تواليف مالكية مهمة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 774 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 128 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 90 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-01-2023, 06:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة


شهاب الدين الإدريسي



تواليف مالكية مهمة 1 :الموطأ






الموطأ​
كتاب الموطأ عمدة مذهب مالك وأساسه، توخى فيه الإمام مالك القوي من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم، وبوبه على أبواب الفقه فأحسن ترتيبه وتبويبه، فكان كتابا حديثيا فقهيا جمع بين الأصل والفرع، ويُروى في سبب تأليفه أن المنصور لما حجّ اجتمع بالإمام مالك، وسمع منه الحديث والفقه وأُعجب به، فطلب منه أن يدون في كتابٍ ما ثبت عنده صحيحـًا عن رسول الله من مسائل العلم، وطلب أن يوطئه للناس، فاستجاب الإمام مالك لطلب المنصور، وصنف كتابه العظيم الموطأ.

ويعتبر كتاب الموطأ أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى منذ ألفه الإمام مالك إلى أن صنف الإمام البخاري صحيحه الذي أجمعت الأمة على تقديمه، قال الإمام الشافعي ـ وهو من أخص تلاميذ إمامنا مالك ـ : «مافي الأرض كتاب في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك».

ويكتسب الموطأ قيمته من مكانة مصنفه الإمام مالك في الحديث والفقه، وجودة انتقائه، وشدة تحريه ونقده للرجال، ويمكن القول أن تأليف الموطأ كان نِتاجاً لعُمر طويل قضاه الإمام مالك في التربية والتعلُّم والتعليم، مع إخلاص العمل وصدق الطلب، مما جعل طلبة العلم يضربون أكباد الإبل من شتى البلاد نحو المدينة النبوية للتلقي عن الإمام مالك وسماع الموطأ منه، لقد لقي الموطأ قبولا عظيما حتى إن الخليفة هارون الرشيد لما حجّ قدم إلى مالك وسمع الموطأ منه، ورَغب أن يعلِّقه في الكعبة، ويحمل الأمة كافة على العمل بما جاء به، فأجابه الإمام مالك رحمه الله: لا تفعل يا أمير المؤمنين؛ فإن أصحاب رسول الله اختلفوا في الفروع، وتفرقوا في البلاد، وكلٌّ مصيب، وأنا جمعت من حديث أهل المدينة ما جمعت، ما كان لله فسيبدو، فعدل الرشيد عن ذلك.

وجملة ما في الموطأ من الأحاديث عن النبي والآثار عن الصحابة والتابعين ـ على ما قاله أبو بكر الأبهري ـ ألف وسبعمائة حديث وعشرون حديثـًا، المسند منها: ستمائة حديث، والمرسل: مائتان واثنان وعشرون حديثـًا، والموقوف: ستمائة وثلاثة عشر حديثـًا، ومن قول التابعين: مائتان وخمسة وثمانون حديثـًا.

وبعض العلماء يَعُدّ أحاديث الموطأ أكثر، وبعضهم يعدها أقل، والسبب في ذلك أن رواة الموطأ عن الإمام مالك كثيرون، ويوجد عند بعضهم ما لا يوجد عند الآخر، وأشهر روايات الموطأ وأكثرها تداولا رواية يحيى بن يحيى الليثي تلميذ مالك وعاقل الأندلس، وإذا أطلق في عصرنا موطأ الإمام مالك فإنما ينصرف لرِوَايته، وهي معتمد المغاربة، وعليها عوّل الحافظ ابن عبدالبر في شرحيه العظيمين للموطأ التمهيد والاستذكار.

وقد طبع الموطأ بعدد من الروايات منها رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي، ورواية محمد بن مسلمة القعنبي، ورواية سويد بن سعيد الحدثاني، ورواية زياد، أما رواية يحيى بن يحيى فطبعاتها كثيرة أشهرها طبعة محمد فؤاد عبدالباقي وأجودها طبعة الدكتور بشار عواد معروف وطبعة الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، ويتوقع أن تصدر طبعة مغربية محققة متقنة بأمر ملكي في المستقبل القريب عن المجلس العلمي الأعلى.


------------------------------------------------------------------------
مصادر ترجمته:

- جماع العلم للشافعي(242)
-الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء (36ـ114)
- ترتيب المدارك(1 /107 ـ192)، (2/13ـ69)

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31-01-2023, 03:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة 2: المدونة الكبرى


شهاب الدين الإدريسي

المدونة الكبرى
لسحنون بن سعيد بن حبيب أبو محمد التنوخي (240هـ).

يعد كتاب المدونة الكبرى ثاني أمهات المصادر في الفقه المالكي بعد كتاب الموطأ، والمدونة ـ ويطلق عليها أيضا الأم والكتاب ـ أصل المالكيين المقدم على غيره من الدواوين، وأفيَدها بعد الأصل الأول، وكل ما جاء بعدها من مصنفات المذهب عيال عليها. وعليها كان الاعتماد في الأحكام والفتوى والقضاء، وهي في أصلها سماعات ابن القاسم (191هـ) من شيخه الإمام مالك (179هـ)، أجاب بها عن أسئلة سحنون (240هـ) لما رحل إليه من القيروان لتصحيح رواية أسد بن الفرات(ت213هـ) التي رواها بدوره عن ابن القاسم، فقام هذا الأخير بالتصحيح ، ثم قام سحنون بتهذيبها، وتبويبها، وتدوينها وأضاف إليها اجتهادات كبار فقهاء المذهب، وذيّل أبوابها بالأحاديث والآثار إلا كتبا بقيت على أصل اختلاطها، فلذلك تدعى أيضا المختلطة

ويذكر القاضي عياض عن بعضهم أن المدونة ضمت 36 ألف مسألة، وأضاف ابن فرحون إلى هذا العدد مائتا مسألة، قال: منها أربعة ممحوة. ومجموع هذه المسائل مُوَزّع على مختلف أبواب الفقه المعروفة: الطهارة والصلاة، والزكاة، والصيام،والحج، والجهاد، والصيد، والذبائح، والنذور، والنكاح وما يتعلق به ويستتبعه، والعتق والمكاتب والتدبير، والولاء والمواريث، والصرف، والسلم، والبيوع وما يدخل تحتها ويتعلق بها، والصلح، وتضمين الصناع، والجعل، والإجارة، والكراء، والرهن، والغصب، والاستحقاق، والشفعة، والقسمة، والوصايا، والهبات، والحبس، والصدقة، والوديعة، والعارية، واللقطة والضوال والآبق، وحريم الآبار، والحدود والعقوبات والجنايات المختلفة، والديات.

فكل ما تمَّ النص عليه يشكل كتابا أو أكثر من كتاب في المدونة، بسطت فيه مسائله في أبواب، وعلى هذا كان ترتيبها، وغالبا ما يبتدئ كل باب بلفظ «قلت» الذي يدل على سؤال سحنون، ويكون بداية الجواب بلفظ «قال» الذي يدل على جواب ابن القاسم، ويتكرر هذا في المسألة الواحدة بحسب ما تقتضيه فروعها، وبُيِّنت روايات بقية الفقهاء وأقوالهم بذكر أسمائهم كما هو الشأن بالنسبة لابن وهب وأشهب.

ولما كانت المدونة بالمنزلة التي ذُكرت فإنها حظيت بما لم يحظ به - بعد الموطأ - أصل من أصول المذهب، بل إن غالب تلك الأصول قامت على أصل المدونة، ويكفي للدلالة على هذا قول القاضي عياض في مداركه: «وهي أصل المذهب المرجح روايتها على غيرها، عند المغاربة، وإياها اختصر مختصروهم وشرح شارحوهم ، وبها مناظرتهم ومذاكرتهم». فالنقل عنها متواتر ومنتشر، والشرح لها وتهذيبها والتعليق والتقييد عليها والتنبيه على مسائلها موجود متوافر. وبلغت عناية العلماء بالمدونة إلى درجة حفظها، فقد حفظها أبو حفص عمر البجائي المغربي المالكي، والإمام هارون بن عتاب الشذوني الغافقي الأندلسي، حفظها حفظا بارعا، وحفظها أحمد المرجولي عن ظهر قلب، مع استحضاره شروحها.

قال سحنون: إنما المدونة من العلم بمنزلة أم القرآن.
وقال ابن أبي زيد القيرواني: من حفظ المدونة والمستخرجة لم تبق عليه مسألة.

من طبعات الكتاب طبعة دار الفكر ومعها مقدمات ابن رشد ، وطبعة دار صادر، وهي ما تزال بحاجة إلى تحقيق.

-------------------------------------------
مصادر الترجمة:
المدارك 4/45-88،
طبقات الفقهاء ص147،
الديباج 2/29-37.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-02-2023, 11:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة 3 : الرسالة الفقهية


شهاب الدين الإدريسي

التحميل
لا اله الا الله

يعد كتاب «الرسالة الفقهية» للشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني الملقب بمالك الصغير (ت386 هـ)، من أشهر وأنفس ذخائر التراث المالكي، بل المصدر الثالث في المذهب بعد الموطأ والمدونة ، والكتيب على صغر حجمه واختصاره، حوى بين دفتيه أربعة آلاف مسألة، يجب على المكلف معرفتها ولا يسعه جهلها.

أفصح المؤلف في المقدمة عن موضوع رسالته وأنه ألفها تلبية لطلب سائل فقال : فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانات مما تنطق به الألسنة، وتعتقده الأفئدة، وتعلمه الجوارح، وما يتعلق بالواجب من ذلك في السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها وشيء من الآداب منها، وجمل من أصول الفقه، وفنونه على مذهب الإمام مالك بن أنس وطريقته.

والكتاب قد تضمن مسائل عقدية: تتعلق بما تنطق به الألسن وتعتقده الأفئدة، من واجب أمور الديانات، ومسائل فقهية من: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والنكاح والبيوع ، والوصايا، والمدبر، والمكاتب ، والشفعة، والهبة، والصدقة، والحبس، والرهن، والعارية، والوديعة، واللقطة، وأحكام الدماء، والحدود، والأقضية، والشهادات، والأطعمة، وغيرها، بالإضافة إلى بعض الآداب الشرعية.

وقد سلك المؤلف رحمه الله منهجا رصينا،وأسلوبا واضحا، وجنح إلى الاختصار المفيد حتى لا يتم الإخلال بالمقصود، مجتنبا بذلك الحشو والزيادة، والاعتماد على المشهور والراجح من المذهب دون ذكر الخلاف، ولا عجب في هذا فالكتاب قد رام فيه مؤلفه تبصرة للمبتدئين.

وقد وهب الله لهذا العلق النفيس القبول بين الخاصة والعامة، فتنافسوا في اقتنائه حتى رُوي أن أول نسخة منه بيعت ببغداد في حلقة أبي بكر الأبهري بوزنها ذهبا، كما رُوي أن بعض نسخه كتبت بالذهب، وليس هذا فحسب فقد انكب عليه المعلمون والمتعلمون بالقراءة والشرح والتعليق قديما وحديثا، بحيث اعتبرها القرافي : من جملة خمسة كتب عكف عليها المالكيون شرقا وغربا، وأنشد في الثناء عليها القاضي عبد الوهاب البغدادي قائلا :

رسالة علم صاغها العلم النهد *** قد اجتمعت فيها الفرائض والزهد

أصول أضاءت بالهدى فكــأنما *** بدا لعيون الناظرين بها الرشــــــد

وفي صدرها علم الديانة واضح *** وآداب خير الخلق ليــــــس لها ند

لقد أم بانيها السداد فذكـــــره *** بها خالد ما حج واعتمر الوفــــــد

قال عياض: كان أبو محمد إمام المالكية في وقته وقدوتهم، وجامع مذهب مالك، وشارح أقواله.

وقد ذكر الدكتور عمر الجيدي أن الأعمال التي أقميت حول الرسالة بلغت ثلاث وخمسين عملا، وأشار إلى أن الشيخ حسن حسني عبد الوهاب ذكر أن عدد شروح الرسالة يفوق المائة، نخص منها بالذكر على سبيل المثال: شرح القاضي عبد الوهاب، وقد بيعت أول نسخة منه بمائة مثقال ذهبا، وممن شرحها أيضا: يوسف بن عمر الأنفاسي، وقاسم بن عيسى بن ناجي، وأبو العباس القلشاني، وابن الفخار، وغيرهم.

وقد لقي الكتاب اهتماما بليغا أيضا من لدن المستشرقين وترجموه إلى اللغتين الانجليزية والفرنسية.

والكتاب مطبوع من أشهر طبعاته طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وطبعة دار الغرب الإسلامي، تحقيق: الهادي حمو ومحمد أبو الأجفان.

مصادر الترجمة :
--------------------------------------

ترتيب المدارك: 6/215-222،
معالم الإيمان: 3/ 109-121،
محاضرات في تاريخ المذهب المالكي: 193-200.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-02-2023, 12:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة


تواليف مالكية مهمة 4 : كتاب التفريع لأبي القاسم البصري

شهاب الدين الإدريسي



كتاب التفريع لأبي القاسم عبيد الله بن الحسين بن الحسن بن الجلاب البصري (ت378هـ) من أهم المؤلفات الفقهية التي أنتجتها المدرسة البغدادية المالكية في القرن الهجري الرابع، وهو عبارة عن مختصر فقهي جامع لكل أبواب الفقه، من العبادات والمعاملات على المذهب المالكي.

وتقدُم زمن المؤلف، وما تمتع به من ملكة فقهية، وجودة اختياراته، واعتماده على المصادر الأولى للمذهب المالكي جعل كتابه يحظى بمكانة خاصة بين باقي المصنفات الفقهية، ويشتمل التفريع على واحد وثلاثين كتاباً، أولها كتاب الطهارة، وآخرها كتاب الجامع؛ كل كتاب في أبواب، وكل باب احتوى على عدد من الفصول مما سهل الوقوف على مسائله.

ويبلغ عدد مسائله ـ على ما ذكره العلامة التتائي ـ ثمانية عشر ألف مسألة، منها اثنتا عشرة ألف موافقة لما في المدونة، وستة آلاف ليست فيها، وذكر العلامة ابن عبد السلام أنها ثمانية عشر ألف مسألة عن مالك سوى أصحابه.

وقد اختار ابن الجلاب منهجا يلائم الغرض الذي كان يرمي إليه من وراء كتاب التفريع، ألا وهو تعليم الناس أحكام دينهم على أوسع نطاق، وبأيسر السبل، وإن لم يفصح عن ذلك في مقدمة الكتاب، لكن ذلك واضح من طريقة عرض المسائل التي كان يتجه فيها إلى دقة العبارات، ووضوحها، وسهولة الألفاظ للدلالة على المعاني على أكمل وجه، دون أن يغفل عن الإفادة من كتب المذهب والوقوف على آراء كبار علمائه مع تحقيق تلك الآراء، ونقدها وترجيح ما رآه راجحا منها، ومن ثم تطبيقها على المسائل الفرعية ليخلص إلى استنباط الأحكام، وتقعيد القواعد بالنسبة للمسائل التي لم يرد فيها حكم سابق.

اعتمد ابن الجلاب في كتابه بالدرجة الأولى على إمام المذهب ثم على كبار أصحابه؛ فكثيرا ما يُصدر كلامه بقوله: «قال مالك»، كما نقل عن تسعة عشر فقيهاً؛ منهم تسعة من تلاميذ مالك وهم: ابن القاسم، وابن الماجشون، وعبد الله بن عبد الحكم، وأشهب، ومحمد بن مسلمة، وابن وهب، والمغيرة، وعلي بن زياد، وأسد بن الفرات، كما نقل عن ستة من تلامذة تلاميذ مالك وهم: أصبغ بن الفرج، وعيسى بن دينار، وابن المواز، والقاضي إسماعيل، ومحمد بن عبد الحكم، وسحنون، وأخيراً عن اثنين من الطبقة التي تليهم وهما: أبو بكر الأبهري، وعمرو أبو الفرج القاضي.

أخذ الفقهاء بما جاء في التفريع سواء من حيث إسناد الرواية، أو من حيث الدراية؛ أي اجتهاد مؤلفه؛ إما في القياس والاستنباط، وإما في الترجيح بين آراء كبار علماء المذهب؛ فلا يكاد يخلو كتاب من كتب الفقه المالكي من نقل، أو نقول عنه؛ كما عند ابن عبد البر (ت463هـ) في «الكافي»، وأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد الجد (ت520هـ) في «المقدمات الممهدات»، وابن رشد الحفيد (ت595هـ) في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد»، و القرافي (ت684هـ) في «الذخيرة» فضلا عن المتأخرين الذين جاؤوا بعدهم.
قال القاضي عياض: وكتاب التفريع في المذهب مشهور.
ولم يقتصر اعتماد العلماء عليه على هذا الحد، بل تعدى ذلك إلى تصدي كثير منهم له بالشرح والاختصار؛ فأول من شرحه هو ابن أخت المؤلف المسدد بن جعفر بن الحسين بن أيوب البصري، وكذلك عبد الله بن إبراهيم بن هاشم القيسي يعرف بحفيد هاشم (من علماء القرن 5هـ)، وعبد الله بن عبد الرحمن بن عمر المعري الشارمساحي (ت669هـ) سمى شرحه «البديع في شرح التفريع»، وهو مخطوط بتونس برقم: (6213)، وممن اختصره محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام بن جميل (ت710هـ) وسماه «السهل البديع في اختصار التفريع» وهو مخطوط بالقرويين برقم: (1138)، وغير هؤلاء كثير ممن يطول عدهم ويعسر حصرهم.

طبع كتاب التفريع بتحقيق الدكتور حسين بن سالم الدهماني، عن دار الغرب الإسلامي ببيروت، الطبعة الأولى سنة 1408هـ/1987م.

مصادر الترجمة :
---------------------------------------
ترتيب المدارك (7/76)،
الديباج المذهب (1/406)،
شجرة النور الزكية (1/137).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-02-2023, 07:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة

شهاب الدين الإدريسي



تواليف مالكية مهمة 5: النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات




النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات
لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد القيرواني (ت386هـ)

يعد كتاب النوادر والزيادات أكبر موسوعة فقهية شاملة، فهو ذروة الفقه المالكي في القرن الرابع الهجري، وعليه المعول في التفقه على المذهب، ويعتبر بمثابة تلخيص للكتب الفقهية الهامة للمذهب المالكي حتى ذلك الوقت، فقد استوفى فيه ابن أبي زيد النقول عن الإمام مالك، وفقهاء المذهب، فجمع ما في الأمهات من المسائل، والخلاف، والأقوال، فاشتمل على جميع أقوال المذهب وفروع الأمهات كلها، ، ففاق المدونة حجماً، لاستناده على مراجع أوسع منها، وتناول بذلك جميع المسائل الفقهية، إضافة إلى الفقه المقارن داخل المذهب، وشذرات من الأخبار والسير، وآراء عقدية لمالك، ووصف أحداث، وأدوات، وأمتعة مما كان متعارفاً في عهد الإسلام الأول.

وأوضح المؤلف منهجه في مقدمة الكتاب، مبيناً أنه عمل على جمع المادة الفقهية من مختلف الدواوين المتقدمة، مثل الموازية لابن المواز، والعتبية أو المستخرجة للعتبي، والواضحة لابن حبيب، وكذا تآليف ابن عبدوس وابن سحنون، فاستخرج ذلك منها، وجمعه باختصار من اللفظ في طلب المعنى، وعمل على تقصي أغلب المسائل الفقهية، وبسطها، مع تجنب تكرارها، كما اجتهد في الاستدلال للمسائل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فكان بذلك كما يقول:«كتابا جامعا لما افترق في هذه الدواوين من الفوائد، وغرائب المسائل، وزيادات المعاني على ما في المدونة، وليكون لمن جمعه مع المدونة، أو مع مختصرها مقنع بهما، وغني بالاقتصار عليهما..»، وبالإضافة إلى المصادر التي ذكرها المؤلف في مقدمة كتابه، فإنه كثيرا ما نقل في مواضع كثيرة حول قضايا فقهية محددة، من غير المصادر التي ورد ذكرها فيما سلف، وصرح ابن أبي زيد كذلك في المقدمة أن كتابه هذا لا يصلح للمبتدئين، نظرا لسعة المادة الفقهية المضمنة في الكتاب، أما عن مضامين الكتاب فهو يحوي 83 كتابا؛يبتدئ بكتاب بالطهارة، وينتهي بكتاب المرتدين، وتحت كل باب عدة فصول.

والكتاب عمدة لمن جاء بعد ابن أبي زيد، فقد نقل عنه جل من ألف في المذهب المالكي، كأبي الوليد الباجي (ت 478هـ) الذي أكثر النقل عنه في المنتقى، وأبو الحسن علي بن سعيد الرجراجي في «مناهج التحصيل»، والحطاب(ت954هـ) في «مواهب الجليل» في غير ما موضع، وغيرهم.

فالكتاب بحق يحوي بين طياته أهم مادة مرجعية عن مصادر الفقه المالكي المتمثلة في مختصرات فقهية منتظمة، ومجاميع ومسائل، ومعالجات لمشكلات فقهية منتظمة، مع مراعاة الاختلاف في الفروع.

قال القاضي عياض عن المؤلف :إمام المالكية في وقته وقدوتهم، وجامع مذهب مالك وشارح أقواله، حاز رئاسة الدين والدنيا، وإليه كانت الرحلة إلى الأقطار.

وقد قام الأستاذ ميكلوش موراني من جامعة بون، بدراسة موسعة مستفيضة لكتاب النوادر والزيادات، قدمها في كتابه باللغة الألمانية:«دراسات في مصادر الفقه المالكي» الذي ترجم فيما بعد إلى اللغة العربية.

والكتاب طبعته دار الغرب الإسلامي، بتحقيق عبد الفتاح محمد الحلو، ومحمد حجي، ومحمد الأمين بوخبزة، ومحمد الدباغ، وأحمد الخطابي، وعبد الله المرابط الترغي، وهي الطبعة الوحيدة حتى الآن لهذا الكتاب.

يمكنكم تحميل هذه الموسوعة الفقهية الشاملة الرقراقة :

مجلد 1
مجلد 2
مجلد 3
مجلد 4
مجلد 5
مجلد 6
مجلد 7
مجلد 8
مجلد 9
مجلد 10
مجلد 11
مجلد 12
مجلد 13
مجلد 14
مجلد 15


مصادر الترجمة :
--------------------------------------
ترتيب المدارك6/215-222)،
الديباج المذهب1/376-378)،
شجرة النور الزكية1/143-144).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-02-2023, 02:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة

شهاب الدين الإدريسي

تواليف مالكية مهمة 6: البيان والتحصيل لابن رشد الجد


كتاب البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة​

كتاب: «البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة» للقاضي الفقيه أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد ـ الجد ـ القرطبي (تـ520هـ) كتاب حافل من أمّهات مصادر الفقه المالكي، وقد عدّه المختصون بيانا شافيا، وتحصيلا كافيا، وشرحا وافيا، وتعليلا لمسائل كتاب «المستخرجة» ـ من أسمعة تلامذة الإمام مالك ـ لمؤلفه الراوية الفقيه: محمد بن أحمد العتبي (تـ255هـ).

استغرق تأليفه اثنتي عشرة سنة، أودعه ابن رشد جميع معارفه الفقهية التي اكتسبها من دراساته «للمدونة» وما كتبه عليها أئمة المذهب ـ في خلال سبعة أجيال ـ من شروح، واختصارات، وتفريعات، وزيادات، وتعليقات، وقد استوعب جميع مسائل «المستخرجة»، و«المدونة» اللّتين كان فقهاء الغرب الإسلامي في القرون الأولى يتسارعون في حفظهما، ويقطعون أعمارهم في تدارس ما كُتب حولهما، وقد تمكن الفقيه العلامة أبو الوليد ابن رشد من أن يطلع على كل ما كتب حولهما إلى زمانه، وينقده نقد المجتهد الخبير في نطاق المذهب المالكي.

وعن سبب تأليف ابن رشد للكتاب: فقد جاء في مقدمة «البيان والتحصيل» أن جماعة من فقهاء جيّان أصحاب ابن رشد جاؤوه في صدر (506هـ)، وبعض الطلبة من أهل شلب يقرأ عليه في كتاب الاستلحاق من العتبية، فمر بمسألة أشكلت على القارئ والحاضرين، فشرحها لهم بما أزال غموضها، ورغبوا إليه أن يتتبع عويص هذا الكتاب بالشرح والبيان، فرد عليهم ابن رشد بأن العتبية كلها بحاجة إلى توجيه وتوضيح، فاشتد إلحاحهم، فلم يجد ابن رشد بدا من إسعافهم والشروع في تحرير كتاب البيان والتحصيل مرحلة مرحلة، حتى إذا حلّ عام (511هـ) وقد أكمل نيفا وخمسين جزءاً ـ أي نحو نصف الكتاب ـ امتُحن بالقضاء، وشغلته أمور المسلمين عن التأليف، فلم يعد يتفرغ إليه إلا يوما واحدا في الأسبوع ينقطع فيه عن الناس، ومضت أربعة أعوام هكذا في القضاء لم ينجز خلالها الشيخ إلا أربعة كتب أو خمسة، قال: «فأيست من تمامه في بقية عمري إلا أن يريحني الله تعالى من ولاية القضاء، وكنت من ذلك تحت إشفاق شديد وكرب عظيم، وذكرت ذلك لأمير المسلمين وناصر الدين أبي الحسن علي بن يوسف بن تاشفين ـ أدام الله تأييده وتوفيقه ـ في جملة الأعذار التي استعفيت بسببها، وغبّطته بالأجر على تفريغي لتمامه، فقبل الرغبة فيما رغّبته فيه من الثواب، وأسعف الطلبة فيه لما رجاه بأن تثقل بذلك موازينه يوم الحساب».

وتدارك ابن رشد ما فاته أيام القضاء بعد إعفائه منه أواسط (515هـ)، فأقبل بكليته على كتابة ما بقي من البيان والتحصيل حتى أتمه مستهل ربيع الآخر من عام (517هـ).

وجلس ابن رشد في أول محرم من عام (518هـ) لإسماع كتابه البيان والتحصيل بعد أن استخرج منه أصلا أباح للناس أن يكتبوا منه، فكان يقرأ فيه تلميذه ابن مسرّة، والشيخ ممسك بالمسودة التي نقل منها ذلك الأصل وقُوبل بين يديه.

وأما عن عمله في الكتاب فقد ذكره في مقدمته فقال: «أذكر المسألة على نصها، ثم أشرح من ألفاظها ما يفتقر إلى شرحه، وأُبَيّن من معانيها بالبسط لها ما يحتاج إلى بيانه وبسطه، وأحصل من أقاويل العلماء فيها ما يحتاج إلى تحصيله، إذ قد تتشعب كثير من المسائل وتفترق شعبها في مواضع، وتختلف الأجوبة في بعضها لافتراق معانيها، وفي بعضها باختلاف القول فيها، فأبين موضع الوفاق منها من موضع الخلاف، وأحصل الخلاف في الموضع الذي فيه منها الخلاف، وأذكر المعاني الموجبة لاختلاف الأجوبة فيما ليس باختلاف، وأُوَجّه منها ما يحتاج إلى توجيهٍ بالنظر الصحيح والرد إلى الأصول والقياس عليها، فإن تكررت المسألة في موضع آخر دون زيادة عليها ذكرتها في موضعها على نصها، وأحَلتُ على التكلم عليها في الموضع الأول؛ وإن تكررت في موضع آخر بمعنى زائد يحتاج إلى بيانه والتكلم عليه كتبتها أيضا على نصها وتكلمت على المعنى الزائد فيها، وأحلت في بقية القول فيها على الموضع الذي تكلمت على المعنى الزائد فيه من الرسم والسماع الذي وقع الكلام فيه عليها، ليكون كل من أشكل عليه معنى من المعاني في أي مسألة كانت من مسائل الكتاب طلبها في موضعها من الكتاب، فإما أن يجد التكلم عليها فيه مُسْتَوفى، وإما أن يجد الإحالة على موضعه حيث تقدم».

لتحميل الكتاب اضغط
هنا

المصادر ------------------------

الغنية للقاضي عياض (54-57)،
الصلة لابن بشكوال (2/546-547)،
بغية الملتمس للضبي (41)،
الديباج المذهب (2/229).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-02-2023, 03:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة

شهاب الدين الإدريسي


تواليف مالكية مهمة 7 : جـامع الأمهـات لابن الحاجب



جـامـع الأمـهـات

كتاب جامع الأمهات أو المختصر الفرعي للفقيه الأصولي اللغوي النحوي أبي عمرو جمال الدين عثمان بن عمر المالكي المعروف بابن الحاجب (646هـ)، كتاب قصد مؤلفه من وضعه جمع ما تقدمه من مسائل الفقه وفروعه ملخصة من أقوال علماء المذهب وكتبهم المشهورة، وفي هذا يقول رحمه الله: لما كنت مشتغلا بوضع كتابي كنت أجمع الأمهات، ثم أجمع ما اشتملت عليه تلك الأمهات في كلام موجز، ثم أضعه في الكتاب حتى كمل. ويذكر بعض أهل العلم ممن لهم عناية بالكتاب أن ابن الحاجب اختصر كتابه من ستين ديوانا، وأن فيه من المسائل ست وستون ألف مسألة.

وأما المسائل التي ينطوي عليها الكتاب فتوزعت فيه على خمسة عشرة كتابا هي: الصلاة، والزكاة، والحج، والأضحية، والجهاد، والنكاح، والظهار، والرضاع، والبيوع، والسلم، والأقضية، والشهادة، والدعوة والجواب المبين والنكول والبينة، والديات، ثم الكتاب الجامع لفروع مختلفة.

فإذا كان كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني جامعا لما تقدمه من أمهات كتب الفقه المالكي ، فإن كتاب جامع الأمهات اقتفى نفس النهج، مع ما يمكن اعتباره ميزة فيه كونه - مع كثرة ما حواه - صغير الحجم، فلا يقارن بحجم كتاب النوادر، وذلك أن المؤلف لم يعمد فيه إلى ذكر الأقوال المتعددة، وإن لم يكن خلوا منها، فإنه حاول الاقتصار على المشهور والراجح غالبا، ثم إنه لم يتكلف ذكر الأدلة من القرآن والسنة والآثار، بل جرّده من كل ذلك، أضف إلى ذلك اختصار اللفظ وتقليله، دون إخلال بالمعنى، أو غموض في الفهم.

ومن حسن صنيع ابن الحاجب أنه نسب الأقوال إلى أصحابها، وجعل لكل كتاب من كتب مؤلفه عناوين فرعية، إلا مما لم تدعه الضرورة إلى ذلك؛ ليسهل الوقوف على جزئيات المسائل فيه.

ولما كان الكتاب قد جمع ما جمع من أمهات كتب المذهب حتى قال العلامة المؤرخ ابن خلدون رحمه الله: إن صاحبه لخص فيه طرق أهل المذهب في كل باب، وتعديد أقوالهم في كل مسألة، فجاء كالبرنامج للمذهب. لما كان هذا؛ فإن العلماء أولوا جامع الأمهات كامل العناية، فقام كثير منهم بشرحه وإيضاح مشكلاته، واختلفت شروحهم كبرا وصغرا، فمن أهم شروحه: شرح ابن راشد القفصي (736هـ) المسمى: «الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب»، وشرح ابن عبد السلام الهواري (749هـ) المسمى: «تنبيه الطالب لفهم مختصر ابن الحاجب»، وشرح ابن هارون الكناني (750هـ)، وكل هؤلاء من أهل تونس، ومن أفيد شروحه وأجودها، والتي جمعت الشروح المتقدمة: شرح أبي المودة خليل بن إسحاق (767هـ) صاحب المختصر المشهور، سمى شرحه بـ «التوضيح»، ومنها أيضا شرح ابن فرحون اليعمري (799هـ): «تسهيل المهمات في شرح جامع الأمهات»، ووضع ابن فرحون أيضا كتابا في التعريف بمصطلحاته بمثابة المدخل للشرح المذكور سماه«كشف النقاب الحاجب عن مصطلح ابن الحاجب»، وكان جعله مقدمة للأول في شرح جامع قبل أن يفصله في كتاب خاص. وهناك شروح أخرى لا تقل أهمية عما ذكر.

أما الثناء على الكتاب فقد ذاع وانتشر من داخل المذهب وخارجه، ويكتفى هنا بشهادة كمال الدين الزملكاوي الشافعي حيث قال: «ليس للشافعية مثل مختصر ابن الحاجب للمالكية»، وكفى بها من شهادة كما قال ابن فرحون.
وقال عنه الإمام ابن دقيق العيد: "هذا كتاب أتى بعجب العجاب، ودعا قصيّ الإجادة، فكان المجاب، وراض عصيّ المراد، فازال شماسته وانجاب، وأبدى ما حقه أن يبالغ في استحسانه، وتشكر نفحات خاطره ونفثات لسانه.. "

وممن ذُكر أنه يحفظ مختصر ابن الحاجب الفرعي: عيسى بن مسعود بن منصور الزواوي المالكي؛ حفظه في ستة أشهر ونصف ثم عرضه، ومحمد المحب أبو عبد الله الحسني الفاسي المكي المالكي. وعرضه كله في مجلس واحد محمد بن أحمد الغساني المالقي.

طبع الكتاب بتحقيق، أبي عبد الله الأخضر الأخضري، بمطبعة اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق-بيروت.

اضغط هنا لتحميل الكتاب




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16-02-2023, 10:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة

شهاب الدين الإدريسي

تواليف مالكية مهمة 8 : بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد




تنوعت مناهج التصنيف الفقهي في المذهب المالكي، فمنهم المختصِر الذي اقتصر على المشهور من المذهب، ومنهم المطوِّل الذي أسهب في ذكر فروع المسائل الفقهية، والمعارضة بين الأقوال وترجيح القوي من الأدلة، وكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد للإمام القاضي الفقيه النظار الأصولي المتكلم أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الحفيد (ت595هـ) يندرج ضمن كتب الخلاف، أو كتب الفقه المقارن، ومن هنا تأتي أهميته إلى جانب كون مؤلفه ممن انتهت إليه أدوات الاجتهاد في عصره، فقد وُصف بأنه جمع كثيراً من العلوم النقلية والعقلية وبرع فيها.

ومن مزايا كتاب بداية المجتهد أن ابنَ رشد صدّره بمقدمة أصولية ضمنها بعض الطرق التي تُتلقّى منها الأحكام الشرعية مع التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف؛ لتكون بمثابة سلم الوصول إلى فهم مكنونات الكتاب الذي استوعب فيه الأبواب الفقهية بدءا من كتاب الطهارة، وانتهاء بكتاب الأقضية، وذلك في نحو واحد وسبعين كتابا؛ تحت كل كتاب فصول، وتحت كل فصل أبواب، وتحت كل باب مسائل، وفي كثير من الأحيان يكتفي بالأبواب والمسائل حسب طبيعة كل كتاب فيه وتشعب مسائله، فيقول مثلا: «القول المحيط بأصول هذه العبادة ينحصر في خمسة أبواب»، ثم يسردها سردا، ليبدأ بالتفصيل بعد ذلك فيقول مثلا:«ويتعلق بهذا الباب مما اختلفوا فيه سبع مسائل»، ويفصلها مسألة مسألة، مبتدئاً في الغالب بالتأصيل لها من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع أو القياس، بقوله:«والأصل في هذا الباب» ثم يأتي بالدليل، مبينا أوجه الاتفاق فيما اتفق عليه العلماء، وأوجه الاختلاف فيما اختلفوا فيه، موردا مذهب كل فريق ومن قال به من العلماء، بدءا بالصحابة والتابعين، ثم الأئمة المجتهدين، مع النص على أدلة كل واحد منهم، ومأخذه في الاستدلال، وتخريج الأحكام، دون أن يُغفل سبب اختلافهم إما في فهم النص، أو في ثبوته ـ فيما عدا القرآن والسنة المتفق عليها ـ، ثم إنه لا يكتفي بعرض المسائل والأقوال فيها، بل كثيرا ما يتدخل بالترجيح والتوفيق بينها حسب ما تحصل لديه من أدلة كل فريق، بعد تمحيصها والمقارنة بينها، وأحيانا يميل إلى مذهب الجمهور.

ومن دقة منهجه ـ رحمه الله ـ أنه اتخذ لنفسه مصطلحات في كتابه، مبينا مراده بها، كقوله في كتاب الغسل في الباب الثاني منه، في المسألة الأولى في الغسل من التقاء الختانين: «ومتى قلت ثابت ـ يعني للحديث ـ فإنما أعني ما أخرجه البخاري، أو مسلم، أو ما اجتمعا عليه»، وقوله في كتاب التيمم، في الباب الرابع منه، في المسألة الثالثة في عدد ضربات التيمم:«إذا قلت: الجمهور، فالفقهاء الثلاثة معدودون فيهم، أعني مالكا والشافعي وأبا حنيفة».

ومما امتاز به الكتاب ـ إلى جانب اعتماد الأدلة الأربعة؛ الأصلين والإجماع والقياس ـ الاستعانة بالقواعد الأصولية في ترجيح ما صح عنده من الأقوال مثل قاعدة: «الأصل براءة الذمة» التي عبر عنها بسقوط الحكم حتى يثبت الدليل، وقاعدة: «تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز»، وقاعدة:«حمل الكلام على الحقيقة، أولى من حمله على المجاز»، وكل ذلك في قالب لغوي واضح الأسلوب، خالٍ من التعقيد والحشو.

وإن كان المؤلف ـ رحمه الله ـ أشار إلى المصدر الذي اعتمده في نقل الآراء الفقهية بقوله في آخر كتاب الطهارة: «وأكثر ما عولت فيما نقلته من نسبة هذه المذاهب إلى أربابها هو كتاب الاستذكار»، فإن هذا لا يعني أن الكتاب مجرد تلخيص له، بل إن الطابع الحجاجي الأصولي الذي يطغى عليه يشهد أن ابن رشد ليس مجرد ناقل للأقوال، ولكن أيضا ناقد وممحص لها، فيرد ما يستحق الرد، ويقبل ما يستحق القبول معتمدا في ذلك ملكته العلمية الراسخة وتكوينه العلمي الجامع بين مختلف العلوم، فكان الكتاب بذلك بداية لسلوك طريق الاجتهاد لمن أراد أن يربط الأحكام بأصولها، وأسباب الاختلاف فيها، وكفاية للمقتصد لمن أراد أن يعتدل في حكمه عليها.

وإذا كان الكتاب بهذه الأهمية فلا عجب أن ينقل عنه كبار العلماء بعده؛ لكونه مصدرا مهما من مصادر الفقه المقارن وجامعا لأقوال المذاهب الفقهية، فقد نقل عنه القرافي في «الفروق»، والنووي في «المجموع»، وابن حجر في «فتح الباري»، والحطاب في «مواهب الجليل»، والشوكاني في «نيل الأوطار» وغيرهم كثير.

قال أبو عبد الله ابن الأبَّار عن ابن رشد الحفيد:«وله تصانيف جليلة الفائدة، منها كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه ...لا يعلم في فنه أنفعُ منه، ولا أحسن مساقا »

ومن عناية العلماء المتأخرين بهذا الكتاب القيم تصديهم لتخريج أحاديثه، كما صنع الحافظ أبو الفيض أحمد بن الصديق الغماري (ت1380هـ) في كتابه الحافل «الهداية في تخريج أحاديث البداية»، طبع بتحقيق يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، و عدنان علي شلاَّق، نشر عالم الكتب ببيروت، 1407هـ/1987م، والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل عبد اللطيف (ت1416هـ) في كتابه «طريق الرشد إلى تخريج أحاديث بداية ابن رشد»، طبع بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1397هـ.

طبع كتاب «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» لأول مرة بالمطبعة المولوية بفاس سنة 1327هـ/ 1908م، ثم بالإستانة بإسطانبول سنة 1333هـ/1914م، ثم بالمطبعة الميمنية بمصر سنة 1334هـ/1915هـ، ثم توالت طبعاته بعد ذلك، ومازال الكتاب يفتقر إلى طبعة محققة تحقيقا علميا متينا.


لتحميل الكتاب
لا اله الا الله
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-02-2023, 11:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة

شهاب الدين الإدريسي


تواليف مالكية مهمة 9 : أحكام القرآن لأبي محمد ابن الفرس




أحكام القرآن لأبي محمد ابن الفرس(597هـ)​



اتجهت جهود العلماء في تفسير كتاب الله عز وجل مناحي متعددة، وبذلك تنوعت التفاسير، فنجد التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي، والتفسير الموضوعي، والتفسير العلمي، والتفسير الفقهي، وينتمي إلى هذا النوع الأخير من التفسير عدد كثير من المصنفات اعتنى فيها مصنفوها باستنباط الأحكام الفقهية من القرآن الكريم وفق مذاهبهم الفقهية.

ويعد كتاب أحكام القرآن للإمام الفقيه الحافظ أبي محمد عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم الخزرجي الغرناطي الأندلسي المالكي، المعروف بابن الفرس (ت 597 هـ)، من أبرز التفاسير الفقهية التي عرفها تاريخ المدرسة المالكية الأندلسية.

وقد ألَّف ابن الفرس تفسيره هذا وهو ابن خمسة وعشرين عاماً، وكان دافعه إلى ذلك تشوفه وتعطشه إلى معرفة الأحكام الشرعية، وطلب المسائل التي تستند إلى دليل من الكتاب العزيز، فقد نظر وبحث في ما صُنف من أحكام القرآن، فلم يجد فيها ما يشفي نهمه، ويروي عطشه، فهذه المصنفات كما يقول ابن الفرس:«قليلا ما نُبّه فيها على مأخذ حُكم من ألفاظ الكتاب، إلا في اليسير النزر..»، ولذلك سعى جاهداً إلى تأليف هذا الكتاب حتى يسهل على الطالب معرفة الأحكام مقرونة بأدلتها.

وانعكست دراية ابن الفرس الواسعة بالفقه المالكي على منهجه في تحرير الاحكام الفقهية، فجاء كتابه غنياً بأقوال المالكية موافقاً لقواعدهم الفقهية والأصولية، وقد صدر ابن الفرس كتابه هذا بمقدمة بيّن فيها مقصوده، ولخص فيها منهجه، ثم تناول جميع سور القرآن الكريم بالتفسير الفقهي: من الفاتحة إلى المعوذتين، وتوسع أكثر في بيان الأحكام الفقهية الواردة في السور الثمانية الأولى: من البقرة إلى التوبة، ثم أوجز في باقي السور تبعاً لما تحمله كل سورة من مضامين فقهية.

وفي إيراده للأحكام الفقهية التي جمعها اقتصر على ما هو أظهر تعلقاً، وأبين استنباطاً، حتى تكون مسباراً لغيرها، ودليلا على مأخذ سواها، وعمل جاهداً على بيان اختلاف أهل العلم في المسائل الفقهية ليتجلى لطالب العلم ما اتفقوا عليه من الأحكام، وما اختلفوا فيه، فالفائدة العظمى في معرفة هذا الأمر:«أن يعرف الإنسان منها أدلة الشرع واحتمالاته، فإن أهل العلم ما اختلفوا في شيء إلا عن أدلة تعارضت، واحتمالات تخالفت، فقوي عند أحدهم دليل واحتمال لم يقو عند الآخر». كما أن انصافه وبُعده عن التعصب كان جلياً؛ إذ مع كونه شيخ المالكية في زمانه، بل ومن المحققين في المذهب لم يتردد أن يرجح رأي أبي حنيفة، ونظر الشافعي، أو غيرهما، كلما ظهر له الدليل، وقويت عنده الحجة.

والإمام ابن الفرس كغيره من أئمة التفسير الفقهي ضَمَّن كتابه جملة من القواعد الأصولية والفقهية، بل إنه جاوز ذلك إلى الفروع والمسائل التفصيلية في كثير من المناسبات، ولا يخلو تفسيره كذلك من إشارات حديثية مفيدة، وتلميحات لغوية قيمة، وترجيحات واجتهادات تَنم عن فكر نير، وعمق في فهم النصوص، واستخراج لمكنونها، كما ساق جملا مفيدة من أسباب النزول، وإشارات لطيفة من علم الناسخ والمنسوخ حتى تكمل وتتم بهما الفائدة؛ لأنهما علمان ضروريان لاستخراج الأحكام الفقهية من النصوص الشرعية.

وبالجملة فإن أحكام القرآن لابن الفرس موسوعة فقهية وأصولية لا يستغني عنها باحث أو فقيه مالكي، والكتاب يمتاز بنصاعة العبارة، ووضوحها، وابتعاد عن التعقيد في سوق المباحث وعرض الآراء، مع عناية بالنقد والترجيح، وكذا الاستدلال على المسائل كلما سنحت بذلك الفرصة.

أما عن المصادر التي استقى منها الإمام ابن الفرس مادته، فإنه وبالرغم من اعتزازه بما جمع، ووصف مأخذه بأنه لم يسبق إليه، إلا أن انتهاله من كتب من سبقه من أئمة المالكية في موضوعه أمر محتوم، ككتاب أحكام القرآن للقاضي إسماعيل البغدادي(ت 282هـ)، وكتاب أحكام القرآن لمحمد بن بكير البغدادي(ت 305هـ)، وكتاب أحكام القرآن لقاسم بن أصبغ البيّاني القرطبي(ت 340هـ)، وكتاب أحكام القرآن للحافظ العلامة أبي بكر ابن العربي(ت 543هـ)، وغيرهم.

ومما يجلي منزلة هذا الكتاب وعظيم فائدته أن مترجمي مؤلفه الإمام ابن الفرس لايغفلون ذكره، بل ينسبونه إليه وينوهون به، ففيه يقول الحافظ ابن الأبار القضاعي (ت 658هـ):« وألف كتاباً في أحكام القرآن جليل الفائدة من أحسن ما وضع في ذلك، قد رأيته ورويته عن بعض أصحابه»، وقال فيه الحافظ ابن الزبير الغرناطي (ت708هـ):«كتاب الأحكام ألفه وهو ابن خمسة وعشرين عاماً، فاستوفى ووفّى».

والكتاب أيضاً مصدر فقهي مالكي لمن جاء بعد ابن الفرس، فنجد نقولا عديدة عنه في كتب فقهية مالكية كمواهب الجليل1/79-101-213)، و(2/473-496)، و(3/8-9-319)، ومنح الجليل1/40-51)، و(6/121-388)، وشرح مختصر خليل للخرشي1/90-408)، وغيرهم.

وقد حظي الإمام ابن الفرس وكتابه أحكام القرآن بدراسات حديثة بلغت سبعاً، إحداها لنيل دكتوراه الدولة، وست لنيل دبلوم الدراسات العليا، ورسائل أخرى بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كما تناوله الباحث محمد بن عبد الوهاب أبياط في دراسة بعنوان:«أصول الفقه عند ابن الفرس ومنهج إعماله في التفسير من خلال كتابه أحكام القرآن»، وطبعتها دار ابن حزم.

وقد طبع الكتاب أول مرة بدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان عام 1989م، إلا أنها طبعة غير تامة، وطبعته مؤخراً بتمامه دار ابن حزم ببيروت، الطبعة الأولى: 1427هـ/2006م، في ثلاث مجلدات، الجزء الأول: بتحقيق الدكتور طه بن علي بوسريح، من سورة الفاتحة إلى نهاية البقرة، والجزء الثاني: بتحقيق الدكتورة منجية بنت الهادي النفزي السوايحي، من سورة آل عمران إلى سورة المائدة، والجزء الثالث: بتحقيق الدكتور صلاح الدين بو عفيف، من سورة الأنعام إلى نهاية القرآن، وأصل هذا التحقيق للكتاب كان ثلاث رسائل للدكتوراه قدمت لكلية الشريعة وأصول الدين، بجامعة الزيتونة، بتونس.
لتحميل الكتاب
لا إله إلا الله



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 24-02-2023, 09:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تواليف مالكية مهمة

تواليف مالكية مهمة

شهاب الدين الإدريسي
تواليف مالكية مهمة 10: المقدمة القرطبية على مذهب السادة المالكية


لتحميل الكتاب
لا اله الا الله

تنوعت طرق العلماء وأساليبهم في التأليف، تبعا لما تمليه ظروف الزمان والمكان، وما يشهده واقع الناس من تغيرات وتحولات، في المدارك والقدرات.

ومن أهم الأساليب التي نهجها العلماء في هذا الباب النظم التعليمي: إذ لاحظوا قدرة الطلبة في أزمانهم على حفظ النظم واستيعاب مضامينه، فأقبلوا على وضع المنظومات في شتى العلوم والفنون، ومن أشهر المنظومات الفقهية في المذهب المالكي «المقدمة القرطبية»، أو «أرجوزة االولدان في الفرض والمسنون»، للشيخ العلامة الفقيه أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي (ت567هـ) التي يبلغ عدد أبياتها (117) بيتاً، ابتدأها بقوله:

يقول يحيى القرطبي الـدار *** الـمرتـجي مثوبـة الغفــار

بـاسم الإلـه أبدأ الـمقـالا *** فمنه نرجوا العون والأفضلا

وختمها بقوله:

واغفر لعبد مذنـب دعـاك *** وتـبْ عـليـه مـا لــه سـواك

ثم الصلاة والسلام دائــم *** على النبي المصطفى من هاشم

وهي منظومة بديعة ضمنها ناظمها أحكام قواعد الإسلام، وما تمس الحاجة إلى معرفته من المسائل الفقهية. ولما لاحظ الشيخ زروق حاجة الطلبة إلى شرح يوضح معانيها، ويفك معضلاتها، وضع شرحا مختصرا عليها، وفي ذلك يقول: «فقد رأيت كثيرا منهم ـ يقصد المتعبدين ـ يحفظون المقدمة القرطبية من غير أن يعرفوا لها معان، ولا وجوه خفية ولا جلية، فظهر لي أن أضع تقييدا مفيدا إن شاء الله، وأذكر فيه ما يكفي المرء في شأنه بفضل الله».

وغَنيُّ عن البيان التنويه بمكانة الشارح الشيخ زروق، فهو الإمام الفقيه، الناسك، الطائر الصيت، صاحب المؤلفات الكثيرة المشتهرة.

وقد تناول الشيخ زروق في شرحه أبيات الأرجوزة حسب ترتيبها الذي يوافق الترتيب المعهود في الكتب الفقهية.

واعتنى فيه بالتعريفات اللغوية والاصطلاحية، والتفريعات، والفوائد، والتنبيهات الفقهية، وغيرها، واستدرك على الناظم، مثل استدراكه في باب التيمم الأحكام المتعلقة بالمسح على الخفين، والجبائر والعصائب، والأحكام المتعلقة بالحيض والنفاس.

وأما منهجه في الشرح فيتميز بالوضوح والانسجام، فعند إيراد الأبيات التي يريد شرحها يستهِلُّها بقوله: «قال الناظم رحمه الله» أو ما شابه ذلك، ثم يشرع في شرحها مميزا كلامه بقوله: «قلت»، كما أنه يعتني أحيانا بشرح تراجم الناظم، وبيان معانيها اللغوية والشرعية.

ومن منهجه فيه إيراد الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد يستشهد بالشعر أيضا، ويعتمد بعض القواعد الأصولية والفقهية.

وبخصوص الحديث النبوي فإنه اعتنى غالبا ببيان درجة الحديث وذكر من خَرَّجه من أصحاب المصنفات الحديثية، ومن أمانته أنه إذا لم يقف على الحديث أو لم يأت به بنصه بيّن ذلك وطلب من القارئ البحث عنه.

وأما أقوال العلماء فالشرح غاية في ذكرها، ونهاية في نسبتها وطريقة سردها، باختصارها تارة، وبالنص على الإجماع والاتفاق على قول منها تارة أخرى، أو بأن أكثر المحدثين على هذا القول، وأقل الفقهاء على ذاك أوالعكس، وقد يحكيها متوسعا في تعدادها مع فرز كل مذهب من مذاهب أصحابها، وبيان المشهور من غيره، وإن كان اختيار من داخل المذهب نسبه، وتضمن هذا الشرح أيضا بالإضافة إلى أقوال علماء المذهب المالكي أقوال غيرهم من المذاهب خاصة المذهبين الحنفي والشافعي، وقد يأتي الشارح بالأقوال على سبيل الإجمال، ويحيل القارئ إلى كتب الفقه عامة، أو يحيله إلى كتاب معين.

وأما المصادر التي اعتمدها زروق في شرحه فيمكن القول إنه رجع إلى جلّ أمهات كتب الفقه المعروفة والمشهورة، فقد تكرر فيه من أسماء الكتب ذِكر المدونة، والواضحة، والعتبية، والنوادر، والرسالة، والعارضة، وقواعد عياض، والبيان والتحصيل، والمقدمات، والطراز، والذخيرة، والجواهر، والتوضيح، وشرح ابن الفاكهاني للرسالة، وشرح القلشاني لها، ومن أسماء أعلام الفقهاء والعلماء غير أصحاب الكتب المذكورة: ابن عبدالحكم، وابن شعبان، واللخمي، وابن عطاء الله، والباجي، وأبو الفرج المالكي، وابن القابسي، وابن القصار، وابن لبابة، وابن هارون، وابن عبدالسلام، وغير هؤلاء كثير، ونثر الشارح أيضا فوائد مستحسنة استقاها من شيوخه. وبهذه المزايا يمكن اعتبار هذا الشرح بياناً مختصراً جامعاً شاملاً لأحكام قواعد الإسلام الخمس.

ومما يظهر قيمته اعتماد بعض العلماء عليه، واقتباسهم منه، منهم: أبو عبدالله الحطاب (تـ953هـ) في كتابه مواهب الجليل.

طبع الكتاب بعنوان: المقدمة القرطبية ليحيى القرطبي (567هـ) بشرح العلامة الزاهد أحمد زروق البرنسي (899ت)، صدر عن دار التراث ناشرون ـ الجزائر/ دار ابن حزم، الطبعة الأولى 1426هـ ـ2005م، في مجلد، بتحقيق: الدكتور أحسن زقّور.

المصادر---------------------------------

الضوء اللامع:1/222،
توشيح الديباج: ص60-61،
جذوة الاقتباس: 1/128-130،
نيل الابتهاج: ص 130-134.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 143.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 137.80 كيلو بايت... تم توفير 6.12 كيلو بايت...بمعدل (4.25%)]