اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4416 - عددالزوار : 852501 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3947 - عددالزوار : 387802 )           »          هل لليهود تراث عريق في القدس وفلسطين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 1056 )           »          أوليــاء اللــه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          المشكلات النفسية عند الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          هل المديرون بحاجة للحب؟هل تحب وظيفتك ومكان عملك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          وأنت راكع وساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          لماذا تصاب المرأة بالقولون العصبي بــعد الــزواج؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          لطائف تأخير إجابة الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 12-04-2023, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان



اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(21)

ليلة القدر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن شهر رمضان شهر كريم ، وفضائله جمة لايحصيها عاد ، ومن هذه الفضائل العظيمة التي اختص الله بها شهره الكريم ليلة القدر ، وما سميت ليلة القدر إلا لشرفها ومكانتها وعظ
م قدرها عند الله تبارك وتعالى : وهي ليلة واحدة في العام في شهر رمضان خاصة ، وفي عشره الأخيرة على وجه التحديد ، وقد أشاد الله تعالى بها في كتابه الكريم فقال :


(( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ماليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم م
ن كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر )) سورة القدر .
وصدق سيّد في ظلاله رحمه الله تعالى حين قال : الحديث في هذه السورة عن تلك الليلة الموعودة المشهودة التي سجلها الوجود كله في فرح وغبطة وابتهال . ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى . ليلة بدء نزول هذا القرآن على قلب محمد صلى الله عليه سلم ليلة ذلك الحدث التي لم تشهد الأرض مثله في عظمته ، وفي دلالته ، وفي آثاره في حياة البشرية جم
يعاً . اهـ .(117) قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ). (118) .


وقال صلى الله عليه وسلم : ( التمسوها في العشر الأواخر ـ يعني ليلة القدر ـ فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي) .(119) . وعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ص
لى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )(120) . وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر .(121)




قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله تعالى : وفي ليلة القدر مباحث هي : أولاً : هل ليلة القدر باقية أم رفعت ؟ والصحيح بلا شك أنها باقية وما ورد في الحديث : أنها رفعت ، فالمراد رفع علم عينها في تلك السنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رآها ثم خرج ليخبر بها أصحابه فتلاحى رجلان فرفت .
ثانياً : في أي ليلة في رمضان ؟


القرآن لابيان فيه ، لكن ثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخ
ر من رمضان فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أعتكف العشر الأولى من رمضان ، يريد ليلة القدر ، ثم اعتكف العشر الأوسك ، ثم قيل : إنها في العشر الأواخر وأريها صلى الله عليه وسلم وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين ، وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان ، كان معتكفاً صلى الله عليه وسلم فأمطرت السماء فوكف المسجد ـ أي سال الماء من سقفه ـ وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عريش فصلى الفجر بأصحابه ، ثم سجد على الأرض ، قال أنس : فرايت أثر الماء والطين على جبهته فسجد في ماء وطين .


فتبين بهذا أنها كانت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين . ورأى جماعة من الصحابة ليلة القدر في السبع الأواخر . فقال صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر . أي اتف
قت فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر . وعلى هذا فالسبع الأواخر أرجى العشر الأواخر إن لم يكن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر في تلك السنة فهذا محتمل .
ثالثاً : هل ليلة القدر في ليلة واحدة ك
ل عام أو تنتقل ؟
في هذا خلاف بين العلماء والصحيح أنها تنتقل فتكون عاماً ليلة
إحدى وعشرين ، وعاماً ليلة تسع وعشرين ، وعاماً ليلة خمس وعشرين ، وعاماً ليلة أربع وعشرين ، لأنه لايمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول .

رابعاً : علامات ليلة القدر
فقال ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات متابع
ة . أما علاماتها المقارنة فهي :

1) قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار .
2) زيادة النور في تلك الليلة .
3) الطمأنينة أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة و
طمأنينة ، وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر مما يجده في بقية الليالي .

4) أن الرياح تكون فيها ساكنة أي : لايأتي فيها عواصف أو قواصف بل يكون الجو مناسباً .
5) أنه قد يُري الله الإنسان في تلك الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة
6) أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي .
أما العلامات اللاحقة :
1) فمنها : أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع
صافية ليست كعادتها في بقية الأيام .

ثم أشار رحمه الله تعالى إلى الدعاء الوارد في تلك الليلة فقال : الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) لحديث عائشة أنها قالت : افرأيت يارسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أقول
فيها ؟ فقال : قولي : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) فهذا من الدعاء المأثور ، وكذلك الأدعية الكثيرة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وليعلم أن الأدعية الواردة خير وأفضل من الأدعية المسجوعة التي يسجعها الناس .... اهـ (122)
وفقنا الله وإياكم للقيام بحق هذه الليلة وأعاننا على العبادة فيها ، ونسأل الله أن يقدّر لنا ما يكون فيها خيراً .

----------------------------
(117) الظلال
(118) متفق
عليه
(119) متفق عليه
(120) متفق عليه
(121) متفق عليه
(122) الشرح الممتع







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 13-04-2023, 06:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان




اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(22)


الاعتكاف
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد

فإن نبي الهدى صلى الله عليه وسلم كان يحرص على الاعتكاف في ليالي العشر الأواخر من رمضان فقد جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان .(123) .

وعن عائ
شة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفّاه الله .(124) وهكذا كان دأب النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ، وفي هذا الشهر على وجه الخصوص ، ذلك أن شهر رمضان يُعدّ من الفرص العظيمة في حياة أي مسلم يشهد هذا الخير ، وحين يعتكف المسلم إنما يتخفف من آثار هذه الدنيا ،
وتسمو روحه إلى تطلب الحياة الروحية الحقيقية التي يهيأ لها الاعتكاف نوعاً من هذا السمو الذي تنشده في حياتها . وإلى هذا المعنى أشار ابن القيّم رحمه الله تعالى فقال : لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفاً على جمعيته على الله ،

ول
م شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى ، فإن شعث القلب لايلمه إلا الإقبال على الله تعالى ، وكان فضول الطعام والشراب ، وفضول مخالطة الأنام ، وفضول الكلام ، وفضول المنام مما يزيده شعثاً ، ويشتته في كل واد ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه أو يعوقه ويوقفه : اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى ،
وشرعه بقدر المصلحة بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه ، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة ، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته عليه ، والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه ،
بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه ف
ي محل هموم القلب وخطراته ، فيستولى عليه بدلها ، ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره ، والتفكّر في تحصيل مراضيه وما يقرّب منه فيصير



أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق ، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ، ولا ما يفرح به سواه فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم . اهـ .(125) وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى جملة من أحكام الاعتكاف نذكّ
ر ببعض منها :
أن أقل زمن يمكن أن يعتكفه الإنسان هو يوم أو ليلة ويستأنس لهذا بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام وفاء لنذره . وأكثره فلا حد له ما لم يتضمن محذوراً شرعياً .
ويشترط أن يكون المعتكف مسلماً ، عاقلاً ، مميزاً ، ناوياً وهذه الشروط بات
فاق الإئمة رحمهم الله تعالى ، وقد أضاف إلى هذه الشرط شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيّم رحمهما الله تعالى أن يكون الإنسان صائماً .

. وهل يشترط أن يتم الاعتكاف في مسجد ؟ نقل الإجماع على أن الاعتكاف في المسجد ش
رط القرطبي وابن قدامه ، وابن رشد رحم الله الجميع . والمسجد الذي يشترط فيه الاعتكاف هو كل مسجد تقام فيه الجماعة .
وذا خرج المعتكف ببعض بدنه لم يبطل اعتكافه ولا يترتب عليه شيء باتفاق الأئم
ة أما إذا خرج بجميع بدنه من المعتكف دون عذر فاعتكافه باطل باتفاق الأئمة .

وإما إذا خرج لعذر سواء للطهارة أو لقضاء حاجة أو للأكل والشرب فإنه مأذون فيه للعذر ولا حرج عليه في ذلك .
ويحرم على المعتكف مباشرة زوجته باتفاق الأئمة ، وإذا ترتّب على هذه المباشرة إنزال بطل
الاعتكاف باتفاق الأئمة ، وكذلك إذا استمنى فإنزل بطل اعتكافه على رأي جمهور العلماء رحمهم الله تعالى .(126)


-------------------------------


(123) متفق عليه
(124) متفق ع
ليه
(125) زاد المعاد
(126) فقه الاعتكاف للمشيقيح بتصرف .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 14-04-2023, 06:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان




اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(23)


من وحي السنة
كبائر وموبقات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد


فإن الإنسان جاء لتحقيق غاية عظيمة هي العبودية التي أشار إليها في كتابه الكريم
في قول الله تعالى : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) سورة الذاريات (56). وحينما تتأمل حياة الناس تجد أن بعضاً من هؤلاء تغافل عن هذا المبدأ ، وأصر على ارتكاب ذنوباً عظيمة الخطر ، كبيرة الأثر فأصبح أو أمسى رهين وعيد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن هؤلاء الأصناف ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات ) قالوا : يارسول الله ، وما هن ؟ قال :


( الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرّم الله إ
لا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات )(127) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم : رجل حلف على سلعة لقد بها أكثر مما أعطي وهو كاذب ، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، ورجل منع فضل ماء ، فيقول الله : اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل مالم تعمل يداك )(128) .
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ) . ثلاثا ً ، قالوا : بلى يارسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ـ وجلس وكان متكئاً ، فقال ـ ألا وقول الزور ) قال : فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت .(129) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ـ قال أبو معاوية :

ولا ينظر إليهم ـ ولهم عذاب أليم : شيخ زان . وملك كذاب . وعائل مستكبر )(130) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسو
ل الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة ، والديوث ، وثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه
، والمدن الخمر ، والمنان بما أعطى )(131) . وقال صلى الله عليه وسلم
: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار ، وحرّم عليه الجنة ، فقال رجل : وإن كان شيئاً يسيراً يارسول الله ؟ فقال : وإن قضيباً من أراك . ))(132) .

وقال صلى الله عليه وسلم : لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه . وقال : هم سواء .(133) وقال صلى الله عليه وسلم : من تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنّم يتردّى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تحسّى سُمّاً ، فقتل نفسه ، فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنّم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديدة ، فحديدته
في يده يتوجّّأ بها في نار جهنّم خالداً مخلّداً فيها أبداً .(134) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ملعون من عمل عمل قوم لوط ، ملعون من عمل عمل قوم لوط ، ملعون من عمل عمل قوم لوط ، ملعون من ذبح لغير الله ، ملعون من أتى شيئاً من البهائم ، ملعون من عق والديه ، ملعون من غيّر منار الأرض ، ملعون من ادعى إلى غير
مواليه .(135) .


وقال صلى الله عليه وسلم : من لقي الله مدمن خمر لقي الله كعابد وثن (136). إن هؤلاء جميعاً تجاوزوا أمر الله تعالى ، وارتكبوا نهيه مع شدة تحذير النبي صلى الله عليه وسلم في الوعيد . وهم على خطر عظيم . فإن غالب هذا الوعيد خُتم بحرمانهم من الجنة ودخولهم النار .
فأي قيمة لحياتهم وهم يعيشون هذا الحرمان ؟ وأي معنى لهذا العيش وهم يمارسون المخالفة بعد أن ولج هذا الوعيد إلى آذانهم . وغداً وليس غد ببعيد حينما يقفون في العرسات أمام ربهم حُفاة عرا
ة لا يجدون من الجواب سوى أعذار واهية تقيم مزيد من الحجة عليهم . ألا فما أعظم مصابهم !!

وما أسوأ عيشهم ! وما أخطر نهاياتهم ! إن التوبة في حق كل مسرف في الخطيئة واجبة متحتمة لكن
يبقى هؤلاء من أعظم الناس خطراً ، ومن أولى الناس بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى . فالله الله من الاستمرار على الخطيئة ، والبقاء على الكبيرة ، فإن الأيام تتسابق .والآجال في علم الغيب ، وما يدريك أنها أقرب إليك من حديث النفس .


-------------------------------------
(127) متفق عليه
(128) متفق عليه
(129) متفق ع
ليه
(130) رو
اه مسلم
(131) رواه النسائي وصححه الألباني .
(132) مسلم
(133) مسلم
(134) متفق عليه
(135) الطبراني والحاكم وصح
حه الألباني

(136) رواه ابن حبان وصححه الألباني .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 15-04-2023, 06:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان




اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(24)


من مواقف الآخرة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن المسلم مهما عاش على وجه هذه الحياة إلا أنه يدرك أن دار الدنيا دار نُقلة ليست بدار قرار ، وهو يعلم علم اليقين أن بين يدي الساعة مواقف مهولة ، ووقفات طويلة ، تتم فيها المساءلة عن أيام الرحلة التي قضاها الإنسان في دار الدنيا ،
ولأن كثيراً من الناس قد ينسى هذه المواقف نتيجة الاشتغال بهذه الحياة فإنه من المناسب جداً أن نسطّر له من صحيح السنة ما يمكن أن يسهم في إفاقته من الاشتغال بما لاينفعه والاستعداد لدار النقلة :



فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يوم يقوم الناس لرب العالمين )) . حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه )(137) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم )(138) . وعن سُليم بن عامر .


حدثني المقدا
د بن الأسود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل ) قال : سُليم بن عامر : فوالله ! ما أدري ما يعني بالميل ؟ أمسافة الأرض ، أم الميل الذي تكتحل به العين . قال : : ( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق : فمنهم من يكون إلى كعبيه . ومنهم من يكون إلى ركبتيه . ومنهم من يكون إلى حقويه . ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً ) قال : وأشار بيده إلى فيه .(139) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة . حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة الق
رناء )(140) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لأذودنّ رجالاً عن حوضي : كما تُذاد الغريبة من الإبل عن الحوض . متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أناس يارسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال :

( هل تضارّون في الشمس
ليس دونها سحاب ) . قالوا : لا يارسول الله ، قال : ( هل تضارّون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ) قالوا : لا يارسول الله . قال : ( فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ، يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئاً فليتّبعه ، فيبتع من كان يعبد الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون نعوذ بالله منك ،



هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في الصورة ا
لتي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ، ويُضرب جسر جهنّم قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأكون أول من يجيز ، ودعاء الرسل يومئذ : اللهم سلّم سلّم ، وبه كلاليب مثل شوك السعدان ، أما رأيتم شوك السعدان ) قالوا :
بلى يارسول الله ، قال : ( فإنها مثل شوك السعدان غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، فتخطف الناس بأعمالهم ، منهم الموبق بعمله ، ومنهم المُخرْدَل ، ثم ينجو ، ح
تى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده ....... الحديث )(141) .

هذه معالم من السنة النبوية نطق بها من لا ينطق عن الهوى ، وهي مواقف ستمرّ في حياة الواحد منّا في يوم من الأيام فمن ياترى يجيزها ؟ ومن ياترى يكون ضحية هذه المواقف ؟ والسؤال المطروح اليوم ونحن نعيش رمضان هل ستبقى
هذه المواقف والمعالم ماثلة في حياتنا ؟
أم أن ركام الباطل حال بيننا وبين تأملها. ، ولندرك أنه حين ننساها أو لا نعيرها ذلك الاهتمام ، أو حين نكابر بحجة أن في الزمن فسحة ، وفي الوقت فرصة فقد يكون الخلاص عسيراً ، والموقف بين يدي الله تعالى عظيماً ، والنهايات قد لا تكو
ن تلك التي كنا نتمناها . فتقع الحسرة وحينئذ لا ينفع بكاء ولا عويل .


-------------------------------------------
(137) متفق عليه
(138) متفق عليه
(139) مسلم
(140) مسلم
(141) متفق عليه




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 16-04-2023, 11:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان




اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(25)



الجراح المتجددة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
لقد ثخنت المسلمون جراحاً في أقطار الدنيا كلها شرقها وغربها وشمالها وجنوبها . و
قد وعى صغارنا اليوم قبل كبارنا أن اندمال جراح في بلا د ما مؤذن بانفجار جرح آخر في بلاد غيرها . وصدق القائل حين قال :
أنى اتجهت للإسلام في بلد تجده كالطير مقصوصاً جناحاه




فليست قضية المسلمين اليوم فلسطين فقط . بل عامة أقطار البلاد الإسلامية تعاني من الجراح . ولئن كانت بلاد من هذه البلاد لم يولها العدو وجهه فإنها تئن من الجراح الداخلي ما هو أنكى في أحيان كثيرة من الجراحات التي يتفرّج عليها العالم بأسرة . ولا أظن أحداً من المسلمين ينكر هذا . وأوضح ما يعبّر به المسلمون تجاه هذه النكبات أحاديث عابرة ، وتسخطات مقالية ، وأحاديث جانبيه . وهنا ينتهي دور المتحمسين منهم ، ناهيك عن من لايعنيه أمر المسلمين ولا يبحث عن مصائبهم .

وأجزم يقيناً أن بلوى المسلمين ليست في القاعدين فقط عن التفاعل إنما هي في هؤلاء المتلمظين ، من ينثرون أحاديث الشكوى في كل زمان ومكان دون عمل مثمر ولئن أردنا الخروج من هذه المآسي بجدية فإنه يلزمنا
جميعاً على كافة المستويات الفردية والجماعية ما يلي :
أولاً : أن ننطلق في كل تصحيح نرجوه في ما يستقبل من أيام من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما المخرج من التخلّف الذي تعانيه الأمة على كافة المستويات . أرأيتم أيها الصائمون ذلك المسلم الذي يتلمظ من واقعه ، ويحدب على زمانه ، ويشير بأصابع الاتهام إلى أفراد في الأمة أنهم هم السبب في هذا التخلف المرير ؟ ولو تتبعت أمره ،


وتقصيّت أخباره جيداً لأدركت أنه يعيش
تخلفاً في أصول الدين العظيمة ، ولك أن تحسب كم هي المرات التي تلذذ بالنوم عن صلاة الفجر ، وكم هي الأوقات التي فاتته صلاة العصر وهو على سرير النوم غارق في شهواته وملذاته . هذا مثال واحد فقط ، وإلا لو تتبعت آثار كثير من هؤلاء لوجدت فرقاً وبوناً شاسعاً بينهم وبين هدي الوحيين .



ثانياً : العمل لهذا الدين ، وتجاوز الأنانية ومفهوم الفردية في حياتنا هو الكفيل بإعادة ترتيب الحياة على وجه أفضل ، وفي ديننا الحنيف نصوصاً تدعو إلى العمل ، والمشاركة في هذه الحياة عموماً ، حتى تصل هذه المشاركة في آخر أيام الدنيا . الأيام التي لا ينتظر فيها ثمار ما يزرعه أويشارك به حين قال : (( إذا قامت الساعة وفي يد أحكم فسيلة فليغرسها ........ )) . الحديث .(142)
ثالثاً : المشاركة الإيجابية عنصر من عناصر البناء في النفس الإنسانية ، وقل أن ت
جد مجتمعاً من المجتمعات يشارك كل فرد منه في تخصصه بفاعليه إلا وضحت لك جوانب الفاعلية والقوة في هذا المجتمع . وليس أوضح دليل على هذا من ثورة التكنلوجيا التي يعيشها الغرب في كل جوانب الحياة المادية .


لقد استغل كل فرد منهم قدرته ووظفها التوظيف الإيجابي لصالح مجتمعه ،
وحينئذ تف
وقت هذه المجتمعات في جوانب هذه الحياة . بينما تجد أن كثيراً من المسلمين يعيش سلبية عظيمة في حياته ، ولو سألت أي فرد من الطبقة المثقفة عن مدى مشاركته الفعلية في جوانب الحياة في مجتمعه على مستوى المسجد مثلاً أو مكاتب الدعوة أو الجمعيات الخيرية للتحفيظ والبر وغيرها من تجمعات الخير لوجدت سلبية كبيرة جداً طغت على هذه الطبقة من طبقات المجتمع ، وقل ذلك على مستويات أعلى أو أقل .



رابعاً : الانتماء والإخاء عنصران مهمان لتجاوز التخلفات التي نعيشها . إن الأثرة وحب الذات باتت تكتب أسطرها في حياة كثير من الناس ، ونسينا أو نسي بعضنا أن أهداف الحياة أكبر من أن يعيش الإنسان فيها لذاته أو لأس
رته فقط ، وإنما ينتظره دور أوسع ، يتجاوز فيه محيط الذات والأسرة إلى محيط المجتمع والأمة ، غير مبال بالفوراق مهما كانت .


إن المسلم أياً كان سواء في مجتمعك الذي تعيش فيه أو حتى في أطراف الدنيا هو من إخوانك ، يجمعنا جميعاً شعار التوحيد ، وتؤلف بين قلوبنا رسال
ة الإسلام ، وهذا يعني أن نمد لكل هؤلاء يد المعروف والإخاء ، وأن نحي فيما بيننا روح التناصر والتآزر ، وحينها يمكن لأي طامع من الأعداء أن يفكّر كثيراً قبل أن يصنع قراراً مشؤوماً لا يدرك عواقبه .

هذه أربعة مقومات قد تسهم في الخروج من الجراح المريرة التي تعيشها الأمة على كافة ا
لمستويات ، آمل أن تجد في رمضان بالذات اهتماماً يجعلها مثار الحديث على الأقل في أوساط المسلمين في الفترة المستقبلية من بناء الأمة . ولن نعدم حينها ممن يدعهما ، ويوسّع في أثرها ، والله المسؤول أن يجعل غاية همنا هو هذه الرسالة العظيمة التي جاء بها رسولنا صلى الله عليه وسلم .


----------------------------------------
(142) رواه الإمام أحمد
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 17-04-2023, 05:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان





اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(26)



حتى يغيروا ما بأنفسهم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد


فإن الله تعالى قال في كتابه الكريم : (( إن الله لايغيروا ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
.. الآية )) سورة الرعد (11) ، ومعنى هذه الآية ضمونها العام : كما قال السعدي رحمه الله تعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم ) من النعمة والإحسان ، ورغد العيش .

( حتى يغيروا ما بأنفسهم ) بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ، ومن الطاعة إلى المعصية ، أو من شكر نعم الله تعالى إلى البطر بها ، فيسلبهم الله إياها عند ذلك . وكذلك إذا غيّر العباد ، ما بأنفسهم من المعصية ، فانتقلوا إلى طاعة الله غيّر الله عليهم ، ما كانوا فيه من الشقاء ، إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة .(143)
. ويعلّق سيد رحمه الله تعالى في ظلاله على الآية فيقول : فإنه لايغير نعمة أو بؤسى ، ولا يغيّر عزاً أو ذلة ، ولا يغير مكانة أو مهانة .... إلا أن يغيّر الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم ، فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم ..... اهـ رحمه الله .(144) .


إن كثيراً من الناس يشعرون بألم المعصية ، و
يتحسسون لواقع الجهد في نفوسهم الذي تجلبه عليهم معاصيهم ، وضياع أوامر الله تعالى في حياتهم لكنهم في المقابل ينتظرون قراراً من غير أنفسهم يخرجهم مما يعيشون فيه من ألم ، وتجد أحدهم يسوّف في التوبة ، ويؤجل في اتخاذ القرار الذي به سعادته وحياته . وهذا النص القرآني يرشد إلى أن القرار منوط بالبداية التي هي من عند الشخص لا من عند غيره .


أرأيتم قصة قاتل المئة كيف وفقه الله تعالى إلى طريق التوبة ، حينما بدأ يسأل ، ويُلح في السؤال ، ويبحث عن مخرج مما هو فيه . حينها هيأ الله له الخلاص ورزقه توبة في آخر عمره . والله تعالى لم يكتب القرب من أحد إلا بسعي منه وإقبال ألا ترى أنه قال في الحديث القدسي : من تقرّب إل
ىّ شبراً تقرّبت إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إلى ذراعاً تقرّبت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هروله )(145) . إن كثيراً من هؤلاء ينتظر

أحدهم بتوبته التخرج من الجامعة أو اللحاق بالوظيفة أو تجاوز مناسبة قادمة ، وقد يتحقق لهم هذا ف
يعودون للتسويف من جديد ، وقد لا يتحقق ، ويكون الموت أسرع إلى أحدهم من وقوع هذه المناسبات ، وليت شعري حينما يرحلون إلى باريهم ، ويعاينون عند الموت ملائكة الرحمن ، ويشهدون تفريطهم ، وتسويفهم ، أنّا لهم العودة ! وكيف يصححون هذه الأخطاء .

إن رمضان أيها المسلمون فرصة من أعظم الفرص لاستدراك العمر ، والإقبال على الله تعالى ، وكم ممن عاش رمضان من قبلنا كانوا يأملون أن يأتي رمضان آخر ليقررون فيه قرار التوبة المنتظر فخانهم الأمل ، وغرّهم التسويف
، وهم اليوم في ظلمة القبر ، وفي ضيق اللحود ، فلئن فاتت أؤلئك الفرصة فأنت أحرى من تكون بالاستفادة . فالله الله أن يرحل رمضان من عمرك وأنت على سابق حالك ، فإن الفرص قد لاتتكرر ، والأيام شواهد لك أو عليك . وفقنا الله وإياكم إلى التوبة ، وأرشدنا إلى طري النجاة إنه أعظم مسؤول .


--------------------------------------
(143) تيسير الكريم الرحمن
(144) الظلال
(145) متفق عليه







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 18-04-2023, 11:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(27)


الرحمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
لقد أثنى الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم على تمثّله لخلق الرحمة فقال تعالى : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاروهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على الله .. الآية )) سورة آل عمران (159) .
يقول محمد رشيد رضا في تفسيرألاية عند قوله : ولو ك
نت فظاً غليظ القلب .... قال :


لأن الفظاظة وهي الشراسة والخشونة في المعاشرة وهي القسوة والغلظة وهما من الأخلاق المنفّرة للناس لايصبرون على معاشرة صاحبها وإن كثُرت فضائله ، ورجيت فواضله بل يتفرقون ، ويذهبون من حوله ويتركونه وشأنه لا يبالون ما يفوتهم من منافع الإقبال عليه ، والتحلّق حوله ، إذاً لفاتتهم هدايتك ، ولم تبلغ قلوبهم دعوتك . اهـ رحمه الله . (146)



وقال سيد رحمه الله في ظلاله معقباً على الآية : فهي رحمة ال
له التي نالته ونالتهم ، فجعلته صلى الله عليه وسلم رحيماً بهم ، ليناً معهم ولو كان فظاً غليظ القلب ما تألفت حوله القلوب ، ولا تجمّعت حوله المشاعر ، فالناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة ، وإلى بشاشة سمحة ، وإلى ود يسعهم ، وحلم لايضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم .. في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ويحمل همومهم ولا يعنيهم همه ويجدون دائماً عنده الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا ... وهكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهكذا كانت حياته مع الناس .

ما غضب لنفسه قط . ولا ضاق صدره بضعفهم البشري ولا احتجز لنفسه شيء من أعراض هذه الحياة . بل أعطاهم كل ما ملكت يداه في سماحة ندية ، وسعهم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم . وما من واحد منهم عاشره أو رآه إلا امتلأ قلبه بحبه ، نتيجة لما أفاض عليه صلى الله عليه وسلم من نفسه الكبيرة الرحيم
ة . اهـ رحمه (147)
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة لهذا الخلق عموماً وكيف لايكون كذلك وقد جاءت السنة بكثير من أحاديثه في الحث على هذا الجانب . فعن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لايرحم الله من لايرحم الناس ))(148) وعن عبد الله بن عمرو
رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا أهل الأرض ، يرحمكم من في السماء ))(149) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم صاحب هذه الحجرة يقول : (( لاتنزع الرحمة إلا من شقي )) (150)


يقول الغزالي رحمه الله : للرحمة كمال في الطبيعة يج
عل المرء يرق لآلام الحلق ويسعى لإزالتها ، ويأسى لأخطائهم فيتمنى لهم الهدى . هي كمال في الطبيعة لأن تبلد الحس يهوي بالإنسان إلى منزلة الحيوان ، ويسلبه أفضل ما فيه ، وهو العاطفة الحية النابضة بالحب والرأفة ..... ومن ثم كانت القسوة ارتكاساً بالفطرة إلى منزلة البهائم ، بل إلى منازل الجماد الذي لايعي ولا يهتز . ...إن القلوب الكبيرة قلما تستجيشها دوافع القسوة فهي أبداً إلى الصفح والحنان أدنى منها إلى الحفيظة والاضطعنان .


إن القسوة في خلق إنسان دليل نقص كبير ، وفي تاريخ أمة دليل فساد خطير . اهـ رحمه الله . (151)
إن الرحمة أيها الصائمون تتمثّل في : اليتيم الذي يترقرق الدمع في عينيه ألا يجد من يواسيه فقد أبيه . وقد تراه أو تلمحه في زوايا بيوتات تشرئب عنقه حين رأى فاكهة أو حلوى قَدِم بها والد جيرانه إلى أهل بيته . أو حتى حين يخرج إلى زوايا المدرسة لا يجد ما يفطر به مع زملائه فيعود حبيس الف
صل لا يشارك زملاءه فسحتهم . أو حين يشارك الناس في العيد لا يجد برهاناً على حاله أوضح من تلك الثياب التي هتّكها الزمن يشهد بها العيد مع أقرانه . والرحمة أيها الصائمون في جار فقير لا يجد قوت يومه أوليلته ، أو أرملة أبقاها الزمان وحيدة دون رفيق يحمل همها أو يشاركها في لأواء الحياة المريرة . أو مشلول أو مريض يقلبه أهله من سرير لآخر لا يجدون من يشاركهم هذه الهموم والآلام.


الرحمة أيها المسلمون : في عامل ترك أهله وأبناءه منذ سنوات ، يبحث عن لقمة عيش لهم فيجهد لهم فلا يجد غير العرق برهاناً على جهده وعيشه الصعب . والرحمة أيها المسلمون
في كل مخلوق حي أياً كان هذا المخلوق سواء إنساناً أو حتى حيواناً . فلئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج ، وإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب ، فشكر الله تعالى له فغفر له . وفي رواية : إن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش ، فنزعت له موقها فغفر لها به .(152) . فإن الرحمة بالمخلوق أعظم من هذا بكثير حتى قال : الغزالي :

لئن كانت رحمة بكلب تغفر ذنوب البغايا ، فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب .(153) . فأين هذه الرحمة من قلوب تحجرت ، ونسيت هذه المعالم الرحمانية فتأتي بالعمال من بلادهم لتأكل أموالهم أو لتأخّر حقوقهم أو حتى لتتناول عصا من حديد لتضربهم دون سبب واضح أو ع
ذر مقبول . ونسوا هؤلاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ابن مسعود يضرب غلام له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك عليه .(154) . فإن لم يلحق هؤلاء الظلمة قصاص في الدنيا لوجاهتهم عند الناس فإن عرصات القيامة لا تستر الظالم من الفضيحة ، ولا تؤوي الآبق من الجريمة ، وسيرىحين يقف بين يدي الله تعالى هذه العواقب أوضح معالم الحياة العادلة هناك .


------------------------
(146) تفسير المنار
(147) ظلال القرآن
(148) متفق عليه
(149) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني .
(150) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني
(151) خلق المسلم
(152) رواه مسلم
(153) خلق المسلم
(154) رواه مسلم





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 19-04-2023, 11:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان





اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(28)

الباب المفتوح
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد



فإن التوبة كما يقول ابن القيّم رحمه الله تعالى : هي أول المنازل وأوسطها ، وآخرها ... وهي بداية العبد ونهايته ، حاجته إليها في النهاية ضرورية ، كما أن حاجته إليها في البداية كذلك (155) ولهذا قال الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) سورة النور (31) .
وهذا أمر الله من الله تعالى في كتابه المبين لكل مؤمن ومؤمنة على وجه الأرض أن يتوبوا مما اقترفوه وأن يتوجهوا إليه بالتوبة طلباً للفلاح والصلاح .

والآيات الواردة في القرآن الكريم بشأن التوبة آيات كثيرة مستفيضة ، غير أن من أعجبها وأوسعها قول الله تعالى وهو يدعوا من أسرف في الذ
نب ، وبلغ الذروة في الغواية إلى هذه التوبة حين قال : (( قل يعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )) الزمر (53) .


فهل بعد هذه الدعوة دعوة أوسع منها ؟ وهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم عرض التوبة في ثوب فسيح جداً لا يضيق إلا على محروم حين قال صلى الله عليه وسلم : ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة . فانفلتت منه . وعليها طعامه وشرابه . فأيس منها . فأتى شجرة . فاضطجع في ظلها . قد أيس من راحلته . فبينا هو كذلك إذ هو بها ، قائمة عنده . فأخذ بخطامها . ثم قال من شدة الفرح : اللهم ! أنت عبدي وأنا ربك . أخطأ من شدة الفرح )(156) .


وف
ي حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنساناً ، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على راهب . فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفساً . فهل له من توبة ؟ فقال : لا . فقتله . فكمّل به مئة . ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على رجل عالم . فقال : إنه قتل مئة نفس . فهل له من توبة ؟ فقال : نعم . ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا ز فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم .


ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء . فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت . فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب . فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله . وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيراً قط . فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم . فقال : قيسوا ما بين الأرضيين ز فإلى أيتهما كلن أدنى فهو له . فقاوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد . فقبضته ملائكة الرحمة )(157) . فلاإله إل
ا الله ما أعظم رحمة الله تعالى ! وما أشد عطفه على التائبين ! وما أوسع مغفرته ! اشتدت فرحته تعالى في الحديث الأول إلى أن وصل إلى مثل صورة الأعرابي الذي وجد راحلته فقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك . ووصلت مغفرته في الحديث الثاني إلى أن تجاوز لرجل قتل بيده مئة نفس ، وأدخله الجنة رغم مخاصمة أهل النار

فيه . فهل ياترى بقي لأي فرد على وجه الأرض من عذر في عدم تحقيق التوبة المرجوة ؟ إن الصائمين بالذات هم أحوج ما يكونون إلى فهم هذه المعالم في التوبة ، ولئن طاشت عين خائنة ، أو تلوّك لسان في عورات الآدميين ، أو تصنّنت أذن إلى محارم الله ، أو خطت قدم إلى أماكن مشبوهة ، أو امتدت يد إلى حفنة من الربا ، فإن هذه الفئات وإن تلوثت بهذه الجرائم إلاّ أن التوبة يمكن أن تغسلها ، وتطهّر أدرانها ، وتذهب بأذاها . فقط متى ما صدقت النية ، وصح الإقبال على الله تعالى. وحينئذ سيكون الفلاح عاقبته ، والفوز نجاته من ظلمات التيه والظلام .


إن التوبة يمكن أن تستوعب أي ذنب مهما كانت سوأته ، شريطة أن يقر العبد بالخطيئة في جنب الله تعالى ، وأن يعترف بالتقصير ، وأن يجد في قلبه مس الذنب ، وحرارة المع
صية ، ثم يعزم على مجاوزة هذه الخطيئة مهما كانت طلباً في رضى ربه ومولاه ، وحين يتحقق له ذلك فعليه أن يلوذ بجناب الله ، وأن يقبل على ربه ، ولن يجد حياة أسعد من حياة التائبين . اللهم وفقنا للتوبة قبل الموت .


وفك آصارنا من أدران المعصية التي أحاطت بنا إنك أنت الغفور الرحيم . وصل اللهم على سيدنا محمد وع
لى آله وصحبه وسلم .

-------------------------------------
(155) جامع الآداب
(156) متفق عليه
(157) متفق عليه







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 20-04-2023, 05:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان








اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(29)

أحكام الزكاة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
تعد الزكاة الركن الثالث من أركان هذا الدين العظيم ، ونظراً لأن زكاة الفطر مرتبطة بهذا الشهر وكذلك كثير من الناس يعُد هذا الشهر تماماً للحول الذي يخرج فيه زكاة ماله ، كان من المناسب جداً أن يبيّن للناس أحكام هذ
ه الفريضة العظيمة .

· الزكاة فرض على كل مسلم : قال صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ))(158) . فأثبت في الحديث أن الزكاة ركن . وهذه الزكاة إذا أداه المسلم طيبة بها نفسه تمت له فوائد عظيمة منها :
1) تمام إسلامه لأنه أدى ركناً عظيماً من أركان
هذا الدين

2) أنها دليل على صدق إيمانه لأن المال محبوب إلى النفس ، وكون الإنسان يبذل هذا المال إلى مستحقيه إستجابة لنداء الله تعالى فإن ذلك من أعظم الأدلة على صدق هذا الإيما
ن .
3) أنها تدفع عن صاحبها البلاء قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : فإن للصدقة تأثيراً عظيماً في دفع أنواع البلاء ، ولو كانت من فاجر أو ظالم ، بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء ، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم ، وأهل الأرض مقرون به لأنهم جربوه .اهـ (159) .
ولها جملة فوائد قد لايفي بها هذا المقام .
وهي أنواع :

أولاً : زكاة الفطر وهي زكاة واجبة ، ووقت وجوبها الفطر من شهر رمضان ، وسبب وجوبها في هذا الشهر قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة لل
مساكين ...... الحديث ))(160) . وتجب على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين ومقدارها : صاعاً من طعام أهل البلد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفكر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير من المسلمين ))(161) . ومقدار الصاع ثلاثة كيلو لكل فرد . أو كيلوين وأربعين غراماً على رأي آخر من آراء أهل العلم . ووقت وجوبها ليلة الفطر ، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين وأفضل وقت في إخراجها قبل صلاة العيد .


ثانياً : زكاة المبالغ النقدية
إن عرف الإنسان وقت كل مال يدخل عليه وضبط حوله بهذه الطريقة فله أن يزكي كل مال وقت حلول الحول الذي ضبطه به ، وإن لم يستطع فإنه يجعل شهر رمضان مثلاً حولاً لكل ماله الذي بين يديه فيكون لبعضه حولاً كاملاً و
للمتأخر من المال من باب تعجيل زكاته ، فيحسب المال الذي بين يديه ويخرج زكاته في هذا الشهر . ونصاب هذه النقود ربع العشر إي اثنان ونصف من المئة ، وخمسة وعشرون من الألف .
مسألة : هل في الديون التي عند الناس زكاة ؟

إن كان المال على غني باذل فإن الزكاة واجبة فيه كل سنة لأنه في حكم الموجود ، ف
له أن يزكي هذا النوع من الديون مع زكاة ماله وهذا هو الأفضل والأسرع في إبراء الذمة . أما إن كان الدين على معسر أو مماطل فلا زكاة عليه ، ولكن إذا قبضه يزكيه مرة واحدة في سنة القبض فقط . ولا يلزمه زكاة ما مضى . وهذه فتوى الإمامين الجليلين ابن باز وتلميذه ابن عثيمين رحمهم الله تعالى.
ثالثاً : زكاة الحلي :

ذهب جمع من أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى وجوب الزكاة في الحلي الملبوس و
اختار هذا القول الشيخان عبد العزيز بن باز ، ومحمد بن صالح بن عثيمين رحم الله الجميع لجملة أدلة مذكورة في مظانها .
رابعاًً : زكاة العروض :
تجب الزكاة في عروض التجارة لحديث سمرة بن جندب قال : (( أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع ))(162) . فمن كانت لديه بضائع أو أقمشة أو مبيعات في متجره فإنه إذا حال عليها الحول يقيمها ثم يخرج الزكاة من قيمتها .

هذه بعض معاني الزكاة وأحكامها ، وحرّي بنا أن نتفقّه فيها حتى نؤديها وفق أمر الله تعالى .
----------------------------------
(158) رواه مسلم
(159) جامع الفقه
(160) رواه أبو داود وحسنه الألباني
(161) متفق عليه
(162) رواه أبو داود وحسّن إسناده ابن باز رحمه الله .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 20-04-2023, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(30)

مع العيد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد




فإن من سنن الله تعالى في الكون أن يعاقب بين الأيام والمناسبات فهانحن نودع رمضان في مثل هذه الليلة ، ونستقبل في الوقت ذاته أيام العيد ، الأيام التي جعل الإسلام فيها فسحة عريضة للمسلم أن يعبّر فيها عن فرحته . فأهلاً بالعيد وأيامه آملين أن يكون عيداً مباركاً على الأمة الإسلامية في شتى بقاع الأرض . غير أن هناك ثمة وقفات مهمة :

أولاً : أن هذا هو عيد أمة الإسلام في أقطار الدنيا ، وهو اليوم الذي تعبّر فيه الأمة عن فرحتها ، وسر هذه الفرحة هو تحقيق العبودية لله تعالى بامتثال أمره في صيام هذا الشهر الكريم ، وليس عند أمة الإسلام عيداً للأم ، ولا عيداً للطفل ، ولا عيداً للميلاد ، بل ليس في قاموس الإسلام غير عيدان اثنان ، الفطر والأضحى ، وحين تلقاها الأمة لها أن تعبّر فيها عن هذه الفرحة بما شاءت شريطة ألا تخالف أمراً ،أو ترتكب نهياً لمن تتعبّد له وإلا صارت هذه الأعياد شؤماً في حياة من شه
دها .

ثانياً : لقد شرع الله تعالى لهذه الأمة في هذا العيد التكبير ، بل جُعل من شعائر العيد الخاصة حين قال عز وجل : (( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )) سورة البقرة (185) . وللإنسان أن يبدأ في التكبير من حين غ
روب شمس آخر يوم من شهر رمضان ، وليصدح بهذا التكبير في البيوت وسائر الأمكنة امتثالاً لأمر الله تعالى ، وليبق يردد هذا التكبير إلى أن يخرج الإمام لأداء صلاة العيد .
ثالثاً : للإنسان أن يتجمّل في يوم العيد ، وليخرج في أبهى حُلة لأداء هذه الصلاة ، فقد أخذ عمر جبة من استبرق تباع في السوق فأتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : ابتع هذه تجمّل بها للعيد والوفود ........... الحديث )) (163) . ففيه دلالة على أن التجمّل يوم العيد كان معروفاً مشهوداً عند الصحابة رضوان الله عليهم . وعند البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه .




رابعاً : ينبغي للإنسان ألا يخرج لعيد الفطر حتى يأكل تمرات لما جاء عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغدوا يوم الفطر حتى يأكل تمرات .(164) . وفي هذا الأكل مبالغة في النهي عن الصوم في هذا اليوم كما جاءت بذلك الآثار .
خامساً : للإنسان أن يبادل أخاه بالتهنئة في يوم العيد كأن يقول الإنسان تقبل الله منا ومنكم ، وأعاده الله علينا وعليكم ، أو أي لفظ آخر رآه الإنسان مناسباً في المقام فإن الأمر واسع في ذلك كما أشار إلى ذلك غير واحد
من أهل العلم رحمهم الله تعالى .
سادساً : أن هذه الفرحة التي يشهدها المسلم يوم عيده إنما هي تعبير صادق على الانتماء لهذا المنهج العظيم ، فكما أن الإنسان صام رمضان امتثالاً لأمر الله تعالى فهاهو حين يشهد العيد إنما يشهده تلبية لأمر الله ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .


وفي هذا أعظم دلالة على صدق المسلم واتباعه منهج هذا الدين . وحين تجد المعايد في ذلك اليوم يستمع إلى أغنية أو يتلذذ بمشاهد مشينة أو يتجاوز بلسانه في أعراض المسلمين أو حتى حين يتزيّن بالعبث في لحيته أو يزيد في طول ثوبه طولاً يتجاوز به النطاق . أوحين يعبّر عن هذه الفرح
ة تعبيراً يخرج عن نطاق هذا العيد إنما يتجاوز بذلك هذا السياج العظيم من الشرع الحنيف ، وحينئذ لا يعيش الفرحة الحقيقية التي أذن الله تعالى بها وإنما يشطح بعواطفه إلى هناك بعيداً عن الحياة الروحية الجميلة التي يعيشها المسلم وهو يتلذذ بطاعة الله تعالى .



سابعاً : العيد بمعناه الحقيقي هو الاجتماع والألفة والمحبة وإشباع العاطفة في نطاقها الصحيح ، ولن يجمل العيد في نفوسنا الجمال الحقيقي حتى نتجاوز كل خلافاتنا ، ونصافح كل من نلقاه على ظهر هذه الأرض ممن تربطنا رابطة الإيمان غير آبهين بأي خلاف مهما كان . آن لنا اليوم أن نرمي بكل خلافاتنا مهما كانت خلف ظهورنا ، ولنتعانق من جديد ، ولنعيد البسم
ة التي غابت من زمن طويل ، وحينئذ سيكون هذا العيد حين ما تحقق هذه المعاني من أجمل الأعياد في تاريخ الواحد منا .


وأخيراً : غداً العيد ، وغداً تتجلى كل معاني المحبة والصفاء والنقاء ، غداً ستعبّر النف
س عن عواطفها تعبيراً صادقاً يضمن لها حياة السعداء بهذا الدين ، وبين هذا المساء ويوم غد سينطلق التكبير في الأفنية الواسعة من بيوتنا ، وفي الأسواق وتجمعات الناس ، وغداً تدوي طرقاتنا بالتكبير من كل مكان ، فيالله ما أعظم أمة الإسلام حينما ترتبط بمنهجها راضية به ، واثقة منه ، مطمئنّة به .
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحب
ه وسلم .

--------------------------------
(163) رواه البخاري
(164) رواه البخاري


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 161.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 155.71 كيلو بايت... تم توفير 6.08 كيلو بايت...بمعدل (3.76%)]