الأدوات التي تجزم فعلين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 391085 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856589 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-11-2022, 06:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي الأدوات التي تجزم فعلين

الأدوات التي تجزم فعلين
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن








من أدوات الجزم للفعل المضارع أدواتٌ تجزم فعلين، وهذا هو القسم الثاني من قسمَي الجوازم[1]، وتُسمَّى هذه الأدوات أدوات الشرط، وسميت بذلك؛ لأنها تفيد تعليق أمر على أمر آخر، كما سنبين إن شاء الله تعالى الآن، وتسمى الجملة التي بدأت بأداة الشرط أسلوب الشرط أو الجملة الشرطية.








إذًا يُمكِننا أن نستخلص من هذا أن الجملة الشرطية، أو أسلوب الشرط يتكوَّن من:



1- أداة الشرط، وهي إحدى الجوازم الثلاثة عشر التي تجزم فعلين، والتي قد تقدم ذكرها، وأداة الشرط هي التي تربط بين جملة الشرط، وجملة جواب الشرط الآتي ذكرهما.








2- جملة الشرط، وهي التي تلي أداةَ الشرط، وتحتوي على فعلٍ مضارع مجزوم، يسمى فعل الشرط، وسمي بذلك؛ لتعليق الحكم عليه، وكونه شرطًا لتحقق الثاني.








3- جملة جواب الشرط وجزائه، وتأتي بعد فعل الشرط، وتحتوي أيضًا على فعل مضارع مجزوم، يسمى جواب الشرط وجزاءه.








ولقد سمي جواب الشرط؛ لأنه مترتِّب على فعل الشرط، كما يترتب الجواب على السؤال.



وسمي جزاء الشرط؛ لأن مضمونه جزاءٌ لمضمون فعل الشرط.








إذًا أسلوب الشرط أو الجملة الشرطية تتكوَّن من أداة الشرط، وجملتين تربط بينهما أداة الشرط؛ ليتبيَّن أن حصول أُولَى هاتينِ الجملتين شرطٌ لحصول ثانيتهما.








ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، فهذه الآية جملةٌ شرطية، وقد تكوَّنت مِن:



1- أداة الشرط (إن)، وقد جزَمت هذه الأداةُ فعلينِ مضارعين، سيأتي ذكرهما الآن إن شاء الله تعالى؛ وكانت (إن) هنا أداة شرط؛ لأنها أفادت تعليق نصر الله سبحانه لهذه الأمة بنصرها له سبحانه بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله.








2- جملة الشرط (تنصروا الله)، وقد وليت أداة الشرط (إن)، وقد احتوت على فعل مضارع مجزوم، هو (تنصروا)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، ويسمى هذا الفعل فعل الشرط؛ لتعليق نصر الله لهذه الأمة عليه، وكونه شرطًا لتحقق ذلك.








3- جملة جواب الشرط وجزائه (ينصركم)، وقد أتَتْ هذه الجملة بعد فعل الشرط (تنصروا)، وهي تحتوي على فعل مضارع مجزوم هو (ينصركم)، وعلامة جزمه السكون، ويسمى هذا الفعل جواب الشرط وجزاءه.








وقد سمي جواب الشرط؛ لأنه مترتِّب على فعل الشرط، كما يترتب الجواب على السؤال، فنصرُ الله لنا مترتِّب على نصرنا له سبحانه.








وسمي جزاء الشرط؛ لأن مضمونه جزاء لمضمون فعل الشرط، فنحن - أمةَ الإسلام - إذا نصَرْنا الله بفعل ما سبق ذكره، جزانا سبحانه بالنصر على الأعداء وتثبيت الأقدام.








وهذه الأدوات - كما سبق ذكرها - ثلاث عشرة أداة؛ هي: إن، ما، مَن، مهما، إِذْما، أي، متى، أيان، أين، أنَّى، حيثما، كيفما، (إِذَا، في الشعر خاصة).








وهذه الأدوات الثلاث عشرة كلُّها تجعل زمنَ الفعل المضارع الذي دخلت عليه للاستقبال، فهي عكس حرفَي الجزم السابق ذكرهما (لم، لما)، فقد ذكرنا أن هذين الحرفين يَقلِبَان زمن الفعل المضارع من الحال أو الاستقبال إلى المضيِّ.



وفيما يلي الكلام على هذه الأدوات بشيء من التفصيل.







الأداة الأولى من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (إِنْ):



(إِنْ) بكسر الهمزة وسكون النون[2]، من أدوات الشرط التي تجزم فعلينِ مضارعين، أحدُهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهي حرفٌ باتفاق النحاة، وهي تفيد تعليق وقوع جواب الشرط على وقوع فعل الشرط، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل، وقد بدأنا بها؛ لأنها أم الباب، فهي أمُّ أدوات الشرط كلها؛ ولذلك كان غيرها من الأدوات مما يجزم فعلين إنما جزمهما لتضمُّنه معناها، فإن قلت مثلًا: مَن يزُرْنِي أكرِمْه، فإن المعنى: إن يزرْني أحدٌ أكرمْه.








ومثال جزم حرف الشرط (إِنْ) فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قولُه تعالى: ﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ﴾ [التوبة: 50]، فـ(إن) هنا حرف شرط جازم يجزم فعلين: الأول فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تصبك)، والثاني: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تسؤهم)، وكلٌّ من هذين الفعلين علامةُ جزمه السكون.








وقد أفاد الحرف (إن) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (تسؤهم) على وقوع فعل الشرط (تصبك)، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل.








ومِن عمل (إِن) الجزمَ أيضًا في فعل الشرط وجوابه: قولُه تعالى: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ [النساء: 133]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ ﴾ [الإسراء: 54]، وقوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 284]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً ﴾ [الشعراء: 4]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾ [آل عمران: 120].












الأداة الثانية من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (إذما):



(إذما) من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهي أداة شرط موضوعة للدلالة على تعليق وقوع جواب الشرط وجزائه على وقوع فعل الشرط، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل، كـ(إِنْ) تمامًا[3]؛ ولذلك كانت حرفًا على الأصح: كـ(إن)[4].








ومثال عمل حرف الشرط (إذما) الجزمَ في فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: "إذما تفعَلْ شرًّا تندم"، فقد جزم حرف الشرط (إذما) هنا فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تفعل)، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تندم)، وكلا الفعلين مجزوم بالسكون، وقد أفاد حرف الشرط (إذما) هنا - كما هو واضح - تعليق وقوع جواب الشرط (تندم) على فعل الشرط (تفعل)، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل[5].







الأداة الثالثة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (مَنْ):



(مَنْ) بفتح الميم، وسكون النون[6]: اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو في الأصل موضوع لمن يعقل[7]، ثم ضمِّن معنى الشرط، فجزَم، وهو مبني على السكون[8].








ومثال عمل اسم الشرط (من) الجزمَ في فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، فقد جزم اسم الشرط (مَن) في هذه الآية فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يتقِ)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الياء)، والكسرة على القاف دليل عليها، والثاني: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (يجعل)، وعلامة جزمه السكون.








وقد أفاد اسم الشرط (مَن) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (يجعل)، على فعل الشرط (يتقِ)، فوجود المخرج والفرج من كل شدة ومشقة شرطُه أن يتقيَ الإنسان ربَّه عز وجل، فمن لم يتق الله، وقع في الشدائد والآصار والأغلال، التي لا يقدر على التخلُّص منها، والخروج من تبعتها.








وقد دلَّ اسم الشرط (مَن) هنا على العاقل؛ إذ إنه يعود على فاعل التقوى، وفاعل التقوى عاقلٌ[9].







الأداة الرابعة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (ما):



(ما): اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو في الأصل موضوع لغير العاقل، ثم ضمِّن معنى الشرط، فجزَم، وهو مبني على السكون.








ومثال عمل اسم الشرط (ما) الجزمَ في فعلين مضارعين، أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قولُ الله تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20]، فقد جزم اسم الشرط (ما) في هذه الآية فعلينِ مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تقدِّموا)، والثاني: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تجدوه)، وعلامة جزم كل من فعل الشرط وجواب الشرط حذفُ النون؛ لأنهما من الأفعال الخمسة.








وقد أفاد اسم الشرط (ما) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (تجدوه) على فعل الشرط (تقدِّموا)، وقد دل اسم الشرط (ما) على غير العاقل؛ لأنه يعود على الشيء المقدَّم من الخير، وهو غير عاقل.








ومثال عمل (ما) الجزمَ أيضًا في فعل الشرط وجواب الشرط: قوله تعالى: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 197]، وقوله عز وجل: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ [البقرة: 106].







الأداة الخامسة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (مهما):



(مهما) اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدُهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو في الأصل موضوع لغير العاقل كـ(ما)، ثم ضمِّن معنى الشرط، فجزَم، وهو أيضًا مبنيٌّ، وبناؤه على السكون.








ومثال عمل اسم الشرط (مهما) الجزمَ في فعلين مضارعين، أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: مهما تُنفِقْ في الخير يُخلِفْه الله، فقد جزم اسم الشرط (مهما) هنا فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تنفِق)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يُخلفه)، وعلامة جزم كل من فعل الشرط (تنفق)، وجواب الشرط (يخلف): السكونُ.








وقد أفاد اسم الشرط (مهما) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (يخلفه) على فعل الشرط (تنفق)، فإخلاف الله لك مترتَّب على إنفاقك.








وقد دلَّ اسم الشرط (مهما) هنا على غير العاقل؛ إذ إنه يدل على الشيء المنفَق في الخير، وهو غير عاقل.








ومثال عمل (مهما) الجزمَ كذلك في فعل الشرط وجواب الشرط: قول زهير بن أبي سُلْمى:



ومهما تكُنْ عند امرئٍ مِن خليقةٍ ♦♦♦ وإن خالَها تَخفَى على الناس تُعلَمِ



يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-11-2022, 06:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأدوات التي تجزم فعلين

الأدوات التي تجزم فعلين
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن






الأداة السادسة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: أي:
أي - بتشديد الياء - اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، و(أي) هو الاسم الوحيد من أسماء الشرط الذي يكون معربًا، وما سواه من الأدوات فهو مبني، وقد سبق التنبيه على هذا، واسم الشرط (أي) هو في الأصل يستعمل بحسب ما يضاف إليه، فهو يستمد معناه مِن المضاف إليه، فإن كان المضاف إليه للعاقل أو لغير العاقل فهو له، وإن كان للزمان أو المكان فهو له:

ومن أمثلة ذلك كله:
1- مثال استعمال اسم الشرط (أي) للعاقل، مع جزمه لفعلين مضارعين: أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: أيُّ امرئ تُصادِفْه تَنصَحْه[10].


2- مثال استعمال اسم الشرط (أي) لغير العاقل، مع جزمه لفعلين مضارعين؛ أحدهما: فعل الشرط، والثاني: جواب الشرط: أي شيء يُؤذِك مرة تحذرْه[11].


3- مثال استعمال اسم الشرط (أي) للزمان، مع جزمه فعلين مضارعين، أحدهما: فعل الشرط، وثانيهما: جواب الشرط: أيَّ وقتٍ تسنح فيه الفرصة تغتنِمْه[12].


4- مثال استعمال اسم الشرط (أي) للمكان، مع جزمه فعلين مضارعين؛ أحدهما: فعل الشرط، وثانيهما: جواب الشرط: أيَّ مكان تجِدْ رزقك فيه تسكُنْه[13].



الأداة السابعة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: متى:
(متى): اسم شرط جازم يجزم فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، واسم الشرط (متى) هو في الأصل ظرف زمان، ثم ضمِّن معنى الشرط، فجزَم، وهو مبني على السكون.


ومثال عمل اسم الشرط (متى) الجزم في فعلين، أولهما: فعل الشرط، والثاني: جواب الشرط وجزاؤه: قول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم في أبيها: "متى يَقُمْ مقامك لا يُسمِعِ الناسَ"[14]، فقد جزم اسم الشرط (متى) هنا فعلينِ مضارعين؛ أحدها فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يقُم)، وعلامة جزمه السكون، والآخر: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يُسمِع)، وعلامة جزمه السكون، وحرِّك بالكسر؛ من أجل التقاء الساكنين: العين من الفعل (يُسمع)، والنون الأولى من (الناس)، واسم الشرط (متى) هنا قد دل على الزمان، كما هو واضح، فالمراد هنا الوقت الذي يقوم فيه أبو بكر رضي الله عنه مقامَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما أنه قد أفاد أيضًا هنا معنى الشرطية، وذلك بتعليق وقوع جواب الشرط (يُسمع) على فعل الشرط (يقُم)، فعدم إسماع أبي بكر رضي الله عنه الناسَ مترتبٌ على قيامه بهم بالصلاة[15].


فائدة: قد تأتي (متى) استفهامية أيضًا، يُستفهم بها عن الزمان: وذلك نحو قول الله تعالى: ﴿ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 214].

الأداة الثامنة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (أيَّان):
(أيان): اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والآخر جواب الشرط وجزاؤه، و(أيَّان) في الأصل موضوعة للدلالة على مطلق الزمان كـ(متى)، ثم ضمِّنت معنى الشرط، فجزَمت، وهي مبنية.


ومثال عمل اسم الشرط (أيَّان) الجزمَ في فعلين مضارعين، هما: فعل الشرط، وجواب الشرط: أيان يكثُرْ فراغ الشباب يكثُرْ فسادهم، فقد جزَم اسم الشرط (أيان) هنا فعلين مضارعين: أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يكثر)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يكثر) أيضًا، وعلامة جزم كل منهما السكون.


وقد دل اسم الشرط (أيان) هنا على الزمان، كما هو ظاهر، فالمراد هنا الوقت والزمان الذي يكثر فيه فراغ الشباب.


كما أنه قد أفاد أيضًا هنا معنى الشرطية، وذلك بتعليق وقوع جواب الشرط (يكثر فسادهم) على فعل الشرط (يكثر فراغ الشباب)، فكثرة فساد الشباب مترتبة على كثرة فراغهم[16].


فائدة: قد وردت (أيان) في عدد من الآيات، ولكنها فيها جميعًا استفهامية، ومِن ذلك قوله سبحانه: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴾ [الأعراف: 187]، فـ(أيان) هنا اسم استفهام بمعنى (متى)، أو (أي حين)، وليست اسم شرط جازمًا.

الأداة التاسعة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (أين):
(أين): اسم شرط جازم يجزم فعلين مضارعين، أحدهما: فعل الشرط، والآخر جواب الشرط وجزاؤه، و(أين) في الأصل موضوعة للدلالة على المكان، فهي ظرف مكان، ثم ضمِّنت معنى الشرط؛ فجزَمت فعلين مضارعين، وهي مبنية على الفتح، ومثال عمل اسم الشرط (أين) الجزمَ في فعلين مضارعين؛ هما: فعل الشرط، وجواب الشرط وجزاؤه: قوله تعالى: ﴿ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 148]، فقد جزم اسم الشرط (أين) في هذه الآية فعلين مضارعين؛ أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تكونوا)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وثانيهما: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (يأتِ)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الياء)، والكسرة قبلها دليل عليها.


وقد دلَّ اسم الشرط (أين) هنا على المكان، كما هو ظاهر، فالمراد هنا عموم المكان الذي تكونون فيه، فإن الله قادر على الإتيان بكم[17].


فائدة: قد ترد (أين) استفهامية كذلك، كما في قوله تعالى: ﴿ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ﴾ [القيامة: 10]، فـ(أين) هنا اسم استفهام، وليست اسم شرط جازمًا؛ ولذلك لم يأتِ بعدها أفعال؛ وإنما أتى بعدها اسم.

الأداة العاشرة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (أنَّى):
(أَنَّى) - بفتح الهمزة والنون المشددة المفتوحة -: اسم شرط جازم يجزم فعلين مضارعين؛ أحدهما: فعل الشرط، وثانيهما: جواب الشرط وجزاؤه، وهي في الأصل موضوعة للدلالة على المكان مثل (أين)، ثم ضمِّنت معنى الشرط، فجزَمت فعلين مضارعين: (فعل الشرط)، و(جواب الشرط وجزاؤه).


ولم تَرِد (أنَّى) شرطية جازمة في القرآن، وإنما وردت استفهامية، وسيأتي التمثيل على ذلك قريبًا إن شاء الله.
وهي - سواء كانت اسم شرط جازمًا، أم اسم استفهام - مبنيةٌ على السكون.


ومثال عملهما الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط وجزاؤه: أنى ينزِلْ ذو العِلم يُكرَمْ، فقد جزَم اسم الشرط (أنَّى) هنا فعلين مضارعين؛ أحدهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (ينزل)، والآخر: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (يكرَم)، وكل مِن فعل الشرط وجواب الشرط علامة جزمه السكون[18].


وقد دل اسم الشرط (أنَّى) هنا على المكان، كما هو ظاهر؛ إذ المراد: في أي مكان ينزل ذو العلم يكرم.


فائدة: ذكرنا قبل قليل أن (أنَّى) لم تَرِد في القرآن شرطيةً جازمة، وإنما وردت استفهامية، وهي حينئذٍ إما أن تكون بمعنى:
(كيف)، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [البقرة: 259].
أو بمعنى (من أين)، ومن ذلك قوله عز وجل: ﴿ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 37].

الأداة الحادية عشرة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (حيثما):
(حيثما): اسم شرط جازم يجزم فعلين مضارعين: أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهي عِبارة عن الظرف المبنيِّ على الضم (حيثُ)، و(ما) الزائدة، فأصلها موضوعة للدلالة على المكان[19] كـ(أين، وأنَّى)، ثم ضمِّنت معنى الشرط، فجزَمت فعلين مضارعين؛ فعل الشرط، وجواب الشرط وجزاؤه.


ومثال عمل (حيثما) الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط: حيثما ينزِلْ مطرٌ يَنْمُ الزرع، فقد جزَم اسم الشرط (حيثما) هنا فعلين مضارعين؛ هما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (ينزِلْ)، وعلامة جزمه السكون، وجواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (يَنْمُ)، وهو هنا مجزوم بحذف حرف العلة (الواو)، والضمة قبلها دليل عليها.


وقد دل اسم الشرط (حيثما) هنا على:
معنى الشرطية؛ إذ إنه قد أفاد تعليق وقوع جواب الشرط (ينم) على فعل الشرط (ينزل)، فنزول المطر شرط لنمو الزرع، ونمو الزرع مترتِّب على نزول المطر.


ودلَّ كذلك على المكان؛ إذ المعنى: في أي مكان ينزل المطر يَنْمُ الزرع.




الأداة الثانية عشرة من الأدوات التي تجزم فعلين مضارعين: (كيفما)[20]:
(كيفما) أصلها موضوعة للدلالة على الحال، ثم ضمِّنت معنى الشرط، فكانت مقتضية فعلين متفقي اللفظ والمعنى، هما: فعل الشرط، وجواب الشرط وجزاؤه؛ نحو: كيفما تجلس أجلس - كيفما تصنع أصنع - كيفما تفعل يفعل صاحبك.


وكون (كيفما) تقتضي فعلين متَّفقِي اللفظ والمعنى هذا أمر متفق عليه بين النحاة، فلا يجوز أن تقول: كيفما تجلس أذهب؛ لاختلاف لفظ الفعلين ومعناهما[21].


ولا: كيفما تنظم العقد أنظم القصيدة؛ لاختلاف معنى الفعلين، وإن اتفق لفظهما.
ولا: كيفما تجلس أقعد؛ لاختلاف لفظ الفعلين، وإن اتفق معناهما.


ثم إنه بعد اتفاق النحاة على أن (كيفما) تقتضي فعلينِ متفقي اللفظ والمعنى، اختلفوا: هل هي جازمة أم لا؟ على قولين:
القول الأول: أنها بمنزلة (إذا) تقتضي شرطًا وجزاءً، ولكنها لا يجوز أن تعمل الجزم فيما يأتي بعدها من أفعال، فتقول: كيفما تجلسُ أجلسُ، بالرفع، وهذا قول سيبويه[22]، وعليه عامة أهل البصرة إلا قطربًا، وعلَّلوا ذلك بعلتين:
1- عدم وجود شاهد للجزم من كلام العرب بعد الفحص الشديد، وإنما ذكروا لها مثالًا بطريق القياس؛ نحو: كيفما تجلس أجلس.


2- مخالفتها لسائر أدوات الشرط الأخرى بوجوب موافقة جوابها لشرطها، كما مر.


القول الثاني: أنها تقتضي فعل شرط وجواب شرط مجزومين[23]؛ سواء:
ألحقَتْها (ما)؛ نحو: كيفما تكن يكن قرينك، وهذا هو قول الكوفيين وقطرب.
أم لم تلحقها؛ نحو: كيف تجلس أجلس.


ولا شك أن الأقرب للصواب من هذين القولين هو قول البصريين؛ وذلك نظرًا لعدم وجود دليل عن العرب يُثبِت عمل (كيفما) الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط، وكما أن الأصل في العبادة التوقيف، فالأصل كذلك في لغة العرب التوقيف.

فائدة: لم تَرِدْ (كيفما) في القرآن الكريم شرطيةً مطلقًا - أي: جازمة أو غير جازمة - وإنما وردت مجرَّدة من (ما)، وفي مواضع كانت دالة على الاستفهام فيها، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [النمل: 69].

الأداة الثالثة عشرة من أدوات الشرط: (إذا):
اسم الشرط (إذا) موضوعٌ في الأصل للدلالة على الزمان المستقبل، ثم ضمِّن معنى الشرط؛ فكان لذلك محتاجًا إلى فعل شرط، وجواب وجزاء لهذا الشرط، كحرف الشرط (إنْ) وأخواته، إلا أن هناك فرقًا بين (إنْ) و(إذا)، وهو:
1- أن (إن) تدخل على ما يُشَك في حصوله، و(إذا) تدخل على ما هو محقَّق الحصول، فإن قلت على سبيل المثال: إن جئتَ أكرمتُك، فأنت شاكٌّ في مجيئه، وإن قلت: إذا جئت أكرمتك، فأنت على يقين مِن مجيئه؛ ولذلك قال الله تعالى في كتابه: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]، ولم يقل: (إِنِ السماء انشقت)؛ ليدل سبحانه على أن انشقاق السماء واقعٌ لا محالة، بخلاف (إن) التي تفيد الظنَّ والتوقُّع.


2- أن (إذا) تجيء وقتًا معلومًا، بخلاف (إن) فإنها مبهمة، ألا ترى أنك لو قلت: آتيك إذا احمرَّ البُسْر، كان حسنًا، ولو قلت: آتيك إِنِ احمرَّ البُسْر، كان قبيحًا؛ لأن (إن) أبدًا مبهمة.


فلما خالفت (إذا) (إن) وأخواتها، فلم تكن للتعليق على الشرط المشكوك في وقوعه، ولم تكن مبهمة، فارقَتْها في حكمها، فلم يجزم بها في السَّعة، وإنما يرفع الفعل المضارع بعدها.


إذًا: اسم الشرط (إذا) لا يعمل الجزم في سَعة الكلام؛ لا في فعل الشرط، ولا في جواب الشرط وجزائه، إلا أن النحاة استثنوا من ذلك:
ضرورة الشعر.
النثر، ولكن بقلة وندرة[24].
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-11-2022, 06:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأدوات التي تجزم فعلين

الأدوات التي تجزم فعلين
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن







أولًا: ضرورة الشعر: مِن عمل (إذا) الجزم في فعل الشرط وجواب الشرط في ضرورة الشعر:
1- قول الشاعر:
استغنِ ما أغناك ربُّك بالغنى ♦♦♦ وإذا تُصِبْك خصاصةٌ فتجمَّلِ[25]


فقد جزَم اسم الشرط (إذا) في هذا البيت فعلينِ؛ أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تُصِبك)، وعلامة جزمه السكون، وثانيهما: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل الأمر (فتجمَّل)، وهو هنا مبني على السكون، في محل جزم، وحرك بالكسر من أجل الرويِّ[26].


2- وقول الآخر:
ترفعُ لي خِنْدِفٌ واللهُ يرفعُ لي ♦♦♦ نارًا إذا خمَدَتْ نيرانُهم تَقِدِ

فقد جزَم اسم الشرط (إذا) في هذا البيت فعلين: أحدهما فعل الشرط، وهو هنا الفعل الماضي (خمدت)، وهو وإن كان فعلًا ماضيًا مبنيًّا على الفتح، إلا أنه هنا في محل جزم بـ(إذا)؛ لأنه فعل الشرط، وثانيهما جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تَقِد)، وعلامة جزمه السكون، وحُرِّك بالكسر من أجل الروي[27].


وقول الثالث:
إذا لم تزَلْ في كلِّ دارٍ عرَفْتها ♦♦♦ لها واكفٌ من دمعِ عينَيْك يَسْجُمِ

فقد جُزِم كلٌّ مِن فعل الشرط (تزل)، وجوابه (يسجم) باسم الشرط (إذا)، وقد قال سيبويه رحمه الله في (الكتاب) 3/ 62 معلقًا على هذا البيت، وعلى عمل (إذا) فيه الجزم: فهذا اضطرارٌ، وهو في الكلام - يعني النثر - خطأٌ؛ اهـ.


ثانيًا: النثر: قد تعمل (إذا) الجزمَ كذلك في النثر، ولكن على قلة وندرة، وقد ذهب إلى ذلك ابنُ مالك رحمه الله، واستشهد عليه بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة، فيما رواه البخاري رحمه الله: ((إذا أخذتُما مضاجِعَكما تُكبِّرا أربعًا وثلاثين))، بجزم جواب الشرط (تُكبِّرا) باسم الشرط (إذا)، ولكن الأصل في (إذا) - كما تقدَّم - أنها لا تعمل الجزم؛ لا في النثر، ولا في الشعر.


ومن شواهد عدم عملها الجزم في الشعر، ورفع فعل الشرط وجواب الشرط بعدها:
1- قول أبي ذؤيب:
والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتَها ♦♦♦ وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنَعُ

2- وقول كعب بن زهير:
وإذا ما تشاءُ تبعثُ منها ♦♦♦ مغرب الشمسِ ناشطًا مذعورَا

3- وقول الآخر:
إذا ما الخبزُ تَأْدِمُهُ بلحمٍ ♦♦♦ فذاك أمانةَ اللهِ الثريدُ

ففي هذه الأبيات الثلاثة: رفع كل من فعل الشرط - وهو فيها على الترتيب: تُرَدُّ، تشاء، تأدمه - وجواب الشرط - وهو فيها على الترتيب: تقنع، تبعث - وذلك على الأصل.


ومن شواهد عدم عملها الجزم في النثر، ورفع فعل الشرط، وجواب الشرط بعدها:
1- قول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ﴾ [المنافقون: 4]، برفع جواب الشرط (تعجبك).


2- وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أسلم العبد، فحسُن إسلامه، يُكفِّرُ الله عنه كل سيئة كان زلفها))، برفع جواب الشرط (يكفر).


3- وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل المؤمن كمَثَل الخامة من الزرع من حيث أتَتْها الريح كَفَأَتْها، فإذا اعتدلت تَكَفَّأُ بالبلاء))، برفع جواب الشرط؛ الفعل المضارع: (تكفَّأ).


فقد أتى جواب الشرط في هذه الأمثلة الثلاثة: (تعجبك، يكفِّر، تكفَّأ) مرفوعًا؛ وذلك لأن الأصل في اسم الشرط (إذا) أنه لا يعمل الجزم.


وأما فعل الشرط في هذه الأمثلة: (رأيتهم، أسلم، اعتدلت)، فلم يظهر عليه الرفع؛ لأنه - كما ترى - أفعالٌ ماضية، والأفعال الماضية - كما تقدم - تكون دائمًا مبنية، ولا يدخلها الإعراب.


وبهذا ينتهي الكلام على أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين، وهذه هي بعض الفوائد التي تتعلق بها:
الفائدة الأولى: (يستفاد مما سبق أن الجوازم التي تجزم فعلين مضارعين تنقسم بحسب معناها إلى ستة أقسام:
1- ما وُضع للدلالة على مجرد تعليق جواب الشرط على فعل، وهو: (إن، وإذما)، فلا معنى لهما غير تعليق الجواب بالشرط.


2- ما وُضع للدلالة على مَن يعقل، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (مَن).


3- ما وضع للدلالة على ما لا يعقل، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (ما، ومهما).


4- ما وضع للدلالة على الزمان، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (متى، وأيان).


5- ما وُضع للدلالة على المكان، ثم ضمِّن معنى الشرط، وهو: (أين، وأنَّى، وحيثما).


6- ما هو متردِّد بين هذه الأقسام الأربعة الأخيرة، وهو: (أي)؛ فإنها تستعمل بحسب ما تضاف إليه، فهي من باب:
1- (مَن) إذا أضيفت لعاقل؛ نحو: أي إنسان يَقُمْ أَقُمْ معه.
2- ومن باب (ما)، وذلك إذا أضيفت لغير العاقل؛ نحو: أي الدواب تركب أركب.
3- ومن باب (متى) - أي: تكون ظرفًا للزمان - وذلك إذا أضيفت إلى زمان؛ نحو: أيَّ يوم تصم أصم.
4- ومن باب (أين) - أي: تكون ظرفًا للمكان - إذا أضيفت إلى مكان؛ نحو: أيَّ مكان تجلس فيه أجلس.

الفائدة الثانية: يستفاد أيضًا مما سبق أن أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين تنقسم من حيث الاسمية والحرفية إلى أربعة أنواع:
1- ما هو حرف بالاتفاق، وهو: (إنْ).


2- ما اختُلف في أنه اسم أو حرف، وأكثر النحاة على أنه حرف، وهو الصحيح، وهو الذي مشى عليه ابن مالك وابن هشام رحمهما الله، وهو: (إذما).


3- ما اختُلف في أنه اسم أو حرف، وأشهر الأقوال أنه اسم، وهو الصحيح، وهو كلمة واحدة؛ هي: (مهما).


4- ما اتُّفق على أنه اسم، وهو الأسماء التسعة الباقية، وهي: (مَن، وما، وأي، ومتى، وأيان، وأين، وأنى، وحيثما، وكيفما).


وأيًّا كانت هذه الأداة - اسمًا كانت أو حرفًا - فهي جازمة لفعلين مضارعين؛ فعل الشرط وجواب الشرط، إلا ما وقع من الخلاف في اسم الشرط (كيفما)، والصحيح - كما تقدَّم - أنه ليس بجازم.

الفائدة الثالثة: ولا يؤثِّر على أدوات الشرط في عملها الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط - دخولُ شيء مما يلي عليها:
1- حروف الجر؛ نحو: على أيِّهم تنزِلْ أنزِلْ - بمَن تَمْرُرْ أمرُرْ به.
ففي المثال الأول دخل حرف الجر (على) على أداة الشرط (أي)، فلم يؤثر في عملها الجزم شيئًا، فقد جزَمت هذه الأداة - كما هو واضح - فعلين مضارعين، هما: (تنزل)، وهو فعل الشرط، و(أنزل)، وهو جواب الشرط.


وكذا نقول في المثال الثاني، فقد دخل حرف الجر (الباء) على اسم الشرط الجازم (مَن)، فلم يغيِّر من عمله شيئًا، فقد جزَم هذا الاسم فعلين مضارعين، هما: (تمرر)، وهو فعل الشرط، و(أمرر)، وهو جواب الشرط.
وعلامة جزم هذه الأفعال الأربعة المذكورة في هذين المثالين (تنزل، أنزل، تمرر، أمرر): السكون.


2- حرف الاستفهام (الهمزة)، فإذا دخل حرف الاستفهام الهمزة على أي أداة شرط لم يؤثِّر شيئًا في عملها الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط، ومثال ذلك: أإنْ تأتني آتك؟ - أمتى تتكلم أسمعك؟ - أمَن يفعل ذلك أزره؟


ففي هذه الأمثلة الثلاثة دخل حرف الاستفهام الهمزة على أدوات الشرط: (إن، متى، من)، فلم يؤثِّر في عملها الجزمَ شيئًا، فجزَمت كلُّ أداة من هذه الأدوات الثلاث فعلينِ مضارعين؛ فعل الشرط، وهو على الترتيب: (تأتني، تتكلم، يفعل)، وجواب الشرط، وهو على الترتيب: (آتك، أسمعك، أزره).


3- وقد تقترن (إن) الشرطية بـ(لا، أو لم) النافيتين؛ نحو قوله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ ﴾ [التوبة: 39]، وقوله عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]، وقوله عز وجل: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴾ [البقرة: 24]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ﴾ [المائدة: 41]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].



الفائدة الرابعة: تنقسم أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين من حيث اتصالها بـ(ما) وعدمه، إلى ثلاثة أقسام[28]:
القسم الأول: ما لا يجزم إلا مع (ما)، وهو: (إذ، وحيث)[29].


القسم الثاني: ما يمتنع دخول (ما) عليه، وهو: (مَن، وما، ومهما، وأنَّى).


القسم الثالث: ما يجوز فيه الأمران: إثبات (ما) وحذفها، وهو الأدوات الباقية، وهي: (أي، ومتى، وإن، وأين)[30]، وكذلك (أيان) على الصحيح[31].


وقد نظم بعض النحاة أدوات الشرط من حيث اتصالها بـ(ما) وعدمه بقوله:
تلزم (ما) في حيثما وإذما
وامتنعت في ما ومَن ومهما

كذاك في أنَّى وفي الباقي أتى
وجهانِ إثباتٌ وحذفٌ ثبتا


وإنما كان اقتران (حيث) بـ(ما) شرطًا في عملها الجزمَ؛ لأنها بغير (ما) تكون ظرفًا يضاف إلى الأفعال والأسماء، فإذا جئت بـ(ما) منعْتَ الإضافة، وجزمَتْ فعلين.


ومثال كون (حيث) ظرفًا مضافًا إلى الأفعال والأسماء عند تجردها من (ما):
أولًا: مثال إضافتها إلى الأفعال: قال تعالى: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، وقال سبحانه: ﴿ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الزمر: 25]، ففي هاتين الآيتين لما لم تتصل (حيث) بـ(ما)، لم تكن جازمة لفعلين[32]، وإنما كانت ظرفًا مضافًا إلى الفعل (يجعل) في الآية الأولى، وإلى الفعل (يشعرون) في الآية الثانية.


ثانيًا: مثال إضافتها إلى الأسماء: المسلمون في الجنة حيث لا تكليف هناك.
ففي هذا المثال لما تجردت حيث عن الاتصال بـ(ما)، أُضيفت إلى اسم، وهو هنا (تكليف)، ولم تعمل الجزم.


[1] أما القسم الأول، فهو الذي يجزم فعلًا واحدًا فقط، وهو الحروف الستة: ثم، لما، ألم، ألما، لام الطلب والدعاء، و(لا) في النهي والدعاء، وقد تقدم الكلام على هذه الأدوات بالتفصيل.

[2] وهذا بخلاف (أَنْ) بفتح الهمزة وسكون النون؛ فإنها - كما تقدم ذكره - تنصب الفعل المضارع، بينما (إن) التي معنا الآن، والتي هي بكسر الهمزة، تجزم فعلين مضارعين، فتأمَّل - أخي طالب العلم رحمك الله - جيدًا كيف أثَّر فتح الهمزة وكسرها في عمل الحرف (أَنْ)، فـ(أن) بفتح الهمزة تنصب الفعل المضارع، و(إِنْ) بكسرها تجزمُ الفعل المضارع، كما أن ذلك يؤثر أيضًا في معنى هذين الحرفين، وبالتالي يؤثر في فهم النصوص الشرعية التي جاءت فيها (أن)، أو (إن)، وذلك أن (إِنْ) بكسر الهمزة معناها الشرط، و(أَنْ) بفتح الهمزة معناها المصدرية، فانتبِهْ يا طالب العلوم الشرعية، واعلم أن أول السلم صعودًا هو علم النحو، وأنه لن يستقيم فهمُك إلا به.

[3] فكل من أداتي الشرط: (إن، وإذما) موضوع للدلالة على مجرد تعليق وقوع جواب الشرط على وقوع فعل الشرط، لا معنى لهما إلا ذلك.

[4] وبقية أدوات الشرط الآتية - إن شاء الله تعالى - كلها أسماء، تضمنت معنى (إن)، ولكن مع الدلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل، على ما سيأتي بيانه بالتفصيل قريبًا، إن شاء الله تعالى.

[5] ومن عمل (إذما) الجزمَ أيضًا في فعل الشرط وجواب الشرط: قول الشاعر:
وإنك إذما تأتِ ما أنت آمرٌ ♦♦♦ به تُلفِ مَن إياه تأمُرُ آتيَا
فـ (إذما) هنا حرف شرط جازم كـ(إن)، وقد جزم هنا فعلين مضارعين، أحدهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تأت)، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تُلْفِ)، وكل مِن هذين الفعلين مجزوم بحذف حرف العلة (الياء)، والكسرة قبلها دليل عليها.

[6] بخلاف (مِنْ) بكسر الميم، وسكون النون، فهي حرف جر.

[7] فإن أردت به غير العاقل، لم يصحَّ.

[8] وكذا باقي أدوات الشرط أيضًا، كلها مبنية، حروفًا كانت أو أسماءً، ما عدا اسم الشرط (أي)، فإنه معربٌ، فيُرفع بالضمة الظاهرة، وينصب بالفتحة الظاهرة، ويجر بالكسرة الظاهرة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

[9] ومن أمثلة جزم (من) الشرطية كذلك فعلين مضارعين من كتاب الله عز وجل: قوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [الطلاق: 11]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8]، وقوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 161].

[10] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا للعاقل، وهو (امرؤ)، وجزم فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تصادفه)، وثانيهما: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تنصحه)، وكلٌّ من فعل الشرط (تصادفه)، وجواب الشرط (تنصحه) مجزومٌ بالسكون.

[11] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا لغير العاقل، وهو الشيء الذي يؤذيك، وجزم فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يؤذك)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الياء)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تحذره)، وعلامة جزمه السكون.

[12] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا للزمان، كما هو ظاهر، وقد جزم فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تسنح)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تغتنمه)، وكل من فعل الشرط وجواب الشرط علامةُ جزمه السكون.

[13] فقد استعمل اسم الشرط (أي) هنا للمكان، كما هو ظاهر، وقد جزم فعلين مضارعين؛ أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تجد)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تسكنه)، وعلامة جزم كل من فعل الشرط وجواب الشرط: السكون.

[14] رواه البخاري (713)، ومسلم (418) (95).

[15] ومثال عمل (متى) الجزمَ كذلك في فعل الشرط وجواب الشرط: قول الحُطَيئة:
متى تأتِهِ تعشو إلى ضوءِ نارِهِ ♦♦♦ تجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ موقِدِ

[16] وقد صدق الشاعر إذ يقول:
إن الشبابَ والفراغَ والجِدَهْ ♦♦♦ مَفسَدةٌ للمرء أيُّ مَفسَدَهْ
ومن أمثلة عمل اسم الشرط (أيان) أيضًا الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط: قول الشاعر:
إذا النعجةُ الأدماءُ بانَتْ بقفرةٍ ♦♦♦ فأيَّانَ ما تعدِلْ به الريحُ تنزلِ
وقول الآخر:
أيان نُؤْمِنْك تأمَنْ غيرَنا وإذا ♦♦♦ لم تُدرِكِ الأمنَ منا لم تزَلْ حَذِرَا
ومثال ذلك أيضًا: أيان تحسُنْ سريرتك تُحمَد سيرتك.

[17] ومثال جزم (أينما) كذلك لفعلين مضارعين؛ أحدهما: فعل الشرط، والآخر جواب الشرط: قوله تعالى: ﴿ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾ [النحل: 76]، وقوله سبحانه: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ ﴾ [النساء: 78].

[18] ومن شواهد عمل (أنى) الجزم في فعلين مضارعين؛ أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قول الشاعر:
خليليَّ أنَّى تأتياني تأتيا ♦♦♦ أخًا غيرَ ما يرضيكما لا يحاولُ
وقول عبيدالله بن الحر:
فأصبحت أنَّى تأتِها تَستَجِر بها ♦♦♦ تَجِدْ حطبًا جزلًا ونارًا تأجَّجَا
وقد يُشكِل هنا في البيت الأول الفعل (تأتياني)؛ حيث إنه قد أتى ثابتَ النون، ولكن نقول في الجواب عن هذا: إن هذه النون ليست هي نون الأفعال الخمسة، فلقد حُذِفت نون الأفعال الخمسة؛ لوجود الجازم (أنَّى)، إذ إن أصل هذا الفعل: تأتيانني، وإنما هذه النون الباقية في الفعل هي نون الوقاية التي يؤتى بها إذا اتصل الفعل بياء المتكلم؛ حتى تقيَه من الكسر المناسب لياء المتكلم، وبالمناسبة، فلقد صنعتُ لنون الوقاية هذه بحثًا مستقلًّا في كتابي: (التوضيحات الوفية)، يسَّر الله طبعه.

[19] وقد تستعمل (حيثما) ظرفًا للزمان في رأي بعضهم، وتتضمن معنى الشرط أيضًا، فتجزم فعلين مضارعين (فعل الشرط وجواب الشرط)، ومن ذلك: قول الشاعر:
حيثما تَستَقِمْ يُقدِّرْ لك اللـ ♦♦♦ ـهُ نجاحًا في غابرِ الأزمانِ

[20] تبِع ابنُ آجروم رأيَ الكوفيين في عده (كيفما) من أدوات الشرط التي تجزم فعلين، وفي هذا خلاف سأبيِّنه قريبًا إن شاء الله تعالى.

[21] قال ابن هشام رحمه الله في (مغني اللبيب) 1/ 299، ولا يجوز: كيف تجلس أذهب، باتفاق؛ اهـ.

[22] قال سيبويه في (الكتاب) 3/ 60: سألت الخليل عن قوله: كيف تصنع أصنع، فقال: هي مستكرهة، وليست من حروف الجزاء، ومخرجُها على الجزاء؛ لأن معناها: على أي حال تكن أكن؛ اهـ.
وقال ابن خروف رحمه الله تعالى معلقًا على قول الخليل: يريد أن العرب لم تجزِمْ بها، وإن دخلها معنى الجزاء؛ اهـ.
والظاهر من صنيع الإمامين الجليلين: ابن معطٍ وابن مالك رحمهما الله تعالى، أنها لا تجزم مطلقًا عندهما؛ فإنهما لم يذكراها في الجوازم، على شهرة الخلاف فيها.

[23] بملاحظة كل من هذين القولين يتضح لك جليًّا أنه لا خلاف في الجزاء بها عند الفريقين، وإنما الخلاف في الجزم بها.

[24] وكثرة النحاة على أنها لا تجزم إلا في ضرورة الشعر خاصة، وأنها لا يقع الجزم بها في النثر أبدًا؛ لعدم وجود ضرورة فيه.

[25] أي: لا تظهر على نفسك المسكنة والذل، ويروى: فتحمَّلِ، بالحاء؛ أي: احتمل، والأول أحسن في المعنى.

[26] وقد علَّل الرملي في شرحه للآجرومية عمل (إذا) الجزم في هذا البيت بأنها حُملت على (متى) الشرطية، وإلا فالأصل أنها غير جازمة.

[27] قال الأعلم: الشاهد في هذا البيت جزم (تقد) على جواب (إذا)؛ لأنه قدرها عاملةً عمل (إن) ضرورةً؛ اهـ.

[28] و(ما) في كل أدوات الشرط التي تلحقها؛ سواء لحقتها وجوبًا أم جوازًا - على ما سيأتي بيانه بالتفصيل إن شاء الله - هي زائدة إعرابًا، فهي حرف لا محل له من الإعراب، وزائدة معنى، وهو التوكيد.

[29] فاتصال كل من (حيث، وإذ) بـ(ما) الزائدة شرطٌ في عملها الجزمَ، فلا يعمل أي منهما الجزم بدون (ما)، فيقال: حيثما، وإذما، ولا يجب اقترانهما بـ(ما) إلا إذا كانتا شرطيتينِ فقط، أما سائر استعمالاتهما الأخرى، فلا يجب اقترانهما فيها بـ(ما).

[30] لم تَرِدْ (أين) في القرآن الكريم شرطيةً جازمةً فعلينِ، إلا مقرونة بـ(ما) الزائدة، وقد تقدم ذكر الأمثلة عليها عند الحديث عنها.

[31] فيجوز دخول (ما) الزائدة للتوكيد على هذه الجوازم وعدمه. وسواء دخلت (ما) على هذه الجوازم أم لم تدخل، فإنه لا يؤثر ذلك في عملها الجزمَ في فعل الشرط وجواب الشرط شيئًا.
تقول على سبيل المثال: إن تأتني آتك. وتقول أيضًا: إما تأتني آتك. وتقول: أين تكن أكن معك.
وتقول كذلك: أينما تكن أكُنْ معك، وتقول: أيان تجتهدْ تنجحْ، وتقول كذلك: أيان ما تجتهدْ تنجحْ.
بإدخال (ما) على أداة الشرط وحذفها، من غير أن يتأثر عمل هذه الأدوات الجزمَ في الفعلين اللذين دخلت عليهما.
ومِن هذا القسم الثالث أيضًا (اسم الشرط) (إذا)، فإنه قد تلحقه (ما) الزائدة للتوكيد، فيقال: إذا ما.

[32] بل رفع الفعل (يجعل) بعدها، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، ورفع كذلك الفعل (يشعرون) بعدها، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، ويلاحظ هنا: أنه لم يأتِ بعدها فعلان، وإنما أتى بعدها فعل واحد فقط؛ وذلك لأنها لَمَّا جردت من (ما) أصبحت خالية من معنى الشرط الذي يستلزم فعلين: فعل الشرط، وجواب الشرط.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 124.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.85 كيلو بايت... تم توفير 2.81 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]