أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216080 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7826 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 52 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859611 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393954 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 20-03-2024, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


البيت الإسلامي في رمضان
زينه منصور
(11)

يقول عز من قائل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم: من الآية 6)
1. البيت أمانة ومسئولية ورعية، فهل من راع
واع وهل من مسؤول أمين.
صح عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنّه قال: "كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته" [1] ورعاية البيت في رمضان وغيره هو أن تأمرهم بالصلاة، قال تبارك وتعالى ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ (مريم:55).





2. إنّ أحوج ما يحتاجه البيت المسلم إلى أب رشيد وأم مؤمنة يقومان على تربية البيت.
يقول الله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا ﴾ (النساء: من الآية 58) وإنّ من أعظم الأمانات أم
انة البيت وإصلاح البيت.

  • البيت الإسلامي يعيش رمضان ذكراً وتلاوةً وخشوعاً وتقوى.
  • البيت الإسلامي عامر بسنة محمد عليه الصلاة والسلام في الطعام الشراب والمدخل والمخرج واليقظة والمنام.
  • البيت الإسلامي يحترم الحجاب ويدين لله به ويعتبره شرفاً وعزاً للمرأة، وأجراً ومثوبة عند الله عز وجل.

3. ابتليت بيوت كثيرة باللهو وإضاعة الأوقات فى متابعة المسلسلات، فأفسد قلوب أهلها وضيع أوقاتها وفتّت قوّتها، ودخل الغناء واللهو بعض البيوت فخرج الذكر والسكينة والحشمة والوقار، قال تعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾(لقمان: من الآية6) ولهو الحديث عند أهل العلم هو الغناء، فكم عبث الغناء بالقيم وسفّه المبادئ وأرهق العقول.
4. البيت الإسلامي يصحو على ذكر الله وينام على ذكره بعيدا عن اللغو والهراء، قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ (المؤمنون:3).
5. البيت الإسلامي يستحي من الله تعالى، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنّه قال "استحيوا مِن الله حقَّ الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله إنَّا لنستحيي، والحمد للَّه. قال: ليس ذاك، ولكنَّ الاستحياء مِن الله حقَّ الحياء: أن تحفظ الرَّأس وما و
عى، وتحفظ البطن وما حوى، وتتذكَّر الموت والبِلَى، ومَن أراد الآخرة، ترك زينة الدُّنيا، فمَن فعل ذلك، فقد استحيا مِن الله حقَّ الحياء" [2]



  • بيوت الصالحين لها دوي بذكر الله رب العالمين.
  • لها نور من التوفيق عال كأن شعاعه من طور سينا.
  • ليت البيوت الإسلامية تدخل العلم الشرعي جنباتها لتكون رياضاً للمغفرة وبساتين للعرفان.
6. إنّ البيت يحتاج إلى مسائل مهمة من أعظمها المحافظة على الصلوات الخمس بخضوعها وركوعها وسجودها وروحانيتها، وعلى تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار، وعلى ذكر الله عز وجل بالغدو والآصال، وعلى إحياء السنن في كل دقيقة وجليلة، ويحتاج إلى إخراج كل لهو وعبث واجتناب كل لغو وزور.





قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ (فصلت:30)
وقال تعالى ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآ
خِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (ابراهيم:27)
7. إنّ شهر رمضان يضفي على البيت المسلم رو
حانية واطمئناناً، فيوقظ أهل البيت لقيام الليل، ويدعوهم إلى صيام النهار، ويحثهم على ذكر الله عز وجل.
قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ
غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ (فاطر:29 - 30)
نسألك يا أرحم الراحمين أن تملأ بيوتنا بالإيمان والحكمة والسكينة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 22-03-2024, 12:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


كيف يستعد البيت المسلم ..
لا ستقبال شهر رمضان
(12)

حل بنا شهر الخير والبركات، شهر كان يحرص رسولنا الكريم [على تنبيه أصحابه إلى قرب قدومه، حتى يستعدوا له، فعن أبي هريرة] قال:
"كان رسول الله [يقول قد أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتح أبواب الجنان، وتُغلق أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم" (رواه أحمد).

إن شهراً هذه خصائصه، وتلك خيراته، لجدير بأن نفكر له، ونخطط لاستقباله، ولحقيق بأن نتلهف شوقاً للقائه، لما فيه من نفحات إيمانية، وروح ملائكية، وهبات إلهية، ومكرمات ربانية.

السلف الصالح وشهر رمضان:

ورد عن سلفنا الصالح أنهم كانوا يدعون ربهم ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم، فكان عامهم كله رمضان. هناك ثمة أعمال يلزم أن يؤديها البيت المسلم، كي يُحسن استقبال هذا الشهر الكريم، وهذه الأعمال يمكن إيجازها في ستة أعمال هي:

أولاً وقفة محاسبة:
وأعني بها أن يقف المسلم مع نفسه وقفة تقويمية، يحاسب فيها نفسه على ما أسرف من ذنوب ومعاصٍ، وعلى ما فرَّط في جنب الله، وعلى ما أضاع من وقت، وعلى ما قصَّر في الطاعات، يقول الحق سبحانه: [يّا أّيَهّا الَّذٌينّ آمّنٍوا تَّقٍوا اللَّهّ ّلًتّنظٍرً نّ
فًسِ مَّا قّدَّمّتً لٌغّدُ ّاتَّقٍوا اللَّهّ إنَّ اللَّهّ خّبٌيرِ بٌمّا تّعًمّلٍونّ(18) لا تّكٍونٍوا كّالَّذٌينّ نّسٍوا اللَّهّ فّأّنسّاهٍمً أّنفٍسّهٍمً أٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الًفّاسٌقٍونّ 19] (الحشر).

إن خلوة المسلم بنفسه قبل رمضان، وبشكل دوري في سائر الأوقات لمحاسبتها عما بدر منها من الأقوال، والأفعال، ووزنها بميزان الشرع، لمن الأمور المهمة في التغيير الإيجابي في الشخصية المسلمة، كما أنها من علامات المؤمن. يقول الحسن البصري رحمه الله "لا تلقى المؤمن إلا بحساب نفسه ماذا أردت تعملين؟ وماذا أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟
والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه، ومن أقواله أيضاً أي
الحسن البصري "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة همته".
وقال ميمون بن مهران "لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل "النفس كالشريك الخوَّان؛ إن لم تح
اسبه ذهب بمالك".


وينبغي لرب البيت المسلم أن يبادر بذلك، ويبدأ بنفسه، حتى يكون قدوة لأهل بيته، ثم يدعو رعيته إلى ذلك، وينبههم إلى اغتنام فرصة رمضان، وذلك في جلسة خاصة، يكون قد خطط لها جيداً.
والمحاسبة لازمة لتقويم المسلم في جميع الأوقات؛ فينبغي أن يفرد لها المسلم وقتها.
وألا يغفل عنها، فمما ذكره الإمام أحمد رحمه الله عن وهب، قال
مكتوب في حكمة داود حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه، ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات، وإجماماً للقلوب".

وقد نبَّه الشاعر إلى فرح الإنسان بالدنيا وغفلته عن المحاسبة في قوله:

إنا لنفرح بالأيام نقطعها. . وكلُّ يوم مضى يُدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً.. فإنما الربح والخسر
ان في العمل

ثانياً الاستغفار والتوبة:

فكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون، وما دام ابن آدم خطاء.. فلا بد أنه بعد المحاسبة سيقف على أخطائه ويحددها، ومن ثم يجب أن يسعى إلى الدعاء والاستغفار، كي يغفر الله عز وجل له، كما تجب عليه التوبة..
ولأهمية التوبة فقد أفردتُّ لها المقال السابق، وبقي ل
ي أن أدعو نفسي وكل رُعاة البيوت المسلمة أن نقرأ جميعاً باب التوبة من كتاب رياض الصالحين، أو غيره من الكتب التي عالجت هذا الباب العظيم.

ثالثاً تجهيز عدَّاد تنازلي يُوضع في مكان بارز في البيت:

وينبغي استثمار القدرات الفنية للأولاد في تجهيز هذا العداد، وذلك يشعرهم بذواتهم، وبأنهم يقدمون شيئاً مفيداً، ويستثمرون به أوقاتهم، وحبذا أن يكافئهم
رب الأسرة، وهذا العداد قد يُجهز من بطاقات ورقية..
أو غير ذلك من الخامات، ويعلق في مكان بارز با
لبيت، منذ منتصف شعبان، أو بعد مرور عشرين يوماً منه، وكلما مر يوم رُفعت البطاقة الورقية التي كتب عليها هذا اليوم وظهرت لأفراد البيت المسلم عبارة بقيت تسعة أيام، وفي اليوم التالي بقيت ثمانية أيام.. . وهكذا، وعلى من يرفع البطاقة أن ينبه بقية أفراد البيت إلى ذلك بصوت مسموع.

رابعاً تدريب النفس والأهل والأولاد:

على العبادات الرمضانية في شهر شعبان، كالصيام، والقيام، والصدقات.. . وغير ذلك.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله [يصوم حتى نقول لا يفط
ر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان" (رواه البخاري).
فمن فوائد الصوم في شعبان أنه تمرين وتدريب على صيام رمضان
، حتى لا يجد المسلم مشقة في صيام رمضان، بل يكون قد تمرّس على الصوم، فيدخل رمضان بهمّة ونشاط وقوة، فشعبان مقدّمة لرمضان، ومن ثمّ فمن المفيد لأفراد البيت المسلم أن يتدربوا على عبادات رمضان في شعبان، كالقيام، والصيام، وتلاوة القرآن، والصدقة.. . وغير ذلك، ولذلك كان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أكثر من قراءة القرآن.

وذكر بعض أهل العلم أن السبب في كثرة صيام النبي [في شعبان أنه شهر يغفل الناس عنه بين شهرين عظيمين شهر رجب الفرد.. وهو من الأشهر الحرم، وشهر رمضان المعظّم، واستشهدوا برده [على أسامة بن زيد عندما سأله عن كثرة صيامه في شعبان فقال "ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" (رواه النسائي).

خامساً إصلاح ذات البين:
ويكفي المسلم هنا أن يُصغي إلى قول الله عز وجل: [فّاتَّقٍوا اللَّهّ ّأّصًلٌحٍوا ذّاتّ بّيًنٌكٍمً ّأّطٌيعٍوا اللَّهّ ّرّسٍولّهٍ إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ] (الأنفال)، فإذا ما أ
صغى واستمع وأنصت ووعى، فلا بد من أن يستجيب ويُنفذ ويطيع ربه سبحانه ورسوله [، ومن ثم يسعى المسلم للتصالح والتسامح والتغافر مع أقاربه وأصدقائه، وجيرانه وزملائه، في العمل وسائر المسلمين.

سادساً صلة الرحم:

فإذا كان الشرع الحنيف دعانا إلى ذلك في سائر الأوقات
، فإن ذلك في شهر رمضان أنفع وأنسب لاقتناص هذا الخير، قال تعالى محذراً من قطيعة الرحم: [فّهّلً عّسّيًتٍمً إن تّوّلَّيًتٍمً أّن تٍفًسٌدٍوا فٌي الأّرًضٌ ّتٍقّطٌَعٍوا أّرًحّامّكٍمً 22أٍوًلّئٌكّ الَّذٌينّ لّعّنّهٍمٍ اللَّهٍ فّأّصّمَّهٍمً ّأّعًمّى" أّبًصّارّهٍمً 23] (محمد).

منقول بتصرف


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 22-03-2024, 10:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا



الأسرة في استقبال رمضان
خالد بن علي الجريش
(13)

الحمد لله حمد الشاكرين وصلى الله وسلم على خير البرية أجمعين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد

حينما يقدُم ضيف عزيز على أسرة من الأسر، فإن هذه الأسرة لا تكاد أن تُحصي مدى فرحتها وبهجتها في قدوم ذلك الضيف الكريم عليهم، ذلك أن هذا الضيف محبب إلى نفوسهم لأنهم يجدون فيه وعنده ومنه رغباتهم، بل لقاؤهم به هو أمنية لهم حيث تتحقق أمنياتهم وتسلو نفوسهم وتزكو أرواحهم، إن هذا ولله الحمد هو واقع أسرنا بقدوم ذلك الضيف المبارك شهر رمضان، فكم كانت النفوس متلهفة لبلوغه، وكم كانت متعطشة لوصوله، وضيف بهذه المكانة الرفيعة جدير بالحديث والطرح في جوانب عدة تهم الأسرة المباركة، وسيكون الحديث في عشر وصايا وهي كالتالي:

الوصية الأولى: لابد من القراءة عن شهر الصيام، ولو كانت قراءةً يسيرة، حتى يجمع الصائم بين العلم والعمل، فاجتماع الأسرة ونقاشهم عن أحكام هذا الشهر هو من الرعاية الموكَلة للوالدين الكريمين، فإن هذا المجلس سيُعطي الأسرة جميعًا خلفيةً ولو مجملة عن هذا الشهر، سواءً كانت من الكتيبات الصغيرة أو من الأسئلة والأجوبة أو من المطويات، فإن هذا كله نافع ومفيد.

الوصية الثانية: كم هو جميل جدًا أن تتناقش الأسرة جميعًا في إعداد برامج لهذا الشهر، ويُشجع بعضهم بعضًا خلال جلساتهم اليومية، وهذه البرامج منها ما هو عام للأسرة جميعًا، يشتركون فيه ويناقشونه، وذلك مثل مايلي : سؤال يومي للأسرة، فيُطرح كل يوم سؤال، فالسؤال الأول في اليوم الأول و يكون جوابه في الجزء الأول من القرآن، والسؤال الثاني في اليوم الثاني و يكون جوابه في الجزء الثاني من القرآن، وهكذا، فتُربط أيام رمضان بأجزاء القرآن، وفي هذا ربط أفراد الأسرة بالقرآن، ويكون التكريم فوريًا يوميًا أو في نهاية الشهر عن طريق جمع النقاط، ومن البرامج العامة للأسرة، تحديد جلسة أسبوعية أو نحوها تجتمع عليها الأسرة، يُطرح فيها ما يهمها في شهرها تشجيعًا وتحفيزا من مقروء ومسموع ونحو ذلك، فإن هذه الجلسة لها مُخرجاتها التربوية والإيمانية، ومن البرامج العامة أيضًا أن يحفظ أهل البيت كل يوم ذكرًا أو حديثًا يتردد معهم في يومهم وليلتهم من الأذكار التي لم يحفظوها من قبل فينطلقون في هذا الشهر بالعمل بها طوال عمرهم،


فيكون هذا من مخرجات هذا الشهر المبارك، فلتتفق الأسرة على ثلاثين ذكرًا في عدد أيام الشهر، فما أجمله من عمل وما أحسنه من مُخرج لهذا الشهر المبارك، ونحو هذا من البرامج العامة بحيث تنفذها الأسرة جميعًا، وهناك برامج خاصة لكل فرد من أفراد الأسرة بحيث يرسم له برنامجًا يسير عليه خلال الشهر، متضمنًا لأنواع العبادة من القرآءة والصلوات والصدقات وغيرها، محاسبًا هذا الفرد نفسه بين الفينة والأخرى ليرى مدى التقدم والإخفاق في هذا البرنامج، إن رسم البرامج العامة والخاصة مهم جدًا، وهو من استثمار لحظات ذلك الشهر المبارك، أرأيت إن كان أحدنا يريد أن يُنشأ منزلًا، كيف يخطط ويدرس هذا التخطيط ويحذف ويضيف، إن شهر رمضان هو موسم من مواسم الآخرة جدير بالتخطيط والتأمل.

الوصية الثالثة: على الأسرة إظهار الابتهاج والاستبشار بقدوم هذا الشهر المبارك، وأن يكون ذلك سلوة حديثهم ، استبشارًا واستعدادًا لاستقباله، مما يضيف عليهم الرغبة بصيامه وقيامه وفعل الخيرات فيه.

الوصية الرابعة: من المستحسن أن يوضع بعض الكتيبات والمطويات عن شهر رمضان في مكان بارز للأسرة، بحيث يطّلع أفراد الأسرة عليها وقت فراغهم، تثقيفًا وتعليمًا وتحفيزًا لهم، وقد يُحدث هذا بينهم نقاشًا علميًا جميلًا تستثار فيه الأذهان عن حِكم وأحكام هذا الشهر المبارك.

الوصية الخامسة: على ولي الأسرة أن يكون حريصًا على لحظات هذا الشهر فيتقدم قبله بشراء حاجيات الشهر ولوازمه من مأكول ومشروب، وليحذر الإسراف في هذا، فإنه شهر استثمار لا شهر استهلاك، وكذلك أهل البيت في شراء لوازم عيدهم بأن يتقدموا بشرائها، أما تأخيرها إلى دخول الشهر أو إلى دخول العشر الأواخر، فإن هذا خسارة واضحة كالشمس، فإن الناس يتعبدون ويجمعون الحسنات، وهؤلاء في الأسواق يرتعون خلف كل جديد، فلو تقدموا لأراحوا واستراحوا.

الوصية السادسة: إن من خصوصيات شهر رمضان الصيام والقيام وكثرة قراءة القرآن والدعاء والصلاة النافلة وغيرها، وهذا يحتاج إلى اهتمام كبير من الأبوين الكريمين لأبنائهم وبناتهم تحفيزًا وتشجيعًا وترغيبًا بأساليب عدة قولية وعملية، لأنهم أبناؤنا وعملهم يُرجى أن يكون لنا مثله، لأنهم من كسبنا وسعينا، فيا معاشر الآباء والأمهات لا تغفلوا عن هذا ولا تملّوا ولا تسأموا، بل استمروا متابعين محفزين طوال شهركم، لا سيما في العشر الأواخر منه.

الوصية السابعة: على المرأة وهي تعمل على طهيها وخدمتها في بيتها أن تعلم أنها على أجر عظيم فكما أنه قيام بالواجب، فقد يشمله قول النبي صلى الله عليه وسلم (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) لأنهم قاموا على خدمة إخوانهم، فكيف بهذه المرأة وبناتها وقد خدموا وهم صائمون، فيا بشراهن كثيرًا، واعلمي أنك يمكن أن تجمعي بين الخدمة وعبادة الذكر، أرأيتِ أن سبحان الله وبحمده مائة مرة تكفّر الخطايا، ردديها، أرأيتِ أن الحمد لله تملأ الميزان، أرأيت أن سبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض، أرأيتِ أن لا إله إلا الله أفضل الحسنات، أرأيتِ أن لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، أرأيت أن لك بالصلاة الواحدة على النبي صلى الله عليه وسلم عشر صلوات فأكثري من تَرداد هذه الأذكار خلال عملك في رمضان وغيره، لتجمعي بين الحسنيين.

الوصية الثامنة: هناك بعض الأخطاء يجب أن تختفي من الواقع لأنها خلل في العبادة وذلك كما يلي:
أولًا: عدم إكمال التراويح مع الإمام فقد يصلي بعض الناس شيئًا ثم ينصرف وهذا لا شك أنه فاته خيرٌ كثير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) فحُرم هذا قيام الليل كله، وربما كان انصرافه في آخر صلاته، ومن الأخطاء أيضًا، عدم تناول السحور بحجة تأخير وجبة العشاء، ولو تناول هذا وأمثاله تمرات خفيفةً لكان سحورا، فإن الملائكة تصلي على المتسحرين.
ثانيًا: التوسع في تصفح وسائل التواصل وتضييع لحظات ذلك الشهر وهي عزيزة وشريفة.




ثالثًا: خروج المرأة إلى المسجد متعطرة أو متبرجة.
رابعًا: إهمال البعض لأبنائهم في نومهم عن أداء صلواتهم المفروضة.
وغير ذلك من الأخطاء التي قد تكون عند بعض الناس، فليُصحح المسار قبل ف
وات الأوان.

الوصية التاسعة: عند إخراج زكاة الفطر في نهاية رمضان أو في العيد، لتجتمع الأسرة جميعًا وليسمعوا درسًا عن زكاة الفطر، وليقيس الأبناء والبنات أصواعهم بأنفسهم في بيتهم وبين أهلهم ليعلموا درسًا عمليًا عن هذا الحكم الشرعي، بخلاف من يخرجها عن أبنائه وبناته ولا يعلم الأبناء والبنات شيئًا عن هذا، وهذا قد يكون خللًا في التربية.

الوصية العاشرة: لابد من رسم الأهداف لتحقيقها في رمضان، وتختلف الأهداف من شخص لآخر، ومن أسرة لأخرى، لكن يمكن طرح نموذج لتلك الأهداف وهي كما يلي:
الهدف الأول: الارتباط مع القرآن ولهذا الهدف وسائل عديدة، من هذه الوسائل: تحزيبه وقراءته ووضع جدولة لختمه عدة مرات خلال الشهر، ومن الوسائل أيضًا حفظ مقدار معين خلال الشهر سواءً، كان ذلك على مُقرئ أو كان داخل الأسرة، ومن الوسائل أيضًا، تحسين التلاوة للقرآن كاملًا على مقرئ بواقع جزء في كل يوم، فيكون قرأ القرآن كاملًا خلال هذا الشهر، ومن الوسائل أيضًا قراءة تفسير ما سيقرؤه الإمام في التراويح، ونحو ذلك من الوسائل.

الهدف الثاني: تحقيق قيمة الجود والبذل والصدقة وتشجيع تلك القيمة وإحيائها، ولهذا الهدف وسائل كالحث على الصدقة وبيان فضلها والمبادرة إلى جعلها واقعً
ا عمليًا ملموسًا في البيت وداخل الأسرة، وأيضًا من الوسائل وضع صندوق في مكان بارز من البيت ليضع فيه أهل البيت ما تجود به نفوسهم، ثم يُدفع دوريًا إلى الجهات الخيرية، وربما كانت هذه الصدقة صدقة سر يُرجى أن يكون صاحبها تحت ظل العرش، ونحو ذلك من الوسائل.

الهدف الثالث: تعزيز الجانب الإيماني ولهذا وسائل كالمبادرة إلى الصلاة مع الأذان ولو بعض الأوقات، وإدراك الصف الأول ولو بعض الأوقات، وأيضًا كالمكث في المسجد كثيرًا ومن الوسائل أيضًا المهمة، أن تنظر إلى كتب الفضائل، فتستخرج منها قائمةً بفضائل الأعمال الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تحاول تطبيقها خلال يومك وليلتك وتُحاسب نفسك في تطبيقها وتنفيذها، وهل نجحت أم أخفقت ونحو هذا من الأهداف والوسائل، فكل يُحدد ما يراه مناسبًا له من الأهداف التي يريد تحقيقها خلال هذا الشهر، فإن التخطيط هو بمثابة الزمام للنفس يقودها إلى مصالحها، وكُن كما قال خالد بن صفوان عن الأحنف بن قيس حيث قال: كان الأحنف أعظم الناس سلطانًا على نفسه فلا بد أن تقود أنت تلك النفس حتى توردها مراتع الصلاح والهدى، وتجنبها أماكن الردى، فإن النفس مطيعة لصاحبها إذا رأت منه القوة والعزيمة، وهذا كله توفيق من الله تبارك وتعالى.

نسأل الله عز وجل السعادة في الدارين وأن يتقبل منا سائر أعمالنا وأن يُبلغنا شهرنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 23-03-2024, 11:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


المرأة في رمضان
خالد بن علي الجريش
(14)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونصلي ونسلم على خير البرية وأزكى البشرية وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،،،
أختي الكريمة، إن شهر رمضان موسم عظيم قد أطلّ عليكِ
ونفحات رحمة ومغفرة وعتق تغمركِ، فهيئي عزمك في نوالها واكتسابها فالشهر يناديكِ فاستجيبي مستثمرةً لحظاته وساعاته، حيث إن استثماركِ هذا سيكون في ميزان الحسنات، نسأل الله تعالى القبول للجميع.
وها هي وقفات معدودة معكِ في هذا الشهر المبارك لكِ ولغيركِ من بني جنسكِ فكوني دالةً على الخير وداعية إليه وفقكِ الله وأسعدكِ في الدنيا والآخرة.


الوقفة الأولى: المرأة أحوج ما تكون لترتيب الأولويات في استثمار أوقاته
ا في شهر رمضان المبارك، حيث إنها مشغولة في عمل بيتها وخدمة زوجها وأولادها ونحو ذلك، فهي بحاجة ماسة إلى ترتيب وقتها في خِضم تلك الظروف المنزلية، وإذا لم تفعل ذلك فإنها قد تخسر كثيرًا من وقتها من حيث لا تشعر.
فيا أختي الكريمة اعملي على وضع برنامج للتوازن بين أعمال البيت وخدمته من جهة، وبين استثمار هذا الشهر من جهة أخرى، ولو استدعى ذلك تحرير هذا في ورقة تكون خطة عمل لكِ في بيتكِ، وليس هذا بكثير على هذا الشهر المبارك، وحينئذ ستعلمين كيف كان الفرق شاسعًا بين التخطيط وعدمه، واستشيري بذلك من ترينه مناسبًا لمساعدتكِ على ذلك، فالوقت شريف وعزيز.

الوقفة الثانية: اعلمي أنك بخدمتكِ في بيتكِ على أجر عظيم، فكما أنه قيام بالواجب فهو يشمله قول النبي صلى الله عليه وسلم (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) وذلك لأنهم قاموا على خدمة أصحابهم، فكيف بكِ وقد قمتِ بالخدمة وأنتِ صائمة، فلعل أجرك أعظم وأولى، ولكن احتسبي ذلك فهو أعظم لأجرك.

الوقفة الثالثة: خلال عملكِ وخدمتكِ لزوجكِ وأولادكِ من طهي ونظافة وترتيب، تذكري دائمًا أنه يمكن أن يصحب هذا عمل اللسان من الذكر، فهو من أفضل الأعمال وأيسرها، ألم تسمعي قول النبي صلى الله عليه وسلم (والحمد لله تملأ الميزان) كرريها كثيرًا فأنتِ على خير عظيم، ألم تعلمي قول النبي صلى الله عليه وسلم (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) ما أعظمها وأعظم أجرها فسيُغرس لكِ بكل تسبيحة نخلة في الجنة، ولكِ بها عشر حسنات، أكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فلكِ بكل واحدة عشر صلوات كما رواه مسلم، وفي حديث آخر حسّنه الألباني، قال عليه الصلاة والسلام: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وكتب له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات) ألم تعلمي أن كلمة (لا إله إلا الله) أفضل الحسنات، كرريها ولا تملي من تكرارها، فهذه الأذكار وأمثالها خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان، وقد تقول بعض النساء قد لا يتوافق قلبي مع لساني في الذكر، فيُقال إن توافقا كان الأجر أعظم وإن لم يتوافقا فأجركِ كامل بذكر اللسان من الحسنات العظيمة، ولكن إياكِ والسكوت، فإنه خسارة مقابل هذه الأذكار.

الوقفة الرابعة: قال النبي صلى الله عليه وسلم (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) وهذا يشمل الرجل والمرأة، لكن المرأة إذا خرجت إلى المسجد يجب عليها أن تكون متسترة وغير متعطرة، بخلاف ما يُشاهد أحيانًا من بعض نسائنا هداهن الله فتخرج إلى المسجد تبتغي ما عند الله تعالى من الأجر لكنها تخرج بحجاب غير ساتر أو بحجاب فاتن أو بعطر، فتمر قُرب الرجال ونحو ذلك، وهذا نوع من التعارض، فالأجر لا يُطلب بمعصية الله تعالى، فعليها أن تحترز من المحاذير الشرعية سواءً في لبسها أو في مشيها أو كلامها أو مُكثها في المسجد بين النساء ونحو ذلك، وعلى النساء تسوية صفوفهن وتراصّهن في الصف وسد الفُرج وعدم الأحاديث الجانبية أثناء الصلاة مما يؤذي بعض المصليات، أو اصطحاب بعض الأطفال المزعجين الذين بيوتهم خيرٌ لهم، فإذا كانت المرأة لن تخرج إلا بطفلها، فبيتها خير لها من أن تؤذي بطفلها الأخريات، من إزعاج الطفل أو بكائه أو لعبه ونحو ذلك، ولا تنزعجي من ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو في المدينة (وبيوتهن خيٌر لهن) فصلاتك في بيتك فيه خير كثير وكبير، واستثمري وجودكِ في المسجد بالعبادة ولا يكون المسجد ملتقى الأحاديث الجانبية، إلا ما دعت الحاجة إليه وكان خفيفًا.

الوقفة الخامسة: أختي الكريمة ضعي لك برنامجًا يناسبكِ في شهر رمضان تقومين بتنفيذه، يحتوي على تحقيق أهداف عبادية وسلوكية ونحوها مع عدم إغفال التوازن بينه وبين خدمة البيت والزوج والأولاد، فإن هذا البرنامج يحدوكِ لترتيب الوقت والمحافظة عليه، فضعي قائمةً من الأعمال والأقوال الصالحة تُنفّذيها خلال يومكِ وليلتكِ وحاسبي نفسكِ في التنفيذ، ولا مانع أن تفعلي هذا بمشاركة إحداهن حتى يجتمع الرأي على أحسن حال، وعند تخطيطك لنفسكِ بخطة عمل لهذا الشهر المبارك، فلا مانع من نفع الأخريات بها وتقديمها على صورة برنامج مقترح لشهر رمضان، فالدال على الخير كفاعله، فزميلاتك وقريباتك بحاجة ماسة إلى توجيه الرأي والنصح في استثمار هذا الشهر المبارك.

الوقفة السادسة: حاولي خلال هذا الشهر المبارك تربية هؤلاء الصغار أصلحهم الله على الأعمال الفاضلة اليسيرة حتى ينشأوا عليها ويتعلموها وتكون صدقة جارية لكِ، ويكون هذا الشهر المبارك انطلاقة لهم في هذا المشروع، فضعي لهم في كل أسبوع عملين واشرفي عليهم في التنفيذ، فهذا من الغرس الطيب تجدين بره وذُخره عند الله تعالى، وربما نشأ هؤلاء الصغار على ذلك حتى شابوا فلكِ مثل أجورهم فلا تيأسي منهم فهم يسمعون ويفهمون، ولكن رغّبيهم في طرحك وترغيبك وهديتك لهم في الأسلوب المناسب لهم وعلى مستواهم، واصبري على ذلك فإنكِ بهذا داعيةٌ إلى الله تعالى.

الوقفة السابعة: إن المرأة لها خصائصها الشرعية والفطرية التي فطرها الله تعالى عليها فلها أحكامها التي تخصها ومن أبرز أحكامها فيما يتعلق في شهر رمضان، عدم صيامها و صلاتها حال عذرها الشرعي، ولكن لتعلمي أختي الكريمة أنكِ مأجورة بذلك، لأن الله تعالى هو الذي كتب هذا وقدّره، ويُرجى لكِ أن يُكتب لكِ ما كنتِ تعملينه لو لم يأتيك ذلك العذر، ولكن ثمة عبادات عظيمة عديدة تمارسها المرأة وهي على هذا الوصف من العذر الشرعي، فهي تترك الصوم والصلاة، واختلفوا في قراءة القرآن، فلها الذكر بأنواعه، والإحسان بأنواعه، والدعاء والصدقة والتفكر والتأمل والدعوة إلى الله تعالى ونحو ذلك، فلو أشغلت لسانها وأكثرت من ذكر الله تعالى مكان ما كانت تصلي وتصوم وتقرأ من القرآن لكان ذلك خيرًا عظيمًا، فلعلكِ لا تغفلين عن هذا، إذن ليس الحل مع العذر الشرعي هو الخمول والكسل والنوم خلال وجود ذلك العذر، وإنما الحل هو النشاط في جانب آخر من العبادات.

الوقفة الثامنة: المرأة والعشر الأواخر فيلاحظ من بعض النساء أنهن وفقهن الله لكل خير أنها جعلت لهذه العشر الفاضلة برنامجًا خاصًا مدروسًا فيه الاستثمار الأمثل لهذه العشر المباركة بشتى أنواع العبادة بما لا يؤثر على خدمة البيت ولا يتناقض معه، وهذا التصرف هو عين الحكمة والحنكة، فإنها ساعات معدودة وتنتهي هذه العشر، في حين أن البعض الآخر من النساء هداهن الله تدخل العشر وتخرج ولم تحرك ساكنًا، فهي كغيرها من الليالي وهذا نوع من الحرمان فليلة القدر بضع ساعات لكنها أفضل من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمتى نعقل جميعًا هذا الفضل العظيم ونقدّر له قدره فعجّلي وأجّلي ظروفكِ عن هذه العشر واعلمي أنها تاج الشهر وخُلاصته، وكم يحرص الشيطان على تضييعها، فلا يغلبنكِ الشيطان في ذلك، فالفرصة متاحة، وسيأتي وقت تُغلق هذه الفرصة، فهل استثمرناها؟.

الوقفة التاسعة: كوني أختي الكريمة مؤثرة على غيرك التأثير الإيجابي، فما أحوج أخواتكِ إلى نصحكِ وتوجيهكِ فابذليه فإنه غرسكِ تجنينه يوم القيامة، وهذا الشهر من أفضل الفرص لذلك.

الوقفة العاشرة: على الفتيات اللاتي لا يشهدن صلاة التراويح والقيام في المسجد أن يصلين في بيوتهن ما كتب الله لهن وليكثرن من ذلك خصوصًا في هذه العشر الفاضلة، فإنهن بذلك يتعرض لنفحات رب العالمين، ولا يشغلهن عن ذلك تسويل من الشيطان في أحاديث جانبية أو وسائل تواصل يمكن أن توجَد في وقت آخر، فالترتيب مطلب الجميع، فساعدن أيتها الأمهات بناتكن على رسم برنامج عبادي لهن في استثمار لحظات هذا الشهر.
تقبل الله تعالى من الجميع أعمالهم وكتب أجورهم وإلى حلقة أخرى والسلام عليكم ورحمة وبركاته.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 24-03-2024, 10:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


بيتك في رمضان
خالد بن علي الجريش
(15)

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه وصلى الله وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه والتابعين.
إن البيت هو المستقر لهذه الأسرة وهو موضع اجتماعها ومعيشتها ومهجعها، هذا البيت هو المدرسة التربوية يتلقى فيها الأولاد عن آبائهم وأمه
اتهم توجيهاتهم وتجاربهم، ويقوم الأولاد بالبر والتكريم لوالديهم، وشيء بهذه الخصوصية له توجيهاته الخاصة به من علم وتعلّم وأخلاق وسلوك، لاسيّما في شهر رمضان المبارك فهو دورة سنوية يقضيها أهل البيت فيما بينهم، مُفيدين ومستفيدين، وحول هذا الموضوع خلال هذا الشهر المبارك سيكون الحديث في خمس عشرة همسة، لعلها أن تكون داعمًا لأهل البيت يقوّي بعضهم بعضا.

الهمسة الأولى: يتعين على الوالدين الكريمين استشعار الرعاية الشرعية على أولادهم، حيث جعلها الله لهم، قال عليه الصلاة والسلام: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيّته) وإن كانت هذه الرعاية عامة في كل وقت فهي في أوقات المواسم تتأكد أكثر، استثمارًا لهذه الأوقات، فابذلا أيها الوالدان الكريمان جهدكما في حسن استثمار الوقت في هذا الشهر المبارك، فعززا وشجعا، وارسما البرامج لأولادكم فكل نتاج يحصلون عليه، فهو عائد لكم، إن هذه الرعاية إن حُفظت وسُددت فصاحبها مُفلح ورابح، وإن ضُيعت لا قدّر الله فإن صاحبها مسؤول عنها فليُتأمل هذا كثيرًا، حرصًا على النفس والأولاد، فماذا يُشاهدون وماذا يسمعون وهل تتابعت النصائح والتوجيهات عليهم براءةً للذمة، وهل استُديم لهم الدعاء بالصلاح والإصلاح، كل هذه ونحوها عوامل تساهم بالنجاح والفلاح.

الهمسة الثانية: إن أهل البيت عندما يعملون في طهي الطعام وإعداده ونحو ذلك ليعلموا أنهم مأجورون في ذلك، حيث إنهم يلاقون من المشقة الشيء الكثير، فليستحضروا النية الصالحة لتعظُم أجورهم ويستشعروا أنهم بذلك يتقربون إلى الله تعالى بالقيام بواجبهم، فتذكرهم لهذا واستحضاره يُزيل عنهم شيئًا من المشقة والتعب، وإن تربية البنات على هذا المعنى له إيجابياته المستقبلية في حياتهم ال
زوجية.

الهمسة الثالثة: جميل جدًا إن يوجد خلال شهر رمضان في البيت حلقة يومية رمضانية ولو كانت قصيرة، يتلقى فيها أهل البيت أحكام وحِكَم الصيام والقيام وغيرهما، فما أحوجنا لمثل هذا ليكون العمل موافقًا للشرع مع ما يطرأ من مسائل يتعلمونها وآداب يتخلّقون بها، إضافةً إلى الحالة الروحانية التي يجدها أهل البيت لأنهم بذلك نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، فيا بشراهم بهذه البشائر العظيمة.

الهمسة الرابعة: من البرامج المقترحة في هذا المجال أن يطرح خلال الشهر في كل يوم سؤال عن أحكام شهر رمضان وحِكَمه ثم تُطلب الإجابة
من أهل البيت ويُكرم الفائزون نهاية الشهر فإنهم بهذا يتسابقون في هذا الميدان العلمي والتربوي مما يجعلهم يبحثون عن الإجابة، فهي تربية وتعليم.

الهمسة الخامسة: ليجعل أهل البيت لهم نصيبًا من عباداتهم النوافل في بيوتهم، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم (فإن الله جاعل من صلاته في بيته خيرًا) فيكون الآباء والأمهات قدوةً للأولاد في رؤيتهم لهم وهم يصلون أو يقرؤون أو يذكرون الله أو يدعون ويبتهلون، وفي مقابل هذا ليجعل أهل البيت لهم خبايا في بيوتهم فيُغلق عليه بابه فيصلي فلا يراه إلا الله، فهذه خبيئة يرجو فاعلها برّها وذُخرها عند الله عز وجل.

الهمسة السادسة: إن بعض البيوت قد يتحول شهر رمضان عندهم من شهر استثمار إلى شهر استهلاك، وهذه مشكلة تحتاج إلى حل عاجل، فالإسراف مذموم في كل حال، لا سيما في هذا الوقت العظيم كشهر رمضان، فالإسراف في الطعام والشراب وفي النوم والأحاديث الجانبية والترفيه وفي وسائل التواصل الإسراف بهذه كلها قواطع لأهل البيت، وتشتيت لأمرهم، فما أحوج هؤلاء إلى أن ينظروا إلى منه
جية بعض الأسر التي ضربت أروع الأمثلة في التوازن بين هذه الحاجيات كلها، فيستلهموا الدرس والعبرة قبل أن تضيع لحظات هذا الشهر المبارك وأوقاته سُدى.

الهمسة السابعة: من تعظيم حرمات الله تعالى، تعظيم هذا الشهر المبارك ، وأيضًا من تعظيمه ألا ندخل على أهلنا ما يُعكّر صفو لياليه وأيامه من محذوراتٍ شرعية، ومن تعظيم حُرماته أيضًا ألا يُضيّع أبناؤنا صلاة الجماعة في المساجد، لأن في هذا إضاعة للنفس بحجة السهر ليلًا والنوم نهارا، ومن تعظيم حرماته، تعظيمه في قلوبنا وقلوب أبنائنا، ومن تعظيم حرماته الاهتمام بصيامه وقيامه على الوجه الصحيح، ومن تعظيم حرماته كثرة الذكر فيه إلى غير ذلك مما هو تعظيم له، فهو شهر عظيم عند الله تعالى، فلنعظّم ما عظّم الله عز وجل.

الهمسة الثامنة: حيث إن البيت هو المستقر لهذه الأسرة فليُحصن بالحصون المانعة من المعصية والشياطين وذلك كذكر الله تعالى عند الدخول والسلام على أهل البيت وكثرة الصلاة فيه وقراءة القرآن فيه، وإخراج الصلبان والصور والكلاب منه، وتطهيره من مزامير الشيطان وتعليم أهل البيت على آلية التعاون بينهم على البر والتقوى وتشجيعهم على صلاة النوافل وتطبيقهم للأخلاق الفاضلة الحسنة ونحو ذلك، مما يجعل أهل البيت مجتمعين على كلمةٍ سواء، مُهتدين بهدي الله تعالى، وهذا من أعظم أسباب الثبات لهم على دين الله عز وجل.

الهمسة التاسعة: صلاة المرأة في بيتها خيرٌ لها، قال عليه الصلاة والسلام: (وبيوتهن خير لهن) قال هذا في المدينة، ولا يخفى فضلها، حيث إن الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة فكيف بما هو دون ذلك، فإن أرادت المرأة الخروج إلى المسجد للصلاة فلتخرج متسترة غير متعطرة وتبتعد عن الرجال، وأما إن كانت في بيتها فلتصل ما كتب الله لها أن تصلي، وتقرأ وتكثر من ذكر الله تعالى ولتعلّم بناتها منهجًا عباديًا يكون سلوكًا لهن خلال هذا الشهر المبارك.

الهمسة العاشرة: الأولى بأهل البيت أن يجتمعوا على طعامهم ومجالسهم ولا يتفرّقوا لما في الاجتماع من الألفة والمحبة والترابط، فإذا أكلوا أكلوا
جميعا فإن ذلك أكثر بركة لهم من أن يكونوا متفرقين، فيتعلم بعضهم من بعض، وربما كان مجلسهم هذا مجلس ذكر وخير، يشهد لهم عند الله تبارك وتعالى.

الهمسة الحادية عشرة: ما يتبقى من الأطعمة يجب أن يكون له آليه معروفة متفق عليها وذلك شكر لله تعالى على نِعمه، وتقدير للنعمة حق قدرها فيؤسفنا كثيرًا ما يصدر من بعض العوائل والأسر بحيث يجمعون الأطعمة مع غيرها في نفايات واحدة، وهؤلاء يُخشى عليهم من العقوبة والحرمان، ولكن يُقترح في هذا ما يلي:
وضع ما تبقى من الأطعمة في صحون بلاستيكية، وإعطائه للمحتاجين، فهم بانتظاره، وإن كان غير صالح للاستهلاك الآدمي، فيوضع في مكان ترده البهائم كالبر
اري والصحاري، أو أن يُدفع لأصحاب الماشية والدواجن ونحو ذلك، مما يجعلنا نحمل شعار (الحفاظ على النعمة شكر لها).

الهمسة الثانية عشرة: اجعل لأهل البيت منهجية مقترحة في الأعمال الصالحة واجعلهم يختارون منها ما يناسبهم من أقوال وأفعال واجعلهم شركاء في إعداد البرنامج تحت إشراف الوالدين الكريمين تحفيزًا لهم وتشجيعا، وهؤلاء الأولاد في الحقيقة هم المكسب الحقيقي.

الهمسة الثالثة عشرة: يمكن للأسرة أن تجود في هذا الشهر المبارك وتبذل على الفقراء والمحتاجين ليكون وقايةً لها من عذاب الله ورِفعةً في درجاتها، ويُقترح لذلك وضع صندوق مصغّر في مكان بارز في البيت يتصدق فيه أهل البيت بالقليل والكثير، ويُدفع للفقراء بشكل دوري، وفي هذا إحياء لقيمة الجود والبذل، وهي صدقة سر
صاحبها تحت ظل العرش بإذن الله تعالى.

الهمسة الرابعة عشرة: نظرًا لكثرة القراءة للقرآن في هذا الشهر المبارك فيسهل ويحسُن أن يقرأ أهل البيت سورة البقرة يوميًا في بيتهم، فقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (اقرؤوا سورة البقرة فإن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان) رواه مسلم.

الهمسة الخامسة عشرة: استودع بيتك عند خروجك، فإن الله إذا استودع شيئًا حفظه.
أيها الإخوة الكرام إن حرص أهل البيت على استثمار لحظات هذا الشهر هو النقطة الأساسية بعد توفيق الله تعالى لهم، فشجعوا وحفّزوا وابذلوا وقتكم وجهدكم لتخرجوا في نهاية شهركم بنتائج مفرحه تقر بها العين وتست
ريح لها النفس.

وفقنا الله تعالى لكل خير وإلى حلقة أخرى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 25-03-2024, 10:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا



من الأخطاء الشائعة في رمضان
خالد بن علي الجريش

(16)

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،،
إن تحقيق القيام بأمر الله تعالى في الصيام والقيام أمر متعيّن، ويكون كمال هذا التحقيق بشرطين مهمين وهما: الإخلاص لله تعالى في الأعمال، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق العمل وتنفيذه وهذان الشرطان هما لكل عبادة، ومنها صيام رمضان وقيامه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري


فكان لزامًا على المسلم أن يتعرف على ما تكمل به عبادته و تكون خالية من الاخطاء وسأسوق في هذه الحلقة ان شاء الله تعالى عشرين ملحوظة في شهر الصيام قد جُمعت من الواقع العملي لبعض الصائمين، والمقصود منها التنبيه والتصحيح ولتكون وقاية لمن لم يقع فيها ألا يقع فيها.

الملاحظة الأولى: عدم القراءة عن أحكام الصيام ومسائله ومعرفتها قبل دخول الشهر المبارك فاقرأ حتى يكون العمل عن علم ودليل وكل بحسبه من القراءة والاطلاع فهناك كتب مطوّلة وهناك كتيّبات مختصرة ومطويات كُتبت بعناية، يحسن بالمسلم الاطلاع عليها وتثقيف نفسه ومن حوله بها فهي علم يُطلب، وكم هو جميل أن تعقد الأسرة حلقة ذكر في البيت لمدارسة أحكام الصيام وتعريف الأولاد بها.

الملاحظة الثانية: تعجيل السحور وتأخير الإفطار، وهذا لا شك أنه خلاف السنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخّروا السحور) وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وبعض الناس قد يؤخر وجبة العشاء فيكتفي بها عن تناول وجبة للسحور، ولا جناح عليه، لكن لو تناول شيئًا خفيفًا ولو تمرات قُبيل الفجر، لكان قد أتى بالسنة.

الملاحظة الثالثة: بعض الناس يصوم عن المآكل والمشارب، لكن لا يصوم عن لحوم البشر، فخلال صيامه قد يتحدث ويجره الحديث إلى غيبة فلان وفلان وإلى قول الزور والنميمة والكذب والسب والشتم ونحو ذلك من آفات اللسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري.
وليس هذا مبيحًا له في الطعام والشراب، ولكن وعيد على هذا المتحدث فينبغي الكفّ عن ذلك ورد كلام المغتاب أو مفارقة هذا المجلس حتى يسلم لك صيامك.

الملاحظة الرابعة: تضييع الساعات في السهر السلبي ليلاً، أو كثرة النوم بالنهار، فإن المسلم مطالب بالمحافظة على لحظات هذا الشهر وساعاته، فهي كنوز عظيمة، فخذ راحتك الكافية في نومك ولكن لا يكُن على حساب كسبك للحسنات والأجور فكن مرتبًا لنومك ويقضتك، واعلم أنك إن بقيت في ليلك إلى الثلث الآخر فاقدر لهذه الساعة قدرها وادعُ واستغفر فهي ساعة إجابة ووقت نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلاله وعظمته.

الملاحظة الخامسة: قلة وضعف الاستبشار بقدوم شهر رمض
ان وبلوغه، فبلوغه نعمة عظيمة، فالاستبشار والفرح بذلك يدفع النفس معنويًا وحسيًا إلى استثمار هذا الشهر المبارك ووضع البرامج العملية لهذه الاستثمار.

الملاحظة السادسة: بعض الناس يصوم عن المآكل والمشارب، لكن جوارحه قد تنطلق في مشتهياتها، فالعين تنظر ما حرّم الله، والأذن تسمع ما حرم الله، وقد تمشي القدم إلى ما حرم الله، ونحو ذلك، فعلى المسلم أن تصوم جوارحه عن الحرام كل وقت، وفي شهر رمضان يتأكد ذلك، فإن للصيام تأثيرًا على الجوارح إذا كان حقيقيًا، أما الصيام الصوري قد لا تتأثر به الجوارح تأثيرًا واضحا واعلم أن هذه الجوارح مسؤولة عما فعلت فأقلل أو أكثر، واعلم أن التوبة تجُب ما قبلها من الإثم وتُزيله، فابدأ مشروعك في التوبة مع هذا الشهر المبارك تُفلح في الدنيا والآخرة.

الملاحظة السابعة: يُلاحظ على بعض أحبابنا حرصهم على صلاة التراويح، لكنهم ينصرفون منها قبل انتهائها، وهؤلاء أدركوا خيرًا لكن
فاتهم خيرٌ كثير وكبير، وهو كتابة قيام الليل لهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة) رواه البخاري.
فهؤلاء ربما انصرفوا قبل نهايتها بقليل فليُنتبه لذلك ولا ننصرف إلا بعد نهاية الصلاة.

الملاحظة الثامنة: من الأخطاء التلفّظ بالنية كقوله: (نويت أن أصوم هذا اليوم) ونحو ذلك، فإن النية مكانها القلب وليس اللسان، فالتلفّظ بها باللسان لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا السلف ولم يؤثر عن أحد من أهل العلم أنه تلفّظ بالنية للأعمال، بل إن علمك أنك ستفعل هذا الشيء هو النية من دون تلفّظ بها.

الملاحظة التاسعة: عدم الاستشعار لفضائل هذا الشهر المبارك في الأقوال والأفعال، فإن استمرار هذا الاستشعار يدفع المسلم إلى المحافظة والازدياد من العمل الصالح، فهو دائمًا يتذكر ذلك فيدفعه إلى الرغبة فيه، فلا يُفرّط فيه فهو رصيده لآخرته وهو موسمه الكبير.

الملاحظة العاشرة: قد يدخل شهر رمضان ويخرج وقد لا يتغير شيء من السلبيات القولية أو الفعلية لدى بعض الناس، فهذا خطأ كبير، فشهر رمضان فرصة عظيمة للتغيير الإيجابي، فلاحظ ما عندك من سلبيات وحاول تركها وهذا من أرباحك في هذا الشهر المبارك، فقد تهيأت لك الأسباب وصُفّدت الشياطين، واقتربت أنت من رب العالمين، ودعاؤك أكثر من ذي قبل وغير ذلك من الأسباب فناقش هذا مع نفسك.

الملاحظة الحادية عشرة: التساهل في سؤال أهل العلم عما أشكل في مسائل الصيام والقيام، فقد يقع في الخطأ ويتساهل عن السؤال ثم تتراكم عليه الأخطاء فعب
ادة الصيام ركن من أركان الإسلام يعتريها مسائل وأحكام فلا تضعُف عزيمتك عن معرفتها فإنك بذلك تطلب العلم وتُزيل الجهل عن نفسك وعن غيرك، وكم هو جميل أن تحمل في جيبك دفترًا صغيرًا تكتب فيه ما يرِد عليك من الإشكالات الشرعية، سواءً سمعتها في الإذاعة أو الخطبة أو المحاضرة أو بمناقشة مع أهلك وزملائك، فسجل هذه الإشكالات في هذا الدفتر الصغير واسأل عنها أهل العلم فستحصل على خير عظيم وهي طريقة مجربة وناجحة ومفيدة.

الملاحظة الثانية عشرة: بعض الناس اعتاد أن يدفع زكاته في رمضان فيدفعها إلى شخص أو أشخاص معينين كل سنة، وربما أن أحوال هؤلاء تغيرت وتحسنت ، ولكن لا يزال يدفعها إليهم، فلينتبه هذا وأمثاله أنها لا تُجزئ إذا وقعت في غير مكانها الصحيح.

الملاحظة الثالثة عشرة: قلة قراءة القرآن عند بعض الناس مع الترغيب فيه في النصوص النبوية في حين أنهم مع وسائل التواصل جعلوا لها نصيبا أوفر وهذا نقص في ضبط الموازين، فالعاقل الحكيم يستثمر الفُرص ولا يضيّعها وليعط كلًا حقه من الأهمية، فلا يطغى جانبٌ على جانب ولنا أسوة بالجادّين في السابق واللاحق، فنجد أحدهم في وقتنا الحاضر يختم القرآن في رمضان كل يوم مرة، فاضبط منهجيتك مع القرآن، فالحرف بعشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء.

الملاحظة الرابعة عشرة: بعض الناس إذا أكل أو شرِب ناسيًا استمر في ذلك ظانًا أنه قد فسد صومه، وليس الأمر كذلك، فإن الناسي إذا تذكر أو ذُكّر وقف عن أكله وشربه وصومه صحيح.

الملاحظة الخامسة عشرة: مزاحمة النساء للرجال في الخروج من صلاة التراويح أو القيام، فينبغي أن يكون لكل منهم طريقٌ محدد ومعين وعندما يحرص القائمون على المسجد في ترتيب ذلك مع بذل الجهد فسيوفقون لحل ناجح في هذا المجال.

الملاحظة السادسة عشر: التبرج من بعض النساء عند خروجها لصلاة التراويح والقيام وهذا تناقض أن تذهب إلى عبادة وهي متلبسة بمعصية فعليها بالتخلية قبل التحلية فاجتنبي يا أختي المباركة يا رعاك الله ذلك التبرج والتعطّر ليضاعف لك الأجر بإذن الله تعالى.

الملاحظة السابعة عشرة: إفطار بعض المدخنين على هذه السجائر وربما إمساكهم في السحر كان معتادًا، فعياذًا بالله تعالى من هذا الصنيع أن يمسك أو يُفطر على معصية فمتى يفيق هؤلاء.
فيا أخي المبارك إن شهر رمضان فرصة عظيمة للإقلاع، فاستعن بالله تعالى ثم باللجان المنتشرة ليساعدوك على ذلك فيسلم لك دينك ومالك وخلقك وخُلقك و
أخراك وصحتك، فهي أيام قلائل وتكون بإذن الله تعالى وتوفيقه ورحمته من قائمة المعافين من هذا الشر الخطير.

الملاحظة الثامنة عشرة: الإسراف في المأكول والمشروب وتنويعه وتشكيله أكثر من اللازم، فهناك كِباد جائعة، فكُل واشرب من غير سرف ولا مخيلة، ويا ليته إذا بقي شيء من هذه المأكولات أن يُستفاد منه بأي طريقة كانت، وجميل وضعه في حاويات بلاستيكية والتصدق به على الفقراء فهم بانتظارك.

الملاحظة التاسعة عشرة: اصطحاب الأطفال الصغار لصلاة التراويح وإشغال المصلين بهم، فأطفال هؤلاء بيوتهم خيرٌ لهم.

الملاحظة العشرون: النوم عن بعض الصلوات وجمعها من غير عذر، وهذا خطر عظيم جدًا، قال الله تعالى (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) فهل لهؤلاء طاقة بعذاب الله تعالى؟ وهل يهنئون بنومهم وهم يقرؤون ويسمعون مثل هذا؟ نعوذ بالله تعالى من ذلك.

هذه عشرون من الأخطاء على الصائمين اجتنابها والحذر منها والتحذير منها وانظر في نفسك وأولادك فاتّقوها.

أسال الله تعالى لنا التوفيق والسداد والهدى والرشاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 26-03-2024, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


ليلة القدر خير من ألف شهر
خالد بن علي الجريش
(17)


اللهم لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،،
إن الزمان يتفاضل بعضه على بعض، كما تتفاضل البقاع والأعمال والأشخاص بعضهم على بعض فهاهي ليلة القدر هي عدد محدود من الساعات كغيرها من حيث الزمن لكن سعة فضل الله ورحمته على عباده جعلها تُساوي عشرات السنين فاللهم لك الحمد كثيرًا ولك الشكر كثيرًا كما تُنعم كثيرًا، فيا إخوتي الكرام، هل لكم في مناسبة تستدركون فيها ما فات من أعماركم؟ هل لكم في ساعات تُضاعف الأعمال فيها أضعافًا كثيرة؟ هل لكم في ليلة إن وافقتموها أخرجتكم من ذنوبكم؟ هل لكم في ليلة هي أفضل من عشرات السنين؟ إنها ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فهو المحروم ولنا مع هذه الليلة الكريمة وقفاتٌ عدة:

الوقفة الأولى: هذه الليلة هي خاصة بهذه الأمة، فضلًا من الله تعالى ورحمة حيث كانت أعمارهم أقصر من أعمار الأمم السابقة، فتفضّل الله تعالى عليهم بما يلحقون به من سبقهم من الأمم، فاستثمر أخي الكريم هذا الفضل الرباني أشد ما تستطيعه من الاستثمار فهي ليست وقتًا طويلا، هي ليلة من ليالي معدودات وتنتهي، فاجتهد في موافقتها واحرص عليها من خلال تهيئة الأسباب المعينة والتخلي عن الظروف الثانوية فستوفق بإذن الله تعالى.

الوقفة الثانية: من بركة هذه الليلة أن الملائكة تعمُر الأرضَ فيها وتغمُرها فيتوافد سكان السماء على سكان الأرض من المؤمنين، فتنزل الملائكة وينزل جبريل، يهبطون من السماوات إلى الأرض ويؤمّنون على دعاء المسلمين، قال الله تعالى (تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) فهل هذا الحدث سيُغير فيك إلى همة عالية للتفاعل في تحصيل هذه المكاسب العظيمة؟.

الوقفة الثالثة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليُخبر الناس بليلة القدر فتلاحى رجلان وتشاحنا، فرُفع العلم بها، فلم يُخبرهم، وفي هذا من قُبح المشاحنة ومضرّتها وسوئها ما الله به عليم، ولكن إخفاءها لعله خير من جانب آخر، حتى يجتهد الناس في جميع تلك الليالي، فيحصلون عليها وعلى غيرها، فمن اجتهد ليالي العشر كلها، فإنه قطعًا سيُوفق إليها بإذن الله تعالى، وما أيسر ذلك على من وفّقه الله إليه.

الوقفة الرابعة: إن إحياء هذه الليلة إيمانًا واحتسابًا هو سبب لمغفرة الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم
إن مغفرة ما سلف من ذنوبك هو مقابل ساعات معدودة خلال هذه الليالي المحدودة، إن هذا لهو الفضل العظيم والربح المبين، مع ما يُكتب لك من أجور مقابل أعمالك في إحياء هذه الليلة فأنت بين كسب الحسنات وتكفير السيئات.

الوقفة الخامسة: المقصود من إحياء تلك الليلة هو استثمارها بالطاعات فاجعل لك برنامجًا إيمانيا في تلك الليالي كلها، وحتى لا تمل، اجعله منوعًا فالصلاة والدعاء والقرآن وسائر الذكر والتدبر والصدقة وتعظيم الشعائر وغير ذلك كلها عبادات جليلة عظيمة، فكن في كل ليلة متنقلًا بين تلك العبادات، مُغلبًا جانب الصلاة، لأنها تشمل كثيرًا مما ذُكر، فانتبه لهذا وفقك الله.

الوقفة السادسة: إن من القواطع في تلك الليلة، الأحاديث الجانبية الكثيرة والاطلاع على وسائل التواصل كثيرًا، خصوصًا للمعتكف، فإنها وأمثالها تسرق الوقت من حيث لا يشعر صاحبه فالحريص الجاد يُقلل كثيرًا في تلك الليالي من هذه القواطع والموانع للوقت فإنه ثمين جدًا.

الوقفة السابعة: معنى كلمة (إيمانًا واحتسابا) في الحديث في السابق، أن يجعل عمله موافقًا للسنة وخالصًا لله تعالى، فهما شرطان عظيمان في كل عبادة، فالمرائي والمبتدع ليس لهم حظ مما ذُكر وفي الحديث القدسي، ورد (تركته وشركه) وفي حديث آخر (وهو للذي أشرك) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود على صاحبه، فاحرص على الإخلاص في عباداتك واجعلها موافقةً للسنة.

الوقفة الثامنة: أخي الكريم إن الطاعة قد يصحبها نوع من المشقة والتعب وهذا حاصل، لكني ألفت نظرك إلى أن المشقة للطاعة تزول في نهايتها ويبقى أجرها وثوابها، وكذلك فكر في المكاسب قبل أن تُفكر في المتاعب، علمًا أن ما تجده من متاعب وقواطع وموانع إنما هي ابتلاءات لك، فاعقد العزم على الصبر والعمل، فإن الله تعالى كتب لك حينها الأجر العظيم والثواب الجزيل، فلا تُفرط فيه مقابل حاجيّات يُمكن تأجيلها أو الاستغناء عنها.

الوقفة التاسعة: استشعر عظمة تلك الليالي وفكر في فضلها، وهل ستُدركها مرة أخرى؟، فإن هذا وأمثاله يدفعك إلى المسارعة إلى استثمارها والعمل الدؤوب فيها، خصوصًا إذا علمت أنها ليالي معدودات محدودات.

الوقفة العاشرة: سُميت هذه الليلة ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها، أو لأن الله يُقدّر فيها ما يكون خلال السنة وهذا يُسمى التقدير السنوي، قال ابن كثير رحمه الله على قوله تعالى )فيها يُفرق كل أمر حكيم) قال: أي في ليلة القدر يُنزل الله من اللوح المحفوظ إلى الملائكة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق والمقادير الأخرى.

الوقفة الحادية عشرة: الأرجح في ليلة القدر أنها متنقلة بين ليالِ العشر وليست ليلةً محددة، لكن أرجاها ليلة سبع وعشرين، وقد وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة إحدى وعشرين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إلتمسوها في العشر الأواخر ) وهي في أوتارها آكد .

الوقفة الثانية عشرة: اقرأ عن ليلة القدر قبل دخول العشر لتحصل على دافع ذاتي بإذن الله تعالى لاستثمارها ومعرفة فضلها، ولتجمع بين العلم والعمل.

الوقفة الثالثة عشرة: عليك بالإكثار من الدعاء في تلك الليلة، فهي من أوقات الإجابة ولا تمل ولا تسأم وكرر ولكن عليك بالجوامع من الأدعية، فإن كل التفاصيل داخلة في جوامع الأدعية، ومن الجوامع قولك: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وأيضًا سؤال الله تعالى الجنة وطلب النجاة من النار، ونحو ذلك من الجوامع، فاحفظ شيئًا منها وكرره مرارًا وتكرارا.

الوقفة الرابعة عشرة: لا تنس في صلاتك وقراءتك أن تسأل الله تعالى عند آية الوعد وتستعيذ عند آية الوعيد، فإن هذا من مظان الإجابة، فإنك ستقرأ كثيرًا وتسمع من إمامك كثيرًا، فاسأل الله تعالى واستعذ ولا تغفل.

الوقفة الخامسة عشرة: تأمّل كثيرًا ما حجم الأرباح لو أدركت تلك الليلة مجتهدًا فيها، وتأمّل أيضًا حجم الخسارة لو فاتت عليك تلك الليلة، فقارن بين من أدركها ومن أهملها، فستجد الفرق كبيرًا والبون شاسعا في الربح والخسارة، لكن الذين أدركوها زالت أتعابهم وحصّلوا الخير العظيم بخلاف من أهملوها فقد فات عليهم فرصةٌ أخروية عظيمة فأحسن الله عزاءهم وجبر مصابهم، وهنيئًا لمن أدركها وتقبل الله منهم.

الوقفة السادسة عشرة: يعجُم لسانك ويحتار عقلك عندما تفكر في ثوابها فألف شهر مقابل سويعاتٍ معدودةٍ تقضيها في عبادة الله مع ما يحصل لك من السكينة والطمأنينة والانشراح، فهل يُفرط في هذا إلا محروم.

الوقفة السابعة عشرة: عندما تتحدث لغة الأرقام، فنقول في عملية حسابية سريعة إن مجموع ليالِ العشر هو ما يُقارب في الساعات تسعين ساعة وأما مجموع ألف شهر من الساعات فهو ما يزيد على 720,000 ساعة، فقارن بين هذا وهذا، قارن بين العمل والجزاء، ذلك أن فضل الله تعالى عظيم وجزيل، وهل يُفرط هذا في هذا إلا محروم.

الوقفة الثامنة عشرة: اجعل شعارك في هذه العشر المباركات (الصبر وحُسن الاستثمار) فإن الصبر على كُلفته ومرارته إلا أن عاقبته أحلى من العسل، فما نجح قوم بعد توفيق الله تعالى إلا بالصبر والتحمل ، فإن كل إنجاز إنما خلفه صبر وعزيمة فاصبر واستثمر، وهي أيام تُعد بأصابع اليدين.

الوقفة التاسعة عشرة: علينا أن نوصي أولادنا صغارًا وكبارًا على القيام مع الإمام حتى ينصرف طوال العشر، لعلهم يوافقون تلك الليلة، فمن قام مع الإمام حتى ينصرف، كُتب له قيام ليلة، فإنهم قد لا يُدركون أجر وثواب القيام ولا يصبرون عليه، فما أقل أن نجعل من برنامجهم في العشر الصلاة مع الإمام حتى ينصرف.

الوقفة العشرون: قد يتساهل البعض في ليالِ الأشفاع، بحجة أن ليلة القدر في الأوتار وهذا يجب أن لا يكون، لأنها تكون في الأوتار باعتبار ما مضى لكنها، قد تكون في الأشفاع باعتبار ما بقي، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لتاسعة تبقى لسابعة تبقى) فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك في ليالي الأشفاع وتكون ليلة اثنتين وعشرين هي تاسعة تبقى، وهكذا كما يقوله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فعلينا جميعًا الاجتهاد في هذه العشر كلها لعلنا نُصيب تلك الليلة المباركة وليقوّي كل منا عزيمة الآخر على الجد والاجتهاد، وإياك أن يتسلل إليك الشيطان بالكسل والتسويف والتباطؤ فإن الكسل يجر بعضه بعضا، فاحذر هذا التكاسل والتسويف واترك مصاحبة اللاهين والغافلين، نسأل الله أن يجعلنا من الموفقين لها ولغيرها من الصالحات، وإلى حلقة أخرى وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وأصحابه أجمعين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 27-03-2024, 11:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


نصائح للأخت المسلمة لاغتنام شهر رمضان
إسلام محمود دربالة
(18)


شهر رمضان موسمٌ للطاعات عظيم، عظيمٌ في قدره، عظيمٌ في أجره، عظيمٌ في هباته، عظيمٌ في أيامه، عظيمٌ في لياليه.
ينبغي للعاقل أن يغتنم أيامه ويجتهد في لياليه لتحصيل الرصيد الأعلى من الحسنات، وجمع القدر الأكبر من الطاعات.





فرض الله عز وجل صيام نهاره وسن النبي صلى الله عليه وسلم قيام ليله فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر.
فيه نزل القرآن، وكانت الانتصارات، والفتوحات والبطولات.
فهو شهرٌ لا ككل الشهور، فينبغي التنبه لعظمته وقدره، وينبغي اغتنام أوقاته.
فلربما عُتِقَتْ رَقَبَتِكْ أخي المسلمة في هذا الشهر الفضيل ولربما غ
فر لك ما قدمت من الذنوب في هذا الموسم العظيم.




فالوقت هو رأس مال الإنسان، قال الحسن: يا بن آدم إنما أنت أيام مجموعة ، كلما مضى يوم مضى بعضك.
وقال: ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك، يوضعك النهار إلى الليل ، والليل إلى النهار، وحتى يسلمانك إلى الآخرة .
وقال الحسن: لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الأجال .
وكتب الأوزاعي إلى أخ له: أما بعد، فقد أحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله والمقام بين يديه .



وإليكِ أختي المسلمة جملةً من النصائح والتوجيهات لاغتنام هذا الشهر الفضيل واستثمار أوقاتك على الوجه الأمثل حتى تخرجي منه فتكوني من الفائزين:
1- استحضار النية في الصيام والقيام وتصحيح القصد. «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».
2- تذكر الأجر العظيم من الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري
ومسلم.
3- تدارس فضائل الشهر الكريم وفضائل الصيام وفوائده. «إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، يقال: أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد» رواه البخاري ومسلم.





4- تنويع العبادات في أثناء الشهر الكريم: صيام، قيام، قراءة قرآن، إطعام الطعام، إنفاق صدقات، ومع تنوع العبادات يتجدد النشاط.
5- عد الأيام التي تمضي من هذا الشهر الكريم، فإن ذلك يشعرك بالرغبة بمزيد من الاجتهاد، والتشمير للطاعات.
6- تذكر طول الوقت الذي سيمر حتى يأتي هذا الشهر مرةً أخرى، فستمر أشهر طويلة مديدة حتى يأتي الشهر مرةً أخرى، هذا التفكر يبعث على ازدياد الن
شاط ومضاعفة العبادة وترك الكسل.
7- تفريغ الأوقات للعبادة قدر المستطاع، وذلك بالتنسيق بين الرجل وزوجته، ولا شك أن من يعين زوجته على الخير يكن له نصيبٌ من ذلك.




8- التقليل من المأكولات من أسباب حفظ الصحة، ومن أسباب خفة الجسم ونشاط الروح، ولنتذكر أن الزاد الحقيقي النافع هو التقوى.
9- الإكثار من الأعمال الخيرية ولا سيما إطعام الطعام، في المساجد، وبين ذوي الحاجات.
10- الموازنة بين أوقات الولائم الرمضانية، وأوقات العبادة فتفطير الصائم وإطعام الطعام أمر مطلوب، وكذلك العبادات الأخرى من ذكر لله وقراءة للقرآن، والدعاء لله، والقيام بالليل كل ذلك ينبغي أن يكون له وقته ونصيبه.
11- الحرص على ساعات النزول الإلاهي للسماء الدنيا فإنها
أوقات مباركة .
12- تفويض بعض المهام إلى الأبناء أو من يمكنهم المساعدة في الأعمال المنزلية.
13- البعد عن الملهيات ومجالس السمر الطويلة الوقت والقليلة النفع.

وختامًا فهذا موسم من أعظم مواسم الطاعات ففي ذلك فلينافس المتنافسون: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران: 133].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 28-03-2024, 10:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


رمضان في حياة الأطفال والمراهقين والمراهقات
د. خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع
(19)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فلا يخفى أن رمضان مدرسة إسلاميةٌ إيمانية تربويةٌ أخلاقية اجتماعية عالمية ، ينهل منها كل واردٍ بحسب ما يكون عنده من الهمة والنشاط والإقبال .

وقد تخرَّج في هذه المدرسة أجيالٌ وأجيال ، حيث إنه تهيئ الف
رصة ( للجادين ) لينتقلوا بأنفسهم من الخطأ إلى الصواب ، ومن الضلال إلى الهدى ، ومن الفشل إلى النجاح ، ومن الهزيمة إلى الفوز ، ومن كل نقص إلى كل كمال ، ليس في مجال واحدٍ فحسب ، ولكن في مجالات عديدة دينية واجتماعية واقتصادية وجهادية وغير ذلك .

وحسبك من هذه المدرسة ذلك الانتصار على دعوات (النفس الأمَّارة بالسوء) حيث استطاع المسلم بصيامه لربه أن تنتصر إرادته انتصاراً يجد لذته ويحس بنشوته في مغرب كل يوم : " للصائم فرحتان : فرحةٌ عند فطرة وفرحةٌ عند لقاء ربه " .

إنها مدرسة ترتقي بالناس إلى كل فاضل ، كما قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : يخاطب الله تعالى عباده المؤمنين من هذه الأمة ، آمراً لهم بالصيام ، وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل ، لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة .

وهذه المدرسة تشرع أبوابها للتسجيل في كل عام مرة ، ولمدة شهر كامل ، وهذه الفرصة قد لا تتهيأ لكل أحد في مرةٍ قادمة ، ولذلك وجب استثمارها والاستفادة منها .

وفي جانب مهم من جوانب التربية الرمضانية يجدر أن نتوقف عند أحوال الأطفال والمراهقين والمراهقات ، وكيفية تعاملهم مع شهر رمضان ، ومما يؤكد أهمية هذا التوقف والتأمل والمراجعة أنَّ هؤلاء الأطفال والمراهقين من الجنسين سيكونون في مستقبل الأيام هم عماد المجتمع ، من رجال أو نساء . وبحسب ما تكون عليه تربيتهم اليوم يكونون غداً .

وموضوع كهذا ذو شجونٍ وله أبعاده الواسعة ، لكني أتلبَّث عند مسألتين مهمتين على سبيل الإجمال والاختصار :

الأولى : كيف ينظر أطفالنا إلى رمضان ؟!
الواقع أن الأطفال يتفاوتون في نظرتهم لرمضان وما يحمله من معان بحسب ما ينالونه من ( التعبئة ) قبل رمضان وأثناءه وما كان عوده عليه أه
لوهم .

فثمةَ من الأطفال من يعتبر رمضان موسم ( تسمين ) واكتناز ( خبرات ) في أنواع المأكولات ، وخاصةً إذا شاهد أن جلب المواد الغذائية إلى البيت في رمضان يفوق أي شهر آخر في أنواعها وكمياتها .

وبات رمضان عند أطفال آخرين ذا مدلول مرتبط بما يعر
ض عبر الشاشة من أفلام الأطفال ( المدبلجة ) أو بأفلام ومسلسلات مخصوصة برمضان برغم ما فيها من تبرج النساء ومشاهد الفسق والمجون .

وعند آخرين أنه تحول في مواعيد النوم ، ليكون الليل نهاراً والنهار ليلاً ، تبعاً لما يعيشه أهل البيت ، وفي خضم ما يشهده المجتمع من تغيير أوقات العمل والدراسة وغيرها .
وثمة أطفال ينظرون لرمضان على أنه فرصةٌ لتدريب النفس على المشاق واختبار مدى صبرها،ليثبتوا في نهاية كل يوم أنهم يدرجون في مراقي الفتوة والقوة ، ليصبحوا في مصافّ الرجال الذين يُعتمد عليهم ، وليقرروا أنهم على استعداد لحمل أمانة التكاليف الشرعية بكل قوة . وقد نال هذا الصنف حظه وافراً من صلاة التر
اويح ومن قراءة القرآن وإتمامه مرةً وأكثر.
والفرق بين هؤلاء وأولئك:هو ما قام في نفوس ذويهم من هم التربية والتوجيه،أو التساهل بذلك.

وهذا الذي كان سلفنا الصالح يدركونه وكانوا تعظم عنايتهم به في تربية أطفالهم ، ألا وهو التوجيه العملي والتدريب المتدرج ، وهذا ما أخبرت عنه الرُّبَيِّعُ بنت معوِّذ رضي الله عنها من أنَّ الصحابة كانوا يصومون ـ تعني عاشوراء ـ ويُصَوِّمون صبيانهم الصغار ، وأنهم كانوا يجعلون للأطفال اللعبة من العِهْن ( الصوف ) فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه إياه عند الإفطار . رواه البخاري ومسلم .

وكم نحن بحاجة إلى الالتفات للجوانب الوجدانية والتربوية نحو الصغار حتى يسلكوا مسالك العز والفضيلة .

المسألة الثانية : غلطة الأمهات قبل البنات !!
في كل عام يتكرر سؤال شرعي يوجه إلى أصحاب الفضيلة العلماء وهذه فحواه :
تقول السائلة : إني عندما كنت صغيرة وبلغت سن التكليف وأتتني الدورة في رمضان تظاهرت بالصيام حتى في تلك الأيام ، كما كنت متعودة في رمضان ، ولم أقضِ ما أفطرته من أيام ، وتوالت السنين حتى بلغت الثلاثين أو الأربعين ولم
أقض ، فماذا يجب علي ؟.

إن هذا السؤال وأمثاله ليدل على التباعد الحاصل بين الفتيات وبين أمهاتهن ، حيث تتردد الفتاة في مصارحة أمها في كثير من الأمور التي تعرض لها حياءً وخجلاً ، ولهذا فإنَّ الفتيات وخصوصاً في فترة المراهقة ربما صرَّحن بأسرارهن ومكنونات أنفسهن إلى صديقاتهن المراهقات مثلهن ، ممن يفتقدن الحكمة والتجربة ، ولهذا ربما جاء تلك الاستشارة بالكوارث .

إن المطلوب من الأمِّ أن تكون بمنزلة الصديقة لبنتها : تحادثها وتلاطفها وتروِّح عنها ، لتكون قريبةً من نفسها وخاصة في مرحلة المراهقة .
ومن تأمل في النصوص الشرعية فإنه يدرك أن الأنثى قد جُبِلَت على رِقَّة المشاعر ورَهَف العواطف ، ولهذا فقد كان جاءت الشريعة حاضَّةً على أن يكون التعامل مع المرأة في عدد من القضايا ملاحَظاً فيه هذه الجِبِلَّة التي جُبِلَ عليها بنات آدم .

وعندما يجاوز الناس هذا الاعتبار فإنه يصيبهم من الشطط والخطل بقدر مجاوزتهم لهذا الاعتبار الجليل . وهم اليوم على طرفي نقيض : فهناك الأنماط الأسرية التي تجعل للفتاة كامل الحرية في الذهاب والإياب والغيبة عن البيت متى شاءت ، وأين شاءت (!!) وهناك ما هو على النقيض وهو التشديد الشديد على الفتاة في حديثها ولبسها وتحركاتها ، بما يكون معه حرمانها مما أحل الله وأباحه ، فينشأ حينئذ هاجس البحث عن ملاذٍ آخر ومأوى بديل !!

والصواب ما بين ذلك ، وهو ما جاء به الهدي النبوي الكريم ، وخاصة في تعامله عليه الصلاة والسلام مع بناته .

روى أبو داود والترمذي عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت : ما رأيت أحداً كان أشبه سَـمْتاً وهدياً ودَلاً ، وحديثاً وكلاماً برسول الله  من فاطمة رضي الله عنها ، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذها بيدها وقبَّلها وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها " .

إن هذا التعامل الراقي الذي يفيض رحمة ويتوهج عطفاً لتحتاج إليه الفتيات اليوم أكثر من أي يوم مضى ، ليشعرن بقرب أهليهن منهن وحرصهن عليهن ، فبذلك يسلمن من مسالك الخطأ ويتدرج في معارج الفضل والكرم والنُّبل .

وفق الله الجميع لما فيه الخير ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 29-03-2024, 10:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا


رمضان شهر البر
يحيى بن موسى الزهراني
(20)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي عم برحمته جميع العباد ، وخص أهل طاعته بالهداية إلى سبيل الرشاد ، ووفقهم بلطفه لبلوغ شهر رمضان ، ففازوا ببلوغ المراد ، أحمد حمد معترف بجزيل الإرفاد ، وأعوذ به من وبيل الطرد والإبعاد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة ادخرها ليوم المعاد ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أبان طريق الهدى والسداد ، وقمع أهل الزيغ والفساد ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الأجواد ، صلاة وسلاماً نبلغ

بها الأمل والمراد ، أما بعد ، فيا أيها المسلمون ، اتقوا الله فإن تقواه أفضل زاد ، وأحسن عاقبة في معاد : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } .
أيها المسلمون الصائمون : ها أنتم تعيشون هذه الأيام المباركة من أيام شهر رمضان ، في خير وصحة وسؤدد ، فاحمدوا الله الذي بلغكم وفي أعماركم أمدد،
شهر رمضان شهر كريم ، وموسم عظيم ، يحمل خيراتٍ كبيرة ، وبركات كثيرة ، ونعم وفيرة ، فيه مضاعفة للحسنات، وتكفير للسيئات، وإقالة للعثرات، مخصوصٌ بأسمى الصفات، وأزكى الدرجات ، إنه شهر رمضان ،شهر الهبات والأعطيات ، شهر الانتصارات والفتوحات، ألا وإن بلوغ هذا الشهر نعمة عظمى، وإدراكه منة كبرى، تستوجب الشكر ، وتقتضي اغتنام الفرص، بما يكون سبباً للفوز بدار القرار، والنجاة من النار، يقول الله العزيز الغفار : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ،

ويقول صلى الله عليه وسلم : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصيام : أي ربّ، منعته الطعام والشراب فشفعني فيه، ويقول القرآن : أي رب ، منعته النوم فشفعني فيه ، فيشفعان " [ حديث صحيح أخرجه أحمد والبيهقي ] ، هذا هو شهر رمضان، شهر العفو والرحمة والغفران، يقول صلى الله عليه وسلم :"إذا جاء شهر رمضان، فُتّحت أبواب السماء– وفي رواية:- أبواب الجنة،– وفي رواية:– أبواب الرحمة، وغلّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين"[أخرجه الشيخان]، فاغتنموه وصوموه ، واستغلوه وقوموه .
يا أهل الصيام والقيام : على المسلم أن يحرص على مواصلة الأعمال الصالحة ، ومن أعظم ذلك وأجله على الإطلاق ، برّ الوالدين وصلة الرحم ، لاسيما ونحن في شهر الصلة والبر ، والخير والأجر ، شهر رمضان ، شهر الصفاء والإخاء ، ونبذ البغضاء وترك الشحناء ، فالقطيعة بين عموم المسلمين محرمة ، و
بين الأقارب والأرحام والجيران أشد حرمة ، قال تعالى : {

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يبسط له في رزقه ـ أي يوسع ويبارك له فيه ـ وينسأ له في أثره ـ أي يؤخر له في عمره ويزاد له فيه ـ فليصل رحمه " [ متفق عليه ] ، فاتقوا لله عباد الله وأصلحوا ذات بينكم ، وصلوا أرحامكم ، وبروا آباءكم ، تدخلوا جنة ربكم .
أيها الصائمون القائمون : لقد جُبلت النفوس على حب من أحسن إليها ،
وتعلقت القلوب بمن كان له فضل عليها ، وليس أعظم إحساناً ، ولا أكثر فضلاً بعد الله سبحانه وتعالى من الوالدين ، حيث قرن الله حقّهما بحقّه ، وشكرهما بشكره ، وأوصى بهما إحساناً بعد الأمر بعبادته : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } ، فلله سبحانه وتعالى الخلق والإيجاد ، وللوالدين بإذنه نعمة التربية والإيلاد ، فرِضى الله في رِضى الوالدين

، وسخط الله في سخط الوالدين .
أيها الصائمون : إحسان الوالدين عظيم ، وفضلهما سابق
، وتأملوا حال الصغر ، وتذكروا ضعف الطفولة ، حملتك أمّك في أحشائها تسعة أشهر وهناً على وهن ، حملتك كرهاً ووضعتك كرهاً ، ولا يزيدها نموّك إلاّ ثقلاً وضعفاً ، وعند الوضع رأت آلاماً عضالاً ، ولكن لما رأتك إلى جنبها سُرعان ما نسيت آلامها ، وعلقت فيك جميع آمالها ، رأت فيك بهجة الحياة وزينتها ، ثم شُغلت بخدمتك ليلها ونهارها ، تغذيك بصحتها ، طعامك درُّها ، وبيتك حجرها ، ومركبك يداها وصدرها وظهرها ، تحيطك وترعاك ، تجوع لتشبع أنت ، وتسهر لتنام أنت ، فهي بك رحيمة ، وعليك شفيقة ، إذا غابت عنك دعوتها ، وإذا أعرضت عنك ناجيتها ، وإذا أصابك مكروه استغثت بها ، تحسب كل الخير عندها ، وتظن أن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لحظتك بعينها ، هذه هي الأم الحنون ، والجوهرة المصون ، أمّا أبوك ، وما

أدراك ما أبوك ؟ يكدّ ويسعى ، ويدفع عنك صنوف الأذى ، ينتقل في الأسفار ، يجوب الفيافي والقفار ، ويتحمل الأخطار ، بحثاً عن لقمة العيش ، يرعاك وينفق عليك ، ويصلحك ويربيك ، إذا دخلت عليه هش ، وإذا أقبلت إليه بش ، وإذا خرج تعلقت به ، وإذا حضر احتضنت حجره وصدره ، هذان هما والداك ، وتلك هي طفولتك وصباك ، فلماذا التنكر للجميل ؟ ولماذا لا تسلك أقوم السبيل ، وعلام الفظاظة ، ولم الغلظة والغضاضة ، وكأنك أنت المنعم المتفضل ؟ أخرج الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أبايعك على الجهاد والهجرة أبتغي الأجر ، قال : " فهل من والديك أحدٌ حيٌّ ؟ قال نعم بل كلاهما ، قال : فتبتغي الأجر من الله ، قال : نعم ، قال : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما " ] أخرجه مسلم [ ، وعند الطبراني بسند جيد : أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه

وسلم يستشيره في الجهاد ، فقال عليه الصلاة والسلام " ألكَ والدان ؟ ، قال : نعم ، قال : الزمهما فإن الجنة تحت أقدامهما " .
معاشر المسلمين : إن حق الوالدين عظيم ، ومعروفهما لا يُجازى ، وإن من حقهما المحبة والتقدير ، والطاعة والتوقير ، والتأدب وعدم التحقير
، حقق رغبتهما في المعروف ، وأنفق عليهما ما استطعت " أنت ومالك لأبيك " ، ادفع عنهما الأذى ، فقد كانا يدفعانه عنك ، لا تحدثهما بغلظة أو خشونة ، ولا ترفع صوتك عندهما ، جنبهما كل ما يورث الضجر { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } ، تخير الكلمات اللطيفة ، والجمل العفيفة ، والعبارات الجميلة ، والقول الكريم ، تواضع لهما ، واخفض لهما جناح الذل ، رحمة وعطفاً ، وطاعة وأدباً ، لقد أقبلا على الشيخوخة والكِبر ، وتقدما نحو العجز والهرم ، بعد أن صرفا طاقاتهما وصحتهما في تربيتك ، وبذلا أموالهما في إصلاحك ، تأمل قول ربك وخالقك : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ

أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا } ، إن كلمة ( عندك ) تدل على معنى التجائهما واحتمائهما وحاجتهما إليك ، فلقد أنهيا مهمتهما في تربيتك ، وانقضى دورهما في رعايتك ، وجاء دورك وهاهي مهمتك : { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } ، قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن لي أماً بلغ منها الكِبر أنها لا تقضي حوائجها إلاّ وظهري لها مطية ، فهل أديت حقها ؟ قال : لا ، لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك ، وأنت تصنعه وأنت تتمنى فراقها ، ولكنك محسن والله يثيب الكثير على القليل ، نعم إن حقهما عظيم ولكن الجأ إلى الدعاء لهما في حال الحياة وبعد الممات اعترافاً بالتقصير ، وأملاً فيما عند الله العلي الكبير { رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } ، والوالدان أقرب الناس إليك رحماً ، وأكثرهم عليك صبراً وحلماً ، فبرهما وكن لهما رفيقاً رحيماً ، بارك لي
ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر

الحكيم ، وجعلنا جميعاً من المتبعين لسنة سيد المرسلين ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية
الحمد لله، تتمّ الصالحات بنعمته، وتكفَّر السيئات وتُقال العثرات بمنَّته، وتضاعَف الحسنات وترفع الدرجات برحمته، سبحانه { يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيّئَـٰتِ }، أحمده تعالى وأشكره على جزيل العطايا والهبات، وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له بارئ النسمات، وأشهد أن نبينا محمداً عبده المصطفى ورسوله المجتبى أفضل البريات، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أولي الف
ضل والمكرمات، ومن اقتفى أثرَهم

ما تجدَّدت الأعوام ودامت الأرض والسموات، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، اتقوه حقَّ التقوى، وراقبوه في السّر والنجوى، واشكروه جل وعلا أن هداكم للإسلام ، ووفَّقكم للصيام والقيام ، وعلى ما تنعمون به من الخير في هذه الأيام .
معاشر الصائمين : من الفضيحة والعار ، والويل
والشنار ، أن يُفاجأ الوالدان بالتنكر للجميل ، وبذل القليل ، كانا يتطلعان للإحسان ، ويؤملان الصلة بالمعروف ، فإذا بهذا العاق قد تناسى ضعفه وطفولته ، وغض الطرف عن أتعابه وقذارته ، وأعجب بشبابه وفتوته ، وغرّه تعليمه وثقافته ، وترفع بجاهه ومرتبته ، يؤذيهما بالتأفف والتبرم ، ويُجاهرهما بالسوء وفُحش القول ، يقهرهما وينهرهما ، بل ربما لطم بكف أو رفس برجل ، يريدان حياته ، ويتمنى موتهما ، { وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } ، تئن لهما الفضيلة ، وتبكي من أجلهما المروءة ، وكأني بهما وقد تمنيا أن لو كانا عقيمين ، فيا أيها العاق : هل حينما كبرا

فاحتاجا إليك ، جعلتهما أهون الأشياء عليك ؟! قدمت غيرهما بالإحسان ، ورددت جميلهما بالنسيان ، وقابلت الإحسان بالنكران ، { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } ، شقّ عليك أمرهما ، وطال عليك عمرهما ، أما علمت أن من برّ والديه برّه بنوه ، ومن عقّهما عقّوه ، ولسوف تكون محتاجاً إلى بر أبنائك ، وسوف يفعلون بك كما فعلت بوالديك ، وكما تدين تدان ، والجزاء من جنس العمل ، أخرج الترمذي وغيره وقال : حديث حسن صحيح عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا - مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ - مِثْلُ الْبَغْيِ ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ " ، وأن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين ، بهذا صحّ الخبر عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، وفي حديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ

، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ، وَالدَّيُّوثُ ، وَثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى " ] أخرجه النسائي وأحمد وابن خزيمة والبيهقي والحاكم [ ، وفي حديث آخر عن جابر رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا معشر المسلمين إيّاكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام ، والله لا يجد ريحها عاق " ، فاتقوا الله يرحمكم الله ، واعلموا أن بر الوالدين فرض لازم ، وأمر جازم ، وهو سعة في الرزق ، وطول في العمر ، وحسن في الخاتمة ، وصلاح في الأبناء ، أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ ، وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، وَيُدْفَعَ عَنْهُ مَيْتَةُ السُّوءِ ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " ] أخرجه الحاكم وأحمد وتابعه الذهبي ] ، فاتقوا رحمكم الله ، فمن برّ والديه برّه أبناؤه ، والعقوق خيبة وخسارة وخذلان ، وقد قيل : إن الله ليُعجل

هلاك العبد إذا كان عاقاً ، ليُعجل له العذاب ، وإن الله ليزيد في عُمُر العبد إذا كان باراً ، ليزيده براً وخيراً ، هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير الورى ، وأفضل من وطئ الثرى ، كما أمركم بذلك المولى جل وعلا ، فقال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد أبي القاسم ، ما تعاقب الجديدان وتتابعت المواسم ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين ، وعن الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين، اللهم ارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم يا قوي يا عزيز! نسألك أن ترينا في اليهود

عجائب قدرتك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك فإنهم لا يعجزونك، اللهم انصر إخواننا في فلسطين عليهم يا قوي يا عزيز، اللهم فرق جمع اليهود ومن شايعهم، وشتت شملهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم هيئ لهذه الأمة من أمرها رشداً ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكانٍ يا رب العالمين ، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطك والنار ، { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } ، عباد الله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 185.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 179.96 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]