فريسة للأوهام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 2 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          { ويحذركم الله نفسه } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          رمضان والسباق نحو دار السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 770 )           »          منيو إفطار 19 رمضان.. طريقة عمل الممبار بطعم شهى ولذيذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          جددي منزلك قبل العيد.. 8 طرق بسيطة لتجديد غرفة المعيشة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-08-2022, 06:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,637
الدولة : Egypt
افتراضي فريسة للأوهام

فريسة للأوهام
د. شريف عوض الدخميسي






هاتفني.. وكان صوتُه الصغيرُ مُتهدِّجًا، تُحس فيه اضطرابًا شديدًا مقلقًا في نبرته التي لم أعتدْ أن أسمعها منه.
خرجت كلماته: أريد أن أغيِّر المسجدَ الذي أصلِّي فيه؟
فقلت: لماذا؟
فردَّ بالنبرة نفسها المهتزة الخافتة: مجرد تغيير، وليس أكثر.
فقلتُ بلهجةٍ تبدي غضبًا ظاهرًا، وتخفي في طياتها قلقًا شديدًا عليه: أي تغيير تريد؟ أتعتقد أن المساجد مثل الآيس كريم؛ إن لم تعجبك الفانيليا فلتجرب الشوكولاتا؟ أقولها متهكمًا، وصدري يغلي من نار خوفي عليه، التي نشِبت فيه جراء إجابته المبهمة، التي صبَّتْ فوق قلقي مزيدًا من القلقِ والارتيابِ، وأنا في وسط أمواج حيرتي العاتية، وعواصف هوجاء من الأفكار، تبدو حينًا، وتخفت حينًا، كبرقٍ في ليلة ممطرة، وقلبي يدق دقةَ الخوف، التي معها أدرك إدراكًا مبهمًا، وكأنما يهبط عليَّ كالوحي، أو يأتيني كخاطر أو إلهام يتجلى، بأن ثمة شيئًا ما حدث، جَالَ بخاطري ما الذي حصل وهو الذي كان ينفض عن أي شيء إذا سمع الأذان، ويذهب إلى الوضوء، فيشكل وجه الصغير مع قطرات ماء الوضوء هالةً من ضوء تختفي فيها معالم وجهه، ولا تبدي إلا نورًا متألقًا يضيء قلب الناظر إليه؟ وكان عندما يسمع الإقامة تراه ينقض على باب الشقة انقضاض النمر على فريسته؛ حتى يدرك الجماعةَ وتكبيرة الإحرام، كل هذا تغيَّر في غضون ساعات قليلة ما بين العصر والمغرب، لا بد من أن في الأمر شيئًا!

فحاصرته بالأسئلة، وأحكمت حصاره، حتى استسلم ورضخ إلى رغبتي، التي بلغت مداها، وبدأ يقول: رجل كان يصلي العصرَ معنا في المسجد.. مات.. ثم صمت.. وعاد يكرر: مات... كان لا يتحرك، يحركونه يمينًا، يسارًا، يصيحون عليه، وهو مغمضٌ عينيه هامدٌ كأنه نائم نومًا عميقًا، والناس من حوله من يطلب له طبيبًا، ومن يطلب له ماءً، وهو مُمَدَّدٌ راقدٌ على ظهره، وكأنه تَخَشَّبَ مكانَه، فهالني الموقفُ، فخرجت مسرعًا، وقررت ألا أعود إلى هذا المسجد أبدًا، قالها وصوتُه يعتريه خوفٌ ورهبة.

فما كان مني إلا أن قلت له بلهجة آمرة، تغلق معها أيَّ باب من أبواب النقاش، وتقطع كلَّ سبل المحاورة: اذهب إلى مسجدِك، سأصلي معك المغربَ، وتركت كل ما في يدي، وخرجت بخطوات تنهب الأرض نهبًا؛ كي ألحق معه الصلاة.

وأنا في الطريق إليه تجلى أمامي مشهدُ محطةِ السكة الحديد، ونحن في الصف الأول الإعدادي، التي كانت تقسم مدينتنا إلى نصفين، كنا نسكن في أحدهما، وجل الدروس الخصوصية في النصف الآخر، فكان - ولا بد - لنا من عبورها، على الرغم من تحذيرات أمي التي كررتها مرارًا وتكرارًا: انتبه جيدًا لحركة القضبان، وهي تقصد "التحويلة" التي تغلق وتفتح حتى يغير القطار مساره، ويعدل بفضلها اتجاهه، وكم هي الحكايات التي أكاد من كثرتها أحفظُها عن ظهر قلب، تحكي عن خطورة تلك "التحويلة"، وكنت أخافها أكثرَ من القطار نفسه.

وبعد فترة اعتدنا على محطة القطار، وصارت ملعبًا غنيًّا بألعابه، فكنا نسير على القضبان كما يسير على الحبل البهلوان، وكان الكوبري بين الرصيفين قمة عالية، تحاول الصعود إلى أعلى نقطة فيه لترى منزلك، والرصيف صار مضمارًا للسباق بيننا، والمقاعد ذات المظلات الوارفة، التي طالما مكثنا بها، وجلسنا عليها جلوسًا مجانيًّا لا أحدَ يسألك عن شيء، إلا عن الوقت أو عن ميعاد قطار، وأصبح المكان كما شجرة لعصافير صغيرة، لـمَّا تقوَ أجنحتُها بعدُ على الطيران مسافةً بعيدةً، وكأنها تحاول طيرانًا، ثم ما تلبث أن تحط إلى بيتها، لقد كان بيننا وبين المحطة ودٌّ وعشرةٌ.

حتى جاء يومٌ، كان أحد الباعة الجائلين، وهو ينتقل بين قطارين، زلت قدمُه، فاختل توازن المسكين، فوقع تحت العجلات، فشطره القطار إلى نصفين، وأمعاؤه تتدلى من نصفه الأعلى، فلا تراه إلا كأنه "جوال" محشوٌّ رغمًا عنه، وفُتح على حين غرة، فإذا ما به يخرج في عشوائية، ويحيل المنظر أمامك إلى رعب يكتسي بفوضى عارمة معها، وسكتت الأصوات، وتحوَّل ضجيج المكان إلى صمت باهت ومخيف، كأنه ثقب أسود يبتلع كلَّ صوت مهما ارتفع بداخله، وأنت لا تستطيع التحرك أو التفكير وجسدك متيبس في ذهول.

وكأنك في مقابلة مباشرة مع الموت، نعم.. الموت بشحمه ولحمه، بعد أن تهتكت السُّتُرُ، ورُفعت الحُجبُ، وكنت حينها لا أعرف إلا الحياة، وكان الموت كلمة مثل كل الكلمات التي تلقى أمامي، ولكنه الآن - والآن فقط - أصبح حقيقة، وواقعًا مشهودًا، لا تعرف له شكلًا، أو وصفًا، إنما هو خفي، مباغت، له رعب يتملكك، ولا تفلت منه فريستُه، ولا يخطأ أبدًا ضحاياه، إذا أراد فعل هذا اللاشيء فيه نهاية حياة كل شيء.

وكان المشهد صادمًا أثَّر فيَّ جدًّا، وظل يؤرق نومي، ويحوِّل أحلامي إلى كوابيس مدةً ليست بالقصيرة، وكرهت العبور بعدها من تلك المحطة، بعدما تملكتني الأوهام.


وفي خضم هذه الذكريات إذا به يقطعها عليَّ، عندما هزني (محسن) عند باب المسجد، فقد رآني، ولم أره، فأمسكت بيديه ودلفنا إلى الصلاة، وبعدما فرغنا وجدته يجذبني من يدي جذبًا شديدًا؛ لينبهني:
قال: الميت يصلي وراءَك.
فارتسمت على وجهي ابتسامةٌ صغيرة، وقلت: لم يمت إذًا؟!
فلم يتكلم، واكتفى أن يهزَّ رأسه بالموافقة، فسألت، فإذا بها كانت غيبوبة سكر، وأفاق الرجل منها.
فخرجنا من المسجد ولسانُ حالنا يقول: "مواجهة الخوف مهما عظم أقلُّ كثيرًا من أن تسقط فريسةً للأوهام".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.02 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.49%)]