جناية هذا التأويل على اللغة والعقيدة، والشريعة والفطرة، والله المستعان.
تلك الجناية التي جعلتهم يأتون على أحاديث الصفات واحدًا واحدًا، وآياتها آية آية، ويعملون فيها العقل المتخبط المتأثر بفكر فلاسفة اليونان، حتى كفَّر بعضهم بعضًا، وطعنوا في أهل السنة والجماعة، بعد تلاعبهم بالنصوص وانتهاك حرماتها، ولو أنهم اعتمدوا البلاغة -التي جعلوها متكًأ- بوجهها الصحيح الصبيح، الأنور الأزهر، لَمَا كانت هذه الاتهامات المتبادلة بقلة الفهم وطمس البصيرة؛ إذ عِلْمُ الْبَلَاغَةِ كما يقول الطاهر بن عاشور: "بِهِ يَحْصُلُ انْكِشَافُ بَعْضِ الْمَعَانِي وَاطْمِئْنَانُ النَّفْسِ لَهَا، ‌وَبِهِ ‌يَتَرَجَّحُ ‌أَحَدُ ‌الِاحْتِمَالَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ" (التحرير والتنوير).
ليظهر بذلك أن معالجتهم لتأويلاتهم من طريق البلاغة، وزعمهم أن البلاغة معتمدهم هو وَهْمٌ كبير، وادِّعاء عريض، ودعوى لا أساس لها، بل البلاغة بريئة من تحريفهم الذي سموه: تأويلًا ومجازًا!
وتأويلاتهم تلك يزدريها نظر أهل البلاغة؛ لذا كان الخط سقيمًا، والخاطر عقيمًا، والكلام شقاقًا، كالولد العاق والأخ المشاق، إذا أدرته استطال، وإذا قومته مال، وإذا بعثته وقف، وإذا وقفته انحرف.
قال ابن قتيبة: "وَفَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِأَعْجَبِ تَفْسِيرٍ، يُرِيدُونَ أَنْ يَرُدُّوهُ إِلَى مَذَاهِبِهِمْ، وَيَحْمِلُوا التَّأْوِيلَ عَلَى نِحَلِهِمْ" (تأويل مختلف الحديث).
ولعل هذا الانحراف الشديد بأساليب البلاغة؛ خاصة المجاز والكناية، والتخييل في محاولة استغلال الاتساع الدلالي، كان سببًا في ظهور ألفاظ الكفر الصريحة، والردة القبيحة، والشرك الأكبر بشكل تجاوز حدود الشرك الجاهلي، وهو ما نبَّه عليه الغزالي بقوله: "وبهذا الطريق –يعني صرف الألفاظ عن مقتضى ظاهرها بلا قرينة معتبرة- توصل الباطنية إلى هدم جميع الشريعة بتأويل ظواهرها وتنزيلها على رأيهم" (إحياء علوم الدين).
ويتضح ذلك في محاولات التبرير والتخريج -اليائسة- بالمجاز، لكلام الكفر والشرك الصريح عند أصحاب عقيدة الحلول والاتحاد: كالحلاج، وابن عربي، وابن سبعين، والششتري، وابن الفارض، وأتباعهم.
ويتناسى أولئك المبررون بالمجاز أن العقيدة لا تحتمل مثل تلك التأويلات والمتاهات، ودليل ردها من السُّنة ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن رجلًا قال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا شَاءَ اللَّهُ ‌وَشِئْتَ! قَالَ: (جعلتَ ‌لِلَّهِ ‌نِدًّا؟! مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ) (رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني)، مع أنّ القائل ما أراد أن يجعل لله نِدًّا، ولكن هذا اللفظ لا يجوز، فهو شرك لفظي ولو لم يقصده، ومِن ثَمَّ يقال: إن اللفظ إذا كان يحتمل الصواب والخطأ فيمنع منه من أجل ما يحتمله من خطأ لا سيما في باب الاعتقاد، هذه هي العقيدة؛ لا تقبل التمويهات ولا اللعب بالألفاظ على وتر المجازات، هنا مقام يضيق على المجاز فلا يتسع، فالأمر توقيفي.
قال ابن القيم -رحمه الله-: "ولو ترك المتأوِّلون ألفاظه تجري على دلائلها الكلية وأحكامها العامة وظواهرها المفهومة منها وحقائقها الموضوعة لها؛ ‌لأفادتهم ‌اليقين، وجزموا بمراد المتكلم بها، ولانحسمت بذلك موادُّ أكثر التأويلات الباطلة والتحريفات التي تأباها العقول السليمة، ولما تهيَّأ لكل مبطلٍ أن يَعمِد إلى آيات من القرآن فيُنزِلها على مذهبه الباطل ويتأوَّلها عليه ويجعلها شاهدةً له وهي في التحقيق شاهدة عليه، ولَسَلِمَ القرآن والحديث من الآفات التي جناها عليهما المتأوِّلون وألصقها بهما المحرِّفون، والله المستعان" (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة).
لكنهم في مخالفة لما هو معلوم من اللغة والشرع، وجهة تعامل السلف مع آيات الصفات، فيوجبون التأويل لوهم توهموه، بل زادوا وماروا وباروا، وقالوا: "الْأَخْذ بِظَوَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ أَصُول الْكُفْرِ!" نعوذ بالله من قولهم.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.86 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (3.90%)]