نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي" - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 15 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2022, 10:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي"

نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي"
د. عبدالحكيم الأنيس












أَنْ يكونَ للغزالي شعرٌ يُكوّن ديواناً - فذلك شيءٌ يبعث على زيادة الإعجاب بهذه الشخصية الكبيرة، ولكن الملاحظ أنّ المؤرخين حين ترجموا له كانوا فريقين:



فريق سكت عن الناحية الشعرية تماماً - كابن عساكر، وابن الجوزي، والذهبي، وابن كثير-.








وفريق قال: "وله شعر"، ثم أورد بعض الأبيات - كسبط ابن الجوزي، والصفدي، والسبكي، وابن الملقن، والعيني -.








فمِنْ أين أتى الباحث جميل إبراهيم حبيب بما بلغ لديه (538) بيتاً في (96) صفحة؟



هذا ما دار في نفسي - وكنت قريب عهدٍ بدراسة حول الغزالي - وأنا أنظر إلى صورته المتخيلة المطبوعة على غلاف ديوانٍ يحمل عنوان: "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي" طبع بغداد سنة 1985م، ولم يكن لي خيار أمام هذه الدرر إلا أن أصطحبها معي لأقضي بعض الوقت في استجلائها، والكشف عنها، فماذا كان؟








الواقع أنَّ هذه المحاولة كانت مخفقة مبنىً ومعنىً، وتبعاً لذلك فإني لم أستلذَّ أبداً بقراءة شعرٍ ظننتُ أن الإمام الفيلسوف المفكر محمد بن محمد الغزالي (450 - 505هـ) قد نظمه وضمنه نظرتَه إلى الحياة، وتجربته فيها، مع ما خلص إليه من سموٍ روحي، ورقيٍ قلبي، في أجواء شفافة عطرة، ومشاعر دفاقة حية، وتأكدتُ أنَّ تساؤلي كان في موضعه.








يبدأ الأستاذ جميل بعرض ترجمةٍ موجزة للإمام، ويتبعها بفصلٍ قصيرٍ مضطربٍ يسميه: الغزالي والشعر، ومِنْ ثم يذكر القصائد التي جمعها.








ولنمضِ معه خطوة خطوة:



1- ابتدأ بذكر القصيدة المنفرجة، وهي في (58) بيتاً، ومطلعها:



الشدّةُ أودتْ بالمهجِ ♦♦♦ يا ربِّ فعجِّلْ بالفرجِ








وقد نقلها مِنْ آخر كتابٍ اسمُهُ "مجموعة الأوراد الأحمدية" جاء فيه أنَّ هذه القصيدة للغزالي، وهذه النسبة متأخرة، وقد عثر الدكتور عبدالرحمن بدوي على شرحٍ للقصيدة للقاضي زكريا الأنصاري ذُكِرَ فيه أنها لأبي الفضل يوسف بن محمد بن يوسف التوزري الأصل، المعروف بابن النحوي، على ما قاله أبو العباس أحمد بن أبي زيد البخاري[2] شارحها، والسبكي في "طبقاته"، ولهذا السبب ذكرها الدكتور بدوي في القسم الخامس من كتابه "مؤلفات الغزالي"، وهو خاص بالكتب المنحولة (انظر صـ 377)[3].



♦♦♦








2- ثم ذكر الباحثُ جميل إبراهيم حبيب قصيدة هائية في (63) بيتاً؛ مطلعها:



ما بال نفسي تطيل شكواها ♦♦♦ إلى الورى وهي ترتجي الله؟








وقصيدةً تائيةً في (363) بيتاً، مطلعها:



بنور تجلى وجه قدسك دهشتي ♦♦♦ وفيك على أَنْ لا خفا فيك حيرتي








ومصدرُه فيهما ذيل كتاب "معارج القدس في مدارج معرفة النفس" للغزالي (الطبعة 3 من منشورات دار الآفاق الجديدة 1978م)، وهذه قد صُوِّرَتْ على طبعة محيي الدين صبري الكردي الأولى في القاهرة عام 1927م، وهو - أعني محيي الدين الكردي-الذي أتى بهاتين القصيدتين، وقال: إنه طبعهما " على نسخةٍ مخطوطةٍ صحيحةٍ مؤرخةٍ بتاريخ خامس عشر ربيع الأول سنة 882 هجرية".








قال الدكتور بدوي في كتابه المشار إليه صـ 457: "ولكنه لم يذكر مصدر هذه النسخة كعادته في كل ما نشر".








فهل يكفي قولُ الناشر محيي الدين هذا لإثبات النسبة خاصةً إذا عرفنا أَنّ أحداً من المؤرخين والمفهرسين لم يذكر للغزالي شيئاً من ذلك؟








وكيف نسلم بصحة النسبة وفي القصيدة التائية أبياتٌ لا يمكن أن تصدر عن مثل الغزالي، كقول ناظمها في المناجاة الإلهية:



وهل أنا إلا أنتَ ذاتاً ووحدةً ♦♦♦ وهل أنتَ إلا نفسُ عينِ هُويتي؟!!








وقولِهِ:





فصرت إِذا وجهتُ وجهي مصلّياً

فرائضَ أوقاتي فنفسيَ كعبتي



فصار صيامي لي ونُسْكي وطاعتي

ونحري وتعريفي وحجي وعمرتي



وحولي طوافي واجبٌ وخلالَهُ اس

تلامي لركني من مناسك حجتي



وذكري وتسبيحي وحمدي وقربتي

لنفسي وتقديسي وصفو سريرتي



ولو همَّ مني خاطرٌ بالتفاتةٍ

لما كان لي إلا إليَّ تلفتي



ولو لم أؤدِّ الفرضَ مني إليَّ لمْ

يصحَّ بوجهٍ لي ولم تبرَ ذمتي



وكنتُ على أني أوحِّدُ ظاهراً

ففي باطني قد دنتُ بالثنوية!!!











وكون القصيدتين قد جاءتا منسوبتين إليه في مخطوطٍ قديم لا يعني الصحة، فكم نُسِبَ إلى مؤلفٍ من أقوال أو أفعال وهي في الحقيقة مكذوبة مزورة، ومثل الغزالي لا بُدَّ أن يُنسب إليه الكثير، ويُستتر وراءه، ويُروج باسمه كل شيء أُريد له الشيوع والانتشار.








يقول ابنُ خلدون في "مقدمته" وهو يتحدث عن الكيمياء - بمفهومها السحري - صـ 505: "وقد ينسبون للغزالي رحمه الله بعض التآليف فيها، وليس بصحيحٍ؛ لأنَّ الرجل لم تكن مداركه العالية لتقف عن خطأ ما يذهبون إليه حتى ينتحله". وهذا مثالٌ على ما قلت.



♦♦♦








3- ثم ذكر الأستاذ جميل قصيدةً في فضائل سورة الفاتحة، وهي في (9) أبيات؛ مطلعها:



إذا ما كنتَ ملتمساً لرزقٍ ♦♦♦ ونيلِ القصد من عبدٍ وحرِّ








ونقل صـ 59 سببَ نظمها عن "الكوكب المتلالي بشرح قصيدة الغزالي" للشيخ عبد الغني النابلسي، وهو: "إن الإمام الغزالي لما أحسَّ بنزول الموت به قال لبعض أصحابه: ائتني بثوبٍ جديدٍ، فإني أريد أدخل على الملك، فأتاه بثوب، فطلع إلى بيته وأبطأ ولم ينزل، فدخل صاحبُهُ ذلك عليه مع بعض تلامذته فوجدوه قد مات، وعند رأسه مكتوب في ورقة هذه الأبيات".








وحين رجعت إلى "الكوكب المتلالي" (المطبوع ضمن المجموعة الصغرى للفوائد الكبرى) وجدت صـ 174 - وبكلِّ وضوح - أنَّ هذا السبب - على ما قبل - سببُ نظمِ القصيدة النونية الآتية التي مطلعها:



قل لإخوانٍ رأوني ميتاً ♦♦♦ فبكوني ورثوا لي حزنا








لا الرائية هذه، فهذا نقل خطأ.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25-09-2022, 10:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي"

نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي"
د. عبدالحكيم الأنيس









والأهمُّ من ذلك السؤال: هل هي للغزالي؟



إن النابلسي (ت: 1143هـ) يقول في "كوكبه" صـ 173: "وله قصيدة جليلة ذكر فيها أسرار الفاتحة، وهي قوله...".








ثم أوردها دون ذكر مصدرها عنده، بينما يقول الإمام الزَّبيدي في "إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين" (1/25): "وممّا يُنسَبُ إليه هذه الأبيات في أسرار الفاتحة"، فالأمر عنده غير مؤكد.








ويهدمُ كلَّ هذا ما قاله الشيخُ محمد حقي النازلي في كتابه "خزينة الأسرار جليلة الأذكار" صـ 107: "نقل البوني في "شمس المعارف"، من كتاب "كنز المقرَّبين" لابن سبعين، عن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه ورضي الله عنه- هذه القصيدة في فضائل الفاتحة الشريفة:



فإذا كنتَ ملتمساً لرزقٍ ♦♦♦ ونجحِ القصد من عبدٍ وحر








كذا ذكره الإمام الغزالي، والشيخ الأكبر قدِّس سرُّهما".








وهذا نصٌّ صريح يدل على أن النازلي اطلع على كتابٍ للغزالي - وليته ذكر اسمه - قد أورد فيه هذه القصيدة منسوبة إلى علي بن أبي طالب.








إذن فالقصيدة ليست له، كما إنها ليست لعلي جزماً؛ لعدم وجود دليل يؤكد هذا، ولمخالفتها أسلوب ذلك العصر. والعجيب في الأمر أنَّ الأستاذ جميلاً رجع إلى كتاب "خزينة الأسرار" هذا، ومع ذلك قال: "وورد في بعض المصادر أَنَّ القصيدة المذكورة تنسب للإمام علي -كرّم الله وجهه- مع بعض التغييرات والتقديم والتأخير... إلخ. وربما ذكرها الغزالي بعد ذلك، ومع ذلك فليس هناك دليل قاطع لتأكيد هذا القول، والقصيدة في الحقيقة -وكما تبدو لأول مرّة -كُتبتْ في فترةٍ متأخرة عن عصرِ الإمام علي (رض)، ولا يُستبعد أنها من نظم الإمام الغزالي رحمه الله، والله أعلم"!!



♦♦♦








4- ثم ذكر له بيتين في ذم الاختلاط بالناس، نقلهما من نص مخطوطٍ كان قد نقله الدكتور بدوي من نسخةِ "الكوكب المتلالي" المخطوطة في دار الكتب المصرية، وفي الحاشية ذَكَرَ نقلاً عن "الكوكب المتلالي" المطبوع بيتين آخرين سابقين على الأولين، والنابلسي يقول صـ 174: "وفي "شرح الجامع الصغير" للشيخ عبد الرؤوف المناوي رحمه الله تعالى قال: وُجِدَتْ تحت وسادة حجة الإسلام الغزالي رحمه الله في ورقةٍ مكتوبٌ قوله:





قد كنت عبداً والهوى مالكي

فصرت حراً والهوى خادمي



وعدتُ بالعزلة مستأنساً

من شر أولاد بني آدمِ



ما في اختلاط الناس خيرٌ ولا

ذو الجهل بالأشياء كالعالمِ



يا لائمي في تركهم جاهلاً

عذريَ منقوشٌ على خاتمي











فوجدوا نقش خاتمه: ﴿ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ﴾ [الأعراف: 102]".








قلت: وقد رجعت إلى "شرح الجامع الصغير" للمناوي وهو "فيض القدير"(3/481)، ورأيت فيه النص هكذا:



"تنبيه: وجد تحت وسادة حجة الإسلام:



ما في اختلاط الناس خير ولا...



فوجدوا نقش خاتمه...".








إذن فالمناوي لم يذكرْ سوى بيتين، ولم يقل إِنهما من قول الغزالي.








ونرى الزبيدي في "الإتحاف" (1/24) يذكر الأبيات الأربعة ويقول: "ومما يُنسب للإمام الغزالي أنه قال في أيام سياحته:



قد كنت عبداً والهوى مالكي...



وكان نقش خاتمه...".








وهكذا اختلفتِ الرواية، ومهما يكن فالأبيات غير مؤكدة النسبة له، ولا سندَ لها يُعتمد عليه، وإنْ ذكرها الدكتور أحمد الشرباصي في كتابه "الغزالي" صـ 122 على أنها ثابتةٌ له.








ثم وقفت على الأبيات في "بهجة المجالس" لابن عبد البر المتوفى سنة (463ه)، وللغزالي (13) سنة!



♦♦♦








5- وتحت عنوان: أبيات متفرقة ذكرَ جامعُ الديوان سبعة أبيات هي مطالع قصائد ذُكرَتْ في رسالةٍ بغير عنوان منسوبة إلى الغزالي في دار الكتب المصرية، واعتمد في ذلك على الدكتور بدوي، والغريبُ أنه ليس في كلام الدكتور بدوي أيةُ إشارة إلى أَنّ هذه القصائد للغزالي!



♦♦♦
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25-09-2022, 10:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي"

نظرات نقدية في "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي"
د. عبدالحكيم الأنيس








6- ثم قال الباحث صـ 62: ورد في "مؤلفات الغزالي" في صدد كتبٍ يَرى أهلُ التحقيق أنها ليست للغزالي والتي منها كتاب "تحسين الظنون"، وله فيه:



لا تظنوا الموت موتاً إِنه

لحياةٌ، وهي غاية المنى



أحسنوا الظن بربٍ راحمٍ

تشكروا السعي وتأتوا أمنا



ما أرى نفسيَ إلا أنتمُ

واعتقادي أنكم أنتم أنا"!







وقال في الحاشية: "راجع مؤلفات الغزالي صـ 497، وقد وردت الأبياتُ ضمن القصيدة النونية".




قلت: في الصفحة المحال إليها يَنقل بدوي عن الزبيدي قولَه في "الإتحاف" (1/43 - 44): "تنبيه: اعلمْ أنه قد عُزِيَ إلى الشيخ أبي حامد الغزالي كتبٌ، وقد صرَّح أهلُ التحقيق أنها ليست له... ومنها كتاب تحسين الظنون، وله فيه:

لا تظنوا الموت موتاً إنه...




وقد صرّح الشيخُ الأكبر - يَقصد محيي الدين ابن العربي - أَنه موضوع".




إذن فهذه الأبيات ليستْ للغزالي، ولستُ أدري لماذا أوردها الأستاذ جميل مع أنه يعلم أنها جاءت في كتابٍ ليس للغزالي؟




وبما أنها قد وردتْ ضمن القصيدة النونية الآتية، فالقصيدة كلها -فيما يبدو-ليست له، ونجد ابنَ العربي (ت: 638هـ) ينسبها إلى الشيخ أبي الحسن علي المسفر:

قال في كتابه "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار" (1/224): "ولهذا الشيخ أيضاً القصيدة المشهورة وهي هذه:

قل لإخوان رأوني ميتاً...".




ثم ذكرها بكاملها، وهي في (26) بيتاً.




بل حتى النابلسي يقول في "كوكبه" صـ 168: "هذا شرحٌ لطيف، أفرغته في قالب التصنيف، ورصفته بحسب الإمكان أكمل ترصيف، أحلُّ به ما تعقّد من كلمات القصيدة النونية، والجوهرة الفريدة المضية، المنسوبة إلى الإمام أبي حامد الغزالي...".




ثم ذكر صـ 174 ما قيل في سبب نظمها - وقد تقدّمَ في هذا المقال - وهو يَختلف عما حكاه أخوه الواعظ الفقيه أحمد في وصف كيفية موته، وهذا قد يشير إلى خطأ النسبة والتباس الأمر.

♦♦♦




7- ثم ذكر له ستةَ أبيات نقلها من الملاحق التي أتبعها الدكتور بدوي بآخر كتابه المذكور، وهي:

بيتان أوردهما ابنُ السمعاني.




وآخران أوردهما العماد الأصفهاني الكاتب في "خريدة القصر".




واثنان أوردهما ابن النجّار.




على ما قاله المؤرِّخ الصفدي (ت: 764 هـ) في "الوافي بالوفيات".


ولم يرجع الأستاذ جميل إلى "الوافي" وهو مطبوع[4]، فضلاً عن أن يعود إلى "ذيل" ابن السمعاني، و"خريدة" الأصبهاني، و"تاريخ" ابن النجار.



أقول: وربما كانت هذه الأبيات له، فالغزالي قال الشعر شأنه شأن أكثر العلماء، ولكنه لم يكن مكثراً ولا مبدعاً، وما جاء عنه لا يمكننا أن نعده شاعراً محلقاً على الرغم من حلاوة أسلوبه النثري وطلاوته.





وعن البيتين اللذين أوردهما ابن السمعاني وهما:



حلَّت عقاربُ صدغه من وجههِ

قمراً فجلَّ به عن التشبيهِ



ولقد عهدناه يحلُّ ببرجها

ومن العجائبِ كيف حَلَّتْ فيهِ






قال ابنُ خلكان في "وفيات الأعيان" (4/218): "ورأيت هذين البيتين في موضع آخر لغيره، والله أعلم". ثم ذكر أن العماد الأصبهاني نسبهما إليه في "الخريدة".




وقولُ ابن خلكان مؤشر شكٍّ يقودنا إلى احتمال أن الغزالي أنشدهما متمثلاً، لولا تعقيبه بما سبق عن العماد الأصبهاني، ولولا أن السبكي يروي في كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" (6/223) بسنده عن أبي محمد التكريتي أنه قال: "أنشدني أبو حامد الغزالي لنفسه:

حلت عقارب صدغه من خده...".




ولفظة: "لنفسه"، تجعلنا نرجح كونهما له؛ لدلالتها على تأكد الراوي مما يرويه، بخلاف ما لو قال: "أنشدني فلان" فحسب.

♦♦




8- ثم ذكر القصيدةَ النونية - وقد تكلمنا عنها - نقلاً من شرح النابلسي لها، وعقبها بإثبات الشرح كاملاً، لكنه حذفَ المقدمة، وفيها نبذة عن حياة الغزالي وبعض أشعاره.




وعلل هذا الحذفَ كما في صـ 67 بأن الشعر الذي فيها سبقَ أنْ تطرَّق إليه فيما جمعَهُ، لكنه نسِيَ أَنَّ في المقدمة بيتين لم يذكرهما، وهما:



تركتُ هوى ليلى وسعدى بمعزلِ

وعدتُ إلى مصحوب أول منزلِ



وناديتُ في الأسواق مهلاً فهذه

منازل مَنْ تهوى، رويدك فانزلِ






وكان الزبيدي قد ذكرهما للغزالي في "إتحافه" (1/25) مع قصةٍ معهما، ولكن بلفظ:

ونادتْ بي الأشواقُ، وهو الصحيح.




ونجد البيتين في "شذرات الذهب في أخبار مَنْ ذهب" لابن العماد الحنبلي (4/13)، ومعهما بيتٌ ثالثٌ هكذا:




ونادت بي الأشواقُ، مهلاً فهذه

منازل مَنْ تهوى، رويدك فانزلِ



غزلتُ لهم غزلاً دقيقاً، فلم أجدْ

لغزليَ نسَّاجاً فكسَّرت مغزلي".






هذا، وينقلُ الدكتور مصطفى جواد في مقالٍ له ضمن كتاب "في التراث العربي" (2/320) عن الحافظ ابن عساكر الدمشقي أنه قال في ترجمة محمد بن أسعد أبي المظفر البغدادي (ت: 567هـ): "سمعتُ منه شيئاً من شعره، وكان فَسْلاً في دينه، خليعاً، قليل المرؤة، ساقطاً،كذاباً، أنشدنا أبو المظفر وكتبه لي بخطه:



ذكرتُ هوى سلمى وليلى بمعزلِ

وعدتُ إلى مصحوب أول منزلِ



ونادتْ بيَ الأشواق مهلاً فهذه

منازل مَنْ تهواه، دونك فانزلِ



وخذ مِنْ نعيمٍ قد صفا لك شربُهُ

ودعْ ما سوى الأحباب عنك بمعزلِ"[5].






أقول: وبما أننا وقفنا على نصٍ يؤكد جريانَ هذه الأبيات على لسان الغزالي فأنا أرجح الآن كونها له، وقد ادّعاها أبو المظفر على عادته في الكذب، مع ملاحظة الاختلاف بين الروايات.

♦♦




هذا هو جهد الأستاذ جميل إبراهيم في صنع ديوان للإمام الغزالي، وهو جهدٌ يفتقرٌ إلى التثبُّت والتقصّي، والباحثُ على الرغم من اعتماده على الدكتور بدوي، فإنه لم يستقص كلَّ ما تطرّق إليه بدوي في هذا الجانب:

فهو في صـ 295 يذكر أنَّ ثلاثَ قصائد صوفية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم منسوبة له في مكتبة برلين، ولكنه ينقل عن "ألفرت" أنه يشكُّ في صحة نسبتها إلى الغزالي.




وفي صـ 387 يذكر قصيدةً منسوبة له في خواص الخاتم المثلث المشهور في (22) بيتًا في دار الكتب المصرية... الخ. ولسنا نشك في كذب كل هذه النسب، فلم يكن الغزالي ذا نفس طويل إذا شعر، كما أنه لم يكن منجِّماً.

♦♦




وعلى أية حال نستخلص من كلِّ ما مرَّ: أنَّ الغزالي قال الشعر، ولكنه شعرٌ قليلٌ جيدٌ متشرِّع، ممّا يدلُّ على عدم صحة ما يُنسَبُ إليه من الشعر الركيك المُتهافت، والشعرِ الذي يدلُّ على معانٍ لا يرتضيها، وتخالفُ منهجه الذي سار عليه.




وليت الأستاذ جميل إبراهيم - وقد تبنى صنع هذا الديوان - دقَّق فيما صنع، وتبع طريقة صناع الدواوين المعهودة، وجعَلَ هدفه معرفة شعر الغزالي؛ صحيحه من مزيفه، لا أن يجمع أكبر عدد ممكن من الأشعار كي يخرجها للناس على أنها "الدرر الغوالي من أشعار الإمام الغزالي" في عشرة آلاف نسخة!




وليته ترك غيرَه يقول ما قاله هو في المقدمة: "وهو عملٌ لم يقم به أحد قبلي، ويعتبر هذا الديوان ميلاداً أدبياً - وخاصة في الأدب الصوفي - جديداً سيلمعُ بين كتب التراث، ويأخذ موقعه المناسب بينها"، في حين أنه لم يقم إلا بأن:

أتى بكتاب "مجموعة الأوراد الأحمدية" فنقل من آخره "المنفرجة".




وبكتاب "معارج القدس في مدارج معرفة النفس" فأخذ من ذيله القصيدتين "الهائية"، و"التائية".




وبـ"الكوكب المتلالي بشرح قصيدة الغزالي" فنقل "فضائل الفاتحة"، والقصيدة "النونية".




ورجع إلى "مؤلفات الغزالي" للدكتور عبدالرحمن بدوي وأخذ "أبياتاً" متفرقة.




والله من وراء القصد[6].




[1] كُتِبَ هذا المقال ببغداد سنة 1985م، وأضفتُ الآن بعضَ الحواشي.
[2] كذا، والصواب: البجائي. كما في هذا "الشرح" المطبوع سنة 1999م ص 39.
[3] أقول الآن: ظهر أن منفرجة التوزري غير المنفرجة المنسوبة إلى الغزالي، وهذا يحتاج إلى نظر جديد.
[4] والنقل فيه (1/276-277).
[5] انظر: تاريخ دمشق (52/46).
[6] كنتُ قد تكلمتُ على الشعر الوارد في كتاب "منهاج العابدين" المنسوب إلى الغزالي، وعلى ما أورده السبكي والزبيدي من شعرٍ له، وما صنعه الدكتور أحمد فريد الرفاعي في كتابه "الغزالي"، وقد بدا لي أن أجعل هذا في مقالٍ آخر، وأخص هذا المقال بتتبع "الدرر الغوالي".
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 97.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 94.61 كيلو بايت... تم توفير 2.81 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]