|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل يجب على الزوجة خدمة أهل زوجها؟ عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى) المقدمة: إن الزواج في الإسلام مبنيٌّ على أسس الاحترام المتبادل، والمودة، والالتزام بأوامر الله تعالى، ومن القضايا التي أثارت جدلًا في العصر الحديث مسألةُ دور الزوجة داخل الأسرة الممتدة، وتحديدًا: هل هي مُلزمة بخدمة والدَي زوجها؟ يرى بعض الناس أن الزوجة ليست مكلَّفة بهذا الدور؛ إذ إن مسؤولية رعاية الوالدين تقع على عاتق الابن، في المقابل، يرى آخرون أن طاعة الزوج تشمل خدمته وخدمة والديه، ما لم يلحق بها ضرر أو مشقة زائدة، وتبرز هذه المسألة بشكل خاصٍّ في المجتمعات التي تعيش فيها العائلات الممتدة تحت سقف واحد، كما هو الحال في كشمير؛ حيث يؤدي رفض بعض الزوجات مساعدةَ أهل أزواجهن إلى نشوب خلافات أسرية، والمفارقة أن بعض هؤلاء النساء يرفضْنَ خدمة والدَي الزوج، ولكنهن في الوقت ذاته يعترضن عندما يفكر أزواجهن في التعدد، مما يعكس تناقضًا في مواقفهن. يهدف هذا المقال إلى دراسة هذه المسألة من خلال: • الإطار القرآني لبنية الأسرة والطاعة. • الأحاديث النبوية المتعلقة بالأسرة والمسؤوليات المنزلية. • آراء الفقهاء. • دور العرف في تحديد الأحكام الفقهية. • خطر الفكر النسوي الحديث الذي يخالف القيم الإسلامية. ومن خلال هذا البحث، سنخلُص إلى أن خدمة الزوجة لأهل زوجها من الأمور التي تُحقِّق التآلف الأسري، وتُعين الزوج على أداء حقوق والديه. الإطار القرآني لبنية الأسرة والطاعة: 1- ولاية الزوج ومسؤوليته؛ يقول الله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]. تؤكد هذه الآية أن الرجل مسؤول عن زوجته، وأن ولايته (القِوامة) تستند إلى مسؤوليته المالية، وقيادته للأُسرة، وعليه، فإن أمر الزوج لزوجته بمساعدة والديه - ما لم يكن فيه ضرر أو إجحاف - يدخل ضمن نطاق الطاعة الواجبة. 2- الحث على صلة الأرحام وبر الوالدين؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]. وعلى رغم أن الأصل أن رعاية الوالدين تقع على الابن، فإن الزوجة الصالحة تُعينه على ذلك، ولا تتسبب في عزله عنهما، أو إثقاله نفسيًّا بين إرضاء زوجته أو برِّ والديه. الأحاديث النبوية حول خدمة الزوجة ومسؤولياتها: 1- مثال فاطمة رضي الله عنها في خدمة بيتها: لقد كانت السيدة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم تقوم بأعمال منزلها على رغم مكانتها العالية، ولم يطلب النبي صلى الله عليه وسلم إعفاءها من ذلك، مما يدل على أن خدمة الأسرة من شيم النساء الصالحات. 2- طاعة الزوجة لزوجها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ، لَأمرتُ النساء أن يسجدن لأزواجهن))؛ [سنن ابن ماجه 1853، الترمذي 1159]. وهذا الحديث يؤكد وجوب طاعة الزوجة لزوجها فيما لا يتعارض مع شرع الله، فإذا طلب منها خدمة والديه في حدود المعقول، فعليها أن تستجيب. الرأي الفقهي حول خدمة الزوجة لأهل زوجها: 1- مسؤولية الابن تجاه والديه، ودور الزوجة: اتفق الفقهاء على أن الابن مكلَّف برعاية والديه ماليًّا، ولكنهم ذكروا أن الزوجة ينبغي أن تكون عونًا له في تحقيق ذلك. قال ابن قدامة في (المغني): "يجب على الزوجة طاعة زوجها في غير معصية، فإن أمرها بأمر مباح، لزِمها الامتثال". وقال الإمام الشوكاني في (نيل الأوطار): "طاعة المرأة لزوجها من الأمور المقررة شرعًا، وبها تستقيم أمور البيت". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى): "خدمة المرأة لزوجها وأهله بالمعروف هو من السُّنَّة". 2- تأثير العرف في الأحكام الفقهية: اتفق الفقهاء على أن العرف يؤثر في الأحكام الفقهية؛ حيث ذهب الفقهاء إلى أن العرف السائد يؤثر في تحديد واجبات الزوجة، فإذا جرى العرف بأن الزوجة تساعد أهل زوجها، صار ذلك مطلوبًا منها. لكن العرف يختلف من بلد إلى آخر، فلا يصح تعميم حكم واحد على جميع المجتمعات. 4- خطر الفكر النسوي في تفكيك الأسر المسلمة: لقد أدى انتشار الفكر النسوي إلى رفض بعض النساء لأدوارهن الطبيعية داخل الأسرة، في حين أنهن لا يجدن غضاضة في العمل خارج المنزل تحت إشراف أرباب العمل، وهذه الازدواجية هي نتاج التأثر بالثقافة الغربية التي تتعارض مع قيم الإسلام. والأعجب أن بعض هؤلاء النساء يرفضن خدمة أهل الزوج، ولكنهن يطالبن زوجات إخوانهن بخدمة والديهن، إن هذا التناقض يكشف أن موقفهن ليس قائمًا على مبدأ ديني، بل على مصلحة شخصية. 5- الخاتمة: خدمة الزوجة لأهل زوجها في حدود المعقول من خلال القرآن والسنة وآراء الفقهاء، يتبين لنا أن: • طاعة الزوجة لزوجها تشمل خدمته وخدمة والديه في حدود الاستطاعة والمعروف. • خدمة أهل الزوج تتماشى مع أخلاق النساء الصالحات من السلف. • العرف يؤثِّر في الأحكام، وهو يختلف من مجتمع إلى آخر. • رفض هذه الأدوار تحت تأثير الفكر النسوي يهدد استقرار الأسرة المسلمة. فالمرأة الصالحة تتخذ هذه المسؤولية فرصةً لكسب الأجر من الله، وتحقيق السَّكينة في بيتها. نسأل الله أن يصلح أُسَرَ المسلمين، ويجعل بيوتنا عامرة بالمودة والرحمة، آمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |