|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إغفال الطبيعة الذاتية للنص القرآني د. محمد عبدالفتاح عمار يتمتع النص القرآني بخصوصية تميزه، وتجعله فريدًا متفردًا؛ سواء عن النصوص الدينية الأخرى أو النصوص الأدبية: فالنص القرآني نص فريد بكل المقاييس اللغوية والموضوعية، فمن الناحية اللغوية تتنوع الأساليب داخل النص القرآني دون أن تجري على وتيرة واحدة أو نسق واحد، فلا هو شعر ولا هو نثر، كما أنَّه جمع كل أنواع وأجناس الجمل والاستعارة والصور البلاغية وأساليب الاستفهام والتعجب، ونظمه بصفة عامة ومجازه والتشبيهات الواردة فيه والإعجاز اللغوي للقرآن غير منكور حتى ممن لم يؤمنوا به[1]. ونقصد بالأسلوب بصفة عامة: الطريقة التي ينتهجها المؤلف في اختيار المفردات والتراكيب لكلامه. وهذا هو السر في أنَّ الأساليب مختلفة باختلاف المتكلمين من ناثرين وناظمين مع أنَّ المفردات التي يستخدمها الجميع واحدة، والتراكيب في جملتها واحدة، وقواعد صوغ المفردات وتكوين الجمل واحدة، وهذا هو السر أيضًا في أنَّ القرآن لم يخرج عن معهود العرب في لغتهم العربية من حيث ذوات المفردات والجمل وقوانينها العامة، بل جاء كتابًا عربيًّا جاريًا على مألوف العرب من هذه الناحية، فمن حروفهم تألفت كلماته، ومن كلماتهم ركبت جمله، ومن قواعدهم صيغت مفرداته، وتكونت جمله، وجاء تأليفه، وأحكم نظمه، فكان عربيًّا جاريًا على أساليب العرب وبلاغتهم.. ولكنه أعجزهم بأسلوبه وبيانه، وأعجزهم بمعانيه العظيمة وأحكامه الدقيقة العادلة الصالحة للتطبيق في كل زمان ومكان، فجاء متحديًا البشر جميعهم باختلاف ثقافاتهم ودياناتهم ودرجاتهم العلمية أن يأتوا بمثله. ومن أول خصائص أسلوب القرآن على نحو ما أجمع عليه أهل العلم أنَّه جمع عروضًا على غير قياس، كأنها عريض واحد؛ وهو ميزان الشعر أو الجزء الذي في آخر النصف الأول من البيت، وهو الأمر الذي يجعل قياس النص القرآني على غيره من النصوص أو العكس أمرًا غير مقبول من المنطق العلمي أو وفقًا لقواعد القياس التي لا خلاف عليها، هذا النص المقدس القطعي الثبوت المتعبَّد بكلامه ذابت فيه عروض الكلام حتى أصبحت عريضًا واحدًا غير مسبوق وعصى على التقليد؛ لذا يظل النص القرآني في مكانة عالية وسامية، لا يجاوزه نص من حيث القيمة اللغوية، ولا يضاهيه متن من حيث ما اشتمل عليه من مضمون؛ لذا كان معجزة أعجزت العرب أهل اللغة والبيان والتعبير. الخاصة الثانية: إنه النص الذي تخشع له القلوب، وتنجذب له الأفهام والعقول، وترتوي منه الأفئدة، مهما بلغ بكل منها التفاوت في المشاعر أو الفهم أو الإدراك العقلي، فالجميع يرتوي من فيضه، وينهل من نصحه، ويغنم من أحكامه، كل بقدر طاقته، وحدود شخصه ومكنون قدرته، ومعنى هذا كما يقال إنَّ القرآن الكريم إذا قرأته على العامة أو قرئ عليهم أحسوا جلاله، وذاقوا حلاوته، وفهموا منه على قدر استعدادهم مما يرضي عقولهم وعواطفهم، وكذلك الخاصة إذا قرؤوه أو قرئ عليهم أحسوا جلاله، وذاقوا حلاوته، وفهموا منه أكثر مما يفهم العامة. الخاصة الثالثة: إرضاؤه العقل والعاطفة، ومعنى هذا أنَّ أسلوب القرآن يخاطب العقل والقلب معًا. ولا يستأثر بجانب من جوانب الكيان البشري دون الآخر، بل يخاطب الروح ليُطهِّرها، والجسد ليقيه الفتن والمهالك، ويناقش العقل بالحوار والإقناع والدليل العقلي، ويهدهد العاطفة بصدق المشاعر وحلاوة اللفظ وجمال الأسلوب، فلا يعجز عن فهمه إلا من اختار طريق الضلال، وتشبَّث بأوهام الباطل وكَبَّلَتْه أغلال العبودية للشيطان، والعياذ بالله. الخاصة الرابعة: جودة سبك القرآن وإحكام سرده، وكما يقول البعض ومعنى هذا أنَّ القرآن بلغ من ترابط أجزائه وتماسك كلماته وجمله وآياته وسوره مبلغًا لا يداينه فيه أي كلام آخر مع طول نفسه، وتنوع مقاصده وافتنانه وتلوينه في الموضوع الواحد، وآية ذلك أنك إذا تأملت في القرآن الكريم وجدت منه وحدة واحدة متماسكة مترابطة الأجزاء. الخاصة الخامسة: براعته في تصريف القول وثروته في أفانين الكلام، ومعنى هذا أنَّه يورد المعنى الواحد بألفاظ وبطرق مختلفة بمقدرة فائقة خارقة تنقطع في حلبتها أنفاس الموهوبين من الفصحاء والبلغاء[2]. الخاصة السادسة: جمع القرآن بين الإجمال والبيان مع أنهما غايتان متقابلتان، لا يجتمعان في كلام واحد للناس، بل كلامهم إما مجمل وإما مبين. والقرآن في ذلك راعى مواضع الخطاب وأهدافه وتدرَّج بين مستويات الخطاب وفقًا لقدرات العقل البشري، وإدراك الأفئدة، فمن الناس من يفهم ويدرك ويعي من مجمل القول، ومنهم من يحتاج الى تفصيل وتطويل حتى يدرك جوانب المضمون وأركان الموضوع، وليس التنوُّع أيضًا راجعًا للمتلقي فقط، وإنما أيضًا لتنوُّع طبيعة موضوعات الخطاب القرآني، فمنها ما يفي به المجمل من القول، ومنها ما يحتاج إلى تفصيل، والإعجاز القرآني يكمن في أنه في جميع الأحوال، سواء الإجمال أو البيان، وفي الإيجاز أو الإطالة، لا تجد عيبًا ولا نقصًا ولا اعوجاجًا في المفهوم، بل بلاغة التعبير ودقته ورصانته، ولا يستعاض فيه بلفظ عن لفظ، ولا يقبل إضافة لفظ أو حذف لفظ إلا وتغيَّر المعنى واختلَّ التوازن، فالقرآن جمع بين غايات الإجمال والبيان على نحو معجز، يتعالى على قدرة البشر أن يؤتوا بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا. الخاصة السابعة: قصد القرآن في اللفظ مع وفائه بالمعنى، ومعنى هذا أنَّك في كل من جمل القرآن تجد بيانًا قاصدًا مقدرًا على حاجة النفوس البشرية من الهداية الإلهية دون أن يزيد اللفظ على المعنى، أو يقصر عن الوفاء بحاجات الخلق من هداية الخالق، ومع هذا القصد اللفظي البريء من الإسراف والتقتير تجده قد جلَّى لك المعنى في صورة كاملة. والحقيقة أنَّه حين سماع القرآن الكريم، لا يمكن تصنيفه في نثر أو شعر، رغم أنَّ أي نص مقروء أو مكتوب في اللغة العربية ينتمي إلى أحدهما، فإننا عند تلاوته والتأمل في لغته نجد أنفسنا أمام جنس أدبي متفرد، في أشكاله البلاغية وأدواته الفنية التصويرية، وبهذا المعنى يقول الماوردي: "يصنف الكلام- عمومًا- في ثلاث مراتب: إما منثور يدخل في قدرة الخلق، وإما شعر وهو أعلى منه بقدر يقدر عليه فريق، ويعجز عنه آخر، وقرآن هو أعلى من جميعهما، وأفضل من سائرهما، تتجاوز رتبته النوعين لخروجه عن قدرة الفريقين"[3]. فالقرآن بجنسه اللغوي الفريد أحدث طفرة مهمة في اللغة العربية؛ إذ نقلها من المرحلة اللهجية الجاهلية إلى لغة منظمة فنيًّا[4]. وأمَّا قول المستشرقين أن لغة القرآن تشبه لغة الكهان والمنجمين وأسلوبهم، فقد أكد ألَدُّ أعداء الإسلام والمسلمين، أنَّه عارٍ عن ذلك، حيث قال المغيرة في ذلك: "...لا والله، ما هو بكاهن، لقد رأينا الكُهَّان فما هو بزمزمة الكهان ولا سجعه...فقالوا: نقول ساحر، قال: ما هو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم..."[5]. وهذا ما قال به بعض المستشرقين الذين لديهم قدر من الإنصاف والموضوعية، وقد أكدت المستشرقة الإيطالية "لورا فيشيا" ذلك بالقول: "إنَّ معجزة الإسلام العظمى هي القرآن، الذي تنقل إلينا الرواية الراسخة غير المنقطعة، من خلاله، أنباء تتصف بيقين مطلق، أنَّه كتاب لا سبيل إلى محاكاته. إن كلًّا من تعبيراته شامل جامع، ومع ذلك فهو ذو حجم مناسب، ليس بالطويل أكثر مِمَّا ينبغي، وليس بالقصير أكثر مما ينبغي. أمَّا أسلوبه فأصيل فريد. وليس ثمة أي نمط لهذا الأسلوب في الأدب العربي، الذي تحَدَّر إلينا من العصور التي سبقته. والأثر الذي يحدثه في النفس البشرية إنما يتم من غير أيما عون عرضي أو إضافي من خلال سموه السليقيّ. إنَّ آياته كلها على مستوى واحد من البلاغة، حتى عندما تعالج موضوعات لا بُدَّ أن تؤثر في نفسها وجرسها كموضوع الوصايا والنواهي وما إليها. إنَّه يكرر قصص الأنبياء -عليهم السلام- وأوصاف بدء العالم ونهايته، وصفات الله وتفسيرها، ولكن يكررها على نحو مثير إلى درجة لا تضعف من إثرها. وهو ينتقل من موضوع إلى موضوع من غير أن يفقد قوته. إننا نقع هنا على العمق والعذوبة معًا - وهما صفتان لا تجتمعان عادة - حيث تجد كل صورة بلاغية تطبيقًا كاملًا، فكيف يمكن أن يكون هذا الكتاب المعجز من عمل محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو العربي الأميُّ؟"[6]. ومِمَّن دافعوا عن لغة القرآن الكريم المستشرق الكبير جوستاف لوبون[7] صاحب الكتاب الأشهر (حضارة العرب)، الذي تناول فيه مظاهر الحضارة الإسلامية وعبقريتها وإسهاماتها في مختلف الفنون والعلوم والمعارف، بإنصافٍ غير قليل، يستحق أن يُذكَر له بتقدير وعرفان. وفي كتابه هذا أنصف لوبون اللغة العربية إنصافًا كبيرًا، وبيَّن سعتها وثراءها، وأشار إلى تأثيرها في غيرها من اللغات، الشرقية والغربية على السواء. فأوضح لوبون أنَّ: "اللغة العربية من أكثر اللغات انسجامًا"، وأنَّها وإنْ كانت مختلفة اللهجات في سورية وجزيرة العرب ومصر والجزائر وغيرها، فإنَّ "هذا الاختلاف لم يكن في غير الأشكال؛ فترى المراكشي يفهم بسهولة لهجة المصريين، أو لهجة سكان جزيرة العرب مثلًا؛ مع أن سكان القرى الشمالية الفرنسية لا يفهمون كلمة من لهجات سكان القرى الجنوبية في فرنسا." وأورد لوبون ما قاله الرحالة بُرْكُهارد، والذي وصفه لوبون بأنه "يُعد حُجةً في هذا الموضوع"؛ إذ يقول بركهارد: "تجد اختلافًا كبيرًا، لا ريب، في لهجات اللغة العربية العامية أكثر مِمَّا في أية لغة أخرى على ما يحتمل؛ ولكنه لا يصعب عليك أن تفهمها جميعًا إذا ما تعلمت إحداها، وذلك على الرغم من اتساع البلدان التي يتكلم أهلها بها. وقد يكون لاختلاف طبيعة البلدان تأثيرٌ في اختلاف تلك اللهجات، التي هي عذْبةٌ في أودية مصر والعراق، وجافةٌ في سورية وجبال بلاد البربر. وأعظم فرق، كما أعلم، هو ما بين لهجة المغاربة في مراكش ولهجة الأعراب بالقرب من مكة في الحجاز؛ ولكن هذا الفرق بين اللهجتين لا يزيد على اختلاف لهجة فلاحي سوآب (جنوب ألمانيا) عن لهجة فلاحي سكسونية (شمال ألمانيا)." ويؤكد بعض الباحثين أنَّ هذه العربية الفصيحة لها تراث هائل في الدرس اللغوي، لا نعرف له مثيلًا في اللغات الأخرى بدليل أنَّه منذ القرن الثاني الهجري بدأ تهافت العلماء واهتمامهم بدراستها والجوانب التي تتصل بها من معجم وصرف ونحو وأصوات، وهذا التراث اللغوي مرتبطٌ بمرجعية العلوم الإسلامية، مكتفٍ بذاته، مستمد من النظرة الإسلامية للكون والحياة والدين، يتبنى ثقافتها، ويرتبط بمفاهيمها؛ لذلك فالمحاولة التي يحاول أنصار الحداثة من خلالها استحداث مناهج لغوية ونقدية نشأت في مرجعية غير دينية، مستمدة من أفكار وثقافات البيئة التي نشأت بها، ومحاولة تفسير النص القرآني وفقًا لهذه المناهج اللغوية أو النقدية ( كالهرمونطيقية ونظرية التاريخانية ونظرية موت المؤلف، والبنيوية، والتفكيكية وغيرها) إنما هي محاولة لإلغاء قداسة النص القرآني الذي تكفل الله بحفظه رغم كيد الكائدين وعبث هؤلاء المتفلسفين. أو هي في القليل محاولة لإلغاء ذلك التراث اللغوي، وتدجينه بما يناسب النظام المستحدث المسقط على اللغة العربية، وهو ما لم ولن ينجح أو يستمر لفقدانه خصائص الحياة والاستمرار[8]. ومن جهة أخرى فهل اللغة العربية البسيطة غير المعقدة التي لها مناهجها الخاصة التي يسرت فهمها وعمقت من قيمتها تحتاج إلى كل هذه المناهج المتناقضة والمتعارضة لاستخراج حقيقة المضامين والدلالات اللغوية؟ إنَّ هذه المناهج وبحق نوع من العبث الفارغ، ونزوة أطاحت برءوس الحداثيين العرب. فالقرآن بلغته العربية لا يحتاج إلى هذه المناهج الغامضة والأفكار الشاذة، وصدق الإمام السيوطي حينما قال-رحمه الله-: "وإنَّ كتابنا القرآن لهو مُفجِّر العلوم ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، أودع فيه سبحانه وتعالى علم كل شيء، وأبان فيه كل هدى وغي، فترى كل ذي فن منه يستمد وعليه يعتمد". وقال الإمام الشاطبي- رحمه الله- في الموافقات: "إنَّ كتاب الله قد تقرر أنَّ كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، وأنَّه لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه، وهذا لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنَّه معلوم من دين الأمة". وقال أيضًا: " كل معنى مستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي فليس من علوم القرآن في شيء، لا مِمَّا يستفاد منه ولا به، ومَنْ ادَّعى فيه ذلك فهو في دعواه مبطل"[9]، وقال الإمام الشافعي: "إنَّما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها"، وقال الشاطبي أيضًا: "لا بد من فهم الشريعة من اتباع معهود الأميين، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، فإذا كان العرب في لسانهم عرف مستمر، فلا يصح العدول عنه في فهم الشريعة"[10]. والخلاصة أن هذه الطبيعة الذاتية للنص القرآني تجعله يعلو ويسمو على هذه الأفكار والمناهج المشوهة التي وضُع بعضها لقراءة نصوص التوراة والإنجيل، وهي نصوص تختلف تمامًا عن النص القرآني بلغته العربية وخصائصه الذاتية شكلًا ومضمونًا، وهو النص الذي يسمو عن أي محاكاة أو حتى تقليد ولو من بعيد، أو تشابه مع نص بشري من أي نوع، وكذلك الحال بالنسبة لتلك المناهج التي ولدت أصلًا لقراءة الأعمال الأدبية بصنوفها المختلفة، فتظل بعيدة عن تفسير النص القرآني لطبيعة هذا النص وذاتيته، فهو نص بالغ السمو والتفرُّد كما سلف بيانه، وهو مقدس بطبيعته، وتضَمَّن أحكامًا قاطعة لا اجتهاد فيها؛ كالحدود، إلى جانب قواعد كلية قابلة للتطبيق المرن وعلى مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية في مجملها ومقاصدها؛ كقواعد الشورى والعدل والمساواة فيما يتعلق بنظم الحكم، إضافة إلى نصوص توجيهية تربوية تكفل سلامة الدنيا والفوز بالآخرة، أما النصوص الأدبية فوضعت ليفهم المتلقي أو القارئ ما يفهمه، فتتعَدَّد الرؤى، ويكثر الجدل، وهو ما لا علاقة له بالدين ولا بشرع الله الحاكم؛ ومن ثم فإن الغاية من تأويل النصوص وقد اختلفت إلى جانب الاختلاف بين سمات وطبيعة هذه النصوص، فلا مجال لنقل مناهج التأويل من حيز إلى آخر، وليس من عاقل يسلم بأن يقرأ كلام الله ويفهم وفق منهج وضع لفهم أقوال البشر وأعمالهم النصية التي لا كمال يلحقها ولا إعجاز يسمو بها بل تظل عملًا بشريًّا منقوصًا في شتى جوانبه، خاضع للتعديل والتبديل، وهو ما تعالى عنه النص القرآني كلام الخالق المعجز المتسم بالكمال المطلق، الملزمة أحكامه، المتعبد بتلاوته. ================================= [1] جاء ذلك في كتب السيرة والسنة، فمن ذلك ما رواه الحاكم، وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه، فقال: يا عم، إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالًا! قال: لم؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمدًا تتعرض لما قِبَلَه، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالًا، قال: فقل فيه قولًا يبلغ قومك أنك منكر له، أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟! فوالله، ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن مني، والله، ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، والله، إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه! قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر، قال: (هذا سحر يؤثر) يأثره عن غيره، فنزلت: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴾ [المدثر: 11]. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. [2] الماوردي، أعلام النبوة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1973، ص68 وما بعدها. [3] الماوردي، أعلام النبوة، المرجع السابق، ص 69. [4] مالك بن نبي، الظاهرة القرآنية، دار الفكر، دمشق، الطبعة الرابعة، 2000، ص 184. [5] أنس الصنهاجي، القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية الفرنسية - مناولة بلاشير أنموذجًا، المرجع السابق، ص25. [6] لورا فيشا فاغليري، دفاعًا عن الإسلام، ترجمة: منير البعلبكي، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، بيروت، 1981، ص 56. وانظر أيضًا جون وانتبورت: "بقدر ما نرى صفة محمد صلى الله عليه وسلم الحقيقية بعين البصيرة والتروي في المصادر التاريخية الصحيحة، بقدر ما نرى من ضعف البرهان، وسقوط الأدلة لتأييدِ أقوال الهجوم الشديد، والطعن القبيح الذي اندفن على رأسه، وانهار عليه من أفواه المُغرِضين، والذين جهلوا حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم ومكانته، ذلك الرجل العظيم عند كلِّ مَن درس صفاته العظيمة، كيف لا وقد جاء بشرع لا يسعنا أن نتهمه فيه؟"؛ (محمد والقرآن). راجع موقع الألوكة بتاريخ 20/1/2019. [7] غوستاف لوبون 7)مايو 1841 - 13 ديسمبر (1931 طبيب ومؤرخ فرنسي، عمل في أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا. كتب في علم الآثار وعلم الأنثروبولوجيا، وعني بالحضارة الشرقية، من أشهر كتبه: حضارة العرب وحضارات الهند و"باريس 1884"، و"الحضارة المصرية"، و"حضارة العرب في الأندلس"، و"سر تقدم الأمم"، و"روح الاجتماع" الذي كان إنجازه الأول. هو أحد أشهر فلاسفة الغرب، وأحد الذين امتدحوا الأمة العربية والحضارة الإسلامية. لم يسر غوستاف لوبون على نهج معظم مؤرخي أوروبا، حيث اعتقد بوجود فضلٍ للحضارة الإسلامية على العالم الغربي. [8] انظر: التجديد في التفسير في العصر الحديث: مفهومه وضوابطه واتجاهاته، دلال بنت كوبران بن هويمل البقيلي السلمي، مرجع سابق، ص 247. [9] الإمام الشاطبي، الموافقات، الجزء الرابع، ص224 وما بعدها. [10] راجع: الوحي القرآني في منظور القراءة الحداثية، مرجع سابق، ص 180 وما بعدها.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |