مناسك الحج (بالترتيب خطوة خطوة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 22 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2023, 02:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي مناسك الحج (بالترتيب خطوة خطوة)

مناسك الحج (بالترتيب خطوة خطوة)
صلاح عواد

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

الفصل الأول: فيما يفعله الحاج عند وصوله إلى الميقات:
يستعد المسلم لهذه الرحلة، فإذا وصل إلى الميقات استُحِبَّ له أن يغتسل ويتطيب، وأن المرأة إذا وصلت إلى الميقات وهي حائض أو نُفَساء تغتسل وتُحرِم مع الناس، وتفعل ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت.

ويُستحب لمن أراد الإحرام أن يتعاهد شاربه وأظفاره وعانته وإبطيه، فيأخذ ما تدعو الحاجة إلى أخذه.

ثم يلبس الذَّكَرُ إزارًا ورداء، ويُستحب أن يكونا أبيضين نظيفين، ويُستحب أن يحرم في نعلين.

وأما المرأة، فيجوز لها أن تُحرم فيما شاءت من أسود أو أخضر أو غيرهما، لكن ليس لها أن تلبس النقاب والقفازين حال إحرامها.

ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب الإحرام، يصلي ركعتين، ثم ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة، ويشرع له التلفظ بما نوى، فإن كانت نيته العمرة قال: "لبيك عمرة" أو "اللهم لبيك عمرة"، وإن كانت نيته الحج قال: "لبيك حجًّا" أو "اللهم لبيك حجًّا"، والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة أو غيرهما.

الفصل الثاني: في المواقيت المكانية وتحديدها:
المواقيت خمسة:
(الأول): ذو الحليفة؛ وهو ميقات أهل المدينة، وهو المسمى عند الناس اليوم أبيار عليٍّ.
(الثاني): الجُحْفة؛ وهي ميقات أهل الشام، وهي قرية خراب تلي موضع (رابغ)، والناس اليوم يحرمون من رابغ، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات؛ لأن رابغًا قبلها بيسير.
(الثالث): قرن المنازل؛ وهو ميقات أهل نجد، وهو المسمى اليوم (السيل).
(الرابع): يلملم؛ وهو ميقات أهل اليمن.
(الخامس): ذات عرق؛ وهي ميقات أهل العراق.

وهذه المواقيت قد وقَّتها النبي صلى الله عليه وسلم لمن ذكرنا ومَن مرَّ عليها مِن غيرهم، ممن أراد الحج أو العمرة.

- والواجب على من مر عليها أن يُحرم منها، ويحرُم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصدًا مكة يريد حجًّا أو عمرة، سواء كان مروره عليها من طريق الأرض أو من طريق الجو.

ملاحظة: والمشروع لمن توجه إلى مكة من طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة، فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه، ثم لبَّى بالعمرة إن كان الوقت متسعًا، وإن كان الوقت ضيقًا لبى بالحج، وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات، فلا بأس، ولكن لا ينوي الدخول في النسك، ولا يلبي بذلك إلا إذا حاذى الميقات أو دنا منه، وبعض الفقهاء جوَّز أن يبدأ بالإحرام عند قيام الطائرة، خشية أن تكون لسرعتها تتجاوز الميقات من غير إحرام.

مسألة: من أراد العمرة وهو في الحرم، فعليه أنه يخرج إلى الحل ويُحرم بالعمرة منه.

الفصل الثالث: في الأنساك الثلاثة:
اعلم أن الأنساك التي يحرم بها الحاج ثلاثة أفضلها التمتع أو الإفراد:
نسك التمتع: أن يحرم بالعمرة فينويها بقلبه ويتلفظ بلسانه قائلًا: "لبيك عمرة"، أو "اللهم لبيك عمرة"، ثم يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم وهي: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك))، ويُكْثِر من هذه التلبية ومن ذكر الله سبحانه حتى يصل إلى البيت، فإذا وصل إلى البيت، قطع التلبية، وطاف بالبيت سبعة أشواط، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم خرج إلى الصفا، وطاف بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم حلق شعر رأسه أو قصَّره، وبذلك تمت عمرته، وحلَّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام، ثم يحرم بالحج من مكة يوم التروية، ويجب عليه أن ينحر هَدْيًا.

ملاحظة: اختلفوا في وقت ذبح هديِ التمتع؛ فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه يختص بأيام النحر الثلاثة.
وذهب الشافعية إلى أنها لا تختص بزمان، بل يجوز أن يذبحها بعد الإحرام بالحج في التمتع، ويجوز قبل الإحرام بالحج بعد التحلل من العمرة في الأظهر.

نسك الإفراد: أن ينوي الإحرام بالحج فقط، قائلًا: "لبيك حجًّا"، ويبقى محرمًا إلى أن يفرغ من أعمال الحج، فإذا فرغ من أعمال الحج، عاد إلى خارج حدود الحرم فاعتمر وأتى بأعمال العمرة، وليس عليه هديٌ.

نسك القِران: أن ينويَ حجًّا وعمرة معًا، ثم يمضي في أعمال الحج، فتندرج تحتها العمرة أيضا، ويجب عليه أن ينحر هديًا.

وإن خاف المحرم ألَّا يتمكن من أداء نسكه لكونه مريضًا أو خائفًا من عدو ونحوه، استُحِب له أن يقول عند إحرامه: "فإن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني".

وفائدة هذا الشرط أن المحرم إذا عرض له ما يمنعه من تمام نسكه؛ من مرضٍ أو صدِّ عدوٍّ، جاز له التحلل، ولا شيء عليه.

الفصل الربع: في بيان محظورات الإحرام وما يباح فعله للمحرم:
لا يجوز للمحرم بعد نية الإحرام سواء كان ذكرًا أو أنثى أن يأخذ شيئًا من شعره أو أظفاره أو يتطيب.

ولا يجوز للذَّكَرِ خاصة أن يلبس مخيطًا على جملته يعني على هيئته التي فصل وخيط عليها؛ كالقميص، أو على بعضه؛ كالفانيلة والسراويل والخفين والجوربين، إلا إذا لم يجد إزارًا، جاز له لبس السراويل، وكذا من لم يجد نعلين، جاز له لبس الخفين.

ويجوز للمحرم لبس الخِفاف التي ساقها دون الكعبين؛ لكونها من جنس النعلين.

ويجوز له عقد الإزار وربطه بخيط ونحوه.

ويجوز للمحرم أن يغتسل ويغسل رأسه ويحكه إذا احتاج إلى ذلك برفق وسهولة، فإن سقط من رأسه شيء بسبب ذلك، فلا حرج عليه.

ويحرم على المرأة المحرمة أن تلبس مخيطًا لوجهها؛ كالبرقع والنقاب، أو ليديها؛ كالقفازين، والقفازان: ما يُخاط أو يُنسج من الصوف أو القطن أو غيرهما على قدر اليدين.

ويُباح لها من المخيط ما سوى ذلك؛ كالقميص والسراويل والخفين والجوارب ونحو ذلك.

وكذلك يُباح لها سدل خمارها على وجهها إذا احتاجت إلى ذلك عند المرور بالأجانب، وإن مسَّ الخمار وجهها، فلا شيء عليها.

وأما ما اعتادته الكثيرات من النساء من جعل العصابة تحت الخمار لترفعه عن وجهها، فلا أصل له.

ويجوز للمحرم من الرجال والنساء غسل ثيابه التي أحرم فيها من وسخ أو نحوه، ويجوز له إبدالها بغيرها، ولا يجوز له لبس شيء من الثياب مسه الزعفران أو الورس.

ويجب على المحرم أن يترك الرفث والفسوق والجدال.

ويحرم على المحرم الذَّكَرِ تغطية رأسه بملاصق كالطاقية والغترة والعمامة أو نحو ذلك، وهكذا وجهه.

وأما استظلاله بسقف السيارة أو الشمسية أو نحوهما، فلا بأس به، كالاستظلال بالخيمة والشجرة.

ويحرم على المحرم من الرجال والنساء قتل الصيد البري، والمعاونة في ذلك، وتنفيره من مكانه، وعقد النكاح والجماع وخطبة النساء ومباشرتهن بشهوة.

وإن لبس المحرم مخيطًا، أو غطَّى رأسه، أو تطيب ناسيًا أو جاهلًا، فلا فدية عليه، ويزيل ذلك متى ذكر أو علِم، وهكذا من حلق رأسه أو أخذ من شعره شيئًا أو قلَّم أظافره ناسيًا أو جاهلًا، فلا شيء عليه.

ويحرم على المسلم محرمًا كان أو غير محرم، ذكرًا كان أو أنثى قتل صيد الحرم، والمعاونة في قتله بآلة أو إشارة أو نحو ذلك.

ويحرم تنفيره من مكانه، ويحرم قطع شجر الحرم ونباته الأخضر ولُقطته إلا لمن يعرفها، ومِنًى ومزدلفة من الحرم، وأما عرفة فمن الحِلِّ.

الفصل الخامس: فيما يفعله الحاج عند دخول مكة، وبيان ما يفعله بعد دخول المسجد الحرام من الطواف وصفته:
فإذا وصل المحرم إلى مكة استُحِب له أن يغتسل قبل دخولها، فإذا وصل إلى المسجد الحرام سُنَّ له تقديم رجله اليمنى، ويقول: (بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك).

فإذا وصل إلى الكعبة، قطع التلبية قبل أن يشرع في الطواف إن كان متمتعًا أو معتمرًا، ثم قصد الحجر الأسود واستقبله، ثم يستلمه بيمينه ويقبله إن تيسر ذلك، ولا يؤذي الناس بالمزاحمة، ويقول عند استلامه: "بسم الله والله أكبر"، فإن شق التقبيل استلمه بيده أو عصا، وَقَبَّلَ ما استلمه به، فإن شق استلامه أشار إليه وقال: "الله أكبر".
ولا يُقبِّل ما يشير به، ويجعل البيت عن يساره حال الطواف، ويطوف سبعة أشواط، ويَرمُلُ في جميع الثلاثة الأُوَل من الطواف الأول، وهو الطواف الذي يأتي به أول ما يقدم مكة، سواء كان معتمرًا أو متمتعًا أو محرمًا بالحج وحده، أو قارنًا بينه وبين العمرة، ويمشي في الأربعة الباقية يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود، ويختم به، والرَّمَل هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى.

ويُستحب له أن يضطبع في جميع هذا الطواف دون غيره، والاضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر، وإن شك في عدد الأشواط بنى على اليقين وهو الأقل، فإذا شك هل طاف ثلاثة أشواط أو أربعة، جعلها ثلاثة، وهكذا يفعل في السعي.

وبعد فراغه من هذا الطواف، يرتدي بردائه فيجعله على كتفيه، ويجعل طرفيه على صدره، قبل أن يصلي ركعتي الطواف.

ولا يشرع الرَّمَل والاضطباع في غير هذا الطواف، ولا في السعي، ولا للنساء، ويكون حال الطواف متطهرًا من الأحداث والأخباث، خاضعًا لربه، متواضعًا له.

ويستحب له أن يكثر في طوافه من ذكر الله والدعاء، وإن قرأ فيه شيئًا من القرآن، فحسنٌ.

فإذا حاذى الركن اليماني استلمه بيمينه، وقال: "بسم الله والله أكبر"، ولا يُقبِّله، فإن شق عليه استلامه، تركه ومضى في طوافه، ولا يشير إليه، ولا يكبر عند محاذاته، ويستحب له أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

وكلما حاذى الحجر الأسود، استلمه وقبَّله وقال: "الله أكبر"، فإن لم يتيسر استلامه وتقبيله، أشار إليه كلما حاذاه وكبَّر.

ولا بأس بالطواف من وراء زمزم والمقام، ولا سيما عند الزحام والمسجد كله محل للطواف، ولو طاف في أروقة المسجد أجزأه ذلك، ولكن طوافه قرب الكعبة أفضل إذا تيسر ذلك.

فإذا فرغ من الطواف، صلى ركعتين خلف المقام إذا تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر له ذلك لزحام ونحوه، صلَّاهما في أي موضع من المسجد، ويسن أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، ثم يقصد الحجر الأسود فيستلمه بيمينه، إن تيسر له ذلك.

ثم يخرج إلى الصفا من بابه فيرقاه، أو يقف عنده، والرقي على الصفا أفضل إن تيسر ويقرأ عند ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158].

ويستحب أن يستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره، ويقول: "لا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، ثم يدعو بما تيسر رافعًا يديه، ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات، ثم ينزل فيمشي إلى المروة حتى يصل إلى العلم الأول، فيسرع الرجل في المشي إلى أن يصل إلى العلم الثاني، وأما المرأة، فلا يشرع لها الإسراع بين العلمين؛ لأنها عورة، وإنما المشروع لها المشي في السعي كله، ثم يمشي فيرقى المروة، أو يقف عندها، والرقي عليها أفضل إن تيسر ذلك، ويقول ويفعل على المروة كما قال وفعل على الصفا، ما عدا قراءة الآية؛ وهي قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158]، فهذا إنما يشرع عند الصعود إلى الصفا في الشوط الأول فقط، ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه، ويسرع في موضع الإسراع حتى يصل إلى الصفا، يفعل ذلك سبع مرات ذهابه شوط، ورجوعه شوط.

ويستحب أن يكثر في سعيه من الذكر والدعاء بما تيسر، وأن يكون متطهرًا من الحدث الأكبر والأصغر، ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك، وهكذا لو حاضت المرأة أو نفست بعد الطواف، سعت وأجزأها ذلك.

فإذا كمل السعي حلق رأسه أو قصره، والحلق للرجل أفضل، فإن قصر وترك الحلق للحج فحسنٌ، وإذا كان قدومه مكة قريبًا من وقت الحج فالتقصير في حقه أفضل ليحلق بقية رأسه في الحج.

ولا بد في التقصير من تعميم الرأس ولا يكفي تقصير بعضه، كما أن حلق بعضه لا يكفي، وبعض الفقهاء جوَّز ألَّا يقل عدد الشعرات حلقًا أو تقصيرًا عن ثلاث شعرات.

والمرأة لا يشرع لها إلا التقصير، والمشروع لها أن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل، والأنملة هي رأس الإصبع، ولا تأخذ المرأة زيادة على ذلك.

فإذا فعل المحرم ما ذُكر، فقد تمت عمرته، وحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام، إلا أن يكون قد ساق الهدي من الحل، فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل من الحج والعمرة جميعًا.

وإذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها بالعمرة، لم تطُفْ بالبيت ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر، فإذا طهرت، طافت وسعت وقصرت من رأسها وتمت عمرتها بذلك، فإن لم تطهر قبل يوم التروية، أحرمت بالحج من مكانها الذي هي مقيمة فيه، وخرجت مع الناس إلى مِنًى، وتصير بذلك قارنة بين الحج والعمرة، وتفعل ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة، وعند المشعر، ورمي الجمار، والمبيت بمزدلفة ومِنًى، ونحر الهدي والتقصير، فإذا طهرت، طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة طوافًا واحدًا، وسعيًا واحدًا، وأجزأها ذلك عن حجها وعمرتها جميعًا.

وإذا رمت الحائض والنفساء الجمرة يوم النحر وقصرت من شعرها، حل لها كل شيء حرم عليها بالإحرام؛ كالطيب ونحوه، إلا الزوج حتى تكمل حجها كغيرها من النساء الطاهرات، فإذا طافت وسعت بعد الطهر، حل لها زوجها.

الفصل السادس: في حكم الإحرام بالحج يوم الثامن من ذي الحجة والخروج إلى منى:
فإذا كان يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة استُحب للمحلِّين بمكة ومن أراد الحج من أهلها الإحرامُ بالحج من مساكنهم.

ويُستحب أن يغتسل ويتنظف ويتطيب عند إحرامه بالحج، كما يفعل ذلك عند إحرامه من الميقات، وبعد إحرامهم بالحج يُسن لهم التوجه إلى مِنًى قبل الزوال أو بعده من يوم التروية، ويكثرون من التلبية إلى أن يرموا جمرة العقبة، ويصلُّون بمِنًى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، والسنة أن يُصَلُّوا كل صلاة في وقتها قصرًا بلا جمع، إلا المغرب والفجر، فلا يقصران.

ثم بعد طلوع الشمس من يوم عرفة يتوجه الحاج من منى إلى عرفة، ويسن أن ينزلوا بنمرة إلى الزوال، إن تيسر ذلك.

فإذا زالت الشمس يسن للإمام أو نائبه أن يخطب الناس خطبة تناسب الحال يبين فيها ما يشرع للحاج في هذا اليوم وبعده، ويأمرهم فيها بتقوى الله وتوحيده والإخلاص له في كل الأعمال، ويحذرهم من محارمه، ويوصيهم فيها بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والحكم بهما والتحاكم إليهما في كل الأمور؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كله، وبعدها يصلون الظهر والعصر قصرًا وجمعًا في وقت الأولى بأذان واحد وإقامتين.
ثم يقف الناس بعرفة، وكلها موقف إلا بطن عُرَنَةَ، ويُستحب استقبال القبلة وجبل الرحمة إن تيسر ذلك، فإن لم يتيسر استقبالهما، استقبل القبلة وإن لم يستقبل الجبل، ويستحب للحاج في هذا الموقف أن يجتهد في ذكر الله سبحانه، ودعائه، والتضرع إليه، ويرفع يديه حال الدعاء، وإن لبَّى أو قرأ شيئًا من القرآن فحسنٌ، ويُسن أن يكثر من قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير).

(سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر).
(سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].

(لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)، (لا حول ولا قوة إلا بالله).

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

(اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر).

(اللهم إني اعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك).

(أعوذ بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء).

(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن المأثم والمغرم، ومن غلبة الدَّين وقهر الرجال، أعوذ بك اللهم من البرص، والجنون، والجذام، ومن سيئ الأسقام).

(اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي، اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني).

(اللهم اغفر لي جِدِّي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي).

(اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدِّم، وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير).

(اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لِما تعلم، إنك علام الغيوب).

(اللهم رب النبي محمد عليه الصلاة والسلام، اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأعِذني من مضلات الفتن ما أبقيتني).

(اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عني الدَّين، وأغنني من الفقر).

(اللهم أعطِ نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها).

(اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر).

(اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، أعوذ بعزتك أن تضلني لا إله إلا أنت، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون).

(اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها).
(اللهم جنِّبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء).

(اللهم ألهمني رشدي، وأعِذْني من شر نفسي).

(اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك).

(اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغِنى).

(اللهم إني أسألك الهدى والسداد).

(اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم).

(اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا).

(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

(اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

ولا يزال الحجاج في هذا الموقف مشتغلين بالذكر والدعاء والتضرع إلى أن تغرب الشمس، فإذا غربت، انصرفوا إلى مزدلفة بسكينة ووقار، وأكثروا من التلبية، وأسرعوا في المتسع، ولا يجوز الانصراف قبل الغروب.

فإذا وصلوا إلى مزدلفة، صلوا بها المغرب ثلاث ركعات، والعشاء ركعتين جمعًا بأذان وإقامتين من حين وصولهم إليها، سواء وصلوا إلى مزدلفة في وقت المغرب، أو بعد دخول وقت العشاء.

وما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار من حين وصوله إلى مزدلفة قبل الصلاة لا أصل له، ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك، ولا يتعين لقطه من مزدلفة، بل يجوز لقطه من مِنًى، والسنة التقاط سبع في هذا اليوم يرمي بها جمرة العقبة، أما في الأيام الثلاثة، فيلتقط من مِنًى كل يوم إحدى وعشرين حصاة يرمي بها الجمار الثلاث.

ولا يُستحب غسل الحصى، بل يرمي به من غير غسل، ولا يرمي بحصى قد رُمي به.

ويبيت الحاج في هذه الليلة بمزدلفةَ، ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم أن يدفعوا إلى مِنًى آخر الليل، وأما غيرهم من الحجاج، فيتأكد في حقهم أن يقيموا بها إلى أن يصلوا الفجر، ثم يقفوا عند المشعر الحرام، فيستقبلوا القبلة، ويكثروا من ذكر الله وتكبيره والدعاء إلى أن يسفروا جدًّا، ويستحب رفع اليدين هنا حال الدعاء، وحيثما وقفوا من مزدلفة، أجزأهم ذلك، ولا يجب عليهم القرب من المشعر ولا صعوده.

فإذا أسفروا جدًّا انصرفوا إلى مِنًى قبل طلوع الشمس، وأكثروا من التلبية في سيرهم، فإذا وصلوا إلى محسر استحب الإسراع قليلًا.

وَجوَّز بعض الفقهاء أَنْ يدفع الحاج من مزدلفة بعد نصف الليل، وبعضهم جوَّز البقاء فيها بقدر حط الرحال ثم يدفع، ولا دم عليه.

فإذا وصلوا إلى مِنًى قطعوا التلبية عند جمرة العقبة، ثم رموها من حين وصولهم بسبع حصيات متعاقبات، يرفع يده عند رمي كل حصاة ويكبِّر، ويستحب أن يرميها من بطن الوادي، ويجعل الكعبة عن يساره ومِنًى عن يمينه، وإن رماها من الجوانب الأخرى، أجزأه إذا وقع الحصى في المرمى، ولا يشترط بقاء الحصى في المرمى، وإنما المشترط وقوعه فيه، فلو وقعت الحصاة في المرمى، ثم خرجت منه أجزأت، ويكون حصى الجمار مثل حصى الخذف، وهو أكبر من الحِمِّص قليلًا.

ثم بعد الرمي ينحر هديه، ويُستحب أن يقول عند نحره أو ذبحه: (بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك)، ويوجه إلى القبلة، والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، وذبح البقر والغنم على جنبها الأيسر، ولو ذبح إلى غير القبلة ترك السنة وأجزأته ذبيحته، ويستحب أن يأكل من هديه، ويُهدي ويتصدق، ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، فتكون مدة الذبح يوم النحر وثلاثة أيام بعده.

ثم بعد نحر الهدي أو ذبحه، يحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل، ولا يكفي تقصير بعض الرأس، بل لا بد من تقصيره كله كالحلق، والمرأة تقصر من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل، وبعض الفقهاء جوَّز ألَّا يقل عدد الشعرات حلقًا أو تقصيرًا عن ثلاث شعرات.

وبعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يُباح للمحرم كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، ويسمى هذا التحلل: التحلل الأول، ويُسن له بعد هذا التحلل التطيب والتوجه إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، ويسمى هذا الطواف طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وهو ركن من أركان الحج، لا يتم الحج إلا به.

ثم بعد الطواف وصلاة الركعتين خلف المقام يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعًا، وهذا السعي لحجه والسعي الأول لعمرته.

ولا يكفي سعي واحد.

والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد.

وهكذا من أفرد الحج وبقيَ على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد، فإذا سعى أولًا بعد طواف القدوم، كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة.

الفصل السابع: في بيان أفضلية ما يفعله الحاج يوم النحر:
والأفضل للحاج أن يرتب هذه الأمور الأربعة يوم النحر كما ذُكر، فيبدأ أولًا برمي جمرة العقبة، ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف بالبيت والسعي بعده للمتمتع، وكذلك للمفرد والقارن، إذا لم يسعيا مع طواف القدوم، فإن قدم بعض هذه الأمور على بعض أجزأه ذلك، ويدخل في ذلك تقديم السعي على الطواف.
والأمور التي يحصل للحاج بها التحلل التام ثلاثة؛ وهي رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة مع السعي بعده لما ذُكر آنفًا، فإذا فعل هذه الثلاثة حلَّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام من النساء والطيب، وغير ذلك، ومن فعل اثنين منها حلَّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام، إلا النساء، ويسمى هذا بالتحلل الأول.

ويستحب للحاج الشرب من ماء زمزم والتضلع منه، والدعاء بما تيسر من الدعاء النافع، وماء زمزم لما شرب له.
وبعد طواف الإفاضة والسعي ممن عليه سعي يرجع الحجاج إلى مِنًى فيقيمون بها ثلاثة أيام بلياليها، ويرمون الجمار الثلاث في كل يوم من الأيام الثلاثة بعد زوال الشمس، ويجب الترتيب في رميها.

فيبدأ بالجمرة الأولى؛ وهي التي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات متعاقبات يرفع يده عند كل حصاة، ويسن أن يتأخر عنها، ويجعلها عن يساره، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه، ويكثر من الدعاء والتضرع.

ثم يرمي الجمرة الثانية كالأولى، ويُسن أن يتقدم قليلًا بعد رميها، ويجعلها عن يمينه، ويستقبل القبلة ويرفع يديه فيدعو كثيرًا.

ثم يرمي الجمرة الثالثة ولا يقف عندها.

ثم يرمي الجمرات في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد الزوال، كما رماها في اليوم الأول، ويفعل عند الأولى والثانية، كما فعل في اليوم الأول.

والرمي في اليومين الأولين من أيام التشريق واجب من واجبات الحج، وكذا المبيت بمنى في الليلة الأولى والثانية واجب، إلا على السقاة والرعاة ونحوهم، فلا يجب.

ثم بعد الرمي في اليومين المذكورين من أحب أن يتعجَّل من منًى، جاز له ذلك ويخرج قبل غروب الشمس، وبعض الفقهاء رخَّصوا في الرمي يوم التعجل قبل الظهر، ثم يخرج بعد الظهر.

ومن تأخر وبات الليلة الثالثة، ورمى الجمرات في اليوم الثالث، فهو أفضل وأعظم أجرًا.

ويجوز لولي الصبي العاجز عن مباشرة الرمي أن يرمي عنه جمرة العقبة وسائر الجمار، بعد أن يرمي عن نفسه، وهكذا البنت الصغيرة العاجزة عن الرمي يرمي عنها وليها.

ويجوز للعاجز عن الرمي لمرض أو كبر سنٍّ أو حمل أن يوكِلَ من يرمي عنه.

ويجوز للنائب أن يرمي عن نفسه، ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمار الثلاث، وهو في موقف واحد، ولا يجب عليه أن يكمل رمي الجمار الثلاث عن نفسه، ثم يرجع فيرمي عن مستنيبه.

الفصل الثامن: في وجوب الدم على المتمتع والقارن:
فصل:
ويجب على الحاج إذا كان متمتعًا أو قارنًا ولم يكن من حاضري المسجد الحرام دمٌ؛ وهو شاة أو سُبع بَدْنَة أو سُبع بقرة.

فإن عجز المتمتع والقارن عن الهديِ، وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، وهو مخيَّر في صيام الثلاثة، إن شاء صامها قبل يوم النحر، وإن شاء صامها في أيام التشريق الثلاثة.

والأفضل أن يقدم صوم الأيام الثلاثة على يوم عرفة ليكون في يوم عرفة مفطرًا.

ويجوز صوم الثلاثة الأيام المذكورة متتابعة ومتفرقة، وكذا صوم السبعة لا يجب عليه التتابع فيها، بل يجوز صومها مجتمعة ومتفرقة، والأفضل تأخير صوم السبعة إلى أن يرجع إلى أهله.

فإذا أراد الحجاج الخروج من مكة وجب عليهم أن يطوفوا بالبيت طواف الوداع ليكون آخر عهدهم بالبيت، إلا الحائض والنفساء، فلا وداع عليهما.

فإذا فرغ من توديع البيت، وأراد الخروج من المسجد، مضى على وجهه حتى يخرج، ولا ينبغي له أن يمشي القَهْقَرى.

الفصل التاسع: في حكم حج الصبي الصغير هل يجزئه عن حجة الإسلام؟:
يصح حج الصبي الصغير والجارية الصغيرة.

لكن لا يجزئهما هذا الحج عن حجة الإسلام.

وهكذا العبد المملوك والجارية المملوكة يصح منهما الحج ولا يجزئهما عن حجة الإسلام.

ثم إن كان الصبي دون التمييز نوى عنه الإحرام وليُّه، فيجرده من المخيط ويلبي عنه، ويصير الصبي محرمًا بذلك، فيُمنع مما يمنع عنه المحرم الكبير، وهكذا الجارية التي دون التمييز ينوي عنها الإحرام وليها ويلبي عنها، وتصير محرمة بذلك، وتُمنع مما تُمنع منه المحرمة الكبيرة، وينبغي أن يكونا طاهري الثياب والأبدان حال الطواف؛ لأن الطواف يشبه الصلاة، والطهارة شرط لصحتها.

وإن كان الصبي والجارية مميزَينِ أحرما بإذن وليهما، وفعلا عند الإحرام ما يفعله الكبير من الغسل والطيب ونحوهما، ووليهما هو المتولي لشؤونهما القائم بمصالحهما، سواء كان أباهما أو أمهما أو غيرهما، ويفعل الولي عنهما ما عجزا عنه كالرمي ونحوه، ويلزمهما فعل ما سوى ذلك من المناسك؛ كالوقوف بعرفة، والمبيت بمنى ومزدلفة، والطواف، والسعي، فإن عجزا عن الطواف والسعي طِيفَ بهما، وسُعِيَ بهما محمولين، والأفضل لحاملهما ألَّا يجعل الطواف والسعي مشتركين بينه وبينهما، بل ينوي الطواف والسعي لهما ويطوف لنفسه طوافًا مستقلًّا، ويسعى لنفسه سعيًا مستقلًّا، فإن نوى الحامل الطواف عنه وعن المحمول، أجزأه ذلك.

ويُؤمَر الصبي المميز والجارية المميزة بالطهارة من الحدث والنجس قبل الشروع في الطواف كالمحرم الكبير، وليس الإحرام عن الصبي الصغير والجارية الصغيرة بواجبٍ على وليهما، بل هو نفل، فإن فعل ذلك، فله أجر، وإن ترك ذلك، فلا حرج عليه، والله أعلم.

الفصل العاشر: في أحكام الزيارة وآدابها:
وتُسن زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحج أو بعده.

فإذا وصل الزائر إلى المسجد استُحِب له أن يُقدِّم رجله اليمنى عند دخوله ويقول: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، ثم يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وإن صلاهما في الروضة الشريفة، فهو أفضل، ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه، عليه الصلاة والسلام قائلًا: (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته)، وإن قال الزائر في سلامه: (السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده)، فحسنٌ؛ لأن هذا كله من أوصافه صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، ويدعو له، ثم يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويدعو لهما، ويرضى عنهما.

وهذه الزيارة إنما تشرع في حق الرجال خاصة، أما النساء فليس لهن زيارة شيء من القبور.

ويُسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء وصلاة النافلة، وأن يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة.

أما صلاة الفريضة، فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها، ويحافظ على الصف الأول بما استطاع، التي ليس فيها شد الرحال لقصد القبر وحده؛ جمعًا بين الأحاديث، والله سبحانه وتعالى أعلم.

الفصل الحادي عشر: في استحباب زيارة مسجد قباء والبقيع:
ويستحب لزائر المدينة أن يزور مسجدَ قباء ويصلي فيه، ومن تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة.

ويسن له زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء وقبر حمزة رضي الله عنه ((وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية))، وقد ((مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)).

وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
انتهت رسالة مناسك الحج، والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.11 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]