المعمول (قصة قصيرة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74441 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-07-2021, 03:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي المعمول (قصة قصيرة)

المعمول (قصة قصيرة)
محمد كساح



"أضِف المزيدَ من الماء لِيَخْتَمِرَ العجينُ، أضف ذلك يا أحمد، قلتُ لك أضف الماء، ألا تسمع ما أقول؟!".
"حالًا يا أبي، حالًا.. هأنذا أضيفه، كما تريد".

"اعْجِنْها جيدًا.. لا، ليس كذلك.. قلتُ لكَ حرِّكْ يَدَيْكَ جيدًا وبقوة، بقوةٍ أكثر يا ولد، العجينُ لن يكونَ ممتازًا إن لم تدلكه بكلتَا يديك، لا... ليس كذلك، قلتُ ليس كذلك يا غبيُّ، لا حول ولا قوة إلا بالله!".

"ما بكَ يا أبي؟ قلتُ لك إنني أعرف شغلي، والآنَ تصفُني بالغبي! دعنا نعمل يا أخي".

"لا تَرُدَّ جوابًا، وكن مؤدبًا".

ويَحْمَرُّ وجهُ الأب وتبدو عليه علامات الغضب، لكنه سُرعانَ ما يهدأ، فقد كان أبو حامد من ذلك النوع الطيِّب القلب، الذي يتصف بسرعة الغضب ثم ما يلبث إلَّا دقائقَ معدودةً حتى يَبْرُد بركان غضبه ويَهدأ.

كانت هذه المُساجَلةُ بين الأب وابنه الشاب الذي ما يزال في مقتبل العمر، حيث لم يبلغ الولد سوى سبعَ عشرة سنة.

وأحمد ورث طِيبة القلب عن أبيه، كما ورث عنه تلك السِّمَة في الغضب والرضا أيضًا.

وإلى هذه اللحظة، كان الحديث مُنْحَصِرًا بين أحمد وأبيه فقط، لكنَّ بقيةَ أفراد الأسرة والمكونة من الأم، وابنتها مروى، ومروانَ، وهو زوج الابنة أو صهر الأسرة الغالي كما كانوا يدعونه، ومحمد، الطفل الصغير الذي لم يَتَعَدَّ عمرُه الثانية عشرة أو جاوزها قليلًا، وسعيد، وهو الابن الأوسط؛ بقية الأسرة سُرعان ما دخلَتْ في الحوار:
"دعه وشأنَه يا أبا حامد، دائمًا تسعى لتأنيب المسكين! لقد سبَّبْتَ له عُقَدًا نفسيةً مِن كثرة ما تلومُه وتَتَمَعَّرُ في وجهه"؛ قالت الأم.

"ماذا تقولين يا مدام يا محترَمة؟ أنا عقَّدْتُ الولد؟! لماذا لا تقولين: إنه تَعَقَّدَ بسبب تدليلِكِ الزائدِ له؟ أنا عقدْتُكَ يا حبيبَ أمكَ؟ يا دلوع المَامَا؟ قُلْ يا ولد، رُدَّ على أبيكَ"؛ قال الأب وقد تميَّزَ غضبًا وسَخَطًا، وبَدَا كأنَّ بركانًا هادئًا سيَفُورُ بعد قليل ويُغْرِقُ الحاضرين في حُمَمِه الملتهِبة.

"يا أبي، لماذا أنت هكذا دائمًا؟ تغضب لأبسط الأمور، أيُّ شيءٍ يُثِيرُك ويجعلك تَفور وتغلي!"؛ قال سعيد، وهو فتًى تجاوز العقدين من عمره، ودخل في العقد الثالث منذ أشهرٍ قليلة، وهو ذو شعر طويل مُسْبَلٍ على كتفيه، وقد اعتاد على تربية شعره خلالَ عملِه كمُقاتِل على إحدى الجبهات.

وحين لم يجد الأب ما يرد به على سعيد، أَمْعَنَ النظرَ في وجه المسكين بضعَ ثوانٍ، وبدا أنه في هذه اللحظات التي سَكَتَ فيها الجميعُ سيثور البركانُ وستَضْطَرِم النار فيه، ثم يفورُ فيحرِق الأخضرَ واليابسَ! ولكنْ ويا للمفاجأة، هَدَأَ كل شيء، ونظر أبو حامد إلى الأرض، ثم شَرَعَ في تأمُّل أحمد وهو يضع العجين في قالب من الخشب، حتى إذا أخذ الشكل المناسب، ضَرَبَ القالب على حافة الصينية ليَسقُطَ العجينُ في قعرها.

هدأ أبو حامد إذًا، ولكنه ما هدأ إلا ليثور بعد قليل!
وهكذا كانت عادته في تلك الأيام العصيبة من الحصار.

لقد ذاق الأمَرَّيْنِ معًا: مرارةَ النزوح في السنوات السابقة، وبُؤْسَ الحصار عندما رجع إلى مدينته التي أُغْلِقَ مَعبرُها بعد رجوعه إليها بأسبوعين.

وعاش الرجل مع أسرته حياةً تعيسةً؛ لأن شبح الجوع شَرَعَ في مطاردتهم منذ الأيامِ الأولى للحصار.

أمَّا صهرهم الذي كان متكِئًا في زاوية الغرفة، يتأمل مع زوجته الحُبلى هذا المنظر، فقد ذاق مرارة الحصار فقط، الحصار، لا، ليس حصارًا واحدًا هو ما مَرَّ بمروان، بل حصاراتٌ متتابعةٌ قَطَعَتْهَا فتراتٌ ليست بالطويلة، فُتِحَ خلالها المعبرُ، ثم سرعان ما أُغلقَ لتعود المدينة إلى الحصار من جديد! فكأنَّ هذه الفترة كانت كاستراحةِ المسافر الذي يرتاحُ قليلًا ثم يحمل صُرَّتَه ويَستأنِفُ السير إلى حيث لا يعلم أحد إلا الله.

ونعود الآن إلى أحمد، الذي انتهى من عمله في صُنْعِ العجين، وبدأ في شَيِّهِ على النار.

فتح أحمد باب المَوْقِدِ، ووَضع الصينية فيه، ثم أغلق الموقد، ولا حاجة بنا للقول: إنَّ الموقد يعمل على الحطب؛ لأنه لم يكن ثَمَّةَ غازٌ في تلك البقعة المحاصَرة من جميع الاتجاهات.

"ممم... سينضج قريبًا، سأكونُ أولَ من يتذوقُه"؛ قالت مروى.

"****ه... إنها كانت تحلُم بهذه الحلوى منذ أسبوعٍ إلى الآن، نحمدُ الله أنه يوجد لديكم بعض الطحين والسكر"؛ قال مروان.

"دعني أفتحُ باب المِدفأة وألقي نظرةً".

وقامت مروى من مجلِسها لتفتح الباب، لكنَّ الأب نَهَرَها قائلًا:
"ابتعدي عن المدفأة، لا تجعليها تَنْفُث الدخان".
"قلتُ لكم يا أولاد، نَظِّفُوا المِدفأة، ولكنكم لا تسمعون الكلمة!".

"نحن لا نسمع الكلمة يا أمي؟! كنتُ سأُنَظِّفُها ولكنَّ أبي هو من أوقدها قبل أن أستيقظَ، إنه ينهض من نومه قبل الشَّحَّاذَةِ وابنتها!".

هذا ما قاله أحمد! ويا ليتَه أغلق فمَه بشريطٍ لاصقٍ قبل أن يتفوَّهَ بهذه الكلمات؛ لأنَّ بركان أبيه سرعان ما بدأ يغلي ويفور حتى تطاير زَبَدُه مرة أخرى، والقُراء أدرى بما سيحدث بعدها لأحمد المسكين.

وقال مروان:
"قبلَ نومِها كلَّ ليلة، كانت مروى تقول: إنها تريد شيئًا حلوًا لتأكُلَه، وعندما تستيقظ كانت تُعيد نفس النغمة! تخيلي يا حماتي، لقد سمعْتُها ليلةَ أمسٍ تتكلمُ في نومها وتتمنى لو تأكل قطعةً من الحلوى، ولو قطعة صغيرة".

"وجاءت اليوم لتتوحَّم في بيت أمِّها؟!"؛ قالت أم حامد.

ثم أردفَتْ في شيءٍ من الدعابة:
"يا عين أمك! ماذا تشتهين أيضًا؟! ليس لدى المامَا شيءٌ لتقدمه إليكِ؛ الدنيا في حصار ونَفِدَ كلُّ شيء".

"أريد أن آكُلَ طبقًا من الفتوش، بندورةً وخيارًا وبصلًا وخسًّا وخبزًا مقليًّا وزيتونًا أسودَ على وجه الطبق... يمم... يممم... ما أشهى ذلك! أريد الفتووش"؛ صاحت مروى.

"يا حبيبي، رجعت لتُعيد هذا المونولوج؟!"؛ قال مروان.

وفي هذه اللحظة، فتح أحمد باب الموقد وأخرج الصينية، وعلى الفور تسمَّرَتْ أعينُ الجميع عليها بشغف وحب غريبين.

كان مشهد الأسرة وهي تنظر بكل حنان وتركيز إلى الصينية، مؤثِّرًا للغاية، حتى لو أن مصوِّرًا ما التَقَطَ صورةً فوتوغرافيةً لهذا المشهد، لحازَت صورته على المرتبة الأولى في أي مسابقة للتصوير.

كانت مروى تنظر وتتلمظ، وتمنَّتْ ساعتها لو تلتهمُ كلَّ ما في الصينية من حلوى.
أمَّا الأم والأب، فقد نظرَا أيضًا بكل إعجاب.
بينما استنشق أحمد، الذي يحمل الطبق، رائحةَ الحلوى مِلْءَ رئتيه.

ومد سعيد يدَه ليتناول قطعة ويَزْدَرِدَهَا بصوت مسموع، ولا حاجة بنا لوصف شعور الصغير محمد، ولا إلى معرفة ما كان يجول في خاطر هذا الولد المسكين الذي يعشق الحلوى والشوكولاتة إلى حد التقديس.

أمَّا صهرُ العائلة الكريمة، فقد تَعَمَّدَ عَدَمَ إظهار شيء مِن أحاسيسه، التي أَبَتْ إلَّا أنْ تَظهرَ في نهاية المطاف.
وفي النهاية، وَزَّعَ أحمد قِطَعَ المعمول القليلة جدًّا على الجميع، فنَالَ كلُّ فردٍ قطعتين فقط ليس إلا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.19 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]