أنا الرجل - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12488 - عددالزوار : 213276 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-08-2022, 04:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,866
الدولة : Egypt
افتراضي أنا الرجل

أنا الرجل
د. أسعد بن أحمد السعود




(قصة قصيرة)






الرسالة الأولى: فكرة قارئة:

كنت أتابع كتاباتِك من قصة أو شعر، في المواقع الإلكترونية المعروفة، ولا أصنِّفُ نفسي من المهتمين أو المشغوفين؛ إنما وجدتُ شيئًا ما يشدُّني فيها، فلم أُحدِّده أو أسمِّه؛ ذلك لعدم توفر مقوماته الأدبية لديَّ، ولكني اهتديتُ إلى مداخلة مناسبة، بصيغة استفسار أو سؤال، وكان لي ما أردتُ عندما كنتَ يومًا تكتبُ قصة قصيرة شبهَ متسلسلة، فيها ما شجعني على المضي فيما أفكِّر فيه، فكان التالي:

ما تكتبه مستقًى من الواقع الحياتي أم الخيالي، أم أن هناك مصدرًا آخر؟

الرسالة الثانية: تعليق وردَّة فعل مِن الكاتب:

وصلت لبريدي الإلكتروني، أول صدى من (قارئة)، تطلب الإذنَ والسماح بمداخلة غريبة، بمشاركتي كتابة أحداث قصة، من وراء السحاب الافتراضي، متقمِّصة دور امرأة أو فتاة، كما أطلقَتْ على نفسها اسم (الراشدية)، وكانت مجازفةً مجهولة المصدر، محبَّبة الفكرة، محدودة المخاطر، أدبية الأسلوب والغاية.

♦ ♦ ♦



الرسالة الثالثة: "زنزانتي السرمدية":

كتبت القارئة فيها التالي:

غرفتي تُؤويني في غالب الأوقات، وفيها أعيش تناقضات حياتي اليومية، وليس ذلك فحسب، بل فيها يختفي أبو الرشد المكلَّل بعصمة الجد، وتحيا فيها وتدفن بآنٍ واحد (الراشدية)، الأنثى، كنز أمي الضائع!



مرة أراها واسعة، وأخرى أراها كالزنزانة، تظلُّ تضيق عليَّ وتضيق، حتى تكاد تُطبِق على أنفاسي، وتنشَب في حلقي مخالبُها، وما تنفكُّ عني إلا برفسة من رجلي، أو بصرخة مني تُمزِّق خيطَ العنكبوت المتلبِّد في داخلي!



وكم من مرة أقول لنفسي: سأطلب من أحد أفراد عائلتي أن يساعدني بإصلاح مصباح النور الكهربائي، الأصفر القديم، المعلَّق في وسط سقف الغرفة، لقد نشأتُ وكبِرْتُ وأنا وحدَي فيها؛ لأن (جدِّي) منع أحدًا من إخوتي أن يشاركني فيها، وهأنذا قد تجاوزتُ الثلاثين، وما تزال أمي العجوز تَعِدُني بالرجل الذي سيطلب يدي منها ليتزوَّجني!



لقد تعاون المصباحُ المدلَّى مع ذاك الرجل الذي أنتظره ولَمَّا يأتِ بعدُ، أراه يومًا يبعث بنورٍ غريب، يشكل على جدران الغرفة المشققة أشكالًا وخيالات تزيد الرهبة في نفسي، وأحيانًا تغيِّر من ملامح وجهي، لَمَّا أقف مواجهة ما تبقَّى من المِرآة المكسَّرة، فكيف إذا أتى الرجل وأنا لا أعرف ملامح وجهي جيدًا؟!



إنها ظلال هذا المصباح الغادر، عندما أفتح النافذة لبعض الهواء، ليزورني ويبعث فيَّ قليلًا من النَّفس، أرى المصباح يأخذ بالتأرجح واللعب، فتبدأ الأشكال تتوالد، ثم تصغُرُ وتكبرُ، تقترب مني وتهاجمني، ثم تبتعد هاربة، وأبعاد الغرفة تتبدَّل مسافاتُها، ولا ينتهي المهرجان إلا بضربِه وكسره، أو كسر أشياء أخرى معه، فيختفي بعد ذلك كلُّ شيء، وحتى ذاك الرجل الذي أنتظره، يغيب أيضًا ولا تظهر في أحلامي أيٌّ من ملامحه!

♦ ♦ ♦



الرسالة الرابعة: جدي عصمتي:

استَطرَدَتْ فيها قائلة:

صحوتُ يومًا ولم تصحُ أمي العجوز، فقد عانيتُ معها في آخر أيامها، وكنتُ عاجزةً عن فعل أي شيء لها، لقد لحقت بجدي، عاودتني كوابيس محطات حياتي، وخاصة تلك التي تربَّيت ونشأت فيها بعيدًا عن حياة ورعاية أبي غيرِ المستقرة!

أبي ابتَعَد يومَها عن أمي، وقالت لي: أبوكِ سكن في بيت آخر مع امرأة ثانية! لم أُدرِكْ تلك الجملة إلا بعد فوات الأوان!



هل هناك أحد في الدنيا يصدِّق أن فتاة بسن العاشرة تصرع أرضًا أيَّ واحدٍ من أترابها من الغلمان، بقوة هيكلها وشجاعتها وجرأتها، لم تكن (الراشدية)، وهكذا أطلق عليها (جدها لأمها) هذا الاسم منذ أن وُلِدت وترَعْرَعت بكنفِه وبحمايته، لم تكن تتآلفُ مع بنات سنها أبدًا، وقد بذلَتْ أمُّها جهدًا بمحاولات عديدة، لجمعها مع مثيلاتها، وكانت إحداها في أرضِ ديار بيتها، فوفَّرت لهن كلَّ أسباب الجد واللعب، لكنها باءت بالفشل، أنهَتْها الراشدية بشدَّة ذكورية حادة! قطَّعت لإحداهن لعبتها القطنية، مستنكرةً قيامَ الفتاة بتمثيل دور الأم، وأن اللعبة بمقام ابنتها، فجعلتها نَدِيفًا يملأ أرض الديار، ومزَّقت كسوتها كلَّ مُمزَّق!

♦ ♦ ♦



الرسالة الخامسة: "إكليل الرجولة":

قالتِ القارئة:

تحوَّل مع الأيام اسمي الراشدية إلى (أبو الرشد)، وكأن جدي يريد بهذا الاسم خلعَ شخصيتِه الوقورة وملامحه المهابة عليَّ، ولَمَّا لَمْ أُنْهِ دراستي الابتدائية، وبالرغم من ذلك، فقد اختفى (الجد) المهاب من فرح طفولتي، وترك لي وفيَّ خشونته، وشيئًا كثيرًا من رجولته!



عجبي يومًا تكوَّر في حادثة غريبة، قضَّت عليَّ أشجاني وانعزالي المضطرب، فحدث أن جاء مَن يطلب مني أمرًا، أضحكني كثيرًا، وأبكاني أكثر، ثُلَّة ممن أبقَتْهم تلك الحرب النَّتنة جاءت تعرِض عليَّ تبوُّءَ مكان أبي، الذي بيني وبينه ما أحدٌ من هؤلاء يعرِفُه؛ فقط لأنهم يعرفون ظاهرًا من اسم (أبو الرشد) الفتاة، أو اسم أبيه أو جده الرجل!

كيف لي أن أعيش وأكمل فتاة أمي ورجولة جدي، في جسدي المتواري في ثياب أبي الرشد؟!

♦ ♦ ♦



الرسالة السادسة: "رحيل الاسم":

وتابعت القارئة الرصدَ بدقةٍ متناهية:

تساءلتُ كثيرًا: لِمَ كرِهني أبي؟ لا أدري.

كان أبي وطنيًّا من العيار الثقيل، وربما كانت أمي لا وطنية، أو وطنيَّتها غير حماسية، فقد طلَّقها وتركها، وربما لأن زوجته الثانية كانت وطنيَّتها مشحونة، وتماثل وطنيَّته، فقد تزوَّجها وعاش معها!



أشك في ذلك وأنا الصغيرة!

اندفع أبي بقوةٍ على رأس فَيْلق كبير من أهل المدينة، وشارك في الحرب الأهلية التي فتكت بالأخضر واليابس، ولم تُعْفِه من سعيرِها؛ إذ أتت عليه نارُها، فأخذَتْه معها، ولم يمضِ على زواجه أعوامٌ خمسة، انضمت أخواتي الثلاثة من زوجة أبي، إلى أسرة أمي، وكان جدي لأمي أكثر غبطةً وسرورًا، بل زاد همةً ونشاطًا، وقويت رعايته لنا جميعًا، لكنه لم يُقلِّل من شأني عنده، بالرغم من أن أخي الصغير من أمي وأبي أخذ يشتد عودُه، لكنه لم يستطِع تجاوزي بأي شيء!



لاحظتُ في السنين الأخيرة من الحرب الأهلية ضعفَ كاهل جدي، فقد أخذ وَهَن العمر يأكل مِن همته وجسده، ولم يستطع الصمود، فقد كانت وطنيَّته في رعايتِنا تُكلِّفه الكثير، وأنا أسجل له ذلك خطوة بخطوة، عندما كان يبتسم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، كنتُ أمازحه بقسوة، وأجرُّ يده وأناديه وأستصرخه: قُمْ جدي، قُم، هيَّا انهض، واحملني على كتفَيْك، هل حقًّا لم تَعُدْ تحبُّني؟!

كل مَن بقي من أهل المدينة رافَقوه وذهبوا به إلى حيث...؟

وحدي بقيتُ مع أمي ننتظر عودته!

♦ ♦ ♦



الرسالة السابعة: "الوطنية صنوان: أمي والبيت".

هذه الرسالة أعدتُ صياغتَها عدة مرات؛ نظرًا لتأثر القارئة الشديد وبكائها واختصارها، حتى طابت نفسها لها، بهذا القدر من التذكر والصياغة والإيجاز.



وضعَتِ الحربُ الأهلية قذارتَها، ووضعت الدنيا كلَّ قسوتها وصعوبتها على كتفَي أمي، وكلِّي ثقةٌ بأنها امرأة بكامل صفاتها، وأولها هي أنوثتها، ودليلي أنها ولدَتْني وأخي، ونشأنا في كنف عطفها وحنانها مع أخواتي الثلاث من المرأة المجهولة، ودخلتُ معتركَ القسوة إلى جانب أمي، وانضممت للعمل ومساعدتها، وكم كانت دهشتي حين اصطدمتُ بإصرارها العنيد في إكمال دراستي الجامعية، على أملِ أن يأتي مَن يطلب يدي منها وهو بذات المستوى، ولكن عصمة جدي وطموح أمي لم يتآلَفا فيما أنا فيه، وصراعهما يسيطران بشدة على ملكات (الراشدية)، فلم أكملها، وابتعدَتْ عني هي الأخرى، وأن (أبا الرشد) الذي يهابه ويخافه كثير من الأتراب، تترسَّخ في داخله قسوة أبيها أيضًا، وكذلك جفاف ونضب الرحمة من الناس بعد الحرب، وأن الحرب أفقدتِ الناسَ - وخاصة شبابها وبناتها - كثيرًا من صفاتهم الوطنية، وما تحسب نفسها يومًا إلا فتاة مدفونة في قبرٍ اسمُه غرفة، في بيت أمها من جدها.

♦ ♦ ♦



الرسالة الثامنة: "الرجل القادم الذي لم يُولَد":

هنا اشترطتُ على القارئة أن تكون الرسالة الثامنة هذه هي الخاتمة، أجابت متسائلة عن السبب، فلم أجد جوابًا مناسبًا، وظل عالقًا، لكن احتمالًا ما وحيدًا تعلق في الذاكرة يقول: إن الخاتمة - أي خاتمة - يُمكِنها فتح آفاقٍ قد تتجاوز الخيال إلى الواقع، وتبدأ فيه أحداث أخرى لم تكن في الحسبان!



عدتُ إلى زنزانتي ومصباحِها، وإلى ممارسة دقائق يوميَّاتي فيها، وعادت لسخريتِها المعتادة، حاولتُ رفس جدرانها فلم أستطِع، استمرَّت في تقاربها والضغط عليَّ من كل جانب، حاولت عمل شيء للمصباح، لكنه هو الآخر ظلَّ يتمتع بتعذيبي!



صرختُ بأعلى صوتي، مثل كل مرَّة، من أجل نجدة نفسي، توقف كلُّ شيء فجأة، واختفَتْ كل أشكال التعذيب، تجمد المصباح في مكانه، سمعتُ أختي الصغيرة تناديني، وترجوني ألا أبكي، ولا أصرخ على موت أمي، نظرت إليها باندهاشٍ! لم تكن وحدها، كانوا جميعًا يقفون وينظرون إليَّ ذات النظرة، أردتُ أن أشرح لهم حالتي، لكني خرستُ، ووقف الكلام وتجمد لساني! كانوا جميعًا يشيرون إلى بطونهم، وفي عيونهم رجاء، انطلقَتْ بسمةٌ من شفتي، ثم تحوَّلت إلى ضحكة، فتحتُ ذراعي على وسعها، ضممتُهم لأول مرة، قلت لهم وفي نفسي مرارة شديدة: لا يا إخوتي، كنتُ أصرخ على حالي، وقد بلغت خمسًا وثلاثين سنة من عمري، أتدرون ما يعني ذلك؟! سكَتوا جميعهم، ولهُنَيْهَة جاءني صوت أخي الشقيق مِن على بعدٍ قائلًا: وليكن!




أجبتُه بعد صمت لهُنَيْهَة: وليكن؟!

قلت في نفسي: وليكن؛ فأنا الرجل القادم الذي لم يولد!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.70 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.12%)]