أسرني الأسير! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 323 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12642 - عددالزوار : 221233 )           »          كيف أشعر بالسعادة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          العسر القرائي «الدسلكسيا».. مفهومه ومظاهره وانتشاره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أثـار الفتـن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          أوقاف المغاربة في القدس.. ألم لا يُنسى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          دولة الصفويين.. تاريخ من العمالة والقتل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أفلام الكرتون تسلية محفوفة بالمخاطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المـد والجـزر في حياة المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 43 - عددالزوار : 2169 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-02-2021, 01:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,405
الدولة : Egypt
افتراضي أسرني الأسير!

أسرني الأسير!
عبدالله بن عبده نعمان العواضي



الحمد لله الذي أكرمنا بهذا القرآن العظيم، ومنَّ علينا بهذا الذكر الحكيم، الذي سطعتْ على رَقِّ البلاغة أنواره، وبسقت في سماء الفصاحة ألفاظه وعباراته، وأضاءت في آفاق الكلام أساليبه وتصويراته، وفاق كلَّ حديث بعظمته وجلاله، وزها عليه بحسنه وجماله.

فماذا نقول عن كتاب ربنا المعجز في ألفاظه ومعانيه، وأغراضه ومقاصده، وجودة سبكه وشرف تعبيره، وعذوبة أساليبه وجمال تصويره، وسيطرته على عقول الخاصة والعامة عند تدبره، والاستجابة لدعوته لدى تأمله، وجِدَّته فيما جاء به.

قال القاضي عياض: " وكونه في فصاحته خارقًا للعادة معلوم ضرورة للعالمين بالفصاحة ووجوه البلاغة، وسبيل من ليس من أهلها علم ذلك بعجز المنكرين من أهلها عن معارضته، واعتراف المقرين بإعجاز بلاغته، وأنت إذا تأملت قوله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة: 179]، وقوله: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ [سبأ: 51]، وقوله: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]، وقوله: ﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي ﴾ [هود: 44]، الآية، وقوله: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ﴾ [العنكبوت: 40] الآية وأشباهها من الآي، بل أكثر القرآن؛ حققت ما بينته من إيجاز ألفاظها وكثرة معانيها، وديباجة عبارتها وحسن تأليف حروفها، وتلاؤم كلمها، وأن تحت كل لفظة منها جملاً كثيرة، وفصولاً جمة وعلومًا زواخر مُلئت الدواوين من بعض ما أستفيد منها، وكثرت المقالات في المستنبطات عنها"[1].

لهذا لا غرابة أن تأسر آياته من نظر إليها بعين التفكر، واستمع إليها منصتًا بأذنه وفؤاده، فانتشلته من الضلال إلى الهدى، وأخرجته من الظلام إلى النور.

ورد عن عمر رضي الله عنه أنه بينما هو قائم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وإذا رجل من دهاقين[2] الروم قائم على رأسه وهو يقول: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

فقال له عمر: ما شأنك؟ قال: أسلمت لله. قال: هل لهذا سبب؟ قال: نعم! إني قرأت التوراة والزبور والإنجيل، وكثيراً من كتب الأنبياء، فسمعت أسيراً يقرأ آية من القرآن جمع فيها كل ما في الكتب المتقدمة، فعلمت أنه من عند الله فأسلمت: قال: ما هذه الآية؟ قال: قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ﴾ [النساء: 13] في الفرائض ﴿ وَرَسُولَهُ ﴾ في السنن ﴿ وَيَخْشَ اللَّهَ ﴾ فيما مضى من عمره ﴿ وَيَتَّقْهِ ﴾ فيما بقى من عمره: ﴿ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ والفائز من نجا من النار وأدخل الجنة. فقال عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوتيت جوامع الكلم)[3][4].

ما أحسن التدبر عند سماع كلام الله تعالى! فهذا الرجل استمع لهذه الآية وتدبرها فهاله ما فيها من إيجاز بليغ، ومحتوى عظيم لكثير من المعاني مع قلة ألفاظها.

قال ابن عاشور -مبينًا عظمة الإيجاز في القرآن-: " ولولا إيجاز القرآن لكان أداء ما يتضمنه من المعاني في أضعاف مقدار القرآن. وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حداً يدق عن تفطن العالم ويزيد عن تبصره، ﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 14]. إنك تجد في كثير من تراكيب القرآن حذفاً ولكنك لا تعثر على حذف يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ أو سياق، زيادة على جمعه المعاني الكثيرة في الكلام القليل، قال في الكشاف في سورة المدثر: الحذف والاختصار هو نهج التنزيل"[5].

قال ابن كثير في معنى هذه الآية: " وقوله: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ أي: فيما أمراه به, وترك ما نهياه عنه، ﴿ ويخشَ الله ﴾ فيما مضى من ذنوبه ﴿ وَيَتَّقْهِ ﴾ [النور: 52] فيما يستقبل. وقوله: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ يعني: الذين فازوا بكل خير وأمنوا من كل شر في الدنيا والآخرة"[6].

وقال الشربيني: "﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ﴾ [النساء: 13] أي: الذي له الأمر كله ﴿ وَرَسُولِهِ ﴾ أي: فيما ساءه وسره ﴿ وَيَخْشَ اللَّهَ ﴾ [النور: 52] أي: فيما صدر عنه من الذنوب في الماضي؛ ليحمله ذلك على كل خير ﴿ وَيَتَّقْهِ ﴾ [النور: 52] أي: الله فيما بقي من عمره بأن يجعل بينه وبين ما يسخطه وقاية من المباحات فيتركها ورعاً ﴿ فَأُولَئِكَ ﴾ [النور: 52] أي: العالو الرتبة ﴿ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [التوبة: 20] بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعيم المقيم"[7].

وقد تكلم العلماء والمفسرون عن هذه الآية الكريمة التي أسلم بسببها هذا الدهقان، مبينين عظمتها، وسمو بلاغتها، وجمعها للمعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة:
يقول ابن القيم: "وتأمل قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 52] كيف جعل الطاعة لله ولرسوله، والخشية والتقوى له وحده"[8].

وقال الزمخشري: "ولقد جمع الله في هذه الآية أسباب الفوز"[9].
وقال الرازي: "وهذه الآية على إيجازها حاوية لكل ما ينبغي للمؤمنين أن يفعلوه"[10].
وقال النسفي: "وعن بعض الملوك أنه سأل عن آية كافية، فتليت له هذه الآية، وهي جامعة لأسباب الفوز"[11].
وقال النيسابوري: "وهذه آية جامعة لأسباب الفوز، وفقنا الله تعالى للعمل بها"[12].

وقال السعدي: "واشتملت هذه الآية، على الحق المشترك بين الله ورسوله، وهو: الطاعة المستلزمة للإيمان، والحق المختص بالله، وهو: الخشية والتقوى، وبقي الحق الثالث المختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، كما جمع بين الحقوق الثلاثة في سورة الفتح في قوله: ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفتح: 9] [13].

وقال ابن عاشور: "فجمعت الآية أسباب الفوز في الآخرة وأيضًا في الدنيا"[14].

دروس من قصة الهداية:
1- التأمل في بلاغة القرآن ونظمه وأساليبه وألفاظه ومعانيه من أسباب الهداية.
2- بيان أثر الجهر بقراءة القرآن.
3- عظم المعاني التي اشتملت عليها هذه الآية الكريمة، مع قلة ألفاظها، وهي بذلك من الآيات الجامعة.
4- لا يقلل المسلم من شأن قراءة آية أو آيتين وإسماعهما لظالم أو ضال فقد تكون سبب هدايته.

استحسان إخبار المهتدي غيرَه بسبب هدايته؛ فقد ينفعه الله بذلك، واستحسان سؤاله عن ذلك إذا لم يبادر بالحديث.


[1] الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض (1/ 263).

[2] الدهقان: يطلق على رئيس القرية وعلى التاجر وعلى من له مال وعقار. المصباح المنير، الفيومي (ص: 106).

[3] الحديث رواه البخاري (3/ 1087) ومسلم (1/ 371).

[4] ذكرها غير واحد ومنهم: القرطبي، تفسير القرطبي (12/ 295)، والقاضي عياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض. (1/ 262).

[5] التحرير والتنوير، ابن عاشور (1/ 119).

[6] تفسير ابن كثير (3/ 364).

[7] تفسير السراج المنير، الشربيني(2/ 500).

[8] طريق الهجرتين، ابن القيم (ص: 437).

[9] تفسير الكشاف، الزمخشري (3/ 254).

[10] تفسير الرازي: مفاتيح الغيب (24/ 21).

[11] تفسير النسفي (3/ 153).

[12] تفسير النيسابوري (6/ 24).

[13] تفسير السعدي (ص: 572).

[14] التحرير والتنوير، ابن عاشور (18/ 221).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.53 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]