تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد - الصفحة 11 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حكم صيام من دخل بعض الماء إلى جوفه دون قصد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 362 )           »          قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836977 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379480 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191306 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2671 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 667 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 953 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #101  
قديم 13-04-2022, 01:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد




تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(87)
الحلقة (101)
صــ 86إلى صــ 90

القول في تأويل قوله تعالى ( ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ( 56 ) )

يعني بقوله : ( ثم بعثناكم ) ثم أحييناكم .



وأصل " البعث " إثارة الشيء من محله . ومنه قيل : " بعث فلان راحلته " إذا أثارها من مبركها للسير ، كما قال الشاعر :


فأبعثها وهي صنيع حول كركن الرعن ، ذعلبة وقاحا
[ ص: 85 ] و" الرعن " : منقطع أنف الجبل ، و" الذعلبة " : الخفيفة ، و" الوقاح " : الشديدة الحافر أو الخف . ومن ذلك قيل : " بعثت فلانا لحاجتي " ، إذا أقمته من مكانه الذي هو فيه للتوجه فيها . ومن ذلك قيل ليوم القيامة : " يوم البعث " ، لأنه يوم يثار الناس فيه من قبورهم لموقف الحساب .

يعني بقوله : ( من بعد موتكم ) ، من بعد موتكم بالصاعقة التي أهلكتكم .

وقوله : ( لعلكم تشكرون ) ، يقول : فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أوليتكم من نعمتي عليكم ، بإحيائي إياكم ، استبقاء مني لكم ، لتراجعوا التوبة من عظيم ذنبكم ، بعد إحلالي العقوبة بكم بالصاعقة التي أحللتها بكم ، فأماتتكم بعظيم خطئكم الذي كان منكم فيما بينكم وبين ربكم .

وهذا القول على تأويل من تأول قوله : ( ثم بعثناكم ) ثم أحييناكم .

وقال آخرون : معنى قوله : ( ثم بعثناكم ) ، أي بعثناكم أنبياء .

955 - حدثني بذلك موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط عن السدي .

قال أبو جعفر : وتأويل الكلام على ما تأوله السدي : فأخذتكم الصاعقة ، ثم أحييناكم من بعد موتكم ، وأنتم تنظرون إلى إحيائنا إياكم من بعد موتكم ، ثم بعثناكم أنبياء لعلكم تشكرون .

وزعم السدي أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير ، والمؤخر الذي معناه التقديم .

956 - حدثنا بذلك موسى قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي .

وهذا تأويل يدل ظاهر التلاوة على خلافه ، مع إجماع أهل التأويل على تخطئته . والواجب على تأويل السدي الذي حكيناه عنه ، أن يكون معنى قوله : ( لعلكم تشكرون ) ، تشكروني على تصييري إياكم أنبياء .

[ ص: 86 ] وكان سبب قيلهم لموسى ما أخبر الله جل وعز عنهم أنهم قالوه له ، من قولهم : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) ، ما : -

957 - حدثنا به محمد بن حميد قال ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق قال : لما رجع موسى إلى قومه ، ورأى ما هم فيه من عبادة العجل ، وقال لأخيه وللسامري ما قال ، وحرق العجل وذراه في اليم ، اختار موسى منهم سبعين رجلا الخير فالخير ، وقال : انطلقوا إلى الله عز وجل ، فتوبوا إليه مما صنعتم ، وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم ; صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم . فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه ، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم . فقال له السبعون - فيما ذكر لي - حين صنعوا ما أمرهم به ، وخرجوا للقاء ربه : يا موسى ، اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا ، قال : أفعل . فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود غمام حتى تغشى الجبل كله ، ودنا موسى فدخل فيه ، وقال للقوم : ادنوا . وكان موسى إذا كلمه ربه وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه . فضرب دونه الحجاب . ودنا القوم ، حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا ، فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه : افعل ، ولا تفعل . فلما فرغ إليه من أمره ، انكشف عن موسى الغمام . فأقبل إليهم ، فقالوا لموسى : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) ، فأخذتهم [ ص: 87 ] الرجفة - وهي الصاعقة - [ فافتلتت أرواحهم ] فماتوا جميعا . وقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول : رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي ! قد سفهوا ، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما تفعل السفهاء منا ؟ - أي : إن هذا لهم هلاك ، اخترت منهم سبعين رجلا الخير فالخير ، أرجع إليهم وليس معي منهم رجل واحد ! فما الذي يصدقوني به أو يأمنوني عليه بعد هذا ؟ ( إنا هدنا إليك ) . فلم يزل موسى يناشد ربه عز وجل ويطلب إليه ، حتى رد إليهم أرواحهم ، فطلب إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل ، فقال : لا إلا أن يقتلوا أنفسهم .

958 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدي : لما تابت بنو إسرائيل من عبادة العجل ، وتاب الله عليهم بقتل بعضهم بعضا كما أمرهم به ، أمر الله تعالى موسى أن يأتيه في ناس من بنى إسرائيل ، يعتذرون إليه من عبادة العجل ، ووعدهم موعدا ، فاختار موسى قومه سبعين رجلا على عينه ، ثم ذهب بهم ليعتذروا . فلما أتوا ذلك المكان قالوا : " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " ، فإنك قد كلمته فأرناه : فأخذتهم الصاعقة فماتوا . فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ؟ رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ؟ فأوحى الله إلى موسى : إن هؤلاء السبعين ممن اتخذ العجل ، فذلك حين يقول موسى : ( إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ) [ إلى قوله ] [ ص: 88 ] ( إنا هدنا إليك ) [ الأعراف : 155 - 156 ] . [ يقول تبنا إليك ] . وذلك قوله : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة ) . ثم إن الله جل ثناؤه أحياهم فقاموا وعاشوا رجلا رجلا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون ، فقالوا : يا موسى أنت تدعو الله فلا تسأله شيئا إلا أعطاك ، فادعه يجعلنا أنبياء ! فدعا الله تعالى فجعلهم أنبياء ، فذلك قوله : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم ) ، ولكنه قدم حرفا وأخر حرفا .

959 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : قال لهم موسى لما - رجع من عند ربه بالألواح ، قد كتب فيها التوراة ، فوجدهم يعبدون العجل ، فأمرهم بقتل أنفسهم ، ففعلوا ، فتاب الله عليهم - ، : إن هذه الألواح فيها كتاب الله ، فيه أمره الذي أمركم به ، ونهيه الذي نهاكم عنه . فقالوا : ومن يأخذه بقولك أنت ! لا والله حتى نرى الله جهرة ، حتى يطلع الله إلينا فيقول : هذا كتابي فخذوه ، فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى ، فيقول : هذا كتابي فخذوه ؟ وقرأ قول الله تعالى : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) ، قال : فجاءت غضبة من الله ، فجاءتهم صاعقة بعد التوبة ، فصعقتهم فماتوا أجمعون . قال : ثم أحياهم الله من بعد موتهم ، وقرأ قول الله تعالى : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) . فقال لهم موسى : خذوا كتاب الله . فقالوا : لا . فقال : أي شيء أصابكم ؟ قالوا : أصابنا أنا متنا ثم حيينا . قال : خذوا كتاب الله . قالوا : لا . فبعث الله تعالى ملائكة فنتقت الجبل [ ص: 89 ] فوقهم .

960 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم ) ، قال : أخذتهم الصاعقة ، ثم بعثهم الله تعالى ليكملوا بقية آجالهم .

961 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس في قوله : ( فأخذتهم الصاعقة ) ، قال : هم السبعون الذين اختارهم موسى فساروا معه . قال : فسمعوا كلاما ، فقالوا : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) . قال : فسمعوا صوتا فصعقوا - يقول : ماتوا - فذلك قوله : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم ) ، فبعثوا من بعد موتهم ، لأن موتهم ذاك كان عقوبة لهم ، فبعثوا لبقية آجالهم .

فهذا ما روي في السبب الذي من أجله قالوا لموسى : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) ولا خبر عندنا بصحة شيء مما قاله من ذكرنا قوله في سبب قيلهم ذلك لموسى ، تقوم به حجة فيسلم له . وجائز أن يكون ذلك بعض ما قالوه ، فإذ كان لا خبر بذلك تقوم به حجة ، فالصواب من القول فيه أن يقال : إن الله جل ثناؤه قد أخبر عن قوم موسى أنهم قالوا له : ( يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) ، كما أخبر عنهم أنهم قالوه . وإنما أخبر الله عز وجل بذلك عنهم الذين خوطبوا بهذه الآيات ، توبيخا لهم في كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقد قامت حجته على من احتج به عليه ، ولا حاجة لمن [ ص: 90 ] انتهت إليه إلى معرفة السبب الداعي لهم إلى قيل ذلك . وقد قال الذين أخبرنا عنهم الأقوال التي ذكرناها ، وجائز أن يكون بعضها حقا كما قال .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #102  
قديم 13-04-2022, 01:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(88)
الحلقة (102)
صــ 91إلى صــ 95

القول في تأويل قوله تعالى ( وظللنا عليكم الغمام )

( وظللنا عليكم الغمام ) عطف على قوله : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم ) . فتأويل الآية : ثم بعثناكم من بعد موتكم ، وظللنا عليكم الغمام - وعدد عليهم سائر ما أنعم به عليهم - لعلكم تشكرون .

و" الغمام " جمع " غمامة " ، كما السحاب جمع سحابة ، " والغمام " هو ما غم السماء فألبسها من سحاب وقتام ، وغير ذلك مما يسترها عن أعين الناظرين . وكل مغطى فالعرب تسميه مغموما .

وقد قيل : إن الغمام التي ظللها الله على بني إسرائيل لم تكن سحابا .

962 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( وظللنا عليكم الغمام ) ، قال : ليس بالسحاب .

963 - وحدثني المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( وظللنا عليكم الغمام ) ، قال : ليس بالسحاب ، هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة ، لم يكن إلا لهم .

964 - وحدثني محمد بن عمرو الباهلي قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه : ( وظللنا عليكم الغمام ) ، قال : هو بمنزلة السحاب .

965 - وحدثني القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس : ( وظللنا عليكم الغمام ) [ ص: 91 ] ، قال : هو غمام أبرد من هذا وأطيب ، وهو الذي يأتي الله عز وجل فيه يوم القيامة في قوله : ( في ظلل من الغمام ) [ البقرة : 210 ] ، وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر . قال ابن عباس : وكان معهم في التيه .

وإذ كان معنى الغمام ما وصفنا ، مما غم السماء من شيء يغطي وجهها عن الناظر إليها ، فليس الذي ظلله الله عز وجل على بني إسرائيل - فوصفه بأنه كان غماما - بأولى ، بوصفه إياه بذلك أن يكون سحابا ، منه بأن يكون غير ذلك مما ألبس وجه السماء من شيء .

وقد قيل : إنه ما ابيض من السحاب .
القول في تأويل قوله تعالى ( وأنزلنا عليكم المن )

اختلف أهل التأويل في صفة " المن " . فقال بعضهم بما : -

966 - حدثني به محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عز وجل : ( وأنزلنا عليكم المن ) ، قال : المن صمغة .

967 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن [ ص: 92 ] أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

968 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( وأنزلنا عليكم المن والسلوى ) ، يقول : كان المن ينزل عليهم مثل الثلج .

وقال آخرون : هو شراب .

ذكر من قال ذلك :

969 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس قال : المن ، شراب كان ينزل عليهم مثل العسل ، فيمزجونه بالماء ، ثم يشربونه .

وقال آخرون : " المن " ، عسل .

ذكر من قال ذلك :

970 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : المن : عسل كان ينزل لهم من السماء .

971 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر قال : عسلكم هذا جزء من سبعين جزءا من المن .

وقال آخرون : " المن " الخبز الرقاق .

ذكر من قال ذلك :

972 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال ، حدثني عبد الصمد قال : سمعت وهبا - وسئل : ما المن ؟ قال : خبز الرقاق ، مثل الذرة ، ومثل النقي .

وقال آخرون : " المن " ، الزنجبيل . ذكر من قال ذلك :

[ ص: 93 ] 973 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : المن كان يسقط على شجر الزنجبيل .

وقال آخرون : " المن " ، هو الذي يسقط على الشجر الذي يأكله الناس .

ذكر من قال ذلك :

974 - حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثتي حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس : كان المن ينزل على شجرهم ، فيغدون عليه ، فيأكلون منه ما شاءوا .

975 - وحدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك ، عن مجالد ، عن عامر في قوله : ( وأنزلنا عليكم المن ) ، قال : المن : الذي يقع على الشجر .

976 - حدثت عن المنجاب بن الحارث قال ، حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( المن ) ، قال : المن الذي يسقط من السماء على الشجر فتأكله الناس .

977 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، حدثنا شريك ، عن مجالد ، عن عامر قال : المن ، هذا الذي يقع على الشجر .

وقد قيل . إن " المن " ، هو الترنجبين .

وقال بعضهم : " المن " ، هو الذي يسقط على الثمام والعشر ، وهو حلو كالعسل ، وإياه عنى الأعشى - ميمون بن قيس - بقوله :

[ ص: 94 ]
لو أطعموا المن والسلوى مكانهم ما أبصر الناس طعما فيهم نجعا


وتظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال :

978 - " الكمأة من المن ، وماؤها شفاء للعين " .

وقال بعضهم : " المن " ، شراب حلو كانوا يطبخونه فيشربونه .

وأما أمية بن أبي الصلت ، فإنه جعله في شعره عسلا فقال يصف أمرهم في التيه وما رزقوا فيه :


فرأى الله أنهم بمضيع لا بذي مزرع ولا معمورا
[ ص: 95 ] فنساها عليهم غاديات ومرى مزنهم خلايا وخورا
عسلا ناطفا وماء فراتا وحليبا ذا بهجة مثمورا


المثمور : الصافي من اللبن . فجعل المن الذي كان ينزل عليهم عسلا ناطفا ، والناطف : هو القاطر .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #103  
قديم 13-04-2022, 01:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد




تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(89)
الحلقة (103)
صــ 96إلى صــ 100
القول في تأويل قوله تعالى ذكره ( والسلوى )

قال أبو جعفر : و" السلوى " اسم طائر يشبه السمانى ، واحده وجماعه بلفظ واحد ، كذلك السمانى لفظ جماعها وواحدها سواء . وقد قيل : إن واحدة السلوى سلواة .

ذكر من قال ذلك :

979 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثني عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : السلوى طير يشبه السمانى .

980 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قال : كان طيرا أكبر من السمانى .

981 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : السلوى : طائر كانت تحشرها عليهم الريح الجنوب .

982 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : السلوى : طائر .

983 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : السلوى طير .

984 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال ، حدثني عبد الصمد قال : سمعت وهبا - وسئل : ما السلوى ؟ فقال : طير سمين مثل الحمام .

[ ص: 97 ] 985 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : السلوى طير .

986 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : السلوى كان طيرا يأتيهم مثل السمانى .

987 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك ، عن مجالد ، عن عامر ، قال : السلوى السمانى .

988 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : السلوى ، هو السمانى .

989 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، أخبرنا أبو أحمد قال ، حدثنا شريك ، عن مجالد ، عن عامر قال : السلوى السمانى .

990 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا أبو عامر قال ، حدثنا قرة ، عن الضحاك قال : السمانى هو السلوى .

فإن قال قائل : وما سبب تظليل الله جل ثناؤه الغمام ، وإنزاله المن والسلوى على هؤلاء القوم ؟

قيل : قد اختلف أهل العلم في ذلك . ونحن ذاكرون ما حضرنا منه : -

991 - فحدثنا موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدي : لما تاب الله على قوم موسى ، وأحيا السبعين الذين اختارهم موسى بعد ما أماتهم ، أمرهم الله بالسير إلى أريحا ، وهي أرض بيت المقدس . فساروا حتى إذا كانوا قريبا منها بعث موسى اثني عشر نقيبا . فكان من أمرهم وأمر الجبارين وأمر قوم موسى ، ما قد قص الله في كتابه . [ ص: 98 ] فقال قوم موسى لموسى : ( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) . فغضب موسى فدعا عليهم فقال : ( رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ) . فكانت عجلة من موسى عجلها ، فقال الله تعالى : ( إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ) . فلما ضرب عليهم التيه ، ندم موسى ، وأتاه قومه الذين كانوا معه يطيعونه فقالوا له : ما صنعت بنا يا موسى ؟ فلما ندم ، أوحى الله إليه : أن لا تأس على القوم الفاسقين - أي لا تحزن على القوم الذين سميتهم فاسقين - فلم يحزن ، فقالوا : يا موسى كيف لنا بماء هاهنا ؟ أين الطعام ؟ فأنزل الله عليهم المن - فكان يسقط على شجر الترنجبين - والسلوى وهو طير يشبه السمانى فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير ، إن كان سمينا ذبحه وإلا أرسله ، فإذا سمن أتاه . فقالوا : هذا الطعام ، فأين الشراب ؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، فشرب كل سبط من عين . فقالوا : هذا الطعام والشراب ؟ فأين الظل ؟ فظلل عليهم الغمام . فقالوا : هذا الظل ، فأين اللباس ؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ، ولا يتخرق لهم ثوب ، فذلك قوله : ( وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ) وقوله : ( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم ) . [ البقرة : 60 ] .

992 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : لما تاب الله عز وجل على بني إسرائيل ، وأمر موسى أن يرفع عنهم السيف من عبادة العجل ، أمر موسى أن يسير بهم إلى الأرض المقدسة ، وقال : إني قد كتبتها لكم دارا وقرارا ومنزلا فاخرج إليها ، وجاهد من فيها من العدو ، فإني ناصركم [ ص: 99 ] عليهم . فسار بهم موسى إلى الأرض المقدسة بأمر الله عز وجل . حتى إذا نزل التيه - بين مصر والشام ، وهي أرض ليس فيها خمر ولا ظل - دعا موسى ربه حين آذاهم الحر ، فظلل عليهم بالغمام ; ودعا لهم بالرزق ، فأنزل الله لهم المن والسلوى .

993 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبى جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس -

994 - وحدثت عن عمار بن الحسن ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : ( وظللنا عليكم الغمام ) ، قال : ظلل عليهم الغمام في التيه ، تاهوا في خمسة فراسخ أو ستة ، كلما أصبحوا ساروا غادين ، فأمسوا فإذا هم في مكانهم الذي ارتحلوا منه . فكانوا كذلك حتى مرت أربعون سنة . قال : وهم في ذلك ينزل عليهم المن والسلوى ، ولا تبلى ثيابهم . ومعهم حجر من حجارة الطور يحملونه معهم ، فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا .

995 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال ، حدثني عبد الصمد قال ، سمعت وهبا يقول : إن بني إسرائيل - لما حرم الله عليهم أن يدخلوا الأرض المقدسة أربعين سنة يتيهون في الأرض - شكوا إلى موسى فقالوا : ما نأكل ؟ فقال : إن الله سيأتيكم بما تأكلون . قالوا : من أين لنا ؟ إلا أن يمطر علينا خبزا ! قال : إن الله عز وجل سينزل عليكم خبزا مخبوزا . فكان ينزل عليهم المن - سئل وهب : ما المن ؟ قال : خبز الرقاق مثل الذرة أو [ ص: 100 ] مثل النقي - قالوا : وما نأتدم ؟ وهل بد لنا من لحم ؟ قال : فإن الله يأتيكم به . فقالوا : من أين لنا ؟ إلا أن تأتينا به الريح ! قال : فإن الريح تأتيكم به . فكانت الريح تأتيهم بالسلوى - فسئل وهب : ما السلوى ؟ قال : طير سمين مثل الحمام ، كانت تأتيهم فيأخذون منه من سبت إلى سبت - قالوا : فما نلبس ؟ قال : لا يخلق لأحد منكم ثوب أربعين سنة . قالوا : فما نحتذي ؟ قال : لا ينقطع لأحدكم شسع أربعين سنة . قالوا : فإن يولد فينا أولاد ، فما نكسوهم ؟ قال : ثوب الصغير يشب معه . قالوا : فمن أين لنا الماء ؟ قال : يأتيكم به الله . قالوا : فمن أين ؟ إلا أن يخرج لنا من الحجر ! فأمر الله تبارك وتعالى موسى أن يضرب بعصاه الحجر . قالوا : فما نبصر ! تغشانا الظلمة ! فضرب لهم عمودا من نور في وسط عسكرهم ، أضاء عسكرهم كله ، قالوا : فبم نستظل ؟ فإن الشمس علينا شديدة ! قال : يظلكم الله بالغمام .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #104  
قديم 13-04-2022, 01:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(90)
الحلقة (104)
صــ 101إلى صــ 105


996 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب ، قال ابن زيد ، فذكر نحو حديث موسى بن هارون ، عن عمرو بن حماد ، عن أسباط ، عن السدي .

997 - حدثني القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج : قال عبد الله بن عباس : خلق لهم في التيه ثياب لا تخلق [ ص: 101 ] ولا تدرن . قال ، وقال ابن جريج : إن أخذ الرجل من المن والسلوى فوق طعام يوم فسد ، إلا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت ، فلا يصبح فاسدا .
القول في تأويل قوله تعالى ( كلوا من طيبات ما رزقناكم )

وهذا مما استغني بدلالة ظاهره على ما ترك منه . وذلك أن تأويل الآية : وظللنا عليكم الغمام ، وأنزلنا عليكم المن والسلوى ، وقلنا لكم : كلوا من طيبات ما رزقناكم . فترك ذكر قوله : " وقلنا لكم " ، لما بينا من دلالة الظاهر في الخطاب عليه . وعنى جل ذكره بقوله : ( كلوا من طيبات ما رزقناكم ) : كلوا من شهيات رزقنا الذي رزقناكموه . وقد قيل عنى بقوله : ( من طيبات ما رزقناكم ) : من حلاله الذي أبحناه لكم فجعلناه لكم رزقا .

والأول من القولين أولى بالتأويل ، لأنه وصف ما كان القوم فيه من هنيء العيش الذي أعطاهم ، فوصف ذلك ب " الطيب " ، الذي هو بمعنى اللذة ، أحرى من وصفه بأنه حلال مباح .

و" ما " التي مع " رزقناكم " ، بمعنى " الذي " . كأنه قيل : كلوا من طيبات الرزق الذي رزقناكموه .
القول في تأويل قوله تعالى ( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ( 57 ) )

وهذا أيضا من الذي استغني بدلالة ظاهره على ما ترك منه . وذلك أن معنى [ ص: 102 ] الكلام : كلوا من طيبات ما رزقناكم . فخالفوا ما أمرناهم به وعصوا ربهم ، ثم رسولنا إليهم ، و" ما ظلمونا " ، فاكتفى بما ظهر عما ترك .

وقوله : ( وما ظلمونا ) يقول : وما ظلمونا بفعلهم ذلك ومعصيتهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .

ويعني بقوله : ( وما ظلمونا ) ، وما وضعوا فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا ، ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها . كما : -

999 - حدثنا عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) قال : يضرون .

وقد دللنا فيما مضى ، على أن أصل " الظلم " : وضع الشيء في غير موضعه - بما فيه الكفاية ، فأغنى ذلك عن إعادته .

وكذلك ربنا جل ذكره ، لا تضره معصية عاص ، ولا يتحيف خزائنه ظلم ظالم ، ولا تنفعه طاعة مطيع ، ولا يزيد في ملكه عدل عادل ، بل نفسه يظلم الظالم ، وحظها يبخس العاصي ، وإياها ينفع المطيع ، وحظها يصيب العادل .
القول في تأويل قوله تعالى ( وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية )

و" القرية " - التي أمرهم الله جل ثناؤه أن يدخلوها ، فيأكلوا منها رغدا حيث شاءوا - فيما ذكر لنا : بيت المقدس ذكر الرواية بذلك :

999 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أنبأنا عبد الرزاق قال ، أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( ادخلوا هذه القرية ) ، قال : بيت المقدس .

1000 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثني عمرو بن حماد قال ، حدثنا [ ص: 103 ] أسباط ، عن السدي : ( وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية ) أما القرية ، فقرية بيت المقدس .

1001 - حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : ( وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية ) ، يعني بيت المقدس .

1002 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب ، قال : سألته - يعني ابن زيد - عن قوله : ( ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم ) قال : هي أريحا ، وهي قريبة من بيت المقدس .
القول في تأويل قوله تعالى ( فكلوا منها حيث شئتم رغدا )

يعني بذلك : فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشا هنيا واسعا بغير حساب . وقد بينا معنى " الرغد " فيما مضى من كتابنا ، وذكرنا أقوال أهل التأويل فيه .
القول في تأويل قوله تعالى ( فكلوا منها حيث شئتم رغدا )

يعني بذلك : فكلوا من هذه القرية حيث شئتم عيشا هنيا واسعا بغير حساب . وقد بينا معنى " الرغد " فيما مضى من كتابنا ، وذكرنا أقوال أهل التأويل فيه .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #105  
قديم 13-04-2022, 01:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(91)
الحلقة (105)
صــ 106إلى صــ 110

القول في تأويل قوله تعالى ( وقولوا حطة )

وتأويل قوله : ( حطة ) ، فعلة ، من قول القائل : " حط الله عنك خطاياك فهو يحطها حطة " ، بمنزلة الردة والحدة والمدة من حددت ومددت .

واختلف أهل التأويل في تأويله . فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك .

ذكر من قال ذلك :

1009 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر : ( وقولوا حطة ) ، قال قال : الحسن وقتادة : أي احطط عنا خطايانا .

1010 - حدثنا يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : ( وقولوا حطة ) ، [ ص: 106 ] يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئتكم .

1011 - حدثنا القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، قال ابن عباس : ( قولوا حطة ) قال : يحط عنكم خطاياكم .

1012 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قوله : ( حطة ) ، مغفرة .

10113 - حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : ( حطة ) ، قال : يحط عنكم خطاياكم .

1014 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، أخبرني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال لي عطاء في قوله : ( وقولوا حطة ) ، قال : سمعنا أنه : يحط عنهم خطاياهم .

وقال آخرون : معنى ذلك : قولوا " لا إله إلا الله " ، كأنهم وجهوا تأويله : قولوا الذي يحط عنكم خطاياكم ، وهو قول لا إله إلا الله .

ذكر من قال ذلك :

1015 - حدثني المثنى بن إبراهيم وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قالا أخبرنا حفص بن عمر ، قال حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة : ( وقولوا حطة ) ، قال : قولوا ، " لا إله إلا الله " .

وقال آخرون بمثل معنى قول عكرمة ، إلا أنهم جعلوا القول الذي أمروا بقيله : الاستغفار .

ذكر من قال ذلك :

1016 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وقولوا حطة ) قال : أمروا أن يستغفروا .

[ ص: 107 ] وقال آخرون نظير قول عكرمة ، إلا أنهم قالوا : القول الذي أمروا أن يقولوه ، هو أن يقولوا : هذا الأمر حق كما قيل لكم .

ذكر من قال ذلك :

1017 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وقولوا حطة ) ، قال : قولوا هذا الأمر حق كما قيل لكم .

واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله رفعت " الحطة " .

فقال بعض نحويي البصرة : رفعت " الحطة " بمعنى " قولوا " ليكن منك حطة لذنوبنا ، كما تقول للرجل : سمعك .

وقال آخرون منهم : هي كلمة أمرهم الله أن يقولوها مرفوعة ، وفرض عليهم قيلها كذلك .

وقال بعض نحويي الكوفيين : رفعت " الحطة " بضمير " هذه " ، كأنه قال : وقولوا : " هذه " حطة .

وقال آخرون منهم : هي مرفوعة بضمير معناه الخبر ، كأنه قال : قولوا ما هو حطة ، فتكون " حطة " حينئذ خبرا ل " ما " .

قال أبو جعفر : والذي هو أقرب عندي في ذلك إلى الصواب ، وأشبه بظاهر الكتاب : أن يكون رفع حطة بنية خبر محذوف قد دل عليه ظاهر التلاوة ، وهو دخولنا الباب سجدا حطة ، فكفى من تكريره بهذا اللفظ ما دل عليه الظاهر من التنزيل ، وهو قوله : ( وادخلوا الباب سجدا ) ، كما قال جل ثناؤه : [ ص: 108 ] ( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ) [ الأعراف : 164 ] ، يعني : موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم . فكذلك عندي تأويل قوله : ( وقولوا حطة ) ، يعني بذلك : وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية ، وادخلوا الباب سجدا ، وقولوا : دخولنا ذلك سجدا حطة لذنوبنا . وهذا القول على نحو تأويل الربيع بن أنس وابن جريج وابن زيد ، الذي ذكرناه آنفا .

قال أبوجعفر : وأما على تأويل قول عكرمة ، فإن الواجب أن تكون القراءة بالنصب في " حطة " ، لأن القوم إن كانوا أمروا أن يقولوا : " لا إله إلا الله " ، أو أن يقولوا : " نستغفر الله " ، فقد قيل لهم : قولوا هذا القول ، ف " قولوا " واقع حينئذ على " الحطة " ، لأن " الحطة " على قول عكرمة - هي قول " لا إله إلا الله " ، وإذا كانت هي قول " لا إله إلا الله " ، فالقول عليها واقع ، كما لو أمر رجل رجلا بقول الخير فقال له : " قل خيرا " نصبا ، ولم يكن صوابا أن يقول له : " قل خير " ، إلا على استكراه شديد .

وفي إجماع القرأة على رفع " الحطة " بيان واضح على خلاف الذي قاله عكرمة من التأويل في قوله : ( وقولوا حطة ) . وكذلك الواجب على التأويل الذي رويناه عن الحسن وقتادة في قوله : ( وقولوا حطة ) ، أن تكون القراءة في " حطة " نصبا . لأن من شأن العرب - إذا وضعوا المصادر مواضع الأفعال ، وحذفوا الأفعال - أن ينصبوا المصادر . كما قال الشاعر :


[ ص: 109 ] أبيدوا بأيدي عصبة وسيوفهم على أمهات الهام ضربا شآميا
وكقول القائل للرجل : " سمعا وطاعة " بمعنى : أسمع سمعا وأطيع طاعة ، وكما قال جل ثناؤه : ( معاذ الله ) [ يوسف : 23 ] بمعنى : نعوذ بالله .
القول في تأويل قوله تعالى ( نغفر لكم )

يعني بقوله : ( نغفر لكم ) نتغمد لكم بالرحمة خطاياكم ، ونسترها عليكم ، فلا نفضحكم بالعقوبة عليها .

وأصل " الغفر " التغطية والستر ، فكل ساتر شيئا فهو غافره . ومن ذلك قيل للبيضة من الحديد التي تتخذ جنة للرأس " مغفر " ، لأنها تغطي الرأس وتجنه . ومثله " غمد السيف " ، وهو ما تغمده فواراه . ولذلك قيل لزئبر الثوب : " غفرة " ، لتغطيته الثوب ، وحوله بين الناظر والنظر إليه . ومنه قول أوس بن حجر :


[ ص: 110 ] فلا أعتب ابن العم إن كان جاهلا وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا
يعني بقوله : وأغفر عنه الجهل : أستر عليه جهله بحلمي عنه .
القول في تأويل قوله تعالى ( خطاياكم )

و" الخطايا " جمع " خطية " بغير همز ، كما " المطايا " جمع " مطية " ، والحشايا جمع حشية . وإنما ترك جمع " الخطايا " بالهمز ، لأن ترك الهمز في " خطيئة " أكثر من الهمز ، فجمع على " خطايا " ، على أن واحدتها غير مهموزة . ولو كانت " الخطايا " مجموعة على " خطيئة " بالهمز : لقيل خطائي على مثل قبيلة وقبائل ، وصحيفة وصحائف . وقد تجمع " خطيئة " بالتاء ، فيهمز فيقال " خطيئات " . و" الخطيئة " فعيلة ، من " خطئ الرجل يخطأ خطأ " ، وذلك إذا عدل عن سبيل الحق . ومنه قول الشاعر :


وإن مهاجرين تكنفاه لعمر الله قد خطئا وخابا
يعني : أضلا الحق وأثما .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #106  
قديم 13-04-2022, 01:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(92)
الحلقة (106)
صــ 111إلى صــ 115

القول في تأويل قوله تعالى ذكره ( وسنزيد المحسنين ( 58 ) )

وتأويل ذلك ما روي لنا عن ابن عباس ، وهو ما : -

1018 - حدثنا به القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، قال ابن عباس : ( وسنزيد المحسنين ) ، من كان منكم محسنا زيد في إحسانه ، ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته .

فتأويل الآية : وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية مباحا لكم كل ما فيها من الطيبات ، موسعا عليكم بغير حساب ; وادخلوا الباب سجدا ، وقولوا : سجودنا هذا لله حطة من ربنا لذنوبنا يحط به آثامنا ، نتغمد لكم ذنوب المذنب منكم فنسترها عليه ، ونحط أوزاره عنه ، وسنزيد المحسن منكم - إلى إحساننا السالف عنده - إحسانا . ثم أخبر الله جل ثناؤه عن عظيم جهالتهم ، وسوء طاعتهم ربهم وعصيانهم لأنبيائهم ، واستهزائهم برسله ، مع عظيم آلاء الله عز وجل عندهم ، وعجائب ما أراهم من آياته وعبره ، موبخا بذلك أبناءهم الذين خوطبوا بهذه الآيات ، ومعلمهم أنهم إن تعدوا في تكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم ، وجحودهم نبوته ، مع عظيم إحسان الله بمبعثه فيهم إليهم ، وعجائب ما أظهر على يده من الحجج بين أظهرهم - أن يكونوا كأسلافهم الذين وصف صفتهم ، وقص علينا أنباءهم في [ ص: 112 ] هذه الآيات ، فقال جل ثناؤه : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء ) الآية .
القول في تأويل قوله تعالى ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم )

وتأويل قوله : ( فبدل ) ، فغير . ويعني بقوله : ( الذين ظلموا ) ، الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله . ويعني بقوله : ( قولا غير الذي قيل لهم ) ، بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه ، فقالوا خلافه . وذلك هو التبديل والتغيير الذي كان منهم . وكان تبديلهم - بالقول الذي أمروا أن يقولوا - قولا غيره ، ما : -

1019 - حدثنا به الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرازق قال ، أخبرنا معمر عن همام بن منبه ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله لبني إسرائيل : " ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم " ، فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم ، وقالوا : حبة في شعيرة .

1020 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة وعلي بن مجاهد قالا حدثنا محمد بن إسحاق ، عن صالح بن كيسان ، عن صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : -

1021 - وحدثت عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن سعيد [ ص: 113 ] بن جبير ، أو عن عكرمة ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : دخلوا الباب - الذي أمروا أن يدخلوا منه سجدا - يزحفون على أستاههم ، يقولون : حنطة في شعيرة .

1022 - وحدثني محمد بن عبد الله المحاربي قال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( حطة ) ، قال : بدلوا فقالوا : حبة .

1023 - حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ، حدثنا سفيان ، عن السدي ، عن أبي سعيد ، عن أبي الكنود ، عن عبد الله : ( ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ) قالوا : حنطة حمراء فيها شعيرة . فأنزل الله : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .

1024 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( ادخلوا الباب سجدا ) قال : ركوعا - من باب صغير ، فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم ويقولون : حنطة . فذلك قوله : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .

1025 - حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي قال ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : أمروا [ ص: 114 ] أن يدخلوا ركعا ويقولوا : حطة . قال أمروا أن يستغفروا ، قال : فجعلوا يدخلون من قبل أستاههم من باب صغير ويقولون : حنطة - يستهزئون . فذلك قوله : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .

1026 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أنبأنا عبد الرازق قال ، أنبأنا معمر ، عن قتادة والحسن : ( ادخلوا الباب سجدا ) قالا دخلوها على غير الجهة التي أمروا بها ، فدخلوها متزحفين على أوراكهم ، وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم ، فقالوا : حبة في شعيرة .

1027 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي . قال ، حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجدا ويقولوا : حطة ، وطؤطئ لهم الباب ليسجدوا ، فلم يسجدوا ، ودخلوا على أدبارهم ، وقالوا : حنطة .

1028 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أمر موسى قومه أن يدخلوا المسجد ويقولوا : حطة . وطؤطئ لهم الباب ليخفضوا رءوسهم ، فلم يسجدوا ودخلوا على أستاههم إلى الجبل - وهو الجبل الذي تجلى له ربه - وقالوا : حنطة . فذلك التبديل الذي قال الله عز وجل : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .

1029 - حدثني موسى بن هارون الهمداني قال ، حدثني عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي ، عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود أنه قال : إنهم قالوا : " هطى سمقا يا ازبة هزبا " ، وهو بالعربية : حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعيرة سوداء . فذلك قوله : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .

1030 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن الأعمش ، [ ص: 115 ] عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وادخلوا الباب سجدا ) قال : فدخلوا على أستاههم مقنعي رءوسهم .

1031 - حدثنا سفيان بن وكيع قال ، حدثنا أبي عن النضر بن عدي ، عن عكرمة : ( وادخلوا الباب سجدا ) فدخلوا مقنعي رءوسهم - ( وقولوا حطة ) فقالوا : حنطة حمراء فيها شعيرة . فذلك قوله : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .

1032 - حدثت عن عمار بن الحسن قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : ( وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ) ، قال : فكان سجود أحدهم على خده . و ( قولوا حطة ) نحط عنكم خطاياكم ، فقالوا : حنطة . وقال بعضهم : حبة في شعيرة ، فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم .

1033 - وحدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : ( وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ) يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئاتكم ، قال : فاستهزءوا به - يعني بموسى - وقالوا : ما يشاء موسى أن يلعب بنا إلا لعب بنا ، حطة حطة ! ! أي شيء حطة ؟ وقال بعضهم لبعض : حنطة .

1034 - حدثنا القاسم بن الحسن قال ، حدثني الحسين قال ، حدثني حجاج عن ابن جريج ، وقال ابن عباس : لما دخلوا قالوا : حبة في شعيرة .

1035 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي سعد بن محمد بن الحسن قال ، أخبرني عمي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لما دخلوا الباب قالوا : حبة في شعيرة ، " فبدلوا قولا غير الذي قيل لهم " .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #107  
قديم 13-04-2022, 01:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد




تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(93)
الحلقة (107)
صــ 116إلى صــ 120

القول في تأويل قوله تعالى ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء )

يعني بقوله : ( فأنزلنا على الذين ظلموا ) ، على الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله ، من تبديلهم القول - الذي أمرهم الله جل وعز أن يقولوه - قولا غيره ، ومعصيتهم إياه فيما أمرهم به ، وبركوبهم ما قد نهاهم عن ركوبه ، ( رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ) .

و" الرجز " في لغة العرب ، العذاب ، وهو غير " الرجز " . وذلك أن الرجز : البثر ، ومنه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون أنه قال : " إنه رجز عذب به بعض الأمم الذين قبلكم " .

1036 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال ، أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أسامة بن زيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا الوجع - أو السقم - رجز عذب به بعض الأمم قبلكم " .

1037 - وحدثني أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة قال ، حدثنا عمر بن حفص قال ، حدثنا أبي ، عن الشيباني ، عن رياح بن عبيدة ، عن عامر بن سعد قال : شهدت أسامة بن زيد عند سعد بن مالك يقول : قال رسول الله صلى [ ص: 117 ] الله عليه وسلم : إن الطاعون رجز أنزل على من كان قبلكم - أو على بني إسرائيل .

وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

1038 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( رجزا ) ، قال : عذابا .

1039 - حدثني المثنى قال ، حدثنا آدم العسقلاني قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء ) ، قال : الرجز ، الغضب .

1040 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : لما قيل لبني إسرائيل : - ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ، فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم - بعث الله جل وعز عليهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحدا . وقرأ : ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ) ، قال : وبقي الأبناء ففيهم الفضل والعبادة - التي توصف في بني إسرائيل - والخير وهلك الآباء كلهم ، أهلكهم الطاعون .

1041 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : الرجز العذاب . وكل شيء في القرآن " رجز " ، فهو عذاب . [ ص: 118 ] 1042 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( رجزا ) ، قال : كل شيء في كتاب الله من " الرجز " يعني به العذاب .

وقد دللنا على أن تأويل " الرجز " العذاب . وعذاب الله جل ثناؤه أصناف مختلفة . وقد أخبر الله جل ثناؤه أنه أنزل على الذين وصفنا أمرهم الرجز من السماء . وجائز أن يكون ذلك طاعونا ، وجائز أن يكون غيره . ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت ، أي أصناف ذلك كان .

فالصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عز وجل : فأنزلنا عليهم رجزا من السماء بفسقهم .

غير أنه يغلب على النفس صحة ما قاله ابن زيد ، للخبر الذي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخباره عن الطاعون أنه رجز ، وأنه عذب به قوم قبلنا . وإن كنت لا أقول إن ذلك كذلك يقينا ، لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بيان فيه أي أمة عذبت بذلك . وقد يجوز أن يكون الذين عذبوا به ، كانوا غير الذين وصف الله صفتهم في قوله : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .
القول في تأويل قوله تعالى ( بما كانوا يفسقون ( 59 ) )

وقد دللنا - فيما مضى من كتابنا هذا - على أن معنى " الفسق " ، الخروج من الشيء .

[ ص: 119 ] فتأويل قوله : ( بما كانوا يفسقون ) إذا : بما كانوا يتركون طاعة الله عز وجل ، فيخرجون عنها إلى معصيته وخلاف أمره .
القول في تأويل قوله تعالى ( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم )

يعني بقوله : ( وإذ استسقى موسى لقومه ) ، وإذ استسقانا موسى لقومه ، أي سألنا أن نسقي قومه ماء . فترك ذكر المسئول ذلك ، والمعنى الذي سأل موسى ، إذ كان فيما ذكر من الكلام الظاهر دلالة على معنى ما ترك .

وكذلك قوله : ( فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ) ، مما استغني بدلالة الظاهر على المتروك منه . وذلك أن معنى الكلام : فقلنا اضرب بعصاك الحجر ، فضربه ، فانفجرت . فترك ذكر الخبر عن ضرب موسى الحجر ، إذ كان فيما ذكر دلالة على المراد منه .

وكذلك قوله : ( قد علم كل أناس مشربهم ) ، إنما معناه : قد علم كل أناس منهم مشربهم . فترك ذكر " منهم " لدلالة الكلام عليه .

وقد دللنا فيما مضى على أن " أناس " جمع لا واحد له من لفظه ، وأن " الإنسان " لو جمع على لفظه لقيل : أناسي وأناسية .

[ ص: 120 ] وقوم موسى هم بنو إسرائيل ، الذين قص الله عز وجل قصصهم في هذه الآيات . وإنما استسقى لهم ربه الماء في الحال التي تاهوا فيها في التيه ، كما : -

1043 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قوله : ( وإذ استسقى موسى لقومه ) الآية قال ، كان هذا إذ هم في البرية اشتكوا إلى نبيهم الظمأ ، فأمروا بحجر طوري - أي من الطور - أن يضربه موسى بعصاه . فكانوا يحملونه معهم ، فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، لكل سبط عين معلومة مستفيض ماؤها لهم .

1044 - حدثني تميم بن المنتصر قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال ، حدثنا أصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ذلك في التيه ; ظلل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ ، وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع ، وأمر موسى فضرب بعصاه الحجر ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كل ناحية منه ثلاث عيون ، لكل سبط عين ; ولا يرتحلون منقلة إلا وجدوا ذلك الحجر معهم بالمكان الذي كان به معهم في المنزل الأول .

1045 - حدثني عبد الكريم قال ، أخبرنا إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا سفيان ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : ذلك في التيه . ضرب لهم موسى الحجر ، فصار فيه اثنتا عشرة عينا من ماء ، لكل سبط منهم عين يشربون منها .

1046 - وحدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ) لكل سبط منهم عين . كل ذلك كان في تيههم حين تاهوا .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #108  
قديم 13-04-2022, 01:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد




تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(94)
الحلقة (108)
صــ 121إلى صــ 125


1047 - حدثنا القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج [ ص: 121 ] ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( وإذ استسقى موسى لقومه ) ، قال : خافوا الظمأ في تيههم حين تاهوا ، فانفجر لهم الحجر اثنتي عشرة عينا ، ضربه موسى . قال ابن جريج : قال ابن عباس : " الأسباط " بنو يعقوب ، كانوا اثني عشر رجلا كل واحد منهم ولد سبطا ، أمة من الناس .

1048 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : استسقى لهم موسى في التيه ، فسقوا في حجر مثل رأس الشاة ، قال : يلقونه في جوانب الجوالق إذا ارتحلوا ، ويقرعه موسى بالعصا إذا نزل ، فتنفجر منه اثنتا عشرة عينا ، لكل سبط منهم عين ، فكان بنو إسرائيل يشربون منه ، حتى إذا كان الرحيل استمسكت العيون ، وقيل به فألقي في جانب الجوالق . فإذا نزل رمى به ، فقرعه بالعصا ، فتفجرت عين من كل ناحية مثل البحر .

1049 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثني أسباط ، عن السدي قال : كان ذلك في التيه .

وأما قوله : ( قد علم كل أناس مشربهم ) ، فإنما أخبر الله عنهم بذلك . لأن معناهم - في الذي أخرج الله جل وعز لهم من الحجر ، الذي وصف جل ذكره في هذه الآية صفته - من الشرب كان مخالفا معاني سائر الخلق فيما أخرج الله لهم من المياه من الجبال والأرضين ، التي لا مالك لها سوى الله عز وجل . وذلك [ ص: 122 ] أن الله كان جعل لكل سبط من الأسباط الاثني عشر ، عينا من الحجر الذي وصف صفته في هذه الآية ، يشرب منها دون سائر الأسباط غيره ، لا يدخل سبط منهم في شرب سبط غيره . وكان مع ذلك لكل عين من تلك العيون الاثنتي عشرة ، موضع من الحجر قد عرفه السبط الذي منه شربه . فلذلك خص جل ثناؤه هؤلاء بالخبر عنهم : أن كل أناس منهم كانوا عالمين بمشربهم دون غيرهم من الناس . إذ كان غيرهم - في الماء الذي لا يملكه أحد - شركاء في منابعه ومسايله . وكان كل سبط من هؤلاء مفردا بشرب منبع من منابع الحجر - دون سائر منابعه - خاص لهم دون سائر الأسباط غيرهم . فلذلك خصوا بالخبر عنهم : أن كل أناس منهم قد علموا مشربهم .
القول في تأويل قوله تعالى ( كلوا واشربوا من رزق الله )

وهذا أيضا مما استغني بذكر ما هو ظاهر منه ، عن ذكره ما ترك ذكره . وذلك أن تأويل الكلام : ( فقلنا اضرب بعصاك الحجر ) ، فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، قد علم كل أناس مشربهم ، فقيل لهم : كلوا واشربوا من رزق الله . أخبر الله جل ثناؤه أنه أمرهم بأكل ما رزقهم في التيه من المن والسلوى ، وبشرب ما فجر لهم فيه من الماء من الحجر المتعاور ، الذي لا قرار له في الأرض ، ولا سبيل إليه [ إلا ] لمالكيه ، يتدفق بعيون الماء ، ويزخر بينابيع العذب الفرات ، بقدرة ذي الجلال والإكرام .

ثم تقدم جل ذكره إليهم - مع إباحتهم ما أباح ، وإنعامه بما [ ص: 123 ] أنعم به عليهم من العيش الهنيء - بالنهي عن السعي في الأرض فسادا ، والعثا فيها استكبارا ، فقال جل ثناؤه لهم : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) .
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( 60 ) )

يعني بقوله : ( لا تعثوا ) لا تطغوا ، ولا تسعوا في الأرض مفسدين . كما : -

1050 - حدثني به المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، يقول : لا تسعوا في الأرض فسادا .

1051 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) لا تعث : لا تطغ .

1052 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، أي لا تسيروا في الأرض مفسدين .

1053 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، لا تسعوا في الأرض .

وأصل " العثا " شدة الإفساد ، بل هو أشد الإفساد . يقال منه : عثي فلان في الأرض " - إذا تجاوز في الإفساد إلى غايته - " يعثى عثا " مقصور ، وللجماعة : هم يعثون . وفيه لغتان أخريان ، إحداهما : " عثا يعثو عثوا " . ومن قرأها بهذه اللغة ، فإنه ينبغي له أن يضم الثاء من " يعثو " ، ولا أعلم قارئا يقتدى بقراءته [ ص: 124 ] قرأ به . ومن نطق بهذه اللغة مخبرا عن نفسه قال : " عثوت أعثو " ، ومن نطق باللغة الأولى قال : عثيت أعثى " .

والأخرى منهما : " عاث يعيث عيثا وعيوثا وعيثانا ، كل ذلك بمعنى واحد . ومن " العيث " قول رؤبة بن العجاج :


وعاث فينا مستحل عائث : مصدق أو تاجر مقاعث
يعني بقوله : " عاث فينا " ، أفسد فينا .
القول في تأويل قوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها )

قد دللنا - فيما مضى قبل - على معنى " الصبر " وأنه كف النفس وحبسها عن الشيء . فإذ كان ذلك كذلك ، فمعنى الآية إذا : واذكروا إذ قلتم - يا معشر بني إسرائيل - : لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد - وذلك " الطعام الواحد " ، هو ما أخبر الله جل ثناؤه أنه أطعمهموه في تيههم ، وهو " السلوى " [ ص: 125 ] في قول بعض أهل التأويل ، وفي قول وهب بن منبه هو " الخبز النقي مع اللحم " - فاسأل لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من البقل والقثاء ، وما سمى الله مع ذلك ، وذكر أنهم سألوه موسى .

وكان سبب مسألتهم موسى ذلك فيما بلغنا ، ما : -

1054 - حدثنا به بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ) قال : كان القوم في البرية قد ظلل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، فملوا ذلك ، وذكروا عيشا كان لهم بمصر ، فسألوه موسى . فقال الله تعالى : ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) .

1055 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( لن نصبر على طعام واحد ) ، قال : ملوا طعامهم ، وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه قبل ذلك ، قالوا : ( ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها ) الآية .

1056 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ) ، قال : كان طعامهم السلوى ، وشرابهم المن ، فسألوا ما ذكر ، فقيل لهم : ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) .

قال أبو جعفر : وقال قتادة : إنهم لما قدموا الشام فقدوا أطعمتهم التي كانوا يأكلونها ، فقالوا : ( ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها ) ، وكانوا قد ظلل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، فملوا ذلك ، وذكروا عيشا كانوا فيه بمصر .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #109  
قديم 13-04-2022, 01:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(95)
الحلقة (109)
صــ 126إلى صــ 130

1057 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى [ ص: 126 ] قال ، سمعت ابن أبي نجيح في قوله عز وجل : ( لن نصبر على طعام واحد ) ، المن والسلوى ، فاستبدلوا به البقل وما ذكر معه .

1058 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بمثله سواء .

1059 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد بمثله .

1060 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : أعطوا في التيه ما أعطوا ، فملوا ذلك وقالوا : ( يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها ) .

1061 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أنبأنا ابن زيد قال : كان طعام بني إسرائيل في التيه واحدا ، وشرابهم واحدا . كان شرابهم عسلا ينزل لهم من السماء يقال له المن ، وطعامهم طير يقال له السلوى ، يأكلون الطير ويشربون العسل ، لم يكونوا يعرفون خبزا ولا غيره . فقالوا : يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها " ، فقرأ حتى بلغ : ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) .

وإنما قال جل ذكره : ( يخرج لنا مما تنبت الأرض ) - ولم يذكر الذي سألوه أن يدعو ربه ليخرج لهم من الأرض ، فيقول : قالوا ادع لنا ربك يخرج لنا كذا وكذا مما تنبته الأرض من بقلها وقثائها - لأن " من " تأتي بمعنى التبعيض لما بعدها ، فاكتفي بها عن ذكر التبعيض ، إذ كان معلوما بدخولها معنى ما أريد بالكلام الذي هي فيه . كقول القائل : أصبح اليوم عند فلان من الطعام " يريد شيئا منه .

وقد قال بعضهم : " من " هاهنا بمعنى الإلغاء والإسقاط . كأن معنى الكلام [ ص: 127 ] عنده : يخرج لنا ما تنبت الأرض من بقلها . واستشهد على ذلك بقول العرب : " ما رأيت من أحد " بمعنى : ما رأيت أحدا ، وبقول الله : ( ويكفر عنكم من سيئاتكم ) [ البقرة : 271 ] ، وبقولهم : " قد كان من حديث ، فخل عني حتى أذهب " ، يريدون : قد كان حديث .

وقد أنكر من أهل العربية جماعة أن تكون " من " بمعنى الإلغاء في شيء من الكلام ، وادعوا أن دخولها في كل موضع دخلت فيه ، مؤذن أن المتكلم مريد لبعض ما أدخلت فيه لا جميعه ، وأنها لا تدخل في موضع إلا لمعنى مفهوم .

فتأويل الكلام إذا - على ما وصفنا من أمر " من " - : فادع لنا ربك يخرج لنا بعض ما تنبت الأرض من بقلها وقثائها .

و" البقل " و" القثاء " و" العدس " و" البصل " ، هو ما قد عرفه الناس بينهم من نبات الأرض وحبها .

وأما " الفوم " ، فإن أهل التأويل اختلفوا فيه . فقال بعضهم : هو الحنطة والخبز .

ذكر من قال ذلك :

1062 - حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا أبو أحمد ومؤمل قالا حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء قال : الفوم : ، الخبز .

1063 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ومجاهد قوله : ( وفومها ) قالا خبزها .

1064 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمد بن عمرو قالا حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وفومها ) ، قال : الخبز . [ ص: 128 ] 1065 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة والحسن : الفوم ، هو الحب الذي يختبزه الناس .

1066 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة والحسن بمثله .

1067 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا حصين ، عن أبي مالك في قوله : ( وفومها ) قال : الحنطة .

1068 - حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط بن نصر عن السدي : ( وفومها ) ، الحنطة .

1069 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن وحصين ، عن أبي مالك في قوله : ( وفومها ) ، الحنطة .

1070 - حدثني المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن قتادة قال : الفوم ، الحب الذي يختبز الناس منه .

1071 - حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال لي عطاء بن أبي رباح قوله : ( وفومها ) ، قال : خبزها ، قالها مجاهد .

1072 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال لي ابن زيد : الفوم ، الخبز .

1073 - حدثني يحيى بن عثمان السهمي قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( وفومها ) يقول : الحنطة والخبز .

1074 - حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وفومها ) قال : هو البر بعينه ، الحنطة .

1075 - حدثنا علي بن الحسن قال ، حدثنا مسلم الجرمي قال ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن رشدين بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قول الله عز [ ص: 129 ] وجل : ( وفومها ) قال : الفوم ، الحنطة بلسان بني هاشم .

1076 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال ، حدثنا عبد العزيز بن منصور ، عن نافع بن أبي نعيم ، أن عبد الله بن عباس سئل عن قول الله : ( وفومها ) ، قال : الحنطة ، أما سمعت قول أحيحة بن الجلاح وهو يقول :


قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا ورد المدينة عن زراعة فوم


وقال آخرون : هو الثوم .

ذكر من قال ذلك :

1077 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا شريك ، عن ليث ، عن مجاهد قال : هو هذا الثوم .

1078 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : الفوم ، الثوم .

وهو في بعض القراءات " وثومها " .

[ ص: 130 ] وقد ذكر أن تسمية الحنطة والخبز جميعا " فوما " من اللغة القديمة . حكي سماعا من أهل هذه اللغة : " فوموا لنا " ، بمعنى اختبزوا لنا .

وذكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود : " وثومها " بالثاء . فإن كان ذلك صحيحا ، فإنه من الحروف المبدلة كقولهم : " وقعوا في عاثور شر : وعافور شر " وكقولهم " " للأثافي ، أثاثي ; وللمغافير ، مغاثير " وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء ، لتقارب مخرج الفاء من مخرج الثاء . و" المغافير " شبيه بالشيء الحلو ، يشبه بالعسل ، ينزل من السماء حلوا ، يقع على الشجر ونحوها .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #110  
قديم 13-04-2022, 01:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(96)
الحلقة (110)
صــ 131إلى صــ 135


القول في تأويل قوله تعالى ( قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )

يعني بقوله : ( قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) ، قال : لهم موسى : أتأخذون الذي هو أخس خطرا وقيمة وقدرا من العيش ، بدلا بالذي هو خير منه خطرا وقيمة وقدرا ؟ وذلك كان استبدالهم .

وأصل " الاستبدال " : هو ترك شيء لآخر غيره مكان المتروك .

ومعنى قوله : ( أدنى ) أخس وأوضع وأصغر قدرا وخطرا . وأصله من قولهم : " هذا رجل دني بين الدناءة " و" إنه ليدني في الأمور " بغير همز ، إذا كان يتتبع خسيسها . وقد ذكر الهمز عن بعض العرب في ذلك ، سماعا منهم . يقولون : " ما كنت دانئا ، ولقد دنأت ، وأنشدني بعض أصحابنا عن غيره ، أنه سمع بعض بني كلاب ينشد بيت الأعشى [ ص: 131 ]
باسلة الوقع سرابيلها بيض إلى دانئها الظاهر
بهمز الدانئ ، وأنه سمعهم يقولون : " إنه لدانئ خبيث " بالهمز . فإن كان ذلك عنهم صحيحا ، فالهمز فيه لغة ، وتركه أخرى .

ولا شك أن من استبدل بالمن والسلوى البقل والقثاء والعدس والبصل والثوم ، فقد استبدل الوضيع من العيش بالرفيع منه .

وقد تأول بعضهم قوله : ( الذي هو أدنى ) بمعنى : الذي هو أقرب ، ووجه قوله : ( أدنى ) ، إلى أنه أفعل من " الدنو " الذي هو بمعنى القرب .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( الذي هو أدنى ) قاله عدد من أهل التأويل في تأويله .

ذكر من قال ذلك :

1079 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة قال : ( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) ، يقول : أتستبدلون الذي هو شر بالذي هو خير منه .

1080 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج [ ص: 132 ] عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله : ( الذي هو أدنى ) قال : أردأ .
القول في تأويل قوله تعالى ذكره ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم )

وتأويل ذلك : فدعا موسى ، فاستجبنا له ، فقلنا لهم : " اهبطوا مصرا " ، وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظاهره على ذكر ما حذف وترك منه .

وقد دللنا - فيما مضى - على أن معنى " الهبوط " إلى المكان ، إنما هو النزول إليه والحلول به .

فتأويل الآية إذا : وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ، فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها . قال لهم موسى : أتستبدلون الذي هو أخس وأردأ من العيش ، بالذي هو خير منه . فدعا لهم موسى ربه أن يعطيهم ما سألوه ، فاستجاب الله له دعاءه ، فأعطاهم ما طلبوا ، وقال الله لهم : ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ) .

ثم اختلف القرأة في قراءة قوله ( مصرا ) فقرأه عامة القرأة : " مصرا " بتنوين " المصر " وإجرائه . وقرأه بعضهم بترك التنوين وحذف الألف منه . فأما الذين نونوه وأجروه ، فإنهم عنوا به مصرا من الأمصار ، لا مصرا بعينه . فتأويله - على قراءتهم - : اهبطوا مصرا من الأمصار ، لأنكم في البدو ، والذي طلبتم لا يكون في البوادي والفيافي ، وإنما يكون في القرى والأمصار ، فإن لكم - إذا هبطتموه - ما سألتم من العيش . وقد يجوز أن يكون بعض من قرأ ذلك [ ص: 133 ] بالإجراء والتنوين ، كان تأويل الكلام عنده : " اهبطوا مصرا " البلدة التي تعرف بهذا الاسم ، وهي " مصر " التي خرجوا عنها . غير أنه أجراها ونونها اتباعا منه خط المصحف ، لأن في المصحف ألفا ثابتة في " مصر " ، فيكون سبيل قراءته ذلك بالإجراء والتنوين ، سبيل من قرأ : ( قواريرا قواريرا من فضة ) [ الإنسان : 15 - 16 ] منونة اتباعا منه خط المصحف . وأما الذي لم ينون " مصر " فإنه لا شك أنه عنى " مصر " التي تعرف بهذا الاسم بعينها دون سائر البلدان غيرها .

وقد اختلف أهل التأويل في ذلك ، نظير اختلاف القرأة في قراءته .

1081 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة : ( اهبطوا مصرا ) ، أي مصرا من الأمصار ، فإن لكم ما سألتم .

1082 - وحدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( اهبطوا مصرا ) من الأمصار ، فإن لكم ما سألتم . فلما خرجوا من التيه ، رفع المن والسلوى وأكلوا البقول .

1083 - وحدثني المثنى قال ، حدثني آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن قتادة في قوله : ( اهبطوا مصرا ) قال : يعني مصرا من الأمصار .

1084 - وحدثنا القاسم بن الحسن قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( اهبطوا مصرا ) قال : مصرا من الأمصار . زعموا أنهم لم يرجعوا إلى مصر .

1085 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : ( اهبطوا مصرا ) ، قال : مصرا من الأمصار . و" مصر " لا تجرى في الكلام . فقيل : أي مصر . فقال : الأرض المقدسة التي كتب الله لهم ، وقرأ قول الله جل ثناؤه : ( ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) [ المائدة : 21 ] .

[ ص: 134 ] وقال آخرون : هي مصر التي كان فيها فرعون .

ذكر من قال ذلك :

1086 - حدثني المثنى ، حدثنا آدم ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( اهبطوا مصرا ) قال : يعني به مصر فرعون .

1087 - حدثنا عن عمار بن الحسن ، عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع مثله .

ومن حجة من قال إن الله جل ثناؤه إنما عنى بقوله : ( اهبطوا مصرا ) ، مصرا من الأمصار دون " مصر " فرعون بعينها - : أن الله جعل أرض الشام لبني إسرائيل مساكن بعد أن أخرجهم من مصر . وإنما ابتلاهم بالتيه بامتناعهم على موسى في حرب الجبابرة ، إذ قال لهم : ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) [ المائدة : 21 - 24 ] ، فحرم الله جل وعز على قائلي ذلك - فيما ذكر لنا - دخولها حتى هلكوا في التيه . وابتلاهم بالتيهان في الأرض أربعين سنة ، ثم أهبط ذريتهم الشأم ، فأسكنهم الأرض المقدسة ، وجعل هلاك الجبابرة على أيديهم مع يوشع بن نون - بعد وفاة موسى بن عمران . فرأينا الله جل وعز قد أخبر عنهم أنه كتب لهم الأرض المقدسة ، ولم يخبرنا عنهم أنه ردهم إلى مصر بعد إخراجه إياهم منها ، فيجوز لنا أن نقرأ : " اهبطوا مصر " ، ونتأوله أنه ردهم إليها . [ ص: 135 ] قالوا : فإن احتج محتج بقول الله جل ثناؤه : ( فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل ) [ الشعراء : 57 - 59 ] قيل لهم : فإن الله جل ثناؤه إنما أورثهم ذلك ، فملكهم إياها ولم يردهم إليها ، وجعل مساكنهم الشأم .

وأما الذين قالوا : إن الله إنما عنى بقوله جل وعز : ( اهبطوا مصرا ) مصر ; فإن من حجتهم التي احتجوا بها الآية التي قال فيها : ( فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل ) [ الشعراء : 57 - 59 ] وقوله : ( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين ) [ الدخان : 25 - 28 ] ، قالوا : فأخبر الله جل ثناؤه أنه قد ورثهم ذلك وجعلها لهم ، فلم يكونوا يرثونها ثم لا ينتفعون بها . قالوا : ولا يكونون منتفعين بها إلا بمصير بعضهم إليها ، وإلا فلا وجه للانتفاع بها ، إن لم يصيروا ، أو يصر بعضهم إليها . قالوا : وأخرى ، أنها في قراءة أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود : " اهبطوا مصر " بغير ألف . قالوا : ففي ذلك الدلالة البينة أنها " مصر " بعينها .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 228.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 222.03 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]