الهزال المعرفي الطلابي: مظاهره، أسبابه، علاجه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 44 - عددالزوار : 3746 )           »          الكبائر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 36 - عددالزوار : 2985 )           »          التحذير من قطيعة الرحم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مفاتيح الرزق الحلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          معنى (لا حول ولا قوة إلا بالله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حقيقة الزهد في الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تأملات في آيات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 241 )           »          أمانة العامل .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          روح القميص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ظاهرة تسلط النساء على الرجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-12-2021, 01:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,299
الدولة : Egypt
افتراضي الهزال المعرفي الطلابي: مظاهره، أسبابه، علاجه

الهزال المعرفي الطلابي: مظاهره، أسبابه، علاجه


عبدالغني حوبة





إن التردِّيَ الذي يعيشه الطلاب اليوم في الدراسة، لهو مؤشِّرٌ خطير على ضعف مستواهم، وضحالة معارفهم، وعدم إتقانهم لمهارات البحث والتنقيب، وهذا مما يدعونا للتباحث في هذه الظاهرة الخطيرة التي تفَشَّت في عصرنا الحاضر، وألقت بآثارها الضخمة على مؤسَّساتنا التربويَّة، فضعُفت المُخرَجات، وانحطَّت المستويات، واختفتِ المواهب عندنا، وغابت معها الطاقات، فهل ترجى بعد ذلك الثمرات؟!

لقد عزف الطلابُ عن المطالعة عزوفًا مثيرًا للجدل، داعيًا للخجل، يجعل أصحاب الرسالات في وجل، خصوصًا ونحن في زمن الثراء والوفرة، فقد توفَّرت عندنا أغلب المصادر والمراجع الورقية منها والإلكترونية، التي ضجَّت بها مكتباتُنا العامَّة والخاصَّة، ومع الأدوات والوسائل الحديثة من الحواسيب والهواتف الذكيَّة والاتصال بالشبكة العنكبوتيَّة، فقد تيسَّرت لنا سبل الوصول للعلوم وتطبيقاتها المختلفة، فَلِمَ التكاسلُ والتقاعسُ؟!

لكن التساؤلات التي لا تزال تطرح نفسها أمام الأوساط العلمية جميعًا: لماذا هذا الهزال المعرفيُّ الطلابيُّ؟! ما مظاهره وأسبابه؟ وكيف نعالجه في سياقه وبابه؟

أيها الأعزَّاء:
اسمحوا لي أنْ أصارحَكم بالحقيقة المُرَّة التي هي خيرٌ ألف مرة من الوهم المريح: إن الهزال المعرفيَّ هو وباء خطير، وشرٌّ مستطير ينخر في جسدِ أمَّتنا الحبيبة.
وإذا أردنا أن نعرِّفَه، فيمكن لنا أن نقول: إن الهزال المعرفيَّ هو ضعف بكلِّ المقاييس؛ ضعف في الكفاءة، وضعف في الأداء، وضعف في القراءة، وضعف في الكتابة، وضعف في الحفظ، وضعف في الفَهْم، وضعف في التحليل، وضعف في التطبيق.

وبتشخيص هذا الهزال المعرفي يتَّضح لنا أنه على درجات، والطلاب فيه متفاوتون على مستويات: فمنهم مَنْ مرضُه مزمنٌ حادٌّ، فأَمَلُه في التحسُّن قليلٌ، ومنهم من ابتدأَه المرضُ فمَيْسور علاجه، وبين ذلك وذلك مسافاتٌ ومقاساتٌ تقدَّر بقدرها!
إن روحَ الهزال المعرفيَّ هو صعوبة التأقلم مع البيئة التعليميَّة، سواء مع المدرِّس أم مع زملاء الفصل الدراسي أم غيرهم.

وأصحاب الهزال المعرفي هم فئة من الدارسين والدارسات يعانون في متابعة الدروس والمحاضرات، ويجدون مشقةً وعنتًا في فهم الأعمال الموجَّهة وحصص التطبيقات.
فكيف يُطلب من المريض أن يقوم بما يقوم به الصحيح وأفضل منه؟!

فيا معشر الأساتيذ:
كونوا في مستوى الحدث الكبير!
علِّموهم العزيمةَ والتشْمير!
فمن لم يكن له في بدايتِه احتراقٌ، لن يكونَ له في نهايته إشراقٌ!
ارفعوا للطلاب الهمم، واسلكوا بهم سُبل القمم، ابعثوا فيهم الحياة؛ لتنطلق بهم سفينةُ النجاة، ثم أصلحوا لهم العيوبَ الجليَّة، عندئذ نحلم بأن يبدعوا في بحوثهم ومخرجاتهم المستقبليَّة.

يا روَّاد المَعالِي:
إن للهزال المعرفي مظاهرَ شتَّى، منها: عدم معرفة المُسَلَّمات من المعارف، وهشاشة اللغة الملفوظة والمكتوبة، وغياب جودة القَرِيحة وحضور البديهة، ثم بروز روح الاتِّكالية وعدم الاحتفال بالجديد من العلوم، وأما العداءُ مع المكتبات فحدِّثْ ولا حرج!
فروَّادُ المكتبات قلةٌ قليلةٌ، وفيهم شحٌّ وندرةٌ، فقد أصبح الواحدُ منهم اليومَ كإبرة في كومة قش، لن تَعْثُرَ له عن سبيل!
فما أقلَّ المُمَيَّزِين عندنا وما أكثرَ العاديِّين!

والدليلُ ما رواه البخاري ومسلم عن عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً))[1].
يقول ابن الأثير رحمه الله: "يعني أن المُرْضِي المُنتجب من الناس، في عزة وجودِه كالنَّجِيب من الإبل القويِّ على الأحمال والأسفار، والذي لا يوجد في كثيرٍ من الإبل"[2].

وصدق من قال:
وقد كانوا إذا عُدُّوا قليلًا ♦♦♦ فقد صارُوا أعزَّ من القليلِ

إن أسبابَ هذه الظاهرةِ كثيرةٌ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
رواسب التنشئة الأولى والبدايات المتعثِّرة.
ظهور ثقافة التَّثْبِيط وتراجع فنِّ التشجيع.
غياب الأساتذة الأَكْفَاء.
عدم نجاعة الوسائل في تحقيق الأهداف التربويَّة.
ضعف المقروئيَّة وغياب الدافعيَّة وإفرازات التكنولوجيا وانعكاسات التقنية، وحالات الترف والبذخ الأُسْريَّة.

أبنائي الطلاب:
هذا وضع لا يصلح معه السكوت!
ينبغي أن نبحث عن حلٍّ لهذه المعضلة المؤرقة!
نحن أمة اقرأ! فكيف بنا إذا هَجَرْنَا الكتابَ، وارتمينا في أحضان اللهو والسرابِ، فصرنا لا نجد المتعةَ واللذَّةَ إلا في ملء البطون الطاويات، وإشباع نهم الرغبات، ونسعد كثيرًا في التنقُّلِ بين الملهيات والمغريات ونهنأ بالجلسات التافهات.

فيا لَلْعار والشنار! ويا لضيعة أثمن الأعمار!
ألهذا خلقنا؟!
لا والله!
ما لهذا خلقنا، فلا بد إذن من معرفة غاية خلقنا، والعمل على تحقيقها؛ حتى نحسن من نوع حياتنا في الدنيا، ونرتاح بما قدمنا في الدار الآخرة!

بناتي الطالبات:
ارسمن لأنفسكن أهدافًا سامية، واجتهدْنَ في قراءة الكتب والمجلات لتحقيقها، ففي بطونها غذاءٌ للعقول الباحثة عن الحقائق، ومنها تكتسب الخبرات التراكمية والدقائق، وبها يُولد الإنسان من جديد!
نعم، إنسان جديد! بكل ما تحمله الكلمة من معنى!
جديد في مشاعره وأحاسيسه!
جديد في تفكيره وتدبيره!
جديد في حياته كلها!

الإنسانُ الجديدُ هو ذلك البشر الذي يفكِّرُ تفكيرًا منطقيًّا، ويحل مشكلاتِه حلًّا علميًّا، فالمرأة المثقَّفة الواعية التي تشكل نصف المجتمع وتبني النصف الآخر هي أحوج إلى استثمار ما تعلَّمَتْه من معارف وما استفادت منه من تجارب، وأن تفيدَ نفسها ومجتمعها بما اكتسبتْه من مهاراتٍ، لا لما وَرِثتْه من تقاليدَ سخيفةٍ، وما عندها من مكتسبات قبليَّة ظريفة، قد عفا عنها الزمن واضمحلت!

فلتكونِي بُنيَّتي عارفةً بزمانك، مقبلةً على شأنك، تاركة لأحزانك، مشيِّدةً لبنيانك، منافسةً لأقرانك.
فلو عدنا للقراءة حقًّا وأوجدنا بيننا وبينها علاقةَ ودٍّ وحبٍّ متبادل، فوالله الذي لا إله إلا هو إن المجتمع سينهضُ، وستبعث الأمة كما كانت أولَ مرة، وتشرق بعدها شمسُ التغيير، فيستنير الكونُ على أهله من صغير وكبير.

أيها الطلاب، أيتها الطالبات:
المطالعةَ، المطالعةَ، فهي خيرُ ما تُقْضَى بها الأوقاتُ، وأفضل ما تدرك بها الدرجات، وأحسن ما يَغترفُ منها الباحثون من المعارف والمعلومات.
وفي الختام؛ عودوا يا طلبةَ العلم إلى القراءة، تَعُدْ لكم بهجةُ الحياة وتنعمُوا بالطاقة، طالعوا تنمو لكم الذات، وتنهض بكم المجتمعات، وبالقراءة تجتمعون بعد فرقة وشتات، وتستيقظون بعد نوم عميق وسبات.



[1] رواه البخاري ومسلم، البخاري (6498)، مسلم (2547)، وفي لفظ مسلم: ((تجدون الناس كإبل مائة، لا يجد الرجل فيها راحلة)).

[2] ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 15).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.32 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]