علوم القرآن الكريم وارتباطها بالعلوم الأخرى - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 25-01-2023, 07:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: علوم القرآن الكريم وارتباطها بالعلوم الأخرى



علوم القرآن وارتباطها بالعلوم الأخرى (11)
تابع الأحرف السبعة وعلاقتها بالقراءات المتواترة










كتبه/ ياسر محمد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد مَرَّ بنا في أحداث هذه السلسلة الحديث عن الأحرف السبعة، وعلاقتها بالقراءات المتواترة، ونقف في هذا المقال على قراءات الأئمة السبعة وصلتها بالأحرف السبعة.

فليست الأحرف الواردة في الأحاديث هي قراءات الأئمة السبعة؛ للآتي:

أولًا: أن هذا يلزم منه بقاء الأحرف السبعة وعدم نسخ شيء منها، وهذا مخالف لإجماع الأمة: أن الأحرف السبعة كان سبب نزولها في البداية التيسير على الأمة.

ثانيًا: فعل الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه من كتابة المصاحف المقروء بها اليوم، وحرقه ما سواها؛ يؤكِّد بطلان هذا الرأي.

ثالثًا: أنه يلزم من ذلك الرأي: عدم صحة القراءات غير السبعة: كأبي جعفر، ويعقوب، وهذا خلاف الإجماع.

رابعًا: أن كل الأئمة السبعة من القُرَّاء تلقَّى عنهم كثيرون بروايات مختلفة، وهذه الروايات بمثابة قراءة الإمام؛ فلو كانت الأحرف السبعة قراءات الأئمة السبعة لما استطعنا إحصاءها مِن الكثرة.

قال العلامة أبو شامة: "ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الأحاديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة؛ إنما يظن ذلك بعض أهل الجهل، فالصواب أن قراءة الأئمة السبعة، بل العشر المقروء بها اليوم، جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، وورد بها حديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، وهي موافقة لآخر عرضة، عرض فيها جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وكلها متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وأخرج ابن أَشْتَة عن ابن سيرين قال: "القراءة التي عُرِضَت على النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي قُبِض فيه هي قراءة الناس اليوم، وهذه القراءات العشر موافقة لخط المصاحف التي وجهها الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار، وأجمع الصحابة عليها" (أبحاث في القرآن الكريم للشيخ القاضي).

وفي شرح "طيبة النشر في القراءات العشر" لأبي القاسم النويري: ذكر أن هذه الأحرف السبعة متفرقة في القرآن، وقال: "لا شك في ذلك، فمَن قرأ ولو بعض القرآن بقراءة معينة اشتملت على الأوجه المذكورة؛ فإنه يكون قد قرأ بالأوجه السبعة دون أن يكون قد قرأ بالأحرف السبعة".

وقد ذكر أيضًا: أن المصاحف العثمانية اشتملت على جميع الأحرف السبعة، وهذه مسألة عظيمة فذهب إلى ذلك القول جماعة من الفقهاء والقراء والمتكلمين؛ بحجة أن الأمة يحرم عليها ترك شيء من السبعة، وخالفهم الجمهور إلى أنها مشتملة على ما يحتمله رسم المصحف من الأحرف السبعة فقط، بناءً على العرضة الأخيرة التي عرضها جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام.

قلتُ: وهو الظاهر؛ لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المستفيضة تدل عليه، وهذا يدل على أن القراءات التي يقرأ بها الناس اليوم في كلِّ الأمصار هي جميع الأحرف السبعة أو بعضها.

وقال إمام عصره ابن تيمية: "ولا نزاع بين العلماء المعتبرين: أن الأحرف السبعة ليست القراءات السبعة؛ ولذلك لم يتنازع العلماء في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة، بل مَن ثبت عنده قراءة متواترة مستوفية للشروط والأركان؛ فله أن يقرأ بها بلا نزاع، بل أكثر العلماء الذين أدركوا قراءة حمزة بن حبيب الزيات: كسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، وبشر بن الحارث، وغيرهم، يختارون قراءة أبي جعفر، وشيبة بن نصاح، وقراءة شيوخ يعقوب على قراءة حمزة" (نقله ابن الجزري في منجده عن فتوى ابن تيمية).

وقال الحافظ الذهبي: "وما رأينا أحدًا أنكر الإقراء بمثل قراءة يعقوب وأبي جعفر".

وقال الكواشي في تفسيره: "ما اجتمعت فيه الشروط الثلاثة فهو من الأحرف السبعة؛ سواء وردت عن سبعة، أو سبعة آلاف".

ونقل أبو القاسم النويري استفتاءً عن العلامة السبكي في القراءات المقروء بها اليوم: هل هي متواترة أم لا؟ وهل كل ما انفرد به واحد من العشرة بحرف من الحروف متواتر أم لا؟ وما الذي يجب على مَن جحدها أو حرفها؟

فأجاب قائلًا: "القراءات السبع التي نقلها الشاطبي، والثلاثة التي نقلها ابن الجزري متواترة معلومة من الدِّين بالضرورة، وكل حرف انفرد به واحدٌ من العشرة معلوم من الدين بالضرورة؛ أنه منزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل، وليس التواتر مقصورًا على القارئ فحسب، بل هي متواترة عند كلِّ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ولو كان مع ذلك عاميًّا جلفًا لا يحفظ من القرآن حرفًا" (انتهى بتصرف من شرح طيبة النشر للإمام ابن الجزري).


وأخيرًا: قلتُ: ومِن أقوى الأدلة على أن الأحرف السبعة ليس المراد بها الأئمة السبعة؛ فضلًا عن العشرة، وأنها لهجات وأوجه استوعبتها القراءات العشر، واشتملت على بعضها المصاحف: أن الأئمة السبعة أو العشرة، لم يكونوا موجودين في زمن نزول الوحي بالقراءات على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ إن أكثر سور القرآن سور مكية، فدل ذلك على بطلان القول بأن الأحرف السبعة هم الأئمة السبعة، وكذلك مع قوة كلام العلامة أبو شامة السابق في أول مقالنا، ولله الحمد والمنة.

وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-03-2023, 12:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: علوم القرآن الكريم وارتباطها بالعلوم الأخرى

مقالات في علوم القرآن وارتباطها بالعلوم الأخرى (12)

الكلام حول أركان القراءة وعلاقتها بعلم القراءات









كتبه/ ياسر محمد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال العلامة ابن الجزري -رحمه الله تعالى- في طيبة النشر فيما يتعلَّق بما ينبغي على حامل القرآن فعله، وهو: أن يجتهد في حفظه والعمل به، وإتقانه وضبطه، وتصحيحه على أكمل الوجوه، بالنقل المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم:

وليجتهد فيه وفي تصحيحه على الذي نُقِل من صحيحه

وقد ذكرتُ هذه المقدمة لابن الجزري؛ لأنها هي المدخل للكلام عن أركان القراءة، ولما ذكر رحمه الله الوجه الصحيح قال في نظمه طيبة النشر:

فـكـل ما وافـق وجه نحو وكان للرسم احتمالا يحوي

وصح إسنادًا هو القرآن فهذه الثــــــــلاثة الأركــان

والمعنى: إذا أردتَ القراءة المحكوم بقرآنيتها وعدم شذوذها؛ فهي القراءة التي استوفت الشروط الثلاثة، وهي: أن تكون موافقة لوجه من أوجه اللغة العربية؛ لأنها لغة القرآن التي نزل بها؛ مصداقًا لقول الله -تعالى-: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الزمر: 28)، وقوله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا) (طه: 113)، وقوله -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف: 2)، وقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) (النحل: 103).

فكل قراءة وافقتْ وجهًا من وجوه العربية، ولو لم يكن هذا الوجه هو الأشهر، حكم عليها بالقبول، وسواء كان هذا الوجه مختلفًا فيه أو مجمعًا عليه؛ فهذا لا يضر إذا كانت القراءة شاعت وذاعت، وتلقاها الأئمة بالإسناد الصحيح؛ فكم من قراءة أنكرها نحويون ولم يُعتد بهذا الإنكار، بل أجمع الأئمة المقتدَى بهم مِن السَّلَف على قبولها.

والأمثلة الآتية تبين ذلك:

جاء لفظا: (بَارْئِكُمْ) و(يَأْمُرْكُم) بإسكان الراء، وكذلك بكسر الراء، وضمها في (يَأْمُرُكُم)، ولفظة: (مِن سَبَأْ) بإسكان الهمزة، وفتحها (مِن سَبَأَ)، وتنوينها مكسورة (مِن سَبَإٍ)، ولفظة: (يَا بُنَيْ) بإسكان الياء، و(يَا بُنَيَّ) في هود ويوسف ولقمان بفتح الياء، ولفظة: (وَكَذَلِكَ نُجِّيَ الْمُؤْمِنِينَ) في سورة الأنبياء؛ قرأ الشامي وشعبة بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم، والباقون بنونين، الأولى مضمومة والثانية ساكنة مع تخفيف الجيم، وكذلك الجمع بين الساكنين في قراءة ابن كثير في لفظ (وَلَاَ تَّعَاوَنُواْ) حيث قرأ الرواة عن ابن كثير في حالة الوصل بتشديد التاء وإشباع الألف، وكذا (وَلَاَ تَّنَازَعُواْ) في الأنفال، و(وَلَاَ تَّيَمَّمُواْ) في البقرة، وكذلك قوله: (لِلْمَلَائِكَةُ اسْجُدُوا)، حيث قرأ أبو جعفر المدني وصلا بضم التاء وقرأ الباقون بخفضها، وكذلك قوله: (أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ)، حيث قرأ الراوي عن ابن عامر الشامي بوجهين، وجه كحفص (أَفْئِدَةً)، والوجه الثاني قرأ بزيادة ياء بعد الهمزة (أَفْئِيدَةً)، وقوله -تعالى-: (تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)، حيث قرأ حمزة بن حبيب الزيات أحد القراء المشهورين بخفض الميم في لفظ: (وَالْأَرْحَامِ)، والتقدير: "واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام"، وكذلك قراءة: (إِنْ هَذَانِ) بسكون النون وإثبات الألف في (هَذَانِ)، وقرئ بتشديد النون في (إِنَّ)، و(هَذَيْنِ) بياء ساكنة بعد الذال بدلًا من الألف، وتخفيف لفظة: (وَلَا تَتَّبِعَانِ) في سورة يونس، وقراءة كلمة (لَيْكَةَ) في سورتي: الشعراء وص، بفتح اللام وحذف الهمزة وفتح التاء، وفي الحجر وق رُسِمَت هكذا: (الْأَيْكَةِ).

قال عثمان بن سعيد الداني أبو عمرو الأندلسي في كتابه: "جامع البيان": "وأئمة القراءة لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتتْ عنهم، لم يردها قياس العربية، ولا فشو اللغة؛ لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها".

قال البيهقي -رحمه الله-: "والمقصود بسنة متبعة أي: اتباع مَن قبلنا في الحروف، فلا يجوز مخالفة المصحف العثماني، ولا مخالفة المشهور من القراءات، وإن كان غير سائغ في اللغة" (الإتقان في علوم القرآن، 1/ 260 بتصرفٍ).

وقد عَلَّق بعض العلماء على كلام أبي عمرو السابق، ووصفه بأنه: "كلام قوي وله وجاهة، وقد أخذ علماء النحو قواعدهم من القرآن الكريم، وكلام العرب، فالقرآن هو الحاكم على علماء النحو، فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، ويجب على علماء النحو أن يراجعوا قواعدهم على القرآن، فالقرآن هو أقوى حجة للنحويين في إثبات ما يثبتونه ونفي ما ينفونه" (مناهل العرفان في علوم القرآن، 1/ 422 بتصرفٍ).


وللحديث بقية بإذن الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29-12-2023, 01:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: علوم القرآن الكريم وارتباطها بالعلوم الأخرى

مقالات في علوم القرآن الكريم وارتباطها بالعلوم الأخرى (13)

تابع الكلام حول أركان القراءة وعلاقتها بعلم القراءات



كتبه/ ياسر محمد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالركن الثالث من أركان القراءة الصحيحة هو صحة السند، ومعناه: أن يروي القراءة عدل ضابط عن مثله إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من غير شذوذ، ولا علة قادحة.
ومن الأجدر قبل الكلام عن هذا الركن أن نبيِّن مسألة مهمة؛ ألا وهي: ماذا لو اختل ركن من أركان القراءة الثلاثة؟
والجواب: قال ابن الجزري -رحمه الله- في طيبة النشر:
وحَيـثُـماَ يَخْتَلُّ رُكْـنٌ أَثْبِتِ شُذُوذَهُ لَوْ أنَّهُ فِي السَّبعَةِ
والمعنى: لو اختل ركنٌ من أركان القراءة؛ فإنه يحكم عليها بالشذوذ حتى ولو قرأ بها القراء السبعة المشهورون، ولا بد من الانتباه إلى أن القراءات عشر وليست سبعة، والقول بأنها سبعة فقط ليس له حظ من النقل أو الأثر، وإنما هو من كلام بعض المتأخرين الذين لم يقرؤوا بأكثر من السبع. (انتهى بتصرف من شرح الطيبة للعلامة محمد بن محمد بن محمد محب الدين أبي القاسم النويري).
ثم بعد ذلك لا بد أن نعي: أن الاعتماد في نقل القرآن متوقف على الحفظ في القلوب والصدور، لا على المصاحف والكتب؛ فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ ‌كِتَابًا ‌لَا ‌يَغْسِلُهُ ‌الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانًا...) (رواه مسلم).
ففي هذا الحديث إخبار من الله -تعالى- أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء، بل يقرأ في كلِّ حال، بخلاف أهل الكتاب لا يقرؤون إلا نظرًا، وقد توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو محفوظ في الصدور، ولما تولَّى بعده الصديق -رضي الله عنه-، واندلعت الحروب مع مسيلمة الكذاب، قام الصديق -رضي الله عنه- بعد مشورة الصحابة بجمع القرآن في مصحفٍ واحدٍ؛ خشية أن يذهب بذهاب قرائه، وأمر زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري كاتب الوحي بجمع القرآن، حتى قال زيد -رضي الله عنه-: "والله لو كلفوني نقل الجبال لكان أيسر عليَّ من ذلك!"، قال زيد: "فجعلت أتتبع القرآن من صدور الرجال، والرقاع -وهي: قطع الجلد-، والأكتاف -وهي: عظام الكتف المنبسط كاللوح والأضلاع-، والعسب: سعف النخل، واللخاف: الأحجار العريضة البيضاء؛ وذلك لانعدام الورق حينئذٍ، قال زيد: "فذكرت آية كنت قد سمعتها من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ) (التوبة: 128)، فلم أجدها إلا عند خزيمة بن ثابت.
وقال أيضا: "فقدت آية كنت أسمعها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما وجدتها إلا عند رجل من الأنصار وهي: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) (الأحزاب: 23).
وهنا تساؤل: لماذا يتتبع زيد القرآن ليجمعه وهو حافظ له، وهو مِن كاتبي الوحي؟ وكيف يحصل التواتر بما عند واحد من الصحابة؟
والجواب: أن هذا أبلغ في التواتر، وقد يجاب أيضًا بجواب آخر يعضد الأول، وهو: أنه ربما كان هذا الجمع لاستكمال وجوه قراءاته، فكتب زيد القرآن بجميع أحرفه ووجوهه المعروفة بالأحرف السبعة، فلما تمت كتابة الصحف أخذها أبو بكر عنده حتى أتاه الموت، ومن بعده عمر، فلما مات أخذتها ابنته حفصة -رضي الله عنها-، وفي سنة ثلاثين من خلافة عثمان -رضي الله عنه-، وأثناء الفتوحات رأي حذيفة اختلاف الناس في القرآن، فقال حذيفة لعثمان: "أدرك هذه الأمة قبل اختلافهم اختلاف الخارجين من الملة"، فأرسل إلى حفصة وأحضر الصحف، وأمر زيدًا، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بنسخها في المصاحف، ويردون لحفصة الصحف، فنَسَخ عنها عدة مصاحف، وأمسك لنفسه مصحفًا، وهو المعروف: بمصحف الإمام.
وقد اختار الخليفة عثمان -رضي الله عنه- زيدًا أسوة بنبيه -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه، وضم إليه هؤلاء لاشتهار ضبطهم ومعرفتهم، وكتبوا القرآن مائة وأربعة عشر سورة، أولها: الحمد (الفاتحة)، وآخرها: الناس، وأول كل سورة البسملة؛ إلا أول سورة براءة، فجعلوا مكانها بياضًا، وجردوا المصاحف من أسماء السور، ونسبتها، وعددها، وتجزئتها، وفواصلها، تبعًا لأبي بكر الصديق، واجتمعت الأمة على ما في هذه المصاحف، وترك ما خالفها من زيادة ونقص، وإبدال كلمة بأخرى، مما كان مأذونًا فيه توسعة عليهم، ولم يثبت عندهم ثبوتًا مستفيضًا أنه مِن القرآن.
وجردت هذه المصاحف كلها من النقط والشكل؛ لتحتمل ما صَحَّ نقله، وثبتت تلاوته وروايته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الاعتماد -كما أسلفنا- على الحفظ، لا على مجرد الخط.
وما ذكرناه في هذا المقال هو توطئة ومقدمة للكلام عن الإسناد والتواتر.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 29-12-2023, 01:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: علوم القرآن الكريم وارتباطها بالعلوم الأخرى

مقالات في علوم القرآن وارتباطها بالعلوم الأخرى (14)

تابع الكلام حول أركان القراءة وعلاقتها بعلم القراءات



كتبه/ ياسر محمد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فنتحدث في هذا المقال عن موافقة القراءة القرآنية للرسم للعثماني، فحتى تكون القراءة محكوم بقرآنيتها لا بد أن توافق الرسم مطابقة أو احتمالًا، فقد توافق القراءة رسم جميع المصاحف العثمانية كقوله -تعالى-: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (البقرة - 281)، أو توافق رسم بعض المصاحف نحو قوله -عز وجل-: (وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (الحديد: 24)، ففي بعض المصاحف المدنية والشامية حذف الضمير "هو"، وهذا مما سبق الكلام عليه في توجيه معنى الأحرف السبعة، وأنها لهجات عربية مختلفة.
وقد يوافق الرسم أحد المصاحف مثل قوله -تعالى-: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) (البقرة: 116)، حيث قرئ في بعض المصاحف بحذف الواو، وفي أخرى بإثباتها.
وموافقة الرسم العثماني تكون على قسمين:
- الأول: موافقة تحقيقية: أي: صريحة، نحو قوله -تعالى-: "إن ينصركم الله"، فالمصاحف العثمانية كتبت مجردة من النقط والشكل، فكانت محتملة لجميع أوجه القراءات؛ إذ إن القرآن نزل ملفوظًا وليس مكتوبًا كما نزلت بعض الكتب السابقة: كالتوراة، فمن المعلوم أن القرآن نزل خلال ثلاث وعشرين سنة منجمًا -مفرقًا- على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان يأمر بكتابة الوحي ويقول ضعوا هذه الآية في سورة كذا ولم يكن المصحف قد رقم بعد، وليس هناك فواصل بين الآيات؛ إلا أن جبريل عليه السلام قد علم النبي هذه الفواصل، والنبي علم الصحابة رؤوس الآيات وكان يقف على رأس الآية تعليما ويصلها بغيرها أحيانا لتوضيح معنى، أما ترقيم الآيات وفواصلها جاءت بعد ذلك باجتهاد العلماء.
وقد جاء الرسم العثماني مجردًا من النقط؛ ليقرأ على وجوه متغايرة؛ إذ إن الأصل في تلقي القرآن هو المشافهة والشيوخ والقراء، وليس المصحف.
ولقد جاء القرآن العظيم منسجمًا مع قواعد الإملاء الحديثة، ومتفوقًا عليها في كل الوجوه، وقد يظن البعض وجود اختلافات بين الرسم العثماني والرسم الإملائي، وهذا غير صحيح، فمن عظمة القرآن أن يتفق مع الرسمين، والمتأمل في الرسم العثماني يرى أنه اتسم مع الرسم الإملائي في كثير من آيات القرآن، بل أغلبها، والاختلاف بين هذا الرسم والآخر اختلاف ضئيل في أحرف وكلمات يسيرة بالنسبة لعدد آي القرآن التي بلغ عددها ستة آلاف ومئتان وست وثلاثين آية بالعد الكوفي، وهذا الاختلاف يرجع إلى إدغام أحرف، وحذف أحرف، وكتابتها برسم عثماني.
- الثاني: موافقة الرسم تقديرًا، وهذا كما عبر عنه العلامة ابن الجزري: "وكان للرسم احتمالًا يحوي"، ومن الأمثلة على هذا القسم: "مالك يوم الدين" - "وما يخادعون" - "وإنا لجميع حاذرون"؛ فقرئت هذه الكلمات بحذف الألف وإثباته، فعلى القراءة بالألف توافق الرسم تقديرًا، وكذا قرئت كلمة: "صراط" - "المصيطرون" بالسين لقرب مخرج الصاد من السين، ومن هذا القسم الكلمات التي أجمع القراء على قراءتها بوجه يخالف الرسم الصحيح مثل: "العالمين" - "مؤمنات"، فرسمت بحذف الألف، وقد قرئت بإثبات الألف، وكذا كلمة "امرأت" بالتاء المفتوحة بدلا من التاء المربوطة، وقد أفردت هذه الكلمة؛ لأنها من الكلمات التي طعن البعض فيها ووقعت عندهم الشبهة، حيث قالوا: كيف تكون هذه الكلمة مكتوبة بالتاء المفتوحة، وهي في الأصل تكون بالتاء المربوطة؟!
ويجاب على هذه الشبهة: بأن الأصل في التاء التي تأتي لتأنيث الاسم أن تكون مربوطة، وذلك للتمييز بينها وبين تاء التأنيث التي في الفعل، والتاء في جمع المؤنث السالم، فمثلًا: لو قلنا: (ذاكر أحمد الدرس - كتبت فاطمة الدرس - ذاكرت التلميذات الدرس)، فالتاء في مثال: "كتبت فاطمة" جاءت في "فاطمة" مربوطة؛ للتمييز بينها وبين التاء في "كتبت"، وفي "أحمد" لم تذكر التاء؛ لأنه هذا مذكر؛ لأنه لابد من التمييز بين التذكير والتأنيث.
وخلاصة القول في ذلك: أن كلمة "امرأت" رسمت بالتاء المفتوحة لتوافق لغة طيء، وهي من قبائل العرب، وكذا لجواز الوقف عليها بالتاء ككلمة: "رحمت" - "نعمت" - "بقيت"؛ دلالة على لغة هذه القبيلة، وهي لغة عربية فصيحة، فرسمت الكلمة بالتائين لموافقة جميع اللغات، ولو رسمت على لغة واحدة ما كان القرآن معجزًا ولا بليغًا، وإذا نظرنا إلى بعض الآيات التي وردت فيها هذه الكلمة، نرى الأمر واضحًا.
وهاك الأمثلة: "امرأت عمران" - "امرأت العزيز" - "امرأت نوح وامرأت لوط" - "امرأت فرعون إذ قالت"، فبالتأمل في هذه الآيات نرى أن لفظ: "المرأة" قد أضيف، وعندما نطالع نفس الكلمة في آيات أخر، نراها هكذا: "امرأة تملكهم" - "وإن امرأة خافت" - "وامرأة مؤمنة إن وهبت" - "وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة"؛ فهذه هنا غير مضافة، أي: هي امرأة ليست بعينها لم تحدد.
والخلاصة: أن الأمر ليس فيه مخالفة لقواعد الإملاء -كما يتوهم البعض!-، بل هو من الحفاظ على اللغات وإثرائها؛ فكل من عند الله.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 90.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 86.86 كيلو بايت... تم توفير 3.31 كيلو بايت...بمعدل (3.67%)]