شرح إن وأخواتها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836892 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379405 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191257 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 661 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 947 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1099 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-11-2022, 05:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي شرح إن وأخواتها

شرح إن وأخواتها
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن





الكلام في باب (إن وأخوتها) يشمل المباحث التالية:
المبحث الأول: عملها.
المبحث الثاني: عددها ومعناها.
المبحث الثالث: أنواع اسمها.
المبحث الرابع: أنواع خبرها.
وفيما يلي تفصيل الكلام على هذه المباحث الأربعة:
المبحث الأول: عملها:
لَمَّا فرغ ابن آجروم رحمه الله من الكلام على القسم الأول من نواسخ المبتدأ والخبر - وهو ما يرفع الاسم، وينصب الخبر[2] - أخذ يتكلم على القسم الثاني، وهو ما ينصب الاسم، ويرفع الخبر، وهو (إن) وأخواتها[3].
فـ(إن) وأخواتها تدخل على المبتدأ والخبر، فتنصب المبتدأ ويُسمَّى اسمها، وترفع الخبر؛ بمعنى: أنها تُجدِّد له رفعًا غير الذي كان له قبل دخولها[4]، ويُسمَّى خبَرها[5].
ومثال نصب (إن) المبتدأ اسمًا لها، ورفعها الخبر خبرًا لها: قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 20]، فقد عمِل الحرف الناسخ (إن) في هذه الآية:
النصب في المبتدأ (الله)، وسمي اسم (إن).
والرفع في الخبر (قدير)، وسمي خبر (إن)[6].
وإعراب هذه الآية هكذا:
إن: حرف ناسخ، يفيد التوكيد[7]، وهو ينصب المبتدأ، ويسمى اسمًا له، ويرفع الخبر ويسمى خبرًا له، وهو مبني على الفتح، لا محل له مِن الإعراب[8].
الله: اسم (إن) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة؛ لأنه صحيح الآخر.
قدير: خبر (إن) مرفوع بها، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة؛ لأنه صحيح الآخر.
ولقد أخَّر ابنُ آجرُّوم رحمه الله (إن) وأخواتها في الذِّكر بعد (كان) وأخواتها؛ لأنها أحرف، و(كان) وأخواتها أفعال، والحروف أدنى مرتبةً مِن الأفعال.
وبذلك يتبيَّن لنا أن الفرق بين (كان) وأخواتها، و(إن) وأخواتها من وجهين:
الوجه الأول: مِن جهة العمل، وذلك أنَّ:
(كان) وأخواتها ترفع المبتدأ، وتنصب الخبر؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 17].
بينما (إن) وأخواتها تنصب المبتدأ، وترفع الخبر[9]؛ نحو قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 173].
والوجه الثاني: مِن جهة النوع؛ فإن (كان) وأخواتها أفعال، بينما (إن) وأخواتها أحرف.
المبحث الثاني: بيان عددُ هذه الأحرف ومعناها:
(إن) وأخواتها ستة أحرف، هي[10]:
1- إِنَّ[11].
2- أَنَّ[12].
وهما يُفيدان التوكيد[13]، والتوكيد بهما يدلُّ على أن خبرهما محقَّق عند المتكلِّم[14]، وليس موضع شكٍّ[15]، ومثال دلالة (إن) على معنى التوكيد مع عملها النصب في المبتدأ، والرفع في الخبر، قولُ الله عزَّ وجل: ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ ﴾ [طه: 15][16].
ومثال دلالة (أن) على معنى التوكيد، مع عملها النصب في المبتدأ، والرفع في الخبر: قوله سبحانه: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ﴾ [الجن: 18].
3- لكنَّ، وهي تفيد الاستدراك[17]، والاستدراك هو: اتباع وتعقيب الكلام السابق: بنفي ما يتوهم ثبوته؛ نحو: زيد عالم، فيوهم ذلك أنه صالح لملازمة الصلاح للعلم، فتقول: لكنه فاسق[18]، فتدفع بـ(لكن) توهم أنه صالح.
أو إثبات ما يتوهم نفيه؛ نحو: ليس زيد غنيًّا، فيوهم ذلك أنه ليس بكريم، فتقول: لكنه كريم[19].
4- كأنَّ[20]، وهي تدل على تشبيه المبتدأ بالخبر[21]؛ نحو قول الله عز وجل: ﴿ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ ﴾ [الطور: 24]، وقوله سبحانه: ﴿ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ﴾ [القمر: 7]، وقوله صلى الله عليه وسلم في وصف الملائكة التي تنزل لقبض روح العبد المسلم: ((كأن وجوهَهم الشمسُ)).
5- ليت، وهي للتمني[22]، والتمنِّي هو طلب الشيء المحبوب المستحيل حدوثه[23]؛ نحو قول الشاعر:
ألا ليتَ الشباب يعود يومًا ♦♦♦ فأُخبِرَه بما فَعَلَ المشيبُ[24]
ونحو قول الله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ﴾ [الأنعام: 27]، وقوله سبحانه: ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 73].
أو العسير تحققه؛ كقول مَن يريد الحج وليس لديه مال: ليت لي مالًا فأحجَّ منه؛ فإنَّ حُصول المال ممكن، ولكن فيه عُسر[25].
6- لعل: ذَكَر ابن آجرُّوم رحمه الله في متن الآجرومية للحرف الناسخ (لعل) معنيين؛ هما:
المعنى الأول: الترجي[26]، والترجي هو: طلب الأمر المحبوب، ولا يكون هذا إلا في الممكن الميسور التحقُّق؛ نحو قولك: لعل زيدًا يقدم غدًا، وأنت تعرف أنه قريب المجيء غدًا بإذن الله تعالى، ومن ذلك قولُ الله تعالى: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ﴾ [غافر: 36].
والمعنى الثاني: الإشفاق والتوقُّع[27]، وهو: انتظار وقوع الأمر المكروه في ذاته؛ كقولك: لعل زيدًا هالكٌ، فأنت هنا لا ترجو أن يكون زيد هالكًا، ولكن تتوقع أن يَهلِك[28]، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴾ [الشورى: 17]، فإن الساعة مخوفة في حق المؤمنين، بدليل قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا ﴾ [الشورى: 18][29].
فائدة: تسمى (إن) وأخواتها الأحرف المشبَّهة بالفعل، وقد سميت بذلك لعدة أسباب نذكُر منها:
1- أن أواخرها كلها مفتوحة كالفعل الماضي[30].
2- ولوجود معنى الفعل في كل واحدة منها؛ فإن التشبيه والتوكيد والاستدراك والتمني والترجي هي من معاني الأفعال.
3- ولأنها تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده[31].
وبهذا ينتهي المبحث الثاني من مباحث باب (إن) وأخواتها.
وخلاصة ما مضى أن (إن) وأخواتها ست أدوات، تشترك كلها في أمرين، وتختلف في أمر:
فأما الأمران اللذان تشترك فيهما، فهما:
1- أنها كلها أحرف.
2- أنها كلها تعمل عملًا واحدًا، وهو نصب اسمها ورفع خبرها.
وأما الأمر الذي تختلف فيه، فهو المعنى؛ فإن معناها مختلف[32]، باستثناء اثنين منها معناهما واحد، وهما: (إنَّ، وأنَّ) كما مَضَى.
المبحث الثالث: أنواع اسم (إن) وأخواتها:
ينقَسِم اسم (إن) وأخواتها إلى نفس القسمينِ المذكورين فيما سبق من أبواب مرفوعات الأسماء[33]، فينقسم إلى:
1- اسم ظاهر؛ نحو: الكلمات (الساعة، المساجد، هدى) في قوله تعالى: ﴿ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴾ [الشورى: 17]، وقوله سبحانه: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ﴾ [الجن: 18]، وقوله عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى ﴾ [البقرة: 120].
2- ومُضمر، واسم (إن) وأخواتها المضمر لا يكون إلا ضميرًا متصلًا مِن ضمائر أربعة[34]؛ هي:
1- هاء الغَيبة بأشكالها الخمسة[35]؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 3]، وقوله عز وجل: ﴿ كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 58].
2- كاف المخاطب بأشكالها الخمسة([36])؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ﴾ [الشعراء: 3]، وقوله سبحانه: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].
3- ياء المتكلم؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ ﴾ [النساء: 73]، وقوله سبحانه: ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ ﴾ [القمر: 10].
4- نا الفاعلين[37]؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ ﴾ [الشعراء: 40]، وقوله عز وجل: ﴿ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ﴾ [الأنعام: 27]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾ [فصلت: 5].
فائدة: مما ذكرناه هنا، ومما سبق ذكرُه، يتضح لنا أن الضمير (نا الفاعلين) قد يكون في محل:
1- رفع، وذلك إذا اتصل بفعل ماضٍ، وبني معه على السكون؛ نحو قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقوله عز وجل: ﴿ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص: 58]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا ﴾ [البقرة: 246][38].
2- وقد يكون في محل نصب، وذلك - كما تقدم - إذا اتصل بـ:
حرف ناسخ؛ (إن) أو إحدى أخواتها، وقد تقدمت الأمثلة على ذلك في الصفحة الماضية[39].
أو بفعلٍ مضارع؛ نحو قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286][40].
أو بفعل أمر؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286][41].
أو بفعل ماضٍ مبني على الفتح أو الضم؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ﴾ [المائدة: 19]، وقوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ [الزخرف: 55][42].
3- وقد يكون في محل جر، وذلك إذا اتصل به: حرف جر؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴾ [هود: 91][43]، أو اسم؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾ [البقرة: 246][44].
والخلاصة: أنَّ الضمير (نا) الفاعلين يختلف حكمُه الإعرابي رفعًا ونصبًا وجرًّا، بحسب ما اتصل به.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 25-11-2022 الساعة 12:54 PM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-11-2022, 05:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح إن وأخواتها

شرح إن وأخواتها
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن





المبحث الرابع: أنواع خبر (إن) وأخواتها:

اعلم - رحمك الله - أن أنواع خبر (إن) وأخواتها هي نفس أنواع خبر المبتدأ، وخبر (كان) وأخواتها السابق ذكرهما، فخبر (إن) وأخواتها قد يكون:
1- مفردًا[45]؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 2]، وقوله عز وجل: ﴿ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴾ [الشورى: 17]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴾ [المطففين: 32].
2- وقد يكون خبر (إن) وأخواتها كذلك جملة، وهذا الخبر الجملة قد يكون:
1- جملة اسمية؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الجاثية: 19][46].
2- وقد يكون جملة فعلية؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 26]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 3][47].
3- وقد يكون خبر (إن) وأخواتها أيضًا شبه جملة، وهذا الخبر الشبه جملة قد يكون:
1- جارًّا ومجرورًا؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴾ [المرسلات: 41]، وقوله عز وجل: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ﴾ [الجن: 18][48].
2- وقد يكون ظرفًا؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الصافات: 168]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنَّ مَعَ [49] الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 6][50].
وبهذا ينتهي الحديث عن المبحث الرابع من مباحث باب (إن) وأخواتها، وتلكم هي بعض الفوائد التي تتعلَّق بهذا المبحث:
الفائدة الأولى: متى جاء بعد (إن) أو إحدى أخواتها ظرفٌ أو جار ومجرور، كان هذا الظرف أو الجار والمجرور في محل رفع خبرًا مقدَّمًا لهذا الحرف الناسخ[51]، وكان اسمُ هذا الحرف الناسخ مؤخرًا منصوبًا، فلينتبِه طالبُ العلم في كلامه وكتابته إلى نصبه؛ فإن كثيرًا من إخواننا الخطباء والمؤلفين يُخطِئون فيرفعونه؛ لتوهمهم أنه خبر هذا الحرف الناسخ.
ومما وقع فيه خبر (إن) أو إحدى أخواتها ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا مُقدَّمًا، واسمها مؤخرًا منصوبًا، قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ﴾ [الليل: 13]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ﴾ [المزمل: 12][52].
الفائدة الثانية: ذكرنا - فيما سبق - أن خبرَ (إن) وأخواتها إذا كان جملةً أو شبه جملةٍ فإنه يُعرب إعرابًا محليًّا، فيكون في محل رفع، خبرًا لهذا الحرف الناسخ.
وبذلك يكون قد مر علينا ثلاثة أنواع من الخبر؛ هي:
1- خبر المبتدأ.
2- وخبر (كان) وأخواتها.
3- وخبر (إن) وأخواتها.
فأما خبر المبتدأ وخبر (إن) وأخواتها، فإنهما يكونان في محل رفع[53]، بخلاف خبر (كان) وأخواتها، فإنه يكون في محل نصب[54].
الفائدة الثالثة: هذه الفائدة تتعلَّقُ بحكم توسُّط خبر (كان) وأخواتها و(إن) وأخواتها بينهما وبين اسمهما، أو بعبارة أخرى: حكم تقديم خبر (كان) وأخواتها و(إن) وأخواتها على اسمهما.
اعلم - رحمك الله -: أنه يُفرَّق بين (كان) وأخواتها، و(إن) وأخواتها، فيما يتعلق بتقدم خبرهما على اسمهما؛ وذلك أن:
(كان) وأخواتها يجوزُ تقديم خبرها على اسمها مطلقًا؛ سواء كان خبرها اسمًا مفردًا، أم شبه جملة، فتقول على سبيل المثال: كان قائمًا زيد، وأصله: كان زيد قائمًا، وتقول: كان في البيت عمرو، بدلًا من: كان عمرو في البيت[55].
أما (إن) وأخواتها، ففيها تفصيل، وذلك أنه إذا كان خبرها:
ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا، جاز تقديمه على اسمها[56]؛ مثل أن تقول: إن العزَّ في طاعة الله، فالخبر هو الجار والمجرور (في طاعة الله)، ويجوز لك أن تقدِّمه، فتقول: إن في طاعة الله العزَّ[57].
فإن لم يكنْ خبرها ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا[58]، امتنع تقديم الخبر على الاسم[59]، فتقول: إن عليًّا قادم، ولا يجوز: إن قادم عليًّا[60].
وبهذه الفائدة ينتهي الحديث على باب (إن) وأخواتها، فاللهم كما يسَّرتَ هذا الكتاب في أوله ووسطه فيسِّره في آخره.
----------------------

[1] سُمي هذا الباب باسمها، فهي أمُّ هذا الباب، كما سمي بـ(كان) في باب (كان) وأخواتها، وبـ(ظن) في باب (ظن) وأخواتها، والسبب في تسمية الباب بحرف من أحرفه أو فعل من أفعاله، وجعله أم هذا الباب هو: أن هذا الذي سُمِّي الباب به يختصُّ بخصائص دون نظائره، ولكن لا يتسع المقام في شرح الآجرومية لذكر هذه الخصائص؛ لأن هذا المتن موضوع - كما هو معلوم - للمبتدِئين.
[2] وهو - كما تقدم - باب (كان) وأخواتها.
[3] المراد بأخوات (إن) نظائرها في العمل، فهي أخوات لـ(إن)، لاشتراكها معها في نفس العمل من نصب الاسم، ورفع الخبر، وأخوات (إن) كما سيأتينا في المبحث الثاني، إن شاء الله تعالى: (أن، كأن، لكن، ليت، لعل).
[4] فقد كان الخبر قبل دخول (إن) وأخواتها مرفوعًا بعامل لفظي آخر، هو المبتدأ.
[5] فـ(إن) وأخواتها تعمل عكس عمل (كان) وأخواتها؛ لأن (كان) ترفع الاسم، وتنصب الخبر، كما تقدم، بينما (إن) تنصب الاسم، وترفع الخبر.
فإن قال قائل: أليست (لا) النافية للجنس تعمل عمل (إن) وأخواتها؟ فلماذا لم يذكرها ابن آجروم رحمه الله ضمن باب (إن) وأخواتها - كما فعل بباقي أخوات (إن) التي تعمل عملها - وجعل لها بابًا مستقلًّا يخصها؟
فالجواب: لأن (لا) النافية للجنس يُشتَرط لإعمالها هذا العمل شروطٌ معينة - كما سيأتينا إن شاء الله تعالى بالتفصيل في بابها - بخلاف (إن) وأخواتها؛ فإنها لا يشترط فيها هذه الشروط حتى تعمل هذا العمل.
[6] وبذلك يتبيَّن خطأ بعض المؤذِّنين الذين يقولون في أذانهم: أشهد أن محمدًا رسولَ الله، بنصب (رسول)، فهذا خطأ، والصواب أن يقول: رسولُ، بالرفع، وانظر مزيدًا من البحث في هذه المسألة في كتابنا: (التعليقات الجلية على شرح المقدمة الآجرومية)، صـ 488 - 490، ط دار العقيدة.
[7] سيأتينا في المبحث الثاني إن شاء الله تعالى من مباحث هذا الباب تفصيلُ القول في معاني هذه الأحرف النواسخ.
[8] وكذا يقال في إعراب سائر أخوات (إن) إلا في المعنى؛ فإن معاني هذه الأحرف تختلف من حرف لآخر، كما سيأتينا إن شاء الله تعالى في المبحث الثاني، وإلا فكلها أحرفٌ ناسخة، تنصب المبتدأ اسمًا لها، وترفع الخبر خبرًا لها، وهي كلها كذلك مبنية على الفتح، لا محل لها من الإعراب.
[9] فهي عكس (كان) وأخواتها من جهة العمل.
[10] فهي في العدد ستة فقط(*)، كما أنها لا شروط لعملها النصب في المبتدأ، والرفع في الخبر(**)، ولهذين السببين كان باب (إن) وأخواتها أسهل وأيسر من باب (كان) وأخواتها.
* فهي أقل في العدد من (كان) وأخواتها، فقد تقدم بنا عند الحديث على (كان) وأخواتها أن عددها ثلاثة عشر فعلًا.
** بخلاف (كان) وأخواتها؛ فإن منها خمسة أفعال لا تعمل الرفع في المبتدأ، والنصب في الخبر إلا بشروط، على ما سبَق بيانُه بالتفصيل في باب (كان) وأخواتها
[11] بكسر الهمزة وتشديد النون، بخلاف (إن) بكسر الهمزة، وتخفيف النون، فهذه - كما تقدم - تفيد الشرط، وهي تعمل الجزم في كل من فعل الشرط، وجواب الشرط، وقد بدأ ابن آجروم رحمه الله بالحرف (إن)؛ لأنها أم الباب، كما تقدم.
[12] بفتح الهمزة وتشديد النون، بخلاف (أنْ) بفتح الهمزة وتخفيف النون، فإنها - كما تقدم - تدخل على الفعل المضارع، وتعمل فيه النصب، وبذلك يتضح لنا أن أنواع (أن) التي أوردها ابن آجروم رحمه الله في آجروميته تنقسم إلى:
1 - (إِنْ) بكسر الهمزة، وتخفيف النون، وهذه شرطيةٌ جازمة، تدخل على الفعل المضارع، فتعمل فيه الجزم، وهي - كما تقدم - تجزم فعلين مضارعين، هما: فعل الشرط، وجواب الشرط.
2 - (أَنْ) بفتح الهمزة، وتخفيف النون، وهذه تدخل على الفعل المضارع، فتعمل فيه النصب.
3، 4 - (أَنَّ، وإِنَّ) بتشديد النون مع فتح الهمزة وكسرها، وهذان مختصَّانِ بالدخول على الجملة الاسمية المكونة من المبتدأ والخبر، فيعملان النصب في المبتدأ اسمًا لهما، والرفع في الخبر خبرًا لهما.
[13] أي إن معناهما واحد، والفرق بينهما: أنَّ (إن) بكسر الهمزة تبتدأ بها الجملة، وهي مع اسمها وخبرها كلام تامٌّ، بخلاف (أن) بفتحها؛ فإنها لا بد أن يسبقها كلام، كما أنها تعتبر مع اسمها وخبرها في حكم المفرد؛ كقوله تعالى: ﴿ أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [البقرة: 77]، ولإفادتهما التوكيد يقال فيهما عند إعرابهما: حرف توكيد.
[14] تقول: زيد قائم، ثم تدخل (إن) لتوكيد الخبر وتقريره، فتقول: إن زيدًا قائم، وكذلك (أن).
[15] ومن ثم فقد أجيب بالحرف (إن) القسم، كما يجاب بلام التوكيد، فكما يقال: والله لزيد قائم، يقال: والله إن زيدًا قائم، ومن التوكيد بـ(إن) بعد القسم قوله تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: 1، 2].
[16] فقد دخلت (إن) في هذه الآية لتقرير الخبر - وهو إتيان الساعة - وتوكيده.
ومثال ذلك أيضًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله: ((إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخَصِم)).
[17] ولذلك يقال فيها عند إعرابها: حرفٌ دالٌّ على الاستدراك.
[18] وكأن يقال كذلك: خالد غني، فيوهم ذلك أنه كريم، فتقول: لكنه بخيل.
[19] يلاحظ في هذه الأمثلة الثلاثة السابقة ضرورةُ وقوع (لكن) بين جملتين كاملتين متغايرتين إيجابًا أو سلبًا، بينهما اتصال معنوي؛ بحيث تكون (لكن) في صدر الجملة الثانية منهما، فلا بد أن يسبق الحرف (لكن) كلام حتى يتم الاستدراك، فلا يبتدأ بها من أول الجملة، ومنه قول الله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ﴾ [الأنفال: 17]، وقوله سبحانه: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44]، والشاهد في هذه الآية الأخيرةِ: نفي الله عز وجل الظلم عن نفسه، ثم استدرك سبحانه، وأثبت ظلمَ الناس لأنفسهم.
[20] يُنتبه إلى أن هذه الأحرف الأربعة الأول كلها (إنَّ - أنَّ - لكنَّ - كأنَّ) بتشديد النون.
[21] تشبيهًا مؤكدًا بالاتفاق؛ لأنها في الأصل مركبةٌ من (أن) التوكيدية وكاف التشبيه، فإذا قلت على سبيل المثال: كأن العلم نور، فالأصل: إن العلم نور، ثم إنهم لَمَّا أرادوا الاهتمام بالتشبيه الذي عليه عقَدوا الجملة، قدَّموا الكاف وفتحوا همزة (إن) لمكان الكاف، التي هي حرف جر، وقد صارت وإياها حرفًا واحدًا، يراد به التشبيه المؤكد، ويقال في هذا الحرف عند إعرابه: حرف تشبيه.
[22] ولذلك يقال فيها عند إعرابها: حرف تمنٍّ.
[23] وفي القرآن الكريم جاء لفظ التمني بهذا المعنى، الذي هو طلب الشيء البعيد؛ كما في قوله تعالى: ﴿ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 94، 95]، والخطاب هنا لبني إسرائيل، وهم مطالَبون في هذا الخطاب أن يتمنَّوا شيئًا لا يمكن أن يقع منهم، وهو تمنِّي الموت، ولهذا جاء قوله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا ﴾ كاشفًا عن هذا، ولهذا أيضًا جاء قوله تعالى بعد ذلك: ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾ [البقرة: 96]، جاء مؤكدًا لعدم وقوع هذا الأمر منهم؛ إذ إن الحريصَ على الشيء لا يتمنَّى إفلاته من يده، فكيف إذا كان أشد الناس حرصًا عليه؟!
[24] الشاهد في هذا البيت قولُه: ليت الشباب يعود؛ حيث دلَّت (ليت) على التمني، وهو طلب الشيء المستحيل تحققه، والذي لا طمع في حصوله، وهو هنا في هذا البيت عودةُ الشباب إلى الشيخ العجوز؛ إذ إن ما ينقضي مِن العمر لا يرجع، وقد عمِلَتْ (ليت) في الاسم النصب، وهو قوله: الشباب، وعملت الرفع في خبرها، وهو جملة (يعود).
[25] كما أن (ليت) قد تستعمل كذلك في الأمر الممكن، ولكنه قليل؛ كقولك: ليت محمدًا يذهب، وذهابه أمر ممكن ميسور التحقُّق، ولعلَّ مِن ذلك قولَ النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله: ((ليت رجلًا من أصحابي صالحًا يحرسني الليلة))؛ إذ سمِعنا صوت سلاح، فقال: ((مَن هذا؟))، فقال: أنا سعد بن أبي وقاص، جئتُ لأحرسك، ونام النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل منه أيضًا قولَ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، فيما رواه مسلم رحمه الله: "فليت حظي من أربع ركعات؛ ركعتان متقبلتان"، ومن هذا أيضًا قول أبي فراس الحمداني - وهو أسيرٌ - إلى سيف الدولة:
فليتَكَ تحلو والحياة مريرةٌ
وليتَك ترضى والأنامُ غِضابُ

وليتَ الذي بين وبينك عامرٌ
وبيني وبين العالَمين خرابُ

إذا صحَّ منك الودُّ فالكل هيِّنٌ
وكلُّ الذي فوق الترابِ ترابُ

ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان يقول هذه الأبيات في مناجاة الرب سبحانه، ويقول: "إنها تصلح للخالق، وليس للمخلوق"، والخلاصة الآن أن الحرف (ليت) يكون في تمني الممكن والعسير والمستحيل، ولكنه في الممكن بقلة.
[26] ولذلك يقال فيها عند إعرابها: حرف ترجٍّ، والترجِّي هو أكثر ما تستعمل له (لعل).

[27] ولذلك يقال فيها عند إعرابها: حرف إشفاق وتوقع، وقد جمع أبو حيان رحمه الله في تفسيره (البحر المحيط) بين هذين المعنيين المذكورين للحرف الناسخ (لعل) بقوله: (لعل) للترجي في المحبوب، وللإشفاق في المحذور؛ اهـ.
[28] ومثال ذلك أيضًا أن تقول: لعلَّ الثمر يفسُدُ من شدة الحر، فهنا كذلك أنت لا ترجو أن يفسد الثمر، ولكن تتوقع ذلك، ومن الأمثلة التي جمعتْ بين معنَيَيْ (لعل)، قول الفلاح: لعل المحصول وفير، لكن لعل السعر رخيص.
[29] ومن ذلك أيضًا: قول الله عز وجل: ﴿ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ ﴾ [الأنبياء: 111]، وانظر مزيدًا من معاني (لعل) في كتابنا (التعليقات الجلية) صـ 487، 488.
[30] فالأحرف الستة كلها تُبنى على الفتح، كما أن الفعل الماضي الأصل فيه كذلك أن يبنى على الفتح، كما أن هذه الأحرف كذلك تُشبِه الأفعال من وجه آخر، وهو: أنها إذا اتصل بها ياء المتكلم فإنها تلحقها نون الوقاية، كالأفعال تمامًا، فعلى سبيل المثال: قال الله تعالى: ﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 46]، وقال سبحانه: ﴿ وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 42].
[31] فكما أن الفعل يرفع فاعلًا وينصب مفعولًا، فكذلك (إن) وأخواتها، إلا أنها تجري مَجرى الفعل الذي تقدَّم مفعولُه وتأخَّر فاعله، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ﴾ [البقرة: 124]، وقوله عز وجل: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ ﴾ [الممتحنة: 12].
[32] وذلك لاختلاف ألفاظها، فلكل لفظ معنًى معيَّن يُعرَف به.
[33] كباب الفاعل، وباب نائب الفاعل، وباب المبتدأ، واسم (كان) وأخواتها.
[34] فلا يكون اسم (إن) وأخواتها ضميرًا مستترًا؛ وذلك لسببين:
1 - أن الضمائر المستترة إنما تستتر في الأفعال، و(إن) وأخواتها - كما هو معلوم - أحرف.
2 - أن الضمائر المستترة لا تكون إلا في محل رفع، واسم (إن) وأخواتها هو من منصوبات الأسماء.
ولا يكون اسم (إن) وأخواتها كذلك ضميرًا منفصلًا من الضمائر المنفصلة التي تكون في محل نصب (إياي) وفروعها، وتعليل ذلك واضح، وهو أن هذه الضمائر المنفصلة يسد مسدها، ويؤدي نفس معناها الضمائر المتصلة الأربعة التي سأذكرها الآن إن شاء الله تعالى.
[35] قد تقدم ذكر هذه الأشكال في باب الضمائر.
[36] قد تقدم ذكر هذه الأشكال في باب الضمائر.
[37] أما باقي الضمائر المتصلة، وهي: تاء الفاعل بأشكالها الستة، ونون النسوة، وألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة - فإنها كما سبق أنْ ذَكَرْنا لا تكون إلا في محل رفع دائمًا.
[38] فالضمير (نا) في الآية الأولى في محل رفع فاعل، وفي الآية الثانية في محل رفع اسم (كان)، وفي الآية الثالثة في محل رفع نائب فاعل.
تنبيه: الفعل (كنا) قد يظن الظانُّ أنه مبني على الفتح؛ لأن النون مفتوحة، ولكن نقول: إن هذه النون هي حرف مشدد، فهي عبارة عن نونين: النون الأولى منهما ساكنة، والثانية هي المفتوحة، ولذلك كان هذا الفعل الماضي مبنيًّا على السكون، ولذلك كان الضمير (نا) المتصل به في محل رفع.
[39] ويكون الضمير (نا) في هذه الحالة في محل نصب، اسمًا لهذا الحرف الناسخ.
[40] ويكون الضمير (نا) في هذه الأحوال الثلاثة الأخيرة في محل نصب مفعولًا به.
[41] ويكون الضمير (نا) في هذه الأحوال الثلاثة الأخيرة في محل نصب مفعولًا به.
[42] ويكون الضمير (نا) في هذه الأحوال الثلاثة الأخيرة في محل نصب مفعولًا به.
[43] فيعرب الضمير (نا): ضمير مبني على الفتح، في محل جر اسم مجرور.
[44] ويعرب الضمير (نا): ضمير مبني على الفتح، في محل جر مضاف إليه.
[45] والمراد بالخبر المفرد هنا هو نفس المراد بخبر (كان) وأخواتها المفرد، وخبر المبتدأ المفرد يعني أن المراد بخبر (إن) وأخواتها المفرد ما ليس جملة ولا شبه جملة، وبِناءًَ عليه يدخل فيه المثنَّى والجمع.
[46] ففي هذه الآية وقع خبر (إن) جملة اسمية؛ هي: ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الجاثية: 19]، وإعراب هذه الآية هكذا:
إن: حرف توكيد ناسخ، يدخل على الجملة الاسمية، فينصب المبتدأ اسمًا له، ويرفع الخبر خبرًا له، وهو مبنِيٌّ على الفتح، لا محل له من الإعراب.
الظالمين: اسم (إن) منصوب بها، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم.
بعضهم: مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والهاء ضمير مبني على الضم، في محل جر، مضاف إليه.
أولياء: خبر المبتدأ (بعضهم)، مرفوع بالمبتدأ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
بعض: مضاف إليه مجرور، وعلامة جرِّه الكسرة الظاهرة، والجملة الاسمية المكوَّنة مِن المبتدأ (بعضهم)، والخبر (أولياء) في محل رَفْع خبر (إن).
[47] فقد وقَع خبر (ليت) في الآية الأولى، وخبر (إن) في الآية الثانية جملة فعلية على الترتيب: جملة (يعلمون)، وجملة (كان توابًا)، وإعراب ﴿ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 3] هكذا:
إنه: (إن): حرف توكيد ناسخ يدخل على الجملة الاسمية، فينصب المبتدأ اسمًا له، ويرفع الخبر خبرًا له، وهو مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب.
والهاء: ضمير متصل، مبني على الضم، في محل نصب، اسم (إن).
كان: فعل ماضٍ ناسخ، يرفع المبتدأ اسمًا له، وينصب الخبر خبرًا له، وهو مبني على الفتح؛ لعدم اتصاله بضمير رفع متحرك، ولا واو جماعة، واسم (كان) ضمير مستتر، تقديره (هو).
توابًا: خبر (كان) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
والجملة الفعلية المكونة من الفعل (كان)، مع اسمها الضمير المستتر (هو)، مع خبرها (توابًا) في محل رفع خبر (إن)، ويؤخذ من هذه الآية أنه قد يوجد في الجملة الواحدة أحيانًا أكثر من ناسخ لفظي، ومن ذلك أيضًا قول الله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ﴾ [الذاريات: 16].
ومن أمثلة وقوع خبر (إن) أو إحدى أخواتها جملةً فعلية أيضًا، قول الله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [المائدة: 103]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا ﴾ [آل عمران: 33]، وقوله عز وجل: ﴿ لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1].
[48] ففي هاتين الآيتين وقع خبر الحرفين الناسخين (إنَّ، وأنَّ) شبهَ جملة جارًّا ومجرورًا، وهو على الترتيب: الجار والمجرور (في ظلال) في الآية الأولى، والجار والمجرور (لله) في الآية الثانية.
[49] (مع) يظنُّ كثيرٌ مِن الناس أنها حرف جر، وهذا غير صحيح؛ فإن (مع) اسمٌ، بدليل أنها تُنوَّن؛ كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم - عند الترمذي - للرجل الذي كان يُصلِّي والمؤذن يقيم: ((أصلاتانِ معًا؟))، والتنوين دليلٌ على اسمية الكلمة كما هو معلوم.
و(مع) ظرفٌ لمكان الاجتماع أو زمانه، فالأول نحو قول الله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ ﴾ [النساء: 73]، والثاني نحو: جئتُ مع العصر.
[50] ففي هاتين الآيتين وقع خبر الحرفين الناسخين (أنَّ، وإنَّ) شبه جملة ظرفًا، وهو على الترتيب: (عندنا، ومع).
[51] ولكن لينتبه إلى أن هذا إنما هو إعراب محلي، وإلا فإن الظرف الواقع خبرًا قد يكون منصوبًا لفظًا؛ كأن تقول مثلًا: إن المسجد أمامك، وإن الرحيل غدًا.
[52] فقد وقع خبر (إن) في الآيتين الأوليين جارًّا ومجرورًا مقدمًا على اسمها (لنا، في ذلك)، وهو في محل رفع.
بينما أتى اسمها (للآخرة، ولعبرة) مؤخرًا منصوبًا.
وكذلك في الآية الثالثة، فقد تقدم ظرف المكان (لدى) على اسم (إن) (أنكالًا)، وهذا الظرف منصوب، وعلامة نصبه فتحة مُقدَّرة على الألف، منع من ظهورها التعذُّر، وهو في محل رفع؛ لأنه خبر (إن)، وخبر (إن) - كما هو معلوم - من مرفوعات الأسماء، بينما وقع اسمها (أنكالًا) مؤخرًا منصوبًا.
و(الأنكال): جمع (نِكْل) - بكسر النون - : أي: قيودًا وأثقالًا.
[53] وهذا ظاهر؛ لأن كلًّا من خبر المبتدأ، وخبر «إن» وأخواتها، هما من مرفوعات الأسماء.
[54] وهذا أيضًا ظاهر؛ لأن خبر «كان» وأخواتها من منصوبات الأسماء، كما هو معلوم.
[55] ومثال ذلك في كتاب الله عز وجل قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، فـ﴿ حَقًّا ﴾ هنا خبر (كان) مقدَّم، و(نصر) اسمها مُؤخَّر، ومثال ذلك أيضًا قوله عز وجل: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ [البقرة: 177]، فكلمة (البر) خبر (ليس) مقدَّم جوازًا، على اسمها، الذي هو المصدر المؤول من (أن) والفعل المضارع (تُولُّوا)، والتقدير: ليس البرَّ توليتُكم، ومن ذلك من أشعار العرب قول الشاعر:
سلي - إن جهلتِ - الناسَ عنا وعنهمُ ♦♦♦ فليسَ سواءً عالمٌ وجهولُ
والشاهد في هذا البيت قوله: فليس سواءً عالِمٌ وجَهولُ؛ حيث قدم خبر (ليس)، وهو (سواء)، على اسمها، وهو (عالم)، وذلك جائز.
وقول الآخر:
لا طيبَ للعيشِ ما دامتْ منغصةً ♦♦♦ لذاتُه بادِّكار الموت والهرمِ
والشاهد فيه قولُه: ما دامتْ مُنغَّصةً لذَّاتُه؛ حيث قدم خبر (دام) - وهو قوله: (مُنغَّصة) - على اسمها، وهو قوله: (لذَّاته).
[56] فيتوسَّط خبر (إن) وأخواتها الجار والمجرور والظرف بينها وبين اسمها يعني: يتقدَّم على اسمها، كما سيأتي في الأمثلة، إن شاء الله تعالى.
[57] ومثال ذلك من كتاب الله عز وجل قول الله سبحانه: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ﴾ [المائدة: 22]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25، 26]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ﴾ [المزمل: 12].
[58] فكان مفردًا، أو جملة اسمية، أو جملة فعلية.
[59] ولو قُدِّم لبطل عمل الحرف الناسخ، وفسد الأسلوب.
[60] وإنما جاز تقدم خبر (إن) وأخواتها على اسمها، فيما إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا خاصة؛ لأنه يُتوسَّع في الظرف والجار والمجرور ما لا يُتوسَّع في غيرهما.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 25-11-2022 الساعة 12:50 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 96.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 93.84 كيلو بايت... تم توفير 2.40 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]