حديث عن العلم والطلب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 188 - عددالزوار : 17159 )           »          ألا تحب أن تُذكر في الملأ الأعلى؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          شرح وترجمة حديث: ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          التوفيق بين الزهد في الدنيا وإظهار العبد نعم الله عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          بساطة العيش (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          فوائد من التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أوهام الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          يأخذ بقلبي مطلع سورة صٓ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ثمرات التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الرحمة في الحدود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-04-2025, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,312
الدولة : Egypt
افتراضي حديث عن العلم والطلب

حديث عن العلم والطلب



للشيخ عبد الفتاح أبو غدة








[شارك الأستاذُ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في مؤتمرٍ إسلاميٍ في بغداد، فطلبنا مِن عميد كليتنا- كلية الشريعة بجامعة بغداد- الدكتور عبد المنعم أحمد صالح أنْ يدعوه لإلقاء محاضرة، فاستجابَ ودعاه، وحضر الشيخُ عبد الفتاح إلى الكلية صباح السبت 27/4/1985م، وألقى هذه الكلمة، أنقلها مِن شريط المسجل. عبد الحكيم الأنيس].
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم علّمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً وعملاً يا أرحم الراحمين.

وبعدُ: فمن دواعي سروري وغبطتي أن أكون في هذه الحضرة العلمية, وفي هذا المِشع العلمي الكبير الذي أضاء عقولَ المسلمين وغيرهم قروناً طوالاً, وما يزال إنْ شاء الله مشعاً علمياً إلى آخر الحياة الدنيا, وهذا المقام الأصلُ فيه أن أجلس مستمعاً مستفيداً, ولكن أُمرت فأطعت, وقالوا: الامتثالُ خيرٌ من الأدب, فمن هذا الباب أتكلم, وأمّا الإخوة الأساتذة والإخوة الطلبة فهم فيما أَقدِّرُ أعلمُ مني بما أقول, ولكنَّ الإنسان يحب أنْ يسمع الصدى, والرسول صلى الله عليه وسلم قال لأُبي رضي الله عنه: أحبُّ أن أسمعه مِنْ غيري, فمن هذه الناحية أتكلم كليمات معدودة:

أولاً: المكان والكلية هي مهدٌ من مهاد العلم الشريف, وهذا ليس جديداً, ولا مبتكراً, وإنما هو أصيل عتيق, وفيه الخيرُ الكثير, ويُرجى أن يكون ممتداً إلى ما شاء الله, ولكن أحاطتْ بالعلم ظروفٌ جعلته في شيء من الخفاء, فأعرضَ الناسُ عنه, وتولوا إلى غيره, ولكنَّ العلمَ في ذاته وسامُ الفخر والرضى من الله عز وجل, فلهذا كثيرٌ من الطلبة يلوذون بالعلم الشرعي اضطراراً, وقليلٌ منهم يلوذون به اختياراً, ولكنهم في النتيجة إنْ شاء الله يخرجون علماء أبراراً يُفيدون ويَستفيدون, لأنَّ هذا العلم في ذاته وسامُ رضى من الله عز وجل: (إنما يخشى الله من عباده العلماء), (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون).

والعلمُ قديماً وحديثاً يُقدَّرُ صاحبُه, ولكنَّ العلم الشرعي في بعض الأيام أو في بعض الأزمان زُوي عنه التقديرُ قليلاً, ولكن إنْ شاء الله تعود له مرتبتُه ومكانتُه حتى يحتل الذِّروة التي هي لائقةٌ به وجديرة بأن تكون قاعدته دائماً إن شاء الله.

الإخوةُ الطلبة هم في نعمة كبيرةٍ حيث كانوا من خَدَمَةِ الشريعة وقالوا: كلُّ علمٍ يشرف بشرف موضوعه, وموضوعُ علم الشريعة: قال الله, قال رسوله, قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, قال أبو حنيفة, قال مالك, قال الشافعي, قال أحمد, وهكذا, فشرفُ العلم غزيرٌ وكبيرٌ وسام ورفيعٌ, ولكن قد يكون الإنسانُ في إلفه له غيرَ مقدّر, لأنَّ الإلف يغمط النعمة, الذي يألفُ السلامة دائماً ما يُقدِّرُ الصحة كما يُقدِّرها الذي يمرض ويصح مِنْ مرضه.

فلهذا إخوتي الطلبة الذين ساقهم اللهُ إلى هذا المنهل العذب, وهذه الكلية الشرعية الشريعية, هذا خيرٌ كبير, ووسامٌ عظيم قدِّر لهم.

وأنْ يكون الإنسانُ طالبَ علم: في ذلك فضلٌ من الله عزَّ وجلَّ وإكرام. وقديماً قالوا في أمر العلم وشأنه, وأثرِه في النفس ولذته ومتعه: لو كان يعلمُ أبناءُ الملوك ما نحن عليه من اللذة والمتعة في العلم لجالدونا عليه بالسيوف.

فالعلمُ متعة, ولكن يحتاج أن يُخلص الإنسانُ إليه, ويعطيه كلَّه, حتى يحرز منه بعضَه, فلذلك هذا العلم يَحتاج من الإخوة الطلبة أنْ يُوجهوا وجوههم نحوه بكل همّة وإخلاص وتفان, وقد قال بعضُ السلف: مَنْ لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة, فلابُدَّ في طلب العلم أن يكون الإنسان محترقاً به حتى يأتي بشيءٍ منه, أمّا إذا كان متوانياً ملتصقاً بالعلم التصاقاً ضعيفاً فما أهونَ العلم أنْ يبعد عنه, ولا يكون قريباً منه, لأنَّ العلم هذا ما يمكن أنْ يكون إلا بالسهر والدأب والمواظبة والعشق أو الخوف, وإذا غاب من الإنسان عاملُ العشق للعلم أصبح متاجراً, فلذلك مِنْ أهم ما ينبغي في طالب العلم أن يكون فيه عشقٌ للعلم, فإذا عشِق العلم بذل له مهجته ووقته وراحته, فجاء من ذلك بالخير الكثير, وجاء من ذلك بالمقام الرفيع, وجاء من ذلك بالغنى الواسع, وقد يكون الإنسان في أول الطلب مملقاً، وهذا شأن العلماء:

قلتُ للفقر أين أنت مقيمٌ قال لي في عمائم الفقهـاءِ
إنَّ بيني وبينـهم لإخــاءً وعزيزٌ علي قطعُ الإخاءِ

فهذا شيءٌ قديم, يعني الفقر ملاذه العلماء, ولكن في آخر الأمر يرجعُ هذا الفقرُ غنى مادياً ومعنوياً واجتماعياً, وهذا يفرضُهُ الطالبُ بنفسه إذا تمثّل بالعلم خلقاً وسلوكاً وتحصيلاً وبذلاً ونفعاً, فهذا يُفرَضُ من جانبه على المجتمع, و كان في السلف سالم بن أبي الجعد مولى رقيقاً أعتقه مولاه, قال سالمُ بن أبي الجعد: أعتقني مولاي فقلت: بأي الحرف أحترف؟ ثم اخترتُ العلم، فما مضى علي سنة حتى جاءني أميرُ المدينة زائراً فلم آذن له

[1]



من أين جاء هذا؟ مِنْ مقام العلم, مقام العزة, مقام الإضافة إلى الله عز وجل, لأن الإنسان إذا أضيف إلى الله سبحانه بخدمة دينه شَرُفَ بشرف هذا العلم, وشرفِ هذه الإضافة, فلذلك أوصي إخوتي الطلبة بأنْ يخلصوا النية, وأنْ يبذلوا الجهد الصحيح, وأنْ يكون في نفس كلِّ واحدٍ منهم أن يكون أبا حنيفة مرة ثانية, لأنّ الإنسان إذا كبرت همتُهُ جاءتْ بالعظائم, جاءت بالمقدَّرات والمستكبرات قدراً وخطورة.

أمّا إذا كان يطلب نجاحاً من مئة علامة, يطلب واحدة وخمسين علامة فهذا كما قال:

إذا ما علا المرءُ رام العلا ويقنع بالدُّون مَنْ كان دونا

فلا يصح أن يكون في نفس طالب العلم رجاءُ النجاح, بل رجاء أن يكون مجتهداً, إماماً بفضل وعقل وتقى وبصيرة واستنارة, حتى يأتي طالبَ علم متمكناً.

فأمّا أن يكون طالبَ نجاح فهذا ليس ممّا يدل على نبوغِهِ أو سمُّوه في العلم.

فلذلك أذكِّر إخوتي الطلبة أيضاً بأن يكون لديهم عزمٌ وقصدٌ وبذلٌ لأن يكون الواحد منهم أبا حنيفة الثاني حتى يأتي إماماً عالماً كبيراً مقدّراً نافعاً, لأنّ الشواغل وقواطع الخير كثيرة, وموانع الخير كثيرة, فإذا عزم على أن يكون من صفوف الأئمة المرموقين جاء في حيّز العلماء المذكورين.

فلهذا أوصي إخوتي الطلبة بأن يكون لديهم الإخلاص في تحصيل العلم, والتفاني فيه, والحرص عليه, والتوفر له تماماً, فإذا ما حصلتْ مثلُ هذه المقاصد والعزائم من القلب صدقاً وفعلاً جاء العلمُ, وجاءَ الفضلُ, وجاءَ المقام, وجاءَ الغنى, وزال الفقرُ, وهذا شيءٌ مألوف, وقد قال بعض السلف: جلَّ ربنا أن يعامله العبدُ نقداً فيعامله نسيئة.

وهنا في كلية الشريعة يعرفون النسيئة, ويعرفون أن الربا حرام, فيقول الشيخ ابن عطاء الله الاسكندري في "حِكمه": جلَّ ربنا أن يعامله العبدُ نقداً فيعامله نسيئة.

يعني: إذا أخلصَ الإنسان, وبَذَلَ قصده وجهده وقلبه في تحصيل العلم جاءه من الله عز وجل عونٌ وتقديرٌ وتكريمٌ فوراً, لأنَّ هذا أمر لا يتأخر عند الله عزَّ وجلَّ, لأن خزائن الله ملأى لا ينقصها شيء.

فلهذا ينبغي للإخوة الطلبة الاهتمامُ بهذا العلم, وأن يشعروا بأن كلَّ واحد منهم هو المسؤول عن هذا العلم, وإشاعته وإعاشته في الناس.

وكيف يُنشر هذا العلم؟ إنما نُشر العلم ليس بكثرة الكتب, وإنما هو بالتطبع به, والتمسك به سلوكاً وعملاً واعتقاداً وتنفيذاً, فإذا ما مشى الإنسانُ هكذا تبعه الناسُ شاء أو أبى, ننظر مثالاً بسيطاً: الإنسان إذا تطيّب بطيب فواح كهذا الذي يُقال له هُنا "قداح" مثلاً

هذا إذا مرّ بالناس لابُدَّ أن يُلزمهم أن يتوجهوا إلى جهة الطيب, لأن خياشيمهم ملأها هذا الطيبُ الفوّاح الجميل, فالانتباه القسري يحوِّلهم إليه باعتباره طيباً, وقد يكون هذا الطيب على مَنْ لا يحبون, ولكنه بطبيعته يلفت إلى هذا الذي يتطيب به قسراً, فكذلك طالبُ العلم, إذا تمثّل بالعلم خلقاً وسلوكاً وعملاً وتنفيذاً توجّه الناس إليه قسراً, وأحبوه جبراً, لأن مِنْ طبيعة الإنسان أنْ يحبَّ الفضيلة, أنْ يحب القوة, والعلم قوة, أن يحبَّ المكانة المرموقة, والعلمُ مكانةٌ ليس بعدها مكانة.

فلهذا إذا أخلص الطالبُ, وحصّل العلمَ, وتمثَّل به سلوكاً, وتمثّل به عملاً, فصار قدوة مِنْ نفسه لنفسه, ثم للناس, فلابدَّ أن يتبعه الناس, ويكون لهم كما قال [القائل]:

إنّ الملوك ليحكمون على الورى وعلى الملوك لتحكمُ العلماءُ


[2]



فيقع مقامُه فوق مقام أهل الحكم, لأنَّ العلم سلطانُهُ على القلوب والعقول, أما الحكم فقد يكون سلطانه على العظام والأكتاف فقط, والقلوبُ ليست تمالئه, أما العلم فالقلوبُ تمالئه أولاً, فتتوجه إليه الوجوهُ والأبصار.

فلهذا العالِمُ سيفُهُ وسلطانهُ أقوى مِنْ سلطان الحاكم, لأن الحاكم يتولى على الأشباح, ولكن العالم يتولى على الأرواح, والأرواح هي المنبعثة الباعثة.

فلهذا إذا تمكن طالبُ العلم مِنْ أن يكون طالبَ علم حقيقياً يقتدي بالسلف الصالح أسوة, تحصيلاً, تعليماً, بذلاً, نفعاً, احتواءً للناس, خدمةً لهم, تواضعاً لهم, نصحاً للحكام, أمراً بمعروف, نهياً عن منكر, - تحت سلطان العقل والبصيرة والاستنارة والتصرف الحسن والحكيم- لابد أن يأتي منه الخيرُ الكثيرُ, ويكون حينئذٍ قدوةً لبلده, وأهله, والناس أجمعين.

فأسأل اللهَ عزَّ وجلَّ أن يكون مِن الإخوة الطلبة الكرام وأساتذتهم الذين هم فضلاء هذه البلدة, وهذه الكلية, وهذه الجامعة, أن يكون الخيرُ الكثيرُ والنفعُ الوفيرُ لا لبغداد أو العراق, وإنما أن يكون ذلك لبلادِ الإسلام كما كانت بغداد مِشعاً إسلامياً عالمياً, انتفع به الناس قروناً طوالاً وما يزالون يتغذون بآثاره وعلومه وإنتاجه.

وأسأل اللهَ عزَّ وجلَّ التوفيق والسداد والعون منه سبحانه, وهو الذي يتولى الصالحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[1]_ أورد هذا الخبر الغزالي في "الإحياء" (1/8), ونقله عنه المناوي في "فيض القدير (3/416), وابن عابدين في "حاشيته" (1/44), وأورده محمد بن عبد الرحمن الحبيشي في "نشر طي التعريف في فضل حملة العلم الشرعي" ص 107 نقلاً عن "تنبيه الغافلين" لأبي الليث السمرقندي.الأنيس

[2]_ من بيتين قالهما الحسين بن إبراهيم النطنزي المتوفى سنة 499هـ. انظر: "خريدة القصر" ق 2 (1/168), و "الوافي بالوفيات" (12/319), ومثله ولكن نثراً في "الوافي" أيضاً (16/537). ونص البيتين:
العزُّ مخصـوص بــه الـعــلـمـاءُ ما للأنام سواهم ما شـــاءُوا
إن الأكابر يحكمون على الورى وعلى الأكابر يحكم العلمـاء. الأنيس










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.41 كيلو بايت... تم توفير 1.62 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]