الإسلا م يعالج مشكلة الفقر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         عقد مودة ورحمة بين زوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          16طريقة تجلب بها البركة لبيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ألا تشعرين بالحر ؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          المرأة عند الإغريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          القاضي الفارس الفرج بن كنانة وأسد بن الفرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          مجموع الأثبات الحديثية لآل الكزبري الدمشقيين وسيرهم وإجازاتهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          من مواعظ الإمام سفيان الثوري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          أولادنا... هل نستوعبهم؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الشَّبَابُ وَرَمَضَان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          هل في الشر خير؟ دروس من قصة الإفك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-05-2023, 05:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,965
الدولة : Egypt
افتراضي الإسلا م يعالج مشكلة الفقر

الإسلا م يعالج مشكلة الفقر


الفرقان

الفقرُ مشكلة متفشية في العالم أجمع وبنسب متفاوتة، وهو من المصائب التي قدَّر الله وقوعها، وجعلها امتحانًا للعباد، يبلوهم به؛ إذ لو بسَط لهم الرزق لبغَوْا في الأرض، ولقد اهتمَّ الإسلام بمشكلة الفقر وحرص على علاجها بوسائل متعدِّدة؛ حفاظًا على المجتمع المسلم من الأخطار التي قد تصيبه أخلاقيًّا وسلوكيًّا وعقائديًّا؛ حيث إن للفقر آثارا سيِّئة متعددة؛ لذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ كثيرًا من الفقر، بل ويجمعه في دعاء واحد مع الكفر، فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ»؛ لذلك وضع الإسلام علاجًا وحلولاً جذرية لمشكلة الفقر؛ درءًا لخطرها، وصيانةً للمجتمع، وعملًا على استقراره وتماسكه.


أولاً: مَفْهُومُ الفَقْرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا


يدور مفهوم الفقر في اللُّغة حول الحاجة، والعوز، فالفقير هو المحتاج، وهو ضدَّ الغِنَى، والفقير الَّذي له ما يأكل، والمسكين مَنْ لَا شيء له، وقد اختلف أهل العلم على الفرق بين الفقير المسكين، أوصلها الماوردي إلى ستَّة أقاويل أهمها: أنَّ الفقير: المحتاج المتعفِّف عن المسألة، والمسكين: المحتاج السَّائل.




ثانيًا: الفقر في مفهوم الفقهاء


وقد اختلف العلماء في معنى الفقر، وحدِّه الَّذي يجيز الأخذ من الصَّدقة، وحد الغنى الَّـذي لا يجوز معه الأخذ منها على أقوال:

القَوْلُ الأَوَّلُ

ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنَّ الفقر هو عدم ملك نصاب الزَّكاة؛ لأنَّ النَّبِـيَّ- صلى الله عليه وسلم - قد سمَّى مَنْ ملك النِّصاب غنيًّا، وذلك في قوله لمعاذ بن جبل: «فَإِنْ هُم أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُم أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِم فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم، فَإِنْ هُم أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّـاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِم!».




القَوْلُ الثَّانِي

حـدَّد أصحاب القول الثَّاني القدر الَّذي يوصف معه الغنيُّ بالغِنى، والفقيـر بالفقر، فذكر الإمام أحمد، والثَّوري، وابن المبارك قالوا: بأنَّ حدَّ الفقر شرعًا ألَّا يكون للـشَّخص خمـسون درهما، أو قيمتها من الذَّهب، وحد الغنى أن يكون للمرء خمسون درهمًا، أو قيمتها مـن الـذَّهب، واستدلَّ أصحاب هذا القول بما رواه الدَّار قطني عن عبد الله بن مسعود عن النَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم -قـال: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِرَجُلٍ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا»، وقال قوم: إنَّ حدَّ الفقر شرعًا ألَّا يملك المرء عشاء ليلة، وحدَّ الغِنَى عكسه، وقـد رُوِيَ هـذا القَوْلُ عن عليٍّ -رضي الله عنه.

القول الثَّالث

ذهب مالك، والشَّافعي -رحمها الله- إلى أنَّ حدَّ الفقر شرعًا هو ألَّا يملك الإنسان ما يكفيه من المال، وحدَّ الغني عكس ذلك، لكن أصحاب هذا الرَّأي قد اختلفـوا فـي تحديـد، وبيـان الضَّابط لما يكفي الإنسان من المال، فقال الإمام الشَّافعي: هو أقلُّ ما يمكن أن يطلق عليه اسم أنَّه يكفي، وقال (مالك): بأنَّه ليس في ذلك حدّ معيَّن، وإنَّما هو راجع إلى الاجتهاد، والراجح رأي الإمام الشَّافعيِّ -رحمه الله-، وهو أنَّ حدَّ الفقر عدم ملك الإنسان لما يكفيه مـن مال مع تقييد هذا الحدِّ أيضًا بعدم القدرة على الكسب، والعمل ليخرج بذلك المسكين الَّذي يأتيه مال لا يكفيه مع كونه يعمل ويكسب، وعلى هذا، فيمكن القول: إنَّ الفقر في الاصطلاح هو: «عدم ملك الإنسان لما يكفيه من مال، مع عدم القدرة على الكسب والعمل».


ثالثًا: الفَقْرُ فِي مفهوم الاقْتِصَادِيِّينَ


هناك معان للفقر عند الاقتصاديين منها:

- الفقر يعني العجز عن إشباع الحاجات الأساسيَّة أو الضَّروريَّة.

- الفقير هو مَنْ لا يمتلك شيئًا، والشُّعوب الفقيرة هي الشُّعوب الَّتي يكون أغلب مواطنيها من المعدومين.

- انخفاض الدَّخل عن مستوى معيَّن في السَّنة.

- الفقر بمعنى انعدام الرَّفاهية، أو انخفاض مستوى المعيشة.

وخلاصة القول: فإنَّ الفقر يدور مفهومه حول (الحرمان النِّسبيِّ) لفئة معيَّنة من فئات المجتمع، فالفقير إلى الشَّيء لا يكون فقيرًا إليه إلَّا إذا كان في حاجة إليه، وهنا تظهر أهمِّيَّة البعد المادِّيِّ في تحقيق الحاجات من مأكل، وملبس، ومسكن...إلخ.


رابعًا: قضية الفقر في القرآن الكريم


بالتتبُّع لآيات القرآن الكريم نجد أن كلمة الفقر بتصريفاتها المختلفة، وردت في ثلاثة عشر موضعًا من كتاب الله -عز وجل-، في سورتين مكيتين، وثماني سور مدنية، ولعل ذلك يشير إلى أن المسلمين في المدينة كانوا أشد فقرًا منهم في مكةَ؛ لأنهم لما هاجروا تركوا أموالهم تضحية من أجل اللحاق بأرض الإسلام، كما أنَّ في القرآن الكريم كلماتٍ مترادفة ذات دلالة مشتركة تفيد معنى الفقر، وبينها فروق دلالية، مثل: الخَصاصة، والعَيْلة، والإملاق، والبائس، والقانع، والمُعتَر، والمسكين.


خامسا: المعالجة المادية لمشكلة الفقر


من الوسائل المادية التي استُخدمت في القرآن الكريم والسنة النبوية لعلاج مشكلة الفقر ما يلي:




(1) الحث على السعي والأخذ بالأسباب

قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (الملك: 15)؛ فالعمل يُعَدُّ السلاحَ الأول لمحاربة الفقر، والسبب الأول في جلب الثروة، والعنصر الأول في عمارة الأرض؛ لذا يحث القرآن الكريم على العمل المنتج الحلال، ويعده خير وسيلة للكسب، فيقول الله -عز وجل-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة: 10).

وقد جاءت كثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحثُّ على العمل، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أكل أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكل مِن عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكلُ مِن عمل يده»، فبدأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بتشجيع الناس على مزاولة الأعمال، وبعض المِهَن والصناعات، كما كان يفعل الأنبياءُ -عليهم الصلاة والسلام-، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القدوةَ الحسنة في هذا الشأن؛ حيث كان يرعى الغنم، ويزاول التجارة بأموال خديجة -رضي الله عنها- قبل بعثته؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما بعَث الله نبيًّا إلا رعى الغنم»، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: «نعم، كنتُ أرعاها على قراريطَ لأهلِ مكةَ».

(2) التكافُلُ والتعاون

إذا ضاقت الحال، ولم يجد الإنسان عملًا، وأصبح فقيرًا محتاجًا، فعلاج الإسلام حينئذ لهذه المشكلة هو أن يكفل الأغنياء الموسِرون أقاربهم الفقراء؛ وذلك لِما بينهم من الرحم والقرابة، وقد وصفه الله بأنه حقٌّ من الحقوق الواجبة بين الأقارب، فقال -تعالى-: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} (الروم: 38)، وهذا ما أشار إليه الشيخ السعدي - رحمه الله - فقال: أي: فأعطِ القريب منك - على حسب قربه وحاجته - حقه الذي أوجبه الشارع أو حضَّ عليه من النفقة الواجبة، والصدقة، والهدية، والبِر، والسلام، والإكرام، والعفو عن زلَّته، والمسامحة عن هفوته، وكذلك {آتِ} المسكين الذي أسكنه الفقر والحاجة ما تُزيل به حاجته، وتدفع به ضرورته؛ من إطعامه وسَقْيِه وكسوته.

(3) تشجيع المشاريع الاقتصادية التعاونية

وقد شجَّع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاريعَ الاقتصادية التعاونية بين المسلمين؛ فحثَّهم على المزارعة، كما فعل الأنصار مع إخوانهم المهاجرين الفقراء، الذين قدموا على المدينة بلا مال؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: «قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، فقال: (لا)، فقالوا: تكفونا المؤنة، ونشرككم في الثمرة، قالوا: سمعنا وأطعنا»، ثم تأتي السيرة النبوية خيرَ تطبيق لهذا الحق، وترتب أولويات التكافل لدى كل مسلم

(4) الحقوق الواجبة في الأموال

ومن الحلول العملية لمشكلة الفقر أن الإسلام شرع -عند عجز الأقارب الأغنياء عن سد حاجة الفقراء- يكون دور المجتمع كله، متمثلًا في بعض الحقوق المالية التي فرضها الله للفقراء من أموال الأغنياء، وجعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقصورةً على الفقير الذي لا يستطيع العمل والكسب؛ لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحِلُّ الصدقة لغنيٍّ، ولا لذي مِرَّةٍ سويٍّ»، بهذا لم يجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمتبطِّل كسول حقًّا في الصدقات؛ ليدفعَ القادرين إلى العمل والكسب، ومِن أهم هذه الحقوق:


الزكاة والصدقات


قال -تعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 60)، ونجد أن القرآنَ الكريم استمر في العهد المكي وبداية العهد المدني يحُضُّ المسلمين بأساليب مختلفة على الإنفاق في سبيل الله وسد حاجة الفقراء، دون تحديد لنوع المال المنفَق أو المقادير، وكانت نفوسُهم تطمح إلى تحديد تلك النفقة، وبيان شروطها ونصابها؛ يقول الله -عز وجل-: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (البقرة: 215)، ثم شُرعت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة؛ وفاءً بحاجة المحتاجين، وتحقيقًا لمصالح المجتمع، وهي ركنٌ من أركان الإسلام، تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء، يثاب مؤديها، ويُقاتَل مانعها بخلًا، ويكفُرُ جاحدها، وهي مورد مالي ضخم، ووسيلة مِن أهمِّ وسائل علاج مشكلة الفقر.




الكفَّارات


مِن الحقوق المالية التي فرضها الله -تعالى- الكفَّارات، فرَضها على المخالفين لبعض الأحكام الشرعية؛ تكفيرًا لتلك المخالفة، جاء في كتاب (المجتمع المتكافِل في الإسلام): الكفَّارة عقوبة قدَّرها الشارع عند ارتكاب مخالفة لأوامر الله -تعالى- في حالات خاصة، وهي حق لله؛ تكفيرًا للذنب الذي ارتكبه المسلم، وعقوبة وزجرًا لغيره، والكفَّارات بهذا وسيلة من وسائل علاج مشكلة الفقر في الشريعة الإسلامية، وهي أنواع، منها: كفارة اليمين المنعقِدة إذا حنَث الحالف، وكفارة الظِّهار، وكفارة التمتع بالعمرة إلى الحج، وكفارة قتل الصيد للمحرِم، والفِدية لمن شق عليه صوم رمضان.


الحقوق غير الواجبة في الأموال


إذا عجَزت الزكاة، فإن الخزانة العامة للدولة المسلمة بمواردها تكون هي الحل لمعالجة مشكلة الفقر، والموئل لكل فقير وذي حاجة، مسلمًا كان أو ذميًّا، وخير شاهد على ذلك مِن سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعلُه مع أهل الصُّفة، وإذا بقِيَ فقيرٌ لا يستطيع العمل، وجب على المجتمع أن يخرج الصدقات ابتغاءَ مرضاة الله وثوابه، وهذه مزيَّة تميَّز بها الإسلام عن غيره من المعالجات البشرية للمشكلة.


سادسًا: المعالجة الإيمانية لمجابهة الفقر





اعتمد الإسلام عددًا من الوسائل الإيمانية لمجابهة قضية الفقر، منها ما يلي:

(1) العلم اليقين بأن الله هو القابضُ الباسط

من الوسائل الإيمانية لمعالجة مشكلة الفقر أن نعلَمَ يقينًا أن الله هو القابضُ الباسط، قال -تعالى-: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (البقرة: 245)، وقال -عز وجل-: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} (الرعد: 26)، والبَسْط والقَبْض لا شكَّ أنه بحكمةٍ ومقدار، قال -تعالى-: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} (الشورى: 27، 28).

(2) العلم اليقين بأن الأرزاقَ قدَّرها الله -تعالى

ومنها: أن الأرزاقَ قدرها الله -تعالى-، ولن يفارق أحدٌ الحياةَ قبل أن يأخذ ما كتبه اللهُ له؛ فالمؤمنُ مطالَب أن يحيَا بكرامة وعزةِ نفسٍ في طلب الرزق، وقد جمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في استعاذته بين الفقر والذِّلة؛ لأن بعض النفوس الضعيفة يحملها الفقر على إذلال النفس؛ فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقِّلَّة والذِّلة، وأعوذ بك مِن أن أَظلِم أو أُظلَم»؛ رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه الألباني.

الطريقة الفريدة الفذَّة


وبهذه الطريقة الفريدة الفذة كان الإسلام ناجحًا في تفعيل قيم التعاون والتكافل والتراحم ليظل المجتمع متماسكَ البنيان، ومتوازن الأركان، ولا تنهشه أمراض الحقد والحسد، والنظر إلى ما في أيدي الآخرين، فكان الإسلام ناجحًا في إيجاد الحلول العملية والواقعية لمشكلة الفقر، ولتحقيق هذا الهدفِ شرَع الله -تعالى- حقوقًا غير واجبة في الأموال، وما يزال المسلم المعتزُّ بدِينه المحقِّق لمعنى التكاتف والتعاون والتراحم يتتبع مواطن الحاجة والفقر عند إخوانه المسلمين، ليسُدَّها عبر هذه الحقوق، ومنها إجمالًا: الصدقات غير الواجبة، والهِبات، وكفالة الأغنياء لأقاربهم الفقراء، وكفالة اليتيم، والوقف، وغير ذلك.






ارتفاع مستويات الفقر في المنطقة العربية


مع نهاية العام 2022، أقرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) بارتفاع مستويات الفقر في المنطقة العربية مقارنة بالسنوات الماضية، ووصل عدد الفقراء إلى ما يقرب من 130 مليون شخص، أي ما يمثل ثلث سكان المنطقة، باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا.




الفقر قد يكون عقابا من الله -تعالى





قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: قد يعاقب اللهُ الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها، من كسل وتعطيل للأسباب التي يقدر عليها، أو لفعله المعاصي التي نهاه الله عنها، كما قال الله -سبحانه-: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} النساء 79، وقال -عز وجل-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} الشورى 30، وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه بإسناد جيد. وقد يبتلى العبد بالفقر والمرض وغيرهما من المصائب لاختبار شكره وصبره؛ لقول الله -سبحانه-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (156) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:155-156).








كل شيء يجري بقدر الله -تعالى





قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: كل شيء يجري منذ أن خلق الله القلم إلى يوم القيامة، فإنه مكتوب في اللوح المحفوظ، ومما كتب في اللوح المحفوظ الرزق، وبالرغم من أنه لا يزيد، ولا ينقص، لكن الله -سبحانه وتعالى- قد جعل له أسبابًا يزيد بها وينقص، فمن الأسباب أن يعمل الإنسان في طلب الرزق كما قال الله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، ومن الأسباب أيضًا صلة الرحم من بني الوالدين، وصلة القرابات، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه»، ومن الأسباب تقوى الله -عزوجل- كما قال الله -تعالى-: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.32 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]